من مشاكل التطبيب في المغرب، على مريضة جمع الفريق المعالج!
مصطفى لمودن
منذ أن اكتشفت قريبة لي ورما مجهولا في رحمها قبل سنة تقريبا، وهي تعيش ظروفا نفسية وصحية صعبة، كانت تشعر بالوهن ومشاكل في الدورة الشهرية، فزارت عدة أطباء قبل وصف الحالة، وكان في الأخير رأي طبيبة للنساء تعمل مرة في الأسبوع بمستشفى عمومي هو أن تستأصل السيدة المعنية الورم.. وقد أكدت لها باستحالة إجراء ذلك في المدينة المتوسطة التي تقطن فيها لعدم توفر الشروط الكافية للعملية، منها انعدام دم تعويض النزيف!
وتتعقد معاناة السيدة المريضة بسبب وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، أرملة بدون عمل قار أو مدخول، وطبعا بدون ضمان اجتماع أو تأمين على المرض…
لتشرع في مسلسل ماراتوني مع المواعيد التي ما أن تحل حتى تؤجل لمواعد لاحقة، وتستمر المعاناة، بل لتجد نفسها أمام الباب المسدود من أجل حقها في العلاج..
واضطرت إلى السفر نحو مدينة أخرى، والقيام بالمستحيل من أجل عرض "قضيتها" على طبيب جراح تابع لمستشفى عمومي له سمعة طيبة لدى فئات عديدة من المواطنات والمواطنين في تلك المنطقة، وقد تأكدنا عبر مقابلات مختلفة مع أفراد عديدين من صدق ذلك، حيث أن هذا الطبيب لا يقبل أي رشاوى ولا يساوم المرضى وأحيانا يمنح الفقراء والفقيرات مالا من عنده لشراء بعض الأدوية أو توفير ثمن التنقل… بالمناسبة نحييه ونهنئه على وفائه لقسم "أبو قراط" والتزامه بمساعدة المحتاجين، وعبره نحيي كذلك جميع العاملين بقطاع الصحة الذين يحترمون أنفسهم ويجعلون الناس يقدرونهم، بخلاف آخرين وما أكثرهم، يساومون المرضى وذويهم قبل أي فحص أو تدخل منهم، ومن هؤلاء من يوجه المرضى نحو عيادات خاصة حتى، ومنهم من يجري العمليات في المستشفيات العمومية بعد نيله مسبقا "أجرا" مرتفعا عن عمله…
لنعد إلى مشكلة السيدة المريضة، فعلا، التقت بالطبيب المعني وقبل إجراء العملية لها، لكنه (وهذا مشكل آخر) لا يضمن لها اشتغال بقية الفريق، وخاصة المكلف بالتخدير، وطلب منها أن تجد واحدا حتى يستطيع أن يجري لها العملية… ومما يروج وسط سكان المنطقة وكل من يعرفون الخبايا أن المخدر أو المخدرين لا يرغبون في العمل مع هذا الطبيب، لأنه ببساطة لا يضمن لهم "مدخولا" إضافيا كما يفعل الآخرون…
إن مشاكل التطبيب في المغرب لا تنحصر فقط في قلة المستشفيات وضعف التجهيز وغلاء الأدوية.. بل في غياب الضمير المهني لدى جزء من الطاقم البشري العامل والمشرف على الاستشفاء..
ونضيف إلى ذلك ضغف التأمين الصحي، سواء بالنسبة للضمان الاجتماعي أو الضمانات التكميلية الأخرى..
ارتفاع ثمن العيادة الطبية المحددة في 120 درهما بالنسبة للطب العام و200 درهم بالنسبة للطب الخاص، ارتفاع الثمن بالمقارنة مع دخل غالبية الشعب المغربي، حيث أن السميك اليومي لا يتعدى 70 درهما إذا ما توفر هناك السميك. (هناك عيادات لها أثمنة أخرى مرتفعة أكثر)
وفي نفس الإطار يعتمد بعض الأطباء طرقا ملتوية للرفع من مدخولهم عبر إضافة "ثمن" استعمالهم لآلات من أجل التشخيص، تدخل في صميم عملهم وأدواتهم، كجهاز الكشف بالرنين، فيتحول مدخول الطبيب العام إلى 200 درهم.
لماذا يتعامل بعض الأطباء بجشع مبالغ فيه مع المرضى؟ لماذا لا يكتفي العاملون في القطاع العام بأجرهم وما يخوله لهم عملهم الإضافي مع القطاع الخاص؟ لماذا لا يخصص غالبية الأطباء جزء من وقتهم للكشف عن المرضى الفقراء سواء في عياداتهم أوفي المستشفيات العمومية وفق مسطرة منظمة ومعروفة؟
لكن أصل الداء كما نعتقد هو في الاتساع المستمر لقاعدة الفقراء والمحتاجين، وضعف خدمة القطاع العام ورزحه تحت أنظمة عتيقة متجاوزة، رغم الاجتهادات التي تقع أحيانا كإعطاء الاستقلالية التدبيرية للمستشفيات، رغم أن ذلك لم يكن كافيا للرفع من جودة الخدمات…
إن السيدة التي أوردناها نموذجا هي حالة فقط ضمن الآلاف، ويمكن التأكد من ذلك عند زيارة أي مستشفى عمومي حيث ينتظر المرضى في طابور طويل، السيدة المريضة لا تعرف متى ستجري العملية الجراحية لإزالة الورم، والأكثر ظلما لها، هي أنها بنفسها من تطوف وتطرق أبواب المستشفيات والأطباء.
