الثلاثاء، 9 فبراير 2010

المسير الرياضي وسؤال الهوية


المسير الرياضي وسؤال الهوية

 مصطفى تيدار (*)
بعد توالي الأزمات بالعديد من الأنواع الرياضية، تعمق النقاش بشكل كبير حول موضوع  التسيير الرياضي بالمغرب، حيث يجمع جل الفاعلين على أن هذه الانتكاسات كانت بالدرجة الأولى وليدة تسيير مختل على كل المستويات، ابتداء من الأندية مرورا بالعصب والجامعات ووصولا إلى الوزارة الوصية.
فمنذ سنوات والأجهزة الرياضية تراكم أخطاء تسييرها إلى أن جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، دون أن يطرح السؤال طيلة هذه المدة عن هوية المسير الرياضي المغربي، ودون أن توضع خطة عمل أو إستراتيجية رياضية كفيلة بتغيير ملامح التسيير.
لقد حان الوقت الآن ليزال القناع عن حقيقة التسيير الرياضي بالمغرب، ولتوضع علامة استفهام كبيرة عن هوية المسير الرياضي.
يصعب وضع تعريف مدقق لهوية المسير الرياضي المغربي، ربما كان مرد ذلك إلى غياب قانون خاص به، فحتى القانون المتعلق بالتربية البدنية والصادر في 19 مايو 1989 لا يحدد بشكل  واضح مثلا اختصاصات مسيري العصب  أو الجامعات الرياضية، أو حتى دور الدولة والمؤسسات العامة والخاصة في تنمية الرياضة(المواد 13-14-18 -29) بقدر ما يوضح العقوبات المفروضة على كل من خالف  ما نص عليه هذا القانون، (ننتظر ما سيأتي به القانون الجديد الذي ينتظر بدوره تصويت البرلمان عليه)  لكن بشكل عام، المسير الرياضي هو ذلك الإنسان المحب والمولع والغيور على مجال انشغاله، يضحي بكل ما لديه من وقت وتفكير ومال من أجل تطوير الرياضة.
وبالتالي فالحديث  عن التسيير الرياضي يجعلنا أمام نوعين من المسيرين: المسير المثقف العارف بالمجال، والمسير الجاهل للنشاط الذي يسيره والمتموقع بقوة المال من أجل غرض في نفس يعقوب (الانتخابات المحلية, البٍرلمانية…)
إن المسير الرياضي ظاهرة قديمة جديدة في المجتمع، وتبين الحالات التي يمكن معاينتها في كثير من الفرق والأندية الوطنية أن المسيرين الرياضيين لا يشكلون فئة متجانسة، لا من حيت معارفهم ولا من حيث القنوات والآليات  التي استعملوها لتبوء مكانة الصدارة على الصعيد الرياضي المحلي، ولا من حيث الأنشطة الرياضية التي يتعاطون لها. وأمام تنوع الحالات التي نصادفها في الواقع العيني، فإنه من الصعوبة مما كان صياغة نمط مثالي ينطبق على جميع المسيرين.
  إن المسير الرياضي الذي نجده على رأس الفرق والأندية الصغيرة أو المتوسطة هو في أغلب الحالات من النمط الذي يطلق عليه بالعصامي، لقد استفاد من الظرفية الرياضية في العقود الأخيرة حيث عرف المجال فراغا وتسيبا، كما استفاد من تشجيعات الدولة والجامعات الرياضية والمجالس الإقليمية والجهوية والبلديات…
 إلا أن هذه العوامل الموضوعية لم تكن لتساعده لولا توفره على صفات ذاتية أهلته للاستفادة من تلك الظرفية واستغلال ما أتيح له من فرص. وتجدر الإشارة إلى أن من جملة ما يتميز به المسير الرياضي عموما، هو حب العمل والتفاني فيه والتفرغ له، ومن يعرفه عن قرب يؤكد انه رجل منشغل باستمرار، تجده دائما مع اللاعبين أو المدرب أو نخبة من المكتب المسير، حاضرا في التداريب،  يصيح ويصرخ ويأمر ويستعطف…
  ومن حيث نوعية التكوين يمكن أن نميز بين المسيرين الذين تلقوا ما يمكن أن نسميه بالتعليم التقليدي، ولا يتمتع هؤلاء في كثير من الأحيان بتكوين رياضي شامل ومتخصص، ويتمتل رصيدهم التكويني والمعرفي أساسا من خلال التجربة الذاتية، ويفتقرون إلى تكوين حديث في مجال التسيير والتدبير الرياضي، أما المسيرون خريجو الجامعات والمعاهد العليا الرياضية، والذين بفضل ممارساتهم وما يتمتعون به من معارف رياضية وتخصصات يحصلون مواقع المسؤولية، لكن تشكل العلاقات الشخصية الوسيلة الرئيسية التي من خلالها يؤثر المسير الرياضي في محيطه، ونلاحظ ذلك على كافة المستويات؛ في معاملته اليومية، سواء تعلق الأمر بعلاقته بالفريق أو النادي الذي يسيره ويحتك به يوميا، ويسهر بشكل مباشر على مراقبة ومتابعة نتائجه وارتباطه بالعصبة والجامعة أو الإدارة المحلية… وبخصوص هذه الأخيرة تجدر الإشارة إلى أن نجاح المسير المحلي يتوقف إلى حد كبير على نوعية العلاقات الشخصية التي تربطه بها.
