الثلاثاء، 5 أغسطس 2008

انطفاء شعلة الألعاب الأولمبية بيجين 2008 هزالة نتائج مشاركة المغرب، ونجاح باهر في التنظيم


انطفاء شعلة الألعاب الأولمبية بيجين 2008
هزالة نتائج مشاركة المغرب، ونجاح باهر في التنظيم
مصطفى لمودن
   انتهت يوم الأحد 24 غشت الدورة التاسعة والعشرون للألعاب الأولمبية في العاصمة الصينية بيجين، وإذا كان التنظيم قد أبهر أغلب المشاركين، وأعدت الصين كل ما يلزم لهذه الألعاب التي تشارك فيها جل دول المعمور، ويتابعها الملايير عبر النقل التلفزي، وقد اهتبلتها الدولة المنظمة فرصة لإبراز عضلاتها وقوتها وتنظيمها المحكم، خاصة أن بلاد المليار مواطن تسير بخطى قوية نحو التعملقعلى مختلف المستويات، وكانت مناسبة حفلتي الافتتاح والاختتام لحظات قوية اندمجت فيها آخر المخترعات العلمية والتكنولوجية مع دقة الإنسان الصيني وقوة تحمله التي عرف بها عبر العصور الطويلة من تاريخ الصين الممتد إلى آلاف السينين، ومما ميز الألعاب استعمال الصواريخ والطائرات لتفادي سقوط المطر على العاصمة الصينية لعدة مرات . 
    وتعتبر الملتقيات الرياضية الدولية من أحسن الوسائل للزيادة في النمو الاقتصادي، لهذا تتهافت عدد من الدول على تنظيم الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم، وملتقيات ألعاب القوى… رغم ما يتطلبه ذلك من استثمارات ضخمة، خاصة على مستوى إعداد البنيات التحتية المختلفة، ونفقات توفير الأمن واللوجستيك.
121969 
من حفل الافتتاح في «عش الطائر»

إضافة إلى ما توفره  هذه المواعيد الرياضية من إشعاع حضاري وسياسي للبلد المنظم، تسعى الدول المشاركة لرفع أعلامها الوطنية، بعد صعود أبطالها إلى منصة التتويج، مما يعتبر أبلغ رسالة تعريفية بهذه الدول لدى مختلف متتبعي الألعاب، وهو ما يعجز عن تحقيقه جيش من السفراء والدبلوماسيين والمنابر الإعلامية والدعائية.
     حسب ما كان منتظرا جاءت حصيلة المغرب هزيلة من حيث التتويج بالميداليات، فقد اكتفى بالحصول على فضية جواد غريب في سباق الماراطون، حيث سار على نهج سلفه عبد السلام الراضي الذي أهدى أول ميدالة للمغرب  في أولمبياد روما 1960، ونحاسية حسناء بن حسي في 800 متر، وبذلك جمع المغرب مشاركاته 21ميدالية عبر مشاركاته في مختلف الدورات، كان لنوال المتوكل أول الفضل في الحصول على أول ذهبية في سباق 400 متر حواجز أثناء أولمبياد لوس انجلوس سنة 1984، وفي نفس الألعاب حقق سعيد اعويطة ميدالية مماثلة في سباق 5000 متر… احتل المغرب الرتبة 65 في الألعاب الأخيرة، متراجعا بثلاث نقط عن دورة أثينا السابقة، وهو بذلك في نفس الرتبة مع الجزائر وكولومبيا وثلاث دول أخرى مغمورة، ومعروف عن المغرب أنه ينتظر تحقيق نتائج إيجابية فيالألعاب الفردية، كالجري في المسافات المتوسطة والطويلة، وأحيانا في الملاكمة، باعتبار هذه الرياضات لا تتطلب تجهيزات كثيرة غالية الثمن، وغالبا ما يعتمد الرياضيون فيها على إمكانياتهم الذاتية، ولا حظ  للمغرب في الألعاب التقنية، كالرمي والقفز… ومختلف الألعاب الجماعية ككرة اليد والسلة…، أما السباحة فلا حديث عنها، ونفس الشيء يقال عن الجمباز منذ خفوت مركب اليوسفية الذي كان يرعاه المكتب الشريف للفوسفاط.

