الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

التعليم إلى أين؟ 4ـ وضعية الحجرة الدراسية بالعالم القروي


التعليم إلى أين؟
4ـ وضعية الحجرة الدراسية بالعالم القروي
    بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، للموسم الدراسي 2008/09، نشرع في إشراك القراءمعنا حول هموم التربية والتعليم، أولا لنبسط أهم المشاكل، وبعد ذلك يمكن أن نقترح حلولا لها، في ظل وضع تعليمي متأزم باعتراف الجميع، سنسعى حسب المستطاع  الوقوف على بعض التفاصيل الصغيرة، والتي قلما يتم الانتباه لها،ونخص بالأساس التعليم الابتدائي، قاطرة السلسلة وركنها الأساسي، كل ما له علاقة بهذا المستوى التعليمي، علما أننا راكمنا تجربة ميدانية وعملية في مهنة التربية والتعليم لما يقرب من ربع قرن من الزمن، وقد عايشنا بعضالتجارب والتحولات، وشاهدنا نجاحات وإخفاقات، غير أن ملاحظات القراء عموما وانتقاداتهم وتوجيهاتهم تدعم كل ما سنأتي على ذكره.
           تكاد تتشابه الحجرات الدراسية بالعالمالقروي، باستثناءات قليلة كما سلف الذكر، كما هو عليه الحال في مدارس محظوظة توجد بمراكز قروية في جوار مقر القيادة أو الجماعةالقروية… على العموم تكون الحجرة في الغالب من البناء المفكك، نقطة ضعفه الباب والنوافذ والسقف، الباب قد يكون مهشما أو بقيت أطراف منه عالقة بالإطار، إن سلم ومازال في مكانه فقفله الأصلي فاسد أو أزيل، وقد عوض المدرس أو المدرسة ذلك بسلسلة حديدية أو أسلاك، أول ما يُفقد النوافذُ في الحجرات المفككة ، إن كان بها الزجاج يكسر، أو ألواح بلاستيكية تقلع، فيحمي المدرس نفسه وتلاميذه من الرياح والأمطار بوضع أكياس بلاستيكية على ما تبقى من إطارات لاصقة بالجدران، السقف المكون منطبقتين تحتمي به العصافير وتبني فيه أعشاشا لها، مما يخلق روائح كريهة، وتتسرب منه الحشرات المضرة، في بعض الحالات يتعاون المدرس وتلاميذه من أجل إغلاق فجوات السقف بواسطة الطين والقش، من أجل منع العصافير من الولوج إليه.
        يؤكد خبراء البناء أن الحجرات المتكونة من القطع المفككة التي يركب بعضها على بعض  تصلح للاستعمال خلال عشر سنوات فقط، وبعدها تتحول إلى مصدر خطورة، خاصة ما تنفثه من  مادة لاميانط (L’amiante)التي تضر بالجهاز التنفسي، كما أن السقف يتحول مع مرور السنين إلى شلال من المياه التي تتساقط على رؤوس التلاميذ بفعل المطر، كما هو حال الحجرة التي أدرس بها منذ سنوات، وكذلك حجرات بعض الزملاء، رغم إشعار المعنيين بالأمر بذلك، وتكون بعض الجدران بها شقوق  بارزة والأرضية كذلك، وقد عرفت بعض المدارس قبل سنوات قليلة بعض الترميمات، حيث أعيد تبليط الأرضية ووضعشبابيك على النوافذ وإصلاح الأبواب أو وضع أخرى، لكن ذلك لم يكن بالجودة والمتانة المطلوبة خاصة الشبابيك ذات السمك الضعيف والتي انتشل بعضها مع الوقت وأصابها الصدأ، وبما أنها دون حراس تتعرض للنهب والتكسير.
     تحافظ الحجرات الدراسية في المدارس العمومية المغربية على طابعها التقليدي الموروث منذ بدايات ظهور التعليم الرسمي، سبورة سوداء أو خضراء في مواجهة صفوف التلاميذ ومدرس يعتمد على كلامه وحركاته وكتب مقررة ويستعمل  الطباشير من أجل التدريس، علما أن تلك الوسائل ستبقى دائما ولدى كل الشعوبالأداة الأساسية للتربية والتعليم، أي لا بد من «حرارة» إنسانية تجعل تيار المعرفة يمر من إنسان/مدرس إلى آخر/تلميذ، لكن الاعتماد على تقنيات ووسائل حديثة أصبحت من الضروريات ، نقصد بها مختلف الوسائل الديداكتيكية وأهمها الحواسيب وشاشات العرض
