الثلاثاء، 12 أبريل 2011

بصدد النقاش السياسي الدائر بالمغرب حول تعديل الدستور: الفصل بين الدين والدولة ضروري و"إمارة المؤمنين" تتناقض مع الديمقراطية


بصدد النقاش السياسي الدائر بالمغرب حول تعديل الدستور:
الفصل بين الدين والدولة ضروري
و"إمارة المؤمنين" تتناقض مع الديمقراطية
 
عبد الرحمان النوضة (1)
بعد خطاب الملك محمد السادس في 9 مارس 2011، وفي إطار جلسات الاستماع الجارية بين اللجنة المكلفة بإعداد مشروع دستور للمغرب من جهة، ومن جهة أخرى القوى السياسية، طرحت بعض الأحزاب، مثل حزب الاستقلال، وحزب الحركة الشعبية، وحزب العدالة والتنمية،  أنها تريد الحفاظ على "إمارة المؤمنين".
ليست هذه، لا المرة الأولى، ولا الأخيرة، التي تريد فيها بعض الأحزاب، مثل حزب الاستقلال، وحزب العدالة والتنمية، أن تظهر كأحزاب، غيورة على الملك، و"ملكية أكثر من الملك". ولماذا ذلك ؟ لأن هذه الأحزاب تتملق إلى الملك، ولأنها مهووسة بضرورة تغليب الدين على السياسة، ولو في المظاهر. وكل حزب, أو كل شعب، يقبل إخضاع الدولة أو السياسة للدين، فإنه لن يستطيع أن يكون ديمقراطيا.
ويمكن أن نقولها بكل وضوح، وبكل صراحة: ما دامت الشعوب العربية تُخْضِع الدولة والسياسة والاقتصاد والثقافة للدين، فإن هذه الشعوب ستبقى هي الأكثر تخلفا عبر العالم. ويُمكن لكل ملاحظ موضوعي أن يرى أن الشعوب الأكثر تقدما عبر العالم، هي بالضبط تلك التي قطعت أكثر الأشواط في مجال فصل الدين عن الدولة وعن السياسة.
لأن الدولة السليمة، أو الحَكامَة الجيّدة، هي تلك التي تُخْضِع تدبير المجتمع للعقل، وللتشاور، وللديمقراطية. بينما إخضاع الدولة للدين، أو إخضاع السياسة للدين، يُبخس العقل، ويُلغي الشورى، ويدوس الديمقراطية، ويسهل الانحراف نحو الاستبداد السياسي (وكذلك نحو الاستبداد الاقتصادي، والاستبداد الإعلامي، والاستبداد الثقافي).
والسبيل الوحيد لدخول عهد الديمقراطية، يمر بالضرورة عبر فصل الدين عن السياسة. وكل بلد يختار إخضاع الدولة للدين، أو كل شعب يقبل تغليب الدين على العقل، أو تغليب الدين على السياسة، يستحيل عليه أن يصل إلى عهد الديمقراطية والحداثة.
وكل الأحزاب التي تنادي بالحفاظ على "إمارة المؤمنين"، أو على الفصل 19 من الدستور القديم المنبوذ، تعوق انتقال الشعب المغربي من الاستبداد إلى الديمقراطية.
يمكن لِلْمَلِك أن يكون مَلِكا، دون الحاجة إلى لقب "أمير المؤمنين". ويمكن لِلَقَب "ملك" أن ينتج عن توافق تاريخي بين الشعب والملك، وأن يكون مضمون هذا التوافق هو "قيام ملكية برلمانية، مقابل تحقيق الديمقراطية". وإلاّ أصبحت "الجمهورية البرلمانية" هي الحل الوحيد المقبول.
يدعي البعض أن "إمارة المؤمنين" ضرورية. ونقول لهم: لماذا "إمارة المؤمنين" ضرورية ؟ ما هي حُجَجُكم ؟ لا يوجد ولو مبرر واحد معقول أو مقبول يبرر مؤسسة "إمارة المؤمنين". وحتى القرآن لا يدعو إلى إقامة "إمارة المؤمنين". إن "إمارة المؤمنين" هي مجرد استغلال للدين في السياسة. هل كَوْنُنا مؤمنين يُجبرنا بالضرورة على أن نكون تحت "إمارة" ملك مستبد مثل الحسن الثاني، وذلك بمبرر "إمارة المؤمنين" ؟
وهل الدين الإسلامي يُوجِب حقا أن يُوجَد "أمير" يحكم المؤمنين، أو يسيطر على المسلمين؟ وهل الإسلام يَفْرِض، أو يُبَرّر، ملكية مستبدة، مثل الملكية التي ظلت تحكمنا منذ عدة قرون، ولا زالت تبقينا في التّخلُّف ؟ على عكس تلك الإدّعاءات، ألا توجد في القرآن تَقيِيمَات سلبية للنظام الملكي (مثل الآية القائلة: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أَعِزّة أهلها أَذِلّة، وكذلك يفعلون" (سورة النمل، سورة 27، آية 34) ؟ وحتى إذا ما وجد بعض الفقهاء، من بين خدام السلطان، تأويلا لآية ما، أو لحديث ما، لتبرير "إمارة المؤمنين"، فإن ذلك سيكون في مجال العبادة, وليس في مجال نظام الحكم، ولا في ميدان القضاء، أو الاقتصاد، أو العلوم، أو الثقافة. وإذا كان الدين يبرر حقيقة "إمارة المؤمنين"، ويبرر ملكية مستبدة، فإننا - في هذه الحالة - نُفَضِّل الديمقراطية على الدين.
إن "إمارة المؤمنين" لم تكن دائما موجودة عبر التاريخ. بل "إمارة المؤمنين" هي مجرد بِدْعَة، أو حِيلة سياسية، تُمَكِّن الحاكم وأتباعه من استغلال قداسة الدين، بهدف إضفاء الشرعية على نظام سياسي مستبد. وفي ما يخص المغرب، وحسب بعض الملاحظين، فإن علال الفاسي، وعبد الكريم الخطيب، هما اللذان اقترحا إقامة "إمارة المؤمنين" على  الحسن الثاني. فوجد فيها الحسن الثاني حيلة سياسة قوية، وسجلها في دستوره الممنوح، وأنجح هذا الدستور باستفتاء مُزَوّر. وكان هدف الحسن الثاني من "إمارة المؤمنين" هو تبرير استبداده، وتعليل سيطرته على جميع السُّلَط. فَاسْتَغَلّ الحسن الثاني حيلة "إمارة المؤمنين" لفرض "قداسته"، ولتبرير قمع كل فرد أو جماعة تنتقد نظامه الدكتاتوري. فظل يستغل "إمارة المؤمنين" لتبرير نزواته الاستبدادية، دون أن يلتزم بأي مبدأ من مبادئ الإسلام. فدعاة "إمارة المؤمنين" لا يأخذون من الإسلام إلا ما يخدم مصالحهم الخاصة.
إن كل الذين يريدون استعمال مؤسسة "إمارة المؤمنين"، يفعلون ذلك لسبب واحد فقط، وهو أنهم يريدون أن يستمدوا شرعية الحاكم من الدين، وليس من الشعب، أو من الديمقراطية. فيحرمون الشعب من حقه في اختيار الحُكّام، ومن اختيار نِظام الحُكْم.
وكُلّما وُجِدت مؤسسة "إمارة المؤمنين" في مجتمع ما، فإن ذلك يجعل الديمقراطية مستحيلة التحقيق في ذلك المجتمع. كما يصبح ممنوعا على الشعب أن يطالب بالديمقراطية، لأن مطالبة الشعب بالديمقراطية تظهر في هذه الحالة كأنها طعن في الدين. وكُلّما رفض شخص أو جماعة حكم "أمير المؤمنين", يصبح ذلك الشخص أو الجماعة متهما بأنه يرفض الدين نفسه. فيُقَدّم ذلك الصراع السياسي على أنه صراع ديني. والهدف الخفي هو تأليب الجماهير الجاهلة ضد المعارضين التقدميين. بينما في الحقيقة، الدين بريء من إِدِّعَاءات الحاكم، وبريء من مؤسسة "إمارة المؤمنين"، وبريء من الفقهاء المدافعين عن "إمارة المؤمنين"، وبريء من كل المتصارعين السياسيين.
ويمكن أن نتساءل : هل يمكن، أو هل يعقل، أن يمنح الدين (أو الإله) الشرعية لحاكم ما، أو لنظام سياسي ما ؟ من يَدّعي أنه بالإمكان أن يمنح الدين (أو الإله) شرعية لحاكم سياسي ما، إنما هو كذّاب ودَجّال. مثل هذه الإدّعاءات مرفوضة، بل هي مجرد خُرافات تستعمل للتحايل على عقول الجماهير الجاهلة، وذلك بهدف تبرير إخضاعها لنظام سياسي مُستبد. بل على عكس تلك الإدعاءات الكاذبة، لا يوجد أي سبيل لتشييد الديمقراطية إلا عبر الفصل بين الدين والدولة، والفصل بين الدين والسياسة، وبين الدين والثقافة.
هل الخضوع ل "أمير مؤمنين" وراثي، ومُسَيْطِر على جميع السلط، وغير قابل لا للمساءلة، ولا للمحاسبة، هل هذا يتماشى مع الديمقراطية ؟ إن كل من يقبل بأن يكون الملك "أميرا للمؤمنين"، يصبح مُكَبّلا في كثير من المجالات، وخاصة منها المجال السياسي. حيث يصبح ممنوعا عليه نقد "أمير المؤمنين"، أو نقاش صلاحياته، أو تدبيره للحكم. لأنه عند اندلاع كل أزمة سياسية حادة، تُؤَوّل "إمارة المؤمنين" على أن الملك مُقَدّس، وأنه خليفة الله في الأرض، أي أنه فوق البشر، وأن شرعيته مستمدة من الله، وأن آراءه هي الحقيقة المطلقة، وأن ممارسته هي الفضيلة المُثلى، وبالتالي لا يحق لأي مواطن، ولا لأية مؤسسة، ولا لأية جماعة، ولو كانت هي الأغلبية المطلقة من الشعب، أن تحاول مناقشة الملك، أو أن تخالفه، أو أن تنتقده، أو أن تحاسبه، أو أن تعبّر عن الرغبة في تغيير نوعية النظام السياسي القائم. فتصبح "إمارة المؤمنين" هي المبرر الأقوى للاستبداد السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي. بينما في الأنظمة الديمقراطية (مثل الملكية الإنجليزية، أو الملكية البلجيكية، أو الملكية الإسبانية، أو الملكية الدانمركية، أو الملكية اليابانية، إلى آخره)، لم يَعُد الملك مُنَزّها عن النقد، وعن المساءلة، وعن المحاسبة، إلا بعدما تَوَقّف نهائيا عن التدخل في الدولة، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الإعلام، وفي الثقافة.