121969 
البطلة المغربية حسناء بن حسي
121969 
 البطل المغربي جواد غريب 
أكدت الألعاب الأولمبية  قوة «الكبار»، فالصين – البلد المنظم – كسر لأول مرة احتكار الولايات المتحدة الأمريكية للرتب الأولى، فقد حصلت (الصين) على 51 ميدالية ذهبية، بفارق خمسة عشر عن أمريكا (36)، حصل السباح الأمريكي ميكاييل فلبس لوحده علىثماني ذهبيات في السباحة، واحتلت روسيا المرتبة الثالثة ب 23 ذهبية، وبريطانيا رابعة بتسعة عشر ذهبية
    لوحظ كذلك بروز بعض الدول الصغيرة، مثل جامايكا التي احتلت الرتبة 13 بست ذهبيات كلها في ألعاب القوى، وقد كسرت هيمنة أمريكا على المسافات القصيرة رغم قلة عدد سكانها الذي لا يتعدى ثلاث ملايين نسمة، بفضل عدد من شبابها يقودهم العداء بولتأوساين الذي حطم رقمين قياسيين عالميين في المائة والمائتي متر. وكوبا كذلك فقد حصلت على 23 ميدالية مختلفة، واحتلت الرتبة 11 من حيث عدد الميداليات، لكنها تراجعت في عدد الذهبيات بالمقارنة مع الدورة السابقة، واكتفت بميداليتين ذهبيتين والرتبة 28 ضمن الحاصلين على المعدن الأصفر النفيس
   أول الدول الإفريقية من حيث التتويج كينيا في المرتبة 15 بخمس ذهبيات من 14 ميدالية، تليها إثيوبيا بأربع ذهبيات، واكتفت تونس وزيمبابوي والكامرون بذهبية لكل واحدة، بينما حصلت نيجيريا على أربع ميداليات منها فضية واحدة، ودخلت لأول مرة في تاريخها دولة السودان ضمن لائحة المتوجين بحصولها على فضية واحدة في سباق 800 بفضل العداء إسماعيل إسماعيل أحمد، أما الخاسر الأكبر في هذه الألعاب فهي جنوب إفريقيا بالمقارنة مع عدد سكانها ومستوى تقدمها الاقتصادي والإشعاع الرياضي الذي يجب أن تتوفر عليه قبل انطلاق فعاليات كأس العالم  لسنة 2010، الذي حصلت على شرف تنظيمه، وهي قد اكتفت بميدالية فضية يتيمة.
    كان للمغربي رشيد رمزي الفضل في حصول البحرين على الميدالية الذهبية الوحيدة بخلاف كل دول الخليج والمشرق العربي التي لم تحصل على أي ميدالية، باستثناء مصر التي أهداها هشام مصباح برونزية يتيمة في رياضة الجودو، وبذلك احتلت الرتبة الثمانين رغم توفرها على 80 مليون نسمة، لم تستطع أن تفرز منهم رياضيين في مستوى التنافس الأولمبي.  
 تجدر الإشارة أن عدد الوفود المشاركة في أولمبياد الصين بلغ 204، حصلت منها 87 دولة على ميداليات، وحطم 134 رقما أولمبيا و 43 رقما قياسيا عالميا، ووزعت 302 ميدالية ذهبية.
    ليس من اللائق عزل مجموعة من الشباب حسب كفاءة كل فرد منهم، وإدخالهم ضمن معسكر مغلق «لشحذهم» لليوم الموعود كما تفعل بعض الدول حتى « ترفع علمها خفاقا»، وتشمت بالأصدقاء قبل الأعداء، وتوحي للآخرين أنها متقدمة وتعتني بمواطنيها إلى درجة توفر أبطال رياضيين خارقين بينهم، يهزمون أمثالهم من باقي دول العالم!، ولو باستعمال منشطات محظورة لم تستطع بعد المختبرات الرسمية للألعاب اكتشافها. 
فما المطلوب إذن حتى تكون لغالبية الدول رياضة متقدمة؟ وهل من الضروري أن تحصد الألقاب والميداليات حتى تتأكد نجاعة السياسة الرياضة المنتهجة من قبل الحكومات؟
 قبل الحديث عن الآخرين، يجدر بنا مساءلة الوضعية المغربية في المجال الرياضي، فهل ستقدم اللجنة الأولمبية كامل التوضيحات حول خيبة الأمل هاته؟ علما أن عددا من وسائل الإعلام تناقلت سوء التعامل مع الرياضيين في بجين، وعدم توفير كل ما يحتاجونه من معدات ورعاية طبية، بل حمل البعض خيبة أمله معه من المغرب،عندما تم التمييز بين الرياضيين في تسليم منح التأهيل للأولمبياد، حيث حصلت فئة قليلة محظوظة على 20 مليون سنتيم، والباقي أقل من ذلك، وقد صرح رئيس الجامعة الملكية لألعاب القوى عبد السلام أحيزون قبل السفر إلى الصين قائلا إن المغرب لا يعول كثيرا على هذه الألعاب لتحقيق نتائج إيجابية، وهو ما يزيد من إحباط الرياضيين المشاركين، أما وزيرة الشباب والرياضة نوال المتوكل فقد دعت إلى الاستعداد إلى أولمبياد 2016 على حد قولها، ربما حتىتستمر في تحمل المسؤولية الوزارية إلى ذلك التاريخ لتحقيق هذا الهدف الرياضي! وقد كانت المستفيد الأكبر من ذهابها لبجين، حيث انتخبت عضوا في المكتب التنفيذي للجنة الدولية الأولمبية، وهي فعلا ستحق ذلك بتاريخها الرياضي وتخصصها العلمي، أما الجنرال حسني بن سليمان رئيس اللجنة الأولمبية المغربية فقد عوّدنا أنه فوق المحاسبة أو تقديم التوضيحات، واستقالته من رئاسة اللجنة أو حلها كلها فذلك آخر ما يمكن أن ينتظره المغاربة إلا إذا وقعت معجزة خارقة.
    لا يمكن صناعة الرياضيين الأقوياء الذين يتنافسون على المستوى الدولي من طين، ونفخهم بقوة خارقة وعزيمة لا تلين، بل يتطلب ذلك استعدادا مكثفا، وتوفير كافة التجهيزات والكفاءات البشرية اللازمة والتمويل الضروري، وكما أكدنا ليس من أجل تحيقالميداليات فقط، بل لنشر الرياضة بين الشباب وكافة أفراد الشعب، فالرياضة من مقومات الصحة الجسدية والنفسية، وهي كفيلة بدمج الأفراد داخل المجتمع، وتوجيههم إلى نهج السلوك الإيجابي، لكن ما هي الآليات الضرورية لذلك؟
    نعتقد أن هناك أربع آليات:
 1 ـ التربية الوطنيةعلى قطاع التعليم أن ينخرط بنجاعة وكثافة في مشروع وطني للقيام بالرياضة عموما، وذلك بواسطة التخلي عن فلسفة التربية البدنية والانتقال إلى فلسفة الرياضة المدرسية، التي تحقق نتائج ملموسة على مستوى التلاميذ والطلبة فيما يخص تكوينهم الرياضي وتوجيه الكفاءات البارزة منهم إلى مجال التنافسعلى الألقاب، وولوج الأكاديميات الرياضية لإتمام الدراسة والتكوين الرياضي في نفس الوقت، طبعا دون إغفال الجانب البيداغوجي في الرياضة الذي يسعى إلى إشراك الفرد ودمجه ضمن جماعة الفصل(المجتمع) وتلقينه بعض المبادئ العلمية والسلوك القويم عن طريق الرياضة.
 2 ـ الجماعات المحليةلحد الآن ومنذ 1976 خصوصا لم تحقق الجماعات المحلية في المغرب الغرض المطلوب منها، خاصة على مستوى التنمية المحلية، وإشراك كافة المواطنين على صعيد تراب كل جماعة في مشاريع هادفة، من ذلك توفير الملاعب الرياضيةالمختلفة في الأحياء السكنية، وتخصيص الأطر المشرفة على تأطير الوقت الثالث للمواطنين، خاصة الأطفال والشباب، ويشترك في هذه المعضلة السياسة المتبعة في مجال العمران، حيث لا يتوفر قانون مثلا يلزم المنعشين العقاريين بتوفير بنيات تحتية مثل الملاعب الرياضية تكون تحت تصرف  المواطنين داخل التجزيئات السكنية، وبين العمارات.   
  3 ـ الشبيبة والرياضةأهم مسؤولية تبقى على عاتق الحكومة، هي المسؤولة عن وضع السياسات الرياضية وتنفيذها، وتوفير التمويل اللازم لذلك، ليس على الصعيد المركزي أو في المدن الكبرى، بل في كل المناطق والجهات، كل دار شباب مثلا يجب أن تتوفر على ملاعب ومؤطرين أكفاء وبرنامج يلزمون بتنفيذه بالتشارك مع المؤسسات التعليمية والجماعات المحلية
 4 ـ القطاع الخاص والعامإن مؤسسات القطاع الخاص المواطن ومؤسسات القطاع العام مطالبة بالمساهمة في توفير البنية التحتية، من ملاعب مجهزة ومؤطرين تابعين لها، على الأقل خدمة لأطرها وأبنائهم، وأبناء المناطق المجاورة لمقاولاتهم، ويحق لهذهالمقاولات في إطار مفهوم الربح الذي تجري وراءه التعاقد مع رياضيين تقوم بتكوينهم قصد تبادل المنفعة الإقتصادية فيما بعد، خاصة في مجال الإستشهار كما تفعل بعض الشركات الغربية مثلا مع فرق الدراجات  الهوائية.
   في الختام نؤكد أنه إذا لم تكن هناك خطط وسياسات محكمة، من ضمن ما تسعى إليه إشراك الكفاءات الرياضية المغربية المهاجرة دون وصاية وبتعاقد واضح، وتوفير كل ما يتطلبه التكوين والاستعداد الرياضي،  فالجميع سيظل يلوك خيبات الأمل والحسرة بعد كل اللقاءات الدولية الرياضية.
مصطفى لمودن

