الأحد، 14 سبتمبر 2008


             سيدي سليمان تنتظر زيارة ملكية
 
122140      
 
 
 الملك محمد السادس           
 
 
 
   من المرتقب أن يحل الملك محمد السادس في الأيام المقبلة بمدينة سيدي سليمان، وهو الأمر الذي دفع السلطات الإدارية والمنتخبة إلى العمل بالليل والنهار على غير المعتاد، وذلك لتنظيف الشوارع التي من المرتقب أن يمر منها الموكب الملكي، وصباغة الطوارات، وإزالة بعض الأكشاك، نقول البعض فقط، علما أن المدينة تُعرف بكثرة أكشاكها على جنبات أهم الشوارع، وصباغة الجدران، وإصلاح بعضها خاصة المتهدم منها، كما حصل لسور الخزانة البلدية، تشذيب أغصان الأشجار، وتهيئ محيط دار الطالبة، البناية الجديدة التي من المنتظر أن يدشنها الملك… 
dsc023 
تهيئ محيط دارالطالبة، من ذلك حديقة صغير استنبتث بها أشجار نخيل  
 dsc023 
 
الحديقة عند بداية الأشغال بها، وقد كانت مهملة كباقي حدائق المدينة 
 
 
 
 
    وقد دأب الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش في صيف 1999 على زيارة مختلف مناطق المغرب، والتركيز على وضع مشاريع ذات صبغة اجتماعية، عساها تسد النقص الحاد الذي تعرفه مختلف الخدمات التي أهملت لفترة طويلة، كدور الطالبات ومحلات لإقامة العجزة، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية والتكوينية… ويعتبر هذا النشاط الملكي امتدادا لاهتمامات الملك الاجتماعية منذ كان وليا للعهد، وقد كان ذلك حافزا لتنظيم العمل أكثر ضمن ما يسمى «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية».
   لم يسبق لسيدي سليمان أن حل بها الملك ضمن زيارة رسمية، ويتنمى عدد من المواطنين أن تكون هذه المناسبة بادرة للفت الانتباه إلى هذه المنطقة، التي عرفت إهمالا ملحوظا، إلى درجة أن شبابها إناثا وذكورا أصبح يهاجر إلى جهات أخرى بحثا عن مورد رزق، فقد أغلقت الوحدات الإنتاجية ذات الصناعة التحويلية، آخرها وأهمها معمل السكر، الذي بقي يشتغل لأزيد من أربعة عقود، إلى أن أغلقته «أونا» بعدما فُوّت لها، وتدهورت أحوال الفلاحة رغم توفر كل المعطيات الطبيعية والبشرية، وأفلست ضيعات «صوديا» و«وسوجيطا»!… ولم يجد المسؤولون من «حل» سوى تفويتها، الفلاحون الصغار والمتوسطون يجدون صعوبة في توفير إنتاج فلاحي كاف وجيد، بسبب كثرة المصاريف وضعف آليات التسويق، والجفاف، وتلاشي قنوات السقي، وغلاء الماء ونذرته، وضعف التكوين والتأطير، وعدم إقبال الشباب على القطاع الفلاحي بشكل منظم في إطار مقاولات حديثة… 
 
dsc023
 
 إزالة الأزبال والأثربة المتراكمة، ترى هل ستستطيع السلطات تنظيف كل البؤر في المدينة؟ 
    أما سيدي سليمان فقد تحولت إلى مجرد قرية كبيرة، بسبب انعدام أو قلة المرافق الضرورية، فالمستشفى المحلي الصغير، الذي يعرف فوضى التسيير وقلة الإمكانيات بشهادة عدد من زواره، يضطر إلى إرسال أبسط الحالات المرضية إلى المستشفى الإقليمي بالقنيطرة، لا تتوفر المدينة على منطقة صناعية قادرة على توفير متطلبات الاستثمار، ليست بها مرافق اجتماعية، مثل الملاعب الرياضية ومحلات التسوق المنظمة والنظيفة، (ويظل السوق الأسبوعي بوضعه الحالي دليلا على التخلف المروع في البنيات والتسيير)، وتقريب وتحسين خدمات المستوصفات الثلاث ودار الشباب الوحيدة،  لكن المدينة في السنوات الأخيرة عرفت بعض «الحركة»، من ذلك تزفيت عدد من الشوارع اعتمادا في غالبيتها على قروض، تجديد قنوات الصرف الصحي في بعض الشوارع وتنقية أخرى، بعدما تكلف بذلك المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وهو ما ضخم من فاتورة الماء المؤذاة من طرف السكان للشهور الثلاثة الماضية، كما بنى تجار الخضر والفواكه سوقا بلديا بمساهمات منهم! وشيدت السلطات ثلاث «أسواق» متفرقة عبارة عن أربعة جدران عالية! يقال أنها ستحتضن الباعة المتجولين وبائعي سلع الجوطية… وشيد المجلس البلدي مقاطعتين حضريتين، وعرفت المدينة بناء دار للعجزة ودار للطالبات، ومحطة سككية في المستوى…منجزات رغم أهميتها تعد على رؤوس الأصابع. لكن النقطة السوداء التي يثيرها الجميع هو عدم نجاح مشروع  المسبح البلدي، الذي أنفقت عليه أموال طائلة، لكن لعدة مشاكل وعيوب لم يتم استغلاله، ولا أحد يعرف الآن المصير الذي سيؤول إليه. 
dsc023 
  على غير المعتاد أشغال جارية بالنهار وبعد الإفطار، تنظيف وتصبيغ…
 
