الثلاثاء، 15 أبريل 2008

برهان غليون في حوار حول أزمة المجتمعات في الوطن العربي


 برهان غليون في حوار حول أزمة المجتمعات في الوطن العربي
 
                        120821 
                   برهان غليون
                                 إعداد عبد الواحد بلقصري ٭   
  يتحدث المفكر والكاتب برهان غليون في هذا الحوار الذي ندرج نصه كاملا عن شروط تأسيس الدولة الديمقراطية، وعن أزمة السلطة السياسية والاجتماعية والأخلاقية معا، نتيجة تفكك عدد من الروابط وانبعاث عصبيات قاتلة، وفي نظره لا انفكاك من ذلك سوى الارتباط بالخيار الديمقراطي الإنساني وبناء وضع جديد يأتي من الداخل بما فيه بناء الفرد… وجوابا عن سؤال حول انتشار "حركات الإسلام السياسي" ذكر أن ذلك يتطلب إعمال آلية النقد الاجتماعي التاريخي، وقد فرق بين الاستعمال السياسي للإسلام، وبين عودة الجمهور المسلم إلى المقولات الدينية باعتبارها رؤى وتطلعات، ودعا إلى تشكيل "كتل فاعلة" على أسس ديمقراطية غير متنابذة، ولم يبد قلقه من " ضيق انتشار الفكرة الديمقراطية" إلى أن تلتئم الشروط الموضوعية التي رأى أنها ستتم عبر الفرز التدريجي للفئات المتصارعة. كما حاول وضع مقارنات بين المشاريع الإسلاموية ومشاريع السلط المستبدة في البلدان العربية، مادام خصمهما المشترك هو" الحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية"، ليتداخل ذلك ضمن تصادمات المصالح ما بين الداخلي والخارجي، وقد انتقد بشكل واضح الأطراف المتنازعة التي منها من يبحث عن سند خارجي… ولم تفته المناسبة من أجل الحديث عن دور " المربين والكتاب والصحفيين والمفكرين والسياسيين" لتجاوز الأزمة، وكذلك عن الدور المحوري للجامعة في ذلك، خاصة من أجل التفريق المنهجي بين المعرفة والإيديولوجية حسب رأيه في هذا الحوار الهام الجدير بالتأمل (المدونة)  
120822
السؤال الأول:تعيش المنطقة العربية نماذج من التغييرات السياسية والعسكرية تكاد تلمس جميع البلدان العربية .قوات الاحتلال في العراق، صراعات إقليمية مختلفة، أنظمة تسلطية لا تتقن سوى التعامل مع الأهداف الإستراتيجية للقوى العظمى، حركات سياسية ليس لها أي عمق جماهيري.
هل المخرج في نظرك هو التأسيس لدولة ديمقراطية حداثية عبر الانفتاح على الخارج بشروط غير مقبولة، أم يجب تكثيف المقاومة المدنية، أم يعزى الأمر إلى أسباب أخرى؟

غليون:التأسيس لدولة ديمقراطية حديثة هو الهدف. لكن الوصول إليه يستدعي كفاحا طويلا ومريرا ضد قوى داخلية وخارجية، وضد عقليات وأنماط تفكير ومنظومات قيم وسلوكات، فردية وجماعية، كثيرة ومتداخلة. وبناء مفهوم هذا الكفاح ونظريته، وبلورة استراتيجيته، وتحديد وسائل العمل لإنجاحه، يشكل كل ذلك مهمات رئيسية ولا غنى عن تحقيقها للوصول إلى هذا الهدف.