للفرق أو الأندية الصغيرة أو المتوسطة بنية تنظيمية بسيطة للغاية، فهي تتميز بوجود رئيس ونائبه، بالإضافة إلى مجموعة أخرى تتراوح ما بين 9 الى15 عضوا أو أكتر، ويسهر الرئيس على تلبية حاجيات الفريق وتحديد أهدافه، ومنهم من يتخذ أغلبية القرارات التي تهمه، وقليلا ما يوجد مكتب مسير يعمل يشكل جماعي. فعلاقة الرئيس بباقي أعضاء المكتب المسير غالبا ما يميزها الولاء و التبعية، كما يتوفر الرئيس على مجموعة من الامتيازات ويتدخل في كل شيء من شؤون اللاعبين والمدرب إلى الطاقم التقني، رغم عدم توفره في معظم الأحيان على تكوين متخصص في مجال التسيير الرياصي!! فمعرفته في هذا المجال محدودة أو منعدمة، وربما كان هذا أحد العوائق الأساسية التي تحول دون تطوير الفرق والأندية.
فالمسير الرياضي لم يعد هو ذاك الشخص الذي يسير ناديا أو عصبة أو جامعة بطريقة شخصية أحادية، بل بات لازما عليه إشراك كل الأطراف  في التسيير، وابتعاده عن لعب الدور القيادي  في كل شيء، لقد أصبحت ملامح مسيري اليوم مختلفة تماما عن ملامح مسيري الأمس الذين ارتبطت أسماء كثيرين منهم بشكل نضالي بأسماء أنديتهم، لدرجة أصبحت معها هذه الأخيرة تتنفس برئتي مسيريها، بدونهم لا يمكن أن تستمر، ويكفي ذكر أسماء من قبيل بلهاشمي بوجدة أو مكوار بالدار البيضاء أوالخمليشي بفاس… أما ليوم فالمعادلة تغيرت وإن كانت حصيلة اشتغال مسيري الأمس تبدو أفصل من حيث نظرائهم اليوم.
 حاليا لم يعد المسير/الرئيس الضامن الوحيد لاستمرارية عطاء النادي، بل وجب إعطاء الفرصة لكل الأطراف للمساهمة في اتخاذ القرار الرياضي. إنه نوع من دمقرطة التسيير الذي تفتقرت إليه دواليب الرياضة المغربية، والذي يحتم على المسير أن يصبح عالما بقواعد التدبير الرياضي كعلم قائم بذاته، وهو العلم الذي بدأت بوادره تظهر داخل المشهد الرياضي من خلال تخرج دفعات من حاملي دبلومات الدراسات العليا المتخصصة في التدبير والتسيير والتدريب الرياضي.
فالمسير الكفء والحديث، وعلى مستوى النسق القيمي،  يتوفر على قدر من المعرفة والكفاءة، فهو دائم الإطلاع، يتابع تطورات المعرفة الرياضية في مجال تخصصه، كما يتابع تطور الحياة الرياضية على الصعيد الوطني والدولي، وقد يساهم في تلك الحياة عن طريق الانخراط في الاتحادات أو العصب الجهوية أو الوطنية كالجامعات مثلا.
فالمسير المثقف أو المتعلم على العموم، وإن كان التعليم لا يشكل شرطا ضروريا من شروط التسيير الرياضي، يتوفر على معرفة دقيقة بالخريطة الرياضية الوطنية والجهوية والمحلية، ويعرف التنظيمات المتواجدة، إنه مسير صاحب فضية. أما المسير الوصولي فهو يفتقر إلى أنفته وشهامته وكرامته، ومبدؤه يختزل في أمر واحد هو المصلحة الشخصية أو الخاصة، والتي تحدد تعامله مع باقي مكونات الحقل الرياضي جهويا وطنيا، فالتسيير الرياضي بالنسبة له ليس وليد قناعات ومبادئ معينة، وإنما هو وسيلة فقط لتحقيق المكاسب المادية والمعنوية،
لقد أصبحت الدول المتقدمة رياضيا غنية بما يعرف بالمسيرين الرياضيين المحترفين، وهم أشخاص يحصلون بالأساس على مدخولهم من العمل الرياضي،  الذي يشكل نشاطهم الرئيسي.
 فالعمل الرياضي بات يشكل بالنسبة للعديد من الفاعلين  نشاطا اقتصاديا لا يختلف في جوهره عن سائر الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
 كما يمكن التمييز داخل قبيلة المسيرين الرياضيين بين ثلاثة أصناف:  المسيرون الكبار، وهم الذين يملكون رؤوس أموال مهمة، يقيمون بها مقاولات رياضية كبرى (ريال مدريد، بارشلونة، جيفو نتيس…) ويوجد صنف آخر تنطبق عليه كثير من مواصفات المقاولين المتوسطين، وهم أشخاص يمولون مشاريعهم الرياضية بالاعتماد على إمكانياتهم المادية ومساهمة الأجهزة والجهات الرياضية والسياسية، وهناك أخيرا المسيرون الذين لا يملكون سوى طاقاتهم الفكرية والعضلية في تدبير شؤون الفريق أو العصبة.
إن التسيير الرياضي علم وفن في آن واحد، وبالتالي فالمسير الذي يشتغل في هذا المجال يجب أن  يحتكم دائما للأساليب العلمية في التفكير والممارسة و الإبداع.
     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)أستاذ التربية البدنية وفاعل جمعوي

