تفاعلات انتخابية:
عبد الواحد بناني يقول أنه الناجح الثالث، ويذكر أشكالا من التجاوزات الانتخابية، ويورد معلومات غير صائبة.
نعود مضطرين للحديث عن الانتخابات ونتائجها، رغم أن كثيرا من المواطنين منصرفون لشؤونهم لا يأبهون لشيء من ذلك، ودافع العوْد ما قطعناه من وعد في ختام موضوعنا السابق، حول الخلاف الناشب على المقعد الثالث، بين عبد الواحد بناني من حزب العدالة والتنمية، وحفيظ البقالي من حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية ( هو في كل مناسبة انتخابية يترشح مع حزب)، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا ومع القراء، لانغفل أي جديد يظهر فيما يخص أي موضوع نتطرق إليه، ما دام هدفنا الأساسي هو الإخبار وتداول المعلومة، فقد ذكر عبد الواحد بناني في رده عن سؤال في موضوع الطعن في النتائج قائلا: "سر اللغز الذي ارتبط بهذا الموضوع هو أن كاتب المحضر، بلجنة الإحصاء الإقليمية بعمالة القنيطرة، وقع في خطأ بالنسبة للنتيجة التي حصل عليها السيد حفيظ البقالي في المحضر المركزي رقم 13، إذ عوض أن يكتب رقم 28 كتب 320، وهذا الفرق في عدد الأصوات الذي تم عبر الخطأ، هو الذي جعل صاحب المرتبة الرابعة يعتقد أنه يستحق المرتبة الثالثة، لكن محضر سيدي يحيى المركزي (رقم13)، والذي يتوفر عليه جميع المرشحين، يثبت حقيقة الخطإ الذي وقع، وبالتالي فإن مجموع الأصوات الحقيقي الذي حصل عليه البقالي هو 58092 وليس 58384".
من المعلومات التي نعتقد أنها غير صائبة الرقم الذي نسبه لخصمه58092، وهو يمثل مجموع الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية كلها! بينما الحقيقة تقول أنه حصل فقط على 4475، وعبد الواحد بناني حصل على 4446 (أنظر التفاصيل في موضوع سابق)، ويضيف في الاستجواب الذي خص به أسبوعية "الأيام" عدد 297ـ 29 شتنبر 2007 ما يلي:
"وعموما فإن النتيجة التي حصلنا عليها لا تعكس حقيقة إرادة المواطنين، بل إننا أول الضحايا الذين كان عليهم الطعن في النتائج. ونعتبر أن إرادة المواطن قد مورس عليها الإرهاب والتزوير والكذب واستغلال النفوذ والسلطة، حتى حصلنا على المرتبة الثالثة…"
وبدوره، عبد الواحد بناني ينضاف إلى القائمة الطويلة، التي تقول بأن الانتخابات لم تكن عادية، ولم تكن نزيهة، رغم أنه من الناجحين، وهذا ما أشرنا إليه في مقالات سابقة، يقول: "…التلاعبات قد تمت، هناك من استغل النفوذ، وهناك من استعمل المال…ذهبنا عند وكيل الملك وعند رئيس الدائرة…وأخبرناهم بأن فلانا يوزع الأموال عبر سيارة محددة ولا يحركون ساكنا، تقول إن بنت فلان واقفة أمام باب مكتب التصويت وتوجههم كيف يصوتون…ولا أحد يتدخل."
وقد خص خصمه عبد الواحد الراضي الفائز بالرتبة الأولى بعدة اتهامات، حيث يقول: " حين يلجأ رئيس مجلس النواب إلى استعمال عصابات من أجل إرهاب الناس، ويستخدم مساندوه الشاحنات والتراكتورات من أجل نقل المواطنين ويمدونهم بالمال…" ويضيف: "يقول الجميع إن عبد الواحد الراضي هو الوحيد الذي يتوفر على الحظوظ في الفوز…والذي ينجح بجانبه يفوز باستعمال المال(…) لم يكونوا يتصورون أننا سنتحدى السلطة ونفوذ وهيمنة شخص محدد".