هذا يعني أنه لا يوجد مخرج جاهز وفوري للأزمة المجتمعية العميقة التي تعيشها المجتمعات العربية، والتي تتجلى من خلال أزمة السلطة السياسية والاجتماعية والأخلاقية معا، ويعكسها تهلهل وزن الدول وانكسارها، وتحلل الروابط الاجتماعية، وتفكك نظم التسيير والعمل والتفكير والتواصل بين الأفراد والجماعات، ومن ثم انبعاث روح العصبية الدينية والقبلية والاقتتال الأهلي وغياب القيادة السياسية الوطنية. ولا يمكن تأسيس دولة ديمقراطية بالمحافظة على منظورات السلطة والقيادة والتنظيم والتسيير والتفكير القديمة، ولا من خلال إصلاحها وترميمها، وإنما عبر إعادة بناء هذه النظم أي المجتمعات على أسس جديدة تمكنها من الرد على التحديات التي كانت في أساس نشوء الأزمة. ومن هنا، يرتبط الخيار الديمقراطي بالعمل على دفع حركة التجديد والتغيير في الفكر والسياسة والمجتمع والأخلاق. ولأن المسألة لا تتعلق بعودة وإنما ببناء وضع جديد مختلف عن السابق، فهي تبدأ لا محالة وتشترط القيام بنقد الأسس التي قام عليها الوضع السابق المتهاوي. وإذا كنا لم ننجح في التقدم على طريق إعادة البناء هذا بعد، ولا نزال نعيش تفاقم الأزمة، فذلك لأننا لم نتقدم كثيرا على طريق تحقيق هذا النقد الاجتماعي التاريخي الذي يعني كشف أسباب فساد النظم السابقة وهشاشتها بقدر ما يعني بلورة نظرية ورؤية ايجابية للوضع الجديد المأمول وتبيان شروط وفرص إنتاجه في الواقع التاريخي.
لا يطرح الأمر إذن كخيار بين الديمقراطية والمقاومة فهما مكملان واحدهما للآخر. فالمقاومة للقهر المحلي والاستعماري ليست بديلا للديمقراطية ولكنها الطريق إليها. وبالمثل لا قيمة لمقاومة مفتقرة لأفق سياسي إنساني واضح، أي غير ديمقراطية. ولذلك فرقت في أحد مقالاتي الأخيرة بين ثقافة المقاومة وثقافة الانتحار وقلت إن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق بضربة خارجية، انقلابية أو أجنبية، ولكن بمراكمة عناصر اليقظة والتحول والتطور الذاتية التي تنشأ وتتفاعل عبر المقاومة الوطنية والسياسية والمدنية والأخلاقية. فلا يكمن الحل في ترك المقاومة أو إلغاء قيمها والاندماج أو الانصهار بالمعتدي والمتسلط والمتجبر، الداخلي والخارجي معا، وإنما في إخضاع برنامج المقاومة لبرنامج بناء الذاتية والقوى الذاتية. وهو ما يجعل من بناء الحرية الشخصية، أي بناء الوعي والضمير والإرادة عند كل فرد، ومن وراء ذلك تأسيس الفعل الأخلاقي، وتاليا الثقافة، شرطا للحرية الخارجية. من دون ذلك لن تكون المقاومة إلا استهلاكا للذات وإفقارا مستمرا للروح واستنفادا لآخر ما تبقى لنا من قيم المدنية الموروثة وتراثها. لن نتغلب على القوى الوحشية المسيطرة بتبني وسائل همجية، حتى لو حققنا بعض انتصارات مادية عليها، تكلفنا أضعافها من الناحية المدنية والروحية، كما يدل على ذلك ما يحصل في العراق من انفلات النزاعات الطائفية والعشائرية والمذهبية. وهو ما يعني أنه ليس هناك حل خارج إعادة بناء الثقافة والحياة المدنية والأخلاقية التي لا تقوم دولة من دونها.