الاثنين، 8 فبراير 2010

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لقاء فروع جهة القنيطرة لمناقشة مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع


الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
لقاء فروع جهة القنيطرة لمناقشة مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع  
 
إعداد: مصطفى لمودن
التمت مكاتب فروع جهة القنيطرة ـ كما كان مقررا ـ  بالرباط يوم الأحد 7 فبراير 2010م بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتدارس مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، عبر مناقشتها وتطعيمها، تقدم ممثلو فروع مكاتب الجهة بحصيلة النقاشات التي تمت على المستوى المحلي، ومنهم من قدم ورقة مكتوبة للمقرر، كما استمع الحاضرون لتدخلات شخصية من قبل بعض مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للإدلاء بآرائهم…
ليتوزع الحاضرون بعد ذلك إلى العمل في ورشتين، الأولى انشغلت ب"المحيط العام وتقييم الأداء العام للجمعية"، والثانية اهتمت ب"المرجعية والانشغالات الكبرى، والتوجهات الإستراتيجية، ومقترحات التعديلات في القانون الأساسي"..
وتجدر الإشارة أن "لجنة تحضيرية" قد أعدت "المشروع" منذ أسابيع فيما يقارب ثلاثين صفحة يشمل النقط المشار إليها أعلاه. وقد أصدرت "اللجنة الإدارية" للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنعقدة في دورة 9 يناير 2010م، رزنامة زمنية تحدد مواعيد عدد من اللقاءات على المستوى المحلي ثم الجهوي، إلى انعقاد المؤتمر الوطني التاسع ما بين 13 و 16 ماي 2010م، يسبقها يومي السبت والأحد 20 و 21 مارس "الندوة الوطنية التحضيرية للمؤتمر" وهي بمثابة آخر لقاء لتجميع كل المقترحات والإضافات على مستوى الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، ووضع آخر اللمسات نحو بداية العد العكسي لانطلاق تاسع مؤتمر لهذه الجمعية الحقوقية التي عرفت ولادتها في 24 يونيو سنة 1979م.  
وسيتعقد "الملتقى الوطني التاسع لحقوق المرأة" في 13 و14 فبراير، و"الملتقى الوطني السابع للشباب" ما بين 26 و28 مارس، أما الانتدابات المباشرة للمؤتمرين ال 350 فستكون ما بين 20 فبراير و21 مارس. وقد تقرر عدد المؤتمرين فيما يتعدى بقليل 600 مشارك؛ 440  مؤتمر ثلثهم نساء، 100 ملاحظ (ة)، وحوالي 50 متتبع (ة)، وألا يقل عدد الشباب المشاركين ضمن هؤلاء عن 20%.
ويمكن اعتبار "مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع" وثيقة غنية بالمعطيات، وتتضمن تقييما لعمل الجمعية ككل منذ انتهاء المؤتمر الثامن المنعقد في أبريل 2007م، وقد حاولت الوثيقة اعتماد منهجية "محايدة" من خلال ذكر "المنجزات" والوقوف على "العوائق والنواقص"، وتقديم اقتراحات للنهوض بالعمل الحقوقي في المغرب حسب تصور هذه الجمعية الحقوقية. لكن بعد الاستماع لمناقشات المتدخلين سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي، ظهرت بعض الملاحظات الإضافية، فإذا كانت قلة تعتبر أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أصبحت تحث رحمة "توجه سياسي معين"، وبالتالي تقدم انتقادات جد حادة، بل هناك "طرف" سياسي أعلن عن انسحابه كمكون من المشاركة في اللجنة التحضيرية، ونقصد به المنتمون لحزب "الطليعة الديمقراطي الاشتراكي".. كما أن هناك في نفس الوقت من فضل تقديم انتقادات ووجهة نظر لتطعيم "مشروع الورقة التحضيرية". وعليه، يمكن إجمال مختلف التدخلات حول البناء التنظيمي للجمعية، وقد رأى عدد من المتدخلين منح صلاحيات أكثر للمجلس الوطني للفروع، وتحديد دور مكتب الجهة، ووضع آليات حكامة داخل الجمعية كتكوين لجنة لتدقيق الحسابات منبثقة عن المؤتمر، وتقييم التكوينات والجامعات الموضوعاتية، واعتماد آليات متنوعة للدفاع عن حقوق الإنسان، والمساهمة المالية من قبل المركز لدعم بعض أنشطة الفروع، وتحسين الدور الإعلامي، والاهتمام أكثر بالبيئة والجانب الثقافي، ووضع ضوابط للتشبيك.. وتثار باستمرار قضايا تناقش فيما بين النشطاء الحقوقيين، كدعم الحرية الفردية، والموقف من العلمانية، والمرجعية الحقوقية..الخ.  
حضر ندوة جهة القنيطرة ممثلو أو أعضاء مكاتب الفروع التالية: الرباط، سلا، تمارة، القنيطرة، سيدي يحيى، سيدي سليمان، تيفلت، الخميسات، سيدي قاسم، بالإضافة إلى أعضاء من اللجنة الإدارية المتواجدين بالجهة، وأعضاء من اللجنة التحضيرية للمؤتمر القادم. وسيرت الندوة عتيقة الضعيف عضوة المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقد تلت في البداية كلمة المكتب المركزي للجمعية.
    


  
صور أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمكتب المركزي
 
صورة من العاصمة الرباط، قريبا من مقر الجمعية المركزي.

السبت، 6 فبراير 2010

المقاومة المغربية حركة عبد الكريم الخطابي في الواجهة


المقاومة المغربية
 حركة عبد الكريم الخطابي في الواجهة 
مصطفى لمودن  
اليوم (6 فبراير2010)تحل الذكرى 47 لرحيل محمد بن عبد الكريم الخطابي، زعيم حركة المقاومة المغربية في الشمال، وقد استطاع توقيف الزحف الاستعماري عن منطقة الشمال لسنوات، خاصة لما اندحر الغزاة الإسبان في معركة أنوال سنة 1921، وقد هدد بحركته خططالمستعمرين، ما جعل الإسبان يتحالفون مع فرنسا ضد هذه المقاومة، وقد استخدموا كل ما لديهم للقضاء عليها، بما في ذلك السلاح الكيماوي، وإلقاء القنابل بالطائرات على الأبرياء، وقنبلة الأسواق، لنحتف إذا برموز المقاومة المغربية، وفي نفس الوقت نستنكر تجاهل الإعلام المغربي لذلك.   

