روبورتاج:
بحارة سلا ومستغلو منتجاته السمكية.. بين مشاكل البحر والبر وانتظار البدائل المقترحة لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق..
سلا:عبد الإله عسول
عبر قرون خلت، ارتبط تاريخ مدينة سلا بعلاقتها مع البحر، حيث اشتهر سكانها بمغامراتهم البحرية إما في إطار عمليات صد عدوان الاستعمار، أو القرصنة أو صيد السمك، في الشاطئ أو بأعماق الأطلسي..
ولازالت العديد من المآثر التي قاومت الظروف الطبيعية المتقلبة وإهمال المسؤولين، لازالت هذه المآثر شاهدة على التاريخ البحري لسلا ، مثال الأبراج المتراصة قرب ضريح سيدي بنعاشر، أو بأبواب المدينة القديمة كباب لمريسة، والتي كانت تشكل ممرا لدخول وخروج السفن..
باب لمريسة
الآن لم يتبق من هذا التاريخ إلا هذه المعالم التاريخية، ونشاط بضعة مئات من بحارة الصيد التقليدي أو من تتم تسميتهم محليا ب "الفلايكية"، الذين لازالوا يبحثون عن رزق محتمل لأسرهم في أعالي البحر على بعد أميال من الساحل.
صباح مساء من كل يوم، تشهد "المرسى " حركة دؤوبة لدخول وخروج القوارب و"الفلايك"، حاملة معها ما تيسر من صيد والذي يتم عرضه للبيع بعين المكان أو بالسوق المركزي مقابل دراهم معدودات، يتوفر منها مصاريف البنزين وكل ما يخص المحرك، والباقي يوزع ما بين البحارة بما فيهم مالك القارب…
قوارب راسية بالمرسى
نشاط بحري بطعم الكفاف…
عديدة هي المشاكل التي يتخبط فيها "فلايكية سلا "الذين يواجهون مصيرهم في غياب التنظيم والإشراف الفعلي لمندوبية الصيد البحري..
مشاكل متنوعة، منها في المقام الأول ضيق المرسى، وضعف طاقتها الاستيعابية، بالرغم من عدم استعمالها من لدن قوارب عكراش وعمق الواد، إضافتها لصعوبة ولوجيتها، غياب المراقبة، رداءة البيوت التي أنشأت للبحارة، سوء تنظيم هؤلاء وافتقارهم للدعم الاجتماعي..
أحمد، أحد هؤلاء الصيادين القدامى في الحرفة، قال "آش غادي نكول ليك …المشاكل كثيرة ..والمرسى هي المشكل الأول ..ماصالحاش ..خاصها توساع..وتنقى الدخلة ديالها ديما من الرملة ..وزيادة الأحجار الواقية من الموج العالي اللي كاتضرب في –الموفي تونmauvais temps-، خاص المرسى تكون مزيانة ..وفيها كل مايحتاجوه الفلايكية"
مصدر آخر أضاف قائلا "لابد من ميناء في المستوى، يكون تحت المراقبة الفعلية لمندوبية الصيد البحري حتى لا تعم الفوضى بين البحارة، هؤلاء الذين يلزمهم الانتظام داخل إطار تعاوني موحد حتى يتوحد خطابهم، فهناك مشاكل كبيرة يعاني منها البحارة الذين يعانقون مخاطر البحر كل يوم، منها غياب التأمين والتغطية الصحية، عدم الاستفادة من الدعم الاجتماعي والمادي، مثل تخفيض ثمن البنزين، بالإضافة للمصير المجهول الذي يفتح في وجه أسر الصيادين في حال المرض أو الغرق…"
أصحاب مطاعم السمك المحضر: البحر أمامكم والمقبرة ورائكم ..ولا بيع ولا شراء ..
بدورهم، يواجه أصحاب مطاعم السمك قرب المرسى المحدثة من طرف وكالة أبي رقراق، يعانون من إكراهات عدة تبدأ من ضيق المحلات التجارية التي خصصت لهم، وتذهب إلى عدم ملائمة الموقع لنشاطهم التجاري..
