تشكيل مكتب مجلس بلدية سيدي سليمان.
وجوه قديمة في ثوب جديد
أسدل الستار على أهم مراحل الانتخابات الجماعية بسيدي سليمان بعد تشكيل مكتب المجلس البلدي يوم الثلاثاء 23 يونيو 09، وبذلك انتهى المسلسل "المشوق" وانفض المترقبون لحال سبيلهم في انتظار أخبار جديدة.
وقد قاد تحالف أربعة أحزاب إلى الرئاسة هشام حمداني الذي تقدم للانتخابات باسم حزب الوحدة والديمقراطية، وخليفته الأول عبد الله حاجي المرتب ثانيا في لائحة حزب الاتحاد الدستوري، والخليفة الثالث إدريس الدواجي عن حزب الاستقلال، أما الرابع فإدريس زعبارة عن حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية…
صورة من الحملة التي شارك فيها حزب " الصنبور" وقد استعمل في خرجاته" الموسيقى والإيقاعات" بشكل واسع، كما شارك في حملته الأطفال.
في الإطار نماذج من آلات إيقاعية كان لها دور الساحر على المنتخبين مثل ما يقع مع مروض الأفاعي!
ولعل الخاسر الأكبر في كل هذه "الخلطة" الجديدة هو قدور المشروحي والاتحاد الاشتراكي، فرغم احتلال الحزب للمرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات المحصل عليها والتي بلغت 2230 بنسبة 17.81% وثمانية مقاعد، لكن الرئيس المنتهية ولايته لم يستطع كما وقع سابقا من نسج خيوط للتحالف مع أحزاب فائزة بجزء من المقاعد الخمسة والثلاثين المتبارى حولها. ولعل طريقة تسييره في آخر ولاية له لشؤون المجلس البلدي وما قيل عن احتكاره لكل الصلاحيات، ما جر عليه كثير من الانتقادات، وكان قد انفض من حوله بعض المتحالفين وتبرؤوا من كل مشاركة في التسيير، خاصة مستشار كان قد ترشح باسم حزب الاستقلال (هذه المرة تزعم لائحة الأسد!) وآخر عن العدالة التنمية…المثير للانتباه هو التساؤل عن موقف بعض أعضاء لائحته الفائزين، خاصة من يساهمون بتمويل مهم وقد استقطبهم الحزب في السنوات الأخيرة، واستطاب بعضهم موقع المسؤولية ولو كلفهم ذلك الانتقال بين الأحزاب، والترشح في كل مناسبة باسم حزب معين، فحسن القاسمي المرتب ثانيا في قائمة الوردة مثلا هو عضو بمجلس المستشارين عن حزب الاتحاد الدستوري! وهو من "الرحل" الذين أسيل حولهم مداد كثير.
ولعل الخاسر الثاني هو حزب العدالة والتنمية الذي احتفظ بثلاث مقاعد، أي نفس الرقم الذي كان ممثلا به في المجلس السابق، رغم ما يثيره هذا الحزب من "غبار" وضجيج حول قدرته التنظيمية "الخارقة"، ولعله أدى ثمن تخالفه مع الرئيس السابق غاليا، في ظل عدم وضوح الحزب محليا، وخلطه بين الدعوي والسياسي، مستغلا في ذلك حتى المساجد، وقد سبق أن نشرنا في هذه المدونة تعليق إعلان حزبي له في بوابة أحدها!
يمكن أن نضع في نفس الخانة حزب الاستقلال الذي "استأنس" منذ بداية الزمن الانتخابي بلعبة تبادل الرئاسة مع الاتحاد الاشتراكي، واحتكارها في شخصين هما قدور المشروحي وإدريس الدواجي لأربع مرات متتالية (مرتين لكل طرف)، مما جعلهما على اطلاع بخبايا الكواليس الداخلية لمجلس البلدي، وأصبحا على دراية بكيفية "غرس الجذور" عبر توزيع المنافع المختلفة، سواء عبر تنصيب الأقارب والمقربين، توزيع الأكشاك والبقع التي تكون مخصصة للمنافع العامة… الخ. واتضح أن البيت الاستقلالي الداخلي غير مرتب بعناية ولا تسوده التوافقات، مما وسع من نطاق الغاضبين، وقد فضل بعضهم ركوب لوائح حزبية أخرى!
