الجمعة، 11 مايو 2007

معيقات إعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية للنهوض بحقوق المرأة


معيقات إعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية للنهوض بحقوق المرأة
                       حصيلة يوم دراسي بسيدي سليمان
        عرفت سيدي سليمان يوما دراسيا جهويا حول "النهوض بحقوق المرأة من أجل التقاضي باستعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية"، وذلك يوم السبت 5 ماي 2007، من تنظيم مركز الدراسات القانونية والحقوقية بنفس المدينة، وجمعية المحامين الشباب بالخميسات ومنظمة
.Clobale rights   

    قصد تدارس ومناقشة مدى القبول الذي تحظى به المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة لدى الجسم القضائي المغربي، وقوة وتراتبية هذه النصوص في إصدار الأحكام بالمقارنة مع القوانين الداخلية، و لماذا لا يتم الاحتكام لهذه القوانين المصادق عليها؟ هل ذلك عن قصد أم بسبب عدم المعرفة والإطلاع؟… الفئة المستهدفة من خلال هذا اليوم هي عدد من المحامين من جهة الغرب الشراردة بني احسن ونشطاء حقوقيين…قدم عرضان، وتكونت ثلاث لجان.

 في التقديم المؤطر لليوم الدراسي أشار ذ. خالد المروني رئيس مركز الدراسات القانونية لبعض المكتسبات في إعمال المساواة بين الجنسين من خلال مدونة الأسرة وقانون الجنسية…لكن العمل بمضمون الاتفاقيات الدولية تعترضه صعوبات، منها التحفظات التي تسجلها الدولة المغربية،  أو عدم ملاءمة القوانين المحلية معها، وأعطى مثلا باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مما يؤدي إلى عدم المساواة في كافة الحقوق، مضيفا أنه رغم تنصيص الدستور على احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتعهد الدولة باحترام التزاماتها حسب ما تقتضيه المواثيق الدولية، فإن إشكالية سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني تبقى المعضلة الأساسية.
    لتقدم بعد ذلك كل من السيدة ستيفاني وليام بوردا مديرة البرنامج بالمغرب، والسيدة سعيدة كوزي الخبيرة القانونية في المكتب الميداني لدى "كلوبل رايتس" تعريفا بالمنظمة التي يمثلانها، وهي تعنى حسبهما بالدفاع والتعريف بقضايا حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة في العالم، منذ 28 سنة، واحدث مكتبها في المغرب منذ 8 سنوات، عرضتا في حديثيهما للبرنامج الذي يعملون
عليه في المغرب العربي، خاصة في مجال التقاضي وإعمال المعايير الدولية، من خلال المعاهدات والمواثيق، كما تطرقتا لمحتويات "دليل من أجل التقاضي باستعمال المعايير الدولية" في المنطقة المغاربية للنهوض بحقوق المرأة حسب المنطوق الوارد، وهو نتيجة بحث ودراسة ميدانيين، شارك فيه عدد من المهتمين، يقع الدليل في كتاب من 131 صفحة، يقابله قرص مدمج وزع على الجميع، بالإضافة إلى عدد من الكتيبات التي لها علاقة بالموضوع.   
    كما وزعت جمعية المحامين الشباب نص استمارة، تهدف إلى الإجابة عن إشكالية "ضمان حقوق المرأة بين القوانين الخاصة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان" بهدف "مناصرة النساء أمام المحاكم باستعمال المعايير الدولية…"، وقد أضاف ذ. أحمد بن الشيخ بصفته رئيس جمعية المحامين الشباب بالخميسات، أنهم يسعون لجمع 1000 استمارة على المستوى الوطني، لتقدم نتائجها في العاشر من دجنبر القادم(اليوم العالمي لحقوق الإنسان)، وللعلم فالاستمارة تتضمن ثماني أسئلة رئيسية وأخرى فرعية، حول العلم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، ومستوى تطبيقاتها واعتمادها في المحاكم المغربية…