    تفتقد الحجرات إلى خزانة يمكن أن تجمع عددا من الأغراض، كبعض الوسائل التعليميةالضرورية، وما يمكن أن يجلبه التلاميذ لدعم بعض المواد وما يدخل في نشاطهم المعرفي والبحوث التي ينجزونها في بعض الدروس، كما يمكن أن توضع بخزانة القسم كراريس التمارين، لكن لغياب الخزانة يضطر التلاميذ  إضافتها  إلىحملهم الثقيل من الكتب والدفاتر الأخرى، وأصلا لا يمكن ترك دفاتر التلاميذ بالأقسام الدراسية، حيث ستتعرض للإتلاف والنهب بمجرد مغادرة المدرسة.
     ينتقص بعض المدرسين طاولة أو أكثر من عدد الطاولات المتوفرة، يضعونها في مؤخر الحجرة خلف الصفوف، ويراكمون فوقها أشياء  مختلفة، منها ما يفيد وكثير منها لا معنى لوجوده، هذا إن كان للحجرة باب ويمكن إغلاقه، يسمون ذلك «متحف القسم» أو «خزانته» درءا لملاحظات المفتشين الذين يتساءل بعضهم على ذلك، ويلح في التوفر عليه بمجرد وضع قدميه في الحجرة الدراسية!
     كما لا يفوتنا الحديث عن غياب سبورة إضافية توضع عليها بعض إنجازات التلاميذ، مثل البحوث والإنشاءات المختارة، وعرض أهم برامج وفقرات المقرر الدراسي، وإشراك التلاميذ وأوليائهم في ذلك ولو على مستوى الإخبار والتحسيس،  أماالصور- إن وجدت – فغالبا ما تحمل طابعا «ثراتيا» تحيل في مضمونها ومعناها على أحداث تاريخية، أكثر مما تساعد على التعلم، موروثة منذ أزيد من خمسة عقود، ويتم إعادة طبعها باستمرار، وهي ما يجده المدرسون متوفرا لاقتنائه ووضعه على الجدران، مثل الصور المعروفة للحلاق، والقناص وابنه،  ومحطة أكدال للقطار بالرباط  حيث يصعد إليه قرويون، وشاحنة رجال الإطفاء التي لم يبق لها أثر حتى في متلاشيات السيارات القديمة، وجزار بمديتهالطويلة!!…مما يعد فعلا  صورا ذات طابع «ضريف» وغرائبي،  أو متحفا تاريخيا يفرض على الصغار تخيل الماضي باستمرار عوض التطلع للمسقبل والإطلاع على الحاضر بمخترعاته واكتشافاته المبهرة. أو يضطر  بعض المدرسين إلى جلب صور ملونة براقة تدخلت الحواسيب في وضع ألوانها وتركيب أجزائها، تبهر الأطفال ولا تفيدهم بشيء، وكثير منها يصلح لتزيين المقاهي وبعض الصالات الخاصة… بينما تتوفر بعض النيابات التعليمية على مصلحة تختص بإعداد الوسائل التعليمية، تسمى «مكتب الأعمال التكميلة» لكن إنجازاتها )المصلحة المختصة) ضعيفة أو منعدمة، و لا يهما الحاجيات اليومية للتدريس الجاد والهادف، وفي حديثنا عن الصور، نعتقد أنه يجب توفرها مع محاور الكتبالمدرسية المقررة، وأن تجدد على الجدران باستمرار طول السنة حسب تجدد محاور المقرر وتسلسله، في انتظار تزويد المدارس بالوسائل السمعية البصرية التي يمكن أن تعوض عددا من النواقص إن تم استعمالها بشكل جيد.
  كما أنه من الواجب توفير الوسائل التعليمية لجميع الوحدات المدرسية بما فيها الفرعيات، ويجب أن توضع رهن إشارة المدرسين، يستعملونها بدون عراقيل من طرف إدارة يكون هاجسها الأول الحفاظ على «الممتلكات»  ناصعة جديدة براقة دون استعمالها من طرف المتعلمين والمدرسين! إلى حين تسليمها إلى مدير جديد يحل خلفا لسابقه.
     عند زيارة أحد معلمي أو معلمات العالمالقروي لإدارة معينة، قد تكون إحدى نيابات وزارة التربية الوطنية، أو مقر إحدى الأكاديميات، أو إدارة مركزية تابعة للوزارة الوصية، يتفاجأ الزائر(ة) بحجم التجهيزات المتوفرة، بينما هو لايتوفر في قسمه حتى على كرسي أو مكتب، وهو ما يؤكد انقلاب المفاهيم، فعوض أن يكون الجميع في خدمة لحظة تواجد التلميذ بحجرة الدراسة وتوفير كافة المتطلبات لذلك، يظهر أن التلاميذ والمدرسة وجدوا لينعم الإداريونوالمشتغلون بالإدارات وحدهم بالتجهيزات، التي تتوفر طبعا بشكل متفاوت للموظفين حسب تراتبيتهم داخل إدارتهم؛ يتوفر مثلا مكتب النائب الإقليمي على الزرابي والأرائك ومكيفات الهواء… ، وذلك من حقه حتى يقوم بواجبه في كامل الراحة، لكن بالمقابل لماذا كل هذا الإهمال للمدارس والحجرات الدراسية ؟ وهل في مثل هذه الوضعية يمكن الحديث عن وجود تربية وتعليم، خاصة في العالم القروي أمام ضعف التجهيزات أو انعدامها؟
مصطفى لمودن

