الأربعاء، 17 يونيو 2009

جدلية الصراع الانتخابي بسيدي سليمان انتفاء الرجة وإحلال المطبوخ المبتذل


جدلية الصراع الانتخابي بسيدي سليمان 
انتفاء الرجة وإحلال المطبوخ المبتذل 
   إعداد : الإدريسي الحسين 
وأخيرا نزلت بالساحة السياسية لسيدي سليمان النتائج الخاصة بالانتخابات الجماعية صبيحة 13 يونيو 2009، بعد حرب اللوائح بين الأحزاب المعروفة والمستحدثة، وبعد الحملة الانتخابية الصاخبة وبعد الاحتكام لصناديق الاقتراع ليوم 12-6-2009… ظهرت النتائج لتفتح باب النقاشات والتحليلات على مصراعيها بكل المستويات: الشارع- المقاهي – الأحزاب… على خلفية الانتصار أو الهزيمة أو الإهمال والعزوف، طبعا حول حصاد الاستحقاقات الجماعية الأخيرة عربونا عن الانخراط الواسع في ما اصطلح على تسميته خطأ باللعبة  في سوق التصويت، فكيف يمكن قراءة الأرقام المقدمة؟ ماذا تعكس سياسيا وسوسيولوجيا؟ ما هي معالم المجلس الجديد المطالب بالإجابة عن تطلعات المواطنين محليا في إطار الرهانات والتحديات الجماعية في أفق مواجهة الأوضاع المتدهورة بالمدينة في ظل مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية؟
 لقد جاءت الحصيلة على الشكل التالي ليبدأ معها العد العكسي لتشكيل مكتب المجلس بكل ما يحتمل ذلك من تخمينات ومفاوضات:
جدول 1 : الأصوات والمقاعد حسب الأحزاب بسيدي سليمان

رتبة
الحزب
الأصوات
%
المقاعد
%
رتبة
الحزب
الأصوات
%
المقاعد
%
1
الاتحاد الاشتراكي
2273
17.8
8
22.85
10
الحركة الشعبية
364
4.6
0
00
2
الاتحاد الدستوري
2075
16.7
8
22.85
11
العهد
268
2.10
0
00
3
الاستقلال
1282
10.05
5
14.28
12
التنمية المستدامة
264
2.07
0
00
4
الوحدة والديمقراطية
1269
9.97
4
11.42
13
التقدم والاشتراكية
192
1.5
0
00
5
الديمقراطية الاجتماعي
961
7.09
4
11.42
14
الأحرار
188
1.47
0
-
6
العدالة والتنمية
919
7.24
3
8.57
15
العمالي
152
1.19
0
-
7
الليبرالي المغربي
766
6.01
3
8.57
16
التحالف
150
1.17
0
-
8
الأصالة والمعاصرة
740
5.81
0
00
17
النحلة
139
1.09
0
-
9
جبهة القوى
635
4.9
0
00
18
التجديد والإنصاف
99
0.007
0
-

جدول 2 : حصيلة الانتخابات الجماعية بسيدي سليمان  (للاسئناس)
                               
المجموع المعبر عنه
الملغاة
المصوتون
العزوف
المسجلون
12736
2275
15011
31236
46247
 
قراءة أولية في الأرقام، عدة ملاحظات أهمها:
* تقارب النتائج في الصدارة ما بين الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، وهي حصيلة تخالف بالتأكيد ما كان متوقعا – قبل التصويت وفي بداية الحملة الانتخابية- سواء بالنسبة لحزب الوردة أو بالنسبة لحزب الفرس، لتحقيق رهاناتهما  لرئاسة المجلس البلدي في تجربة 2009-2015، فكلاهما يطمح إلى الحصول على أغلبية مريحة (+ 15 مقعدا) تلافيا للمشكل الذي ظهر في بداية تجربة 2003 والذي لم يحسم إلا بتدخل عبد الواحد الراضي (نائب الكاتب الأول آنذاك لحزب الاتحاد الاشتراكي) على حساب الاتحاد الدستوري وبالتعاقد مع العدالة والتنمية. فالحصول على نفس النتائج (8-8) يعيد طرح المشكل وإن كان بصيغة جديدة وفي ظرفية مخالفة تماما، مع أنه من المستحيلات الوصول إلى الأغلبية الحزبية المريحة في إطار نظام اللوائح، فالحصول على ثمانية لكلا الحزبين يمكن اعتباره إنجازا مخيبا للأمل ويضع الحزبين وجها لوجه.