لكن عبد الواحد بناني يخلط بشكل يثير الاستغراب ـ في إطار المعلومات غير الصائبة ـ بين المناطق التي ترشح فيها، ومسميات أخرى، فالقصيبية لا تجاور شراردة، فهذه الأخيرة قبيلة ممتدة شرق سيدي سليمان، انطلاقا من "احجاوة" و"أولاد بوتابث"، وهي في إقليم سيدي قاسم ولا تدخل في الدائرةالانتخابية "بني احسن"….ويضيف عن المشاكل التي اعترضت حملته قائلا: "كانت هناك العديد من المشاكل، وبالأخص في القصيبة وشراردة التي فيها نفوذ عبد الواحد الراضي بشكل لافت للانتباه، لدرجة أن المواطن هناك كان يتحدث إلينا وفرائصه ترتعد، كأنه من المحرمات أن تتحدث إلى مرشح آخر غير المرشح عبد الواحد الراضي. وهناك من يعتبر أن المنطقة منطقته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. والغريب أن الظروف المعيشية للناس هناك لم تعرف أي تحسن، فكل من زارهم يقرأ البؤس في وجوههم… لقد أرهبوهم، فهناك من انتزعوا منه أراضيه، وهناك من هددوه بطرد ابنه من العمل، أو قطع الماء الخ…"، وهذا يذكرنا بمضمون كتاب صدر للأستاذ أعميار عبد المطلب، تحت عنوان : "الزعيم، محكيات من زمن الانتخابات" يعرض فيه وقائع مشابهة من وجهة نظر أدبية (، في هذه المدونة قراءة في هذا الكتاب)
وفي سؤال عن تواطؤ السلطات مع مرشح معين يقول: "أكيد ألفا بالمائة. ففي ليلة الانتخابات التقيت مع وكيل الملك حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلا، بعدما رفض مسؤول أحد المكاتب تسليم أحد ممثلي لائحتي محضر التصويت، ورفض بداية التدخل متعللا بأن وكيل الملك لا يتدخل إلا إذا وقعت جنحة، فاتصلت أمامه بممثل اللائحة، وقلت له أضرب من رفض تسليمك المحضر حتى تصبح جنحة، ويأتي وكيل الملك عندكم…" كقراء للاستجواب لم نعرف تتمة هذا المسلسل المشوق، هل التجأ ممثله في مركز التصويت للضرب فعلا، أم استجاب وكيل الملك؟ علي أي هذا ما قام به مرشح معروف، وراءه إعلام وعلاقات قوية وحزب له مكانته، ماذا كان سيحصل مع بعض المرشحين الذين يطلبون " السلة بدون عنب"؟ يردف عضو حزب العدالة والتنمية منذ 2002 : "عموما كانت عدة وقائع تفيد الهيمنة القائمة بتلك المنطقة، وقد قلت لوكيل الملك إن القصيبية مرشحة للعمل بالحكم الذاتي قبل الصحراء." في نفس السياق ذكر مواطنون من منطقة القصيبية، أنه أقيم قبل الانتخابات بأيام قليلة حفل، أو زردة، حضرته رموز من السلطة المحلية… فكيف إذا يمكن أن يطلب من بعضهم ما " هو فوق طاقتهم"، ونحن قرأنا في بعض الصحف كيف تدخل محمد اليازغي الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي لمنع بث حلقة متلفزة في القناة الثانية، شارك فيها محمد الكحص، وهو اتحادي بدوره وكاتب الدولة في الشبيبة عن نفس الحزب، لنفترض لو لم تتم الاستجابة ماذا كان سيحدث؟ إن عديدا من المسؤولين تحت رحمة رؤسائهم، وقبل أسبوعين اطلعنا في الصحف كذلك على أغرب قضية عرضت أمام إحدى المحاكم، أبطالها عصابة متخصصة في النصب على مسؤولين كبار في الإدارة الترابية والأمن، تنصب عليهم وتدعي نقلها لأوامر من مسؤولين أعلى منهم، مادامت عدد من الإدارات تنفذ الأوامر كيفما وصلت، وكل منفذ يخشى أي عقوبة مفاجئة قد تأتيه من حيث لم يحتسب ،وهذا أسلوب يجب إعادة النظر فيه، فالمغرب ليس في بداية الاستقلال، ودولة الحق والقانون تستلزم الانضباط لنصوص قوانين واضحة أولا وأخيرا.
