نـــــــــــــــــــــداء
لو أجل الحج في موسم الأنفلونزا؟
من المرتقب أن تنتشر جائحة الأنفلونزا بشكل كثيف ومخيف خلال الشهور القادمة، ومن المنتظر أن يسبب ذلك اضطرابا في حياة الأفراد والشعوب، وأن يحد من تحركات الناس، بل وأن تغلق المدارس أبوابها، وأن يتفادى الناس الازدحام والمصافحة وزيارة الأرحام والتجه إلى الحمام!.. لكن في نفس الوقت سيجتمع الملايين في أرض الحجاز للقيام بشعائر الحج، كل نفر أو جماعة يقدم من فج عميق، بل كل بلاد الدنيا تكون ممثلة كأنه الحشر، جميع المسلمين يحرصون على تنفيذ الركن الخامس من الفرائض، وتعرف السعودية الآن أكبر انتشار للعدوى في المنطقة، ولا أحد يرغب في منع المؤمنين من أداء المناسك التي يتشبثون بها، من حق أي إنسان أن يعتقد كما يشاء، وتوفر له كافة شروط الطمأنينة لذلك، غير أن مصلحة الجميع، أي المصلحة العليا للأمة هي التي يجب أن يحرص عليها الكل، لا أحد يرغب في أن تحل الكوارث بالآخرين ويكون هو مسؤولا عن انتشارها، من مقاصد الشريعة ابتغاء الخير للناس كافة، لهذا ألا يحق لنا مناشدة كل من ينوي الحج هذا العام التخلي مؤقتا عن هذه الرغبة؟ والتي نقدرها طبعا ونعرف كم هو حريص عليها، بل هناك من انتظر عمرا من أجل هذه الفرصة التي لا تتكرر دائما، من الممكن للسلطات أن تحتفظ بنفس الإخوة والأخوات المؤهلين هذه السنة إلى موعد قادم في انتظار أن يحل الفرج ويعمم تلقيح فعال أو يقضى على هذه الآفة والتي إن حلت بين ظهرانينا ستكلفنا الكثير، فليتخل كل واحد عن أنانيته لصالح الجماعة، لصالح الأطفال والحوامل والشيوخ وكل من قد نفقده لا قدر الله، لنتصور التكاليف والمعانات وساعات الهدر المدرسي حين غلق المؤسسات التعليمية، يا سلطات يا نخبة يا كتاب يا صحافة… ليس في الدعوة لتأجيل الحج تدخل في حرية الآخرين، وليس ذلك تحريض على الكراهية أو معاداة الدين، ماعاذا لله، إنه نداء الواجب الديني، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة"، بل ليست نفس الفاعل فقط ما قد تهلك، بل حتى نفوس الأهل والأقارب وكل بقية عناصر الأمة… رب قائل يتذرع بوجود بعض أسباب الوقاية، لكن ذلك غير فعال، والجميع يعرف ظروف الحج وزحامه، فهل من مصغ لهذا النداء؟ وهل ستتحمل الجهات المسؤولة مسؤوليتها لشرح كل الملابسات وتقريب ذلك لأذهان الناس؟ وهل من مساند لهذه الدعوة لنشرها على نطاق واسع؟