الأحد، 31 أغسطس 2008

التعليم إلى أين؟ 2ـ وضعية المدرسة بالعالم القروي –تتمة بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، للموسم الدراسي 2008/09، نشرع في إشراك القراء معنا حول هموم التربية والتعليم، أولا لنبسط أهم المشاكل، وبعد ذلك يمكن أن نقترح حلولا لها، في ظل وضع تعليمي متأزم باعتراف الجميع، سنسعى حسب المستطاع الوقوف على بعض التفاصيل الصغيرة، والتي قلما يتم الانتباه لها، ونخص بالأساس التعليم الابتدائي، قاطرة السلسلة وركنها الأساسي، كل ما له علاقة بهذا المستوى التعليمي، علما أننا راكمنا تجربة ميدانية وعملية في مهنة التربية والتعليم لما يقرب من ربع قرن من الزمن، وقد عايشنا بعض التجارب والتحولات، وشاهدنا نجاحات وإخفاقات، غير أن ملاحظات القراء عموما وانتقاداتهم وتوجيهاتهم تدعم كلما سنأتي على ذكره. كما ذكرنا سابقا فقد بدلت مجهودات كبيرة من أجل تقريب المدرسة من القرى المغربية المتناثرة عبر تجمعات صغيرة، وبما أن العالم القروي لم يعرف كبير عناية أو اهتمام من لدن الحكومات المتعاقبة، وما تزال القرى كسالف عهدها لم يطرأ عليها تغيير ملحوظ، خاصة من جانب تجميع المتقارب منها، وإحداث قفزة نوعية في بنيات الإنتاج المحلية، مما سينعكس على البنية الذهنية لساكنة معروف عنها الطابع المحافظ والحذر من كل ما هو جديد، وهو ما تنبهت له الأطراف الحاكمة، مما جعلها تتلكأ في أي إصلاح زراعي حقيقي منذ عقود خلت، اعتقدت أنه قد يقود إلى المجهول، أو إلى ما لا يمكن التحكم فيه على المستوى السياسي. لكن للحقيقة، فقد تنبه الحاكمون لوضعية الإهمال التي يعيشها العالم القروي، على الأقل منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، خاصة مع تفاقم الهجرة القروية إلى المدن، وما ترتب عليها من مظاهر سلبية مثل السكن العشوائي، وظهور بعض الانتفاضات المطالبة بتحسين ظروف العيش، علما أن المنطق الديموغرافي السليم يقود نحو توسع القاعدة السكانية بالمدن، لهذا بدأت الدولة تتنبه لحالة العالم القروي، وقد فضلت ترك كل شيء على حالته، دون رؤية مستقبلية استشرافية، وأمدت الكثير من القرى لأول مرة وبعد تأخر طويل، بالماء والكهرباء وبعض المسالك الطرقية، اعتمادا على تضامن وطني يساهم فيه كافة المغاربة عن طريق فرض رسوم ضرائبية تستخلص من واجبات استهلاك الماء والكهرباء والبترول، ومساهمة سكان العالم القروي أنفسهم والجماعات المحلية، وإذا كان ذلك قد أعاد الاعتبار لنصف المغاربة، فإن الفئة الشابة منهم لا يقنعها ذلك، وبالتالي فهي لا ترى مستقبلها في العيش ضمن أحضان القرية، وبالتالي فإن الاستثمارات الضخمة العشوائية التي صرفت بالعالم القروي دون تخطيط سيظهر بعد عقود قليلة أنها ذهبت سدى، عندما ستفرغ بعض القرى من ساكنتها، أمام انسداد الأفاق بها… قبل هذه التحولات كانت المدرسة أول زائر للقرية، فقد بنيت أغلب المدارس في العالم القروي قبل وصول كل المتطلبات الضرورية للحياة، جاءت قبل المستوصف والطريق والكهرباء… كل المدارس بنيت بالتدرج، ومنها من ما يزال كذلك، في غير إتمام إن لم نقل أغلبها، يُستنب قسم في أول الأمر، وبشكل عشوائي من حيث المكان، يلعب في بعض الأحيان الحظ دورا في ذلك، حسب اختيار أول العمال القادمين لوضع أرضية الحجرة المقرر بناؤها، وبعد ذلك وعبر سنوات كانت تضاف حجرة تلو الأخرى، ليتوقف الأمر عند ذلك. ما هي مواصفات المدرسة القروية؟ أغلب المدارس في العالم القروي هي حجرات متقاربة من البناء المفكك، بدون سور، أو حارس، أو مراحيض، أما الحديث عن بقية المرافق الضرورية لإنجاز مهام التدريس كما يجب فذلك يعتبر ترفا لا معنى له في عقول البعض، لا يمكن الحديث عن ملعب (أو ملاعب الرياضة)، أو عن قاعة متعددة التخصصات، تتضمن مكتبة وقاعة للإعلاميات، وتنجز بها الأنشطة ذات الطابع الجماعي مثل العروض الثقافية والفنية، أما ربطها بشبكة الانترنيت فنعتقد أن ذلك من سابع المستحيلات حتى في مستقبل منظور… بعض المدارس بها حد أدنى من المتطلبات، قد تكون متواجدة ببعض المراكز القروية، أو بجانب طريق وطنية، يحرص بعض المسؤولين على العناية بها، حتى تعطي انطباعا مقبولا لعابري الطريق! أما الفرعيات والمؤسسات التعليمية المتواجدة بأعماق البادية فهي في وضعية غير مناسبة. للحقيقة التاريخية التي لا يمكن إجحادها فقد ربطت عدد من المدارس بالشبكة الكهربائية، وقد كان لحكومة التناوب التوافقي الفضل في إعطاء الضوء الأخضر لذلك، فما أن تصل أسلاك الكهرباء لقرية بها مدرسة، حتى يكون لهذه الأخيرة نصيب من نعمة الكهرباء، لكن للأسف ضاعت تلك التجهيزات في عدد من المؤسسات، انتشلت الأسلاك وكل التجهيزات، وذهبت كل التضحيات دون طائل، لغياب متعهدين للمدارس، حيث تبقى باستمرار عرضة للسرقة والتخريب. الجميع يتعجب من ترك المؤسسات التعليمية دون حراس، رغم تكلفتها المالية المهمة، سواء لتشييد البنايات، ومدها بمختلف التجهيزات، خاصة الأساسي منها كالطاولات والسبورات، وربطها بالكهرباء، لكن ذلك يتعرض للنهب والتخريب دون أي رادع، وكان حري بالوزارة الوصية أن تتعاقد مع حراس للفرعيات غير متفرغين من سكان العالم القروي، خاصة المجاورين للمدرسة، مقابل تعويض رمزي يقبله الحارس، عوض تعيين نواب للمدير بالفرعيات بتعويض قيل أنه قد يصل إلى 400 درهم في الشهر، مما يبين تركيز المسؤولين على الجانب الإداري وتضخيمه على حساب جوانب أخرى، منها توفير متطلبات التدريس والحفاظ عليها. من الضروري جعل المدرسة في الخدمة الشاملة لسكان القرى، ولتسد النقص الحاصل في المرافق لديهم، بحيث يجب أن تعتبر كذلك بمثابة دار الشباب، ومقر اجتماعات وعقد ندوات، وتقديم بعض الأوراش التكوينية والتثقيفية لجميع الساكنة حسب مختلف الأعمار، وأن تنشط بشكل مكثف في المساءات وأثناء العطل الدراسية، ولن يحصل ذلك سوى بحصول قناعة لدى الحكومة لتغير نظرتها نحو سكان العالم القروي، وتتحمل مسؤوليتها في العناية بهم، وتخصص لهم ما يكفي من الدعم المالي والأطر، ونفس الشيء بالنسبة للجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني المدينية التي تنشط بالحواضر، وبعض هذه الجمعيات اهتمامها بالقرى مناسباتي…إن حصل كل ذلك يمكن اعتباره بمثابة ثورة ثقافية لا يمكن حصولها في الوقت الراهن لعدة اعتبارات حسب وجهة نظرنا. لن تنجح المدرسة في مهامها بالعالم القروي سوى باحتضانها من طرف السكان أنفسهم، وقبولهم لها، ودمجهم إياها ضمن فضاءاتهم واهتماماتهم الخاصة، لكن ماهو المانع دون ذلك؟ مصطفى لمودن


        التعليم إلى أين؟  


2ـ وضعية المدرسة بالعالم القروي تتمة


  بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، للموسم الدراسي 2008/09، نشرع في إشراك القراء معنا حول هموم التربية والتعليم، أولا لنبسط أهم المشاكل، وبعد ذلك يمكن أن نقترح حلولا لها، في ظل وضع تعليمي متأزم باعتراف الجميع، سنسعى حسب المستطاع  الوقوف على بعض التفاصيل الصغيرة، والتي قلما يتم الانتباه لها، ونخص بالأساس التعليم الابتدائي، قاطرةالسلسلة وركنها الأساسي، كل ما له علاقة بهذا المستوى التعليمي، علما أننا راكمنا تجربة ميدانية وعملية في مهنة التربية والتعليم لما يقرب من ربع قرن من الزمن، وقد عايشنا بعض التجارب والتحولات، وشاهدنا نجاحات وإخفاقات، غير أن ملاحظات القراء عموما وانتقاداتهم وتوجيهاتهم تدعم كلما سنأتي على ذكره.

