الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

الملك العام بسيدي سليمان التعامل المزدوج والمناسباتي مع الظاهرة من قبل السلطة المحلية!!


الملك العام بسيدي سليمان
التعامل المزدوج والمناسباتي مع الظاهرة من قبل السلطة المحلية!!
(شاهد الصور في آخر الإدراج
الملك العام حسب أبسط تعريف هو كل فضاء مشترك بين كافة السكان، يستعملونه بشكل جماعي، وغالبا ما يكون هو الطرق والممرات والرصيف والحدائق وفضاءات الإدارات العمومية المسموح بولوجها ومحلات النفع العام كالملاعب وقاعات التواصل… وكل تغيير كلي أو جزئي في هذه العلاقة النفعية تنظم بقانون، سواء صادر عن المجالس المنتخبة أو مصالح إدارية حكومية يخول لها القانون ذلك حسب المساطر الجاري بها العمل، وفي هذا الإطار يدخل تفويت بعض الأماكن في إطار رخص الاستغلال المؤقت… وتبقى للمجالس المنتخبة صلاحيات واسعة في ذلك على المستوى المحلي، أما السلطات الإدارية فمهمتها السهر على تطبيق القانون واحترامه من قبل الجميع بما فيهم الملزمون بشروط "رخص الاستغلال" التي بموجبها يستغلون أماكن معينة.
  هذا من حيث الجانب النظري، أما الواقع فشيء آخر، وتعرف ظاهرة احتلال الملك العام مدا وجزرا حسب المناسبات، وحسب الظروف المحلية لكل مدينة معينة، ففي سيدي سليمان تستفحل الظاهرة بشكل ملفت، وكان أبرزها لوقت قريب كثرة الأكشاك بأهم الشوارع، وقد أنجزت مدونة سيدي سليمان في وقت سابق تحقيقا مفصلا عن ذلك، الآن نسبيا تخلصت بعض الشوارع من تلك الأكشاك العشوائية، لكن بالمقابل استنبتت في أماكن أخرى، بل لوحظ ميز في السماح للبعض دون آخرين بالبناء في آماكن تعرف رواجا أكثر! ولم يطو بعد ملف الأكشاك، مادام "الترخيص" يخضع لشروط لا يعرفها الرأي العام، بل تتدخل فيها مصالح انتخابوية وعلاقات زبونية.
   وإذا كان أي استغلال للملك العام يخضع لشروط يضبطها القانون، فإنه في غالب الأحيان ما يتسم الموضوع بالفوضى والارتجالية، وفي ذلك مآرب متعددة لعدة أطراف، ويمكن تقسيم فوضى احتلال الملك العام بسيدي سليمان إلى ثلاث وضعيات:
1ـ المقاهي: أغلب المقاهي بالمدينة لا تحترم شيئا اسمه الملك العام، وضرورة ترك ولو ممر للراجلين، فحسب آخر مقرر بلدي صادر عن المجلس السابق سمح لكل من يستغل الملك العام في إطار قانوني ألا يتعدى الثلث من المساحة التي تفصل كل محل معني بالشارع العام، والثلثين يبقيان فارغين حتى يعبر الراجلون بسلام، و لا يضطرون إلى مزاحمة العربات كما هو عليه الحال الآن، وبشكل مستمر، ولا يحرك المسؤولون في المدينة ساكنا من أجل فرض احترام القانون، وحماية الراجلين من خطر مداهمتهم من طرف سيارة أو شاحنة… بعض أصحاب المقاهي يتحدون الجميع وينشرون الكراسي والطاولات إلى حدود إسفلت الطريق.
 الدكاكين: يفضل بعض التجار إخراج سلعهم من وسط دكاكينهم وعرضها على الرصيف، معرقلين بذلك حق الراجلين في السير، وهم بذلك(بعض التجار) إما يرغبون في إشهار بضاعتهم وعرضها على الزبناء في وضع مكشوف، أو يسعون إلى ملء الرصيف المجانب لمحلاتهم في سباق مع آخرين قد يضعون سلعهم في نفس المكان، ولكن على كل حال فهم بتصرفهم هذا يمسون حقوق الغير.  
