الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

ملاحظات من سيدي سليمان/ مشاكل وقضايا على الواجهة


ملاحظات من سيدي سليمان  
مشاكل وقضايا على الواجهة 
تستعد الجهات المعنية بسيدي سليمان إلى تشييد منتزه غرب المدينة على شاكلة "دار السلام" بالرباط، وهو مشروع مناسب قد يسد فراغا في مجال الترفيه، ويمكن أن يوفر مداخيل وشغلا، خاصة إذا تم تسييره بشكل جيد، المطروح هو طريقة اشتغال السلطة في سيدي سليمان، حيث تعتمد السرية وعدم إشراك الفاعلين واستشارتهم والاستماع لمقترحاتهم، نحن في حاجة لبنيات ثقافية ورياضية وتربوية.. مثلا هناك أحياء كثيرة في الجهة الشرقية بدون مدرسة كحي أكدال ورضا والمحمدية والمنارة والخير… ويقطع الأطفال مسافة طويلة للوصول إلى المدارس، وليس التعليم الخصوصي دائما متاحا للجميع.
ولا تتوفر المدينة على قاعة مناسبة لمختلف العروض والمحاضرات والنقاشات العمومية التي نحتاجها الآن، رغم توفر قاعتين متوسطتين في دار الشباب وفي الخزانة البلدية(هذه الأخيرة بدون حد أدنى من المواصفات المطلوبة) ..
الخزانة البلدية
كما أبدا البعض تخوفاته من سوء تدبير المشروع السكني الذي سيكون بدوره غرب المدينة تحت إشراف المجلس الإقليمي، وأهم التخوفات تتركز حول غياب الشفافية وتحول المشروع إلى خلق "زبناء" جدد في المجال الانتخابي لدى إطراف معينة قد تبتز من أجل أن يستفيد البعض دون الآخر، ولو على مستوى الاستحواذ على المواقع الاستراتيجة ضمن المشروع،  كما يمكن للبعض الآخر من ذوي النفوذ الحصول على سكن أو أكثر بدون أداء أي شيء، وهذه عادة مغربية معروفة..
ولا يمكن أن نقفز على مشاكل العقار بالمدينة، فالخواص الذين يجزؤون أراضيهم على مراحل وتحت مسميات مختلفة لتجزيئات صغيرة من أجل عدم تخصيص مساحات للمصالح الاجتماعية (مدارس، حدائق..) دون أن يلتفت أي مسؤول للأمر ليوقف ذلك.. هذا دون نسيان الأثمنة الباهضة التي أصبحت تباع بها البقع السكنية في مدينة صغيرة (أو متوسطة لنكون أكثر طموحا) كسيدي سليمان.. وقد انضافت "شركة العمران" إلى قائمة المضاربين عوض أن تكون أداة لخلق التوازن بين العرض والطلب ومواجهة جشع الخواص، رغم أنها شركة عمومية تابعة لوزارة السكنى، واشتكى البعض من الثمن الباهض للبقع السكنية التي تطرح من طرف "العمران" واعتبروا أن ذلك غير مناسب وغير مقبول، مادامت الشركة حصلت على الأراضي بأثمنة تفضلية من مؤسسة تابعة للدولة كذلك وهي "الصوديا". يصل ثمن البقعة السكنية إلى 1500 درهم للمتر المربع، والمتضررون دائما هم ذوو الدخل المحدود الذين ينتظرون فرجا لن يأتي من أجل سكن مناسب.. أما البقع التجارية فقد وصلت أرقاما خيالية، من ذلك ما ذكره مطلعون، بحيث أن بقعة على الشارع مساحتها 600m²وصلت 200 مليون سنتيم.. فما السبب وراء ذلك؟ هل فعلا أن المدينة تعرف رواجا وازدهارا اقتصاديا ملفتا؟ أم أن هناك أشياء غير معروفة قد تكون تبييض الأموال القذرة من طرف البعض؟  
ولعل في توسع المدينة وإضافة قرى إلى مجالها الترابي من جماعة دار بلعامري، سيزيد من الوعاء العقاري المتوفر شريطة التعجيل بتهيئة المجال، رغم ما يتطلبه ذلك من تكلفة باهضة لمد الطرق وقنوات الصرف الصحي… بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية الناتجة عن ردود الفعل تجاه تحويل منازل مشتتة بشكل عشوائي إلى فضاء منظم، ونفس الأمر يمكن أن يقال عن إعادة تهيئة الأحياء المهمشة في الضفة الغربية من نهر بهت، التي طال انتظارها رغم إنجاز جزء من المشروع في طرف من حي أولاد مالك.. وهنا لا يمكن أن نتغافل عن وضعية تجزئة الخير رقم واحد التي تقطنها 204 أسرة من ضحايا فيضانات 2009،(نقصد من استطاعوا البناء، ومنهم من يضع غطاء بلاستيكيا لداره إلى الآن) بحيث مازالوا لا يتوفرون على الكهرباء، وأزقتهم غير مهيئة… وأكثر من ذلك تمت معاقبتهم بشكل جماعي عبر رفض الاعتراف بجمعية أسسوها للدفاع من مصالحهم.