على غرار كل أشكال المقاومة ضد المستعمر، فقد خاضت حركة عبد الكريم الخطابي نضالها بأقل ما يمكن توفره من سلاح، غير أن سلاح العزيمة هو أهم من كل شيء، لقد استباح الاستعمار أرض المغرب، وأدخلها ضمن خططه لاحتلال "الدول الضعيفة" تحث عدة مبررات ك"تحضير الشعوب المتخلفة" أو "حمايتها" كما وقع مع المغرب، بينما ذلك كان مجرد غطاء كاذب لتبرير تقتيل المقاومين والسيطرة على البلدان.
فيما يخص المغرب، فقد كان محط أطماع أجنبية من قرون خلت، ولعل أولها تعود إلى القرن السادس عشر، عندما حاولت البرتغال القيام من جديد بحروب صليبية على العالم الإسلامي انطلاقا من غربه (المغرب)، لكن هزيمة جيوش سيباستيان ملك البرتغال في معركة "وادي المخازن" سنة 1578م وضعت حدا لذلك، ومنذ ذلك الوقت والمغرب مهاب الجانب، ولا تقدر أي جيوش أجنبية أن تتوغل داخله، حتى الدولة العثمانية (التركية) لم تستطع بسط سيطرته عليها بخلاف كل الدول العربية الأخرى، ولقد كان للسعديين وأحمد المنصور الذهبي فضل في ذلك لتنظيم المغاربة وتوحيد صفوفهم، لكن استمرت مناوشات على طول السواحل المغربية عبر عقود عديدة، خاصة لما تحولت التجارة مع الشرق (الهند…) عبر المحيط الأطلسي والهادي، مما كان يدفع الدول الأوربية إلى البحث عن موانئ ترسو بها سفنهم، وقد كان ذلك هو بداية العهد الاستعماري الحديث، وعليه فقد احتلت دول أوربية مدنا ساحلية كالجديدة وأنفا وأكادير والعرائش والصويرة… كانت تسترجع من قبل المغاربة في بعض اللحظات التاريخية في حركة كر وفر متتابعة، خاصة لما يتقوى الحكم مركزيا، مما يوفر أسباب القوة التي تتطلبها المقاومة، كما وقع في عهد المولى إسماعيل (1645م ـ 1727م)، وكما وقع في عهد محمد بن عبد الله (1757م ـ 1790م)حيث تركز الاهتمام ببعض المدن الساحلية حسب ما تقتضيه ظروف المرحلة من علاقات خارجية وتبادل تجاري، ولعل أبرز مثل في ذلك الاهتمام بالصويرة (موكادور)وجعلها أهم ميناء حينذاك (1760م)، وفي هذه المرحلة انفتح المغرب نسبيا على الخارج، فكان من أول من اعترف بقوة جديدة ناهضة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت للانفصال عن التاج البريطاني.. لكن لعدة ظروف لم يستطع المغاربة مواكبة التطورات السريعة التي عرفها العالم آنذاك، خاصة على المستوى المعرفي والتكنولوجي، فإذا كانت أوربا قد تجاوزت عهد النهضة الذاتية وراكمت الثروات لصالح شعوبها، غير أن تلهفها لمزيد من القوة وأمام توسع حاجياتها من المواد الخام، ولترويج بضائعها الكثيرة… فقد تحولت إلى التوسع الاستعماري المباشر، فكان أن أرسلت في البداية بعثات الاستكشاف، ثم تلتها القوة العسكرية، وبذلك ظل المغرب وهو الأقرب جغرافيا محط أطماع، وقد ساعد الأوربيين على ذلك دخول المغرب في زمن آخر من التقوقع والانكماش، كما حصل في عهد المولى سليمان (1792م ـ 1822م)، بحيث أعطى المغرب ظهره للبحر وكل ما يأتي من جانبه، واعتبرت أهم مقاومة يمكن القيام بها هي عدم التعامل مع الأجنبي/الكافر… ورغم محاولات مخالفة لهذا التوجه وقعت في عهد الحسن الأول (1859م ـ 1873م)، محاولات انفتاح على الخارج، وإرسال البعثات الطلابية سعيا للعلم والبحث عن التكنولوجيا، فقد ظهر آنذاك أن ما يملكه المغاربة من "علم" أصبح متجاوزا، ولا يفي بالغرض، لكن هذه المحاولة لم تعط أكلها حسب ما كان مؤملا، بحيث أن النخبة المغربية الحاكمة كانت متشبتة بمصالحها الضيقة، ولا يهما تقدم الشعب وازدهار الاقتصاد وبناء الدولة على أسس سليمة، فكان أول ضحية همش هم الطلبة العائدون من الخارج بعلم ومعرفة جديدين، بينما اليابان التي قامت حينها بنفس الإجراء عرفت كيف تتجاوز تخلفها وتبني دولة تدمج ما بين القديم والحديث… لتستمر الأحداث المشوبة بتسليط الأضواء على كل بقية دول العالم غير الأوربية طبعا، قصد استعمارها، فأطلق على تركيا(1299م ـ 1924م) التي كونت إمبراطورية شاسعة من قبل "الرجل المريض" الذي يحتاج إلى رصاصة الرحمة عوض أي علاج!     