والبعض يطرح أنه "يجب أن تكون الدولة إسلامية"، أو أنه "يجب أن يكون دين الدولة هو الإسلام". وهذا الطرح هو مجرد نَزْوَة إيديولوجية فارغة. فلم توجد، ولن توجد أبدا، ولو دولة واحدة عبر العالم، يمكن أن يجمع الخُبَراء على أنها حقيقةً "دولة إسلامية"، أو "دولة مسيحية"، أو "دولة يهودية"، إلى آخره. فهل حدث، ولو مرة واحدة عبر التاريخ، أن كانت في المغرب الدولة إسلامية حقيقةً ؟ وهل حقيقة كانت الدولة إسلامية في السعودية ؟ وهل الدولة مسيحية في إيطاليا، أوكنفوشيوسية في اليابان، أو هندوسية في الهند، أو يهودية في اسرائيل ؟ لا، هذه مجرد إدّعاءات إيديولوجية فارغة. وحتى دولة الفاتيكان في روما لم تكن أبدا حقيقةً مسيحية. والجرائم التي ارتكبتها مثلا دولة الفاتيكان، على امتداد القرون، إلى جانب أنظمة سياسية إقطاعية، ثم استعمارية، ثم فاشية، إلى آخره، تُثبِت أن المسيح والمسيحية بريئان كل البراءة من دولة الفاتيكان.
وفي حالة إذا ما نجح القطب المحافظ في المغرب في فرض "دولة إسلامية"، فهل تعرفون ماذا سَيَقَع ؟ هاكُم بضعة أمثلة من بين آلاف : حينما صَرَخ المُتظاهرون في "حركة 20 فبراير 2011" بالمغرب بشعار "الشعب يريد إسقاط الفساد"، أَصْدَر "المجلس العلمي الأعلى"، التابع لوزارة الأوقاف الإسلامية، في 31 مارس 2011، أصدر بيانا يُهَدّد فيه بما يلي: عند "الدعوة إلى إلغاء الفساد (…) لا بد أن تكون (الدعوة) شاملة تُطَال الفساد العقدي". ومعنى ذلك في نظر ‘فقهاء’ هذا المجلس التابع للدولة: إذا أردتم إزالة الفساد السياسي أو الاقتصادي، فيجب قبل ذلك أن نزيل الفساد في الإيمان، وفي العبادة، وفي العقيدة. وأَضاف هؤلاء الفقهاء في بيانهم: "للأغلبية الحق في تبني القوانين التي تُجَرّم هذا الفساد" العقدي. أليس هذا استبدادا ؟ ألا يؤدي هذا النوع من "الدولة الإسلامية" إلى إقامة ما يشبه "محاكم التفتيش" (Inquisition ecclésiastique) التي وُجِدت في أوروبا بين القرن 12 والقرن 15 الميلادي، حيث كانت هذه المحاكم تُحَقّق في صواب إيمان المواطنين، وتحكم بالتعذيب وبالإعدام على الذين تتهمهم الكنيسة بسوء الإيمان ؟ وهل نَسِيتُم أن الدولة المغربية، في مارس 2003، حكمت بالسجن على 14 شابا من هواة موسيقى "الروك" (hard rock)، وذلك بتهمة "عبادة الشيطان، والقيام بأفعال من شأنها زعزعة إيمان المسلمين المغربية"، وذلك تحت ضغط تيارات إسلاموية موجودة داخل الدولة؟ وأتذكر شخصيا أنه، حينما كان البوليس السياسي يُعَذِبنا في معتقل "درب مولاي الشريف"، خلال سنوات السبعينيات، بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الملكي، كان هؤلاء البوليس يشتموننا قائلين: "خُذُوا أَلْمُلْحِدِين، أَوْلَادْ ال …". وبالتالي، لا داعي للنقاش مع الفقهاء المحافظين، الحل الوحيد هو فصل الدين عن الدولة.
وفي الحقيقة، فإن الدولة ليس لها دين، ولا يمكن أبدا أن يكون لها دين. وعلى عكس بعض الإدعاءات، لا يمكن للدولة أن تحمل دينا (سواء تعلق الأمر بالإسلام أم بالمسيحية أم باليهودية أم بغيرها من الأديان). ولا يمكن للدولة أن تمارس هذا الدين، ولا أن تَتقيّد بأي مبدأ من مبادئه. لأن الدولة هي بَشَر، ومؤسسات، وأجهزة، وآليات، وموازين قوى، وإجراءات، وقوانين، وصراعات، وعلاقات، وبرمجة، وتدابير، وغش، ونِفاق، وحِيّل، وخِيانات، إلى آخره. ولا مكان في مُكَوّنَات الدولة لا للإيمان، ولا للعبادة، ولا للروحانيات، ولا للأخلاق المجردة. وحتى إذا تَخَلّلت تلك الدولة طقوس دينية، فإن تلك الطقوس إنما تكون مجرد دِيكُور مُخادع. ومن يدّعي عكس ذلك، إنما يُغالط أو يُنافق. فجميع الدول الموجودة عبر العالم تتشابه في إيجابياتها وفي سلبياتها، وذلك بدرجات متفاوتة، سواء كان سكان تلك البلدان مسلمين، أو مسيحيين، أو يهود، أو بوديين، أو هندوسيين، أو بدون دين، إلى آخره. 
البعض يَدّعُون أن المغرب "استثناء". وهذه مجرد حيلة سياسية، ويُراد  منها إيهام الجماهير أن مبادئ الديمقراطية التي تَنْطَبِق على مجمل بلدان العالم، لا يقبل أن تَنْطَبِق على المغرب. وهذا إدعاء خاطئ. لأن القوانين الموضوعية التي تحكم سائر بلدان العالم تَنْطَبِق كذلك وبالضرورة على المغرب. ولا يُسْتَثنَى أي بلد في العالم من ضرورة الخضوع لهذه القوانين الموضوعية. والظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي توجد في سائر بلدان العالم، توجد كذلك في المغرب، ولو بدرجات مختلفة.
وهناك من يدعي أن كل المواطنين مُلْزَمُون باحترام "ثوابت" المغرب، وممنوع عليهم نقاشها، أو المطالبة بتغييرها. وهذه مجرد حيلة سياسية أخرى. إن كل من يتكلم عن "ثوابت"، أو عن "مقدسات"، أو عن "خطوط حمراء"، إنما يقصد أن هناك إجراءات أو مؤسسات أو قوانين سياسية لا يُسمح للشعب بأن يحاول مراجعتها أو نقدها أو تغييرها. وهذا هو الاستبداد بعينه. بينما في الحقيقة، السلطة تنبع من الشعب وحده، ومن حق الشعب أن يُغَيّر كل ما يَمَسّ حياته السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلامية أو الدينية أو الثقافية. بل القانون العام الذي يحكم الكون كله، هو أن كل شيء، ومهما كان، يَتطَوّر ويتغَيّر باستمرار، وذلك حسب الظروف التاريخية، وحسب موازين القوى بين الأطراف المتنافسة. بل حتى الدين، وعلاقة الدين بالدولة، يتغيران عبر التاريخ. والمحافظون، المُستفيدون من امتيازات مفرطة في الأوضاع القائمة، هم الذين يريدون إقامة "ثوابت"، أو "مقدسات"، أو "خطوط حمراء"، وذلك بهدف منع الشعب من الاعتراض على استمرار تلك الامتيازات الجائرة أو إلغائها.
والبعض يدعي أيضا أنه يوجد في المغرب "إجماع وطني"، تارة حول الملكية، وتارة حول "المسلسل الديمقراطي"، وتارة حول الصحراء، وتارة حول "إمارة المؤمنين"، إلى آخره . وهذه خرافة أيضا. بل هي مجرد حيلة سياسية يُرَاد منها تخويف أو ترهيب الجماهير التي لها مواقف مخالفة لمواقف الحكم القائم، وذلك بهدف إسكات المعارضين، وبهدف منعهم من التعبير الحر عن قناعاتهم. فلا يتكلم عن وجود "إجماع سياسي" في بلد ما سوى الحُكّام المستبدون وأتباعهم الذين لا يعترفون لمعارضيهم بمشروعية الدفاع عن اختياراتهم المخالفة. بل الحقيقة العامة، هي أنه في كل جماعة، وفي كل مجتمع محدد، توجد بالضرورة أفكار متفاوتة، ومواقف مختلفة، واختيارات متناقضة, سواء في ميدان السياسة، أم الاقتصاد، أم الدين، أم الثقافة، إلى آخره. والحل الوحيد، المعقول، للفصل في ما بين هذه الخلافات، وللتَّعايُش، هو الاحتكام للشعب، والاحتكام لمبادئ الديمقراطية، كما هي متعارف عليها عالميا.
إننا نحترم كل دين، ونحترم كل المتدينين، ونحترم غير المتدينين، أينما كانوا. لكننا لن نقبل أبدا بأن يفرض علينا أي كان، إجراءات سياسية استبدادية، أو غير عادلة، وذلك بدعوى أنها "مقدسة"، أو "نابعة من الدين"، أو بحجة أنها ناتجة عن "خصوصية استثنائية"، أو عن "إجماع وطني"، أو أنها مستمدة من "تقاليدنا العريقة"، أو إلى غير ذلك من الحيل السياسية السخيفة.
إن حرية التفكير، وحرية التعبير، تَسْتَوْجِبَان بالضرورة حرية العقيدة. حيث أن الدين، والعقيدة، والعبادة، أو عدم الإيمان، أو عدم العبادة، هذه كلها حقوق فردية، تدخل ضمن حقوق الإنسان. ومن حق كل مواطن أن يمارسها، أو أن لا يمارسها، وذلك حسب قناعته الشخصية، بشرط واحد فقط، هو أن لا يسيء إلى الحقوق المشروعة لمواطنين آخرين. وكل دولة تحاول ضبط أو تقييد عقيدة المواطن، أو تحاول فرض عبادات معينة عليه، أو تحاول منعه من ممارسة العبادة، تصبح هذه الدولة استبدادية، وغير مشروعة.
ولا نقبل من الدولة أن تحصر مرجعيتنا الفكرية، أو القانونية، أو السياسية، أو الثقافية، فقط في الدين، أو الإسلام، أو الشريعة. على عكس ذلك، نريد أن تكون مرجعيتنا متعددة، بل لا محدودة، حيث تشمل كل التراث الإنساني العالمي. فمن واجبنا، ومن حقنا، أن نستفيد من كل الثقافات، القريبة والبعيدة، الجديدة والقديمة، الشرقية والغربية، المُتَدَيّنة وغير المتدينة، وخاصة منها تلك التي أثبتت فعاليتها، أو عدالتها، أو صوابها. ومهما كانت أية مرجعية مشروعة أو مألوفة، فإننا لن نقبل شيئا منها إلا إذا كان معقولا وعادلا وفعالا. فإن لم يكن كذلك، رفضناه، مهما كان مصدره.
وخلاصتنا هي أن "إمارة المؤمنين" تتناقض مع الإسلام، وتتناقض مع الديمقراطية؛ وأن الفصل بين الدين والدولة، وبين الدين والسياسة، هو من صلب مبادئ الديمقراطية؛ وبدون هذا الفصل تنتفي الديمقراطية.
                                   الاثنين 4 أبريل 2011





