أيها
"المسلمون" المتشددون، هادشي لي بغيتيو؟
مصطفى لمودن
-----------
أصدرت دولة أنكولا قرارا بمنع الإسلام على
أرضها بدعوى محاربة الإرهاب، طبعا الإرهاب فعل بغيض، يعني محق الآخر المختلف، وفرض
الرأي والتوجه بالقوة والنار وسفك الدماء.. لكن، لم يحدث في العصر الحاضر أن تصرفت
دولة بهذه الطريقة، وأن تصدر قرارا يمنع دينا من فوق أرضها! وهذا القرار للأسف لم
يخلف استنكارا دوليا ولا اجتمع من أجل النظر فيه مجلس الأمن. فلماذا يا ترى؟ هل
أصبح الإسلام خطرا؟ بينما تعودنا منذ صغرنا أن نقرنه بالتسامح والحب والخير
للجميع.. فماذا وقع؟ لعل صور التناحر القائم بين الإخوة في الدين أبرز مثل يجعل
الغالبية من غير المسلمين يعيدون النظر في العلاقة مع هذا الدين، ونضرب مثلا بما
يقع في العراق، حيث القتل اليومي الذي يشارك فيه على الأقل ثلاثة أنواع من
"المتدينين" الذين يعلنون إسلامهم وتبنيه والدفاع عنه، إنهم الشيعة
والسنة و"تنظيم القاعدة". عندما يتحول الخلاف السياسي إلى تناحر واقتتال
ويتخذ الدين خلفية له، حينها يطرح ألف سؤال.. هذا دون الحديث عما يتواتر من أخبار شبه
يومية عن أحداث عنف ترتكب باسم المتشددين في عدة بقاع من العالم.. فأصبح للأسف
الكثير من الغربيين وغيرهم في العالم يشككون من نوايا أي حامل ومعتقد بالدين الإسلامي
إذا لم يكن الارتياب والخوف منه، وهم يرون كيف يتمنطق بعض المتشددين بأحزمة ناسفة
ليفجروا أنفسهم ويفجرون معهم الأبرياء.. ولا يجب أن يعزب عن بالنا هنا كذلك ما
يتحمل مسؤوليته الغرب كذلك، سواء الغرب المسيحي المتشدد، أو الغرب الاستعماري في
وجهيه القديم والحديث من مسؤولية تأجيج رد الفعل تجاه تصرفات ظلت تسعى للهجوم والاستغلال
وحتى المحق، ونحن لسنا ببعيدين عما فعله الغرب بزعامة أمريكا في العراق نفسه من
خراب.. كما لا يغيب عنا تصرفات حكام محليين متواطئين مع الغرب المستغِل، ضد شعوبهم
وضد تنمية بلدانهم.. ولكن، هناك فرق بين المقاومة المشروعة، وبين أن يعم العنف كل
مكان بحجة وبدونها..
إن الإنسان الغربي على العموم لا تظهر له غير
صور العنف التي أصبحت مقرونة بالمسلم كيفما كان، فهو يعتقد (الغربي) غالبية
المسلمين إذا لم يكونوا كلهم عنيفين ومتشددين ويرغبون في فرض تصورهم عن الإنسان
والعالم والله بالقوة.. ولا يعرف الكثير من المسلمين أن المخيال الغربي يتذكر
الحروب الصليبية وهجوم المسلمين على إسبانيا وهجوم تركيا على جنوب أوربا..الخ. ولم
تتركز بعد بما يكفي صور التآزر والتعاون والشراكة..
كما أن هذا
الأوربي قطع أشواطا مع العقلانية، وهو يجر وراءه صراعا مريرا مع الكنسية المتسلطة
طيلة قرون.. أمام هذه الحصيلة وهذه التصورات يصعب تغيير الواقع بسرعة..
نعود لقضية دولة أنكولا، فرد الفعل الوحيد حسب
علمنا صدر عن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، الذي طالب المنظمات
الدولية والإقليمية بالتدخل لحماية الأقلية المسلمة، وورد في بيانه الذي نشرت
أجزاء منه جريدة "المساء" في صفحة "دين وفكر" بالعدد رقم 2232
بتاريخ 29 نونبر 2013، ومما جاء فيه نجد
عبارات من خارج قاموس مثل هذه المنظمة، من قبيل "حقوق الإنسان"،
"التعايش بين الشعوب"، "التوجه العالمي نحو السلام، ومنع الصراعات
والحروب الداخلية والأهلية، ولا سيما على أساس الدين والعرق" (انتهى)،
وللتذكير فرئيس هذه المنظمة ليس سوى يوسف القرضاوي الذي يوصف بمفتي قناة
"الجزيرة" و"الحلف الأطلسي"، وقد رأيناه مرارا على قناة دولة
قطر يحرض الجموع، وكيف حاول الركوب على حركات انتفاضة "الربيع العربي"،
وكيف أقام الصلوات وأمّ الناس في الساحات العامة في استغلال واضح للدين في السياسة..
من جانبي لا يسعني سوى أن استنكر وأندد
بكل محاصرة للمعتقدات الخاصة بالناس على اختلافهم، شريطة عدم ممارسة العنف أو
الدعوة إليه لفرض وجهة نظر معينة بالقوة.. وعلى دولة انكولا مراجعة قرارها المجحف.
هناك تعليق واحد:
شكرااااااااااااااااااااا للاسف لاتوصلني اشعارات او نشر على صفحتي
إرسال تعليق