الثلاثاء، 19 يناير 2010

قراءة في كتاب "من ديوان السياسة" إلى من يوجه عبد الله العروي خطابه؟


قراءة في كتاب "من ديوان السياسة"
  إلى من يوجه عبد الله العروي خطابه؟   
 
ذ. حميد باجو
الكل يجمع على قيمة وغنى الكتاب الأخير لعبد الله العروي:  "من ديوان السياسة" وعلى كثافة ما يحمله من أفكار، وأعتقد شخصيا أن لا محيد لكل من يعتبر نفسه سياسيا أو يمارس السياسة في بلادنا بمفهومها المحترم، إلا أن يطلع عليه ويقف عند مغازيه العميقة. فهو وحده قد يغني لمن فاته ذلك، عن قراءة العديد من أمهات الكتب في هذا الميدان.
أمام هذه الكثافة في الأفكار سيقف كل من يحاول قراءة الكتاب أو مناقشته  عاجزا بدون شك، عن الإحاطة بكل ما ورد فيه، ولهذا نعترف مسبقا بأن ما نحاول القيام به من خلال هذه الورقة، فيه كثير من المجازفة واحتمالات الخطأ أو عدم الفهم، وعذرنا في ذلك أننا فقط قد نساهم في إثارة النقاش حول الكتاب واستفزاز البعض ربما لكي يدلوا هم أيضا بدلوهم في الموضوع. 
1
وقبل التطرق إلى مضمون الكتاب نفسه، لا بأس من عرض بعض ما عرفته عن فكر العروي، حتى تتوضح الزاوية التي من خلالها قد أتناول الموضوع.
فعبد الله العروي قد انفتحت أعينه بداية وهو يحاول تلمس طريقه الإيديولوجي والفكري   في أواخر الخمسينات وبداية الستينات، على الصراع الدائر آنذاك بين قادة الحركة الوطنية والقصر حول طبيعة الدولة المغربية لما بعد الاستقلال. وقد احتك بالمهدي بن بركة و ساهم بجانبه في صياغة وثيقة "الاختيار الثوري"، تلك التي لخصت أهم إشكاليات  ذلك الصراع.
ولأنه كان شاهدا على فشل المشروع البديل للحركة الاتحادية الطامح إلى بناء الدولة العصرية، فإنه وجه جهده بعد ذلك للبحث في الأسباب العميقة لذلك الفشل، فجاءت كتبه الأولى حول تاريخ المغرب وأصول الحركة الوطنية، ثم الإيديولوجية العربية المعاصرة والوعي التاريخي عند العرب … ليربط من خلالها هذا الفشل بالعقلية التقليدية أو التراثية المهيمنة في المحيط العربي أو المغربي، ويؤسس لأطروحته التاريخانية الداعية إلى القطيعة مع هذا التراث، مستلهما في ذلك نموذج ماكس فيبر بالخصوص في تفسير كيفية المرور من الدولة ما قبل الليبرالية إلى الدولة الليبرالية الحديثة في المجتمعات الأوروبية.  وفي هذا الإطار جاءت أيضا سلسلة كتبه حول المفاهيم المؤسسة للإيديولوجية الليبرالية كمفهوم الدولة أو العقل أو الأدلوجة … (مع الإشارة إلى أنه لم يخصص أي شيء لمفهوم الديمقراطية ولا لمفهوم الاشتراكية اللذين كانا هما الشعارين الأساسيين  في  تلك المرحلة بالنسبة لليساريين المغاربة، وهو  ما يفسر ربما من بين أشياء أخرى، علاقته  التي بقيت دائما مترددة مع حزب الاتحاد الاشتراكي).
وبما أن نموذج الانتقال الليبرالي في أوروبا الغربية قد اعتمد في الكثير من التجارب على دور المستبد العادل، كما في نموذج الأمير لميكيافيلي أو نموذج بسمارك في بروسيا الألمانية بالنسبة لهيجل …ألخ، فقد يكون أحد الدوافع التي جعلته يقبل عرض الحسن الثاني لتدريس ولي العهد محمد السادس، لعل ذلك يساهم في إيجاد ملك عادل مغربي، يسهل حين يأتي وقته، عملية الانتقال الليبرالي في بلادنا.
لكن ما وقع من تطورات لاحقا في المغرب أو العالم العربي ككل، من صعود للمد الأصولي وتهميش لكل المفاهيم الليبرالية التي نظر لها، لصالح مفاهيم سلفية، وعودة الفقيه بقوة إلى الساحة على حساب المثقف العصري على عكس ما توقعه في كتاب الإيديولوجية العربية المعاصرة، جعله يقف حائرا ويبتعد لمدة زمنية عن التنظير حتى يستوعب ما يحدث.
وبالفعل فنحن لم يتسن لنا الالتقاء بالعروي مجددا إلا حين جاء لإلقاء محاضرته المشهورة منذ سنوات قليلة في قاعة سمية بالرباط، ليكشف لنا أن صعود الأصولية ليس في الحقيقة رجوع إلى الماضي ولا عودة للفقيه التقليدي، وإنما هي الحداثة أو الليبرالية تشق لنفسها طرقا ملتوية بما فيها اختراق هذه الحركات الأصولية نفسها، رغم مظاهرها الرجعية الخارجية.
بعد ذلك بمدة جاء كتاب "الإصلاح والسنة"، كمحاولة لتفكيك المنطق السلفي السني ويكشف حدوده أو تناقضه مع متطلبات العصر. أو بعبارة أخرى ليعلن نهاية وإغلاق هذا القوس من الـتأثير الأصولي الذي عرقل لمدة مسيرة التحديث أو اللبرلة في تطور المغرب، ويمهد بذلك للعودة لاستكمال مشروعه الأصلي.
في هذا السياق إذن يأتي كتاب "من ديوان السياسة"، كمحاولة منه لإعادة لوضع خارطة طريق جديدة لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة. 
2
يضم الكتاب مدخلا و13 بابا، موزعة على 70 فصل، يستهل فيها كل فصل بسرد حكاية ممهدة على الطريقة الأنكلوساكسونية، وباستعمال جمل قصيرة في كثير من الأحيان ومصطلحات جديدة من إبداعه الخاص.
لكن الكتاب قد يمكن تقسيمه على العموم، إلى خمسة أجزاء:  
  • في الجزء الأول يعرف بالمنطلقات الأولية للسياسة المتمثلة في النوازع التي يرثها الإنسان عن أصله الحيواني، هاته النوازع التي تتكلف تربية الأم أو التربية الأولى بنقلها إلى الفرد منذ البداية، أو هي ما يمثل الصيغة الأولى للإدماج الاجتماعي من داخل الأسرة والعشيرة. مع التمييز بين الإدماج بناءا على مصلحة وهو ما يمثله تقليديا إطار القبيلة، أو بناءا على قيم ثقافية وهو ما تتكلف به عموما الزاوية والفقهاء.
  • في الجزء الثاني يتطرق إلى التربية الاجتماعية النظامية التي تؤهل الفرد لمرحلة الفطام وتجاوز ثقافة الأم. هذه التربية تسمح بالانتقال إلى مجال أرحب أو تفتح أفقا يتجاوز القبيلة والزاوية معا، وهو يمثله إطار السلطة السياسية أو الدولة. وعلى هذا المستوى الأخير يقدم العروي خطاطة لتطور أنماط الحكم أو السلط السياسية المعروفة تاريخيا: حكم الفرد وحكم القلة وحكم الجمهور، مع الإشارة إلى أن كل واحد من هذه الأنماط قد يتأرجح ما بين الفضيلة والرذيلة،  ما بين العدل والاستبداد. وهذه الأشكال تتعاقب فيما بينها في دورة متكاملة تنتهي لتعود من حيث بدأت. ويبدو هنا أن العروي قد جعل من تجربة أثينا قبل القرن الخامس ما قبل الميلاد، نموذجه المفضل الذي يقيس عليه باقي التجارب الأخرى.
     لكنه يتساءل مع ذلك، إن كان يمكن كسر هذه الدورة والخروج منها، كما بشرت بذلك الإيديولوجية الاشتراكية منذ القرن التاسع عشر. هذه الأخيرة التي انطلقت من اعتبار أنه ما دامت الثورة الصناعية تعمل على تحرير الفرد اقتصاديا، فذلك يكفي لنقله من حالة الأمية (ثقافة الأم) إلى حالة الفطام أو التهذيب، وفسح المجال إلى إقامة حكم الجمهور حيث تصبح الحاجة إلى الدولة لاغية أصلا، وبالتالي التخلص نهائيا من حكم الفرد أو حكم الأقلية.  وذلك على عكس الإيديولوجية الليبرالية التقليدية القائلة بضرورة التنوير أو التهذيب الثقافي، والتي لا يمكن أن تؤدي في آخر المطاف، عبر نظام التمثيلية البرلمانية، إلا إلى إقامة حكم الأقلية البرجوازية. إلا أنه يتكلم عن هذه الفكرة باعتبارها فقط الطوبى الجديدة التي جاءت تعوض ما روج له أفلاطون في "الجمهورية"  الفاضلة، والتي لم تكن تدافع في الحقيقة سوى عن حكم الأقلية المتمثلة في جماعة الفلاسفة.
  • في الجزء الثالث ينتقل العروي للتحدث عن النموذج المغربي أو الدولة المخزنية. ويمهد لذلك بالتعرض إلى الدولة الإسلامية التي لا يخرجها عن النموذج العام لتعاقب الدول، حتى وإن حاول أصحابها إخفاء ذلك وراء مصطلحات إسلامية خاصة، و يعرفها بأنها دولة مزيجة أو هي تمثل مرحلة ما بين الدولة الهيليستينية كمزيج من كل الدول السابقة إغريقية أو رومانية أو فارسية… وبين الدولة الأوروبية الحديثة.
