الأربعاء، 21 نوفمبر 2007

اسبانيا تستورد اليد العاملة النسوية من منطقة الغرب شروط لا إنسانية، وسكوت مريب عن ذلك


 اسبانيا تستورد اليد العاملة النسوية من منطقة الغرب  
          شروط لا إنسانية، وسكوت مريب عن ذلك

   شهدت مدينة سيدي سليمان طيلة يومي 20 و 21 نونبر 2007 عملية تسجيل النساء الراغبات في لانتقال إلى اسبانيا، قصد الاشتغال في المجال الفلاحي، الذي يحتاج إلى أيد عاملة عديدة، خاصة في فترة جني المحاصيل كالتوت مثلا، ونفس العملية تشهدها مواقع أخرى بمنطقة الغرب.
    ما أن أعلن الخبر حتى سارعت العشرات من النساء للتسجيل، كما حضر بعضهن رفقة أفراد من أسرهن إلى دار الشباب 11 يناير،  مكان تلقي الطلبات.
    للعلم هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يتم فيها التجاء الأسبان لمثل هذا الأسلوب من أجل جلب العاملات، خاصة من منطقة الغرب الفلاحية، حيث تنتشر البطالة بشكل واسع، ويعتبر النساء ذوي “تجربة”، أو لهن علاقة معينة بالميدان الفلاحي.
    لكن الشروط الغريبة التي تطلب من النساء تثير كثيرا من الجدل،  إذا كان السن المطلوب لا يقل عن 40 سنة، بالتأكيد يرغبون في القوية بدنيا، أما الشروط الأخرى التي  أهما أن يكون للمرأة أبناء، والمقصود منه “ضمان” عودتها إلى المغرب، بعد انتهاء الشغل بالجارة الشمالية اسبانيا.
 وأكثر من ذلك أن يقل عمر الأطفال عن 14 سنة، وهو ما تعني أن الأم ستترك وراءها أطفالا صغارا تظل باستمرار تحن لهم، وهو موقف سيء من مفهوم “الأمومة”، يتم استغلاله بشكل بشع، بل لا أحد يتحدث عن حاجة الأطفال لأمهم، فمصلحة أصحاب الضيعات أهم من تربية الأطفال ورعاية أمهم لهم، وأي تربية أطفال قد يقول قائل في ظل الفقر وضعف أو انعدام مدخول أسري قار!؟
لهذا لايرغب المشغلون المحتملون إلا في المتزوجة بعد الإدلاء بشهادة “موافقة الزوج”، أو المطلقة أو الأرملة، مع الحفاظ طبعا على شرط توفرها على أطفال.  
تتكلف بالتسجيل الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، تحث مراقبة السلطة المحلية، وتجني الجماعات المحلية أرباحا من رواء ذلك، من خلال رسوم إعداد الوثائق المطلوبة.
يذكر البعض أن العملية شابتها في السنوات الفارطة ممارسات غير واضحة من حيث اختيار البعض دون الأخريات، رغم أنها في الغالب تكون بمقرات السلطة المحلية،  بواسطة القرعة أمام عدد من الحاضرين.
ذكرت بعض النساء العائدات من “موسم هجرة” السنة الماضية، ممن أتيح لنا الحديث معهن، أن العمل جد قاس  ومتعب، خاصة في البيوت البلاستيكية، التي تعرف درجة حرارة مرتفعة، لكن العائد المالي الذي يحصلن عليه، يفوق بكثير الأجر المماثل في حقول المغرب بما يقارب عشر مرات، مما يدفع الكثيرات إلى طموحن في الهجرة للعمل باسبانيا.
  يحق لنا أن نتساءل عن سبب عدم اختيار عمال ذكور كذلك في مثل هذه الحالة، وعن المخلفات الاجتماعية والنفسية لأفراد الأسرة، وعن “قوة وتأثير” عامل الفقر والحاجة لشيوع ممارسات و”قناعات” كانت من المستحيلات في زمن قريب، كإرسال الزوج لزوجته إلى بلد آخر قصد العمل، ويتذكر عدد من مشاهدي القناة الثانية، التي بثت في أحد برامجها قبل سنوات صورة زوج يبكي زوجته التي غرقت في البحر أثناء محاولتها العبور إلى أوربا،  في إطار الهجرة السرية، وقد كان ينتظر منها أن تجد عملا هناك، وتعد الأوراق، لترسل في طلبه هو وطفليه اللذين تيتما بفعل فقدان أمها في مغامرة لم تكلل بالنجاح.  
وما رأي منظمات حقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية في أسلوب التهجير بهذه الطريقة، دون مراقبة ظروف العمل، وضبط عملية التشغيل، بما تضمنه من حقوق كالمساهمة في صناديق المعاشات والضمان الاجتماعي والصحي، بل ما رأي الحكومة المغربية في الأمر؟ هل يهمها فقط تشغيل عاطليها من الرجال والنساء وجلب العملة الصعبة؟ أم تشرف على عقود العمل وتبدي رأيها فيها؟ وتراقب مدى الالتزام بتنفيذ بنود تلك الاتفاقيات؟ حتى لايقع لهم مثل ما يعانيه العمال الأفارقة والآسيون بدول الخليج حيث تمتهن الكرامة الإنسانة، ويستغل العمال أسوأ استغلال. بل كيف تنظر الحكومة المغربية في موضوع الفلاحة الوطنية، ولسهول الغرب خاصة، الشاسعة والخصبة، التي لا ينتج الكثير منها شيء مفيدا، وأغلبها يبقى تحت رحمة نزول المطر، رغم غنى الحوض بالمياه الجوفية والسطحية، وقربها من أكبر سد في المغرب على نهر ” ورغة”،  ينتظر منذ سنوات تدشينه في بداية عشرية القرن الماضي، دون مد قنوات الري المطلوبة لتوزيع المياه! ودون أي مخطط في أفق منظور للنهوض بالفلاحة عامة، وفرض أجر فلاحي محترم، ليس هو 30 أو 40 درهما، كما هو عليه الوضع الآن.
وأخيرا ما رأي المستهلك الأوربي الذي أصبح يجد في جنوب اسبانيا سلة غذاء متنوع، على حساب عرق وجهد وحقوق مهاجرين من جنسيات مختلفة، يعانون ظروف عمل صعبة وغير إنسانية أحيانا؟
إننا لسنا ضد تشغيل العاطلين، ولكن مع احترام كرامة البشر، ويتذكر المغاربة كيف تم التغرير ب 34 ألف مواطن من أجل عمل وهمي، أدوا عنه مالا باهضا بالنسبة لعاطلين، مقابل إعداد ملف التشغيل، بما فيه فحوصات طبية لصالح عيادة معينة، وذلك فيما يعرف بعملية ” النجاة”، التي يتحمل مسؤوليتها أولا عباس الفاسي، الوزير الأول الحالي، عندما كان وزيرا للتشغيل في حكومة التناوب الثانية، بعد سنة 2002. 
إن عددا من قضايا تخلفنا الاقتصادي والاجتماعي تتطلب محاسبة المسؤولين عن ذلك، ومعالجة جذرية لكافة الاختلالات التي نعاني منها.
                       مصطفى لمودن