إصدار حكم قضائي جديد حول «الإخلال بالاحترام الواجب للملك»
جاء في مدونة إدريس الهبري المثبت رابطها على يمين هذا الإدراج في مقدمته ما يلي:«تحت مبدأ الاحترام الواجب للملك والدفاع عن المقدسات تم الحكم على تلميذ الثانوية التأهيلية أبطاح بايت ورير بنواحي مدينة مراكش بسنة ونصف نافذة بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك والمس بالمقدسات، كونه قام بكتابة شعار المملكة المغربية على سبورة الفصل الدراسي (الله – الوطن - الملك) واستبدل اسم الملك بإفسي برشلونة فريق كرة القدم الاسباني…»
فعلا فقد تمت محاكمة التلميذ ياسين بنلعسال في رمضان، وزج به في السجن لسنة واحدة ونصف، واُدخل إلى الزنزانة مع ثمانين سجينا كما أوردت ذلك بعض الصحف والمواقع الإلكترونية… وبعد قراءتي لموضوع المدون الصديق إدريس هبري كتبتُ تعليقا، أقترح إطلاع قراء مدونة سيدي سليمان عليه، في إطار النقاش الذي يمكن أن يساهم في الجميع.
تحية للأخ إدريس ولقراء مدونته، مثل هذه الأحكام تواترت في السنوات الأخيرة، وقد أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش(محل إصدار الحكم القضائي) بيانا يعتبر فيه أن محاكمة التلميذ لم تراعي ظروف المحاكمة العادلة، كما وقع مع محمد الراجي في أكادير قبل أسابيع، وقد أصبحت هذه التهمة جاهزة للإدخال إلى السجن ولو بعد التعبير عن الرأي كما وقع لمحمد الراجي نفسه، وهي تهمة فضفاضة يمكن أن تستعمل في عدد من المواقف بما في ذلك تصفية الحسابات مع كتاب الرأي إذا ظهر أنه يجب لجمهم، كلنا مع الاحترام الواجب لشخص الملك، وعلى كل واحد أن يعرف أن رموز الدولة يجب أن تحترم وندافع عنها كلنا، غير أن ممارسة الحكم بشكل مباشر كما هو عليه الحال في كل الدول، يدفع الناس إلى التساؤل حول القرارات التي يتخذها المسؤولون، لأن ذلك يؤثر في معيشتهم وفي مستقبل أبنائهم، وقد ذكر الملك محمد السادس في خطب له أنه يحكم وفق الملكية التنفيذية، ومنطوق الدستور يمنع أي مناقشة لقارات الملك، وهو ما يحتم إجراء مراجعة دستورية تعطي صلاحيات تنفيذية للحكومة، وتكون للوزير الأول صلاحيات أوسع، بحيث يمارس صلاحياته المحدودة في الزمان، حسب التصريح الحكومي الذي يوافق عليه البرلمان المنتخب والملك، ولنا في الجارة الإسبانية وغيرها من الملكيات النموذج الذي يمكن أن نستقي منه بعض العبر، والديمقراطية كونية بطبيعة الحال، لكن تطبيقها يخضع أحيانا لموازين القوى المتواجدة بالمجتمع، وأنا كمواطن أعتبر الملكية في المغرب ضامنة للاستقرار، وتجر وراءها تاريخا طويلا، لكن لمصلحة المغرب والملكية والملك ترك عدد من الأمور التنفيذية للحكومة، ليحاسبها البرلمان والشعب عند كل انتخابات، ولا يجب إعطاء فرصة للمتنفذين الحقيقيين في ميزانية الدولة (المترتبة عن ضرائب تستخلص من المواطنين)، الفاشلين في تدبيرهم لقضايا المواطنين التستر وراء الملك، واعتبار قراراتهم وتسييرهم اليومي لقطاعاتهم تنفيذا لأوامر الملك أو توصياته تهربا من المحاسبة الضرورية واللازمة … ووضع قانون يحدد بالضبط الحتيات التي بمقتضاها يمكن محاكمة أي مواطن على عدم مراعاة الاحترام الواجب للملك، وكما يتتبع الملاحظون ففي كل مرة يقع مثل هذا الأمر، وبعد إحداث ضجة يتم إيجاد مخرج، سواء بإصدار عفو، أو مراجعة الأحكام… وهو أمر يسيء إلى سمعة المغرب أكثر مما ينفعه. ولا تفوتني هذه الفرصة للتذكير بأن بعض سلوكات المسؤولين هي ما يخل بالاحترام الواجب للملك، مثل إجبار المواطنين من عدد من المناطق على الذهاب إلى القنيطرة حينما زارها مؤخرا الملك، وتم توعد الناس بواسطة أبواق المساجد بالقرى بألا يتخلف أحد (كما وضحت ذلك في آخر إدراج بمدونتي، حظي بزيارة الأخ إدريس الهبري، وقد ترك بصمته في أسفله)، هؤلاء المسؤولون يدفعون الناس إلى التساؤل حول مصدر هذه القرارات، ونحن نحس أن الملك أرحم بالناس من هؤلاء، وهو يتفقد أحوال المواطنين في محل سكناهم، ولا نعتقد أنه يريد معانات إضافية لفقراء العالم القروي أكثر مما عانوه من تهميش خلال عقود حتى يرغموا على تنقل مضن، والاصطفاف بجانب الطرقات، بينما سكان المناطق التي يمر منها الملك يخرجون جميعا لاستقباله بتلقائية وعفوية كما وقع بمنطقة الريف على سبيل المثال، والأجدر أن يبقى ذلك عفويا دون إكراه من أحد، فالملك له شعبيته وتقديره.
على النخبة أن تخرج من انتهازيتها، فنخبة المدن مثلا لا يتكلم معها أحد ولا يجبرها أحد على الخروج إلى الشوارع، ولكن أغلبيتها غير مهتمة بأحوال الوطن والمواطنين، وتعيش قطيعة مع بقية الشعب، خاصة العالم القروي الذي يترك لمصيره، ونحن نعرف ذلك لانحدارنا من هذا العالم البئيس، واستمرارنا فيه بحكم العمل.
شكرا للأخ إدريس الذي دفعنا إلى الكتابة في هذا الموضوع، علما أنه هو الأجدر بالحديث فيه وحوله، ونؤكد أن ما نقوله مجرد رأي وسط ملايين الآراء، وعلى كل صاحب رأي أن يدلي بموقفه.