تداعيات مواطن عشية السادس من شتنبر


          تداعيات مواطن عشية السادس من شتنبر
                                                      121797   
                           شعر:الأستاذ محمد رحو                         
       121797
رغم فائض قيمة شكي
من أن يجدد القناع وجه المرحلة
رغم ما يؤشر لحلقة أخرى
من مسلسل المهزلة
ببعض توجس
ببعض تردد
ببعض ارتباك
هكذا أبدد لآلئ الذكرى
لألف زهرة أشواقي
                      بعباءة النسيان!
هكذا أغض طرف الحيطة السهران
عن ظلال حقبة خانقة
ما خجلت
لما سممت
أنفاس حلمي بصداقة النور
أنا المواطن الطيب لحد الإيمان
بأن فحيح الأفعى
صنو لشدو العصفور!
أنا المواطن /الرقم
ملء قاموس الوسطاء!
أفهم كثيرا
 في الطرق المغلقة
        عكس الرغيف الشريف!
ولم يسبق لي أن دلفت
- كأي منعش وغد -
لغرف العناية الفائقة
         بفؤاد الخريف!
ولحد الآن لست اعلم
لماذا تُلبسني معطف العزوف
تقارير يحنشها الخبراء
ولا كيف تعيرني
بالمغفل (الناقص المواطنة)!!
***
عابرا شارع ضياعي المديد
شجني زعيق المذيع القديم:
(..وهل العهد الجديد!
     وهل العهد الجديد!)
حينها أحسست
أن عقربا خفية وخزتني
بشوكة (الواجب الوطني!)
فهمست لنفسي:
أيتها الأمارة بالظنون
لا ترجحي الكفة السلبية
(فبعض الظن إثم!)
لا تسحبيني 
           لموقف من متاه
هل تؤاخذيني
إن لعنت إبليس الحيرة
   وتوكلت على الله!
——————–
داحرا (عقدة )الإجحاف
حالما بلحظة إنصاف!
قبل الرحيل إلى دار البقاء!
غير معني بإغاظة الرافضين
للتمثيل في مسرحية
يخرجها (الصدر الأعظم)الجديد!
غير معني بموسوعتهم الحلمية
ولا بفحصهم البليغ
لاستلاب الجسد الثخين!
فقط،ملء المشهد الطافح بالأطياف
توكلت على الله
ملبيا نداء عقرب خفية!
فلا داعي لان تشلكم الدهشة
يا شركائي
             في الأرق والأفق!
إن رأيتموني- غدا- انساب
بفائق العفوية
         شطر الصندوق الشفاف!
كي اصرخ في وجه العالم׃
أنا المغرب المرابط
على الدرج ما قبل الأخير
من سلم الحضور
على الصفحة الكونية!
في «اليوم التاريخي الموعود»
مبكرا سأصحو
مبكرا سأغسل وجهي الذابل
مبكرا سأحسو كاس الشاي البائت
مبكرا سأدخن سيجارتي الرديئة
مبكرا سأغادر بيتا شيدته الخيبات
كي أدلي بصوت جرح يدمنني
ويدمن جمر الذكريات!
***
سأبوح للمتصنتين
              بغضون نفسي!
أنا «الشئ» الذي لا تستحضره المؤسسة
إلا لتكرسه
          بين المطرقة و السندان!
رغم فائق شكي
من أن يجدد القناع وجه المرحلة
رغم ما يؤشر لحلقة أخرى
من مسلسل المهزلة
ارتأيت اليوم أن انتخب
         أجل أجل  سأنتخب!  
——————-
سأنتخب العميق المبعد
عن مدينة قلبي المعطاء
سأنتخب المنتصب المفتون
بصبح يرفع أعلام البهاء!
سأنتخب أفقا ينصف كفاح النساء
سأنتخب مدرسة أخرى
سأنتخب محكمة أخرى
سأنتخب مصحة أخرى
سأنتخب بلادا أخرى
تعيد للبلاد نكهة الانتماء!
سأنتخب مسالك أخرى
لا تدركها الأقدام العمياء
سأنتخب أفول الزعيم/الحرباء
سأنتخب أمينا لا يقايض