السؤال الثاني:
أضحت حركات الإسلام السياسي في عالمنا العربي بجميع تلاوينها تحظى بأولوية إعلامية وسياسية كبيرة (الإسلام الراديكالي، الإسلام المعتدل) وذلك بالنظر إلى المتغيرات الدولية المعقدة المرتبطة بالحرب على الإرهاب من جهة، من جهة أخرى بالنظر إلى الاستهدافات التي أصبحت تباشرها هاته الحركات نتيجة انتشار فكر الأساطير وثقافة الهروب وغياب الهوية الوطنية لدى المواطن العربي؟
في نظرك كيف يمكن مواجهة هاته الظواهر، هل بتكريس الوعي الديمقراطي، الذي من شأنه أن يخلق علمانية حقيقية في الوطن العربي، أم الاهتمام بالفكر العلمي النقدي في الجامعات والمنابر الفكرية والإعلامية العربية؟

غليون:تبدأ المواجهة أولا، بنقد حركات الإسلام السياسي هذه من منظور النقد الاجتماعي التاريخي الذي ذكرت أعلاه، أي من فهم شروط ظهورها التاريخية والمجتمعية ومغزاها، ليس باعتبارها نشازا، بالمقارنة مع اتجاه تاريخي علماني أو ديمقراطي أو قومي مقياسي، وإنما تعبيرا رئيسيا عن هذه الأزمة المجتمعية التاريخية، وتجسيدا عميقا لها بما تعنيه من انهيار أسس التفاهم والتواصل المجتمعي وتخبط المعايير الفكرية والأخلاقية معا، وتكاثر الردود العشوائية عليها، وتضارب الإجابات المقترحة للخروج منها. وسوف نكتشف عبر ذلك مباشرة أن ما ندعوه حركات الإسلام السياسي لا يعبر عن مضمون مجتمعي واحد، حتى لو أنه يكتسي وشاحا مشتركا هو الرجوع في صوغ الحلول أو الإجابات المقترحة إلى الإسلام، كنص أو كتراث تاريخي أو كمثال أخلاقي. لكن ليس هناك علاقة بين الرد الإسلامي الليبرالي التركي مثلا والرد الجهادي التكفيري الذي تجسده القاعدة. وبالمثل لا يمكن إيجاد علاقة ذات قيمة من منظور السياسة والاجتماع والتطور التاريخي بين حركات الإسلام السياسي على تنوعها، وبين عودة الجمهور المسلم الواسع إلى المقولات الدينية للتعبير عن تطلعات هي في العمق مساواتية واستقلالية وقانونية حديثة. ففي ما وراء وحدة المرجعية الشكلية توجد مطالب وردود أفعال وتطلعات ورؤى مختلفة أيضا لطبيعة المهام المطلوبة لبناء الوضع المجتمعي الجديد، ولمفهوم هذا الوضع وطبيعته.
ما قلته يعني أن الخطابات الإسلامية والعلمانية لا ينبغي أن تمنعنا من رؤية تنوع المشاريع المتنازعة في إطار إعادة بناء المجتمعات العربية المهدمة والمخربة، في ما وراء القشرة الإيديولوجية التي تغطى عليها. وكما أن من الممكن لقوى اجتماعية إسلامية المرجعية أن تساهم مساهمة كبرى في نجاح الخيار الديمقراطي وترسيخ أسس استقراره، وهذا ما حصل في تركيا في العقد الأخير، هنا بالعكس حركات وتيارات واتجاهات إسلاموية لا تفيد إلا في تفاقم الأزمة ودفع المجتمعات العربية نحو المزيد من الانهيار والانحلال والغرق في المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والدينية غير الممكن حلها.
هذا يعني أن علينا كباحثين أو ناشطين ديمقراطيين أن نتجاوز في نظرتنا لما يحصل مستوى المظاهر السطحية الخارجية، لنركز على الاختلاف بحسب الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، حتى نستطيع أن نشكل كتلا فاعلة أو فاعلين تاريخيين قادرين على العمل من منظور إعادة بناء المجتمعات العربية على أسس ديمقراطية حديثة. أما إذا تثبتنا على مظاهر الانقسام الايديولوجي ونزعنا إلى تكريس خريطة المعسكرات المتنابذة، التي لا إمكانية للتواصل بينها، بعضها إسلامي المرجعية وبعضها علماني، فلن يكون لدينا أي حظ للخروج من أزمة التحلل المجتمعي الراهن، لأننا سوف نكرس الأزمة ونعيد إنتاجها. فهذا التصدع الفكرية والنفسي والديني، مثلما يشكل تجسيدا للأزمة، يقوم أيضا بإعادة إنتاجها، وبصورة أكثر تفاقما مع انبعاث الطائفية والعشائرية بموازاة ذلك. لا ينبغي أن نقبل بهذا التقسيم كأمر نهائي واقع، ونعمل على أساسه، وإنما علينا تفكيكه ومقاومته وحله في منظومة فكرية وسياسية تتجاوز الإسلاموية والعلمانوية، أي تقوم على خيارات سياسية ديمقراطية ووطنية/مواطنية معا. وفي هذه الحالة ليس هناك ما يمنع من الجمع بين التوعية الديمقراطية، كعمل ايديولوجي سياسي، وبين تطوير النقد العلمي والأكاديمي لمظاهر الأزمة المجتمعية والدينية معا.