أما عن دولة المخزن فهي قد تميزت على العموم بالاعتماد على ثلاثة أركان: السلطان والإمام والأمير ، وأنها لم تبق متماثلة مع نفسها طوال الوقت، بل متغيرة من عهد إلى آخر بحسب الأولية التي يعطيها كل سلطان لهذا الركن أو ذاك، فمخزن مولاي سليمان مثلا اعتمد أكثر على الزاوية ووظيفة الإمامة  في مقابل اعتماد مخزن مولاي اسماعيل على القبيلة ووظيفة الإمارة. 
  • في الجزء الرابع ينتقل العروي إلى الدولة المغربية الحديثة، مشيرا إلى قيام الحماية بالفصل بين مقومات الدولة المخزنية، حيث تركت وظيفة الإمامة للسلطان بينما احتكرت هي سلطة الإمارة، أي كل ما يتعلق بالجيش والإدارة والإقتصاد.
غير أن دولة ما بعد الاستقلال، ستعمل على إعادة تجميع كل هذه السلط في يد الملك، أو التوليف بين دولة المخزن القديمة ودولة الحماية الحديثة، وهو ما أنتج وضعا مركبا تتنازع داخله شرعيتان هما ما يعرف بالأصالة والمعاصرة. وهذا ما يوضحه العروي من خلال عرضه للقراءتين المتنافستين للدستور الملكي منذ سنة 1961: القراءة السلفية التي توظف مصطلحات من قبيل البيعة والشرع والشورى… وأخرى توظف المصطلحات الحديثة من قبل التعاقد والقانون والانتخاب…
  • أخيرا في الجزء الخامس وهو الذي يهمنا هنا أكثر، يتحدث العروي عن الآفاق المفتوحة لتجاوز الوضع الراهن. وهو إذ يشير إلى الصراع القائم بين ثقافة الأم والثقافة الحديثة أو ثقافة المواطنة، أو بين الأصالة والمعاصرة، ويقف عند العودة القوية في السنوات الأخيرة لظاهرة البدونة التي ترجع بالمجتمع إلى الثقافة الأولى و تغلب النوازع على العقل، يقترح أن الحل من أجل تطوير المواطنة أو ما يعبر عنه بالفطام، هو في اعتماد سياسة للإصلاح وليس للتغيير الجذري أو الثورة، فننطلق من الدستور الملكي الراهن في محاولة لتغليب القراءة أو التأويل الديمقراطي له على حساب القراءة أو التأويل السلفي. وهو ينصح بأن تكون الجهوية هي المدخل الأفضل لذلك، أي أن يتم البدء في تأسيس المواطنة عبر الإشراك الفعلي  للنخب المحلية في تدبير القضايا القريبة منها، على أن يتدرج ذلك حتى الوصول إلى القضايا الوطنية. والعروي يقدم هنا مقترحات ملموسة كأن يعاد النظر مثلا في التقسيم الجهوي الحالي باختزاله إلى عشر جهات فقط بما يجعل التوافق حاصلا بين البعدين التاريخي والسوسيولوجي لكل جهة، أو كأن تتحول الغرفة الثانية إلى المجلس الاستشاري الخاص للملك بدلا عن الدواوين و المجالس الأخرى المتعددة…ألخ
3 
بعد هذا العرض المركز لمضمون الكتاب والذي لا يمكن بأية حال أن يلم بكل غنى الأفكار التي يحملها، نطرح بعض الملاحظات أو التساؤلات الآتية:
إن العروي وهو يقترح هذا البرنامج العملي، يبقى وفيا في النهاية للخطاطة التي وضعها حول تطور أنظمة الحكم عبر العصور، أي الانتقال من حكم الفرد إلى حكم الأقلية ومنها إلى حكم الأغلبية أو حكم الجمهور، ثم العودة مجددا من حيث بدأت الدورة. وفي هذا الإطار فهو يضع المغرب حاليا في المحطة الأولى من الدورة أي حكم الفرد، مع الإشارة إلى التأرجح الذي لا يزال يطبع هذا الأخير بين تغليب القهر أو الإقناع، أو بين استعمال التخويف واستعمال الترغيب. ولذلك بحسب هذا المنطق، فإن المهمة التاريخية المطروحة حاليا، هي كيف مساعدة البلاد في الانتقال من حكم الفرد إلى حكم الأقلية، بالتركيز أولا على النخب المحلية، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية أو دور الفاعلين السياسيين بجانب الملك في كل جهة. وهذا يعني ضمنيا أن ما نتكلم عنه من بناء نظام ديمقراطي حقيقي وفصل واضح للسلط وحكم الشعب من طرف نفسه… هو طرح غير جدي بالنسبة للعروي أو أن شروطه لا زالت بعيدة. أو هو في أحسن الأحوال سيعتبر ذلك من باب الطوبى ووسيلة للتعبئة لا غير. أي أن العروي لا يؤمن هنا بسياسة حرق المراحل ولا بتحقيق القطائع، فالدورة السياسية الثلاثية هي أقوى من أن تتجاوزها الإرادات الذاتية للفاعلين السياسيين.
إن العروي  وانطلاقا من تجارب الشعوب السابقة، قد ينظر إلى تطور التاريخ وكأنه تطور دائري يبدأ دائما من حيث ينتهي، بحيث حتى ولو افترضنا مثلا أن الديمقراطية أو حكم الجمهور قد يتحقق يوما، فسيبقى هناك احتمال كبير لأن تعم الفوضى بعده، أو ما يعبر عنه بخطر الديماغوجية، وبالتالي يعود حكم المستبد من جديد. فالثورة العمالية البلشفية مثلا في روسيا، قد أنتجت في النهاية حكم الاستبداد مع ستالين، والثورة الفرنسية أعطت الحكم الفردي مع نابوليون… وأن أحسن ما أنتجه التاريخ لحد الآن، وبعد عملية تهذيب وتثقيف طويلة المدى هو ما نعرفه بالنموذج الديمقراطي الغربي، الذي ليس في نظر العروي أكثر من حكم أقلية من الملاكين الرأسماليين، لا يختلف كثيرا  في العمق عن حكم الأقلية الأرستقراطية في اسبرطة القديمة.
وكأن العروي يريد أن ينبهنا هنا، أن ما نجري وراءه كديمقراطيين، من ديمقراطية حقيقية وحكم الشعب نفسه بنفسه، يبقى مجرد وهم أو سراب قد نقترب منه أحيانا لكننا لن ندركه أبدا. كل ما نستطيع أن نحققه في الواقع، هذا إذا ما نجحنا في مهمتنا، هو توسيع دائرة المشاركة السياسية ونقل البلاد من حكم الفرد إلى حكم الأقلية، أما أن نصل إلى حكم الشعب أو الجمهور فذلك من باب المستحيلات بمنطق العروي.
لكن حتى إذا قبلنا بمسايرة العروي في منطقه هذا، ما الذي يمكن لنا أن نفعله أو ما العمل؟ الجواب هو تغليب ما سماه بالتأويل الديمقراطي للدستور الملكي على حساب التأويل السلفي.  ولكن لمن يمكن أن توكل هذه المهمة؟  ربما  الذي في ذهن العروي هي تلك النخبة أو النخب المهمشة حاليا، والطامحة لأن تلتحق بدائرة القرار السياسي بجانب الملك. فهذا ما نجحت فيه نخبة الحركة الوطنية سابقا، وهو ما بقيت بعض النخب اللاحقة تناضل من أجله بعد الاستقلال بدون جدوى، باسم شعارات الديمقراطية تارة وشعارات الاشتراكية تارة أخرى، وحتى باسم الشعارات الإسلامية في مرحلة ثالثة.
ولكن أليس من المفروض  حتى تنجح  هذه النخب  في مهمتها وتفرض على الملك أن يتقاسم معها بعض السلط، أن تعبأ حولها أكثر ما يمكن من فئات الشعب؟ وفي هذه الحالة، حول ماذا ستعبئ، أو ما هو برنامجها أو الشعارات التي يمكن أن تقنع بها هذه الفئات؟ هل ستدعوها فقط إلى الالتفاف حول مطلب تغليب التأويل الديمقراطي بما سيسمح بتوسيع دائرة المشاركة السياسية؟ و لكن من يمكن أن يستفيد من ذلك التوسيع غير النخبة نفسها؟ ماذا ستجنيه باقي الفئات الشعبية من ذلك؟ أو بعبارة أوضح، كيف يمكن للنخية الديمقراطية أن تقنع فئات واسعة من الشعب بالالتفاف حول مطلب هي تعرف أن المستفيد الوحيد منه هي تلك النخبة لوحدها؟
هذا ما لا تجيب عنه أطروحة العروي، لسبب بسيط هو أن التعبئة الجماهيرية تفترض وجود طوبى معبئة، والعروي لا يقترح علينا أية طوبى. وكأن العروي ينحاز هنا إلى واقعية أرسطو في مواجهة جمهورية أفلاطون المثالية، وإلى دروس ابن خلدون الجافة في مقابل مدينة الفارابي الفاضلة، أو إلى واقعية أمير ماكيافيلي البغيضة في وجه حلم روسو حول العقد الاجتماعي…
والخلاصة، ماذا قد يستفيد المناضلون الديمقراطيون واليساريون من هذه الأطروحة (من غير فائدتها العلمية بالطبع) في صياغة مشروعهم النضالي؟ أو بتعبير آخر لمن يوجه العروي خطابه هذا؟ أليس المخاطب الأساسي هنا هو الأمير أو الملك نفسه قبل الديمقراطيين؟ ألا يدخل هذا في أخر الأمر في إطار ما يعرف بالنصائح السلطانية التي كان العلماء والفقهاء يسدونها للسلاطين والملوك، أو أليس هذا هو نفسه المشروع الأصلي للعروي الذي بقي يشتغل عليه منذ نهاية الستينات بغرض المساعدة في إفراز المستبد العادل على الطريقة المغربية؟