  
مقـر عمالة إقليم سيدي سليمان
كأن سيدي سليمان ولدت اليوم فقط، فهي بدون بنايات إدارية واجتماعية وثقافية في المستوى.. وهذا نتيجة الإهمال الذي عرفته عبر السنين السابقة، لم تجد العمالة غير البلدية القديمة مقرا لها، بعدما أحدثت بها ترميمات وإصلاحات، لينتقل المجلس البلدي إلى اكتراء عمارة هي مخصصة للسكن أصلا.. لا توجد من البنايات الإدارية المناسبة غير مركز البريد الموروث من حقبة غابرة، وقد عرف ترميمات قبل بضع سنوات.. وهناك إدارات تعرف استقلالية في التسيير الإداري والمالي ولا تتوفر على مقرات خاصة كإدارة "المحافظة العقارية والمسح الطبوغرافي"، التي تكثري بدورها عمارة ذكر مطلعون أنها أعدت لذلك قبل أن تشيد! ونفس الشيء ينطبق جزئيا على مصلحة الضرائب التي تتوفر على مقر صغير وفي نفس الوقت تكثري عمارة بحي السلام، وما انفق (وما يزال) ككراء يمكن أن يوفر مقرا ذاتيا مناسبا لهذه الإدارات.. وآفة كراء مقرات ستستفحل أكثر مع تطبيق اللاتمركز الإداري، وقد استقرت مندوبية الأوقاف  -على سبيل الذكر ـ في دار بحي السلام بعد إحداث العمالة، وإدارة "الإنعاش الوطني" بحي معمل السكر، ونيابة وزارة التربية الوطنية استولت على مدرسة "الساقية الحمراء"… ولعل عدم توفر مقرات هو ما يؤخر تواجد عدد من الإدارات ومندوبيات الوزارات الأخرى.. لكن لوحظ أن مندوبية وزارة النقل تشيد مقرا خاصا بها، وبذلك ستترك غالبا إحدى الإدارات التابعة لها العمل بمنزل سكني ضيق(مركز تسجيل السيارات)..
تحتاج المدينة في ذلك إلى وضع حي إداري خاص، لكن "شجع" إدارة الداخلية سيستحوذ على حصة الأسد مما ذكره مسؤولون حول توفير أراض  لذلك شرق المدينة، وصدق من قال أن وزارة الداخلية هي "أم الوزارات وحكومة قائمة بذاتها"، وعليه فلمَ اللجوء في مثل هذه الحالة إلى تعيين مندوبيات للوزارات الأخرى!
الحديث عن الإدارات العمومية جعلنا نتوقف عند توفير مقر خاص بالمحكمة، فلأول مرة تتوفر المدينة على مقر"مناسب"، وقد كانت المحكمة مستقرة في عمارة سكنية لسنوات طويلة، لكن البناية الجديدة تشتكي من نواقص، منها عدم توفر موقف للسيارات، صغر مكاتب الموظفين، بحيث لم يتم مراعاة العمل في مكان مفتوح على شاكلة الإدارة الأمريكية، حيث كل الأشغال تجري أمام الجميع، وقد أضاف أحد المرتادين للمحكمة أنه على الأقل كان يجب تخصيص مكاتب تستوعب أكثر من موظف واحد، وقد طالب بمراجعة الوضعية بما فيها تخصيص أرض جانبية لتوقف السيارات الكثيرة التي لا تجد مكانا لذلك.
