الانتخابات الرئاسية الفرنسية
اليسار يسير نحو الإليزيه
نيكولا ساركوزي في مواجهة فرانسوا هولاند
مصطفى لمودن
صوت الشعب الفرنسي اليوم الأحد 22 أبريل 2012 بكثافة في الانتخابات الرئاسية، بعد حملة انتخابية "شرسة"، شارك فيها عشر مرشحين من مختلف الأطياف السياسية في فرنسا.
احتل مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند الرتبة الأولى ب 28.63% من الأصوات، وجاء مرشح "الاتحاد من أجل حركة شعبية " الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي ثانيا ب 27.18 % من الأصوات، وحققت مرشحة "الجبهة الوطنية" اليمين المتطرف جان ماري لوبن نتيجة غير مفاجئة باحتلالها المرتبة الثالثة بنسبة 17.90%، وقد بنت حملتها الانتخابية ضد الهجرة، أما مفاجأة الحملة الانتخابية جان جاك ملنشون، فقد صوت لصالحه 11.11 %، وهو مرشح "جبهة اليسار" الذي استطاع أن يلفت إليه الاهتمام بخطاباته القوية ضد الرأسمالية المتوحشة وضد الساركوزية، وقد كانت تجمعاته الانتخابية مثيرة من حيث الأعداد التي حضرتها.. أما مرشح "حزب الحركة الديمقراطية" يمين الوسط فرانسوا بايرو فقد جمع 9.19%، تلته في رتبة متأخرة مرشحة الإيكولوجيين إيفان جولي ب 2.31%..
في انتظار الشوط الثاني والحاسم بين المرشحين الأولين في 6 ماي المقبل، انطلقت منذ ألان الحملة الانتخابية لكل طرف، ومحاولة استقطاب ناخبي المرشحين الآخرين، فقد أعلن فرانسوا هولاند عن مساندة مرشح " "جبهة اليسار" له، وهو ما أكده فعلا جان جاك ملنشون، ونفس الشيء بالنسبة لمرشحة الخضر، وذكر مرشح الحزب الاشتراكي أمام حشد من مؤيديه إنه يتبنى طروحات الطرفين بدون نقاش، وهو ما يعني تحول الحزب الاشتراكي الفرنسي نحو يسارية اليسار، سواء فيما يخص الرعاية الاجتماعية والحفاظ على البيئة، والتخفيض من استعمال الطاقة النووية، والاستقلال النسبي عن التبعية لألمانيا وأمريكا..
أما نيكولا ساركوزي فدعا في أول ظهور له جميع الفرنسيين للالتفاف حول برنامجه، وهو ما يعني صعوبة حصوله على حلفاء ولو من محيطه اليميني سواء في "الجبهة الوطنية"، وقد ذكرت جان ماري لوبن أنها لن تعلن عن موقفها سوى يوم الثلاثاء فاتح ماي، لتعطي للأمر تشويقا أكثر وتفرض تنازلات على ساركوزي لصالح توجهاتها المتطرفة.
طالب ساركوزي من خصمه إجراء ثلاث مواجهات تلفزية قبل اليوم الحاسم، لكن وفق تصريحات غير مؤكدة رفض هولاند ذلك، وطالب بلقاء واحد فقط.. ولعل ساركوزي بذلك يريد شن هجوم قوي على خصمه، خاصة أنه على دراية بالبوليميك، كيفما كان الحال سيتطارحان الطرق الممكنة للتنمية الاقتصادية وكيفية تمويل ذلك، نسبة الضرائب، وفرض ضرائب إضافية من طرف الاشتراكيين على الأغنياء، مشاكل التقاعد وتمويله، البطالة، الطاقات البديلة..
وجاء في آخر استطلاعات للرأي فوز فرانسوا هولاند بنسبة 54 %بينما ساركوزي سيحصل على 46.% ويبدو أن اليسار الفرنسي سيعود للرئاسة بعدما فقدها منذ عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميترا (1981/ 1995)، مستغلا أخطاء الرئيس المنتهية ولايته والأزمة الاقتصادية التي ضربت فرنسا مؤخرا وإخلافه لوعوده السابقة وانقسام اليمين الفرنسي..
ما يهمنا نحن في المغرب من نتائج الانتخابات الأولية:
ـ أن الديمقراطية والانتخابات هي الحل الأمثل المتوفر للبشرية من اجل تفادي الديكتاتوية والصراعات الدموية حول السلطة والنفوذ، وقد رأينا في الدول الديمقراطية كيف تحمل صناديق الاقتراع توجهات جديدة ومختلفة لتدبير قضايا الدولة.
ـ وإن كان اليمين الفرنسي في شخص ساركوزي ومن معه في قصر ماتينيون يدعمون المغرب على المستوى الدبلوماسي، لكن ذلك لا يكون بدون ثمن، خاصة على المستوى الاقتصادي، حيث يتم فتح الأبواب للشركات الفرنسية، كمثل لذلك التدبير المفوض، القطار الفائق السرعة..
ـ في حالة فوز الاشتراكيين وهو الاحتمال الوارد فسيكون هناك مشكل على مستوى تمرير الخطاب مع الحكومة المغربية الحالية التي على رأسها حزب "العدالة والتنمية" ذي التوجهات الإسلامية.. وقد يكون الأمر في صالح المغرب من حيث "ضبط العلاقة" نحو التوازن، وعلى الأقل عدم دعم الحكومة المغربية في توجهاتها المحافظة.. رغم أن مبدأ المصلحة يحتفظ بمبرره في مجال العلاقات الدولية.