3ـ الباعة المتجولون: وهنا يتفاقم الإشكال أكثر، فنحن أمام ظاهرة اجتماعية واقتصادية وقانونية… هناك سلوك واضح لعدد من المواطنين دأبوا على اقتناء حاجياتهم  من أمكان مفتوحة ومن لدن باعة متجولين، اعتقادا منهم برخص الثمن بالمقارنة مع باعة آخرين، وإلا كيف يمكن تفسير عدم الإقبال على "سوقين" بلديين جديدين أحدثا بالمدينة (للتجار دور في ذلك)، أولهما بشارع محمد الخامس والثاني بجانب حي السليمانية بالنسبة للخضر والفواكه، بالإضافة إلى "السوق البلدي" السابق على علاته، ويهدد باستمرار تجار الخضر والفواكه أصحاب الدكاكين بالخروج إلى الشارع بدورهم، إن لم يكن بعضهم قد فعل ذلك، وكل هذه القصاريات المنتشرة بالمدينة بالنسبة للأثواب والملابس لا تغني البعض من البحث عن حاجياته مما يعرض على الرصيف.
كما أن بعض الباعة يفضلون دفع عرباتهم اليدوية، والذهاب عند الزبون المفترض أينما تواجد، ولا ننسى تهربهم من دفع بعض الرسوم الجبائية والنفقات الإضافية حينما يستقرون بدكاكين، علما أنهم بدورهم يؤدون بشكل يومي جبايات بلدية. ولكن في نفس الوقت يجب ألا يغيب عن بال أحد، أن مثل هذه الأعمال هي مصدر الرزق الوحيد للكثير من الأسر بسبب انسداد أفاق التشغيل بالمدينة، وبالتالي نحن أمام أوضاع اجتماعية مقلقة، لكن في نفس الوقت أمام إكراه تنظيم مجال المدينة. فكيف يحل الإشكال؟
 تعيش المدينة على هاجس الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياتها، وذلك لاستقبالها في أجل قريب مقر عمالة الإقليم، وهو مؤشر على بداية التحول من مدينة صغيرة أشبه بقرية كبيرة، إلى "مدينة" تتطلب حدا أدنى من المواصفات، وهو ما يقتضي إحداث تنظيم يليق بصفة "مدينة"، يسمح بإفراغ الشارع العام ليكون انسياب التنقل بشكل طبيعي، وتوفير مرافق حيوية لساكنة يزداد عددها يوما عن آخر، علما أن في المغرب الكثير من المدن التي بها مقر العمالة لكنها تعرف نفس المظاهر.
 لكن أثناء تدخل السلطة المحلية بكل ثقلها لإحداث "التنظيم" المرغوب فيه طبعا من قبل الجميع، تطرأ أحيانا بعض الأحداث والتشنجات، خاصة أمام إصرار الباعة على البقاء في نفس أماكنهم، بعدما تعودوا على ذلك لظهر من الزمن، متذرعين بأوضاعهم الاجتماعية الصعبة التي لا يجادل في حقيقتها أحد، كما وقع مساء الأحد 23 غشت 2009، بين السلطة المحلية وبائعي الفواكه بشارع محمد الخامس وبالساحة المحاذية للسوق البلدي، وقد أسفر ذلك عن اقتياد مواطنين اثنين إلى مخفر الشرطة، وتدخل فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد تلقيه طلب مؤازرة من عائلة المقبوض عليهما، وقد عقد أعضاء من الفرع لقاءات مع مسؤولين من مفوضية الشرطة ليلة الاعتقال، ثم مع عميد مفوضية الشرطة في اليوم الموالي، وقد أجرت مدونة سيدي سليمان استجوابا مع رئيس فرع الجمعية الحقوقية المذكورة نعرض له في آخر المقال.