السؤال الثالث:يعيش العالم العربي العديد من الخطابات المتعلقة بالديمقراطية ومشاريعها (المشروع الحداثي الديمقراطي، حماية الانتقال الديمقراطي….) لكن في المقابل نجد بعض هاته الخطابات تكاد تتبناها الدول وأنظمتها السياسية والأحزاب في برامجها ولا نجد لها داخل بنية المجتمع أي أثر.
في نظرك كيف يمكن تكريس الفكر الديمقراطي فكرا وتربية وممارسة؟

غليون:
لا يزعجني ضيق قاعدة انتشار الفكرة الديمقراطية ولا يدفعني لليأس. فمن جهة أولى لا تختزل التحولات المجتمعية المطلوبة، أي تحديث المجتمعات العربية في العمق ودمجها في حضارة عصرها، وتنمية فرص انبعاث الإنسان الحر والمبدع فيها،على الديمقراطية، كما أن الديمقراطية لا تحصل في الفراغ وإنما هي جزء من عملية مجتمعية تاريخية أوسع لا ينبغي نسيانها ولا تجاهل ترابط أجزائها وأبعادها. ومن جهة ثانية لا يرتبط الدخول في الحداثة السياسية أو التحول نحو الديمقراطية بانتشار المفهوم الديمقراطي أو بتحول الديمقراطية إلى ايديولوجية غالبة. كثيرا ما تقود الأحداث المجتمعات، إلى الدخول في توازنات سياسية وجيوسياسية واجتماعية معينة تدفع هي نفسها إلى ولادة سيرورة تعددية تساهم في اكتشاف الديمقراطية وتطوير مفهومها. لا أعتقد، على سبيل المثال، أن مجتمعات أوروبة الشرقية وروسيا قد تعمقت في فهم الديمقراطية، أو شهدت انتشار فكرتها على نطاق واسع قبل أن تنتقل إليها بعد انهيار النظام السوفييتي. لقد نشأت الثورة المدنية على النظام القائم بسبب قصور هذا النظام عن تلبية المطالب الأساسية لمجتمعاته، كما تحددها الحقبة التي وجدت فيها، وانكشاف عجز منظوماته عن الإنجاز، وتضاؤل مردوده عموما في جميع الميادين. وحصل التحول للتعددية والديمقراطية بسبب عدم وجود نموذج بديل آخر. ولذلك وجدنا العديد من هذه البلدان، بما فيها روسيا بوتين، تعود بشكل ما تحت سيطرة النخب القديمة الشيوعية، التي بدلت ثوبها، لكن احتفظت بعقليتها، هربا من الفوضى التي أحدثها انهيار النظام.
قد يحتج بعضهم بالقول إن ما يميز مجتمعاتنا هو وجود الإسلاموية كبديل للديمقراطية آخر. وهو ما لم تعرفه المجتمعات الشيوعية السابقة. وليس هناك شك في نظري في أن انتشار شعار الإسلام هو الحل يشكل عقبة أمام تطور الفكرة الديمقراطية في البلاد العربية، سواء أكان ذلك بسبب ما يقدمه من حلم بعدالة اجتماعية مستمدة من الوحي، أو بسبب خوف قسم من الرأي العام من البديل الإسلامي وتخويف النظام منه. لكن هذا على المدى القصير وفي المظهر فحسب. فالواقع أن الإسلام قد يقدم، مثله مثل أي دين آخر، نموذجا بديلا للأخلاق والقيم، لكن ليس للاقتصاد ولا للدولة ولا للعلم ولا للتقنية ولا للتنظيم الاجتماعي. ويشكل الخطاب الإسلامي المتنوع اليوم عاملا من عوامل التشويش على وعي الأزمة وبشكل خاص على بلورة فكر واقعي وعملي تاريخي للخروج منها. بيد أنه لن يحول طويلا دون إدراكها. وبقدر ما سوف تلتئم الشروط التاريخية، السياسية والجيوسياسية، والفكرية للتقدم على طريق الخروج من أزمة التخبط الراهنة، سوف تبرز الخلافات العميقة بين المنتمين للمرجعية الإسلامية الواحدة، ويتم الفرز داخل الإسلاميين بين التيارات الأغلبية التي ستختار طريق الاندماج في حضارة العصر والعيش في شروطه، مع الاحتفاظ بالإسلام كمنارة أخلاقية، والأقلية التي ستفضل النكوص إلى الماضي. فالانتماء إلى المرجعية الإسلامية يغطي مطالب وتطلعات كثيرة ومتباينة ولا يتعارض بالضرورة ودائما مع المطالب المادية والسياسية والأخلاقية التي تقوم عليها المجتمعات الحديثة.
