الجمعة، 20 أبريل 2012

بقايا مدينة باناصا Banassa الأثرية معلمة يطويها النسيان والإهمال


  بقايا مدينة باناصا Banassa   الأثرية
معلمة يطويها النسيان والإهمال
 
إعداد مصطفى لمودن
أحسست برهبة وانفعال شديدين أثناء زيارة الموقع، وأنا استحضر عظمة إنسان ذلك الزمن، كنت أمر بين بقايا البيوت والفضاءات وأنا أتخيل المارين والعابرين للمكان.. حاولت أن أرجع بخيالي لفترة ازدهار المدينة.. شيء عظيم ورهيب لا يصدق..
تستقر مدينة باناصا Banassa   الأثرية بإقليم سيدي قاسم، غرب بمدينة مشرع بلقصيري بحوالي 17 كيلومتر، طرق متعرجة بين الحقول والضيعات توصل إليها، عند الوصول تجد أمامك بوابة حديدية ولوحة على جانبه تحمل اسم "وزارة الثقافة..
 ولجت الباب رفقة صديق، فلاحظت بناية صغيرة بها شباك لاستخلاص التذاكر، (لا أحد يستخلص التذاكر)، ثم بنايتين صغيرتين، واحدة عليها اسم "كشك"، والثانية ربما مسكن إداري.. لا حظت أن السور لا يحيط بكامل الموقع..
تقدمت، فظهر أن الموقع الأثري فوق ربوة صغيرة، ما سأعرضه مجرد تساؤلات، ومجموعة من الصور استطعت التقاطها قبل أن تغرب الشمس… وفي نفس القوت نستأنس بما ساهم به أحد الاصدقاء الفايسبوكيين Abdella Birdah  من معلومات إضافية تجدونها في آخر الربورتاج.
يذكر التاريخ أن المدينة وجدت قبل الميلاد، ولكن يبدو من معمارها أنها تشبه المدن الرومانية كوليلي، حيث الشوارع الرئيسية الواسعة، والأزقة الضيقة، ثم المعبد والأسواق والدكاكين والحمامات والحدائق… معمار غاية في الإتقان من حيث التصميم وجودة البناء الذي يعتمد على الحجارة المصقولة والرخام…
حسب تقديري تمتد بقايا باناصا Banassa   على هكتارين.. عبارة عن مستطيل ممتد من الشمال إلى الجنوب، ينقسم من الوسط بأخدود غير عميق، مما يجعل المدينة شبه عدوتين متقابلتين.. بدأت الجولة من الجهة الجنوبية حيث البيوت الواسعة، وانحدرت في مكان لا يزوره أحد في الغالب، فوجدت بقايا درج كاملة تقود إلى مكان شبه دائري، أعتقده كان حماما..
رغم تحويل كل اللقى التي كانت بالمدينة إلى المتحف الأثري بالرباط وأخرى إلى وليلي، فما تزال بالموقع أحجار منحوتة وآجور أحمر مصنوع ومطهى بالنار، وكتابات باللاتينية على  لوحة رخامية، ووبقايا سواري، وبابان مقوسان،  ومصطبة طويلة كانت ربما لجلوس علية القوم..
توجد المدينة الأثرية بجانب نهر سبو، ويبدو أنها كانت ممرا تصل إليه القوافل وتنتظر السفن التي تستعمل النهر لتصل إلى المحيط الأطلسي(*)، ومن هناك نحو المراكز التجارية في غرب أوربا وحوض البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت السطوة القوية للرومان، الدولة التي تأسست في السنة 52 بعد الميلاد، وقد قضت على القرطاجيين، واحتلت شمال إفريقيا لمدة 570 سنة، وحرصت على نقل سلع ومنتوجات مختلفة من المغرب كزيت الزيتون، حيث تذكر مصادر تاريخية أن بالمغرب كانت 70 مطحنة زيتون.. أقرب مدينة مهمة في ذلك الوقت لباناصا  هي وليلي التي توجد قرب مدينةمولاي إدريس زرهون، وفي الغالب كانت باناصا محطة استراحة وعبور…بالجانب الشرقي للمكان وعلى نفس الربوة يقع ضريح "سيدي علي بوجنون" وكأنه حارس للمكان، في المخيال الشعبي المحلي هذا الولي "متخصص" في المعالجة من الجن، وقريبا من المكان عدة منازل مسكونة من طرف فلاحين… 
في خلف المدينة بقايا سور مزدوج وبعده بقايا خندق، في غياب المعطيات التاريخية الدقيقة، أطرح التساؤلات التالية:
ـ المنطقة سهل رسوبي واسع، كان عبارة عن مستنقعات تغمره الفيضانات باستمرار، ومدينة باناصا على مرتفع ناتئ، فهل المرتفع الناتئ هذا  طبيعي أم اصطناعي تم عبر مراكمة الأتربة؟
ـ في المدينة بقايا حجارة مختلفة، منها الكلسية الذي تجلب عادة من الشواطئ، ومنها أحجار أخرى، كالبركانية وغيرها.. من أين أتوا بها رغم ضخامتها؟ الأمر يقتضي البحث ومتابعة مجرى النهر نحو الأعلى إلى المناطق الصخرية. (لكن من يقوم بهكذا بحث؟)
ـ في الغالب ما تزال الأرضية تختزن كنوزا تاريخية مهمة، لكن كيف يمكن التنقيب عن ذلك.
ـ المدينة الأثرية يفترض أن تكون معروفة ومحط زيارات منظمة سواء من قبل المؤسسات التعليمية أو السياح..
ـ يفترض أن يكون في عين المكان معرض للقى، ولصور افتراضية عن الموقع كيف كان في حينه، وكذلك بقية المعلومات التاريخية التي تربط المكان بالأزمنة الماضية وتبين دور المدينة مع محيطها.
ـ رغم هذا المعمار المتنوع الذي حل بالمغرب عن طريق الرومان، لم يستفد المغاربة من ذلك، وكثير منهم استمروا في العيش بالأكواخ والبيوت الطينية باستثناء بعض المدن التي تعد على رؤوس الأصابع.
———-
(*) بقي نهر سبو  يستعمل للملاحة في عهد الحماية وذكر لي مواطن من المنطقة أنه كان شاهدا على شحن السفن بالمنتوجات الزراعية والأبقار بقرب قرية أولاد نصر
  
البيوت:
 
 
الشارع الرئيسي وبعض مما فيه: 
 
 
 
 
 
يبدو أنه باب متجر بالشارع الرئيسي
الساحة:
 
 
 
 
 
 

 
أسوار:  

  
آجور وحجر مصقول من زمن سحيق:
 
 
تفاصيل صغيرة: 
  
    
 
 
 
 
قد يكون من بقايا حوض استحمام:
 
 
من الجانب الشرقي على نفس الربوة "حارس المكان" سيدي علي بوجنون، لا أحد يعرف ما يوجد تحت مرقده!!
   
مخلفات أثار وضعت لاحقا على أنقاض القديم.
كيف انوجدت هذه الربوة في منطقة سهلية واسعة؟ 
________________