الخميس، 22 ديسمبر 2011

تجرأ على استعمال عقلك… هذا شرط الانتماء لــ 20 فبراير.


تجرأ على استعمال عقلك…
هذا شرط الانتماء لــ 20 فبراير.
 
 
 
حـــميــد هـــيــــمــة
 
 
ليس التشبع بالديمقراطية والانتماء للمدينة هو ترديدهما كشعارات أو جمل وعبارات مفروغة من محمولها الثقافي والفلسفي، وإنما الديمقراطية، كفلسفة، تقوم على الجرأة في استعمال العقل والقدرة على التفكير المستقل المنفلت عن صياغة الهوامش التبريرية للقرارات التي يصنعها الزعيم/ الشيخ.
 
 أن يكون الإنسان ديمقراطيا هي أن يضع حدا لقصوره الذي تسبب فيه بنفسه. هذا القصور الذي يعني عدم قدرته على استعمال فاهميته (ملكة الفهم) دون وصاية أحد آخر، على حد قول "كانط" في معرض جوابه عن سؤال "ما الأنوار؟".
 
سياق هذا الحديث، هو النزوع الجماعي لأتباع طائفة "العدل والإحسان" لتبرير موقف انسحابهم من حركة 20 فبراير. واجتهادهم النشيط لصياغة مبررات للموقف "المفاجئ" وربطه آليا بموقف تيار سياسي داعم  ومنخرط في حركة 20 فبراير: الحزب الاشتراكي الموحد وعموم النشطاء اليساريين في حركة 20 فبراير ذات الأفق التغيير الديمقراطي.
 
 
ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام من أتباع ياسين مناقشة موقف الانسحاب، الذي صدم قواعد الجماعة، و التداول في خلفياته وأبعاده وآليات صناعته في المطبخ الياسيني، تفاجأ الجميع بالإبداع الذي تفتقت عنه عبقرية الأتباع بربط موقف الجماعة من 20 فبراير بمواقف الحزب الاشتراكي الموحد في مؤتمره الأخير.
 
نشط أنصار الجماعة، كما المناسبات السابقة، في الترويج الكثيف لفيديو القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، محمد الساسي، يركز فيه على موقف حزبه من اللحظة السياسية في المغرب وأطراف الصراع، ومنها جماعة "العدل والإحسان"، وخارطة الطريق نحو الديمقراطية التي تقطع مع كل أشكال الاستبداد المخزني والأصولي. واعتبروا أن انسحابهم هو رد فعل عن مواقف الحزب التي شدد عليها في مؤتمره الأخير، وهي دعم حركة 20 فبراير على قاعدة وثائقها التأسيسية، الملكية البرلمانية..هنا و الآن، حصر التحالفات مع القوى الديمقراطية والتقدمية المؤمنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان مع التشديد على عدم التحالف مع "العدل والإحسان" لكفرها بهذه القيم الإنسانية النبيلة. وهو موقف، حسب اعتقادي الخاص، يتبناه الحزب المذكور منذ ولادته في صيف 2002 في مؤتمره الاندماجي، كما أن قياديين في الحزب ( الفيديو 1 + الفيديو 2) سبق لهم أن أكدوا، في مناسبات سابقة، عن تعارض مشروع حزبهم مع ما تعتقده طائفة "العدل والإحسان".
 
كانت الجماعة، قبل 2006، قد بشرتنا بــالحدث العظيم؛ فاجتهد أتباعها في رسم صور خيالية لطبيعة ومضمون الحدث العظيم باستثمار خيالهم المغرق في الماضوية. لكن عندما تبخر الحلم/ الرؤيا، أصيب أتباعها بخيبة أمل وإحراج كبيرين. وتعرضت الجماعة لنزيف تنظيمي ناجم عن اهتزاز ثقة أتباعها بأحلام الشيخ. غير أن "الحدث العظيم" لسنة 2011، هو انسحاب الجماعة من 20 فبراير دون إنذار مسبق، لجأ زعماء الجماعة، أولا، لتمرين نفسي يخفف من حدة الصدمة التي تلقتها قواعدها بسبب الموقف "العظيم" من 20 فبراير. وثانيا، لصرف انتباه أتباع الجماعة عن مناقشة خليفات الموقف وارتباطه بصناع القرار في السلطة عبر وساطة "السفارة الأمريكية" وإخوانهم في "العدالة والتنمية. هذا دون إثارة آليات صناعة الموقف الذي لم  تستشر فيه قواعد الجماعة، والتي تقوم، في نهاية المطاف، بتنفيذ القرار وتنزيله والبحث عن مبررات له.
 
كان على  أنصار الجماعة، وفق إطار "الشورى" على الأقل، التداول في خلفيات الموقف في علاقة بوصول إخوانهم في "العدالة و التنمية" إلى حكومة تفتقر لكل الصلاحيات الدستورية والسياسية في ظل نظام استبدادي. كما كان عليهم التساؤل عن آليات اتخاذ الموقف داخل الجماعة. إن مثل هكذا أسئلة هي التي ستحدد انتماء الأتباع لمجتمع المواطنة والديمقراطية كما اقترحته "حركة 20 فبراير" في مشروعها التغييري.
 
من الثابت أن عقولا يقظة وشجاعة في الجماعة، كما هو حال المرحوم البشيري، ستنتبه إلى خلفيات الموقف، بيد أن معظم الأتباع سيعيدون اجترار نفس سمفونية "الآخر" الذي دفع الجماعة لاتخاذ موقف الانسحاب. إنها ذهنية غير قادرة على ممارسة تمرين السؤال و النقد، لأن من شأن ذلك خلخلة عقيدة الانتماء للجماعة والإيمان بمعجزات وبركات شيخها. 
 
"تجرأ على استعمال عقلك . فهذا، حسب كانط، هو شعار الأنوار". و هو اليوم شرط الانتماء لــ 20  فبراير.