في هذه الأجواء عقد مؤتمر "الجزيرة الخضراء" في 16 يناير 1906 للنظر في مصير المغرب كمستعمرة أوربية، وقد توافقت الدولة الأوربية فيما بينها على تقسيم الكعكعة الاستعمارية فيما بينها، فكان المغرب من نصيب فرنسا وإسبانيا، واتخذت طنجة طابعا دوليا عبر حكم جماعي من قبل قناصلة الدول الكبرى…
لكن رغم ذلك بقي المغرب مهاب الجانب، فلا أحد تناسى مختلف المعارك السابقة وأهمها واقعة "وادي المخازن"الشهيرة وكل المقاومة التي لقيتها محاولات احتلال ثغور مغربية على السواحل، غير أن استعمار فرنسا للجزائر منذ 1830 م وسعيها للتوسع أكثر، ونجدة المغاربة لإخوانهم الجزائريين ودخولهم في مواجهة مباشرة مع الجيش الفرنسي، خاصة في معركة إيسلي بشرق المغرب في 16 غشت 1844م كشفت حقيقة الجيش المغربي الضعيف جدا، وهو ما تأكد كذلك في المعارك الخاسرة للدفاع عن تطوان سنتي 1859/1860م، وحصول معاهدات مذلة للمغرب بعد ذلك، مجمل محتواها التدخل السافر في قضايا المغرب الداخلية، والتحكم في اقتصاده، إلى أن وقع المغرب معاهدة "الحماية" في 30 مارس 1912م في عهد السلطان عبد الحفيظ إثر محاصرة السكان لمدينة فاس، وبذلك دخل المغرب في عهد الاستعمار الفعلي والمباشر، وقد تسلمت اسبانيا شمال وجنوب المغرب، بينما فرنسا البقية.
 لكن وجد المستعمرون مقاومة شرسة، تدخل ضمنها مقاومة الريف بزعامة محمد بن عبد الكريمالخطابي (1882م ـ 1963م)، وإذا كانت قد توقفت هذه المقاومة مكرهة في 1926م، بعد تحقيقها انتصارات خالدة، فإن مقاومة الأطلس ودرعة استمرت إلى 1933م، لتتحول المقاومة بعدها إلى الجانب التنظيمي والسياسي، بخلق كتلة العمل الوطني سنة 1934م.
والجدير بالذكر أن حركة محمد بن عبد الكريمالخطابي قد استلهمت منها حركات تحرير متعددة أسلوب عملها ومقاومتها للاستعمار، خاصة معركة أنوال ضد الإسبانيين في 21 يوليوز 1921م، وبعد الهزيمة انتحر قائد الجيش الاسباني سفلستري ومات ضباط وجنود آخرون، يقول محمد بن عبد الكريم الخطابي عن نتائج المعركة:" ردت علينا هزيمة أنوال 200 مدفع من عيار 75 أو65 أو 77، وأزيد من 20000 بندقية ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش، وسيارات وشاحنات، وتموينا كثيرا يتجاوز الحاجة، وأدوية، وأجهزة للتخييم، وبالجملة، بين عشية وضحاها وبكل ما كان يعوزنا لنجهز جيشا ونشن حربا كبيرة، وأخذنا 700أسير،وفقد الأسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح"، ولعل هذه النتائج كان لها مفعول الكارثة على الحكومة الإسبانية وعلى حركة الاستعمار عموما، كما كانت مشجعا على المقاومة وعلى توحيد القبائل في منطقة الشمال، وذيوع صيتالخطابي في المغرب كله، وقد وصل جيشالخطابي إلى مشارف مليلية المحتلة، لكنه فضل عدم دخولها، وهو نفس الشيء الذي وقع بعد ذلك مع فاس العاصمة، أثارت انتصارات محمد بنعبد الكريم الخطابي خوف المستعمرين، فتحالفت فرنسا وإسبانيا للقضاء عليها، وتتحدث مصادر تاريخية عن ضرب الريفيين بالطائرات الحربية بشكل عشوائي، وقتل الأبرياء بشكل جماعي في الأسواق والقرى،  بل استعملت القنابل الكيماوية ضد السكان في شمال المغرب، وأمام هول الخسائر الناجمة عن ذلك، فضل محمد بن عبد الكريم الخطابي وضع السلاح في 26 ماي 1926م، وتقرر نفيه إلى جزيرة لاريونيون "la réunion" إلى حدود سنة 1947م؛ ليستقر بعد ذلك في مصر، إلى أن توفي في 6 فبراير 1963م، وقد عاش إلى أن تحقق الاستقلال في 1956م.
حماية للذاكرة المشرقة من التلف والضياع والنسيان، ندعو إلى تخليد مثل هذه الذكرى، وإبلاءها ما تستحقه من عناية واهتمام، وتدريسها للأجيال الصاعدة، وتوفير المتاحف التي تخلد للأحداث الكبيرة، مع الاهتمام بما تبقى من أشياء عينية من حركة محمد بن عبد الكريم، وتحويل أطلال "المركز" (مقر المقاومة) بأجدير إلى معلمة حقيقية، وعودة رفات المرحوم عبدالكريم الخطابي من القاهرة إلى وطنه المغرب، مع اعتراف اسبانيا بأخطائها وتقديم الاعتذار عن ذلك، ومساهمتها في تنمية المنطقة بعدما ساهمت في تسميمها وتخلفها… ولا يسعنا ختاما سوى أن نتأسف على واقع إعلامنا غير الصحي(خاصة القنوات التلفزية)، والذي يهمش الحديث عن مثل هذه الأحداث ويغرقنا في تفاهات لا نهاية لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