  وتدخلت السلطة المحلية زوال يوم الاثنين 24 غشت 09 لإبعاد بائعي الخبز من التواجد بشارع محمد الخامس، ويشهد الجميع أن عملية الكر والفر تتكرر بشكل يومي، الباعة الذين يكثر عددهم بشكل ملفت ـ أكثر من باقي الأيام ـ في رمضان، يدفعون عرباتهم متنقلين أو ينتظرون زبناءهم في مكان ما، لكنهم في حذر وخوف من مصادرة سلعهم أو ميزانهم، وهي العملية التي أصبحت تتكرر هذه الأيام، وما يشهده الجميع من "حزم وتأهب" للسلطة المحلية من أجل "محاربة الظاهرة" أو التقليل منها، علما أن مثل هذه "الأشغال" متعبة ومحرقة للأعصاب، ومكلفة من حيث تخصيص قوة عمومية مصاحبة، كان يجب أن تتكلف بمهام أخرى كالقيام بدوريات أمنية والتواجد بأماكن أخرى تعرف احتكاكا بين المواطنين بل حتى اعتداءات، كما يقع مساء في السويقة العشوائية بجانب حي أولاد الغازي كما ذكر لنا ذلك مواطنون، وهم يشتكون من قلة الأمن في تلك المنطقة المهمشة.
  وهنا يجب أن نتذكر أحزابا وجمعيات تظهر في مناسبات محددة ثم تختفي، دون أن يكون لها رأي ومتقرحات وطرح بدائل، والمساهمة في تأطير المجتمع، مثلا يمكن القيام بحملة لتوعية مريدي المقاهي كي لا يجلسوا في المقاعد المحادية للطوارات، لأن في ذلك سوء أدب واضح، واعتداء على حقوق الراجلين، كما يمكن مساعدة الباعة المتجولين عن طريق تنظيمهم، واقتراح أماكن محددة لهم دون عرقلة السير والجولان، يلتزمون بالبقاء فيها جميعهم… كما لا يجب أن ننسى دور المجلس البلدي المفترض فيه أنه يمثل كافة السكان، فالانتخابات قد انتهت، لكن غياب هذا المجلس عن الساحة إلى حد الآن يثير الكثير من التساؤلات! ونستغل المناسبة لنذكر السلطات المحلية ببعض الإجراءات التي لا تمت بصلة للقانون ومقتضياته، هل تعلمين يا سلطة محلية أن بائعي الخبز كانوا في السابق داخل السوق البلدي؟ لكن أحدهم بقدرة قادر بنى دكانا في مكانهم قبل سنوات، فخرجوا كما خرج بائعو الحليب، (علما أن للحليب شروطا معينة لتسويقه وليس كما كان يباع هناك) هل تعلمين أن أحدهم أضاف في نفس السوق دكانين؟ (نعم دكانين في مرة واحدة وهو يتوفر على دكانين متقابلين) وبذلك خرج إلى الشارع بائعو الدجاج البلدي والبيض، وهل يعرف الناس أن دكانا أضيف إلى بقية الدكاكين المتراصة المتزاحمة داخل نفس السوق قبل أيام ليزيد من النقص الحاصل في فضاء ضيق أصلا؟ بل هل هذا الذي نتحدث عنه يحمل شيئا من مواصفات السوق البلدي؟ وقد أضيفت إليه العشرات من البراكات القصديرة، التي يتجاور فيها بائعو النقانق مع مرييشي الدجاج! من المسؤول عن هذه الفوضى، ومن سيصلح الأعطاب المنتشرة في شرايين مدينة عاشت على التسيب منذ زمن بعيد؟ ومن حقنا أن نتساءل كذلك عن دور "مصالح حفظ الصحة" بالمدينة، من يسمح ببيع لحوم في الهواء الطلق مرجوعة من أسواق قروية يجهل مصدرها وكيف ذبحت؟ من يراقب بيع الأسماك التي تظل تتجول طول النهار بالشارع؟ علما أن سوق السمك ينتظر من يفتحه، هل توافق هذه المصالح على طريقة ترييش الدجاج بالمدينة والسوق الأسبوعي في براميل حديدية صدئة؟
