الجمعة، 22 يوليو 2011

الصناعة المخزنية لأحزاب الإدارة


 الصناعة المخزنية لأحزاب الإدارة 
مصطفى لمودن 
لم يسمح في المغرب إطلاقا بظهور حزب يحصل على أغلبية بعد انتخابات نزيهة، لأن ذلك معناه حصول هذا الأخير على "شرعية " شعبية، قد تخول له الانتقال إلى رفع مطالب أخرى قد تحرج المخزن.. لهذا فرخوا أحزابا كثيرة متشابهة وقصدها واحد هو تمييع العمل السياسي وإنزال خطط المخزن لمحاصرة المجتمع والتحكم في الإدارة والإبقاء على مصالحه الضيقة في الاقتصاد والسياسة…، وعند استحضار هذه الأحزاب يمكن أن ننطلق من "التجمع الوطني للأحرار (1977"، "الحزب الوطني الديمقراطي (من الحزب السابق)"، "الاتحاد الدستوري 1983"، "الحركة الشعبية" منذ انطلاق "المسلسل الانتخابي في 1977 (لأن هذا الحزب بدوره يعود لنهاية الخمسينيات وقد خرج لمواجهة حزب الاستقلال عندما كان قويا ومتحدا)، "حزب الكومسير عرشان" (الحركة الديمقراطية الاجتماعية) المتهم بخرقه لحقوق الإنسان، وما خرج بعد ذلك من أحزاب مختلفة ك"حزب العهد" (رئيسه نجيب الوزاني)، و"الحزب الليبرالي" لصاحبه المختص في الشتائم محمد زيان وغير ذلك من الأحزاب الصغيرة الأخرى التي تلعب دور الاحتياطي الذي قد تدفع إليه الحاجة ك"حزب العمل"… وأخيرا نزل وافد جديد من نفس الطينة اسمه "حزب الأصالة والمعاصرة" لصاحبه صديق الملك فؤاد علي الهمة، (رئيس الحزب الشكلي هو  محمد الشيخ بيد الله)  وقد ركبه كذلك بعض  الأسماء التي كانت تنتمي سابقا لليسار كصلاح الوديع وغيره، ويبدو أن حسابات هذه الفئة قد خسئت حسب اعتراف الوديع بنفسه عندما كتب  عن أخطاء الحزب الذي ينتمي إليه فيما يشبه النقد الذاتي الذي لن يستمع إليه صقور الحزب من اليمين، هذا الحزب نسخة شبيهة بأحزاب سابقة ابتداء من "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" الذي أسسه أحمد رضا اكديرة صديق الملك في بداية الستينيات لمواجهة أحزاب "الحركة الوطنية" رغم تقسمها في ذلك الوقت، وقد حصل حينه بفضل الإدارة على أغلبية المقاعد، ومنذ ذلك الوقت تتناسل المهازل، والخاسر هو الشعب المغربي، حيث تؤجل إلى ما لانهاية التطبيقات الديمقراطية في الحكم، من انتخابات نزيهة، وفصل السلط، وحكومة بكامل الصلاحيات .. يمكن بشكل أو بآخر أن نضيف إلى الأحزاب السابقة "حزب الاستقلال" حسب نوعية أعضائه الفاعلين المتكونين من بورجوازية ذات نفوذ عائلي، لها امتداد في الإدارة والفلاحة،  وهي هجينة لا يمكن حتى وصفها بالليبرالية، "حزب العدالة والتنمية" ذا التوجه الإسلامي، فهو يميني بطبعه، رغم نزوع بعض قياديه إلى حداثة شكلية، كحامي الدين والعثماني، وقد بدأ هذا الحزب يتماهى مع خيارات المخزن خاصة بعد مؤتمره الأخير وصعود بنكيران إلى سدته، ولعله في ذلك يريد توجيه "رسائل إطمئنان" إلى من يهمه الأمر، قصد الحصول على مناصب في الحكومة، وغض الطرف عنه في الانتخابات حتى لا يتم مضايقته، هذه الأحزاب، تمثل رأي المخزن، وتنفذ ما يوحى لها به، وقد ظهر ذلك جليا في المذكرات والآراء التي رفعت إلى لجنة المنوني، بحيث ولا حزبا أثار مطلب "الملكية البرلمانية"، أو طالب بأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة في تدبير كل قضايا الوطن…
وتجدر الإشارة أنه ليس دائما يكون المخزن وراء إخراج وخلق الأحزاب المسمات إدارية أو القريبة من توجهات الإدارة، ولكن هناك "أحزاب" تصر على أن "تخدم" توجهات الإدارة، لأنه حسب اعتاقدها فالإدارة هي من يـُنجح أو يسقط في الانتخابات، وليست إرادة الشعب/الناخبين…
مثل هذا النقاش لا يسمح بالخوض فيه على صعيد الإعلام الرسمي مثلا..حتى لا تعم ثقافة سياسية بين المواطنين، وحتى  لايصبح أغلبية الشعب قادرا على التمييز، غير أن التعتيم الرسمي لم يعد ناجحا الآن بفضل تنوع حوامل الاتصال والتواصل من انترنيت وقنوات فضائية..
 ______________________