من هنا ليست المشكلة الأكبر التي تحول دون نمو القوى الديمقراطية هو انتشار إيديولوجية الإسلاميين، وإنما هناك عوامل أخرى رئيسية ربما كان أهمها التحالف الموضوعي بين النخب الحاكمة المنفصلة عن الشعوب والقوى الكبرى الصناعية التي تريد الحفاظ على سيطرتها الكاملة على القرار في منطقة استراتيجية حساسة، أي بين نظم السيطرة المحلية الزبونية ونظم الهيمنة الدولية شبه الاستعمارية. وليس انتشار الايديولوجية الاسلاموية نفسه سوى نتيجة غير مباشرة وأحيانا مباشرة للمأزق السياسي والاجتماعي والفكري الناجم عنه. وهذا، من دون أن ننسى عوامل أساسية أخرى تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والثقافية والعلمية التي تميز المجتمعات العربية وتحرمها أيضا من فرص نمو توقعات الدخول في الحداثة والاندماج الفعال والايجابي في الحضارة الراهنة.

السؤال الرابع:
بشأن الأوضاع المعقدة الأخيرة التي تعيشها فلسطين ولبنان بشأن انعدام الائتلاف الوطني.
ما هي العبر التي يمكن الخروج بها من خلال تشخيصك لهذه الأوضاع المعقدة؟

غليون:كما ذكرت، التعبير الرئيسي للأزمة التي تعيشها المجتمعات العربية هو تصدعها وانقسامها بين أكثرية فقدت الثقة بالصيغ والحلول الحديثة أو المرتبطة بفكرة الحداثة ومفهومها، وتكاد تيأس منها، وتعتقد أن المسؤول عن الأزمة أو التخبط الراهنين هي هذه الصيغ والمفاهيم، وأقلية تعتقد أن السبب هو في تقاليد المجتمع والدين المحافظة وفي رفض النخب الحاكمة تبني الحلول الجذرية التحديثية. والفئة الأولى تطالب بتطهير المجتمع والبلاد من آثار التغريب والحداثة، والفئة الثانية تنادي باستئصال ما تسميه قوى الظلامية والرجعية.
ويولد هذا الانقسام بل الفصام، المستند على هيجانات واحتقانات نفسية وسياسية لا على مقاربات عقلية وموضوعية، قطيعة متزايدة بين الطرفين لا مخرج منها. ليس لأن الأقلية التي تسمى علمانية، وهي ليست كذلك، تحتكر، في مواجهة الأكثرية الإسلامية، في أغلب البلدان، السلطة وموارد القوة واستخدام العنف فحسب، ولكن أكثر من ذلك لأن كلاهما، مشروع الدولة الإسلامية ومشروع الدولة العلمانية، أو شبه العلمانية، التي تريد أو تدعي أنها تريد أن تكرس خيار الحداثة وتدافع عنه، بالوسائل القهرية والعنف والاستبداد، طريق مسدود. المشروع الأول لأن الإسلاموية كما ذكرت ليست مشروعا أصلا، وإنما هي غطاء لمشاريع أو لأشباه مشاريع ومطالب وتطلعات مختلفة ومتباينة ومتناقضة، لا يمكن أن تقود، عندما تواتيها فرصة الوصول إلى السلطة، إلا إلى الانقسام المتزايد والاقتتال بين الإسلاميين أنفسهم. وهو ما جرى في جميع النظم الإسلامية التي انبثقت في العشرين سنة الأخيرة، وأحيانا قبل الوصول إلى السلطة. والمشروع الثاني لأن الاستبداد لا يمكن أن يقود، تحت أي يافطة جاء، إلى شيء آخر سوى خيانة الحداثة وقيمها، وتحويل الدولة إلى مزرعة للأسر المالكة أو الحاكمة لا فرق، بقدر ما يعني تحييد الرأي العام، وتفريغ المجتمع من الحياة السياسية، وإكراه الأفراد على الخضوع والطاعة العمياء. فإلغاء الحريات هو الأساس لإجهاض الحداثة وقطع الطريق على أي تقدم آخر، في الاقتصاد والسياسة والعلم والتقنية والإدارة والأمن الوطني والأهلي على حد سواء. فالحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية هي منطلق الحداثة وشرط وجودها، لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء الفرد كمواطن مستقل ومسؤول، ومبدأ تربيته كمصدر وعي وصاحب إرادة ومبادرة، وبالتالي كمشارك أو شريك في جماعة سياسية تتجاوز الرابطة الدموية أو الدينية والمذهبية. ومن دون ذلك ليس هناك أمل لا في قيام أمة ولا دولة حديثة ولا مجتمع مدني.