يقول أحد أصحاب هذه المطاعم القدامى – محمد- "لقد كنا في الموقع السابق قرب مقر الأشغال العمومية، بجانب وادي أبي رقراق وفي الطريق المار إلى الفلايك، نتمتع بشهرة ومعروفين لدى كافة الزبناء والمواطنين، مزودين بالماء والكهرباء وكانت عندنا مساحة 60مترا مربعا للمطعم الواحد (خاص بثلاثة أشخاص ..أي 20مترا مربعا للواحد ) ..لكن بعد مجيء مشروع التهيئة …والذي رحبنا به. وتم إدماجنا فيه .. وعدتنا الوكالة بترحيلنا لأرفع المحلات التي لم تعرفها المدينة من قبل، وتم اطلاعنا على نماذج لهذه المحلات بأحد التصاميم من طرف مسؤول الشؤون الاجتماعية بالوكالة المذكورة ..
إلا أننا فوجئنا بواقع آخر وبديل غير منتظر إذ تحولت ال 60مترا مربعا للثلاثة ل20مترا مربعا لهم جميعا، دون ماء ولا كهرباء، ولا غطاء شمسي، ولا طريق للسيارات، ولا لوحات إشهارية.. البحر أمامنا والمقابر ورائنا .. حتى أصبحنا شبه مشردين.. لا بيع ولا شراء.. "
ويقول مصدر مقرب من مالكي المطاعم "بعد ترحيل -القلاية – تم الاتفاق مع وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق على تمكينهم من مبلغ حدد في 2500درهم شهريا لكل واحد من مجموع 66فردا..
وهو ما تم الالتزام به لمدة أكثر من سنة، لكن كل ذلك توقف مذ 3أشهر خلت قبل الانتهاء من بناء المحلات .."
ويضيف ذات المتحدث "… ومن أجل تنظيم البحارة، تم تأسيس جمعية تؤطرهم، وهي "جمعية العدوتين لأصحاب مطاعم السمك المحضر" ..هذه الأخيرة قامت بمراسلة كل المتدخلين لإثارة الانتباه لعدم ملائمة الموقع وضيق المساحة المخصصة للمحل التجاري، علما أن المكان يعرف عدم استقرار الوضع المناخيmauvais temps- -وذلك للمدة الفاصلة بين شهر شتنبر إلى ابريل من السنة.. كما أن الجمعية طالبت بتوفير تغطية للمساحة الأمامية للمطاعم بالحديد والثوب، وبإيصال الماء الشروب، والكهرباء وفتح طرق مؤدية للمطاعم ووضع لوحات إشهارية .."
من جهة أخرى قال عمدة سلا في اتصال هاتفي أجريناه معه حول موضوع البحارة وأصحاب مطاعم السمك "إن الوكالة المعنية بتهيئة ضفتي أبي رقراق ..وبشراكة مع أطراف حكومية وغير حكومية، وضعت مشروعا لخلق سوق لبيع السمك بالجملة والتقسيط، والذي سيمكن من إدماج البحارة وبائعي السمك بالتقسيط، كما أن أصحاب مطاعم السمك استفادوا من محلات تجارية قرب ميناء الصيد التقليدي وهي محلات تحتاج إلى تحسين أكثر…"
منظر للمرسى المحدثة ومطاعم السمك
مشروع إحداث نقطة للتفريغ مجهزة بسلا خاصة بالسمك:
على مساحة إجمالية قدرت ب6700متر مربع، تعتزم وكالة تهيئة أبي رقراق إنشاء نقطة مجهزة للتفريغ، بشراكة مع قطاع الصيد البحري، والمكتب الوطني للصيد ووكالة الشراكة من أجل التنمية وبرنامج – تحدي الألفية –Millinniumالأمريكي، وذلك لفائدة ‘أسطول صيد بحري مكون من 112 قارب للصيد التقليدي و450بحارا..
ويشمل هذا البرنامج حسب لوحة اشهارية تم تتبيثها قرب "قرية البحارة المتواضعة"، يشمل خلق منحدر لسحب القوارب، مستودعات للبحارة، سوق بيع السمك، مرافق إدارية، مكتب خاص بالتعاونية، قاعة متعددة الاختصاصات، مستودع للوقود…
أما عن نشاط الصيد بالموقع، فتتحدث نفس اللوحة الإشهارية أن تقنيات الصيد المستعملة تتعلق بالخيط، الصنارة، الكراشة، الشباك الثابثة..
كما تشمل أنواع السمك المصطادة: الميرلة، سمك موسى، الباجو، الدرعي، الشرن، والقشريات لانكوست، الهومار…
وللإشارة فقد حاولنا في مناسبة سابقة أخذ تفاصيل أكثر عن أوراش الوكالة بضفتي أبي راقراق، ومنها ما يتعلق بملف البحارة أو الفلايكية والقلاية، لكن لم نتلق أي رد…
قريـة الصيادين!