(1) مهندس، كاتب، معتقل سياسي سابق، محكوم عليه بالسجن المؤبد، قضى 18 سنة في السجن تحت حكم الملك  الحسن الثاني. 

 
——————–
 المدونة: في إطار النقاش المرغوب فيه ترحب مدونة سيدي سليمان بكل الآراء والمواضيع التي تتوصل بها من أجل النشر..

الاثنين، 11 أبريل 2011

نيابة التعليم بسلا تنظم المخيم الربيعي الأول للدعم التربوي بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا


 نيابة التعليم بسلا تنظم المخيم الربيعي الأول للدعم التربوي  
بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا
تحت شعار
المخيم فضاء للتفوق والتربية على المواطنة"


 سلا: عبد الإلله عسول
تفعيلا لمضامين البرنامج الاستعجالي وخاصة التدبير الثاني من المشروع 5p1E  المتعلق بتنظيم أنشطة الدعم البيداغوجي قصد تجاوز كل أشكال التعثر الدراسي، تنظم نيابة وزارة التربية الوطنية بسلا بشراكة مع الجمعية المغربية لتربية الشبيبة  وجمعية تنمية التعاون المدرسي – فرع سلا- ،  مخيما ربيعيا  للدعم التربوي لفائدة  مائتي مشاركة ومشارك من تلميذات السنة السادسة من سلك التعليم الابتدائي المنحدرين من الجماعات القروية بوقنادل عامر والسهول، وذلك في الفترة الممتدة من 03 إلى 10 أبريل 2011 بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا.
ويشتمل برنامج المخيم الربيعي الأول في الحصص الصباحية على دروس للدعم تستهدف جميع الوحدات الدراسية في المواد القاعدية، في حين خصصت الحصص المسائية للقيام بأنشطة مختلفة تتضمن عروضا مسرحية وفقرات فنية وترفيهية ورياضية وورشات متنوعة ومحترفات المعامل التربوية وخرجات استطلاعية إلى الحدائق العجيبة ببوقنادل وفضاء الألعاب، ومسابقات وسهرات موسيقية  وأمسيات شعرية .
وجدير بالذكر أن طاقما تربويا من الإداريين والأساتذة المتطوعين تمت تعبئته لأجرأة البرنامج والإشراف على تفعيل النوادي  وتفعيل خلية الإنصات للدعم النفسي والاجتماعي.