كان من الممكن أن يقود هذا الانسداد المزدوج إلى انتشار إدراك أعمق بالأزمة التاريخية التي تعيشها المجتمعات العربية، ويمهد للخروج منها بصورة أسرع، لو لم ينفتح الانقسام الداخلي ويرتبط التصدع الوطني بصراع أوسع، دولي وإقليمي، يشكل الشرق الأوسط، والمشرق العربي خاصة، مسرحه الرئيسي. بيد أن اندراج الطرفين المتنازعين في الاستراتيجيات الدولية واصطفافهما وراءها قد عملا على تعزيز هذه القطيعة، ودفع نحو حرب داخلية مرتبطة بالحرب الدولية والإقليمية ورهينة لها.
هكذا أصبحت الإسلاموية، التي بدأت كحركة احتجاج داخلي على الظلم الاجتماعي والتسيب القانوني والاستهتار بمصالح الناس ومستقبلهم، حركة دفاع عن الهوية في وجه الثقافة والقيم العصرية، بوصفها قيما غربية. وهو ما عززته السياسات الغربية التي وجدت هي نفسها في الإسلاموية عدوا استراتيجيا وتاريخيا بديلا يعوضها عن انهيار العدو السوفييتي، ويبرر للمركب الصناعي العسكري، وللمصالح الاستعمارية أو شبه الاستعمارية عموما، الاحتفاظ بمواقعها ونفوذها في البلدان الصناعية. وبالمقابل، تحولت شعارات الديمقراطية والعلمانية إلى حصان طروادة لتلك القوى الدولية الرامية إلى الاحتفاظ بنفوذها في مواجهة الموجة الإسلامية، أو إلى منطلق لترميم النظام شبه الاستعماري الذي يستند إليه هذا النفوذ.
وهكذا تمفصل الصراع الداخلي مع صراع خارجي يتبع أجندته الخاصة، وتعقدت سبل المواجهة الداخلية، ومعها فرص اليقظة والخروج من الأزمة. فقد أعطى هذا الصراع للفريق العلماني المحلي، في كل البلدان العربية وعلى مستوى المنطقة ككل، الانطباع أن بإمكانه الفوز بالمعركة وحسم الموقف لصالحه طالما أنه يحظى بدعم دولي واسع، كما أعطى الانطباع للفريق الإسلامي بأن التنازل أمام الأقلية العلمانية المسيطرة لا يعني خيانة الأغلبية المؤيدة له فحسب وإنما أكثر من ذلك الاستسلام أمام قوى الهيمنة الدولية والاستعمارية.
هكذا تحول الاحتجاج الاجتماعي باسم الإسلام، كما جسدته الحركة الإسلامية في بداياتها، إلى ما يشبه الحرب العالمية ضد "الإمبريالية" والسيطرة الخارجية وقواعدها المحلية. كما تحول الدفاع عن مشروع الحداثة العلماني إلى حرب "وطنية" ضد الإسلام والإسلاميين، ومن وراء ذلك إلى ذريعة لتبرير الاستبداد والتحالف مع القوى الاستعمارية. لقد ضاعف ربط الصراعات الداخلية بالصراعات الخارجية من تعقيد المشكلة ومن تفاقم الأزمة، حتى لم يعد من الممكن مواجهة أي نزاع داخلي بمعزل عن الأقطاب الدولية.
