أمريكا تنسحب من اليونسكو من أجل عيون إسرائيل والضحية المصداقية وشؤون الثقافة
مصطفى لمودن
على إثر منح فلسطين العضوية كاملة بمنظمةاليونسكو التابعة للأمم المتحدة والتى تعنى بالشؤون الثقافية عبر العالم يومه الاثنين 31 أكتوبر، انسحبت أمريكا من هذه المنظمة بسبب تصويت 107 دولة لصالح فلسطين، وامتناع 52، ومعارضة 14 دولة منها الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت المغادرة، إجراء غير مقبول وضدا على دعم ثقافات الشعوب، وقد كانت أمريكا قد أوقفت دعمها لليونيسكو في عهد فريديريكو مايور الإسباني(الغريب هاجر هذا المثقف أوربا ليكون مستشارا لدى أوبا بعد ذلك).. وبعد تعيين مسؤولة جديدة لليونسكو وهي البلغارية إيرينا بوكوفا رجعت أمريكا وبشروطها.. الآن ستجد اليونسكو نفسها أمام نفس المأزق، أي ضعف التمويل الذي يمثل الأمريكي منه نسبة كبيرة ( 50%)، وقد بلغ سنة 2006 ما مقدراه 4.6 مليون دولار.. طبعا، موقف أمريكا مخجل وغير مبرر، لكن الرئيس الحالي باراك حسين أوباما يخشى سطوة اللوبي الصهيوني والانتخابات الرئاسية على الأبواب في غضون 2012، وإذا أقلقهم فمصيره هزيمة نكراء، بفعل قوة هذا اللوبي المتحكم في الشركات الكبرى التي تمول الانتخابات، والمتحكم في وسائل الإعلام القوية كفوس FOX وسننCNN، وكثير من الجرائد… ويبقى التمويل الأوربي لليونسكو بدوره ضعيفا، حيث تفضل دول القارة العجوز الدخول في علاقات ثنائية مع دول العالم فيما يخص القضايا الثقافية كحماية الآثار وتشجيع "المنتوجات الثقافية"، وعلى أي فأوربا على حافة أزمة مالية واقتصادية تهدد استقرارها… وعليه فستكون اليونسكو بين أمرين، أحدهما وضع سياسة تقشفية، وبالتالي حضور رمزي في المجالات الثقافية، أو مراجعة الموقف بعد مدة قد تطول أو تقصر، وفي كلتا الحالتين تكون مصداقية "الدول العظمى" محط تساؤل بل الاستنكار.. وهنا تحضر كذلك البدائل الممكنة، كالتمويل العربي، لكن هذا جد مستبعد، لأن غالبية الدول العربية الغنية بعائدات النفط، لا تستطيع عصيان أميركا، كما أن لها حساسية مفرطة ضد كل ما هو ثقافي وتنويري، ولا نظن أن دول آسيا أو أمريكا الجنوبية ستتحمس لتعويض أي نقص مالي يهدد السير العادي للبونيسكو، لأن لهذه الدول أولياتها التي تهم شأنها الداخلي وتنميتها الذاتية أولا… فهل سندخل في دوامة جديدة أخرى تزيد في تكريس دونية الثقافة بمفهومها العقلي والنقدي والفني… باختصار كل ما هو حضارة أنتجته وتنتجه البشرية لتتفاعل بشكل إيجابي من أجل الحرية والسلم والتضامن… وتجدر الإشارة وفي علاقة بفلسطين نذكر أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قد وضع قبل أسابيع طلبا لدى الأمم المتحدة من أجل الموافقة على العضوية الكاملة، والحصول على صفة الدولة، وهو الأمر الذي لم يرق عدة جهات، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وينتظر أن تشهر الفيتو عندما يطرح الأمر للتصويت على مجلس الأمن، قبل إجازته للنقاش في لجان الأمم المتحدة..