     كما ذكرنا سابقا فقد بدلت مجهودات كبيرة من أجل تقريب المدرسة من القرى المغربية المتناثرة عبر تجمعات صغيرة، وبما أن العالم القروي لم يعرف كبير عناية أو اهتمام من لدن الحكومات المتعاقبة، وما تزال القرى كسالف عهدها لم يطرأ عليها تغيير ملحوظ، خاصة من جانب تجميع المتقارب منها، وإحداث قفزة نوعية في بنيات الإنتاج المحلية، مما سينعكس على البنية الذهنية  لساكنة معروف عنها الطابع المحافظ والحذر من كل ما هو  جديد، وهو ما تنبهت له الأطراف الحاكمة، مما جعلها تتلكأ في أي إصلاح زراعي حقيقي منذ عقود خلت، اعتقدت أنه قد يقود إلى المجهول، أو إلى ما لا يمكن التحكم فيه على المستوى السياسي. لكن للحقيقة، فقد تنبه الحاكمون لوضعيةالإهمال التي يعيشها العالم القروي، على الأقل منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، خاصة مع تفاقم الهجرة القروية إلى المدن، وما ترتب عليها من مظاهر سلبية مثل السكن العشوائي، وظهور بعض الانتفاضات المطالبة بتحسين ظروف العيش، علما أن المنطق الديموغرافي السليم يقود نحو توسع القاعدة السكانيةبالمدن، لهذا بدأت الدولة تتنبه لحالة العالم القروي، وقد فضلت ترك كل شيء على حالته، دون رؤية مستقبلية استشرافية، وأمدت الكثير من القرى لأول مرة وبعد تأخر طويل، بالماء والكهرباء وبعض المسالك الطرقية، اعتمادا علىتضامن وطني يساهم فيه كافة المغاربة عن طريق فرض رسوم ضرائبية تستخلص منواجبات استهلاك الماء والكهرباء والبترول، ومساهمة سكان العالم القروي أنفسهم والجماعات المحلية، وإذا كان ذلك قد أعاد الاعتبار لنصف المغاربة، فإن الفئة الشابة منهم لا يقنعها ذلك، وبالتالي فهي لا ترى مستقبلها في العيش ضمن أحضان القرية، وبالتالي فإن الاستثمارات الضخمة العشوائية التي صرفت بالعالم القروي دون تخطيط سيظهر بعد عقود قليلة أنها ذهبت سدى، عندما ستفرغ بعض القرى من ساكنتها، أمام انسداد الأفاق بها… 

        قبل هذه التحولات كانت المدرسة أول زائر للقرية، فقد بنيت أغلب المدارس في العالم القروي قبل وصول كل المتطلبات الضرورية للحياة، جاءت قبل المستوصف والطريق والكهرباء…  
كل المدارس بنيت بالتدرج، ومنها من ما يزال كذلك، في غير إتمام إن لم نقل أغلبها، يُستنب قسم في أول الأمر، وبشكل عشوائي من حيث المكان، يلعب في بعض الأحيان الحظ دورا في ذلك، حسب اختيار أول العمال القادمين لوضع أرضية الحجرة المقرر بناؤها، وبعد ذلك وعبر سنوات كانت تضاف حجرة تلو الأخرى، ليتوقف الأمر عند ذلك
ما هي مواصفات المدرسة القروية؟
أغلب المدارس في العالم القروي هي حجرات متقاربة من البناء المفكك، بدون سور، أو حارس، أو مراحيض، أما الحديث عن بقية المرافق الضرورية لإنجاز مهام التدريس كما يجب فذلك يعتبر ترفا لا معنى له في عقول البعض، لا يمكنالحديث عن ملعب (أو ملاعب الرياضة)، أو عن قاعة متعددة التخصصات، تتضمن مكتبة وقاعة للإعلاميات، وتنجز بها الأنشطة ذات الطابع الجماعي مثل العروض الثقافية والفنية، أما ربطها بشبكة الانترنيت فنعتقد أن ذلك من سابعالمستحيلات حتى في مستقبل منظور… بعض المدارس بها حد أدنى من المتطلبات، قد تكون متواجدة ببعض المراكز القروية، أو بجانب طريق وطنية، يحرص بعض المسؤولين على العناية بها، حتى تعطي انطباعا مقبولا لعابري الطريق! أماالفرعيات والمؤسسات التعليمية المتواجدة بأعماق البادية فهي في وضعية غير مناسبة
  للحقيقة التاريخية التي لا يمكن إجحادها فقد ربطت عدد من المدارس بالشبكة الكهربائية، وقد كان لحكومة التناوب التوافقي الفضل في إعطاء الضوء الأخضر لذلك، فما أن تصل أسلاك الكهرباء لقرية بها مدرسة، حتى يكون لهذه الأخيرة نصيب من نعمة الكهرباء، لكن للأسف ضاعت تلك التجهيزات في عدد من المؤسسات، انتشلت الأسلاك وكل التجهيزات، وذهبت كل التضحيات دون طائل، لغياب متعهدين للمدارس، حيث تبقى باستمرار عرضة للسرقة والتخريب.
 الجميع يتعجب من ترك المؤسسات التعليمية دون حراس، رغم تكلفتها المالية المهمة، سواء لتشييد البنايات، ومدها بمختلف التجهيزات، خاصة الأساسي منها كالطاولات والسبورات، وربطها بالكهرباء، لكن ذلك يتعرض للنهب والتخريب دون أي رادع، وكان حري بالوزارة الوصية أن تتعاقد مع حراس للفرعيات غيرمتفرغين من سكان العالم القروي، خاصة المجاورين للمدرسة، مقابل تعويض رمزي يقبله الحارس، عوض تعيين نواب للمدير بالفرعيات بتعويض قيل أنه قد يصل إلى 400 درهم في الشهر، مما يبين تركيز المسؤولين على الجانب الإداري وتضخيمه على حساب جوانب أخرى، منها توفير متطلبات التدريس والحفاظ عليها.
من الضروري جعل المدرسة في الخدمة الشاملة لسكان القرى، ولتسد النقص الحاصل في المرافق لديهم، بحيث يجب أن تعتبر كذلك بمثابة دار الشباب، ومقر اجتماعات وعقد ندوات، وتقديم بعض الأوراش التكوينية والتثقيفية لجميع الساكنة حسب مختلف الأعمار، وأن تنشط بشكل مكثف في المساءات وأثناء العطل الدراسية، ولن يحصل ذلك سوى بحصول قناعةلدى الحكومة لتغير نظرتها نحو سكان العالم القروي، وتتحمل مسؤوليتها في العناية بهم، وتخصص لهم ما يكفي من الدعم المالي والأطر، ونفس الشيء بالنسبة للجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني المدينية التي تنشطبالحواضر، وبعض هذه الجمعيات اهتمامها بالقرى مناسباتي…إن حصل كل ذلك  يمكن اعتباره بمثابة ثورة ثقافية لا يمكن حصولها في الوقت الراهن لعدة اعتبارات حسب وجهة نظرنا.
 لن تنجح المدرسة في مهامها بالعالم القروي سوى باحتضانها من طرف السكان أنفسهم، وقبولهم لها، ودمجهم إياها ضمن فضاءاتهم واهتماماتهم الخاصة، لكن ماهو المانع دون ذلك؟
مصطفى لمودن



  بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، للموسم الدراسي 2008/09، نشرع في إشراك القراء معنا حول هموم التربية والتعليم، أولا لنبسط أهم المشاكل، وبعد ذلك يمكن أن نقترح حلولا لها، في ظل وضع تعليمي متأزم باعتراف الجميع، سنسعى حسب المستطاع  الوقوف على بعض التفاصيل الصغيرة، والتي قلما يتم الانتباه لها، ونخص بالأساس التعليم الابتدائي، قاطرةالسلسلة وركنها الأساسي، كل ما له علاقة بهذا المستوى التعليمي، علما أننا راكمنا تجربة ميدانية وعملية في مهنة التربية والتعليم لما يقرب من ربع قرن من الزمن، وقد عايشنا بعض التجارب والتحولات، وشاهدنا نجاحات وإخفاقات، غير أن ملاحظات القراء عموما وانتقاداتهم وتوجيهاتهم تدعم كلما سنأتي على ذكره.

     كما ذكرنا سابقا فقد بدلت مجهودات كبيرة من أجل تقريب المدرسة من القرى المغربية المتناثرة عبر تجمعات صغيرة، وبما أن العالم القروي لم يعرف كبير عناية أو اهتمام من لدن الحكومات المتعاقبة، وما تزال القرى كسالف عهدها لم يطرأ عليها تغيير ملحوظ، خاصة من جانب تجميع المتقارب منها، وإحداث قفزة نوعية في بنيات الإنتاج المحلية، مما سينعكس على البنية الذهنية  لساكنة معروف عنها الطابع المحافظ والحذر من كل ما هو  جديد، وهو ما تنبهت له الأطراف الحاكمة، مما جعلها تتلكأ في أي إصلاح زراعي حقيقي منذ عقود خلت، اعتقدت أنه قد يقود إلى المجهول، أو إلى ما لا يمكن التحكم فيه على المستوى السياسي. لكن للحقيقة، فقد تنبه الحاكمون لوضعيةالإهمال التي يعيشها العالم القروي، على الأقل منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، خاصة مع تفاقم الهجرة القروية إلى المدن، وما ترتب عليها من مظاهر سلبية مثل السكن العشوائي، وظهور بعض الانتفاضات المطالبة بتحسين ظروف العيش، علما أن المنطق الديموغرافي السليم يقود نحو توسع القاعدة السكانيةبالمدن، لهذا بدأت الدولة تتنبه لحالة العالم القروي، وقد فضلت ترك كل شيء على حالته، دون رؤية مستقبلية استشرافية، وأمدت الكثير من القرى لأول مرة وبعد تأخر طويل، بالماء والكهرباء وبعض المسالك الطرقية، اعتمادا علىتضامن وطني يساهم فيه كافة المغاربة عن طريق فرض رسوم ضرائبية تستخلص منواجبات استهلاك الماء والكهرباء والبترول، ومساهمة سكان العالم القروي أنفسهم والجماعات المحلية، وإذا كان ذلك قد أعاد الاعتبار لنصف المغاربة، فإن الفئة الشابة منهم لا يقنعها ذلك، وبالتالي فهي لا ترى مستقبلها في العيش ضمن أحضان القرية، وبالتالي فإن الاستثمارات الضخمة العشوائية التي صرفت بالعالم القروي دون تخطيط سيظهر بعد عقود قليلة أنها ذهبت سدى، عندما ستفرغ بعض القرى من ساكنتها، أمام انسداد الأفاق بها… 