الأحد، 10 أبريل 2011

الحركات النضالية في زوبعة الفيضانات بسيدي سليمان


الحركات النضالية في زوبعة الفيضانات
 
وقفة احتجاجية أثناء فيضانات 2010

الحسين الإدريسي
ملاحظات  بصيغة الحاضر لابد منها في واقع  سمته الهشاشة والإهمال
وإن كانت قد رصدت ماضيا  صعبا بمدينتنا وضواحيها

  تعرضت مدينة سيدي سليمان إلى فيضانات واد بهت ابتداء من ليلة 22 فبراير بعد أن غمرت مياه سبو ورضوم  وورغة غالبية أراضي سهل الغرب مخلفة أضرارا بالغة  بالمجال القروي بشريا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا. مدينتنا وإن تعرضت للفيضانات متأخرة تحاول التصدي لمخلفات الكارثة بالإمكانيات الذاتية الضعيفة في غياب أو تأخر المسؤولين المباشرين والمتدخلين المختلفين والإطارات التي أبانت عن تحركات واسعة النطاق والمبادرات المتنوعة السنة الماضية، والتي لا تخلو من أثار على المتضررين على مستوى الحضور والدعم المعنوي والمادي. هذه السنة ربما انتفت أجواء الانتخابات  ليختفي معها قناصو الأصوات لتبقى الساحة للمدافعي عن مبادئ التضامن وحقوق الإنسان. كانت الساحة  الجماهيرية تستقبل أشكالا رائعة من المبادرات الحية التي تعكس عمق معاناة المواطنين من البطالة والفقر بالأحياء المسماة مهمشة. كيف تعاملت الجماهير الشعبية المستضعفة مع تهديدات مياه واد بهت؟
 
                                   نموذج منزل متضرر                                        
1ـ الوقفات والاحتجاجات 
‏بشكل شبه عفوي خرجت عدة مسيرات للسكان المتضررين من الفيضانات الأخيرة  من أولاد الغازي والسوق القديم  وغيرهما، ما مميزاتها؟
تستند التحركات الجماهيرية إلى ما راكمته من تنفيذ الوقفات والاحتجاجات أمام مقر الباشاوية في السنة الماضية (فيضانات 2009) إلى درجة أن أصبحت الأسلوب الأوحد للفت انتباه السلطات إلى التهديدات التي يتعرضون لها جراء الفيضانات. هذه السنة أيضا لم تتردد ساكنة الأحياء المتضررة من الخروج في مسيرات سلمية في اتجاه  مقر العمالة هذه المرة (مع بداية الفيضانات لا زالت الأشغال قائمة بها لتتخذ مع ذلك مقرا لخلية اليقظة المحدثة بمناسبة فيضانات 2010 )
ما ميز هذه المسيرات والاحتجاجات هذه السنة ( ستة في المجموع نظمت في أوقات مختلفة) هو أنها كلها  تستهدف  الدخول في مفاوضات مع السلطات المحلية عبر لجنة منبثقة من الساكنة، وغالبا ما تكون مختلطة نوعا وعمرا: المطلب الوحيد، فتح ملجأ للمتضررين على غرار ما جرى في السنة الماضية للاستفادة من التغذية  والغطاء، باعتبار أنهم فقدوا كل شيء بانهيار دورهم الهشة بحي أولاد الغازي أو السوق القديم أو دوار الوركة.
 المسيرات إذا كانت هادفة، لكن لماذا الانتظار حتى الاستماع إلى هذا المطلب المشروع؟ الم تستفد السلطات من تجربة  2009؟ أم أنها تصرف  الدرس بالشكل المناسب. مفارقة لا تجد الجواب إلا في منطق الحسابات والاستهتار بحقوق المواطنين في المسكن والغذاء والأمن، حقوق تتحول لا محالة إلي الاستعطاف من موقع التسول. تسول المستضعفين للقوي وهنا تنتفي الحقوق وقيم التضامن: انتهاز الأوضاع الاجتماعية المزرية وحتى الطبيعية الصعبة لتكريس منطق السلطة النافدة والمنقذة.
السمة الثانية للمسيرات هو تواجد العنصر النسوي بكثافة  بجانب الشباب واليافعين (أبناء المتضررين ) بل يمكن القول إن المبادرة لمواجهة أثار الفيضان، هذه السنة كانت نسائية بامتياز، ربما يرجع ذلك لاشتغال الأزواج بالبحث عن لقمة العيش خارج المنازل الآيلة للسقوط في أية لحظة. ففي ليلة صعود مياه بهت – 20 مارس – لم تترد 5 نساء محملات بالرضع إلى طلب إغاثة السلطات وهي في حالة استنفار بعد الساعة الثانية عشرة بقليل، لمعاينة الخطر المحدق بالدور المطلة على واد بهت. مبادرة جرت السلطات إلى عين المكان واتخاذ قرار المغادرة، نفس روح المبادرة أطرت التحركات الجماهيرية، حيث شكلت النساء طلائع  المسيرات والوقفات: إنهن تعلمن التفاعل مع واقع الشارع بالدفاع عن قضاياهن في مجال الحقوق، بصياغة الشعارات وترديدها بشكل جماعي من قبيل  "هذا عار هذا عار السكان في خطر"  أو "الساكنة ها هي والحقوق فين هيا"، وغيرها من الشعارات المعبرة عن عمق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب حلولا مستعجلة:السكن اللائق أولا.
الميزة الثالثة هي تحركها بصعوبة في أعقاب الإنزال المكثف لقوى الأمن، التي لا تترد في استعمال العنف والكلمات النابية في حق المتظاهرين، بل تتجرأ بإسقاط مسن على الأرض وسيدة حامل، لينالا قسطهما من القمع والضرب المبرح سعيا لإيقاف المسيرة بشارع محمد الخامس، القمع و التهديد لم يحول دون وصول الجماهير الغاضبة إلى العمالة  لإقناع السلطات المحلية بخطورة الأوضاع، وما يتطلب تدخلا عاجلا ومسؤولا.                                                                                                                            محاصرة وقفة احتجاجية                 

ومن سمات  كل هذه الوقفات والمسيرات مشاركة  بعض الفعاليات والإطارات الجمعوية  - ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان - والنقابية والحزبية التي تنتصر للحرية والحقوق المشروعة للمواطنين في التظاهر والتعبير عن المطالب المتعلقة بالعيش الكريم في الظروف العادية، فبالأحرى ظروف الفيضانات وظروف الأزمة الخانقة في هذه الأيام.
2ـ إضراب عن الطعام  لإسماع الصوت
   دخلت مجموعة من ساكنة السوق القديم 104 بسيدي سليمان في إضراب عن الطعام منذ يوم السبت (6-03-2010 ) بعد زيارة رئيس المجلس البلدي وفي أعقاب التقاط تناقض في التصريحات، التي مفادها  أن مشكل السوق القديم سيجد حله في إطار القضاء على مدن الصفيح، الشيء الذي شكك فيه قائد المقاطعة الأولى حسب المضربين عن الطعام. ويظهر أن السلطات رأت في تصريح رئيس المجلس البلدي محاولة انتخابية متسترة تسعى إلى الاقتراب من المتضررين عبر كارثة  الفيضانات، التي ألحقت أضرارا بالغة بالدور والممتلكات، حتى أصبحت تشكل خطرا على الأرواح، وحسب تصريحات المضربين وعددهم يتجاوز الخمسين، تفيد أن التشكيك في المشروع لا يعني سوى التماطل وربح الوقت لإقناع الكثير منهم لمغادرة مأوى "كوريال" (مؤسسة صناعية تستعمل كملجأ جماعي)حتى لا يستفيدوا من البقع وتعويض مقداره 30000 درهم، لكل مستفيد على غرار تجربة السنة الماضية حيت استفاد 204 مواطن ومواطنة, والحال أن تقديرات السلطات بالنسبة للمستحقين للبقع لا تتجاوز 15 عائلة  ضمن 56 عائلة متضررة، الشيء الذي جعل المقيمين يفطنون إلى أن شيئا ما يطبخ في الخفاء، خاصة وأنهم سمعوا أن السلطات اختارت أشخاصا من خارج "كوريال" للتحاور حول المستفيدين الفعليين، وهذا ما دفع بالمقيمين في "كوريال" إلى المطالبة بالاستفادة من البقع المزمع توزيعها في "مشروع الخير"(تشرف عليه وزارة السكنى والتعمير والتنمية المجالية)، وأمام التشكيك والتحركات المشبوهة قرر المتضررون المقيمون "بكوريال" الدخول في إضراب عن الطعام مطالبين إسماع  مطالبهم  إلى كل من يهم الأمر.
   يوم الثلاثاء  9-3-2010 أوقف المضربون إضرابهم بعد الزوال وبشكل مفاجئ. حينما استفسرناهم، كان الجواب، أنهم لم يتحملوا العيش في ظل اختلاف بين المقيمين "بكوريل"، البعض في إضراب والبعض الآخر يتناول الوجبات، المهم أن حركة الإضراب عن الطعام  التي دامت 3 أيام  ولم تحرك ساكنا لدى السلطات، لم تحقق شيئا، اللهم التشكيك في راهنيتها كآلية ضغطية مناسبة، الحركة العفوية إذا وصلت إلى الباب المسدود، لأنها تفتقد إلى الآلية التنظيمية وإلى البوصلة، الشيء الذي غاب عن ذهن المضربين عن الطعام، وأخطر من ذلك كله، أن الجميع فقد الثقة في الشكل النضالي… هذا ما طبلت له السلطات على الخصوص تعزيزا لأطروحاتها: مصدر الحلول هو السلطات، شكلا ومضمونا وبدون ضغوطات من فضلكم…
3كيف انتهت تحركات المتضررين من الفيضانات
     أعطى إعلان محمد بلعوشي بتحسن الحالة الجوية الضوء الأخضر للشروع في الاستعدادات لتسليم ملجأ "كوريال" لأصحابه، وأمر المواطنين المقيمين بالمغادرة. ظهر ارتباك وسط المتضررين من الفيضانات، الطريقة التي لجأت إليها السلطات، هي عدم تسليم الوجبات الغذائية للقاطنين بدءا بوجبة الفطور، إنها وسيلة ضغط "مقنعة" خاصة وأن الصغار من الرضع والتلاميذ يشكلون عددا لا يستهان به. قرر الكبار التشبث بالملجأ في انتظار تنفيذ الوعد ( البقعة +30000 د. ) وإن اقتضى الأمر إحضار الوجبات الغذائية من أي مكان للأبناء. رد فعل مناسب بدون شك،  لكنه هش وقابل للاحتواء، خاصة وأن 26 عائلة من دوار أولاد الغازي قد غادرت المكان بقناعة، وبالنتيجة أصبحت 56 عائلة من  السوق القديم معزولة وفي حالة صعبة، بادر البعض إلى التشكي للعامل، مما أدى إلى تكوين لجنة تدبر الوضع مع ممثلي السلطة في عين المكان، والخروج بلائحة متفق حولها للمستفيدين، تسلم لهم شهادة الإقامة "بكوريال" يدلى بها للحصول على البقعة المأمولة. مخرج حظي بالقبول، ما دام أن الأسماء قد انبثت على اللوائح الرسمية مدعمة بشهادة إقامة كبديل عن مصداقية تكاد تكون مفقودة. غادر المقيمون ملجأ كوريا في اتجاه  دورهم الآيلة للسقوط، أو في اتجاه جار يقبل مزيدا من السكان والازدحام في انتظار تسليم البقعة المنتظرة" بمشروع الخير". في انتظار كل ذلك تستمر المعاناة  ربما بشكل أصعب، أين رياح التغيير يا ترى؟