المقر الجديد للمحكمة
 وفيما مجال "المشاريع" الفاسدة لا يمكن التغاضي عن فضيحة المسبح البلدي (يسمى تجاوزا أولمبيا!)الذي استهلك الملايير ليجد الجميع بعد سنوات طويلة من الانتظار أنه غير صالح للاستعمال، ويتساءل البعض في ذلك عن غيبة القناة التلفزية الثانية  لمواكبة المستجدات، على الأقل حفاظا على "مصداقيتها" مادامت قد طبّلت بدورها لحدث "الافتتاح" الذي لم يدم غير بضعة أيام، ولكن يبدو أن المسؤولية تعود إلى من دعوها لذلك، نعتقد عليهم من جديد دعوتها لكشف عورة المسبح البلدي، أم أن ذلك لا يدخل ضمن إستراتيجيتهم الخاصة؟
 
ليس من فضاءات للمارسة الرياضة غير الساحات الفارغة رغم قلتها، هناك فقط الملعب البلدي الترابي وملعب صغير قرب حي السليمانية
تحدثنا عن الشفافية والغالبية يعرفون أن هذا المطلب يصعب تحقيقه في عدد من الإدارات المغربية والجماعات المحلية ولو حسنت نيات بعض مسؤوليها، لأنه ليست هناك تقاليد في ذلك، والقوانين غير مواكبة للتحولات الجديدة وما تتطلبه من تفاعل وإشراك وإخبار، إلا في بعض الاجتهادات التي تبقى قليلة كقانون الصفقات العمومية رغم أن البعض يلتف حوله بطرق ملتوية خاصة في الجماعات المحلية، والاجتهادات الملحوظة لإدارة الجمارك تطلبها التعامل مع فاعلين اقتصاديين يلحون على السرعة والشفافية.. لكن التعامل مع المواطنين بشكل واضح وفعال عمل مغيب في الإدارة المغربية، ويعتقد الفاعل الإداري أنه غير ملزم بذلك، وليس له أي ولاء تجاه المواطن الذي لم يوظفه ولا يرقيه (حسب اعتقاد خاطئ). وأحيانا ينظر مثل هذا الموظف للمواطن كمتسول يبحث عن منفعة، بينما نفع المواطنين وخدمتهم يجب أن يكون أساس تواجد أي إدارة.. وهذا مازال غير متوفر بالشكل المطلوب.. كما تحتكر الإدارة المعلومة ولا تجعلها في متناول عموم المواطنين، لأن احتكار المعلومة كيفما كانت هو بمتابة "سلطة" لا تريد الإدارة أن تفرط فيها، ولا تسمح بنشرها ومعرفتها من طرف الناس إلا في الوقت الذي يناسبها هي وفق أجندة معينة، قد تكون التحكم والضبط… عوض الإشراك والتشارك.
في هذا الصدد لا أحد يعرف مثلا كيف يتم الاشتغال في "الإنعاش الوطني" على المستوى الوطني والمحلي، وهذه الإدارة التابعة لوزارة الداخلية تتصرف في أموال طائلة، وهي عوض أن توزع "الصدقات" بشكل مباشر، تمنح "مساعادات" عبر تلقي خدمات قد تكون مفيدة وغير مفيدة، يستفيد منها حسب الظاهر بعض المعطلين عن الشغل، ويمكنها إشراك السلطة المنتخبة في ذلك إذا كانت تستطيع أن تفرض ذاتها، ولكن فقط عبر التوسط لمعطلين قصد تشغيلهم… ويلاحظ سكان سيدي سليمان تكفل عمال "الإنعاش الوطني" بتنظيف الشوارع منذ إنشاء العمالة، بينما ذلك من اختصاص المجلس البلدي، ويبدو أن هذا الأخير عاجز عن القيام بذلك، بل وعاجز حتى عن القيام بحمل نفايات المنازل إلى مطرح في الهواء الطلق! وربما بذلك يريد توجيه "رسالة" معينة بعدما تم رفض مشروعه القاضي بتفويت ذلك إلى شركة خاصة، ضمن سلسلة التفويتات في إطار "التدبير" المفوض الذي يثير عدة نقاشات حول جدواه وفعاليته، ودليلهم هو ما وقع من فيضانات متكررة بمنطقة الدار البيضاء منذ حصول إحدى الشركات الفرنسية على "صفقة" تسيير قطاع الماء والكهرباء والتطهير، والأرباح التي تجنيها من وراء ذلك..