 يتمنى أغلب الساكنة العيش في مدينة منظمة تتيح إمكانية التسوق عن قرب، وأن تتوفر شروط العيش الكريم للجميع، وأن يكف محتلو الملك العام الأقوياء عن غطرستهم وجشعهم، وأن يكون كل المسؤولين في مستوى المسؤولية وأن يسهروا على مصلحة المدينة والساكنة قبل أن يسهر البعض منهم على مصالحه الشخصية… لكن تنظيم المدينة وحسن سيرها يعود أساسا للمواطنين كافة، عبر الوعي بضرورة التعايش في فضاء يجمع الكل دون فوضى، والمساهمة الفعالة في ذلك، بل والدفاع عن الحقوق التي يضمنها القانون. وبطبيعة الحال لن ينقرض في ظل الظروف التي يعرفها الجميع الباعة المتجولون، لكن يجب تخصيص فضاءات مناسبة لهم.  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتابع وترصد
رئيس فرع سيدي سليمان: ندعو إلى وضع رؤية واضحة فيما يخص تنظيم المدينة

    من مهام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان متابعة الأوضاع ورصد كل الخروقات الممكنة الحدوث من طرف جميع الجهات المعنية، وجمع المعطيات الضرورية لوضع تقارير حول ذلك، مع إمكانية التدخل في حالة وقوع خروقات، وتختلف هذه التدخلات من إصدار بيانات، تنظيم وقفات احتجاجية، مراسلة المسؤولين، بعث تقارير إلى المكتب المركزي للجمعية قصد تضمين ذلك في التقرير السنوي… ونظرا للتواجد المستمر لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في متابعة أهم الأحداث والوقائع بالمدينة، أجرينا حوارا قصيرا مع رئيس الفرع عبد المطلب منشح حول احتلال الملك العام بسيدي سليمان وطريقة تدبير ذلك.
 ـ المدونةكيف ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي سليمان فوضى احتلال الملك العام؟ 
ـ عبد المطلب منشح: ملف احتلال الملك العمومي قديم جديد، يطفو على السطح كلما قررت السلطات المحلية الدخول في مواجهات مع المحتلين لهذا الملك، حينما تستعمل هذه السلطات العنف المبالغ فيه. نحن نتساءل كجمعية مغربية لحقوق الإنسان، كيف يتم التعاطي مع هذا الملف بشكل موسمي مزاجي؟
ـ المدونةهل لفرع الجمعية رؤية فيما يخص معالجة هذا المشكل؟ 
ـ عبد المطلب منشح: الجمعية في مواكبتها لهذا الملف، في تقديري وفيما يخص الباعة المتجولين، أرى أنه ناتج عن انسداد أفق الشغل في وجه الشباب، وهو ناتج عن إغلاق وحداث الإنتاج التي كانت في المدينة، والتي كانت تستوعب فئات كثيرة من سواعد المنطقة، وتضمن مدخولا يوفر لهم حياة كريمة، مما عمق مشكل البطالة وجعل هؤلاء العاطلين يلجؤون إلى حلول ترقيعية مؤقتة.
ـ المدونةهل تعارض الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنظيم فضاء المدينة وخاصة مجال الملك العام؟
ـ عبد المطلب منشح: نحن لا نعارض تنظيم المجال، ولكن ندعو إلى وضع رؤية واضحة فيما يخص تنظيم المدينة ككل، وعدم الميز بين المحتلين للملك العام، ونعارض من يبقي على الفوضى الحالية من أجل الابتزاز وقضاء منافع شخصية، وندعو السلطات المختصة إلى عدم اللجوء إلى العنف والإفراط في استعمال القوة من أجل تنظيم مجال الملك العام.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  
الصور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
من شارع محمد الخامس ! 
بعض التجار يعرضون سلعهم على الرصيف أمام دكاكينهم! 
نماذج من المقاهي التي تحتل الملك العام دون أن يتحرك مسؤول لفرض احترام القانون، الصور أخذت قبل آذان المغرب من شهر رمضان 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استدراك: علمنا أن المعتقلين المشار إليهما قد أطلق سراحهما.