سلا: تنامي الإجرام يسائل نجاعة الخطة الأمنية
تنوع الجرائم المرتكبة، رأي مسؤولين ومهتمين ومواطنين في الظاهرة..
إعداد عبد الإله عسول
ارتفع مؤشر الجريمة بشكل لافت، حيث لا يمر يوم أو أسبوع إلا وتحدثت الألسن واتت الأخبار بوقوع جرائم مختلفة الخطورة؛ اعتداءات بالسيوف والكاطورزات، السرقة والابتزاز، اعتراض المارة والعمال والعاملات، اغتصاب، دعارة، ترويج للمخدرات…)
كل الفضاءات والأحياء خصوصا الشعبية منها، أصبحت عرضة وهدفا للفعل الإجرامي، أبطاله في الغالب عصابات من ذوي السوابق، »تعيث فسادا و«فتو» في الغلابة من البسطاء والموظفين من الساكنة:
-كلنا يتذكر جريمة القتل البشعة التي ذهب ضحيتها صائغ مجوهرات الفضة قبل عيد الأضحى بشارع ابن الهيثم، والتي تم اعتقال مرتكبها مؤخرا بالدار البيضاء، وسبب اقترافه للجريمة هو رفض الضحية مده بنقود لشراء أضحية العيد(؟؟!!) كما صرح بذلك أثناء إعادة تمثيل الجريمة..
-كما لا ننسى الاعتداء الخطير الذي تعرض له مدير السجن المحلي لسلا سابقا من طرف أحد المحكومين باستعمال السلاح الأبيض؛ حيث أضحت المؤسسة السجنية التي وضعت للعقاب على الفعل الإجرامي تعاني من استفحاله ومن أثاره السلبية، ومن تسجيل العديد من حالات العود.(؟)
-ونسجل الاعتداء الخطير الذي تعرض له شاب بآلات حادة على مستوى الوجه والرأس من قبل عصابة، حيث بقي ينزف ماشيا إلى أن سقط مغميا عليه في ملتقى شارع ابن الهيثم وشارع«د»، لتؤكد مصادر أنه لقي حتفه بعد ذلك.(؟)
-وأيضا، الاعتداء بالسلاح الأبيض على شاب آخر بهدف سرقة معطفه الجلدي غير بعيد عن مفوضية الشرطة بالعيايدة، مما تسبب له في جرح عميق على مستوى الوجه..
-كما لا تفوتنا الإشارة للاعتداء البشع على ثلاثة ممرضات بالمركز الصحي لحي السلام الإضافي مؤخرا.(؟)
-بالإضافة لاعتداء خطير تعرضت له شابة عاملة مع جمعية مكلفة بالمواكبة الاجتماعية في إطار مشروع إعادة إيواء قاطني كاريان الواد، حيث اعترضها أحد المجرمين وحاول تقطيع يدها الممسكة بحقيبتها اليدوية ما تسبب لها في تمزيق عصب وعروق اليد(؟)
إنها نماذج قليلة فقط مما يحدث من جرائم بهذه المدينة المستباحة والتي يقابلها تدخل أمني غير متوازن بالرغم من تسجيل بعض العمليات الأمنية التي انطلقت مؤخرا، من ذلك نموذج الحملات الأمنية التطهيرية التي عرفتها بعض الأحياء مثل القرية وإعادة العمل بالفرقة 14… وهي أعمال تتطلب الاستمرارية والدعم اللوجستيكي وتظافر الجهود…
إن العديد من المقرات الأمنية باستثناء المقر الخاص بالمنطقة الأمنية لسلا، فإن أغلب مقرات الدوائر الأمنية المكتراة تعاني من قلة التجهيزات ووسائل التنقل وضعف الطاقم البشري، كنموذج الدائرة 9 بحي الانبعاث، حي الرحمة، سلا الجديدة… بالإضافة لتعطيل وعدم افتتاح العديد من المراكز الأمنية التي جاءت مع فرق«كرواتيا»…وهو ما يلقي بآثاره السلبية على نجاعة الخطة الأمنية (انظر الصور)..