وأعتقد بأن أهم الخاسرين هو خالد سيبة "قائد" لائحة الاتحاد الدستوري، للمرة الثانية في تاريخه مشاركته الانتخابية يحقق نتائج إيجابية، ثماني مقاعد كافية لتأكيد "شعبية" الرجل" المستفيد من علائق عشائرية قوية، وكارزمية "الفاكونصي" الناجح، و"الجمعوي" السخي، خاصة أثناء الحملات الانتخابية، "والشغوف" بالرياضة والرياضيين، خاصة المهملين من قبل كل الجهات المسؤولة، والمحتاجين لقميص ملون رخيص وكرة من جلد رديء، وكؤوس تفقد لمعانها بمجرد تسلمها بعد ماراتون طويل من المقابلات الرياضية خاصة في كرة القدم… ورغم كل ذلك، يخرج خالد سيبة خاوي الوفاض من أي مسؤولية مهمة تلبي طموحة وتتوافق مع "مجهوده" الضخم! وقد أصبح الرئيس هو من احتلت لائحته الرتبة الرابعة!
يبدو من خلال التشكيلة الأساسية لمكتب المجلس البلدي أن أغلب الوجوه تعود من جديد للمجلس البلدي، فعبد الله حاجي كان عضوا سابقا باسم حزب الاستقلال، ونفس الشيء بالنسبة لإدريس الدواجي البرلماني السابق والرئيس السابق لنفس المجلس البلدي على دورتين، ونفس الملاحظة تنطبق على المحامي إدريس زعبارة فهو مستشار سابق، باستثناء الرئيس القادم من مجال "الأعمال" والقطاع الخاص هشام حمداني.
في القريب من الأيام ستفصح أولى الخطوات عن التوجه العام الذي سيسير فيه المجلس البلدي، علما أنه مطالب حسب مدونة الانتخابات بتقديم مخطط للتسيير إلى الجهات الوصية، في ظل معارضة متربصة، يمكن أن تكون قوية في حال انفتاحها على الشارع، لكن نقطة ضعفها هو عدم انسجامها وتنسيقها فيما بينها، بسبب مخلفات ما ترسب عن "حقب الخلافات"، بين كل من قدور المشروحي ومصطفى حموبل الذي فاز باسم لائحة الحزب الليبرالي، وبين حزب العدالة والتنمية الذي استفاد من التجربة السابقة، ويريد أن يراقب الوضع من موقع "التميز" وعدم التحالف مع أحد، قصد تثبيت أعمدة خيمته الهشة بالمدينة…
إلى أي حد سيستمر "التحالف"؟ وهل سيقود تضارب المصالح إلى فكه وانفراط حبات عقده؟
التساؤل المشروع الآن هو هل سيمارس المتحكمون الجدد في المجلس البلدي سياسة التشارك مع محتلف الفاعلين؟ وهل ستكون لهم الشجاعة المطلوبة للعمل الشفاف الواضح والتواصل مع الرأي العام المحلي؟ أم ستتكرر نفس التجارب السابقة المتسمة بالانغلاق وتوزيع المنافع على المقربين؟
وحتى لا ننسى فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات 27.42%، أقل من النسبة المسجلة بأكبر مدينة في المغرب وهي الدار البيضاء(29 %)، دون أن نغفل العدد الكبير من غيرالمسجلين أصلا في اللوائح الانتخابية لأسباب مختلفة، لنعرف أي درك سحيق وصلت إليه "الانتخابات" في المغرب، وبالتالي ضعف انتظارات المواطنين مما قد تسفر عنه من مجالس لا صلاحيات لها، وغير قادرة على تحسين مستوى عيش المواطنين والرفع من جودة الحياة لديهم، وقد أصبحت عرضة لتسابق ما يشبه مافيات محلية لقضاء أغراضها الشخصية.
لنا عودة لسرد بعض انتظارات المدينة من المجلس الجديد.