الحسين الإدريسي
الأربعاء 25 فبراير بدأت مجموعة من المتضررين تغادر كوريال(CORIAL) المركز الذي خصص لهم، لأنهم فقدوا كل شيء بما فيه السكن الطيني، أساسا بحي أولاد الغازي أو أولاد مالك وغيرهما. من أكثر من 1000 نسمة من مختلف الأعمار لم يبق من المقيمين إلا حوالي 500 الذين تعايشوا مع أوضاع أقل ما يمكن القول عنها أنها غريبة عنهم بدء بالفضاء الواسع مرورا بالتغذية والأغطية الجديدة وصولا إلى مساعدات المحسنين والمجتمع المدني من ملبس وعناية ومواساة. كل شيء يدعو إلى القبول أحيانا بدون سؤال أو تساؤل، حالة العوز والتضرر من فيضانات بهت تفرضان التدخل كواجب إنساني، ولو أن البعض بدون حشمة يغلف المساعدة بحسابات سخيفة ومقيتة في نهاية المطاف (كم من صورة التقطت لتخليد الفعل والجميل برهانا على الإيباء والتكهنات البئيسة)، ففي فضاء "كوريال" الفسيح تحركت طوابير الموزعين للمواد الغذائية بأمر من الممون المكلف رسميا بتزويد المركز بوجبات ثلاث يوميا، وهي وجبات غالبا ما تدعم بمساهمات المحسنين والمجتمع المدني. في هذا الجو عاشت عائلات وهي لم تتمكن من التخلص من مخلفات وهول الكارثة، رغم ما تقدمه الجمعيات الشبيبية (جمعية الأوراش ، البناة، الهلال الأحمرالمغربي ) من مساعدات وتأطير معنوي ونفساني خاصة في صفوف الأطفال، كلما استجوبت أما وإلا فاجأتك بدموعثائرة تنم عن حرقة اللحظة وقوة الفاجعة على الأنفس الضعيفة والمستضعفة، قلب الأحياء المهددة بالزوال أمام المياه الجارفة وسيلان بهت المستيقظ من سريره في فزع غريب، وتحكي لك بكلمات مرتعشة لحظة الانفلات من الموت المحقق وترك للماء كل شيء ما عدا الأبناء والعجزة، والالتحاق لحظته بالناجين في انتظار ظهور ملامح النهار وظهور الغوث.
ينتهي الاستماع للتصريح برفع اليدين نحو الأعلى ليس للتوسل ولكن للإعلان عن فقدان كل شيء، حتى المسكن الطيني المتستر عن البؤس والشقاء، لذلك كان المطلب لدى المنكوبين هو الحصول أولا على مسكن يضمن السترة قبل العيش… ويظهر أن هذا المطلب هو الذي قاد المسؤولين إلى تقديم بقعة أرضية ومساعدة مالية تقدر ب 30000 درهم للمنكوبين مقابل الإفراغ.
الإفراغ من "كوريال" الوحدة الإنتاجية المعطلة منذ سنوات، والتي خصصت لاستقبال المنكوبين للعيش فيها مؤقتا في انتظار حل، وفي انتظار انفراج جوي وتراجع التهديد المائي و الفيضانات.
و بعد أزيد من ثلاثة أسابيع من الانتظار في إطار شروط مادية ونفسية صعبة نزل القرار ليبدأ العد التنازلي والحسابات الضيقة والواسعة ما بين القبول والرفض، لكن المنكوبين الفعليين ارتضوا القرار ما دام لا يرجعهم إلى رقعة الخطر على ضفة الواد، حيث حشروا قبل الفيضانات.
أما البناء زمنا و فعلا فهذا رهان آخر يجب التغلب عليه، و كيف ما كان الحال فإن الإفراغ يعلن عن نهاية مرحلة والدخول في أخرى، مرحلة التفكير بجد في إعادة هيكلة المدينة وتأهيلها لتكون في مستوى العمالات تنظيميا واقتصاديا واجتماعيا ضمانا لحق المواطنين في العيش الكريم.
سيدي سليمان 26/02/09
——————
المدونة: يحق للجميع التعليق وكتابة أراء مخالفة لما ينشر في المدونة، نشترط فقط توخي الاحترام المتبادل… وحول الإفراغ المشار إليه، فقد بلغ إلى علمنا ونحن خارج المدينة أن هناك من لم يتلق أية مساعدة، كمنتسبين لأولاد زيد، سنعود للموضوع حالة توفرنا على مزيد من المعطيات.