كيف يمكن تفسير هذه النتيجة المعقدة والناجمة عن منافسة قوية على الساحة السياسية المحلية ما بين18 حزبا(مختلفة الثقل السياسي و التنطيمي) المعتمدة على أساليب ومخططات متباينة بالتأكيد في عملها وممارستها، فمنها تلك المعتمدة على الحسابات السياسية البرغمائية التي لا تخلو من مناورات (الاتحاد الاشتراكي) وأخرى تعتمد على الحسابات المالية والعلاقات الاجتماعية، غير منظمة…( الاتحاد الدستوري مثلا)
والجدير بالذكر أن الحملة الانتخابية قد قسمت التنظيمات السياسية الى مجموعتين متفاوتتين في النشاط والحضور بالمدينة.
المجموعة الأولى تتكون من: الاتحاد الاشتراكي + الاستقلال + التحالف+التقدم والاشتراكية؛ الهيآت السياسية ذات تواجد في الساحة السياسية والنقابية والجمعوية، وبمقراتها، وكلها دخلت إلى المنافسة والحراك الانتخابي على خلفية محاربة الفساد والمفسدين وتعزيز مكانتها في ممارسة الشأن المحلي بناء على سياسة القرب مما يؤهلها منطقيا لكسب رهان الانتخابات الجماعية محليا.

المجموعة الثانية (ومنهاا المستحدثة: الوحدة والديمقراطية، التجديد والإنصاف، الأصالة والمعاصرة..) دخلت غمار الانتخابات الجماعية وهي تراهن على المال وعلى كسب  الأصوات بالأحياء المهمشة التي دكتها مشاكل هذه السنة: الفيضانات وعواقب الأزمة الاقتصادية العالمية (لم ينشر لها أي منشور حزبي … غريب…)مجندة لذلك كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإفساد خطة الاتحاد الاشتراكي أساسا.
مكنت الطريقتان من إفراز نتيجتين متفاوتيتن، لكن مع ملاحظة أن الاتحاد الاشتراكي قد ربح  بعض الأجزاء من المائة على حساب الاتحاد الدستوري، وهذا ما يظهر من مقارنة في النتائج بإرجاعها إلى حصيلة 2003.
جدول3 :مقارنة بين نتائج 2003 و2009 

تجربة 2003
الحصيلة الحالية
الاتجاه
USFP
7
22.5
8
22.8
ربح طفيف
UC
8
25.8
8
22.8
تراجع طفيف
IS
4
12.9
5
14.28
ربح طفيف
PJD
4
12.9
3
8.57
تراجع كبير
RESTE
8
25.8
11
31.4



المجموع


31

100
36
100


الاتحاد الاشتراكي تمكن وبصعوبة من الحصول على ثمانية مقاعد لكنه لم يصل إلى 12 وحتى 10 الذي روج له مع بداية الحملة الانتخابية الجماعية، ومع ذلك فإنه انتصار مهم  للصف الديمقراطي.
* وأما الاتحاد الدستوري فهو يعد من الرابحين بتجاوز كما يقال فهو.
* لم يحقق الحد الأقصى الذي دعا إليه لضمان الأغلبية (+12 مقعد)
*لم يستفد من شرائح اجتماعية بالأحياء الفقيرة المحسوبة عليه أصلا قبل الدخول المفاجئ لحزب الوحدة والديمقراطية، الشئ الذي بعثر الأوراق وطعن في الخلف حزب الفرس كما أربك حساب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال معا.