  
جانب من مطرح النفايات الصلبة خلف المدينة، بؤرة للتلوث ولا يكفي تغطيتها بالرمال
لكن "أموال الإنعاش" في حالة سيدي سليمان حسب البعض كان يجب أن تتوجه نحو أشغال مفيدة أكثر وتشمل الإقليم بأسره، من ذلك تنقية مجاري تصريف المياه بالعالم القروي حتى يقلل ذلك من الفيضانات، وإصلاح قنوات السقي.. ويكون آخرون على صواب عندما يطالبون بحذف هذه الإدارة وإسناد مختلف الخدمات التي تقوم بها لجهات معنية مختصة، مع توفير السيولة المالية المناسبة لها، وضمان شغل حقيقي وكريم للعاطلين، مادام هذا "الإنعاش.." غير شفاف ولا تعرف مقاصده الحقيقية. أما عن الشغل الحقيقي فقد أصبحت المدينة لا تضمنه لسكانها رغم كل ما تتوفر عليه من إمكانيات، خاصة في المجال الفلاحي.. 
يساهم عمال"الانعاش.." في تنظيف الشواراع، تحية لهم على مجهودهم
وقمة عدم الشفافية يلجأ إليها مجلس "منتخب" يفترض أن يكون على علاقة واضحة مع المواطنين، وينطلق من انتظاراتهم واقتراحاتهم، لكن العكس هو ما يحصل، فلأول مرة في تاريخ المدينة يقتني المجلس الحضري أكبر عدد من السيارات الخفيفة، بعضها أعطي للسلطة المحلية والبقية تحت تصرف مستخدمين وأعضاء في المكتب، أما أفخم سيارة فمن نصيب الرئيس الذي استحلى منصبه واعتبره وسيلة للأبهة والمفاخرة، وإلا لمَ مثل هذه السيارة التي لا تكون إلا عند بعض رؤساء الدول!؟ (التي تحترم مواطنيها طبعا وتوفر للرئيس سيارة واحدة)، وككل سنة تثار من جديد مشاكل "المنح" التي يقدمها المجلس البلدي لجمعيات دون أخرى، والمثير هذه السنة أكثر هو تحصيل إحداها لرقم كبير دون أن تكون لها فائدة للمدينة.. كل هذا دون أن يكلف المجلس البلدي عناء التواصل مع المواطنين، بل ولا يتم الإخبار حتى بانعقاد دوراته العادية، ولا يصدر بلاغا عقب ذلك. ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن هذا المجلس بدون امتداد شعبي يذكر، بحيث أن كل الأعضاء حصلوا جماعة على 27 %من كثلة الأصوات المسجلة بالمدينة في آخر انتخابات يوم الجمعة 6 يونيو 2009، وهي أدنى نسبة مشاركة في المغرب بأسره.
ولعله من سوء التدبير التي لا يمكن التغافل عنها، دفع بائعي الخضر لمغادرة محلاتهم التجارية بالسويقات ليعرضوا سلعهم في الأزقة والدروب، وكذلك بائعو سلع أخرى متنوعة، وهو أمر يثير الريبة والتساؤلات المشروعة عن نية السلطات المعنية في تنظيم المجال فعلا، ونضيف إلى ذلك استمرار احتلال أصحاب المقاهي للملك العمومي ووضع طاولاتهم على الواجهات إلى حدود الرصيف في بعض الحالات، وهو أمر مستهجن وغير قانوني ويعرض المارة للخطر ويبين إلى أي مدى يمكن أن يصل إليه نفوذ المال..
  
تتحول الشوارع إلى أماكن للبيع والزحام
أغلب المقاهي تحتل ممرات الراجلين دون حسيب أو منه…
ختاما نؤكد أن المشاكل كثيرة، وقد استحسن الكثيرون تحول المنطقة إلى إقليم حاضرة سيدي سليمان هي مقر عمالتها، وأن هناك فضلاء كثيرون في بعض الإدارات، وأن مجهودات تقام هنا وهناك، وهو أمر لا يمكن تجاهله. ومطلوب من المواطنين المعنيين  أن يهتموا بشؤونهم المحلية أكثر ويتابعوا ما يجري.. وفي نفس الآن نؤكد على التواصل البناء وانفتاح هذا الموقع الإلكتروني البسيط على الجميع، خاصة لمن أصبحوا يعتقدون في فعالية الإعلام الإلكتروني، ونجدد الاستعداد لنشر كل توضيح أو رد أو وجهة نظر لأي طرف كان.  
 *****
التوقيع: مدونة سيدي سليمان