السبت، 9 أبريل 2011

حفل تكريم أساتذة متقاعدين بالثانوية الإعدادية السمارة في سلا


حفل تكريم أساتذة متقاعدين بالثانوية الإعدادية السمارة في سلا

محمد الثاني إكزارن
  
من اليسار الى اليمين ابن المكرم محمد هلال ،حسن علو أستاذ سابق بالمؤسسة، الحسين عبادي ممثل جمعية أمهات و آباء و أولياء التلاميذ ، عبد الكريم بن كراب أستاذ بالمؤسسة، ثم عبد العزيز الرابحي مدير جريدة منبر الرباط سلا
       تم صباح يوم السبت 2 أبريل 2011 بالثانوية الإعدادية السمارة، تنظيم حفل تربوي جرى خلاله تكريم الاساتذة محمد هلال حارس عام، أحمد بن مبارك أستاذ التربية البدنية، محمد الداودي أستاذ التكنولوجيا، محمد النوري حارس الخارجية.
بعد التبرك بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها التلميذ ياسر الكفتاوي، ألقى مدير المؤسسة محمد ميري كلمة نوه فيها بجهود المحتفى بهم، وأثنى عليهم مستحضرا بعض خصالهم وصفاتهم، واستحسن الجو الأخوي والتشاركي والفاعلية التي تميز المؤسسة، أما ممثل جمعية أمهات وآباء واولياء التلاميذ الحسين عبادي، فقد استحضر بعض المحطات البارزة في مسيرة المحتفى بهم، مذكرا بما أسدوه من خدمات طيلة مسارهم المهني، محمد بلفقيه باسم الأساتذة، وقف طويلا عند خصال وأخلاق المكرمين، التي كانت تتميز بالنبل والصفاء والصدق والبذل.
        فيما بعد أعطيت الكلمة للمحتفى بهم، حيث أشادوا بالجو التشاركي والأخوي الذي يطبع المؤسسة ويميزها، واستحضروا إشعاعها الثقافي والتربوي والاجتماعي، حيث كانت محجا استقطب إليه ثلة من المفكرين والأدباء والشعراء والفاعلين الحقوقيين والجمعويين والمسؤولين، ويكفي أن نشير يقول أحدهم إلى أن المؤسسة تتهيأ لتنظيم أسبوعها الثقافي الحادي عشر، وتطرق المحتفى بهم في كلماتهم بهذه المناسبة إلى الإنجازات التي تحققت وساهمت في إشعاع المؤسسة و نشر المعرفة وتنمية مختلف القدرات والكفايات لدى التلاميذ وتربيتهم على القيم الصالحة، كما نوهوا بتدبير العمل التربوي بالمؤسسة، وفق منظور جديد ومقاربة تشاركية لدمج التلاميذ وأوليائهم، وكافة الفاعلين في مناخ إيجابي داخل المؤسسة،  بما يسمح بتحقيق الجودة،  وتطوير الأداء التربوي، وخلق دينامية وفاعلية،  تشرك الجميع وينخرط فيها كل المتدخلين، وفي هذا الصدد ذكر أحد المحتفى بهم بتمثيلية التلميذة زينب الخباز في برلمان الطفل إضافة إلى فوزها في أولمبياد الفيزياء والكمياء لهذه السنة، كما لم يفتهم تقديم الشكر الجزيل للجميع على مستوى حفل التكريم وكذا على الشهادات الصادقة في حق المحتفى بهم.
من اليسار الى اليمين الاستاذان المكرمان محمد الداودي ، أحمد بن مبارك
 
اليسار إلى اليمين المكرمان محمد هلال ، محمد
النوري ، محمد ميري مدير المؤسسة، المكرم محمد الدودي
وتخللت هذا الحفل التكريمي البهيج، الذي حضره عدد من الضيوف ومديري المؤسسات الإعدادية والثانوية، والأطر التعليمية الإدارية والتربوية وفعاليات جمعوية وصحفية، عروض ساخرة، نالت إعجاب واستحسان الجمهور العريض الذي حج إلى المؤسسة لمشاركتها احتفاءها باساتذتها المتقاعدين، كما كانت المنابسة فرصة للكلمة الشعرية التي انتفضت على الزمان والمكان على السن والجنس لتفسح المجال للتلميذ الشاعر والاستاذة الشاعرة والأستاذ الشاعرلتبحث عن إنسان يعشق إنسانيته، إنسان يعشق الحياة ويتغنى بكل شئ جميل، شاعر ثمل بالقصيدة يدبج معانيها وصورها وعباراتها المنتقاة بعناية ، قصائد انسابت عذوبة لتجد طريقها إلى قلوب الحضور الذين حلق بهم الشعراء في أجواء السماء باحثين معهم عن سعادة هنا هناك،  قصائد صدح بها الشعراء التلاميذ زينب أطوحان 2/4، سلمى أمسيحي 2/4أميمة السكاك 2/4 الأساتذة الشعراء أحمد زنيبر، نادية ألحا، البشير بلفقيه، محمد خريف إضافة إلى ما جادت به قريحة المحتفى بهم الزجال أحمد بن مبارك،  ثم محمد هلال المولع بأغاني أم كلثوم والشعر العربي القديم، كما شاركت في الحفل التكريمي المجموعة الصوتية للاستقبال .
 أستاذات بالمؤسسة
        وتميز حفل التكريم بتسليم هدايا رمزية تقديرا لعطاء المحتفى بهم ولجهودهم وتضحياتهم، واعترافا بما أسدوه من خدمات جليلة للمنظومة التربوية خلال مسارهم المهني الحافل بالبذل  والعطاء في نكران ذات. 
المكرم محمد هلال 
محمذ الثاني إكزارن منسق مواد الحفل التكريمي
  
