السبت، 10 مارس 2012

الحاجة إلى التربية الجنسية لماذا حذف درس "التوالد عند الإنسان" من المستوى السادس ابتدائي


   الحاجة إلى التربية الجنسية
لماذا حذف درس "التوالد عند الإنسان" من المستوى السادس ابتدائي
 
مصطفى لمودن
 بعد عودتي لتدريس المستوى السادس ابتدائي تفاجأت بل صدمت لحذف حصص دروس في "النشاط العلمي" حول التوالد عندالإنسان، في كل المستويات السابقة من المستوى الأول إلى الخامس، نجد دروسا عن "التكاثر"، سواء لدى الحيوانات أو النباتات.. وكانت هذه الدروس تنتهي بالتوالد عند الإنسان في السنة السادسة، لكن هذا الامتداد تم توقيفه بعد آخر تغيير للكتاب المدرسي بدون موجب حق بيداغوجي أو تثقيفي، كنموذج "فضاء النشاط العلمي"، مطبعة المعارف الجديدة، تأليف مجموعة من المدرسين والمفتشين…
   كان الدرس مفيدا جدا، خاصة بالنسبة لأطفال ذكروا وإناثا وصلوا إلى مشارف المراهقة، غالبيتهم ما بين اثنى عشر وثلاثة عشر سنة، ليعرفوا أجساهم وأجسادهن، والاختلاف والتكامل القائم بين الجنسين حيث الجانب البيولوجي.. وتجرى في سياق الدرس  نقاشاتموضوعية وهادئة وتربوية حول "التربية الجنسية"، وعن الأمراض الجنسية، والأجهزة التناسلية، والحمل، والحيض، والنفاس (تثير بعض هذه المواضيع دروس التربية الإسلامية بشكل سطحي، كالحديث عن نواقض الوضوء أو مبيحات الإفطار في رمضان..).. وحسب تجربتي في التربية والتعليم يكون لتلك الدروس إقبال وتتبع وغالبا تحصل استفادة.. فلم حذفت هذه الدروس؟
    بالمناسبة، كانت مع الدرس المشار إليه تقع بعض الحالات الغريبة ولكنها قليلة، وهي أن بعض رجال ونساء التعليم لم يكونوا يستطيعون تقديم وعرض تلك الدروس، ويقفزون عليها، مما يترك تشويشا خطيرا لدى التلاميذ، وهم يظلون طول السنة يتفرجون على صور رسومات الأعضاء التناسلية وبقية الدعامات من جداول ونصوص وغير ذلك.. وغالبا ينتظرون بلهفة الوصول لتلك الدروس، وهو ما لم يقع في الحالات المشار إليها..
   عندما تعجز المدرسة والمجتمع عن مناقشة مواضيع عادية كالتثقيف الجنسي ومعرفة طبيعة الجسد الإنساني.. حينها تقع المآسي والقطيعة بين الأجيال والمعرفة الحق، ونؤكد بأننا نحن العاجزون ككبار وكمربين في التواصل وليس الأطفال في حد ذاتهم، وهم يسعون للبحث عن حلول لمشاكلهم وعن أجوبة لتساؤلاتهم من أماكن أخرى غير آمنة وليست لها مصداقية، قد تكون مواقع الكترونية، أو مجرد أشخاص عابرين يستغلون براءتهم لأغراض ذنيئة ..
   عندما تغيب التربية الجنسية، يبقى المجال مفتوحا للغريزة، لتعلن عن تمظهرات مختلفة، منها التحرش الجنسي والاغتصاب والشذوذ.. وعلاقة بالموضوع ذكرت عائشة الشنا في برنامج "مباشرة معكم"الذي بثته القناة الثانية ليلة الأربعاء 7 مارس 2012، أن المغرب عرف 500 ألف طفل ولدوا خارج مؤسسة الزواج ما بين 2003 و 2009، غالبيتهم من أمهات عازبات، وكثير من هؤلاء الأطفال يتم التخلي عنهم، لتحتضنهم مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الرعاية، وأضافت المتحدثة وهي فاعلة جمعوية في مجال الأمومة والطفولة، أن هناك أمهات كثيرات يضطررن إلى الإجهاض في ظروف مأساوية، بسبب حملهن الناتج عن الاغتصاب أو عن علاقات عاطفية تحولت إلى ممارسة جنسية.. ومن الحقائق الصادمة التي ذكرت "أننا ضعنا في 15 طبيبا"، تورطوا في عمليات إجهاض..
   كثير من المآسي يمكن تفاديها عبر التربية والتنشئة السليمة، التي تتعاون من أجلها الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع المدني..