        قبل هذه التحولات كانت المدرسة أول زائر للقرية، فقد بنيت أغلب المدارس في العالم القروي قبل وصول كل المتطلبات الضرورية للحياة، جاءت قبل المستوصف والطريق والكهرباء…  
كل المدارس بنيت بالتدرج، ومنها من ما يزال كذلك، في غير إتمام إن لم نقل أغلبها، يُستنب قسم في أول الأمر، وبشكل عشوائي من حيث المكان، يلعب في بعض الأحيان الحظ دورا في ذلك، حسب اختيار أول العمال القادمين لوضع أرضية الحجرة المقرر بناؤها، وبعد ذلك وعبر سنوات كانت تضاف حجرة تلو الأخرى، ليتوقف الأمر عند ذلك
ما هي مواصفات المدرسة القروية؟
أغلب المدارس في العالم القروي هي حجرات متقاربة من البناء المفكك، بدون سور، أو حارس، أو مراحيض، أما الحديث عن بقية المرافق الضرورية لإنجاز مهام التدريس كما يجب فذلك يعتبر ترفا لا معنى له في عقول البعض، لا يمكنالحديث عن ملعب (أو ملاعب الرياضة)، أو عن قاعة متعددة التخصصات، تتضمن مكتبة وقاعة للإعلاميات، وتنجز بها الأنشطة ذات الطابع الجماعي مثل العروض الثقافية والفنية، أما ربطها بشبكة الانترنيت فنعتقد أن ذلك من سابعالمستحيلات حتى في مستقبل منظور… بعض المدارس بها حد أدنى من المتطلبات، قد تكون متواجدة ببعض المراكز القروية، أو بجانب طريق وطنية، يحرص بعض المسؤولين على العناية بها، حتى تعطي انطباعا مقبولا لعابري الطريق! أماالفرعيات والمؤسسات التعليمية المتواجدة بأعماق البادية فهي في وضعية غير مناسبة
  للحقيقة التاريخية التي لا يمكن إجحادها فقد ربطت عدد من المدارس بالشبكة الكهربائية، وقد كان لحكومة التناوب التوافقي الفضل في إعطاء الضوء الأخضر لذلك، فما أن تصل أسلاك الكهرباء لقرية بها مدرسة، حتى يكون لهذه الأخيرة نصيب من نعمة الكهرباء، لكن للأسف ضاعت تلك التجهيزات في عدد من المؤسسات، انتشلت الأسلاك وكل التجهيزات، وذهبت كل التضحيات دون طائل، لغياب متعهدين للمدارس، حيث تبقى باستمرار عرضة للسرقة والتخريب.
 الجميع يتعجب من ترك المؤسسات التعليمية دون حراس، رغم تكلفتها المالية المهمة، سواء لتشييد البنايات، ومدها بمختلف التجهيزات، خاصة الأساسي منها كالطاولات والسبورات، وربطها بالكهرباء، لكن ذلك يتعرض للنهب والتخريب دون أي رادع، وكان حري بالوزارة الوصية أن تتعاقد مع حراس للفرعيات غيرمتفرغين من سكان العالم القروي، خاصة المجاورين للمدرسة، مقابل تعويض رمزي يقبله الحارس، عوض تعيين نواب للمدير بالفرعيات بتعويض قيل أنه قد يصل إلى 400 درهم في الشهر، مما يبين تركيز المسؤولين على الجانب الإداري وتضخيمه على حساب جوانب أخرى، منها توفير متطلبات التدريس والحفاظ عليها.
من الضروري جعل المدرسة في الخدمة الشاملة لسكان القرى، ولتسد النقص الحاصل في المرافق لديهم، بحيث يجب أن تعتبر كذلك بمثابة دار الشباب، ومقر اجتماعات وعقد ندوات، وتقديم بعض الأوراش التكوينية والتثقيفية لجميع الساكنة حسب مختلف الأعمار، وأن تنشط بشكل مكثف في المساءات وأثناء العطل الدراسية، ولن يحصل ذلك سوى بحصول قناعةلدى الحكومة لتغير نظرتها نحو سكان العالم القروي، وتتحمل مسؤوليتها في العناية بهم، وتخصص لهم ما يكفي من الدعم المالي والأطر، ونفس الشيء بالنسبة للجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني المدينية التي تنشطبالحواضر، وبعض هذه الجمعيات اهتمامها بالقرى مناسباتي…إن حصل كل ذلك  يمكن اعتباره بمثابة ثورة ثقافية لا يمكن حصولها في الوقت الراهن لعدة اعتبارات حسب وجهة نظرنا.
 لن تنجح المدرسة في مهامها بالعالم القروي سوى باحتضانها من طرف السكان أنفسهم، وقبولهم لها، ودمجهم إياها ضمن فضاءاتهم واهتماماتهم الخاصة، لكن ماهو المانع دون ذلك؟
مصطفى لمودن