* وعلاوة على ذلك فإن هذا الحزب لم يستفد من عدة أصوات والتي كانت ملغاة على حد تصريح أحد رؤساء مكاتب الانتخاب ليكتفي بالمرتبة الثانية بعد الاتحاد الاشتراكي.
* حزب الوحدة والديمقراطية كان من الرابحين الصغار في المعركة الانتخابية بحصوله على 4 مقاعد في المشاركة الأولى، وهذا شبيه بما تحصل عليه الاحزاب المسماة بالإدارية بدل المخزنية سابقا، رغم عدم التوفر على رصيد نضالي ومقر ومنخرطين. فكيف حصل على 4 مقاعد يتساءل المتتبعون؟ الإجابة واضحة : الاعتماد على المآل  لاختزال المحطات (التنظيمية –النضالية –البرمجة كل عوامل "فريع الرأسمال" كما يقول أحد المناضلين !!! ) ألم يقل أن كل الطرق بما فيها طريق المال تؤدي إلى صناديق الاقتراع !
* لا يفوتنا هنا أن نسجل أن الرابح أيضا هو "الحزب الليبرالي" الذي دخل إلى غمار المعركة بفضل استقالات من الاستقلال ليحصل على 3 مقاعد، مسجلا تحديا في المشهد السياسي والحزبي بمدينة سيدي سليمان كمخرج للصراعات الداخلية في الاحزاب الوطنية الديمقراطية.
 أفرزت النتائج أيضا متضررين:  حزبي الاستقلال – العدالة والتنمية .
- حزب الاستقلال الذي هيأ حملته بشكل كبير على أمل التناوب على رئاسة المجلس، أخفق الهدف وحصل فقط على 5 مقاعد، ويمكن تفسير ذلك بالصراعات الداخلية وتشبث الدواجي خطأ بوكالة اللائحة مما تسبب في انسحاب عدة مناضلين للدخول في لوائح أخرى، وسحب عدة مصوتين لصالحهم.
- أما العدالة والتنمية فقد جنت ثمار أخطائها: مرض الدعاية الدينية في الوسط الجماهيري، والتراجع التنظيمي بعد 16 ماي واللعب على الحبلين، حصل حزب العدالة والتنمية على 3 مقاعد في خضم الدخول في تحالفات هشة لمواجهة رئاسة المجلس سابقا، في أعقاب الوظائف المشبوهة وفك الارتباط مع الاتحاد الاشتراكي والدعاية الملغومة في الحملات الانتخابية في إطار الانتخابات التشريعية ل2007.
- الخاسرون: أول خاسر هو الحركة الشعبية بسقوط وكيل لائحتها الذي كان يفوز دائما بمقعد على الأقل في المجالس الجماعية السابقة، أما أحزاب اليسار (التحالف، التقدم والاشتراكية) فهي مطالبة بالتجديد واسترجاع المبادرة واستثمار  رصيدها النضالي وإمكانياتها الذاتية والسياسية في تمتين علاقتها مع المواطنين، وذلك بالخروج من التقوقع التنظيمي، ولمواجهة هيمنة مافيوزيي المال الحرام في الانتخابات والدخول إلى المعركة  بخلق آليات تنسيقية قمينة بفك العزلة عليها. فأكبر أخطائها هو الدخول بالتردد وبالمشاكل التنطيمية العميقة، خسارة تتطلب التفكير والعمل المستعجلين لتدارك ما فات من محطات تاريخية صعبة ، عوض السقوط في جلد الذات والبكاء على الأطلال.
  أما باقي الأحزاب الخاسرة ( جدول 1) فتبقى مشاركتها شكلية من أجل أهداف لا يعرفها إلا وكلاء لوائحها، ولهم فرصة أخرى لتحقيق أغراضهم بتلك الاطارات أو بأخرى. ليحسبوا كيف ما أرادوا، الاطارات معروضة للركوب فليحسنوا الاختيار .  
في نهاية المطاف يمكن القول إن الانتخابات الجماعية لم تأت بجديد، بل كرست الواقع الجماعي بمختلف تلاوينه واختلافاته الظاهرة والباطنة، وكأن المدينة لم تتمكن من إفراز إلا ما أفرزته صناديق الاقتراع.
 يمكن إرجاع الربح الطفيف لدى الاتحاد الاشتراكي الى إدخال العنصر النسوي (اللائحة المضافة) وإلى الحملة القوية وإلى تحريك المرشحين للعلاقات الاجتماعية (فالمسألة ليست سياسة تنظيمية، كما يمكن أن يعتقد) لأن الحزب محليا يعاني من صعوبات ويتعرض لهجومات قوية من العدالة والتنمية منذ 2007، ومن أطراف أخرى كانت متحالفة معه (جبهة القوى..) بصدد التوظيفات (الصحافة )، السلوكات المشبوهة،  وسوء التدبير والتسيير للمجلس السابق (المالية/توزيع الرخص/الإنفراد بالقرار) كلها سلبيات حدت من وزن الوردة محليا وهددت ربح الرهان (تهديد من الاستقلال المعتمد على سياسة "مولا نوبا" للتناوب على رئاسة المجلس، وتهديد من الاتحاد الدستوري والوافدين الجدد الذين يستغلون أخطاء الرئيس لاستقطاب أصوات الناخبين  والمشجعين على العزوف.) فمن هذه الزاوية يمكن اعتبار أن الاتحاد الاشتراكي خرج من الرجة السياسية بأقل ضرر و إن أثار ذلك انتقادات لاذعة في صفوف الاتحاديين أنفسهم.
 
 
 (يتبع)