عود على بدء:
مجمل القول أن موضوع الأمن والجريمة هو موضوع متعدد المسؤوليات والأطراف، ويحتاج إلى مداخل ومقاربات متكاملة يتدخل فيها الجانب الوقائي(التربوي، الاقتصادي، الاجتماعي..)والجانب الزجري(الأمني، القضائي والسجني..)
ودون ذلك سنظل نلف بجراحنا في حلقة مفرغة من التدخلات الترقيعية هنا وهناك، والتي لن تعمل إلا على تأخير توسع سرطان الإجرام..
شهادات حول موضوع الإجرام بسلا ..
معظم الآراء التي استقيناها حول الموضوع، أجمعت على أن هناك قصورا أمنيا، بالرغم من بعض التدخلات هنا وهناك:
-بالنسبة لمستشار بالعيايدة، اقر بوجود تغطية أمنية لبعض الأحياء وغيابها عن أخرى، لكنه تحدث عن وجود بعض الممارسات الابتزازية التي تصدر عن بعض أفراد الشرطة، وهو ما وصفه المتحدث ب« المفاصلة ».
-مواطن آخر، تحدث بحنين عن «تجربة كرواتيا»، بالرغم من سلبياتها غير المقبولة خصوصا عندما يصل الأمر حد إزهاق الأرواح، لكنه أضاف أن هناك ايجابيات في عملها فهي على الأقل كانت تخلق حالة من «الهيبة» في بعض الأحياء التي لم يكن ممكنا المرور بها في بعض الأوقات، وأضاف نفس المصدر «أصارحك القول أنني أرى العديد من اللصوص الذين ألفوا السرقة بشارع ابن الهيثم، ولم أسمع عن اعتقال احدهم منذ مدة»
-مسؤول أمني (عميد شرطة)، قارب الموضوع من خلال طرحه «لإشكالية التوفيق بين الدور العقابي الزجري والردعي للمؤسسة السجنية - والذي هو أمر مرغوب لردع المقترف للجريمة وتنبيهه إلى خطورة الفعل الصادر عنه – ومابين إعمال بلدنا لحقوق الإنسان، وهو مطلب كذلك لابد منه»
وأضاف: «لقد أصبحنا نلاحظ تنامي الفعل الإجرامي من لدن قاصرين وتلاميذ ليس لديهم بالضرورة سوابق ولا ميولات إجرامية، حيث يقبلون على السرقة من أجل شراء مخدرات أو يقومون بالتحرش الجنسي بالفتيات، إلى حد الاغتصاب، إنهم يقترفون هذه الأفعال دون خوف من تبعات ذلك… (؟) حيث إن هناك استخفاف بالمؤسسة السجنية لذا عدد من ذوي السوابق ومحيط معارفهم، فمنهم من يعتبر الذهاب للسجن مثل الذهاب لفندق، مما يشجع على الفعل الاجرامي…(؟)
كما أشار المسؤول الأمني إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية في انتشار الإجرام منها أساسا التنامي السكاني بالأحياء المكتظة والبطالة وقلة فرص الشغل، دون إغفال ضعف الطاقم البشري الأمني وقلة وسائل العمل…
-أما بحسب المحامي «إبراهيم .ص»( من هيأة المحامين بالرباط)، فان من بين أهم الجرائم التي تقع بمدينة سلا، نجد الجرائم المتعلقة بالمخدرات في المرتبة الأولى يليها الضرب والجرح والنصب والاحتيال وإهمال الأسرة..
وتتصدر الجرائم الثلاثة الأولى لائحة الملفات المعروضة على المحكمة الابتدائية بسلا..
ويضيف نفس المصدر أنه غالبا ما ترتبط جرائم الضرب والجرح والسرقة بقضية المخدرات (بيعا واستهلاكا)..
مؤكدا أن هناك عوامل متعددة تؤدي إلى انتشار الإجرام منها
- البطالة وقلة الشغل بين فئة الشباب مما يدفعه إلى استهلاك المخدرات أو بيعها، وهو ما يقود إلى وقوع جرائم الضرب والجرح والاغتصاب والقتل…
-ارتفاع نسبة الأمية، ما يؤثر سلبا على التربية الصحيحة للأبناء، وتتبع مسارهم الدراسي..
-الكثافة السكانية العالية بمدينة سلا المزدحمة…