الجمعة، 29 أغسطس 2008

التعليم إلى أين؟ 1 - الدخول المدرسي في العالم القروي


التعليم إلى أين؟
1 - الدخول المدرسي في العالم القروي
    بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، للموسم الدراسي 2008/09، نشرع في إشراك القراءمعنا حول هموم التربية والتعليم، أولا لنبسط أهم المشاكل، وبعد ذلك يمكن أن نقترح حلولا لها، في ظل وضع تعليمي متأزم باعتراف الجميع، سنسعى حسب المستطاع  الوقوف على بعض التفاصيل الصغيرة، والتي قلما يتم الانتباه لها، ونخص بالأساس التعليم الابتدائي، قاطرة السلسلة وركنها الأساسي، كل ما له علاقة بهذا المستوى التعليمي، علما أننا راكمنا تجربة ميدانية وعملية في مهنة التربية والتعليم لما يقرب من ربع قرن من الزمن، وقد عايشنا بعض التجارب والتحولات، وشاهدنا نجاحات وإخفاقات، غير أن ملاحظات القراء عموما وانتقاداتهم وتوجيهاتهم تدعم كلما سنأتي على ذكره.
——     ——
   بعد قضاء العطلة الصيفية، يأتي اليوم المنتظر، أول أربعاء من شتنبر، الدخول المدرسي الرسمي، في هذا اليوم يتوجه جميع المدرسين لمؤسساتهم التعليمية لتوقيع محضر الدخول واستئناف العمل، غير أن المدرسين العاملين بالوسط القروي، لا يستقبلون هذا اليوم بالحفاوة المطلوبة، تجد عددا كبيرا منهم متجهما قانطا، ليس حزنا على فقد عطلة امتددت على شهرين من الزمن، وليس حبا في الخلود لراحة طويلة أخرى، وليس هروبا من عناء رحلة يومية في ظروف صعبة من مقر السكن إلى المدرسة، وليس تخوفا من العيش فى عزلة قاتلة في عالمقروي ينعت بضعف التجهيزات…ولكن تحسبا لما ينتظرهم من مشاق وتعب، يختلف عما يعترض بقية المدرسين في مواقع أخرى.
    أول هذه المشاق التي تصل حد الإهانة، تنظيف الحجرة الدراسية، فغالبا ما يجدالمدرسون هذه الحجرات عبارة عن مزبلة بكل ما تحمله الكلمة من دلالة، ولا غرابة في ذلك إذا كانت أغلب الحجرات بدون أبواب وأحيانا بلا نوافذ، وتبقى طول الصيف عرضة لمن هب ودب، وغالبا ما تستظل فيها المواشي من حرارة الشمس،ويقضي فيها البعض حاجته الطبيعية، وبذلك تتعرض بعض التجهيزات على قلتها للتخريب والإتلاف، تتكسر بعض الطاولات، وتسقط السبورة أرضا، وتلطخ بكل ما يمكن التخطيط به، حتى روت البهائم، وتُبعتر بعض الوسائل التعليمية البسيطة التي يمكن أن تترك في الحجرات سهوا، وهي غالبا ما تكون قد جلبت من طرف المدرس والتلاميذ طول السنة الدراسية، تقلع وتمزق الصور التي بقيت على الجدران، وعلى المدرس أن يعيد كل شيء إلى سالف عهده من ماله الخاص طبعا.
   بعض المؤسسات التعليمية لها منظف يتقاضى أجرا هزيلا من الدولة مقابل تنظيفه للحجرات، لكن عددا كبيرا من المؤسسات التعليمية بما فيها الفرعيات ليس لها أي منظف، فيتعاون المعلم أو المعلمة مع التلاميذ لتنظيف الحجرات، بلالمزابل، ليس إزالة  الغبار من على الطاولات والأرضية فحسب، بل حمل ما ثقل من نجاسة وإلقائها خارجا، مع ما  يصاحبها من روائح كريهة تتقزز منها الأنفس، فكيف يمكن أن يكون لمدارس العالم القروي عيد  يسمى « عيد المدرسة»، يوافق اليوم العاشر من الدخول المدرسي، بعد قضاء عشرة أيام في التهيؤ للبدء العملي التدريس.
    تقديرا لدور المدرسة في المجتمع، يجب أن تعود لها هيبتها، أول بادرة تحصين البناية وحمايتها، وتوفير كافة المستلزمات الضرورية للتمدرس والتعليم. من ذلك:  
  ا ـ  تعيين حراس قارين لكل مؤسسة تعليمية حماية لها ولتجهيزاتها قصد تهيئ الظروف المناسبة للجميع
   ب ـ توفير ميزانية للمؤسسات التعليمية، تكون رهن تصرفها في عدد من النفقات الخاصة بها، يكون مجلس تدبير المؤسسة هو الساهر على ذلك في تعاون مع المدير.
 ج ـ القيام بالصيانة المستمرة واللازمة لجميع المؤسسات التعليمية بالعالم القروي.
   د ـ خلق الآلية الكفيلة بفتح نقاش مستمر مع السكان، حتى يدعموا عن قناعة المؤسسة التعليمية، ويساهموا في حمايتها والدفاع عنها.
 ه ـ إلزام كافة الأطراف المعنية بدعم التعليم والتمدرس عموما، تكون المؤسسات الحكومية أول نواته الصلبة، مع تحفيز الجماعات المحلية على ذلك
  وـ وضع خطة للتخلص باستعجال من حجرات البناء المفكك المتقادمة لما تحتويه من خطر صحي، وعدم استعمال ذات البناء في المستقبل.
 كل المقترحات تظل حبرا على ورق، وككل سنة سيساهم المدرسون والمدرسات والتلاميذ وحدهم في تهيئ الشروط المناسبة في حدها الأدنى من أجل ولوج أربعة جدران تسمى تجاوزا قسما، في انتظار صحوة ضمائر البعض، للنهوض فعلا بهذا القطاع الحيوي، ضامن تقدم الشعوب ورقيها.
مصطفى لمودن

الأربعاء، 20 أغسطس 2008

إذا كنت في سيدي سليمان فلا تستغرب التصديق على التوقيعات متوقف بالمقاطعة الثانية


    إذا كنت في سيدي سليمان فلا تستغرب
      التصديق على التوقيعات متوقف بالمقاطعة الثانية 
  إلى حدود كتابة هذه السطور (الثلاثاء 26 غشت) ما تزال مصلحة التصديق على التوقيعات متوقفة بالمقاطعة الحضرية الثانية بسيدي سليمان، والغريب في الأمر أن ذلك امتد على مساحة زمنية وصلت إلى خمسة عشر يوما بالتمام والكمال! وكل من يقصد هذه المقاطعة لقضاء هذا الغرض الإداري الملح، يرجع خائبا، علما أن هذا الإجراء تتوقف عليه عدد من القضايا والإجراءات الأخرى لها علاقة بحياة المواطنين وشؤونهم الاقتصادية والإدارية… 
dsc023 
 المقاطعة الحضرية الثانية بسيدي سليمان
  وعند معرفة السبب يتضخم العجب، تردك موظفة بنصف ابتسامة وبلا اعتذار ولا هم يحزنون، مادامت هي طبعا غير مسؤولة عن هذا العطب، فمن المسؤول؟ إنه ببساطة يندى لها الجبين غياب السجلين الخاصين بتقييد المتعاقدين أو الملتزمين، فقط دفترين من الحجب الكبير لا يوجد من يقتنيهما، لتضيع مصالح المواطنين في عز الصيف، وعليه يتأكد مواطنونا العائدون من الخارج والذين يقصدون هذه المقاطعة لتسجيل التزاماتهم وتعاقداتهم أن أي شيء لم يتغير، أما نحن المقيمون فقد تعودنا على أكثر من هذه الممارسات، وبعضنا يصبر والآخر يفزع وثالث يعبر عن خنقه دون أن يستمع له أحد.
   تأمرك الموظفة بالتوجه إلى المقاطعة الأولى أو الثانية لقضاء غرضك، وكان عليهم إغلاق هذه المقاطعة مادامت الأخرويتين تفيان بالغرض، أو على الأقل كان على المسؤولين وضع صينية بمدخل المقاطعة ودعوة المواطنين للمساعدة، كل واحد باش ما سخاه الله، ليحل المشكل، ويتعاون المواطنون من أجل اقتناء السجلين، وبذلك يضربون عصفورين بمعروف واحد، يقضون غرضهم الإداري ويعبرون عن مواطنتهم وتضامنهم مع بلدية سيدي سليمان البئيسة، بؤس التدبير والتسيير.
  هذا وتجدر الإشارة أن البلدية تتسلم درهمين عن كل صفحة من الوثائق والأوراق التي تتم المصادقة عليها. 