الجمعة، 5 فبراير 2010

من أجل استنبات ثقافة الاعتراف ضدا عن ثقافة النسيان مقاومة أيت عطا للاحتلال الفرنسي نموذجا


من أجل استنبات ثقافة الاعتراف ضدا عن ثقافة النسيان

 مقاومة أيت عطا للاحتلال الفرنسي نموذجا 

ذ. حسن العمراوي (*)
يعتبر موضوع حرب التحرير الشعبية التي قادها فلاحون ورعاة وناس بسطاء من الهامش المغربي / القارة المطمورة خلال النصف الأول من القرن الماضي ضد الاحتلال الأجنبي للبلاد من بين المواضيع التي لم تنل حضها من البحث والتنقيب والتأريخ(؟؟)حيث ظلت في اللامفكر فيه، شأنها شأن الإنسان الذي قادها والذي ظل خارج اهتمام المركز.
فاستغرافية الفترة المذكورة لم تذكر الثوار إلا بنصف الكلمات، بل تعمدت غض الطرف عن بطولاتهم، وتلك لازمة نجدها في معظم الحوليات التاريخية كلما تعلق الأمر بالفئات الشعبية، باعتبارهم رعاع أو أوباش أو موقدي الفتنة أو رؤوس الضلالة …(؟؟؟) أما الكتابات التاريخية الكولنيالية ورغم أهميتها في الإطلالة التاريخية على الهوامش المغربية، إلا أن خلفيتها الاستعمارية تبقى واضحة، حيث ظلت أمينة لإطارها النظري، وهو أن المغرب كان يعيش الفوضى التاريخية، مما يفرض إنقاذه عبر رسالة الرجل الأبيض/ وتمدينه وتحضره…عبر الحماية.
أما الكتابات المخزنية، فلم تقل قساوة عن الحوليات التاريخية، حيث كانت تنظر للهوامش الثائرة على أنها بلاد سيبة / خارجة عن الطاعة والإجماع… يكفي أن أشير إلى رسالة سلطانية مؤرخة بتاريخ 16 يونيو 1914من طرف المخزن العزيزي، إلى ولاته وقواده وبشواته… بعد هزم ثوار الأطلس المتوسط بزعامة موحى اوحمو الزياني(خنيفرة )، جاء فيها "… وبعد غير خفي - كذا- عنكم ما كانت عليه الأحوال بتازة وخنيفرة من اضطرابات وإثارة الفتن منذ زمان وأحقاب، حتى صارتا مركزية لمأوى الفساد والثوار.. ولما تمادوا على فعلهم الذميم أصدرنا أوامرنا الشريفة بالانتقام منهم وردهم للصلاح والاستقامة … وأعلمناكم لتأخذوا حظكم من الفرح على جمع كلمة المسلمين على الصلالالالالالالالالالالالالالاح…".
وكان ذلك طبيعيا مادام أن المخزن كان ينظر إلى الثوار على أنهم فساد موثِـرون للأحقاد والفتن، خارجين عن الإجماع / بلاد السيبة ومادامت معاهدة الحماية (30 مارس 1912 ) نصت صراحة في الفصل الثاني على ما يلي: "جلالة السلطان يساعد من الآن على الاحتلالات العسكرية بالإيالة المغربية التي تراها الدولة واجبة لاستتباب الأمن والسكينة والتأمين على المعاملات التجارية".
كل هذا يطرح عدة صعوبات موضوعية ومنهجية في التعامل التاريخي مع الثورات الشعبية. مما يفرض على الباحث اخذ الحيطة والحذر من المكتوب، الذي يبقى في معظمه يتحامل بلا هوادة على ثورات حرب التحرير الشعبية، ولا يذكر الثوار إلا بنصف الكلمات، وما يزيد الأمر تعقيدا أن معظم الثورات لم تترك لنا أرشيفا مصدريا للتأريخ لها. مما يفرض على الباحثين المنصفين والمنحازين للامفكر فيه و الهوامش المنسية الانكباب على البحث والتأريخ، حماية لذاكرة تاريخية نضالية من الضياع، ورأسمال رمزي من السرقة(؟؟؟) من طرف تجار السياسة ومن مناضلي الأشواط الأخيرة… ولا ادعي في هذه المقالة المتواضعة القيام ببحث تاريخي للثورات الشعبية في الهامش المغربي، بل فقط سأحاول أن أسلط الضوء على تجربة ثورية مسلحة في الجنوب الشرقي المغربي لم تنل - في اعتقادي- ما يكفي من البحث التاريخي.
إنها ثورة أيت عطا بمنطقة بوكافر ( المعقل التاريخ لكونفدرالية قبائل أيت عطا ) ضد الاحتلال الفرنسي، فالقبائل العطاوية تاريخيا تعد معقلا منيعا ضد الغزاة، وهذا ما يفرض على البحث الانتروبولوجي/ الثقافي للكشف عن تعبيرات ثقافة المقاومة لدى هاته القبائل، سواء على مستوى ألوان الأزياء أو شكل المعمار أو الفلكلور…
مما اكسبها نسقا ثقافيا مقاوما/ ممانعا/ ومحاربا، استثمر للتصدي للغازي قديما وحديثا، كانت تعد( بلاد سيبة خارجة عن سلطة المركز) لم تنتظر القبائل العطاوية قدوم الاستعمار الفرنسي لمجالها للمبادرة بحمل السلاح، بل كانت السباقة إلى الهجوم والتصدي لزحفه على الجنوب الشرقي من البلاد انطلاقا من الجزائر التي احتلت منذ 1830.
بعد احتلال تافلالت 1918 بدأت القبائل العطاوية تشعر بتطويق الخناق عليها واقتراب المحتل من معقلها التاريخي، مما دفعها إلى التصدي له وعرقلة مخططاته، بل إلحاق هزائم متتالية بقواته، مما دفع بالقوات الفرنسية إلى التراجع التكتيكي والعمل على استمالة الزعامات القبيلة وتأجيج الصراعات القبلية حول المجال والماء والكلأ..
إلا أن تلك السياسة الدنيئة لم تفلح خاصة أمام تصدي القبائل الأمازيغية، العطاوية لكل الخونة المتعاملين مع الاستعمار و على رأسهم الكلاوي
وهكذا وبعد إحكام الطوق على منطقة تافيلالت ودرعة، تفرغت القوات الغازية لتطويق معقل ثوار جبال صاغرو المنيعة، حيث استنفرت القوات الفرنسية كل قواتها وجنرالاتها وضباطها والكوم والمرتزقة… بل أكثر من كل هذا وذاك عبأت44 طائرة حربية من مطار وارزازات(؟؟؟) كل ذلك لمواجهة ثوار بسطاء ( لم يكن عدد الثوار يتعدى الألف) شبه حفاة عراة إلا من إيمانهم بعدالة قضيتهم ودفاعهم المستميت عن شرفهم وكرامتهم وحريتهم واستغلالهم لوعورة تضاريسهم المنيعة، التي يتجاوز ارتفاعها في بعض النقط 2712م،  وهكذا وبعد تجميع الفرنسيين لقواتهم وإحكام الطوق على معقل الثوار بادروا إلى الهجوم (سنة 1933 فبراير) المكثف لإحداث الصدمة، وتحقيق الهزيمة بأقل كلفة، لكن إرادة الثوار الأشاوس كانت أكبر من أن تستسلم أو تهاون، وهذا ما حدا بالطبيب العسكري جون فيال إلى القول: " المقاومون يدافعون بطاقاتهم الأخيرة مختبئين وراء الصخور في كهوفهم حيث لا تظهر إلا فوهة بنادقهم، يطلقون النار بدون انقطاع يحصدون خلالها جنودنا ". وأمام عرقلة تقدم القوات الفرنسية وفشل المخططات المرسومة وتساقط قواتها وقادتها (الجنرال بورنازيل الذي كان له تمثال ببلدة بومالن دادس حتى بعيد الاستقلال!) بادرت إلى شن حرب الأراضي المحروقة ابتداء من 28 فبراير من سنة 1933 عبر الهجوم المكثف بالطائرات والمدفعية وتطويق عسكري واقتصادي وقنبلة مصادر المياه وتدمير مواقع الماشية وتفخيخ الدواب وتسميم الأغذية… إنها جريمة نكراء بامتياز حيث لم تحترم الحد الأدنى من أخلاق الحرب إن كان للحر ب أصلا أخلاق… أمام هذه الجريمة وأمام النزعة العدوانية الإجرامية للجيش الفرنسي، وأمام التقتيل الممنهج للأطفال والنساء والشيوخ العزل، وأمام اللاتوازن العسكري، حيث تجاوزت القوات الفرنسية 80 ألف مقاتل مقابل بضع مئات من الثوار، أصبح القتال أمام هدا الوضع انتحارا جماعيا مقاتلين وعزل مدنيين فأثر قائد الثورة عسووووو اوبسلالالالالام الاستسلام وقفا لإراقة الدم وانقاد حياة ما تبقى من النساء والأطفال والشيوخ، فتم التوقيع على اتفاقية تضمنت عدة بنود منها ( عرفت بشروط الأمان): 

