يوميات في مدينة بلا زمن
شعر: أمين الجوطي
صباح مجزوء من خريطة الزمن
ضائع من وجود الكائن
مرمي في هوة النوم
يختفي كل يوم كالبخار
منتصف النهار
لك حصتك الوفيرة من الغبار
و حرارة شمس متوحشة
موسيقى غبية
يتخللها نهيق حمار
يوصل ثقلا أكبر مما في وسعه
إلى منتصف المدينة
هنالك يتنزه أهل البلد
حيث شارع يتيم بلا أشجار
عينه العرف مكانا للتجوال
تأخذه ذهابا و مجيئا
حتى تصاب بالدوار
أستيقظ
أتناول وجبة لا أجد لها اسما
أسرع متثاقلا إلى التلفاز
أدير مفتاح التشغيل
كي أنصت لنشرة الأخبار:
قتلى في بلاد الشام
أزمة في بلاد العرب
سفر إلى القمر في بلاد العم سام
انقلاب في الكوت ديفوار.
أتم قراءة رواية بدأتها في الأمس
تحكي عن فكر متمرد
تسجنه العادات في ليل الجهل
و تسّيجه الظروف بالأسوار
يخرجني من توالي الأحداث
خبر المذيع:
قمة طارئة في القاهرة
ضننت الأمر مريع
فانتبهت إلى التلفاز
لكن المذيع أتم الخبر:
قمة للتنديد و البكاء و سب الأشرار
أعود إلى روايتي
نهاية درامية للبطل
لكن الفكرة طارت بجناحها
إلى سماء الحرية
حيث تعيش الأفكار بلا وجل
تعزف لحنا بلا أوتار
أطوي الصفحة الأخيرة في تمام الرابعة
هذا ما أعلنته ساعة الجدار
أصب الماء على جسدي النحيل
ألفني في المنشفة
أفتح نافذتي
مظاهر تعكس الغمة و المستحيل
الجهل و القهر.. الفقر والعهر
مستقبل عنوانه الإندحار
أرتدي ملابسي
أعد قهوتي
أشربها في المساء كعادتي
و أنا أنتشي بموسيقى موزار
السادسة…
سأخرج لأمارس شعبويتي
أتسكع في الشارع اليتيم
طقس خال من البهجة
إعلان انخراط في التيه و السذاجة
رتابة من الفراغ و الضياع و التكرار
أقاوم لغة الخراب
المنعكسة من الشوارع و الجدران
من سمة القبح في العمران
و دور صفيح تبتلع الإنسان
من الخطو الشارد عن المسار
و الأطفال..؟
رأيتهم و أنا أجتاز الأزقة
صوب الشارع اليتيم
كانوا يعبثون بالكرة
يسجلون أهدافا بين الحجارة
كي يصبغوا على أيامهم المسلوبة
طعم الانتصار.
الشارع اليتيم:
فقيرات متعجرفات
يؤدين دور أميرات
شباب ترقد جثة اليأس في أعينهم
ثقافة الجاهز استوطنت مخيلتهم
و أجهز على أحلامهم تماسيح في البلاد
تملك خزائن الذهب و الفضة و الدولار.
هنا .. الكل يفكر بالفرار
عفوا..
لا أحبذ استعمال الفعل " يفكر"
أو أي قاموس للأفكار
هنا .. الحياة فضة
قاسية
" تعب كلها "
و الكل مهمل في زنزانة النسيان
يقضي حكما مجنونا
تنفيذ بطيء للانتحار.