الاثنين، 19 نوفمبر 2012

العبث السياسي بالمغرب


العبث السياسي بالمغرب 
سعيد الشعـــــبي
 لعل الجميع أصبح يلاحظ أن المشهد السياسي بالمغرب أضحى  أكثر سوداوية وأكثر قتامة من ذي قبل بأغلبيته ومعارضته ولعل ما يحدث الآن للأغلبية الحكومية فيما بينها من تصاريح وتصاريح مضادة خير مثال وخاصة بين فريق العدالة وفريق الاستقلال.
 بالأمس القريب خرج الناطق الرسمي للحكومة مصطفى الخلفي ليطلق النار على مكون من مكونات الأغلبية ويقصد نواب حزب الاستقلال بالذات  ويعمد إلى تنقيطهم ومنحهم معدلات في مشهد يوحي للمتبع أن الأمر يتعلق بفصل دراسي  حصل فيه  حفدة علال الفاسي على درجة متوسط في امتحان المساندة الحكومية ليبدو أن الأمر تطور إلى درجة استدعت اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وإصدار بيان شديد اللهجة يطالب باعتذار آني يصدر عن رئيس الحكومة لكن الغريب والمدهش هو أن نسمع أيضا بأن الوزير الاستقلالي نزار بركة يشتكي أمره إلى السيد بن كيران من مضايقة نواب حزب الاستقلال  له .
هنا نحن حقيقة أمام عبث سياسي وهرج ومرج يراد من خلاله تصفية حسابات سياسوية لن تخدم المواطن المغربي في شيء مما يعانيه من ضنك العيش وقساوته ونار الأسعار ولهيبها التي لم تلهب جيوب النواب والوزراء على حد سواء وإنما اكتوى بنارها فقط المواطن البسيط . نقاش بعيد كل البعد عن المطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية الملحة لمغرب مابعد دستور فاتح يوليوز 2011.
حزب الاستقلال من خلال هاته الغضبة الصبيانية يعي ما يريد ويريد الضغط أكثر في اتجاه الدفع برئيس الحكومة وباقي المكونات إلى القبول بتعديل حكومي قد يطيح برؤوس غير مرغوب فيها من طرف شباط ومعاونيه وهم الذين رفعوا شعار التعديل الحكومي قبل كل شيء والهجوم على الخلفي والتقاط زلاته مؤشر على رغبة الثوار  مسقطي عباس وعائلته   في تقلد حقيبة الاتصال ولن يوجد أفضل من البقالي في توليها .
حزب الاستقلال سيقوم بكل التكتيكات المناسبة والتي ابتدأها شباط مباشرة بعد اقتحامه "لباب العزيزية" ودعمه المباشر والواضح للمعطلين ومطالبته للحكومة بتطبيق ما اتفق عليه مع أصحاب محضر 20 يوليوز 2011 وانتقاده للزيادة في أسعار المحروقات وأيضا عدم رضاه على تدبير الحكومة لمجموعة من الملفات، بمعنى أكثر وضوحا السيد شباط  كما يقول المغاربة "دخل صحيح"  ولم يرد ترك الفرصة للسيد بن كيران في التقاط الأنفاس وجس النبض  وبقية المهمة الآن يتكفل بها نواب الفريق الاستقلالي . وكأنهم بلسان موحد  يقولون لبن كيران التعديل الحكومي هو ضمان للاستمرارية في الائتلاف الحكومي .
وأمام مشهد انسحاب حزب الاستقلال واصطفافه إلى جانب الأصالة والتجمع والدستوري والاتحاد في المعارضة وهو مشهد محتمل قد يزيد من تعقيد الحياة السياسية ويفتح مجموعة من السيناريوهات والمفاجآت المحتملة أهمها مشاركة حزب الوردة في الحكومة الحالية خاصة اذا ما سطع نجم لشكر ورفاقه في الصراع الدائر حول من يفوز بكتابة رفاق بن بركة وبوعبيد أو مع استحضار الرغبة القوية للفريق الدستوري في المشاركة الحكومية  مع استحضار الجميع لمنطق الربح والخسارة في مشهد سياسي بئيس  الخاسر الأكبر فيه هي الديمقراطية وعبرها المواطن المغربي .