بين صدفة وصية
ولؤلؤة عصية
على منعطفات الاحتواء!
سأنتخب مرشحا لا يهرول
خلف إست (المال و الأعمال)
ويطوي وعوده القزحية
لساكنة الهوامش المنسية!
سأنتخب لوحة ساهرة
على ما يضمر الرماد
من جمرات الحنين!
سأنتخب وجها لا يدير وجهه
بعيد جني المنصب الحصين!
سأنتخب شعاعا تجلى
بأقصى أنفاق اليأس
سأنتخب سنابل الشمس
شامخة على سفوح الذاكرة!
سأنتخب رؤيا المسافر الشهيد
سأنتخب ألق عمقه الفريد
سأنتخب امتداده المضارع
بمراتع أنفاسه المزهرة
بأسئلة ما زالت تلسعه
عن معنى العبث الواقع!
سأنتخب غابات الهموم الشواسع
سأنتخب أمانيها المشرئبة
من صمتنا الآهل بالأصوات
سأنتخب بصيص الانتباه
لمداشر ينهشها النسيان!
سأنتخب مصرع الاحتقار/
             احتراق الهوان
سأنتخب النبل الغريب المعتق
ملء خابية الفصول
سأنتخب رؤيا السيول
جارفة شـماعات الباحثين عن أعذار
سأنتخب عدم انتظاري
لحملة عرابها التهافت النصاب
سأنتخب وهج الغياب!
سأنتخب عذابات السهل/البحر
سأنتخب بيانات الجبل/النهر
سأنتخب لآلئ العمق/البساطة!
سأنتخب حدثا لا يقع
إلا في قلب الممكن المقدام
سأنتخب توبيخ المنظرين
لمدينة لا تهدم الأصنام!
سأنتخب معجزة جد واقعية
سأنتخب وصفة غير سحرية
تـخلع كل ما يمت لقناع الأدعياء
بشعرة رفيعة شـمطاء!
سأنتخب شارعا ينبض بالتعبئة
ضد دخان يتسرب من شقوق التواطئ!
سأنتخب نشيد عشاقك المجهولي المصير
يا أسطورة لا تنطفئ
بزوبعة الأستاذ المبرر للجريمة/
المنظر لبيعة الهزيمة/
العابر أميال الأشلاء
شطر أريكته الوثيرة!
سأنتخب أغصان البلاد الشاردة
الأغصان التي كاد
أن يمحو نضارتها اليباس
من ذاكرة الناس!
سأنتخب حقولا فسيحة
من فرط أفانين القحط
ما عادت تذكر الأخضر الفسيح
وجبين الأحمر المشتعل
عبر الأخضر الفسيح!
سأنتخب زهرة لا تنشر أريج الأوهام!
سأنتخب سراجا لا يضمر
                     عواصف الديجور!
سأنتخب قطرة نور فضية
              لم تلوثها اكف الفصام!
سأنتخب شموع رفض نحيلة
         ..وتؤرق حرس الظلام!
سأنتخب صحيفة تزيح اللثام
عن وجه ما يحدث
عن ملامحه الشبحية الشوهاء!
سأنتخب صمود الشبيبة
في خندق المراحل
سأنتخب اعتصامها المناضل
في الطريق السيار لعولمة الكوارث!
سأنتخب شعبا من أطفال
-بمطلق البراءة-
يعري ما بدواخلنا الهرمة
من فائض المكر المخاتل!
سأنتخب جذور الحكاية
سأنتخب مصارين الفضيحة
سأنتخب طيور الرؤيا
محلقة فوق رمل الخطب!
سأنتخب ما طمرته الايدولوجيا
وما تلعثمت
            في كشف خباياه
مرايا الصيرورة الفصيحة
سأنتخب صاعقة تغسل روح العرب
من أدران التبرير و ديدان الكذب!
سأنتخب نيران قصيدة
لا تخبو تحت أمطار الذهب!
سأنتخب مالا ينتخب
سأنتخب الغضب!
                                             121797
                    الدار البيضاء- المغرب