السبت، 16 أغسطس 2008

الخسوف في سيدي سليمان


الخسوف في سيدي سليمان
dsc022 
dsc022
dsc023
صور للقمر ليلة الخسوف
صور عن مراحل الخسوف كما تمت رؤيته من سيدي سليمان ليلة السبت 16 غشت 2008، وقد لوحظت الظاهرة في أغلب النصف الجنوبي من   الكرة الأرضية وشمال إفريقيا… 
الخسوف ظاهرة طبيعية تحدث بين الفينة والأخرى، وهو انعكاس لظل الكرة الأرضية على سطح القمر، حيث أن كوكبنا الأرض يتوسط في خط عمودي بين الشمس والقمر.
أما الكسوف فهو عندما تحجب القمر ضوء الشمس عن الأرض…
في القديم كانت أغلب الشعوب والقبائل ترى في هاتين الظاهرتين الطبيعتين أمرا مرعبا أو إشارة معينة حول قرب حدوث شيء ما، مما اضفى مسحة اسطورية غرائبية، يطبعها في كثير من الأحيان الرعب والتهيب، وغالبا ما يكون لذلك علاقة بهواجس عامة لدى تلك الشعوب، أو بتوارث ثقافة شفهية مندمجة بالطلاسم والشعودة، كانت تستفيد منها طبعا بعض الطبقات أو الفئات الاجتماعية، إما من منطلق تملكالحكمة» أو  «المعرفة» أو الإدعاء بربط علاقات مع قوى خارقة. 

Non à l’irakisation du Maghreb par le biais de la Mauritanie


Non à l’irakisation du Maghreb  par le biais de la Mauritanie
 Par:IDRISSI Houssaine
    La France  s’est empressée , Nigeria également d’ailleurs,  pour exprimer son opposition quant à la réussite du putch dans le palais présidentiel mardi dernier en Mauritanie, elle a même  « largué »  des menaces de mettre un terme  à ses aides ou d’intervenir comme il été le cas au Tchad , alors que les Etats  Unis se sont, en quelque sorte, abstenus par confiance, peut être ,à la Ligue Arabe, à moins que ça soit une acceptation pure et simple de l’alternative des putschistes ! En extrapolant un peu les choses, on se trouve  à nouveau devant un puzzle  de la géopolitique dans le bassin méditerranéen pour ne pas dire dans le monde, nonobstant le poids de la Mauritaniedans l’échéquier international.
   Le pays en question a attiré l’attention particulièrement des Grands impérialistes dès le début du siècle dernier et devient un véritable élément de l’enjeu politique international avec l’exploitation du fer de Zouirat , la normalisation des relations avec l’état  sioniste et la découverte du pétrole tout dernièrement .Tout cela ne fait que propulser  la Mauritanie au rang des pays qui attisent les convoitises des multinationales ,alors que la menace des bases terroristes persiste dans la région  se manifestant par des opérations sporadiques mais gênantes quand même !On se souvient , d’autre part, de la recherche des Etats Unis d’établir  des bases stratégiques en Afrique  pour défendre leurs  intérêts et ceux des pays impérialistes, comme Grand Gendarme de la mondialisation, pour assiéger les zones maléfiques ,juste au lendemain du lancement du projet  du Grand Moyen Orient  et de l’impossible arrestation de Ben Laden .Mine de rien  la Mauritanie se pavoise de sa nouvelle situation  mais ignore en même temps le danger qu’elle encoure en tant qu’enjeu réel entre les grandes puissances et particulièrement entre les Etats Unis et la France lancée dans le défi sarkozien de l’union méditerranéenne.
    Les élections  présidentielles, après les élections parlementaires, ont bien eut lieu sous l’œil vigilant des observateurs internationaux (la représentativité y est) .On est même allé jusqu’à applaudir la naissance d’une expérience démocratique  montée sur les créneaux  du Maghreb et du monde arabe  dont les régimes politiques en présence laissent à désirer  à plus d’un coté .Le vent du changement ne s’est pas fait attendre. Le putch surprend les observateurs comme les Etats et les instances internationales, en gelant le poste du président élu démocratiquement et déchouant le gouvernement. La machine diplomatique tourne rapidement lançant en l’air des positions allant de la dénonciation jusqu’au refus et la revendication du retour du régime démocratiquement  mis en place (par la junte militaire gardienne indéfectible du Pouvoir) . Seulement Il semble que les positions exprimées ne sont, en fin de compte, que  des positions de forme vouées à la consommation, à la surenchère, étant donné que tous les protagonistes quel que soit leur situation, trouvent dans le putsch un des cotés qui les arrange  ne serait ce que provisoirement.
   Les putschistes, pris dans l’étau des événements et leurs propres manigances , se lancent dans une course  de contacts diplomatiques pour convaincre qui veut les entendre ,de leurs  bonnes intentions comme de leurs bons offices  pour présenter les garanties de protéger les intérêts de tout un chacun .Réussir vaut certainement une chandelle au moins pour apaiser la situation diplomatique au niveau du bassin méditerranéen !Mais reste la question de la forme  de la démocratie nouvellement imposée d’en haut et par la force des armes. Correspond-elle à la forme qu’imposent les américains par les armes en Irak après avoir fait fi des lois et institutions internationales ?
    Le problème est bien posé .Qui des deux grands de la France ou des Etats-Unis pourra attirer la Mauritanie à son sillage hégémonique suite à ces changements : élections démocratiques, putsch-blanc qui arrange les choses pour le moment en terme de protection des intérêts mais reste  sous les menaces des américains si toutefois il y a une mise en cause  de la naturalisation des rapports avec Israël
   Issue en vue  pour le moment est de geler l’erreur militaire en attendant que soit résolu le conflit entre la Russie et la Géorgie et la fin des Jeux olympiques politisés excessivement cette fois. En attendant il est primordial que l’affaire mauritanienne sorte du bourbier inter national où les intérêts des peuples sont marginalisés et bafoués et où des esprits mal intentionnés se  proposent de fausser le jeu, mais au profit de qui ?     
                  Sidi Slimane   13/08/08