وتتعقد معاناة السيدة المريضة بسبب وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، أرملة بدون عمل قار أو مدخول، وطبعا بدون ضمان اجتماع أو تأمين على المرض…
لتشرع في مسلسل ماراتوني مع المواعيد التي ما أن تحل حتى تؤجل لمواعد لاحقة، وتستمر المعاناة، بل لتجد نفسها أمام الباب المسدود من أجل حقها في العلاج..
واضطرت إلى السفر نحو مدينة أخرى، والقيام بالمستحيل من أجل عرض "قضيتها" على طبيب جراح تابع لمستشفى عمومي له سمعة طيبة لدى فئات عديدة من المواطنات والمواطنين في تلك المنطقة، وقد تأكدنا عبر مقابلات مختلفة مع أفراد عديدين من صدق ذلك، حيث أن هذا الطبيب لا يقبل أي رشاوى ولا يساوم المرضى وأحيانا يمنح الفقراء والفقيرات مالا من عنده لشراء بعض الأدوية أو توفير ثمن التنقل… بالمناسبة نحييه ونهنئه على وفائه لقسم "أبو قراط" والتزامه بمساعدة المحتاجين، وعبره نحيي كذلك جميع العاملين بقطاع الصحة الذين يحترمون أنفسهم ويجعلون الناس يقدرونهم، بخلاف آخرين وما أكثرهم، يساومون المرضى وذويهم قبل أي فحص أو تدخل منهم، ومن هؤلاء من يوجه المرضى نحو عيادات خاصة حتى، ومنهم من يجري العمليات في المستشفيات العمومية بعد نيله مسبقا "أجرا" مرتفعا عن عمله…
لنعد إلى مشكلة السيدة المريضة، فعلا، التقت بالطبيب المعني وقبل إجراء العملية لها، لكنه (وهذا مشكل آخر) لا يضمن لها اشتغال بقية الفريق، وخاصة المكلف بالتخدير، وطلب منها أن تجد واحدا حتى يستطيع أن يجري لها العملية… ومما يروج وسط سكان المنطقة وكل من يعرفون الخبايا أن المخدر أو المخدرين لا يرغبون في العمل مع هذا الطبيب، لأنه ببساطة لا يضمن لهم "مدخولا" إضافيا كما يفعل الآخرون…
إن مشاكل التطبيب في المغرب لا تنحصر فقط في قلة المستشفيات وضعف التجهيز وغلاء الأدوية.. بل في غياب الضمير المهني لدى جزء من الطاقم البشري العامل والمشرف على الاستشفاء..
ونضيف إلى ذلك ضغف التأمين الصحي، سواء بالنسبة للضمان الاجتماعي أو الضمانات التكميلية الأخرى..
ارتفاع ثمن العيادة الطبية المحددة في 120 درهما بالنسبة للطب العام و200 درهم بالنسبة للطب الخاص، ارتفاع الثمن بالمقارنة مع دخل غالبية الشعب المغربي، حيث أن السميك اليومي لا يتعدى 70 درهما إذا ما توفر هناك السميك. (هناك عيادات لها أثمنة أخرى مرتفعة أكثر)
وفي نفس الإطار يعتمد بعض الأطباء طرقا ملتوية للرفع من مدخولهم عبر إضافة "ثمن" استعمالهم لآلات من أجل التشخيص، تدخل في صميم عملهم وأدواتهم، كجهاز الكشف بالرنين، فيتحول مدخول الطبيب العام إلى 200 درهم.
لماذا يتعامل بعض الأطباء بجشع مبالغ فيه مع المرضى؟ لماذا لا يكتفي العاملون في القطاع العام بأجرهم وما يخوله لهم عملهم الإضافي مع القطاع الخاص؟ لماذا لا يخصص غالبية الأطباء جزء من وقتهم للكشف عن المرضى الفقراء سواء في عياداتهم أوفي المستشفيات العمومية وفق مسطرة منظمة ومعروفة؟
لكن أصل الداء كما نعتقد هو في الاتساع المستمر لقاعدة الفقراء والمحتاجين، وضعف خدمة القطاع العام ورزحه تحت أنظمة عتيقة متجاوزة، رغم الاجتهادات التي تقع أحيانا كإعطاء الاستقلالية التدبيرية للمستشفيات، رغم أن ذلك لم يكن كافيا للرفع من جودة الخدمات…
إن السيدة التي أوردناها نموذجا هي حالة فقط ضمن الآلاف، ويمكن التأكد من ذلك عند زيارة أي مستشفى عمومي حيث ينتظر المرضى في طابور طويل، السيدة المريضة لا تعرف متى ستجري العملية الجراحية لإزالة الورم، والأكثر ظلما لها، هي أنها بنفسها من تطوف وتطرق أبواب المستشفيات والأطباء.