الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

قراءة في : نزيل في التراب..لمصطفى لمودن


 قراءة في : نزيل في التراب..لمصطفى لمودن 
 
 مُحاكاةٌ على خُطى " "النزيل "ل : جواد المومني
 پــــيرپـــــينيان / فرنسا في : 25 أكتوبر 2012

  1ـــ لحظة هناك..أثناء " الصيف "
هاتفته..هاتفني..إلتقينا على طاولة بمقهى في سيدي سليمان.  أعرفه كثيراً مثلما يعرفني. إبْنانا يتعارفان كذلك، تجمعهما صداقة منذ الصبا.. نشترك في الكثير من مشارب الحياة : المهنية، السياسية، النقابية، الحقوقية، الجمعوية.. له طقس خاص أثناء الحديث..( و لن أُفصحَ عن ذلك عزيزي ! ) يَقيسُ الأمور بميزانِ عقلٍ وتدبُّر قَلَّ أن نُصادفه يحكي عن الأعباء، يَتريَّث،غيرُ ميّال للتسرع، يَحكمُ بِرَوِيَّةٍ. لهُ بَصيرةٌ في المُعالجة، أَغْبِطُهُ عليها..
و نحن نتوادعُ على أمل لقاء آخر ـــ لم يُكتب له الإنجاز ـــ دسَّ يدهُ داخل قميصه وٱستخلص نُسخة: نزيل في التراب ـــ لمصطفى لمودن، دَبَّجَ الأُضْمومَةَ مُعتبراً إياي " شاعراً " متمكنا من أصول الكتابة.. ومنتظراً تَسديداتي…( ما أنا بهداف و لا أنت بحارس مرمى !! )
  2ــــ توطئة :
عزيزي مصطفى، ما سَيَليكَ من سطور، ربما لن تجد له تصنيفاً من حيث النوعُ الأدبي.. فأنا أومن عن قناعة وعن تجربة بأن حدود الكتابة قد تكسرت وبأن جُغرافْيا الكلمات ما باتت مُحدداً للمعاني، لا ولا المعاني غَدَتْ تلعب نفس الدور.. لِذا أعتبر الآتي " قراءةً عاشقةً " لجملة من مضامين النص، إستهوتني و ظل صداها يتردد بدواخلي.
  3ــــ مجرد ٱكتشافات فقط..
أـــ  يَمتحُ قاموسُ " النزيل " من الهم اليومي بشكل مكثف ـــ وهذا رائع ـــ فيظل لصيقاً بشخوص قَلَّ أن تجدها ثابثة ـــ وذاك أروع ـــ و لعل هذا يشرح ذاك..
بـ ـــ إلا أن ما صدمني في بعض صانعي الأحداث كونهم لا يَمشون حَدَّ الغايات القُصوى في أهدافهم و آرائهم، فَتَراهم مُستسلمين لِإرادة مصطفى الكاتب/الراوي/المتحكم في القص، يُحركهم أنّى شاء وكيفما ٱرتآى، فأين " ثورة الجياع "؟ وأين ٱنتفاضاتُ الضياء على الظلمة؟ وأين صرخات الحناجر في زمن الذلّ والمهانة ؟ كنتُ أبحث عن مُتمرِّدين عليك عزيزي !! وكنت لاهثاً ـــــ بين ثنايا النصوص ــــ وراء تصوري الآتي: يَضعُ مصطفى/السارد بعض شخوصه في زنزانة، بيت، حُجرة، حافلة.. فيعود لتتمة ما بدأَ لِيَعثُرَ عليه/البطل وقد خَرَقَ السطور والورقة والجدران والنوافذ …و جعل من نفسه حلقةً أخرى تدور حولها أحداث أخرى غير تلك التي سبقت… أو هكذا تخيلتُ على أي حال.
ج ـــ تَطفحُ على وجه الكتابة عندك لُغة " الثنائيات " / المتناقضات وهي عديدة ، تُزكيها التشبيهاتُ، و أنا أحبذ هذا النوع من السرد لِٱعْتباره لَصيقا بواقعنا المُفخّخ العنيد !!
د ـــ و راقتني كذلك البدايات الحالمة، الحاملة للون الطبيعة ( إصفرار الأديم، شحوب الأفق، قساوة التضاريس، شرنقة الأحلام، صَيْهَدُ العطش والحرقة..) فكلها مَدعاة إلى الإنتفاضات وإلى التغيير، ويبقى ذلك رهينا بنضج الظروف وبمساهمة الرياح اللواقح في الدفع بالسحب نحو القمم وإلى مُزاوجتها ب "الصواعق" !!
ه ـــ إن الإسترسال في اللغة والإنسيابية في الحديث دون أن نحس بالملل، نقطة إيجابية تُسَجَّلُ لصالحك عزيزي، إذ تجعل القارئ مُنصتاً لهمس الكلمات ولنبض الحروف، مما يُضفي على السرد نكهة التشويق والإنتظار..
وــــ  آهٍ، الإنتظار؛ إنه النهايات المفتوحة على كل شأن، والقابلة لكل تأويل. ذلك ما تُسفر عنه غالبية نصوصك القصصية والقصيرة منها على الأخص. ولَشَدَّ ما تَجذبُ إليها أَسْطُرٌ كهاته كلَّ قارئٍ وتدفعه إلى الإستزادة وإلى طلب نهايةٍ ـــ عبر غَريزة الفضول الأدبي ــــ قد يكون أدركها أو أخطأها.. وثمةَ بوّابةُ الإحتمالات المُشرعة.. بئرٌ لا قَرار لها.
زـــــ  و تبقى العناوين التي هي أصلاً مداخلُ لِفهم النص، شِبْهَ عتباتٍ واطئة عندك غير ملغومة، فهي في الغالب تُفصح عن الكَلِمِ إلّا ما نذر.
 4ــــ  خَتْماً أقول :
 عزيزي مصطفى؛
           إن نار الحرف ــــ التي نتشرف معا بلهيبها ــــ  التي تكتوي بها هنا ضمن تُرابك الذي نزلتَ، حيث تُبالي ب "عائشة" وبمهازلِ ديموقْراطْيا الواجهة والأسياد و ب " حيرة " المواطنين البُسطاء… (هذه النار) قادرة على خلق لَعْلَعَةٍ تُشعر "هُمْ" ب " شِواظٍ " ربما ما أَدركوه من قبلُ، يَصيحُ فيهم… أنْ… " تَكَلَّموا حتى نَراكُمْ " !!
             بِخيرٍ يَلقاكَ صَديقُكَ .. جواد المومني