    أشار ذ. أحمد أرحموش في عرضه المتمحور حول: "إشكالية إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان في المنازعات القضائية بين المنظور التقليدي والمنظور الحداثي" إلى ثلاث درجات متفاوتة في التعامل مع هذه المعايير في المحاكم المغربية، ثم إلى مكانة المواثيق والمعاهدات الدولية داخل التشريع الوطني، ودور المحامين في التعامل مع هذه المصادر القانونية، مادامت هذه المنظومة نتيجة جهد ومساهمة كافة الشعوب والأمم، عبر تراكمات لمناهضة التجاوزات التي تستهدف حقوق الإنسان حسب قوله، مذكرا بالمرجعية القانونية التي يمكن الاعتماد عليها في ذلك، خاصة ديباجة الدستور، المحددة للفلسفة والمباديء العامة للدولة، وما يلتزم به المغرب من خلال عضويته بهيئة الأمم المتحدة، ومصادقته على عدد من المعاهدات والمواثيق، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة…الخ، رغم بعض التحفظات. وقد توقف بتدقيق على عدد من الأحكام القضائية بإحالاتها المضبوطة، صدرت عن محاكم مغربية، تعاملت بالسلب أو الإيجاب مع المعايير الدولية في التقاضي، مستشهدا بأمثلة كموضوع الإكراه البدني لاسترداد الدين، حرية التنقل، قضايا الأسرة…ليخلص باستنتاجات منها غياب نص دستوري يعالج المسألة، ضعف الاستيعاب والشجاعة في إعمال المعايير الدولية لدى  بعض القضاة والمحامين، ضعف التكوين، عدم ترسيخ مباديء حقوق الإنسان والاقتناع بها لدى أطراف أخرى…
    في عرضها حول موضوع "حقوق المرأة بين المواثيق الدولية الخاصة بالنسبة للنساء ومدونة الأسرة" اعتبرت ذة. نزهة العلوي مدونة الأسرة ذات بعد مساواتي، في تنصيصها على التكافؤ بين الرجل والمرأة في تحمل مسؤولية الأسرة، وتحديد سن متساو للزواج، إلا في بعض الحالات التي يتدخل فيها القاضي، لكنها توقفت عند عدد من القضايا التي مازال فيها تمييز ضد المرأة، بينما تعطى للرجل امتيازات في بعض الحالات، "كالوصاية الشرعية" غير المضبوطة على الأبناء…  لتخلص إلى أنه ليست هناك جرأة في رفع دعاوى باعتماد المعايير الدولية، كما أن هناك اعتراضات "ذهنية"، ونقص في الخبرة، داعية المحامين الشباب الذين كانت نسبتهم واضحة في هذا اليوم الدراسي إلى استغلال الظروف المناسبة الآن، للعمل على الاحتكام إلى نصوص الاتفاقيات.
    تدخل عدد من المحامين تمحورت أغلب مناقشاتهم حول العوائق التي تعترض التطبيق، خاصة الدستورية والقانونية، التي تحول دون إعمال منطوق المواثيق والمعاهدات الدولية في المحاكم، كما وقف بعضهم على البعد النفسي وعامل التنشئة الاجتماعية والتذرع بالهوية والخصوصية كمبرر ضد الرجوع لهذه القوانين، وقد طرح كذلك موقع المتن الفقهي والشرعي من كل ذلك، واجمع الكل على ضرورة إعادة النظر في منهجية التكوين بالنسبة للمحامين والقضاة معا، والتعريف بنصوص المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب، وهناك من دعا إلى إشراك القضاة في مثل هذا اليوم الدراسي، ومنهم من سرد أمثلة عن حالات تم فيها رفض تعليل أحكام استنادا للمعايير الدولية، بل هناك أحكام تختلف من مدينة لأخرى لقضايا متشابهة، مما يحتم ضرورة التواصل وتبادل الخبرات، كما قال البعض، وهو ما أجابت عنه إحدى الورشات التي انعقدت بعد الزوال في موضوع التواصل نفسه، أما الورشة الثانية فكان موضوعها المعيقات القانونية والثقافية، والورشة الثالثة حول المعيقات المرتبطة باستقلال القضاء؛ مما جاء في تقارير اللجان الدعوة إلى تكوين بنك معطيات، واعتماد التقنيات الحديثة في التواصل، التعريف بالمواثيق الدولية وإعمالها أمام القضاء المغربي، والتنصيص على ذلك دستوريا، واعتبار القضاء سلطة مستقلة مع الإشارة إلى دور التربية والإعلام في إشاعة مباديء حقوق الإنسان…
                                                          مصطفى لمودن
نشرت بجريدة " اليسار الموحد"