الاثنين، 31 أغسطس 2009

خريطة المغرب ناقصة في قناة ميدي1 سات أي دور للإعلام السمعي البصري بالمغرب؟


خريطة المغرب ناقصة في قناة ميدي1 سات
أي دور للإعلام السمعي البصري بالمغرب؟  
عرضت قناة ميدي 1 سات التي يوجد مقرها في طنجة بشمال المغرب خريطةالمغرب بدون جنوبه، بل ظهرت بشكل متكرر مقزمة في برنامج "وثائقي" يوم الأحد 30 غشت 2009 بعد الثانية زوالا، وذلك في "الفيلم الوثائقي" « Le Maroc ; grand bleue, grand disert »، لصاحبه المخرج والمصور في نفس الوقت Pierre Browvers، وقد حاول البرنامج الحديث عن دور الماء في المغرب، وتنقل في مناطق مختلفة، وعندما يحل بمنطقة يبين موقعها في خريطةالمغرب، لكن تظهر الخريطة مقطوعة من جنوب أكادير! ولا تظهر الجزء الأكبر من الصحراء، كل ما يوجد منها جنوب نهر درعة لا وجود له!، السبب وراء ذلك غير واضح، لكن القناة الفضائية التي توجد على التراب المغربي، وأغلب رأسمالها كذلك، بل ومديرها ليس سوى أحمد أحيزون الرجل متعدد المهام، بالإضافة إلى ترأسه لمجلس إدارة أكبر شركة للاتصالات، فهو كذلك رئيس جامعة ألعاب القوى… فكيف يمكن له أن يتوفر على الوقت والطاقة الكافيتين لممارسة كل هذه المهام "الجسام"؟ ولعل عودة الفريق الوطني في ألعاب القوى من آخر بطولة للعالم ببرلين (15 ـ 23 غشت 09) بخفي حنين أبرز دليل على "النجاحات الباهرة" التي يمكن أن يحقها الرجل، بل اكتشفت ضمن الفريق حالتي تعاطي للمنشطات، مما يطرح السؤال عن دور الجامعة ومدى حضورها ومتابعتها للعداءين…  

      
عبد السلام أحيزون                  كزالطا
 لنبق في موضوعنا، لقد خلف المدير الحالي بصفته يمثل أصحاب أكبر رأسمال (اتصالات المغرب، إلى جانب صندوق الإيداع والتدبير ب 56% ) يمتلك قناة ميدي 1 سات، خلف  المدير السابق كزالطا، والذي أوصل القناة الفضائية إلى الباب المسدود، ولم يحقق "النجاح" الذي لقيته من قبل إذاعة ميدي 1 المستقرة بدورها في مدينة البوغاز منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي،  وكانت وما تزال الإذاعة المذكورة قد اتخذت خط تحرير "متميز"، أوله استعمال لغتين، العربية والفرنسية، وهي سابقة لا مرجعية لها إطلاقا، ثم عدم الخوض في قضايا المغرب الحيوية والتي تثير اهتمام الرأي العام المحلي وتجيب عن تساؤلاته الملحة، من مثل التفاعلات التي تحصل بحكم الواقع في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية… بين مختلف الأطراف المتواجدة في الساحة، بينما ركزت في بعض اللحظات على عكس ما يقع في الساحة الجزائرية ، الجارة الشرقية، خاصة حينما احتدم الصراع الداخلي حول الحكم بين الإسلاميين والعسكر، وما رافق ذلك من أعمال دموية نأسف لها منذ انتهاء حكم الشاذلي بنجديد أو إقالته في 1991، وتركز الإذاعة المذكورة على المنوعات الغنائية، وبرامج "خفيفة" تتحدث حول الطبخ والتجميل كما هو عليه الحال في كل صباح… ويعتقد البعض أن سر استمرار تلك المحطة الإذاعية يعود لاحتكار الإشهار الإذاعي لسنوات طويلة بفضل قرار رسمي ! ولما حل عصر الفضائيات، سعى البعض إلى نقل التجربة إلى قناة تلفزية تسير على نفس الخطى. ودائما تلتقي في ذلك مصالح فرنسية مع أخرى مغربية، الهدف المشترك هو كسب رأي عام، أو على الأقل إلهاء جزء منه حتى لا يقصد وجهة إعلامية أخرى، فإذا كانت فرنسا تسعى للإبقاء على "توهج" لغتها التي تخسر يوما بعد آخر مساحة مما كانت تستحوذ عليه، وبالتالي ضياع "النموذج" الفرنسي وخسرانه لمجال حيوي، ينطلق من العقول أولا ليصل إلى المصالح الإستراتيجية الكبرى، أما المسؤولون المغاربة، فيحاولون عن طريق الرأسمال المحلي الخاص الموجه (اتصالات المغرب) والمال العام (صندوق الإيداع والتدبير) اكتساب أداة إعلامية تفرضها ضرورة التواجد في عالم يعرف تسابقا محموما من أجل التأثير على البشر، لكن القناة بشكلها الذي تأسست عليه وبمضمونها الحالي عاجزة عن سد الفراغات الموجودة، رغم ضخ المزيد من الأموال، وتوظيف طاقات صحفية جديدة من عدة دول، والتركيز على الازدواجية اللغوية التي لم يثبت يوما أنها كانت ناجحة، لهذا تحاول القناة المذكورة تقديم الأخبار وحصر أغلب اهتمامها في ذلك، وملء بقية البياضات الهائلة طيلة 24 ساعة بأفلام "وثائقية" مقتنات من سوق "الخردة الإعلامية"، وتجد في ذلك العون من القنوات الفرنسية ومن أرشيفها المكتظ، لكن أن يتم تقديم أي شيء، وكيفما اتفق دون تمحيص أو مراجعة، مما يطرح التساؤل عن الدور الحقيقي للمسؤولين المغربة عن هذه القناة، وعن مدى احترامهم للسيادة الوطنية، خاصة عندما يتم تقديم خريطةبدون الصحراء، بعملية تقنية بسيطة كان يمكن تغيير ذلك وإصلاحه وتقديمه للمشاهد المغربي دون إثارته.
 من الصعب توفير قناة فضائية تجد الإقبال دون توفير الإرادة السياسية التي تبتعد عن أسلوب الدعاية، رغم تلطيفه وتخفيفه  ـ مراعاة الجانب الشكلي دون المضمون ـ، وتتيح للجميع التعبير عن رأيه وإرادته، في مناخ يتسم بالديمقراطية الحقيقية، ولعل مبرر الهئية العليا للاتصال السمعي البصري عدم منح التراخيص لإنشاء قنوات فضائية جديدة بدعوى ضيق سوق الإشهار والتأثير السلبي الذي سيقع على القنوات الموجودة، يطرح أكثر من سؤال حول الحيلولة دون توفير تعددية إعلامية وطنية في مجال الفضائيات، وبالتالي مساندة الرداءة والتعتيم المستمرين في القنوات العمومية.   
                               مصطفى لمودن