الحسين عبادي يلقي كلمة جمعية أمهات و آباء و أولياء التلاميذ
  
الشاعرة نادية ألحا أستاذة بثانوية الفاربي التقنية في قراءة شعرية

الدكتور الشاعر احمد زنيبر أستاذ بثانوية عبد الرحيم بوعبيد التأهيلية في قراءة شعرية .
المكرم أحمد بن مبارك في قراءة شعرية بالمناسية


الأربعاء، 6 أبريل 2011

تأهل فتيان "زينب النفزاوية" من سيدي سليمان إلى النهائيات الوطنية في كرة القدم


تأهل فتيان "زينب النفزاوية" من سيدي سليمان إلى النهائيات الوطنية في كرة القدم

مصطفى تيدار
نظمت الجامعة الملكية المغربية للرياضةالمدرسية بأكاديمية كرة القدم بسلا الجديدة البطولة المدرسية ما بين الجهات، خاصة بين جهة الرباط زعير، والغرب الشراردة بني أحسن،  وطنجة تطوان، وقد مثل جهة الغرب الشرارة بني أحسن ثلاث فرق؛ فريقان من صنف الكتاكيت والشبان من القنيطرة، وفريق يمثل الفتيان من سيدي سليمان، وقد جاء انتصار فتيان "زينب النفزاوية" على حساب زملائهم من طنجة في نصف النهاية، وعلى الفريق الممثل لأكاديمية جهة الرباط زعير من سلا بثلاث أهداف مقابل لا شيء في المقابلة التي جرت بين الفريقين يوم الخميس 31 مارس…
تحتضن مدينة طنجة  نهائيات البطولة الوطنية خلال ثلاثة أيام، ما بين السابع والتاسع من شهر أبريل 2011 ، فحظ سعيد لفتيان سيدي سليمان الذين أبانوا عن تنافسية هائلة.
  

تأهل فتيان "زينب النفزاوية" من سيدي سليمان إلى النهائيات الوطنية في كرة القدم


تأهل فتيان "زينب النفزاوية" من سيدي سليمان إلى النهائيات الوطنية في كرة القدم

مصطفى تيدار
نظمت الجامعة الملكية المغربية للرياضةالمدرسية بأكاديمية كرة القدم بسلا الجديدة البطولة المدرسية ما بين الجهات، خاصة بين جهة الرباط زعير، والغرب الشراردة بني أحسن،  وطنجة تطوان، وقد مثل جهة الغرب الشرارة بني أحسن ثلاث فرق؛ فريقان من صنف الكتاكيت والشبان من القنيطرة، وفريق يمثل الفتيان من سيدي سليمان، وقد جاء انتصار فتيان "زينب النفزاوية" على حساب زملائهم من طنجة في نصف النهاية، وعلى الفريق الممثل لأكاديمية جهة الرباط زعير من سلا بثلاث أهداف مقابل لا شيء في المقابلة التي جرت بين الفريقين يوم الخميس 31 مارس…
تحتضن مدينة طنجة  نهائيات البطولة الوطنية خلال ثلاثة أيام، ما بين السابع والتاسع من شهر أبريل 2011 ، فحظ سعيد لفتيان سيدي سليمان الذين أبانوا عن تنافسية هائلة.

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

د. المهدي لحلو أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط


د. المهدي لحلو
أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط 
الديمقراطية الناشئة في جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط كفيلة بخلق علاقات جديدة ومتجانسة ومتكاملة ومتوازنة مع دول الشمال.

 د. المهدي لحلو
أجرى الحوار مصطفى لمودن

 سؤال: ـ ما هي الانتظارات التي يمكن أن يترقبها المغرب ودول شمال إفريقيا من الاتحاد الأوربي؟
المهدي لحلو  يمر العالم العربي ومنطقة شمال إفريقيا على الخصوص بمرحلة غير مشهودة في تاريخهما، حيث تقذف ثورات الشباب بنظم دكتاتورية سواء في تونس أو مصر أو ليبيا، ليبزغ عهد جديد، يريد منه الجميع أن يكون عهد الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكذلك عهد التطور الاقتصادي والنمو والانفتاح على المجتمع بكل مكوناته.
كل هذا فتح الطريق نحو بلدان أخرى في المنطقة للمطالبة بالديمقراطية وبحريات أكبر، وكذلك بنظام اقتصادي واجتماعي أكثر توازنا.
بارتباط مع هذا، وبما أن هناك علاقة وطيدة تربط الاتحاد الأوربي بشكل عام، وكل هذه الدول، يتبين من خلال المرحلة التي نعيشها أن هناك انتظارات جديدة خصوصا من طرف دول المغرب العربي، وهذه الانتظارات تكمن أساسا في أن تساعد دول الاتحاد الأوربي في بناء هذه الديمقراطية الفتية في دول شمال إفريقيا، و كذا أن تساعد في إعادة التوازن الاقتصادي والمالي والسياسي ما بين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وأن تساهم بشكل أو بآخر، سواء مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، في بناء دولة الحق والقانون في دول شمال إفريقيا، وكذلك في بناء اقتصاد متماسك، اقتصاد متطور، إلى جانب بناء قطاعات اقتصادية واجتماعية تخدم فعلا مصلحة المجتمعات في هذا الجانب من البحر الأبيض المتوسط. 
سؤال:ـ مباشرة بعد سقوط النظام التونسي والمصري، نرى هناك نية صريحة من الدول الغربية ومن أوربا بالخصوص من أجل الاستثمار في هاذين البلدين، هل هذا الشرط "الديمقراطي" بعد قيام الثورة هو كفيل بجلب الاستثمارات والمساعدة الأجنبية، خاصة من الاتحاد الأوربي؟    
المهدي لحلو من هذا المنطلق يظهر أن بناء الديمقراطية في دول شمال إفريقيا يبتغي توازنا جديدا ما بين المجموعتين الأوربية وشمال إفريقيا، بحيث أننا حتى الآن، كنا في تبادل غير متوازن مابين نظم ديمقراطية وهي الأوروبية وأخرى غير ديمقراطية وهي النظم العربية والشمال الإفريقية، والحال أن بناء الديمقراطية في الدول العربية وشمال إفريقيا على الخصوص يجعلنا نتحدث من الآن فصاعدا بنفس اللغة، وهي لغة الديمقراطية، وبالتالي هذا سيسهل التعامل فيما بيننا، على اعتبار أنه سيكون تعاملا مبنيا على المؤسسات وعلى دولة الحق والقانون، وهذا الذي سيعطي الانطباع بأن هناك استقرارا فعليا في بلداننا، مما سيجعل الاستثمارات الخارجية ترجع وترتفع في المنطقة، كما سيساهم في خلق إمكانيات جديدة للتبادل الاقتصادي والمالي ما بين  مجموعة الدول العربية وشمال إفريقيا والدول الأوربية. 
سؤال: ـ في نظركم، هل يفضل الاتحاد الأوربي أن يتعامل مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط بشكل منفرد أم يجب أن تكون هناك سياسات مندمجة؟ أي أن يتعامل مع اتحادات اقتصادية وسياسية كالمغرب العربي أو غيره، ما هي الطريقة الأفضل للاتحاد الأوربي؟  
المهدي لحلو:ـ  إلى جانب كل هذا كان هناك اعتقاد أن عدم التوازن الذي كان حاصلا حتى الآن بين دول الاتحاد الأوربي ودول شمال إفريقيا مصدره الأساسي أن دول الاتحاد الأوربي كانت تفاوض وتتعامل مع دول شمال إفريقيا بشكل أوحادي، مع كل دولة على حدة، وكان هذا نتيجة عدم تمكن دول شمال إفريقيا من بناء اقتصاد متكامل، كما أنها لم تفلح في بناء مجموعة اقتصادية ومالية وسياسية متكاملة عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للاتحاد الأوربي، لاعتبار أساسي هو غياب الديمقراطية في هذه الدول.
التاريخ يشير إلى أن بناء الاتحاد الأوربي إرتبط ببناء الديمقراطية ودخول دول جديدة إلى الاتحاد الأوربي كالبرتغال واسبانيا واليونان، ارتبط كذلك بالبناء الديمقراطي في هذه الدول، وبالتالي البناء الديمقراطي الداخلي أساسي في أي منطقة من العالم كانت.
واعتقادنا هو أن ما يقع اليوم في العالم العربي سيسمح بقيام مجموعات اقتصادية ومالية متجانسة ومتكاملة، وهذا التجانس والتكامل هو الذي سيؤدي مستقبلا إلى البناء الفعلي لمجموعة اقتصادية في شمال إفريقيا،  وسيساعد على بناء علاقات جديدة ما بين شمال إفريقيا والاتحاد الأوربي، كما سيؤدي إلى الرقي بالعلاقات الأحادية الموجودة الآن، إلى علاقات ما بين مجموعتين لها شروط سياسية واقتصادية متجانسة، وبالتالي سيقوي من التواصل السياسي والاجتماعي بين المجموعتين، كما سيرفع من إمكانيات التبادل الاقتصادي و التجاري بين جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط وشماله…
 وبالتالي فالتوجه نحو الديمقراطية سيساعد بدون شك في بناء مجموعة اقتصادية واجتماعية متجانسة…
سؤال: ـ هل الغرب والاتحاد الأوربي خصوصا يرغب في قيام ديمقراطية حقيقية جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط؟ ونعطي مثلا بما صرحت به وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشال أليو ماري في البرلمان الفرنسي حيث أنها اقترحت على النظام التونسي السابق مساعدة لقمع المظاهرات؟ وأخيرا كانت فرنسا وحدها تحلق خارج سرب الاتحاد الأوربي فيما يخص التعامل مع ليبيا، هل تظن أن هناك تصور واضح لمساعدة الديمقراطية الناشئة في دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط؟ 

