وزراء نائمون في منطقة الغرب.
حـــــــميــــــــــد هيـــــــمة.
إذا كان الشاعر العراقي، معروف الرصافي، قد " أثنى " على النائمين في بيت شعري يقول فيه: " ناموا ولا تستيقظوا … فما فاز إلا النوم "، فإنه لم يكن يتوهم يوما أن يوجد، من موقع سلطة القرار، من ينفذ "وصيته" الثمينة. لكن تشاء الأقدار أن نتشرف في المغرب، في ظل حكومة مولا نوبة، بأن نكتشف الميولات الأدبية الرفيعة لوزرائها وتعطشهم للشعر، بل وتهافتهم من أجل تطبيق وصايا الشعراء والأدباء. كيف عمل الوزراء بنصيحة الرصافي، هذا ما نبهتنا إليه فيضانات منطقة الغرب؟
منشأة خط السكة الحديدية الجديد لم يراع الظروف البيئية والمعطيات المناخية (الصور خاصة)
وزير الإسكان ، صاحب الطلعات الإعلامية البهية، مكنته الفيضانات الأخيرة من تنفيذ مشروعه الطموح الرامي إلى القضاء على السكن العشوائي بجهة الغرب الشراردة بني أحسن. فقد سوت السيول الجارفة المنازل الطينية مع السطح، دون تدخل القوات المساعدة والأمن. وسيتم الإعلان، لاحقا، عن تفاصيل مشروع إعادة إسكان المستفيدين في سقف زمني غير قريب.
وإذا كانت الطرق " المعبدة" لوزير التجهيز عجزت عن الصمود أمام السيول المائية، التي تركت ندوبا عميقة لم تفلح كل الماكياجات الخفيفة في تجميل وجهها الأسود؛ فإن خط السكة الحديدية الذي يخترق منطقة الغرب، وخاصة الخط الجديد الذي يرتقب أن يربط سيدي يحي الغرب بمشرع بلقصيري، قد تحول لأكبر شواية في العالم ( حسب تصنيف جديد ل "غينيس " ستتوصلون به قريبا)، بعدما جرفت المياه الأتربة والأساسات التي تسند قطبان السكك الحديدية وجعلتها معلقة في الهواء. ويندرج هذا العمل الإنساني لوزارة التجهيز، حسب ما يستفاد، في إطار التضامن مع المنكوبين، ليتمكنوا من شواء أبقارهم وأغنامهم التي نفقت.
وزيرة الصحة لم تحرك ساكنا أمام الهجوم المبكر لجيوش " الناموس / اشنيولة " على ساكنة الغرب. فقد لاحت تباشير هجوم عدواني وغير مسبوق ل " اشنيولة " على المنطقة في الصيف القادم. وما يتخوف منه السكان هو مشاركة كثيبة " اشنيولة موديل 2010 مولات الموصطاج " ذات القدرة الحربية والدهاء التكتيكي؛ الذي اكتسبته في دورة تدريبية احتضنتها قنوات الصرف الصحي والمستنقعات في غفلة عن الوزارة المذكورة. الأمر الذي يستدعي، حسب متتبع، تدخل قوات الجيش لوقف هذا العدوان للقوات الجوية ل "اشنيولة موديل 2010".
وزير الإعلام ، الرفيق خالد الناصري القيادي في حزب المعقول، اجتهدت قنواته الإعلامية على تغطية الفيضانات التي اجتاحت صديقتنا فرنسا والآثار الاجتماعية للزلزال الذي ضرب إخواننا في هايتي. ورافق هذه التغطية تصريحات الاطمئنان للسادة الوزراء الكرام في شأن أحوالنا. وبذلك يكون الإعلام الرسمي قد " غطى "، بدلالة هذا الفعل في التداول الشعبي، على فيضانات منطقة الغرب. بعض الحاسدين وصفوا ذلك ب"التعتيم الإعلامي " المضروب على المنطقة. اللهم لا حسد.
و في إطار الشراكة المبرمة بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ومصلحة الفيضانات المحدثة أخيرا، قامت هذه الأخيرة بربط دواوير منطقة الغرب بالماء غير الصالح للشرب بالمجان ودون أداء الفواتير الملتهبة المترتبة عن استهلاكهم لهذه المادة الحيوية.
السيد أحمد أخشيشن، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، وحده المستفيد من الفيضانات بتنفيذها لوعد سابق له، عبر عنه في حوار صحفي مع يومية المساء، باستعداده لهدم أسوار المؤسسات التعليمية ربما باستعمال التراكتورات الموجودة في المنطقة. السيول الغاضبة هاجمت المؤسسات التعليمية دون أن تمهل وزيرنا الوقت الكافي لصياغة وتعميم مذكرة في هذا الشأن. بل إن الفيضانات أصدرت " مرسوما " جديدا ومعدلا للمرسوم الوزاري في شأن تحديد الأيام الدراسية والعطل، عندما فرضت عطلة قسرية على المؤسسات التي اجتاحتها المياه، أو بتحول العديد منها إلى ملاجئ لإيواء المنكوبين. وبذلك تكون الفيضانات قد ساهمت في استكمال تنفيذ مشروع " الجامعات الشعبية " لوزير الشباب الأسبق محمد الكحص، مما سيؤدي إلى التقليص من نسبة الأمية في منطقة الغرب، لأنها وفرت فرصة مناسبة، و غير مسبوقة، للسكان للولوج إلى المدرسة؛ بعدما كان ذلك متعذرا عليهم في الماضي لانصرافهم إلى تطبيق وصية الزعيم الوطني: سيروا أنتوما خدموا فالفلاحة وأولادنا أيمشيو إقراو فابلاصتكم. غفر الله لزعيمنا الوطني.
غرباوة، وأنا منهم، معروفون بقدريتهم ( الفيضان فيه الخير، الله تيحاسبنا على ذنوبنا ،،،)، لكن الفيضانات الأخيرة جاءت لتنبههم إلى أن وزراء حكومتنا نائمون في منطقة الغرب. فهل يبادر غرباوة لإيقاظ هؤلاء من سباتهم العميق؟
مشرع بلقصيري 17/03/2010