   راج كثير من القول عن إعادة إسكان دور الصفيح والسكن العشوائي، فقد تقرر منذ سنوات تنقيل 7002 أسرة من الضفة الغربية للمدينة (خلف نهر بهت)، إلى تجزيئات جديدة شرق المدينة، على الأراضي الفلاحية التي (ربما) قد صودق على ضمها إلى المدار الحضري للمدينة،  حيث ستنضاف بنايات ومرافق متعددة منها منطقة صناعية ومحكمة (وضع حجرها الأساس قبل شهر) ولا يعرف هل سيدخل ذلك ضمن الأنشطة الملكية في الزيارة المرتقبة، وإذا ما تم ذلك، فستعرف المدينة تغيرا إيجابيا ملحوظا، وخلق فرص شغل، وإضافة فضاءات جديدة، وتوفير سكن لائق للمواطنين… لكن ما يمكن أن يحد من مثل هذه الأماني هو عدم قدرة كافة الأسر على نفقات البناء الباهضة.
 تجدر الإشارة إلى أن نخبة المدينة الاقتصادية والثقافية والمهنية… تعرف نزيفا وهجرة ملحوظة منذ سنوات، قليلا ما يكون لهذه النخب دور في المساهمة في تنمية المنطقة وخلق إشعاع وطني لها باستثناءات قليلة ومحدودة، ولا غرو في ذلك، فكل من توفرت له قليل من الإمكانيات من هؤلاء يرحل إلى القنيطرة، أو إلى مدن أخرى، خاصة المحامون والأطباء والأطر البنكية وبعض الأساتذة… منهم من يتنقل في رحلة يومية، يعمل في سيدي سليمان، ويبيت في مدن أخرى! قد يكون لهم عذرهم، كما يقول بعضهم - سمعت ذلك شخصيا - أن ضعف التجهيز والخدمات بالمدينة وعدم توفر فضاءات مناسبة للأطفال هو الدافع إلى ذلك.  
 أما عن  المجالس البلدية والقروية في المنطقة فحديث آخر ذو شجون، غالبيتها تعيش سوء التدبير وقلة الإمكانيات والبعد عن انتظارات المواطنين، واشتغال غالبية المستشارين فيما يعود عليهم بالنفع والانتفاع الشخصي، مما يضرب في الصميم التنمية المحلية المنشودة، وزرع بذور الديمقراطية المحلية والمبادرات التشاركية ، وأنصع دليل على ذلك إهمالهم الواضح لقطاع التعليم، وعدم المساهمة في التمدرس وصيانة المؤسسات التعليمية…
   يحق لسكان سيدي سليمان والمنطقة عموما الأمل في تحسين ظروف العيش، وتوفير الأجواء المناسبة لتحسين المداخيل، ولن يتم ذلك سوى بتكاثف جهود الجميع، خاصة الحكومة مادام المغرب ما زال يعتمد مركزية مفرطة في اتخاذ القرارات، فهي (الحكومة) ملزمة بتوفير التصورات والمشاريع والتمويل المناسب للنهوض بالمنطة، التي تتوفر على كل الشروط لذلك، من أراض خصبة، وحوض ماء غالبا ما تضيع مياهه سدى، ويد عاملة متنوعة تحتاج إلى الرعاية والتكوين، وموقع استراتيجي وسط المغرب، قريبا من البحر حيث الموانيء، وتوفر خط سككي مزدوج… والانتظارات كثيرة كذلك.
    ختاما يحق أن نتساءل عن كيفية تعامل السلطات الإقليمية والمحلية مع الزيارة الملكية المرتقبة، فهل ستحافظ على أسلوبها المعهود كما كانت تفعل في السابق، عندما تتدخل بكل ما تؤتى من قوة رمزية ومادية من أجل جمع المواطنين على جنبات الطرقات، أم ستترك المواطنين بتلقائيتهم استقبال الملك، ونحن على يقين أن السلطات لو اكتفت بإخبار المواطنين ودعوتهم بشكل حضاري للمشاركة، وساهمت بدون إكراه في توفير بعض اللوجستيك، فستكون الاستجابة عفوية وتلقائية وحماسية، حيث سيحس المواطنون بعلاقتهم المباشرة بالملك دون وساطات وتعنيف وتدخلات في غير محلها، سننتظر كيف سيكون تصرف السلطات المعنية لنحكم بعد  ذلك. 
122140
 
 
 جانب من معمل السكر المغلق 
                                   مصطفى لمودن 
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
 ملحوظة: ننتظر أن يتم  الاعتراف بالإعلام الالكتروني الذي يتوسع باستمرار، وهو قادر على الانتشار والنشر والوصول إلى مختلف الأماكن، بما فيها الخارج، وإمكانية هائلة على التخزين والأرشفة، وفي انتظار ذلك فإننا نقوم بنوع من «التهريب الإعلامي» إلى حين…