المهدي لحلو: ـ إذا عدنا إلى هذا البناء الديمقراطي وهذه الثورة العربية التي ابتدأت مع نهاية سنة 2010، الظاهر أن المفاجأة كانت كبيرة بالنسبة لغالبية دول العالم، والمفاجأة كانت أكبر بالنسبة لدول الاتحاد الأوربي، بما فيها دول قريبة منا كإيطاليا واسبانيا وفرسنا على اعتبار العلاقات المتميزة التي كانت تربط ولا زالت بين كل هذه الدول والعالم العربي.
ما وقع هو أن دول الاتحاد الأوربي في مجملها تعاملت في أول الأمر بكثير من الانتظارية مع كل ما كان يحصل منذ أواخر 2010 في تونس أو في مصر. وبالتالي كان الانطباع هو أن بعض الدول كإيطاليا أو فرنسا لم تكن تحبذ هذا الانتقال الديمقراطي كما حصل.
أما الآن الواقع كذب كل التكهنات فيما يتعلق بانتصار الثورة التونسية والمصرية، وهذا ما جعل الدول الأوربية أمام خيار واحد وليس اثنين، وهو فعلا الاعتراف بالمد الديمقراطي في دول شمال إفريقيا والتعامل مع الشعوب والمجتمعات الديمقراطية في هذه الدول، وبالتالي وجب عليها تغيير النظرة في تعاملها مع دولنا.
هذا التعامل لن يكون مستقبلا مع أشخاص، بل سيكون مع مجتمعات ومع شعوب ومع مؤسسات.
الآن ما يقع في ليبيا هو شيء آخر، والذي ظهر أن النظام الليبي كان توجهه مختلفا عما عبر عنه النظام التونسي أو المصري السابق. حيث إنه حين رفضت الشعوب التونسية والمصرية الديكتاتورية غادر الديكتاتوريان هاذين البلدين. في ليبيا وقع تعنت من طرف النظام الليبي، وهذا آل إلى الوضع الذي نعرفه، وهو وضع في الحقيقية أكثر تشعبا من تونس ومن مصر، على اعتبار أن لبيبا دولة من بين المنتجين الكبار للبترول والغاز الطبيعي، وعلى اعتبار كذلك أن الوضع الداخلي والسياسي الليبي لم يكن بالوضوح الذي ظهرت به الثورة التونسية والثورة المصرية، وبالتالي وقع اضطراب في الموقف الأوربي، هذا الاضطراب دفع مثلا بفرنسا إلى أخذ موقف متقدم وهو الاعتراف ب"المجلس الوطني الانتقالي الليبي"، كما بادرت فرنسا في وقت معين ودعت إلى ضرورة الهجوم على ليبيا، وهذا ما وقع بعد إصدار القرار 1973  من طرف مجلس الأمن.
بارتباط مع كل هذه التحولات العميقة من الطبيعي الآن أن تطالب قوى التحرر والديمقراطية  والتقدمية في دول شمال إفريقيا من الاتحاد الأوربي أن يعيد النظر في تعامله مع شعوبنا، و أن يكون هذا التعامل متكاملا ومتوازنا في خدمة الاقتصادات والشعوب الأوربية، طبعا، ولكن أن يكون كذلك في خدمة المجتمعات وخدمة التنمية المستدامة داخل دول شمال إفريقيا، وليس تعاملا مبنيا على المصالح الخاصة والأحادية لدول الاتحاد الأوربي أو على مصالح بعض الأشخاص أو الحكومات في دول شمال إفريقيا. والحال أنه بالرغم من الخطابات التي كان يدلي بها المسؤولون في الدول الأوربية وفي الاتحاد الأوربي، وبالرغم مما تم الاتفاق عليه عند التوقيع على مسلسل برشلونة انطلاقا من سنة 1995، أو ما سمي سنة 2008 بالاتحاد من أجل المتوسط، إلى آخره… الذي كان ملاحظا من طرف الجميع عندنا هو أن العلاقات بين دول الاتحاد الأوربي وبين دول شمال إفريقيا كانت في غالبتيها علاقات جزئية أكثر منها اقتصادية ومالية وتجارية، وكانت علاقات غير متوازنة، بحيث أنه كان الميزان فيها يميل أكثر بشكل كبير لصالح دول الاتحاد الأوربي.
هذا إلى جانب أن دول الاتحاد الأوربي ترفض أن يكون بالنسبة لدول شمال إفريقيا تعامل بالمثل خصوصا فيما يتعلق بحرية تنقل الأفراد.
سؤال: ـ قد يتساءل البعض عما تقصدونه بالعلاقات الأكثر توازنا، سواء داخل الدول أو فيما يتعلق بعلاقة الدول مع بعضها البعض؟  
المهدي لحلو: ـ الديمقراطية الداخلية وبناء اقتصاد متماسك بين دول شمال إفريقيا سيؤدي لا محالة إلى هذا التوازن الذي نطلبه، وهذا المنحى سيمكن من بناء علاقات إنسانية جديدة مرتكزة على الخصوص على مبدأ حرية تنقل الأفراد بين شمال وجنوب البحر البيض المتوسط، وكذلك ما بين جنوب وشمال حوض البحر الأبيض المتوسط. من هذا المنطلق، من الممكن التأكيد أن التوازن الفعلي سيحصل حين يتم الاعتراف بالنسبة للمجتمعات في شمال إفريقيا بحرية تنقل الأفراد من الجنوب نحو الشمال، كما هو الوضع بالنسبة لتنقل الأفراد من الشمال نحو الجنوب.
و التوازن هنا يقصد منه علاقة الدول مع بعضها، وكذا أن تكون هذه العلاقة أساسا في خدمة مصالح الشعوب والمجتمعات. إن العلاقات التجارية والمالية والصناعية والسياسية التي كانت قائمة حتى الآن ما بين دول الاتحاد الأوربي ودولنا، كانت في غالبيتها لصالح الأسواق الأوربية ولفائدة الشركات الأوربية، على اعتبار أن هذه الشركات هي الأكثر تواجدا في التجارة المتوسطية والعالمية ، ونظرا كذلك لأن جزءا كبيرا من القطاعات الاقتصادية في بلداننا مملوك لشركات أوربية.
يمكن فعلا أن نتحدث عن العديد من القطاعات في المغرب وتونس ومصر.. التي تحتكرها  رؤوس أموال أوربية، وهذا الذي لا نجده بالنسبة لرؤوس الأموال الشمال إفريقية في دول الاتحاد الأوربي. لذا التوازن معناه أن تكون العلاقات المالية والاقتصادية فيما ذات ربح مشترك، وألا يستمر هذا الربح فقط لصالح من يمتلك رؤوس الأموال، والحال أن من يمتلكها اليوم هي الشركات الأوربية.

