وداعا… خاي علي…
وزان: محمد حمضي
لا يمكن لجيلي الذي فتح عيونه بقليل من السنوات على استقلال الوطن، وتعايش مع مد دار الضمانة وجزرها أن لا يشعر اليوم بخسارة فادحة وهو يقف شاهدا مشلولا أمام زحف القدر المحتوم وهو يختطف من بيننا وجوها ألفناها وتعايشنا معها، ولا نتصور وزان يوما من دونها… فهل نعيش خريف الذاكرة الوزانية؟ أشجار أدمية تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، وترحل من دون موعد، فيتمدد يتمنا ويطول زمانه بعد أن دقت طبوله منذ اختار الزمن القاهر أن يصطاد منبين أيدينا العزيز، احسينو الذي انتقل من" طراح" الخبز بفرن تقليدي إلى نجم في توزيع الصحف الوطنية، وتخرج على يديه مآت اليساريين… نجم تنكرت شركة التوزيع لخدماته… ما أقسى الزمن عندما يتخلى عنك من راكم الثروات من عرق جبينك… ويعرج الموت على محمد امهيرز الذي حملته رياح مراكش إلى دار الضمانة بداية الاستقلال رفقة مقاولة الألعاب المتنقلة مستغلة فيه طفولته… ترحل المقاولة ويبقى محمد بدار الضمانة التي عشقها إلىحد الثمالة… وتدور عجلة الزمن الغادر لتتسلل من جديد بين منعرجات دروب وأزقة وزان التي نشتم من جدران الكثير منها عبق التاريخ لتلتقط خاي علي… غياب ترك جرحا غائرا في جسد المدينة المجروحة أصلا… خاي علي بكاه كل من اقترب منه… بكته مقهى بابا حسن، ودرب الطويل، والشاحنة التي ساقها زمان عز رخصة السياقة، وبواسطتها جسر العلاقة بين وزان والجهات الأربع للمملكة… بكاه أطفالنا لأنهم لن يجدوا بعد اليوم من يقولون له "أضربتي يدك اخاي علي" فيرد عليهم "سير عاود نموك"
المرحوم خاي علي قيد حياته
تألمت لغيابه شوارع وأزقة وزان التي رأفة بها وفض استعمال الحذاء…
هؤلاء وغيرهم الذين أتينا على ذكر أسمائهم يشكلون ذاكرة دار الضمانة، ولوحة ذات قيمة فنية ناذرة، تعجز أنامل أمهر الفنانين إبداع مثيلة لها.
فهل يشكل غياب خاي علي عنصر استفزاز وتحفيز وصفارة إنذار لأبناء وزان ليلتئموا من أجل صيانة ذاكرة مدينتهم التي يتبدد موروثها المادي والروحي أمام أعينهم؟