الخميس، 31 يوليو 2008

بعد انعقاد ثلاث هيئات لمؤتمراتها في وقت واحد دلالات الأبعاد الدينية والسياسية والتنظيمية


      بعد انعقاد ثلاث هيئات لمؤتمراتها في وقت واحد

                دلالات الأبعاد الدينية والسياسية والتنظيمية


 شهد منتصف يوليوز (2008) ثلاثة أحداث تهم ثلاث هيئات متباينة من حيث التوجهات، حزبان سياسيان، هما«العدالة والتنمية» و«النهج الديمقراطي» و«النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي»، كلها عقدت مؤتمراتها في نفس الوقت. لماذا الحديث عن هذه التنظيمات؟ وأي رابط بينها؟ بل كيف يمكن إثارة الديني والسياسي والتنظيمي لدى الأطراف الثلاثة؟  
   إذا كان المؤتمر السادس ل«حزب العدالة والتنمية» قد لفت إليه الأنظار وتتبعته مختلف وسائل الإعلام، بل استضافت القناة الثانية زعيمه الجديد عبد الإله بنكيران في أحد نشراتها الإخبارية، بينما المؤتمر الثاني لحزب «النهج الديمقراطي» كان حظه أقل من المتابعة الإعلامية، وهو يصنف  ضمن أقصى اليسار المهيكل في المغرب، ويقول عن نفسه إنه وريث الحركة الماركسية اللينينة، ومنظمة «إلى الأمام » تحديدا، معروف عنه أنه يقاطع «المسلسل الانتخابي»، وله موقف خاص من قضية الصحراء يرتكز «على  مبدأ تقرير المصير» كما جاء في بيانه الختامي.

   أما المؤتمر الأول ل«النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي» فقد عرف تجاهلا تاما من قبل وسائط الاتصال بمختل أشكالها، باستثناء جريدة واحدة(*)، قد يكون مرد ذلك اختيار النقابة نفسها عقد مؤتمرها بعيدا عن الأضواء بمكناس عوض المراكز الكبرى حيث تتواجد أغلب وسائل الإعلام، أو قد يعود ذلك لضعف التواصل لدى نقابيي المستقلة، أو استصغار الحدث لدى بعض الإعلاميين، رغم أن هذه النقابة الجديدة تعرف توسعا مضطردا، ويقول بعض مسؤوليها أن الانخراطات بها وصلت إلى 30 ألف، وأثناء المؤتمر كانت تمثيلية مختلف المناطق حاضرة، باستثناء مدن كبيرة هي الرباط والدار البيضاء وطنجة.