سؤالـ ماذا يغري الدول الأوربية في شمال إفريقيا؟ ما هي المشاريع التي يمكن أن تثير اهتمام الأوربيين، ويمكن أن يقع فيها التعامل المشترك؟
المهدي لحلو: ـ إن بناء علاقات متوازنة ممكنة لأن هناك تكاملا كبيرا ما بين الاقتصادات الأوربية والوضع الذي توجد عليه الاقتصادات في شمال إفريقيا، أوربا تحتاج إلى الغاز والبترول المتواجد في الجزائر وليبيا ومصر وحتى تونس و لو بنسبة أقل.. الفلاحة في أوربا تحتاج الآن إلى الرفع من إنتاجيتها، على اعتبار الأزمة الغذائية العالمية، وللمغرب موارد كبيرة من مادة الفوسفات التي تساهم في إغناء الأرض من أجل الرفع من مردودها.. وكذلك الحال في مجال الطاقة، وما يقع اليوم في اليابان يؤكد على ذلك، لا محيد اليوم عن طاقات جديدة ومتجددة ستسمح مستقبلا العدول عن استعمال الطاقة النووية، وفي دول شمال إفريقيا هناك طاقة جديدة ومتجددة ونقية، وهي الطاقة الشمسية، وقد بدأ الاستثمار في هذا القطاع على الخصوص في المغرب منذ أواخر سنة 2009.
إلى جانب هذا  يظهر أن هناك قطاعا يجب أن يبدأ فيه بناء متوازن مابين دول الاتحاد الإفريقي وشمال إفريقيا، وهو قطاع الماء  - كجزء من المجال البيئي - إلا أن البناء في قطاع الماء يجب، بالنسبة إلينا نحن قوى اليسار والقوى التقدمية في المغرب ودول أخرى في شمال إفريقيا، أن يكون على أساس اعتبار أن الماء ليس سلعة يمكن تبادلها في السوق، بل هو ملك مشترك، وهذا الملك المشترك هو لكل المجتمعات الموجودة على ضفتي البحر البيض المتوسط. من هنا يجب أن تستغل وتستعمل الموارد والإمكانيات المائية الموجودة بين الدول الأوربية ودول شمال إفريقيا في إطار يسمح فعلا بتلبية حاجيات السكان الأساسية انطلاقا من المبدأ السالف الذكر وهو الملكية العامة للماء..
إلى جانب كل هذا هناك قطاعات ستسمح بتبادل إيجابي ومؤثر في المستقبل، هذا التبادل سيكون مرتبطا بقطاعات التعليم والبحث العلمي، نظرا لأنه توجد في بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط طاقات شابة كثيرة، لها إمكانيات مرتفعة في الإنتاج وفي التعليم وفي البحث، وما ينقصنا هو تواجد بنية مؤسساتية وكذلك هيئات جامعية كافية للبحث العملي، تسمح فعلا باستغلال هذه الطاقات الشابة التي ستكون مستقبلا في خدمة علاقات متجددة وجديدة بين دول أوربا وشمال إفريقيا.
كما تجب الإشارة هنا إلى عنصر أساسي حاليا ومستقبلا  وهو الديموغرافية. فالمجتمعات شاخت بشكل عام في أوربا ، وأصبحت مكونة من فئات عمرية يقل فيها الشباب.
والحال أن مستقبل الشعوب رهين بأعداد  طاقات الخلق لدى شبابها، ودول شمال إفريقيا فيها شباب، ما ينقصه هو إمكانية التكوين والبحث وتوسيع التبادل على المستوى الإقليمي والعالمي لاستخراج كل مواهبه واستغلالها بشكل يخدم مستقبلا تنمية العلاقات بين دولنا.
كما أن هناك مجالا آخر يشكل بدون شك مجالا من أجل التكامل بين ضفتي المتوسط ألا وهو القطاع الفلاحي، أو ما نسميه قطاع الاقتصاد الأخضر. فإنتاج الفلاحة الأوربية يجد له سوقا واسعة في شمال إفريقيا وهذه المنطقة لها منافذ في الأسواق الأوروبية وبالتالي هناك فرص واسعة لتبادل التجارب والخبرات إلى جانب تبادل المنتوجات الفلاحية في أسواق الطرفين.
في القطاع الفلاحي هناك مجال ممكن للتعاون فيه، قد نسميه تعاونا ثلاثيا بين شمال إفريقيا وأوربا ودول الاتحاد الإفريقي لإخراج العديد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء من الأزمة الغذائية والأزمة الاقتصادية الشاملة التي تعرفها، بحيث أن دول المغرب العربي يمكن أن تساهم بمواردها البشرية وكذلك بتجربتها، أما الدول الأوربية فستساهم بمواردها المالية وكذلك بخبرتها في العديد من المجالات، وهاتين المجموعتين ستساهمان مع دول كالنيجر أو مالي أو السنغال أو بوركينافاسو… في بناء اقتصادات هذه المناطق وهيكلة قطاعاتها المنتجة بشكل يسمح كذلك بالتقليص بكيفية هيكلية من المد الهجروي المتصاعد، والذي تخافه اليوم أوربا بشكل كبير.
هذه باختصار القطاعات الكبرى الممكن التعامل فيها ما بين دول شمال إفريقيا ودول الاتحاد الأوربي. وكلها مجالات استراتيجية ستخدم لا محالة مستقبل المجموعتين وتساهم في بناء تكاملها.

سؤال: ـ لنتحدث عن الإطار، بعدما فشل "الاتحاد من أجل المتوسط" الذي كانت فرنسا أكثر حماسة له، هل يمكن أن يكون هناك إطار بديل؟ علما أن ألمانيا كانت هي المتوجسة أكثر من ذلك، ولا ترغب في أن يكون هناك امتداد لفرنسا وحدها، ثم في نفس الإطار، ألا ترى بأن تواجد إسرائيل بعدوانيتها في المنطقة تشوش على كل تعاون بين الضفتين؟
المهدي لحلو: ـ بالفعل، الحديث عن إطار جديد في العلاقات ما بين دول الاتحاد الأوربي ودول شمال إفريقيا، انطلاقا من القطاعات التي تم الحديث عنها، يجرنا إلى أخذ العبرة مما وقع حول ما يتعلق بمسلسل برشلونة، وكذلك أخذ العبرة على الخصوص بما يتعلق بالمسلسل الذي اقترحه الرئيس الفرنسي، وهو مسلسل "الاتحاد من أجل المتوسط".
هذان المسلسلان تم إفشالهما وفشلهما لاعتبارين أساسيين، الأول هو أنه لا يمكن أن يكون هناك بناء متكامل مابين مجموعتين غير متجانستين، خصوصا على المستوى السياسي، بحيث أن أوربا هي مجموعة تعتبر بشكل عام ديمقراطية ومبنية على مبدأ الديمقراطية والسيادة للشعوب، في حين أن دول شمال إفريقيا، كانت حتى الآن مبنية على غياب الديمقراطية وعلى نظم ديكتاتورية أو شبه ديكتاتورية. والعائق الثاني هي عدوانية إسرائيل، خصوصا منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، هذه العدوانية تأكدت مع الحرب التي خاضتها الدولة العبرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة سنة 2009،  وهذه الحرب هي التي أدت في آخر المطاف إلى التوقف النهائي "للاتحاد من أجل المتوسط".
الآن المقترح الذي يمكن أن يذكر في هذا المجال هو أن هناك إمكانية بناء نظام جديد في العلاقات ما بين دول الاتحاد الأوربي ودول شمال إفريقيا، على اعتبار أن هذه الدول أصبحت شبه ديمقراطية، في انتظار بقية التغيرات التي قد تحدث في كل دول شمال إفريقيا، وأعتقد أن المغرب قد يتغير سريعا، وكذلك بقية الدول الشمال إفريقية… وهذا ما سيسمح ببناء مجموعة شبه متجانسة، قد تخلق اتحادا أو منظومة جديدة ستجمع الدول الأوربية ودول شمال إفريقيا، من المغرب إلى مصر، في إطار قد يكون"المنظومة الأوروشمال إفريقيا "، وهي المنظومة التي ستسمح لا محالة بالبناء الديمقراطي الجديد، سيمكن من التوصل إلى تنفيذ المشاريع الكبرى المرتبطة بالقطاعات التي تم الحديث عنها في هذا الحوار المقتضب.   
 ــــــــــــــــ 
نشر ب: