الجمعة، 4 يوليو 2008

«لعبة» ليست كباقي الألعاب


                «لعبة» ليست كباقي الألعاب
 مشهد يتكرر كل يوم، وليس في أي مكان ، كجرف هاو أو مغارة أو ملهى مصنف ك«المامونية» بمراكش أو غير مصنف بعيدا عن العيون المتلصصة، بل في الشارع العام أمام أنظار الجميع، فهؤلاء الأطفال يمارسون «هوايتهم» تحت شهادتنا ومراقبتنا جميعا، من يدري قد يكون بينهم غشاش، يلتجئ إلى المكر أو أساليب غير «مقبولة»، لكن تواجدنا يجعل هؤلاء الأطفال مطمئنين على «حمايتنا» لهم وعلى حسن سير «اللعبة» وهم في الشارع العام، كشارع الحسن الثاني بسيدي سليمان المكتظ بالمارة الذين لا يخلو من ضمنهم طبعا مسؤول أو مراقب … 
121517 
   صغار يمارسون القمار بشارع الحسن الثاني بسيدي سليمان
 أليست عدد من الأمور «الجادة» كذلك تسمى في تعاريف «الكبار» «باللعبة»؛ مثل «اللعبة الديمقراطية» و«اللعبة الانتخابية» وغير ذلك… والأطفال هنا بدورهم يمارسون «لعبتهم» التي تجعلهم يدوّرون ثروتهم اليومية التي جمعوها بفضل مسح أحذية «الكبار» وخدمات أخرى، وبهذا الأسلوب يتعلمون أصول الاستثمار الضرورية «لتنمية» البلد مستقبلا، أليس كل مستثمر بدوره مقامرا بماله وثروته قد يربح وقد يخسر في «لعبته» الاستثمارية التي تجعله مضطرا للجوء إلى «اللعب مع الكبار» لضمان حسن استثماره…
   ليس لمثل هؤلاء الأطفال الطامحين للحصول على «ثروة» في هذا السن المبكر سوى التقدم بخبرتهم وتجربتهم هذه إلى معاهد الاقتصاد  قصد تطعيم برامجها التعليمية بمثل هذه «النظريات العلمية» التي أبانت عن جدارتها في تداول الثروات وتنميتها، كما أنه على من لا يعرف ما يقدم وما يؤخر في حل معضلات التشغيل وتفاقم الأسعار… سوى توظيف هذه «الخبرة» التي قد تفيد في ذلك…
   أطفالنا هؤلاء لا يرغبون في التدريس، فالأقسام مملوءة عن آخرها وهم يكرهون الزحام لهذا خرجوا مبكرا إلى الشوارع،  ولا يحبذون المشاركة في«العطلة للجميع» أو «المخيم للجميع»، بساطة لأن المخيمات فوتت ل«جمعيات» تطلب الدفع المسبق، وهؤلاء الأطفال ليسوا من الغباء حتى يبددوا ثروتهم في ذلك، وهم أصلا  مشغولون بجمع هذه الثروات «الطائلة» المتكونة من كمشة  من القطع النحاسية الصفراء وبعض القطع البيضاء، لكن «خبرتهم» المضارباتية أغلى من ذلك، فهم يفضلون التدرب للعمل في إحدى البورصات التي تحتاج إلى مقامرين حقيقيين، فكيف لا يصبح مثل هؤلاء الأطفال «مضاربين» في بورصة الحياة؟ ولو أدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالأخرين في شبه انتقام لطفولة مغتصبة لم يأبه لمعاناتها أحد، قد ينْصبُّ مفعول الانتقام على الذات أولا وعلى المجتمع ثانيا…حينها سيكون الثمن جد مرتفع، ولن تنفع أية «مقامرة» بمستقبل أجيال بكاملها.  
    إن القانون واضح في حماية الأطفال والدفاع عنهم، والمغرب صادق منذ سنوات على الاتفاقية الخاصة باحترام وضمان حقوق الأطفال…
  كتابتنا حول  الظاهرة المشار إليها لا تعني مطاردة هؤلاء الأطفال وتسليط عقاب آخر إضافي ضدهم، بل حمايتهم ومساعدتهم وتوفير المرافق الضرورية ليتعلموا ويمارسوا هوايات بناءة لكفاءات تفيدهم حقا،  مع ما يلزمه ذلك من المرافق والأطر البشرية الضرورية.
                                                                                مصطفى لمودن
  
 المدونة: فضل إثارة هذا الموضوع يرجع لأحد الأصدقاء الذي نبهنا لذلك