مما يمكن ملاحطته حول حزب العدالة والتنمية تبنيه لنزعة " طهرانية" ـ ربما تدخل ضمن بنية الماركوتينغ الحزبي لديه ـ بينما الباقون ليسوا كذلك في نظره، فعبد الواحد بناني يقول في نفس الصدد: "قمت بحملة انتخابية شفافة ديمقراطية بكل تواضع، على عكس باقي الأحزاب، التي كانت تستغل النفوذ والمال، الذي طغى على تحركاتها" في تعميم غير معقول ولا يوافق عليه الكل.
إن من يسمع عبد الواحد بناني ينتقد عبد الواحد الراضي وحزب الاتحاد الاشتراكي، يصيبه دوار يستلزم مهدئات، ألا يعرف عبد الواحد بناني أن حزبه متحالف مع الاتحاديين في مكتب المجلس البلدي لسيدي سليمان، وهم في ود ووئام دائمين؟ فليزر مكتب الرئيس وسيرى من يجلس دائما إلى جانبه، بينما على الصعيد الوطني يرفض كل طرف من الحزبين الدخول لحكومة يشارك فيها الطرف الآخر! إن السياسة البناءة الحقيقية المطلوبة من الجميع هي الوضوح وتناسق المواقف، وعدم مغالطة المواطنين، وهذا ما نفّر العديد منهم سواء من الانتخابات أومن السياسة عموما.
من المرجح أن حزب العدالة والتنمية سيستفيد مرة أخرى من كرسي المعارضة، حيث يسهل رفع لواء الانتقاد، إلا في حالة حدوث مفاجآت آخر لحظة، إذ سيحمى وطيس قاعة القبة البرلمانية، ويستفيد الحزب أكثر من عدد نائبيه، ومن الحضور القوي لفريقهم المنظم فعلا، ومن الأساليب المبتكرة في التعامل مع الناخبين، خاصة في المساعدة على تحصيل بعض الخدمات، وتجند الأعضاء في كل مواقعهم لخدمة بعضهم البعض، والوقوف إلى جانب من يسعى إلى الانضمام إليهم، في انضباط ضعف كثيرا لدى المنافسين الآخرين، أم أن عدم السهر في موقع المسؤولية الحكومية على قضايا المواطنين سيكون له وقع آخر، ويرى البعض أن حزب العدالة والتنمية، قد استنفذ كل طاقته في الانتخابات الأخيرة، والرقم الذي لا يتعدى ستمائة ألف مصوت هو نصيبه من الكثلة الناخبة، بخلاف كل الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات.
مصطفى لمودن
ملحوظة: إننا نسعى للقيام بدور إعلامي، وبتحليل للأحداث، ولا نروم الإساءة لأحد، ويعرف الجميع أن أي ديمقراطية حقيقة لا تكون كذلك في غياب إعلام متعدد ومتنوع، وفي غياب نقاشات مختلفة، وأراء تصل إلى حد التناقض…نكرر أننا مستعدون من هذا الموقع البسيط لإدراج أي رأي أو توضيح مخالف، كما نطلب أن ترشدوننا إلى أي مادة إعلامية لها علاقة بالموضوع، يصعب علينا متابعة كل ما يكتب في الصحف، وعلى كل معنٍ أن يتعود على إصدار بيان أو يقيم ندوة صحفية، ذلك من مسؤولية كل متقرب إلى السياسة أو ما شابهها.