لكن إذا كان الملك هو مخاطبه فعلا، ألا يكون قد أخطأ الهدف؟  لأنه متى كان السلاطين يقبلون العمل بالنصيحة الموجهة إليهم إن لم يكن هناك من مبرر جدي يدفعهم لذلك، أي أن يكونوا مضطرين لذلك بسبب تهديد أو ضغط سواء خارجي أو داخلي؟ من الذي سيرغم الملك محمد السادس على العمل بنصيحة العروي وتغليب الـتأويل الديمقراطي على حساب التأويل السلفي؟ هل هناك فعلا من ضغط خارجي أو داخلي؟ وإذا استثنينا ربما الضغط الخارجي بسبب قضية الصحراء، هل يوجد أي ضغط داخلي يجعله يوسع من الدائرة الضيقة المحيطة به بإشراك نخب أخرى في صنع القرار السياسي بجانبه؟ هل توجد أدنى معارضة  ديمقراطية جدية في البلاد حتى تدفعه إلى ذلك؟ وكيف يمكن أن توجد معارضة ديمقراطية حقيقية وهي فاقدة الآن لأي طوبى معبئة؟
إنه المأزق الذي تكشف عنه أطروحة العروي هذه: كيف يمكن بناء الديمقراطية في غياب الديمقراطيين وكيف يمكن أن يوجد ديمقراطيون في غياب الطوبى المعبئة؟ 
4 
لقد سبق وأن كتبنا مقالا من قبل تحت عنوان "ماذا بعد العروي؟" اعتبرنا فيه أن هذا الأخير قد استنفذ دوره بالنسبة إلينا كيساريين أو ديمقراطيين بشكل عام، وأننا أصبحنا في حاجة لمنظر بديل من عيار العروي نفسه ليقترح علينا أفقا للمستقبل. وهذا ما ازددنا اقتناعا به أكثر بعد قراءة كتاب "من ديوان السياسة". فقد تنفع قراءة العروي في فهم التاريخ والاستفادة من دروسه، ولكن ذلك لا يكفي لآن يفتح أفقا جديدا، لأن الحديث عن أفق هو حديث عن مشروع للمستقبل وعن الطوبى،  والتاريخ قبل أن يسجله المؤرخون ويقرأه المحللون إنما يصنعه أولا الطوباويون والحالمون.
أعتقد أن الذي يمنع العروي من الانفتاح أكثر على المستقبل وعلى الطوبى، وهذه ليست مشكلته وحده وإنما مشكلة كل مفكر مهما كانت قيمته، هو الآستمرار في الارتباط بمرجعية فكرية أو باراديغم يكون الفرد قد تلقنه في بداية مشواره الفكري، ويصعب عليه بعد ذلك الانعتاق منه. وباراديغم العروي هو ما سبق أن صاغه ماكس فيبر ومعه مفكرو القرن التاسع عشر، حول نموذج التحول الليبرالي في المجتمعات الأوروبية آنذاك.
من خاصيات ذلك الباراديغم، أنه حصر متابعة التحول الليبرالي في الإطار الوطني  لكل دولة على حدة، أي بمعزل أو باستقلال عما يحدث خارج هذا الإطار. فما يمكن أن يحدث داخل كل دولة هو شأن داخلي خاص لا علاقة له بالتحولات الخارجية، وإنما نتاج محض للعوامل الداخلية.
هذا ما نستنتجه من الطريقة التي يعالج بها العروي إمكانيات الإصلاح الديمقراطي في المغرب، فيتحدث عن ذلك وكأننا نعيش في جزيرة منعزلة لا حق ولا إمكانية للغير أن يتدخل في شؤوننا.
ونحن هنا إذ نستلهم من مرجعية فكرية مغايرة  أو باراديغم غير باراديغم الإطار الوطني الضيق، هو ما تؤسس له "النظرية العامة للأنظمة المعقدة المتكيفة"، نخلص إلى أن ما لم يهتم به العروي، ولم يدخله لحد الآن في اعتباراته، هو أن العالم قد دخل منذ بداية التوسع الأمبريالي آواخر القرن التاسع عشر، في مرحلة العولمة التي تعني بين ما تعنيه، أن لا استقلالية  لأي مجتمع عما يحدث في محيطه أو في النظام العالمي الشامل، وأن لا فرصة بقيت للعوامل الداخلية لأن تشتغل بمعزل عن العالم الخارجي أو أن تقرر بمفردها في مصير أي بلد. فالعولمة إنما تعني أنه بإمكان العامل الخارجي أن يكون حاسما في التطور الداخلي لأي بلد أكثر مما تسمح به الظروف الداخلية أحيانا. و للإشارة فإن العروي قد وظف هذا المعطى نفسه حين حديثه عن دور الحماية في تطوير المخزن المغربي، لكنه يقف عند الاستقلال، ويتعامل مع ذلك وكأنه مجرد قوس انفتح في لحظة معينة من تاريخ المغرب ُثم أغلق بعد ذلك.
لهذا فنحن نتساءل: إن كان ما حدث من تطور داخل دولة الحسن الثاني، يمكن تفسيره فقط بالعوامل الداخلية أو على ضوء خطاطة العروي عن الدورة الثلاثية للسلط، أم يجب البحث عن أسبابه في تأثيرات الصراعات الدولية لتلك الفترة والمتمثلة في التنافس الشيوعي الرأسمالي إلى حدود آواخر الثمانينات، ثم في تزايد المد الأصولي على الصعيد العالمي بعد ذلك؟
أو بعبارة أخرى، ألم يكن للأمبريالية الأمريكية التي كان المغرب واقعا تحت نفوذها، دور أساسي في إجهاض أي تحول ديمقراطي بالبلاد في إطار محاصرة المد التحرري والشيوعي عبر العالم؟ ألم يكن الحسن الثاني يستغل فقط ذلك الصراع الدولي الخارجي ليثبت حكمه الفردي ويستأصل كل النخب المعارضة له؟ ثم ألم يكن ذلك التأثير الخارجي نفسه ما حدث منذ التسعينات متمثلا مع تصاعد المد الأصولي، هو ما ساعد مرة أخرى على عزل النخب الديمقراطية في البلاد لصالح النخب السلفية، وجعل الحسن وبعده محمد السادس يلعب على التناقض بينها ليضرب هذا الطرف بذاك؟  بل ألم يكن ما تحدث عنه العروي من عودة قوية لمظاهر البدونة في السنوات الأخيرة، وتباطؤ عملية الفطام أو المواطنة، هو فقط الصيغة التي اختارها الحسن الثاني عبر وزيره ادريس البصري، في إطار محاربته للنخب أعلاه، لتشجيع فئات معينة من أعيان البادية على حساب فئات مدينية أخرى خاصة من أصل فاسي أو سوسي، كانت قد بدأت تخرج من تحت مراقبته؟ أو بعبارة أخرى، ألم يكن ذلك التحول نحو البدونة هو مجرد استغلال لعوامل خارجية وتوظيفها في الصراع الداخلي وليس تطورا طبيعيا أو مستقلا للمجتمع المغربي؟
إن العروي حين يقترح خطاطته أعلاه، وكأنه يعيد فقط إحياء النموذج الخلدوني حول المراحل الثلاث لتطور الدول، حسب دائرة متكررة تبدأ دائما من حيث تنتهي. أي وكأنه يلغي المفهوم التقدمي أو التصاعدي لحركة التاريخ حسب التصور الهيجيلي، وبالتالي لا يعير أي اهتمام لما كتبه ماركس مثلا، عن التمرحل والانتقال من نمط إنتاج إلى آخر أرقى منه. إنه هنا يماثل النموذج المغربي الحالي في القرن الواحد العشرين بنموذج أثينا أو اسبرطة قرون قبل الميلاد.
العروي لا يريد أن يعترف أن المرحلة التي نعيشها الآن هي مرحلة عولمة شاملة، وأن المغرب اليوم لا يمكن أن يكون مغرب القرن الماضي، وأن الدورة السياسية حتى وإن تكررت وتماثلت ظاهريا مع بعض المظاهر من المراحل السابقة، فإنها تبقى مختلفة  في العمق عن كل ما سبقها. وتجليات هذا الاختلاف هي ملموسة بقوة، سواء نظرنا إلى ذلك من زاوية المقاربة الاقتصادوية الماركسية التقليدية، حيث الاقتصاد المغربي هو الآن جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وأن رزق المغاربة أكثر ارتباطا بالرأسمال العالمي، أكثر منه برأسمال "وطني" أو محلي مفترض،  أو نظرنا لذلك من زاوية مقاربة "ثقافوية" تعطي الأسبقية للعامل الثقافي، حيث لم يعد ممكنا الحديث عن فضاء أو هوية ثقافية محلية مستقلة في ظل الاختراق الذي تمارسه الفضائيات أو الأنترنيت، هذا الأخير الذي فتح أمام الناشئة المغربية آفاقا تتجاوز كل ما يمكن أن يعتبر وطنيا محضا أو مما يحسب على الخصوصية والثوابت.
إننا الآن نعيش عصر عولمة كاسحة، اقتصاديا وإعلاميا وثقافيا، وبالتالي سيصعب على الحقل السياسي في بلادنا أن يبقى بمعزل عن هذه العولمة ومحكوما فقط بالعوامل الداخلية الخاصة به.
لهذا السبب بالضبط فإننا نعتبر أن ما يقدمه العروي من اقتراحات للإصلاح، أو ما يعبر عنه بتغليب التأويل الديمقراطي للدستور الملكي، يبقى في نظرنا دون مستوى المرحلة الراهنة، وغير كاف للاستجابة لتطلعات أبناء القرن الواحد والعشرين، ولا يمنحهم أية طوبى أو مشروعا تعبويا يقودهم نحو المستقبل.

هاته الطوبى  التي لا يمكن أن تنزل في نظرنا عن أقل ما أصبح متعارف عليه كونيا في هذا المجال، أي بالنسبة حالة المغرب، عن ملكية برلمانية كاملة الصفات. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
نشر هذا المقال بموافقة كاتبه

حــــتى لا نـــنـــسى


 حــــتى لا نـــنـــسى 
سيدي سليمان: رضا سكحال
"إن الذين يغتالون أصحاب الكلمة، إنما يختارونهم للقتل فإذا كانت كلماتهم تخيف وهم أحياء، صارت أكثر مدعاة للخوف وهم شهداء"
اغتالوا حسين مروة بلبنان بكاتم للصوت ظنا منهم أن كاتم الصوت سيكتم الجريمة، واغتالوا عبد الله حمدان الملقب بالمهدي عامل مفكر الحزب الشيوعي اللبناني بطلقات من مسدس الخيانة، واغتالوا فرج فوده بمصر، وعبد القادر علولة بالجزائر، وعمر بن جلون بالمغرب، والمعطي بومالي بجامعة  بالمغرب بوجدة سنة 1991. هته عينة من جرائم القوى العدمية الصفرية التي تطاولت يداها المتسختان لاغتيال الأصوات التقدمية  والمفكرين التقدميين من داخل الوطن العربي الجريح. هته بعض الدماء التي سفكتها الجماعات المتطرفة التي تتستر وراء الدين لتنفيذ جرائمها البشعة في حق المناضلين، فهؤلاء يردون على تحديات الكتب بالنار، ويغتالون شدو العندليب إذا طغى يوما على نهيق الحمار، مهما اشتعلت لتنير لهم الدجى اغتالوك في واضح النهار.
إذا لم يكن غريبا أن تمتد أيادي أحفاد هولاكو لتغتال الرفيق آيت الجيد محمد بنعيسى شهيد اللجان الانتقالية والإتحاد الوطني لطلبة المغرب بجامعة ظهر المهراز بفاس، فبعد اغتيال الرفيق المعطي بومالي بوجدة، ستقتحم عصابات عبد السلام كسوس الملقب بياسين مرشد جماعة العدل والإحسان، الحي الجامعي بفاس وتشبع الجماهير الطلابية ركلا ورفسا، وتحاول اغتيال الرفيق نور الدين جرير، حيت سيختلف مجرموا العدل والإحسان وعصابات الوحدة والتواصل التابعة للواء العدالة والتنمية (الإخوة الأعداء)، على كيفية ذبح نور الدين جرير، وكأنه خروف ينحر يوم العيد، ليتم كسر رجله وفكه وتسليمه لجهاز القمع، حيت حوكم ب 10 سنوات نافدة.
لما فشلت الغدر والإحسان في تنفيذ مخططها الشيطاني، شاط عبد السلام كسوس غضبا وهندس عملية اغتيال الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى شهيد اللجان الانتقالية بفاس سنة 1993. سأحاول من خلال هته الورقة التعريف بالشهيد آيت الجيد وكيف اغتالته القوى الظلامية.
ورقة تعريفية بالشهيد
 
محمد بنعيسى آيت الجيد
في قرية صغيرة بدوار تزكى أدوبلول بإقليم طاطا، ومن عائلة فقيرة أزداد أصغر إخوته آيت الجيد محمد بنعيسى  سنة 1964، التحق بمدينة فاس، حيت مكان إقامة كبير إخوته، لمتابعة دراسته الابتدائية بمدرسة المعلمين (ابن الخطيب سابقا) مع بداية الثمانينات التحق بالتعليم الثانوي بثانوية ابن خلدون، حيث ابتدأ نشاطه النضالي في القطاع التلاميذي منذ سنة 1983، وفي سنة 1984 تم نقله تعسفيا من تلك الثانوية ليلتحق بثانوية "القرويين"، وكان ذلك في خضم الحركة الاحتجاجية ليناير 1984، والتي ساهم فيها الرفيق بنعيسى بقسط وافر.
وتحت ضغط الإدارة على عائلته، سينقل إلى ثانوية "ابن الهيثم" حيث حصل على شهادة الباكلوريا سنة 1986.
    بالموازاة مع نشاطه النضالي في صفوف الحركة التلاميذية، ساهم الرفيق مساهمة جادة في العمل الجمعوي، وظل إلى حدود استشهاده عضوا نشيطا بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
 كان التحاق بنعيسى بالجامعة خلال 1986-1987، التحاقا نضاليا، عكسه حضوره النشيط داخل الحركة الطلابية، حيث ظهر اسمه إلى جانب مجموعة من رفاقه ضمن لائحة الموقوفين ( وعددهم 39) خلال الموسم الدراسي 87-88، عقب تظاهرة 20 يناير المجيدة، والتي سقط على إثرها الشهيدان: عادل الأجراوي وزبيدة خليفة.
وقد كانت هذه الأحداث وراء وجود بنعيسى في حالة متابعة قضائية،هذه المتابعة التي ستتعمق أكثر على إثر معركة مقاطعة الامتحانات لسنة 1989 ، حيث ظل البوليس يلاحقه بشكل مكشوف ومسعور.
ويأبى الشهيد إلا أن يواصل التحامه بقضايا الجماهير الطلابية ضمن فصيل: الطلبة القاعديين التقدميين، وقد كان عضوا بلجنة القسم للسنة الثانية أدب عربي، مشرفا على تنظيم اللقاءات والتجمعات، هذا الخيار كلفه ضريبة السجن سنة 1990، وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، تعرض بنعيسى في مخفر الشرطة لأبشع أنواع التعذيب، وحوكم بتهمة المشاركة والقيادة لأحداث 20 يناير 1988 بمدة حددت في ثمانية أشهر سجنا نافذة، بعدما كان قد قضى تسعة أشهر في السجن المدني بفاس.
في أبريل من سنة 1991، وبعد خروجه من السجن، التحق مجددا بصفوف الطلبة القاعديين التقدميين، وأصبح عضوا في اللجنة الانتقالية للإتحاد الوطني لطلبة المغرب بفاس.
في شهر نونبر من سنة 1991، فوجئ الرفيق بنعيسى بعصابة من الظلاميين تتكون من حوالي 70 شخصا تحاصر مقر سكناه محاولة اختطافه، لكن التعاطف الذي كان يحظى به من طرف سكان الحي دفع بهؤلاء إلى مواجهة وطرد المجرمين دون تنفيذ إجرامهم المزمع.
لم يكن السجن كافيا للانتقام من نضالية الرفيق أيت الجيد محمد، بل إن عقلية تجريم العمل النقابي المسؤول، صادرت منحته خلال موسم 91-92، وهو القرار الذي ظل ساري المفعول طيلة الموسم 92-93 أي إلى حدود الاستشهاد.
في يوم الخميس الأسود 25 فبراير 1993، بينما كان الرفيق بنعيسى متجها إلى حي "ليراك" مع أحد رفاقه المسمى الخمار الحديوي على متن سيارة أجرة رقم رخصتها 445، فوجئ بعصابة ظلامية فاشية تحاصر السيارة، وتكسر الزجاج لتخرجاهما منها قسرا، وتنهال عليهما بالضرب مستعملة العصي المصفحة بالمسامير والسلاسل، والقضبان الحديدية والسكاكين، ولم تكتفي تلك العناصر التاتارية بذلك، بل أسقطت بنعيسى أرضا، وأوقعت عليه حجرا كبيرا يستعمل عادة للرصيف، وأدت الضربة إلى إحداث كسر كبير في جمجمته وكتفه.
أمضى الرفيق بنعيسى أربعة أيام في مستشفى الغساني بفاس دون عناية، وفي حراسة أمنية لأجل محاكمته بعد شفائه الذي لم يتم، خصوصا وأنه ظل متابعا قضائيا إلى يوم استشهاده.
يوم السبت 27 فبراير، تمكن رفاقه على نفقتهم الخاصة، وبحضور الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من نقله إلى عيادة خاصة للفحص بالأشعة"سكانير"، وكان الشرطي يرافقهم في كل تحركاتهم، وجاء التقرير ليؤكد أن بنعيسى يعاني من كسر عميق بالجبهة اليمنى من الرأس، ومن نزيف دماغي داخلي،
يوم الاثنين فاتح مارس سنة 1993 ، على الساعة الثامنة إلا ربع صباحا، لفظ آيت الجيد محمد بنعيسى آخر أنفاسه، فشاع الخبر بسرعة الضوء في صفوف الجماهير الطلابية التي تجمهرت أمام مستشفى الغساني للمطالبة بتسليم الجثمان، إلا أن السلطات رفضت وأعطت وعدا بتسليمها على الساعة الحادية عشر من صباح اليوم الموالي.
وفي الموعد المحدد الثلاثاء 2 مارس 1993 تجمع حوالي 17.000 طالب وطالبة لتسلم الجثمان وتشييع الجنازة، إلا أن الحضور يفاجأ بالخبر/الفاجعة: اختطفت السلطات الجثة وهربتها إلى مكان مجهول في ساعة متأخرة من الليلة الماضية.
هذا هو قدر المناضل الصلب، أزعجهم حيا ثم أفزعهم مستشهدا…


لا للحزبية الإمتيازية!


  لا للحزبية الإمتيازية!


وزان: محمد حمضي  
 ماذا حدث بوزان يوم الأحد 17 يناير طيلة اليوم لتعيش دار الضمانة حالة غير مألوفة؟ هل تعلق الأمر بحضور وفد أكثر من رسمي جاء ليطلع على أحوال السكان بعد الأمطار الغزيرة التي تهاطلت عليها في الأسابيع الأخيرة وخلفت أضرارا كبيرة في البنية التحتية؟ هل الوفد الذي تجندت لاستقباله بشكل ملتو أكثر من جهة رسمية، واستغلت فيه سيارات الجماعات القروية أبشع استغلال، حضر ليقف على مآل الأوراش التي سبق لملك البلاد أن أشرف على إعطاء انطلاقتها  منذ ثلاث سنوات، ومتابعة من كان وراء عرقلتها وتعطيلها، مما شوه وجه المدينة وعرضها لأكثر من خطر؟ هل الأمر يتعلق بحضور وزير أم الوزارات لتنصيب أول عامل على إقليم وزان المحدث بقرار ملكي؟- ولو أن أكثر من وزير زار المدينة في الشهور الأخيرة لم يثر شهية بعض الأجهزة الأمنية والإدارية ولم تستنفر لاستقبالهم بالثقل الذي حدث اليوم – بلى، ولكن من خلال مراجعتنا لوكالة المغرب العربي للأنباء لم نعثر على أي قصاصة تتحدث عن أي نشاط ملكي حدث في الأيام الأخيرة يتعلق بتعين عمال على رأس الأقاليم الجديدة؟
   كل افتراضاتنا تبخرت لما انتصبت الحقيقة أمامنا صادمة الجميع. الأمر يتعلق بيوم استثنائي في التاريخ السياسي للمدينة منذ حصول المغرب على استقلاله…
  الأمر يتعلق بالحزبية الإمتيازية ضدا على الدستور والقوانين ذات العلاقة بالموضوع… الأمر يتعلق بتنظيم حزب الأصالة والمعاصرة لقاءا تواصليا بين أمينه العام، ومناصريه وأعضائه وساكنة المنطقة، والإشراف على افتتاح مقره والمصادقة على هيكلة الأمانة العامة الإقليمية، وهذا واجبه الدستوري الذي فعله ونصفق له، ونأمل أن تحدو حدوه مختلف الأحزاب السياسية… لكنه لقاء حمل إلى الجميع، إشارة قوية تقول بأن الأمر يتعلق بحزب الدولة، وأن الحضور الاستثنائي للسلطة المحلية والأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها، واصطفاف رجال الأمن على طول الطريق وعند مداخل المدينة، والتحرك المثير لرؤساء الإدارة الترابية والأمنية، والحماس الذي تحلت به شركة النظافة وهي تنظف شوارع بعينها تاركة المدينة تغرق في الأزبال، كانت الغاية من ورائه تسويق صورة عن هذا الحزب بأنه مصنف لوحده ضمن خانة خمسة نجوم، وأن ما تبقى من الأحزاب يقع تحت عتبة التصنيف!والدعوة الصريحة إلى أنه حزب 2012 بامتياز، وما على الجميع إلا ركوب الجرار قبل فوات الأوان، وبالتالي لا يهم أن تحتقن البلاد سياسيا، ولا أن يستمر التباعد أو الصدام بين المواطنين والسياسة والفاعلين السياسيين، ولا يهم أن يتبخر مسسلسل المصالحة والإنصاف الذي طال التاريخ والجغرافية والسياسة، مسلسل فتح في وجهنا نوافذ رغم ضيقها، تسرب منها إلى أنوفنا نسيم الديمقراطية والأمل، في المستقبل…
   هل كانت مختلف هذه الأجهزة الإدارية والأمنية ستلفت نظر السكان، وتنزل بثقلها، لو لم تكن تلقت تعليمات عليا؟ وإلا لماذا لم تتصرف بنفس الحماس والإثارة عندما استقبلت المدينة أكثر من قائد حزب، واكتفت بحصر حضورها في زرع "بلالة ومن معه" بين الصفوف لتدوين الشاذة والفادة.

السبت، 16 يناير 2010

كيف تحول سهل الغرب الفسيح إلى بحر!


 كيف تحول سهل الغرب الفسيح إلى بحر! 
السورة لجانب من سهل الغرب وقد غمرته المياه في منتصف يناير 2010
امتلأت كل المجاري عن آخرها، والسدود فاضت، وأغلب الحقول مغطاة بالمياه.
(للمزيد انظر الموضوع السابق)


الجمعة، 15 يناير 2010

"الفيرمات" في منطــقة الـغــــرب وسؤال "من أين لك هذا؟"


"الفيرمات" في منطــقة الـغــــرب
وسؤال "من أين لك هذا؟" 
مدخل ضيعة فلاحية تكونت في العهد الاستعماري
 
سيدي يحي الغرب: حميد هيمة
تنفرد منطقة الغرب بخصوصيات طبيعية (التضاريس، المناخ، الشبكة المائية..) ملائمة لممارسة مختلف الأنشطة الفلاحية، وهذا ما تنبهت له السلطات الاستعمارية الفرنسية، في  مطلع القرن (20م). فشرعت، بتوظيف كل وسائل القهر، في انتزاع الأراضي من سكان المنطقة، ومصادرة المرجات؛ مستغلة "الفراغ" القانوني في شأن الملكية  العقارية. وحولت هذا الرصيد العقاري المصادر، بكل وسائل الترغيب والترهيب، إلى استغلاليات فلاحية كبرى تركز على الإنتاج التسويقي؛ الذي استهدف إشباع حاجيات الميتروبول من المنتجات الفلاحية.
 بعد حصول المغرب على استقلاله، في الظروف والحيثيات المعروفة، لم يتم مباشرة عملية استرجاع الأراضي التي كانت في " ملكية " الشركات الاستغلالية والمستوطنين الأجانب. وأجهضت المخططات الزراعية  الطموحة للحكومة الوطنية، التي قادها المرحوم " عبد الله إبراهيم ". و بفعل تضارب المواقف والتصورات بين السلطة الحاكمة والمعارضة، في شأن  استحقاقات مغرب الاستقلال، سيقت البلاد في آتون انتهاكات حقوقية ممنهجة على المستوى الفردي والجماعي. وبموازاة الانتهاكات السياسية المذكورة، فقد حصلت أيضا انتهاكات اقتصادية جسيمة؛ بحيث تحول بعض المغاربة المقربين من السلطة، بقدرة قادر، في سياق تفشي اقتصاد الريع، إلى ملاكين عقاريين كبار يحوزون أراضي خصبة وشاسعة. وبالمقابل، فإن الساكنة الغرباوية بقيت  محاصرة، كنتيجة للسياسة الاستعمارية، في مجالات ضيقة ولا تحوز إلا أراضي مجهرية.
 و السؤال الذي فرض، ويفرض، نفسه : كيف تحول البعض إلى ملاكين عقاريين كبار في منطقة الغرب؟ من الفئات المستفيدة ؟ و ما المعايير المعتمدة، آنذاك، في تفويت الأراضي  لهؤلاء الملاكين الكبار؟ إنها أسئلة، بصيغة استنكارية، موجهة لجميع الجهات؛ و في مقدمتها المنظمات الحقوقية المناضلة، والقنوات الحقوقية الرسمية.
و إذا كان المغرب، دولة ومجتمعا، عالج بذكاء ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على المستوى السياسي، فهل  يفتح ورش للتحقيق، بعيدا عن الجوانب الجنائية وعلى الأقل من زاوية التناول التاريخي، في ظروف وملابسات "استفادة " البعض من "وزيعة الفيرمات"، من مدخل الإجابة عن سؤال : "من أين لك هذا؟"
 إن تحقيق الإنصاف وجبر الضرر الجماعي، في ما يخص الانتهاكات الاقتصادية في المنطقة،  لن يكلف الدولة إلا  تعميق مسلسل التنمية البشرية؛ من خلال، مثلا، تفويت هذه الأراضي إلى السكان لاستغلالها  في إطار العمل التعاوني فيما  بينهم. وهو ما سيمكنهم  من تأمين خبزهم اليومي، وتكون الدولة بذلك قد أدت دينها في تنمية المنطقة وتأهيلها لتواكب إيقاع التطور كباقي مناطق المغرب.
قد يبدو هذا السيناريو حالما وغير ممكن في الحال، لكن الحلم والأمل هما الطاقة التي يتطلع عبرها الإنسان المغبون إلى المستقبل. وما هو مستحيل اليوم قد يصبح ممكنا مستقبلا، ودوام الحال من المحال.

———————-
موضوع مقتبس من :" الضيعات الكولونيالية في منطقة الغرب " ، بحث لنيل شهادة الإجازة، شعبة التاريخ، جامعة ابن طفيل – القنيطرة 2005 . 


الأربعاء، 13 يناير 2010

"واقع وآفاق تدريس اللغة الامازيغية" في لقاء للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا


 "واقع وآفاق تدريس اللغة الامازيغية" 
في لقاء للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا

سلا:عبدالإله عسول
"تبين من خلال المعاينة ومن خلال التقارير الميدانية أن تدريس اللغة الأمازيغية لا يطرح أي مشكل على المستوى البيداغوجي. فإذا توفرت الشروط المناسبة والمتمثلة خاصة في التكوين الجيد وتوفير الوسائل الديداكتيكية والتأهيل المهني المناسب للمدرسين والمؤطرين يصبح بالإمكان الانتقال من الإرساء والتعميم إلى التحكم في اللغة الأمازيغية. 
 جانب من الحضورأثناء الندوة 
من هنا يمكن القول إن تحسين شروط إدراج اللغة والثقافة الامازيغيتين في منظومة التربية والتكوين سيترتب عنه ولاشك تحكم المتعلمين في مختلف المستويات التعليمية وفي الكفايات اللغوية المنشودة. ولن يتأتى هذا إلا عن طريق البحث عن الحلول الممكنة للإشكاليات المطروحة حاليا"
تلك كانت خلاصة العرض الذي تقدم به الأستاذ عبد الرحمان بلوش خلال الندوة التي نظمها فرع الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا، يوم الأحد 3 يناير الجاري 2010، في موضوع "تدريس الأمازيغية: واقع وآفاق"، والتي احتضنتها مدرسة فاطمة الفهرية الابتدائية، وحضرها ثلة من مدرسي الأمازيغية ونخبة من المهتمين.
توزعت الأرضية التي تقدم بها العارض على أربعة محاور وتساؤلات:
 - ما الهدف الاستراتيجي من تدريس الأمازيغية؟
 - ماذا تحقق بعد ست سنوات من إدماج تدريس الأمازيغية ؟
- ما هي الاختلالات والصعوبات التي واجهتها التجربة الحالية؟
- ما هي البدائل المقترحة لتجاوز هذه العراقيل؟ 
أسئلة أثارت نقاشا صريحا حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية، حيث تم وضع الأصبع على عدد من الصعوبات التي تعيق التحكم فيها، ومنها أساسا، ضعف تفعيل النصوص المؤسسة والتطبيقية في مجال تدريس الأمازيغية، تعثر التعميم أفقيا وعموديا، عدم انخراط 6 أكاديميات في المشروع، نقص في الموارد البشرية المتخصصة والمكونة في المجال وغياب مخطط توقعي لإعداد هذه الموارد.
من جانب آخر، وعلى مستوى نيابة سلا، أكد مصدر مطلع، أن "التقارير الإحصائية" تسجل توفر 38 مدرس(ة) يقومون بتعليم اللغة الأمازيغية ب27 مؤسسة ابتدائية، بوثيرة 3 ساعات أسبوعية للمستويات من الأول إلى السادس، بالإضافة للغة العربية والفرنسية .
وتحدث نفس المصدر، بأن هناك عدد من المعيقات التي تؤثر سلبا في الإدراج الفعلي للغة والثقافة الأمازيغيتين، من أبرزها، غياب مفتش للغة الأمازيغية يتقنها نطقا وكتابة، عدم تعيين أساتذة لهذه المادة، ضعف التكوين وغياب الوسائل، بالإضافة لغياب استعمال زمن خاص.

الثلاثاء، 12 يناير 2010

سيدي سليمان على أمواج الإذاعة الوطنية


سيدي سليمان على أمواج الإذاعة الوطنية 
حلت سيدي سليمان ضيفة على الإذاعة الوطنية صباح يوم الثلاثاء 12 يناير من خلال برنامج "نافذة الصباح" الذي يقدمه الحسين العمراني، وقد تم التطرق إلى معيقات التنمية بالمدينة والمنطقة من خلال الاستماع إلى ثلاث ضيوف ردوا على أسئلة الصحفي، هم الحسين الإدريسي ومحمد كلاف ومصطفى لمودن. 
          
الحسين الإدريسي         محمد كلاف             مصطفى لمودن
قدم المشرف على البرنامج المدينة لمستمعي الإذاعة، واصفا إياها بالمدينة التي كانت تعرف بأنها "متوسطة"، لكنها تراجعت، ففي الأربعينيات والخمسينيات كان يطلق عليها بارس الصغيرة ( le petit Paris !)، ولقيت اهتماما بعد الاستقلال، وشيد فيها أزيد من عشر معامل، وأصبحت مدينة "نموذجية"… ولكن فجأة أغلقت هذه المعامل مع بداية التسعينيات من القرن الماضي، وتأثرت سلبا وعرفت تراجعا كبيرا، فما هي الحالة والوضعية؟ يقول الحسين العمراني، وما موقف ورأي أبناء المدينة من الفاعلين الجمعويين؟
  طلب الصحفي من الحسين الإدريسي وصفا للوضعية والمدينة تتأهب إلى مصاف العمالات.
أكد الحسين الإدريسي أن المدينة فعلا أصبحت عمالة، رغم الضربات التي تلقتها على المستوى الاقتصادي، وهي تعرف تراجعا على مختلف المستويات، ومهددة بالترييف، وقد أغلق بها 13 معملا.
يتدخل الصحفي ليتساءل عن تأثير إغلاق الوحدات الإنتاجية على اليد العاملة وازدهار المنقطة.
يقول الحسين الإدريسي، في الستينيات كانت المدينة تستقطب اليد العاملة، وعليه كان يمكن أن تكون مركزا للصناعة التحويلية الفلاحية. يقاطعه الصحفي مشيرا إلى إغلاق معمل الشمند وشركات تلفيف الليمون.
الإدريسي:نعم وهذا أثر سلبا على الساكنة والعمال، فكثرت البطالة، إننا لم نعد نستعمل كلمة عمال في المنطقة.
الصحفي: هذا بدروه أثر على مداخيل الجماعة.
الإدريسي:نعم، وقد تحولت الرساميل الاستثمارية إلى مناطق أخرى.
الصحفي: هل بوجود عمالة قد تحل المشاكل؟
الإدريسي: المدينة أصبحت عمالة، ويجب تهيئة المدينة.
 الصحفي: كيف هي وضعية الشوارع؟ هل ما تزال محفرة؟
الإدريسي يشير إلى تزفيت الشوارع مؤخرا، لكنه ذكر أن مناطق أخرى بالمدينة ما تزال تحتاج إلى التزفيت، متحدثا كذلك عن تأثيرات الفيضانات على المدينة والمنطقة.
لينتقل الصحفي حسين العمراني للحديث مع الضيف الثاني محمد كلاف المشتغل بالقطاع الفلاحي كما قدمه، وقد سأله عن العلاقة القائمة ما بين الفلاحة وإغلاق المعامل.
محمد كلاف يؤكد العلاقة القائمة مابين المعامل التحويلية والفلاحة، وقد ضرب المثل بمعمل السكر الذي كان يسوق عبره الفلاحون منتجاتهم من الشمندر، وكذلك معملي الخمور، ومحطات تلفيف الحوامض….
الصحفي يتدخل: لقد تم تنقيل هذه المعامل إلى جهات أخرى كالدار البيضاء، والحوامض تنقل إلى الدار البيضاء ليتم تلفيفها!
    كلاف يؤكد من جديد على إغلاق المعامل والتأثيرات السلبية التي ظهرت بالمدينة جراء ذلك، فانتشرت البطالة والتسول والدعارة وتعاطي المخدرات والاتجار فيها.. أما العالم القروي فبدوره يعرف مشاكل عديدة.
الصحفي يقاطعه، قائلا بأن هذا الموضوع نناقشه مع ضيف ثالث.
قدم الصحفي مصطفى لمودن بالفاعل الجمعوي والمشتغل بالعالم القروي في مجال التدريس، وقد كان مجمل التدخل حول التأثيرات السلبية لإغلاق المعامل على الفلاحة بالعالم القروي وظروف عيش الساكنة، بحيث أصبح يصعب تصريف المنتوجات الفلاحية، مما أثر سلبا على دخل الفلاحين، وتمت الإشارة إلى ضعف التأطير الفلاحي بعد توقف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عن ذلك، رغم أن التأطير السابق فيه نظر، وعدم فعالية التعاونيات الفلاحية التي لم تعد تتعاون في أي شيء، باستثناء وجبة الغذاء التي تعدها عند تجديد مكتب التعاونية كل سنة! وتوقف المتدخل عند ضعف البنية التحتية خاصة الطرق التي تهمل ولا يتم إصلاحها، مشيرا إلى أنه رغم توفير الماء والكهرباء لجزء مهم من ساكنة العالم القروي فإنه رغم ذلك لا يساهم في الدورة الاقتصادية كما يجب.وتحدث عن الخراب الذي حل بضيعات الصوديا والسوجيطا والتفويتات التي لم تكن ناجحة في غالبيتها (الصحفي مقاطعا وهو يشير إلى تسلم الضيعات من قبل أطراف غير مهنينة).
 الصحفي يتدخل متسائلا عن الحلول الممكنة، وقد كان الرد هو وضع حلول ضمن تصور متكامل، بحيث كل منطقة تختص في قطاعات محددة في إطار الجهوية التي يتم الإعداد لها، أن يتم تأطير القطاع الفلاحي، وأن يتركز الاهتمام على الطاقة البشرية، من خلال التعليم والتكوين المتعدد، وأن توجد حلول لتسويق المنتوجات الفلاحية، ليس فقط للسوق الداخلي، بل للخارج كذلك..  
ختاما، قدم الثلاثة المتخلون من سيدي سليمان في مدة لم تتعد تسع دقائق لهم جميعا تصوراتهم للمشاكل القائمة والحلول الممكنة، لكن لضيق الوقت لم يتم التطرق لدور النخبة التي تبقى غائبة ولا تساهم بدورها المطلوب، فباستثناء "نخبة" انتفاعية أنتجتها الانتخابات، غالبا ما تركز على مصالحها الضيقة ولا تعير اهتماما لتنمية المنطقة، ثم هناك دور الإدارة الترابية المنغلقة على نفسها بفعل عدة عوامل منها ما هو موروث ويصعب التخلي عنه، حيث تعودت على الضبط والمراقبة دون أن تهتم بإشراك مختلف الفاعلين، لكن الوضع الآن تغير، يفرض تداول المعلومة، والتشاور والقيام بحوارت ونقاشات عامة وإشراك الجميع وعدم التركيز فقط على ما يسمى "ممثلي السكان" فقد تبث مرارا على أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم (في الغالب وباسثتناءات قليلة)بعد تناسل خيبات الأمل جراء انتخابات مغشوشة يشارك فيها قلة من المواطنين، بينما المؤسسات التمثيلية في الحقيقة هي أهم ركيزة تنطلق منها مبادرات التنمية الشاملة.
ونسجل بشكل إيجابي الانفتاح الحاصل في جزء من الإعلام العمومي متمثلا في الإذاعة الوطنية، بخلاف التلفزة التي ما تزال تكرس الإعلام المتخلف.

الأحد، 10 يناير 2010

تقديم مساعدات لفرعية الدغوغيين المدرسية


تقديم مساعدات لفرعية الدغوغيين المدرسية

عرفت الفرعية المدرسية "الدغوغيين" التابعة لمجموعة مدارس الأندلس المتواجدة بدائرة بلقصيري حفل تقديم مساعدات يوم الثلاثاء 22 دجنبر من طرف السيدة كلثوم الرزرازي، وهي مغربية مقيمة بسويسرا، وقد تمثلت مجمل المساعدات في معدات تخص التعليم الأولي؛ طاولات وكراسي، سبورة صغيرة ووسائل تعليمية، بالإضافة إلى كمية مهمة من النظارات الطبية الخاصة بالأطفال من النوع الجيد، وتجهيزات مدرسية أخرى.. ومن المرتقب أن تقام بين عدة أطراف  شاركة في إطار تحقيق أهداف "جمعية دعم التمدرس".  
مدير المجموعة المدرسية محمد كرام يلقي كلمة ترحيب بالمناسبة، وفي الصورة كلثوم الرزرازي المانحة وعبد الإله بنيفر منسق الحفل. 
تتوفر الآن أغلب الضروريات لتحقيق التعليم الأولي بالفرعية المعنية شريطة تضافر جهود متدخلين آخرين، وتجدر الإشارة أن هذه الفرعيةتعاني خصاصا كبيرا كأغلب الوحدات المدرسية بالعالم القروي، وحجراتها متقادمة تتسرب مياه الأمطار من سقوفها.
لوحظ أثناء الحفل غياب ممثل عن الجماعة القروية "دار العسلوجي" رغم توجيه الدعوة لها في شخص رئيسها
تفريغ المعدات وقد شارك في ذلك سكان من القرية 
وقدمت بالمناسبة جوائز تقديرية للتلاميذ والتلميذات المتفوقين.

نادي الأسير الفلسطيني في جولة له بالمغرب


نادي الأسير الفلسطيني  في جولة له بالمغرب  
 
المحطة الثانية بسيدي قاسم 
إعداد: مصطفى لمودن
 
فدوى البرغوتيالأسير لا ينتهي نضاله بالأسر، والانقسام الفلسطيني يدمي قلوبنا.. 
رائد عامر: ما نسعى إليه هو التعريف بقضايا الأسرى ومعاناتهم. 
 
محمد الشيكر: استمرار الاعتقال صخرة تكسر عليها شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
عبد اللطيف بوخال، فدوى البرغوتي، رضوان، رائد عامر، محمد الشيكر
 حل وفد فلسطيني عن نادي الأسير بسيدي قاسم يوم السبت 26 دجنبر 2006، في إطار جولة له بعدد من المدن المغربية للتعريف بقضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقد نظم فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يوما تضامنيا مع الأسرى الفلسطينيين احتضنته قاعة سينما وليلي، وضع له شعار " دعم القضية الفلسطينية يمر عبر دعم صمود أسراها". وقد تلقى الوفد الفلسطيني ترحيبا قويا، ورددت شعارات تضامنية مع فلسطين، وقد صمد الحضور منتظرا وصول الوفد المتأخر عن الموعد المعلن عنه لأزيد من ساعتين بسبب طول المسافة من تطوان حيث كان أول لقاء هناك، ثم بسبب انقطاع أقرب طريق نتيجة الفيضانات.
استقبال حاشد خص به الوفد الفلسطيني
 تميز الحفل التضامني بإلقاء كلمات بالمناسبة من طرف فدوى البرغوتي، المحامية الفلسطينية وزوجة المناضل الأسير مروان البرغوتي، ثم رائد عامر المنسق الوطني لنادي الأسير، وكلمة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ألقاها رئيس الفرع محمد الشيكر، وقدمت بالمناسبة هدايا تذكارية، كما استمع الحضور لأناشيد وأغاني فلسطينية من طرف مفيد الحنتولي بمساعدة أعضاء من مجموعته الموسيقية.   وتجدر الإشارة أنه خيم على أجواء الاحتفاء حادثة امتناع المجلس البلدي في المدينة في شخص الرئيس ونائبه عن الترخيص باستعمال قاعة البلدية لذات النشاط، وكان قد أصدر قبل ذلك فرع الجمعية الحقوقية بيانا استنكاريا حول الموضوع. كما تزامنت زيارة الوفد الفلسطيني مع اغتيال ثلاث مقاومين فلسطينيين بمنازلهم في نفس اليوم بنابلس من طرف الكيان الإسرائيلي، وهم غسان أبو شرخ ورائد عبد الجبار السركحي وعنان صبح.
الحضور في جانب من القاعة يقف احتراما واجلالا لأرواح الشهداء
فدوى البرغوتي:  
في البداية كان لفدوى البرغوتي كلمة تقديمية نوهت فيها بكل من يدعم القضية الفلسطينية مخاطبة حضورا غصت به القاعة قائلة :"شكرا على هذا الحب، شكرا لكم على هذا الانتماء، على هذا الحب والاحتضان والرعاية والضيافة…"، مضيفة بقولها"رسالة الشعب الفلسطيني صامد على أرضه ولن يركع ولن تفلح إسرائيل في أن تجعله يركع"، وقد حيت شهداء الأمة وشهداء المغرب وفلسطين من أجل التحرير والحرية، كما حيت شهداء فلسطين وحرصت على ذكر مختلف الرموز الفلسطينية المستشهدة، مثل ياسر عرفات، والشيخ ياسين وأبو علي مصطفى وأبو العباس وفتحي الشقاقي… بما يحيل على مختلف التنظيمات الفلسطينية.  
ذكرت في بداية مداخلتها أن جولتهم في المغرب تدخل ضمن حملة دولية انطلقت منذ ثماني سنوات للتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب برمته، وأن قضية المعتقلين قضية سياسية ذات أبعاد إنسانية.
فالعائلة تحرم من ذويها، والمرأة الفلسطينية ليست قاسية كما يقال وهي من تبحث عن الأهوال ، بل هي حنونة وطيبة، لكن المعركة تفرض عليها، فمنذ 1967 اعتقل مليون إلا ربع من الفلسطينيين، وكل بيت فلسطيني لديه معتقل على الأقل، بل هناك أسرى في اعتقال متواصل من 32 سنة، واستشهدت في ذلك بعميد الأسرى في العالم نائل البرغوتي ، بالإضافة إلى فخري البرغوتي (31 سنة اعتقال)، أبو التاجر، أكرم يونس، أبو العوض وغيرهم… وإسرائيل تدعي أنها تأسر الإرهابيين، ولا أحد يعرفهم في العالم أو يلتفت إلى أوضاعهم، ونحن نقول إن هؤلاء أسرى حرب، وبالتالي يجب أن تنطبق عليهم مقتضيات اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب.
وأضافت في تدخلها الذي كان يقاطعه بين الفينة والأخرى جمهور القاعة بالهتافات المناصرة لفلسطين قائلة:" منذ اختطاف مروان البرغوتي  وأنا أجوب العالم، دخلت خمسين دولة للتعريف بقضية الأسرى، نأتي لنتواصل معا، لنفكر في كيفية دعم القضية…" وذكرت في مداخلتها أنه ما زال في السجون الإسرائيلية أزيد من 11000 أسير، وأن أزيد من 120 منهم قضوا بظلمة السجن أكثر من 20 سنة، منهم كذلك 36 امرأة في ظروف صعبة، إلى درجة أن هناك من تلد وهي مقيدة، وفي السجون 300 طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 17 سنة، كما أن هناك سجونا مختلفة كمراكز الاعتقال الإداري، حيث يحتجز بها أزيد من 350 طفلا، والقاسم المشترك بين مختلف السجون هو التعذيب والإهانات.  
ورغم اتفاقية أسلو لم يفرج عن الأسرى، واعتبرت ذلك "خطأ كبيرا"، فيجب ألا تكون هناك اتفاقية تتجاوز قضية الأسرى. ومازال الاعتقال مستمرا، واعتبرت أن القادة الحقيقيين هم من يكون قد اعتقلوا، وهؤلاء هم من يصوت عليهم الشعب، لقد كان في المعتقلات 45 عضوا برلمانيا، أي ثلث المجلس التشريعي الفلسطيني، وثلثاهم (3/2)لا يستطيعون التواصل مع الخارج (خارج السجن)، وبقي الآن 15 عضوا منهم في السجون، أقدمهم مروان البرغوتي، لقد أرادت إسرائيل من خلال أسر القادة أن تقول للعالم " أن القادة إرهابيون"، حتى تضرب الشعب وتقتل ياسر عرفات…
لقد ظهر مروان البرغوتي بعد 100 يوم من التعذيب والتنكيل في الصورة، وأتت إسرائيل ب 500 وسيلة إعلام محاولة إدانة البرغوتي لتظهره ذليلا مكسور الإرادة، بعد تعذيبه وربطه بكرسي،  ورغم ذلك خرج القائد وتحدث بثلاث لغات ليقول :" الانتفاضة ستنتصر، الشعب سينتصر، إذا أرادت إسرائيل السلام عليها أن تنهي الاحتلال، وإذا كان فقداني للحرية من أجل ذلك فأنا مستعد لها".
وفي نفس سياق إبراز القادة ك"إرهابيين" من قبل إسرائيل، فالرفيق أحمد سعدات داخل السجن بتهمة إعطاء الأوامر لقتل وزير، لكن فدوى البرغوتي أكدت على أن "الأسير لا ينتهي نضاله بالأسر"، مؤكدة أن مروان البرغوتي عزل لأربع سنوات، وحاول السجانون منعه من الحديث، ورغم ذلك ساهم في الهدنة بين الفصائل الفلسطينية، وهي تقصد بذلك وثيقة الوفاق الوطني الصادرة في ماي 2006 من داخل السجن وقد كانت في الأول وثيقة للأسرى، وقد وقعت عليها جميع الفصائل الفلسطينية،  وأضافت فدوى البرغوتي قائلة:" على مدى ثماني سنوات يأخذ مروان رقم واحد في الاستطلاعات، لأنه مع الشعب، وقد غادر كل الامتيازات ليتبوأ مكانة النضال لصالح الشعب الفلسطيني.
إصدار وثيقة الأسرى جعلت إسرائيل تقوي من تشددها تجاه كل القادة الأسرى، بل أبعدت فيما بينهم إلى أربع سجون متباعدة، وتجاوزت إسرائيل "القانون" الذي يفرض جمع الأب بابنه في نفس السجن، ونقلت القسام ابن مروان البرغوتي إلى سجن آخر تنكيلا به… وحول معنويات الأسرى قالت بأنه لم يحدث أن تراجع أسير في سجنه عن مبادئه، ودعت إلى  أن تكون صفقة تبادل الأسرى "مشرفة" ليطلق سراح الأسرى، وتمنت من "الجهة الآسرة للجندي جلعاد شليط أن تبقي على وعدها بإطلاق 450 المحكوم عليهم بالمؤبد.
 وحرصت على القول بأن برنامج المفاوضات قد فشل ووصل إلى طريق مسدود، ولا يمكن أن نعتمد على ذلك وحده كما أشارت، وذكرت بموقف  مروان البرغوتي الذي يدعو إلى "الإبقاء على خيار المقاومة، "لأن ذلك دعم لكل تفاوض".
أما عن معضلة "الانقسام" الفلسطيني فقد نعتته ب"الذي يدمي قلوبنا"، وهو موجود في البيوت، ويؤثر على الأسر، والجميع يتألم لذلك، ودعت لوضع حد لذلك قائلة:" هذا الانقسام يجب ألا يستمر، لأنه سيطول من عمر الاحتلال، كما لا يوجد مشروع دولة في ظل هذا الانقسام، ولن ينجز أي طرف فائدة مع الانقسام كما جاء على لسان فدوى الذبرغوتي، وقد رأت أن الاستيطان يتوسع في فلسطين بما في ذلك القدس، واعتبرت أنه لا يمكن قبول قيام دولة فلسطينية بدون القدس، فهو روحها كما قالت، ودعت إلى مساندة المقاومة الفلسطينية:" نحن على خط الدفاع الأول، نريد من الأمة أن تبقى معنا وتقف بجانبنا ولا تحبط مقاومتنا.
وهي تخاطب من في القاعة قائلة:" أنقل لكم رسالة أخيكم البرغوتي، وهو يعلم أنني بينكم، يقبل جبين كل واحد فيكم، ويقبل جبين كل مغربي، وهو لن يتراجع قيد أنملة عن حق الشعب الفلسطيني ولن يتغير، وتمنت أن يطلق سراحه قريبا.
وقد ألبس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فدوى البرغوتي لباس المحاماة كتأكيد منه على مساندة فدوى البرغوتي المحامية في مساعيها للدفاع عن قضايا الأسري الفلسطينيين، وحرص عدد من الحاضرين على أخذ صور تذكارية مع أعضاء الوفد الفلسطيني
أحمد العبدالي يلبس فدوى البرغوتي بدلة المحاماة 
تنتظر فدوى البرغوتي مهام صعبة ضمن نادي الأسير الفلسطيني والمقاومة ككل
رائد عامر:
تحدث في البداية عن حفاوة الاستقبال الذي لقيه الوفد الفلسطيني، وذلك ليس بغريب كما قال، فقد "تعودنا عليه من طرف إخواننا بالمغرب، ونعتبر أننا شعب واحد"، وقد ابتدأ كلمته بتأثر شديد بسبب فقدان ثلاث زملاء له من  كتائب شهداء الأقصى إثر عملية غادرة من طرف إسرائيل كما أشرنا إلى ذلك، " كان يود أن يكون بين هذا الوفد غسان أبو شرخ، ليشارك في هذه الحملة الدولية لمساندة الفلسطينيين الأسراء، لكننا فجعنا في فقده" وخاطب بغضب الإسرائيليين:" اقتلوا وافعلوا ما شئتم ولكنكم لن تستطيعوا أن تقتلوا المقاومة والأمل داخل كل الفلسطينيين"، وأضاف :" اليوم شعرنا بأننا لسنا وحدنا في هذه المعركة المصيرية"، وبدوره تقاطعه القاعة بالشعرات المدعمة لفلسطين والمنددة بممارسات الكيان الإسرائيلي.
ثم قدم رائد عامر بصفته مديرا لنادي الأسير الفلسطيني بنابلس نبذة عن "مؤسسة جمعية نادي الأسير" التي تأسست سنة 1993، للدفاع عن قضايا وهموم الأسرى والأسيرات، وخدمة الأسرى وعائلاتهم خارج السجون، خاصة في ظل الاعتقالات اليومية. والقائمون على هذه الجمعية هم من الأسرى المعتقلين والأسرى المحررين. البداية كانت بمكتب ببيت لحم، وحاليا لدينا فروع في جميع المدن، ولدينا 30 محاميا لمتابعة قضايا الأسرى، نتابع شؤون السجناء في 26 سجن ومعتقل ومركز تحقيق في مناطق فلسطين المحتلة، يتصل محامونا بالمعتقلين، ويترافعون عنهم رغم أننا لا نعترف بشرعية هذه المحاكم ـ يقول رائد ـ فعدد المعتقلين يفوق عشرة آلاف في ظروف سيئة، وتحرم العائلات من حق الزيارة، ويعاقب المعتقلون بقسوة بما في ذلك العزل الانفرادي، وتريد إسرائيل أن يصبح الأسير عالة على أسرته… أحيانا يحقق الممعتقلون بعض المكاسب عن طريق إضرابات عن الطعام لكن سرعان ما يتم التراجع عنها… ما نسعى إليه من خلال حملتنا في المغرب وبقية الدول هو التركيز على قضية الأسرى ومعاناتهم.
 وتطرق لتجاهل قضية الأسرى على الصعيد الدولي، وللميز الموجود على مستوى مقارنة الاهتمام الملحوظ بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وآلاف الفلسطينيين القابعين وراء القضبان، يقول رائد عامر:" كنا نتحدث مع وزارة الخارجية الفرنسية، الكل يثير الجندي شاليط … قلنا لهم لماذا تطالبون بجندي قاتل جاء ليقتل الأطفال بغزة، لماذا لا تطالبون بإطلاق سراح من يطالبون باستقلالهم"؟ (يقصد بهم الفلسطينيين)، "ليس هناك عدل في هذا العالم" كما استنتج المتدخل.
وفي ختام تدخله دعا المجتمع المدني للوقوف بجانب الأسرى الفلسطينيين، "نطالبكم يا إخوان بالمساهمة معنا عن طريق فضح هذه الممارسات… سنستمر في دعم الأسرى والاعتقال لن بثنينا عن النضال" 
محمد الشيكر:
بصفته رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم ألقى كلمة باسم الجهة المنظمة لليوم التضامني، وقد نندد بزيارة تسيبي ليفني إلى المغرب، وطالب بمساندة الداعين إلى رفع دعوى قضائية ضد من ساهم في استقبالها، كما ندد بعدم سماح المجلس البلدي باستغلال قاعة البلدية لذات النشاط، ونوه ببعض المستشارين البلديين الذي تبرؤوا من موقف الرئيس ونائبه كما قال، وقد حيى المرأة الفلسطينية المناضلة، واستحضر بالمناسبة ذكرى المناضل الراحل عبد الفتاح بالواد، أول محام رفع قضية ضد فتح مكتب اتصال إسرائيلي بالمغرب، وذكّر بحق الفلسطينيين في المقاومة، وطالب بتجريم الاعتقال السياسي، ودعا إلى دعم كافة المعتقلين الفلسطينيين، والتخفيف من معاناة الأسرى وأسرهم، وتوقف عند حق تقرير الشعب الفلسطيني لمصيره وعودة اللاجئين، وتأسيس دولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس، وخاطب المعتقلين واصفا إياهم ب"الأحرار، بينما نحن الأسرى، وقضيتكم قضيتنا"، مضيفا بقوله:" ما غابت عنا معاناتكم وبدونكم لن تقوم فلسطين، واستمرار الاعتقال صخرة تكسر عليها الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتجدر الإشارة أن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم كان قد أصدر بيانا استنكاريا ندد فيه بمنعه من استعمال قاعة البلدية، وبعد ذلك أصدر المجلس البلدي بدوره بيانا يؤكد فيه "الدعم الكامل والمطلق لقضية الفلسطينية"، واعتبر كذلك أنه "لم يمنع النشاط ولكن القاعة الكبرى تشهد إصلاحات تقنية لا تسمح بإنجاح النشاط المذكور".
ومن خلال الحضور المكثف لأغلب الفعاليات النشيطة بالمدينة للجلسة المذكورة يظهر بجلاء مدى التقدير الذي يكنه الشعب المغربي للقضية الفلسطينية وعمق ترسخها في وجدانه.
كعادته يكون دائما جواد المغربي حاضرا بأغانيه الرائعة
 
مفيد الحنتولي في وصلة غنائية، وقد أدى أغاني وأناشيد فلسطينية، وحرص منذ البداية بأن يتغنى بمغربية سبتة ومليلية والصحراء 
 
 لينا بالواد تتسلم تذكارا في ذكرى وفاة والدها المحامي عبد الفتاح بالواد
 
أعضاء ودادية الزراري يسلمون الوفد الفلسطيني تذكارا 
 
تحف ومعروضات فلسطينية، وقد ذكرت المشرفة أن بعضها صنع من طرف أسيرات فلسطينيات

حقيبة يد صغيرة مطرزة بشكل أنيق