     رغم أن القانون لا يجيز لأي حزب سياسي أن يعرف نفسه بأنه إسلامي أو ديني، ويسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، بل فقط أن يساهم في تنظيم المواطنين، ويهدف إلى تحمل المسؤولية في الحكومة والجماعات المحلية، غير أن حزب العدالة والتنمية يحاول أن يلعب على الحبلين، فيذكر في أدبياته ويصرح مسؤولوه ببساطة قائلين أن الدولة إسلامية حسب منطوق الدستور، وأن كل الأحزاب المغربية إسلامية، وقد جاء في البيان الختامي الصادر عقب انتهاء المؤتمر الدعوة إلى «تعزيز المرجعية الإسلامية»، لكن لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يترك الحزب «ذراعه» ممدودة عبر حشد الأتباع بواسطة «حركة التوحيد والإصلاح»، الجمعية الدعوية التي ينطلق نشاطها من المساجد مرورا باستغلال كل التجمعات واللقاءات العائلية وغيرها(عقيقة، ختان…) إلى مقراتها حيث تقدم التعليم الديني بالطرق العتيقة (الحفظ على الألواح، دروس، ندوات…)، تقديم بعض الخدمات في ظل  الفقر المستشري بين عدد من الأوساط الاجتماعية أمام عجز الدولة عن الإيفاء بمختلف التزاماتها، إلى خلق امتدادات تنظيمية عن طريق الاستثمار غير المباشر في التعليم الخصوصي، واعتبار ذلك منابر للعلاقات العامة، ونشر بعض الأفكار، وتوفير بعض المداخيل أكثر منه تحصيل أرباح حسب المفهوم التجاري الصرف. رغم أن المسؤولين البارزين على مستوى الحزب يقطعون صفتهم التنظيمية بالجمعية المذكورة، لكن ذلك من حيث الشكل فقط، أما في العمق فلا يمكن لأحد التنظيمين (الحزبي والجمعوي/الدعوي) الاستغناء عن الآخر، وتمثل جريدة «التجديد » أسطع مثل على ذلك. 


121750
قياديون من«حزب العدالة والتنمية»

      في الطرف المقابل من المعادلة الحزبية يسعى «النهج الديمقراطي» إلى سيادة ديكتاتورية البروليتاريا، أو ما يسميه «التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين»، مستمدا أسس مشروعه من الإرث الماركسي اللينيني، وهو ما يعتبره البعض أصولية من نوع آخر، غير أن هناك بعض المتشددين من يتهم الحزب بالتحريفية كلما حاول الاجتهاد وتحيين طروحاته، وأمام ضيق مجال الاشتغال لدى مناضليه، في مجتمع محافظ، يضعف فيه التعليم، وتكثر بين أفراده الأمية البسيطة والمركبة، وأمام التضاؤل المستمر بالنسبة لعدد العمال والفلاحين الذين يمكن أن يكون لهم قبول معين كي يتشبعوا ب«فكر» «النهج الديمقراطي»… لم يبق أما نشطاء الحزب سوى فضاء ضيق يربط بين الفكر والممارسة، من ذلك التدافع مع مناضلي أحزاب اليسار الأخرى، من أجل احتلال مواقع داخل نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، بينما يسعى «النهج الديمقراطي» بكل ما أوتي من قوة إلى السيطرة على«الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، في صراع محموم مع مناضلي «حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي أساسا».


     «النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي» لا طيف سياسي يبسط ألوانه عليها، تقاطعها كل الأحزاب، وهي ليست في علاقة ود مع أي حزب، رغم أن عددا من مسؤوليها يمكن أن نقول صراحة أن لديهم توجهات يسارية، وبينهم فئات متدينة غير منظمة داخل إطار معين، باستثناء قلة قليلة تنتمي أو تتعاطف مع «العدل والإحسان»… والهم الأساسي لأي نقابة هو تحقيق جملة من المطالب الخاصة بمنخرطيها، وإن كان ذلك بدوره لا يبتعد كثيرا عن عمق السياسة، وفي المجال النقابي أغلب الأحزاب السياسية المغربية لها«نقابتها» الخاصة، أو توجه مناضليها قصد العمل داخل نقابة معينة، و«حزب العدالة والتنمية» بدوره له مركزيته النقابية هي «الاتحاد الوطني للشغل».


