مستوى الرشاشات والمراحيض بالشواطئ المغربية
تمارة أسوأ نموذج
لعل كثيرا من الناس لا ينتبهون لواقع المراحيض والرشاشات العمومية بالشواطئ المغربية، ويتم التركيز على رمال الشاطئ ومستوى ارتفاع الأمواج وحضور النظافة والأمن والمنقذين.. لكن حينما تحل الرغبة في استعمال المرحاض إن وجد، أو لما تنتهي فترة السباحة في الماء البحري، ويريد المصطاف إزالة كل ما علق بجسده في عين المكان عبر الاغتسال تحت رشاشات بماء صافي، يتفاجأ بالوضعية غير المناسبة لهذه المرافق؛ أولا بعدم تجهيزها بما يناسب، رشاشات مكسرة وماء يسقط عوديا من أنابيب مثبتة على الجذران، مراحيض ممتلئة قذارة تنبعث منها الروائح الكريهة كحالة "شاطئ الأمم" بسلا، مسارب المياه العادمة مغلوقة والماء يكوّن بحيرة داخل الرشاشات كحالة شاطئ "واد مرزك" بنواحي الدار البيضاء… أما الأسوأ منها جميعا فهو الرشاش الوحيد بشاطئ تمارة.
الرشاش والمراحيض في مكان مناسب قريبا من رمال الشاطئ، أول ما يواجه المرتادين كتابة الأثمنة بعشوائية لا معنى لها في مكان كان يمكن أن يكون كل ما فيه متناسقا…
تجد بداخله رجلا جالسا على كرسي يضع أمامه علب السجائر وأوراق التنظيف.. مسترخ مائل إلى الوراء يعطي الأوامر لطفليه الصغيرين، فهما من يتكلف بكل شيء، يبدو من ملامحه أنه متعب وحزين وعليه ثقل هموم العالم… ولعل أكثر ما يتعبه ويضايقه تقديم الشروحات المتوالية لكل من يلج المكان، مستفسرا عن حالة مزرية، عن غياب الماء في المراحيض والدوش، عن إهمال واضح من قبل السلطات المعنية، عن فوضى عارمة في اتخاذ القرارات على مستوى تمارة، حملها الرجل إلى حميع المسؤولين ونحن نتحاور معه، محاولين تقصي الأمر في أغرب حالة واجهتنا على مستوى عدد من الرشاشات المماثلة التي أتيح لنا زيارتها…
ـ كل من أراد دخول المراحيض عليه أداء 3 دراهم عوض اثنين كما هو مسجل على الحيطان.
ـ استعمال المرشات مقابل خمس دراهم.
ولكن كيف يمكن ذلك بدون ماء؟
الجواب هو إصدار أمر من القائم على الرشاشات لأحد أبنائه كي يمدك بسطل ماء…
سطل ماء واحد مقابل خمسة دراهم، يملأ طفل السطل من حاوية تقف بجانب الدوش، وهي ممتلئة بماء مجلوب من جهة أخرى…
تفاصيل القصة البئيسة كما يرويها الرجل:
عند بداية فصل الاصطياف، وبعد أدائي ثلاث ملايين سنتيم لاستغلال المراحيض والدوش، امتنعت "ريضال" )شركة الماء والكهرباء… بالرباط)عن تزويدي بالماء ووضع عداد جديد، المبرر هو أن المحل في ذمته مليون ونصف متأخرات استهلاك الماء عن السنة المنصرمة، لأن المستغل في السنة الماضية لم يزل العداد ـ حسب ما يقول الرجل ـ وبقي الماء يضيع إلى أن وصل إلى مليون ونصف المليون سنتيم… ولم يجد أمامه من حل كي يسترجع جزء مما دفع غير كراء حاوية يجرها جرار، تكلفه 700 درهم للمرة الواحدة… المشكلة لها بعد آخر أكثر مأساوية، فعندما طلبنا من المشرف على المحل الإدلاء باسمه كي ننشره، رفض بتأدب وقال بأن ذلك "ممنوع"، لأنه ليس هو من "تسلم" الصفقة من البلدية، بل رجل آخر، ما هز ما حط، تسلم من هنا على الورق، وفوت إلى طرف ثان بمقابل 3 ملايين سنتيم، وانتهى الأمر بالنسبة إليه وبالنسبة للسلطة المحلية! وهذا نموذج عما يجري في كثير من الصفقات العمومية بما فيها عمليات البناء والترميم…
وهكذا أصبح الرجل معلقا في انتظار استرجاع جزء مما دفع من مال، والمصطافون يقتصدون بالرغم منهم في استهلاك سطل من الماء، والسياحة التي يتغنى بها المسؤولون في كف الاستهتار بالمسؤولية…
بقي أن نشير إلى أن أنظف رشاش وأرخصه يوجد بأصيلة، ثمن الدخول ثلاث دراهم، نظافة واضحة رغم ضيق المكان… أما أكبر نسبة من الرشاشات المتوفرة فتوجد بشاطئ "عين الدياب" بالدار البيضاء، ثمن الدخول خمسة دراهم…وب"واد مرزك" يستعملون مياه جوفيه من عين المكان…
هذه الرشاشات التي قد لا يهتم بها البعض هي مورد رزق لعدد من الأسر التي تحصل على مداخيل من ذلك، ثم تلبي حاجة ملحة للمصطافين، وهي ضرورية بيئيا وصحيا وتجلب مداخيل للجماعات المحلية..
شواطئ مغربية خلابة:
أصيلة
مولاي بوسلهام
المهدية
شاطئ الأمم
تمارة
عين الدياب (الدار البيضاء)
واد مرزك