الجمعة، 19 يونيو 2009

هكذا وطانا المكتب الوطني للكهرباء مصابح الشوارع تتحدى نور الشمس!


هكذا وطانا المكتب الوطني للكهرباء 
مصابح الشوارع تتحدى نور الشمس!
 المسألة أثارتني كما أثارت البعض بطبيعة الحال، نحن من يؤدي الثمن، كلنا نؤدي الثمن، وإن كان بعضنا طبعا يسترجع أكثر مما يدفع إذا كان يدفع أصلا، لنبدأ الحكاية بطريقة أخرى، قررت أن أشرك قراء مدونة سيدي سليمان في "تصنيف" جديد، والتصنيف في عرف المدونات هو "عنوان فرعي" يتضمن مجموعة من المواضيع المتشابهة والمتقاربة، كما تلاحظون ذلك على قائمة باليسار، وكل عنوان فرعي بعده أرقام، هي عدد المواضيع المنشورة في ذلك "التصنيف"، والتصنيف الجديد ارتأيت أن أضع له عنوانا سميته "الشاهد"، أي أن كل من تفضل وكتب في هذا الركن، فهو يشهد على "ظاهرة" معينة، ويريد أن يطلع القراء والرأي العام عليها، مبدئيا أنا في كامل الاستعداد للكتابة في نفس الموضوع باستمرار، ولكن أتمنى أن يحفز ذلك آخرين للمساهمة والتعبير عما يخالجهم، فلا تترددوا في الكتابة، كل مواضيعكم نتلقاها بالأحضان.
   أعود لأول موضوع أريد إشراككم فيه.
  يوم الثلاثاء 2 يونيو 2009 بالضبط، وعندما كنت بمحل لإصلاح إحدى مكونات السيارات، وكما يعرف مالكو السيارات أن هناك أكثر من عشر حرف مرتبطة بذلك، الميكانيكي، العجلاتي، الصباغ، مول الشاكمات، مول الرادياتور… الخ.
    صاحب المحل الذي قصدته معروف بطيبوبته وتضحيته، وقد حدثت لي معه وقائع لطيفة تؤكد ذلك، يمكن أن نعود لبعضها مستقبلا، ورشته أنيقة ومنظمة، عند سلامي عليه كان معه زبونان، وبينهم صينية وبراد شاي، دائما الشاي متوفر ومشحر على أحس ما يرام، دعاني لشرب كأس ترددت في البداية، لكن بعد انصراف الزبونين قصدت الرجل الطيب وطلبت رشفة من شايه اللذيذ، بعدها خرجت، فراعني(أدهشني وشد انتباهي) ضوء مصابيح الشوارع المتلألئ في واضحة النهار، ناديت الرجل الطيب جدا، وأنا أعرف أنه يحمل "الهم الجماعي" كعدد من المواطنين الذين يرون ولا يكتفون بالرؤية، بل تدفعهم بصيرتهم وغيرتهم إلى "فعل" أي شيء ممكن، قلت له أنظر كم من شارع، وكم من مصباح وحرارة الشمس ما تزال تلهب جلودنا!
  حك الرجل ذقنه وتأمل مليا في وجهي ثم نظر إلى الأرض ودخل مقصورة في ركن من ورشته، وركب أرقام المكتب الوطني للكهرباء بسيدي سليمان، وسمعته يتحدث بأدب إلى مسؤول يرد عليه من الجانب الآخر من سلك الهاتف، قال الرجل الطيب للمسؤول أن حيين بكاملهما "تشتعل" فيهما المصابيح في وقت مبكر والشمس ما تزال ساطعة.
   لما خرج الرجل الطيب وعلامات البشر على محياه بفعل العمل النبيل الذي قام به، ذكر أن أحدهم شكره على صنيعه، وأنهم سيصلحون ذلك….
    تمنيت أن يكون ما قيل صحيحا، وفرحت كما سيفرح كل قارئ وقر في قلبه حب صادق للوطن بهذا الرجل الطيب الذي أدى ثمن مكالمة من جيبه، وممثل الإدارة الذي شكر ووعد خيرا. 
   إلى اليوم ما تزال المصابيح تشتعل في واضحة النهار، وأعتقد أن الرجل الطيب كل يوم يضرب كف بكف وقد أصبح متيقنا أن آفة الإهمال قد عمت، قلت له وأنا أحاول أن أخفف عنه منذ أول وهلة من هول صدمة تجعله يتحاشا كل يوم النظر إلى المصابيح وهي تلتهم الدراهم، دراهمنا جميعا التي يؤديها المجلس البلدي نيابة عنا ليضيء لنا النهار، ليحجب عنا ضوء الشمس، ليقول لنا أن "نوره" أهم من كل الأضواء! فربما المجلس البلدي وحده "يضوي البلاد" كما نطقت بذلك في زمن حالك أغنية مغربية معروفة. قلت للرجل الطيب لقد كتبت عن ذلك منذ سنة خلت، وأن تلك المقالة سطت عليها إحدى الجرائد ونسبها أحدهم لنفسه (يمكن الضغط هنا للرجوع إليها وقلت له إن "قضية" المصابيح المضيئة في واضحة النهار تؤرقني كذلك، لهذا أخذت لبعضها صورا ليشهد الجميع كما كنت شاهدا، ولتشهدوا كيف يريد المكتب الوطني للكهرباء وبقية المسؤولين المعنيين أن "يواطوننا" مع الأرض بإثقال كواهلنا بتكاليف غير مفيدة.
                                       مصطفى لمودن
  
  حتى مصابيح التجزيئات السكنية التي في طور البناء تضئ في واضحة النهار. 



 
 أينما وليت وجهك يصدمك منظر المصابيح المضاءة رغم وجود ضوء الشمس ، وفي هذه الصورة يظهر مصباح وقد استدار بقدرة قادر جهة منازل إدارية…