    تميزت مؤتمرات الهيئات الثلاث بالتجديد الجزئي أو الكلي، فإذا كانت التوجهات العامة في الغالب بقيت كما هي، باستثناء انتخاب مسؤول أول جديد ل«حزب العدالة والتنمية»، عبد الإله بنكيران الذي ينحو نحو السجال ومواجهة خصومه بشكل مباشر، وميله نحو التشدد الديني، ومهادنته للدولة وسعيه إلى المشاركة في الحكومة دون شروط صارمة كالمراجعة الدستورية مثلا رغم أن البيان الختامي لم يخل من إشارة إلى ذلك عبر الدعوة إلى«إصلاحات دستورية وسياسية عميقة ومتوافق عليها».  

121750                   

عبد الإله بنكيران الأمين العام ل«حزب العدالة والتنمية»

   بينما حافظ عبد الله الحريف على زعامته ل«النهج الديمقراطي»، وقد تمت الإشارة بنوع من الفخر إلى تجديد في الكتابة الوطنية لنفس الحزب بنسبة 58%. 

121750 

عبد الله الحريف الكاتب الوطني ل«النهج الديمقراطي»

أما «النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي» فقد خلقت الحدث بامتياز بتجديد شبه كامل لمسؤوليها على مستوى أعضاء اللجنة الإدارية، وبنسبة تجديد فاقت 82% لمكتبها المركزي، بما في ذلك الكاتب الوطني، واعتماد أسلوب موغل أكثر في الديمقراطية وذلك بتخصيص كل إقليم وجهة لممثليهما داخل اللجنة الإدارية. 


 121750  

فريد أعديشن الكاتب الوطني ل«النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي»

   إذا كانت «النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي» قد استطاعت لفت الأنظار إلى إشكاليات تعليمية حقيقة خاصة بالتعليم الابتدائي، كان في السابق يتم تعويمها داخل قطاع التعليم ككل، وإذا كانت النقابة المعنية قد عرفت توسعا تنظيميا ملحوظا في زمن قياسي لا يتعدى السنتين، مما يؤكد حجم الانتظارات لدى مدرسات ومدرسي التعليم الابتدائي، فحسب وثائق النقابة التي تم التداول فيها أثناء مؤتمرها، فهي تتوفر على 112 فرع، و14 جهة مهيكلة، غير أنها إلى حدود المؤتمر الأول لم تستطع الانفتاح على مختلف الفعاليات المجتمعية والسياسية والإعلامية، وعانت من تجاهل تام من قبل المسؤولين المركزيين على التربية الوطنية، مقابل تعامل محتشم من طرف بعض النيابات والأكاديميات التعليمية، وقد جاء في بيانها الختامي دعوة الوزارة إلى فتح حوار مع النقابة «على قاعدة التمثيلية النضالية»، فهل ستستطيع هذه النقابة الفتية اعتماد منهجية أكثر تنظيما وتوثيقا واحترافية في الفترة المقبلة؟ خاصة أمام اعترافها بالقصور في ذلك حين أكدت على أن «مرحلة التأسيس قد ولت بأعطابها وإعاقاتها».  

dsc020

عرف المؤتمر الوطني الأول ل«النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي» نقاشات حادة

    وهل سيستطيع «النهج الديمقراطي» الخروج من تقوقعه النظري، وتجاوز خطابه «الصارم» الذي يبدو أنه لا يثير انتباه الكثيرين بما فيهم العمال والفلاحين، حيث لا يمكن اعتبار ذلك أسلوبا ناجعا من أجل التوسع التنظيمي، وجني المكاسب السياسية، في ظل أجواء حزبية متسمة بالتعددية المفرطة، وضعف المصداقية لدى أغلبها، أم أن مثل هذا «الأسلوب الصارم» هو أنجع جواب تقتضيه المرحلة ويتبعه رفاق عبد الله الحريف تجاه حملات تبخيس العمل الحزبي عموما ومحاصرة الأحزاب المناضلة على قلتها؟


    أهم الملاحظات التي يوجهها المهتمون ل«حزب العدالة والتنمية» هي ضبابية توجهاته السياسية، المشوبة بخلط مقصود بين الديني/الدعوي والسياسي، والركوب على خطاب «أخلاقي» شعبوي يدغدغ عواطف بعض قاعدته الانتخابية، يحاول القفز به(الخطاب) عن كل البرامج والخطط التي يمكن أن يقدمها للناخبين.  

    مصطفى لمودن

—————————
(*)«الجريدة الأولى» عدد 57 – الأربعاء 23 يوليوز 2008