قضية الصحراء: تقوية الجبهة الداخلية ضمن دولة المؤسسات
مصطفى لمودن
استفاق المغرب على التقرير الأخير لكريستوفر روس المبعوث الأممي الخاص في قضية
الصحراء على منعطف جديد، فقد جاء في التقرير رغبة أمريكا في أن تنضاف بشكل رسمي مسؤولية
التدخل في "قضايا حقوق الإنسان" لبعثة "المونيرسو".. وهكذا بدأت
تطرح من جديد مسألة تماسك الجبهة الداخلية ودور المجتمع المدني والنخب عموما والدبلوماسية
الموازية.. وفي نفس الوقت هناك من يتحدث عن تقاعس الدبلوماسية المغربية..الخ. لأن الأمر
قد يعني انطلاقة سلسلة من "المقترحات" التي قد تقوض كل المبادرات السابقة
التي قدمها المغرب وكان أساسها "الحكم الذاتي"، وليدخل الملف برمته في منعطف
آخر..
وبدأت كذلك تطفو بعض البرامج الإعلامية المناسباتية حول نفس القضية كما وقع ليلة
الثلاثاء 16 أبريل 2013 في برنامج "قضايا وحوار" من القناة الأولى، لكن للأسف
بنفس الوجوه وبنفس الصيغ غير المثيرة والمقنعة إعلاميا حيث كان كل الضيوف يسيرون في
نفس الخط.. وهو ما لا يتلاءم إطلاقا مع البرامج التلفزية الحوارية التي تجد إقبالا..
والمشكلة في اختيارات القائمين على الإعلام العمومي وفي مداخلات المشاركين المختارين
بعناية حيث يستنسخ بعضهم بعضا..
لكن أخطر ما جاء في هذا البرنامج هو ما فاه به "زعيم سياسي" وهو مأخوذ
بنشوة الخطابة والحماس الفياض ومن بعض التصفيقات من بلاتو البرنامج، إنه عبد الكريم
بنعتيق أمين عام "الحزب العمالي" (المغربي طبعا) وهو يتحدث عما سمعه وهو
ضمن المدعوين بصفته "رئيس" حزب، حيث ذكر أن المستشار عمر عزيمان طلب من وزير
الداخلية تقريرا عن خروقات حقوق الإنسان (في المغرب طبعا)، فجاء جواب وزير الداخلية
حسب بنعتيق يقول إن خروقات حقوق الإنسان في شمال المغرب أكثر من جنوبه ( !).. (انتهى)
أعلق:
ـ إن هذا من الغرائب التي لا يمكن أن تقع مع ما يسمى "الدستور الجديد"،
وهذا "الزعيم" لم ينتبه لفداحة ما أورده كشهادة حول خروقات "حقوق الإنسان"،
لكن دون أن يفصح عمن في مصلحته هذه الشهادة.. خاصة أنه ركز على الشمال دون أن يحدده
بالضبط. فهل هو كل ما يوجد شمال أكادير؟ أم الهلال الممتد من الناظور إلى العرائش مرورا
بتاونات؟ أم الدائرة الضيقة التي تشمل تطوان والحسيمية حيث عرف التاريخ الحديث للمغرب
أحداثا مثيرة في 1958 ومع إضرابات 1991و 1993 بتطوان، وما تلا مسيرات واحتجاجات
"حركة 20 فبراير" ببني بوعياش وغيرها..
ـ بأي منطق قانوني ودستوري يأمر أو يطلب مستشار من وزير في حكومة يرأسها
"رئيس الحكومة" الذي صلاحياتها معروفة في "الدستور" الجديد أن
يمده (المستشار) بتقرير.. فهل هكذا تكون الدول التي تحترم الدستور؟ .ولماذا هذا الإصرار
المتعمد إلى العودة لما قبل الدستور ألخير
وكأـن للدولة منطق خاص غير دستوري
ـ كيف يحق لوزير في الداخلية أن يصرح بوجود خروقات؟ في هذه الحالة إما عليه أن
يستقيل، أو يحاكم إذا كن هو المسؤول عما حصل ويحصل، أو يفتح تحقيق حول هذه الخروقات
التي اعترف بها المسؤول الأول عن الشؤون الداخلية للبلد، وتتخذ عن ذلك الإجراءات المناسبة
إذا كنا فعلا في دولة الحق والقانون وأن الإنسان فوق كل اعتبار؟
ـ كيف مر كل أولئك "الزعماء" السياسيين على الواقعة المشار إليها ولم
يستنكر أحد الأمر أو يسأل عنه؟ وكذلك أثناء البرنامج التلفزي، الجميع يسير على نغمة
واحدة دون أن يلتفت أحد لمثل هذه المشاكل التي تخلقها الإدارة بقرارات هوجاء تجعل المواطن
(ة) غير مرتاح وغير مطمئن في وطنه.. وكلنا نعرف كيف تشكلت النواة الأولى للبوليزاريو
في البداية من شباب مغربي لم يجد أذانا صاغية لمشاكله ومقترحاته..
إن تقوية الجبهة الداخلية يكون عبر الانتقال الفعلي إلى دولة المؤسسات وفصل السلط..
حتى لا تكون هناك فجوة منها تضرب حقوق الإنسان في الصميم نكون نحن من يصنعها بأيدينا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق