هل يحق للتلفزة عرض صور "المجرمين" وإعادة تمثيل مشاهد الإجرام؟
مصطفى لمودن
تعرض القناة الثانية مشاهد لإعادة تمثيل جرائم بشعة، كتقطيع الجثث بعد قتل أصحابها، من مثل ما تبثه في برنامج "أخطر المجرمين" الذي قدمت حلقة منه مساء الجمعة 7 أكتوبر 2011، حيث نفذ قاتلان جريمتهما ضد فتاة، وقطعاها ليضعا أجزاءها في أكياس، إن عرض تفاصيل الجرم لن يكون له فقط انبعاث أحاسيس التقزز واستنكار هذه الجرائم من قبل جمهور معين من المشاهدين، وهم يلاحظون السواطير والمقدات، وفوران الدم، ولكن قد يدفع آخرين إلى تقليد تلك المشاهد ببرودة أعصاب. وللأسف يعرض البرنامج في وقت الذروة، حيث يكون الأطفال مازالوا مستيقظين يتابعون التلفزة، فهل تهدف القناة الثانية إلى رفع نسبة المشاهدة فقط من وراء ذلك؟
وإذا كان البرنامج يقف عند "براعة" المحققين، الذين يتوصلون إلى المجرمين رغم كل محاولات التخفي، عوض الوقوف على "الأمن الوقائي" بكل أشكاله، لتفادي الجرائم ما أمكن.. إذ يتطلب الأمر تدخل عدة أطراف، كل من مواقعه من أجل تحصين المجتمع.. إن عرض الصور الحقيقية للمجرمين لا يمكن قبوله في وسيلة إعلام جماهيرية، كيفما كان جرم هؤلاء، ولو كان النشر بإذنهم، لأن للمجرم بدوره حقوقا رغم بشاعة جرائمه، منها الدفاع أثناء المحاكمة، وعدم التشهير به وبعائلته، والغريب أنه يتم استعمال أرشيف الشرطة المصور أثناء إعادة تمثيل الجريمة! إن للجرائم دوافع مختلفة، من واجب القناة الاستماع لمختصين حول ذلك، وتنبيه الجمهور لمسببات الجرائم حتى لا يقع المواطنون ضحية لها، هم أو أقاربهم خاصة القاصرين، ويكفي "المجرم" ما يناله من عقاب قانوني من طرف العدالة، وليس جرجرته أمام الملايين كما كان يقع في العصور الغابرة، حينما يعرض المجرمون والمعارضون السياسيون في مواقف مذلة أمام الحشود…