عسو أوبسلام (1890/1960) من زعماء مقاومة الاحتلال بأيت عطا
- عدم نزح أسلحة الثوار.
- إبعاد سلطة الخائن الكلاوي من مجالهم العطاوي.
- عدم تشغيل السكان في أعمال السخرة ولا توظيف النساء العطاويات في الحفلات الرسمية…
إنه استسلام حقيقة مشرف بشهادة الفرنسيين، حيث وصفها الجنرال هوري بأنها سخية جدا ويستحقها أيت عطا.
إن اسطورة أيت عطا خلال فبراير / مارس 1933 في الصمود والنضال والاستماتة في الدفاع عن الحرية والكرامة هو في حقيقته انتصار للفلاحين والرعاة والبسطاء وكل الثوار، ورأسمال رمزي لكل القوى التواقة للحرية والتحرر.
على سبيل الخلاصة:
- إن التأريخ لحرب التحرير الشعبية ضد الاحتلال الأجنبي يعد واجبا أخلاقيا وعلميا ونضاليا لدى الباحثين والمؤرخين حتى نحمي ذاكرتنا النضالية من السرقة والطمس والابتذال.
- أمام تنامي الحركات الاحتجاجية خاصة في المغرب العميق/ الهوامش يفرض الانكباب على دراسة هذا المجال في كل أبعاده.
- إعادة كتابة التاريخ المغربي والاستفادة من الثورات الابستيمية في حقل التاريخ
- توسيع دائرة الوثيقة التاريخية / والمصادر الدفينة.
- الانكباب على توثيق الذاكرة الجماعية من رواية شفهية/ شعر غنائي/ بل حتى الأسطورة /والأمثال شعبية… ولما لا إحداث مركز وطني لذلك
- رد الاعتبار لقيم المقاومة والممانعة وثقافة الاعتراف عبر إنصاف هذا المجال / الهامش إنسانا ومجالا و ذاكرة وثقافة…
ـ تنسيق الجهود بين الفعاليات المدنية الحية لفضح جرائم الاحتلال الأجنبي بالبلاد، والضغط المدني لاعتراف الفرنسيين والأسبان بجرائمهم، والاعتذار للشعب المغربي عنها وتعويض الضحايا عبر برامج تنموية حقيقية.
- المبادرة بإطلاق أسماء الثوار الأبطال في حرب التحرير الشعبية ضد الاحتلال على أسماء الشوارع والمؤسسات التعليمية والصحية استنباتا لثقافة الاعتراف.
- إحداث مصالحة وطنية حقيقة عبر الاعتراف للمقاومة الشعبية بما قدمته من تضحيات من أجل مغرب حر ومتحرر، وإنصاف المقاومين الحقيقيين،  وليس تجار السياسة الذين سرقوا رأسمالا رمزيا نضاليا لم يصنعوه في واقع الأمر…
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) أستاذ الاجتماعيات بالثانوي التأهيلي

وفاة الشابة سعيدة العليوي بشكل غامض في المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم


  وفاة الشابة سعيدة العليوي بشكل غامض في المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم 

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب المسؤولين بفتح تحقيق لمعرفة أسباب الوفاة المفاجئة 
محــمد الشــيـــكر (*)
مدخل المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم (من أرشيف المدونة)
توفيت الشابة، سعيدة عليوي المزدادة سنة 1989، بعد دخولها المستشفى الإقليمي من أجل وضع مولودها حينما أحست بعلامات المخاض التي تسبق الوضع. غير أن دخولها المستشفى لم يكن كخروجها منه، بعد أن توفيت لأسباب غامضة، دفعت إدارة المستشفى ووالدها إلى طلب تشريح الجثة لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة، ولتحديد المسؤوليات إن كانت هناك أي معطيات تشير إلى الإهمال.
وبدأت القصة، حينما أحست الشابة ذات 21 سنة بآلام حادة على المستوى الجانبي لبطنها، حيث تم نقلها فورا إلى المستشفى الإقليمي بأعراض تعتبر عادية في المراحل المتقدمة من الحمل التي تعيشها.
كان هذا بتاريخ 17 يناير 2010،  حوالي الساعة الحادية عشر والنصف، حيث تم التأشير على دخولها من طرف الإدارة بورقة تحمل رقم297، قبل أن يؤشر مرة أخرى على خروجها بعد يوم واحد من مكوثها في المستشفى، بعدما أعطيت ورقة لشراء بعض الأدوية التي هي عبارة عن مسكنات الآلام التشنجية في المعي والمسالك الصفراوية والمثانة والرحم، وهو ما هدأ الألم الذي كانت تحس به ليوم واحد، قبل أن يعاودها الإحساس بالوجع مرة أخرى وبشكل حاد على الساعة الثالثة ليلا من اليوم الموالي، إذ عمل والدها عمر عليوي على نقلها إلى المستشفى الإقليمي مرة أخرى، حيث قصدت أبنته سعيدة عليوي السيارة وهي تمشي على قدميها بشكل عادي حسب تصريحه، قبل أن يوصلها إلى قسم الولادة بالمستشفى الإقليمي، وهناك زادت حالتها سوءا بعدما إحساسها بالأوجاع المتتالية والآلام التي كانت ترهقها بشكل كبير، هذا دون أن يتدخل أي شخص في المستشفى ليعاينها، إذ بقيت في سرير عادي وبدون أي رعاية طبية رغم كل الآلام التي كانت تحس بها وتستدعي التدخل السريع حسب تصريح والدها التي رافقها طيلة الساعات الأخيرة قبل وفاتها.
وحوالي الساعة السابعة صباحا من ذات اليوم الذي دخلت فيه المستشفى، توفيت سعيدة عليوي، ليبدأ التساؤل عن الأسباب الحقيقية للوفاة، وهل الأمر عائد إلى حالة إهمال راحت ضحيتها الشابة سعيدة التي لم يمض على زواجها إلا سنة واحدة؟ أم أن الأمر يعود لأسباب أخرى؟
والد سعيدة عليوي أكد في شكاية  للجمعية للمغربية لحقوق الإنسان فرع سيدي قاسم وكذلك من خلال زيارة الجمعية لأسرة الضحية بالمنزل، أن ابنته لم تكن تعاني من أي أمراض قبل وفاتها، ولم تكن تعاني من أي أعراض جانبية طيلة حياتها وهو ما أكدته مندوبة الصحة بالمستشفى الإقليمي بسيدي قاسم للجمعية بعد اللقاء معها، حيث صرحت أنه ليس هناك أي مؤشر واضح كان سببا في الموت المفاجئ ، لهذا ـ يقول والدها ـ فأنا لن أصمت على هذه الجريمة التي راحت ضحيتها ابنتي، وسأتابع المستشفى والإداريين فيه بالإهمال.
 في انتظار نتائج التشريح فالفرع المحلي يقدم التعازي الحارة إلى أسرة الضحية ويعلن عن التضامن المبدئي واللامشروط مع الأسرة وفي نفس الآن يحتفظ بحق الرد على كل الخروقات التي تطال الحق في الصحة بسيدي قاسم.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم

الاثنين، 1 فبراير 2010

مفهوم القدرات البدنية


مصطفى تيدار(*)
        عندما نتحدث عن أهمية القدرات البدنيةلدى الرياضي يتضح لنا أن رياضة الجمباز من أهم الرياضات التي يشترك فيها اللاعب وتوصله إلى أعلى المراتب، وهي من الرياضات التي تحقق أكبر قدر لمدى تقدم الدول باعتبارها تتميز بعدة أقسام في أجزائها، حيث تنقسم رياضة الجمباز إلى عدة أنواع مختلفة تؤدى عليها عدة حركات ومهارات منها جمباز الأجهزة، وجمباز الموانع، وغيرها، ومن تم تعتبر رياضة الجمباز مؤشراً صادقاً وهاماً في تقويم التقدم الرياضي للدول، وتسهم القدرات البدنية إسهاماً مميزاً في ممارسة جميع مهارات الجمباز وحركاته وإتقانها حيث تختلف أهميتها طبقا لنوع الجهاز والمهارة والمسابقة المستخدمة وطبيعتها، أي أن نوع المسابقة الرياضية الذي يمارسها اللاعب والذي يأمل أن يحقق فيها أعلى مستوى ممكن، هي التي تحدد نوعية الصفات والقدرات البدنيةالضرورية التي يتطلب تنميتها وتطويرها، واتفقت أغلب الآراء على أن القدرات والصفات البدنيةهي المكون الرئيسي الذي يبنى عليه المكونات اللازمة للوصول إلى أعلى المستويات، ولقد تكرر تسمية مصطلحات عدة للقدرات البدنية  وأطلق عليها عدة مصطلحات كل حسب مكانته البدنيةحيث أطلق عليها مصطلح الصفات البدنيةوالمكونات البدنية وعناصر اللياقة البدنية.
ولقد اختلف العلماء في تحديد مكونات القدراتالبدنية والحركية؛ فقد ذكروا أن مكونات القدراتالبدنية تشمل قدرة التحمل الدوري التنفسي والقوة العضلية والتحمل العضلي والمرونة العضلية، أما القدرات الحركية فتشمل التوافق والتوازن والسرعة والرشاقة والقوة الحركية.  
        وعليه فمهما اختلفت التحديدات للقدراتالبدنية والحركية فإنهما مرتبطتان ببعض، وأن أي تحسن في نوع معين من القدرات ينعكس تأثيره على القدرات الأخرى، فقد كشف في الآونة الأخيرة عن العديد من التعريفات للصفات البدنية، بيد أنها غير متعارضة، حيث ظهر في الدول الأوربية مصطلح الصفات البدنية، وفي أمريكا مصطلح اللياقة البدنية (8 : 1988 David,).
وقد أخذ مفهوم ومعنى القدرات البدنية في مجال التدريب الرياضي وضعا مميزا، وذلك منذ الخمسينات، ونتيجة للخبرات الجديدة والمتنوعة للدارسين العرب عامة في مجال التربية البدنيةوالرياضية من المدارس الأجنبية المختلفة، كالمدرسة الألمانية والأمريكية والروسية، والذي كان لهم جميعا أثر كبير في إثراء المكتبة العربية، حيث اختلفت المصطلحات، نتيجة للترجمات من لغات ثلاث مختلفة ولهذا فالمعنى والمفهوم واحد ولا يمكن أن يتغير، فأصبح للمصطلح الواحد أكثر من مرادف، حيث قال “رودي اتسولد  Rudi Ezold 1985م”، وهو أحد الباحثين الألمان:" إن اختلاف المرادفات للمصطلح الواحد يعتبر ثراءً لغوياً، فالقدرات البدنية على سبيل المثال كمصطلح لها أكثر من مرادف وهذا في المدرسة الألمانية نفسها، وهذه المرادفات هي:
القدرات الحركية، القدرات الفسيولوجية، الصفاتالبدنية، الصفات الحركية، الصفات الفسيولوجية _ العناصر البدنية على سبيل المثال _ العناصر الحركية_ العناصر الفسيولوجية _ القدراتوالعناصر الموتورة".
 وعلى ذلك يذكر  “Rudi”أن كل تلك المرادفات تعني كلاً من القوة العضلية والسرعة والتحمل والرشاقة والمرونة كقدرات بدنية أساسية..   
 ـــــــــــــ
(*) أستاذ التربية البدينة وفاعل جمعوي