وبدل أن نتجه نحو تسويات وطنية، كما حصل في جميع المجتمعات التي عرفت العديد من الأزمات، أصبحنا، مدعمين كل منا بحليف خارجي، نتجه بشكل أكبر نحو القطيعة والتخوين المتبادل والمواجهات المفتوحة من دون نهاية. وبدل أن تقودنا مقاومة الأجنبي "وعملائه" إلى تعزيز استقلالنا الوطني عن الدول الكبرى، أو تدفع بنا العلمانية إلى تعزيز التحولات الديمقراطية، عشنا في العقود الماضية التجربة المريرة للسقوط بشكل أكبر في التبعية والالتحاق بالقوى الأجنبية و تعزيز نظم العسف والاستبداد معا.
ليس المسؤول عن ذلك الإسلاميين أو العلمانيين، وإنما تبني خيارات خاطئة وغير ناجعة في المقاومة وفي المحافظة على الدولة والنظام "العلماني" معا. فلم نر في المقاومة احتجاجا ضد الظلم والعسف والطغيان، ولكن نبذ القوى والأفكار والمواقع الأجنبية، التي طابقنا بينها والأفكار والقيم والقوى الحديثة. وهو ما يزيد من تعميق الشرخ داخل المجتمعات. وبالمثل، لم نر في الحفاظ على النظم الحديثة العلمانية أو شبه العلمانية سوى سياسات الأمن والقمع وقتل الحريات التي ليس لها نتيجة أخرى سوى تعزيز قبضة الممسكين بالسلطة على ثروة البلاد والمجتمعات ومواردهما، وتحويل الفساد إلى سياسية وطنية. وفي النتيجة لم نعمل بخياراتنا الخاطئة هذه سوى على تعميم الاقتتال وتخليده من خلال ربطه بأجندات خارجية. وقد عملت المطابقة الكلية بين مقاومة النفوذ الأجنبي والوطنية، وبين الحفاظ على النظم الحديثة والعلمانية، على خلط في الأوراق قضى على ملكة التمييز عند الرأي العام، وجعل من شعار العلمانية أفضل وسيلة لحل عرى الوطنية ودولتها الحديثة، كما جعل من شعار المقاومة الإسلاموية أفضل وسيلة لتحويل حركة الاحتجاج الاجتماعي عن أهدافها الديمقراطية وجعلها غطاءا لنظم البطش والفساد والطغيان. وها هي مجتمعاتنا تتمزق بين أقليات اجتماعية تعتقد أنها لا تضمن حقوقها الإنسانية وحرياتها إلا بالتعامل المباشر مع القوى الأجنبية، وجماهير مهمشة ومنبوذة لا تجد في مواجهتها من وسيلة سوى بعث العصبية الدينية أو الإثنية أو الطائفية أو القبلية في غمار مقاومة لا ثمرة منها سوى تقويض أسس الحياة الوطنية.

السؤال الخامس:كيف يمكن بناء فكر نقدي في الجامعات العربية من شأنه أن يبني لنا وعيا مجتمعيا يمكن أن يكون مدخلا للتأسيس لدول حداثية ديمقراطية ؟غليون:
بناء الوعي النقدي والوعي الاجتماعي المؤسس لدول حديثة ديمقراطية ليس الواجب الأول للجامعة ولكنه واجب المربين والكتاب والصحفيين والمفكرين والسياسيين. وهو لا يحصل في الجامعة إلا عرضا لأن مكانه وسائل الإعلام والثقافة والمنظمات المدنية والأحزاب التي تعلم الناس العمل الجمعي وروح التعاون والتضحية والمسؤولية الجمعية. أما الجامعات فواجبها الأول هو تنمية المعرفة وتطويرها وبنائها على أسس قوية، أي بناء العلم. والمعرفة العلمية لا تنمو وتتراكم وتتطور إلا بقدر ما تميز نفسها عن الإيديولوجية، أي بقدر ما تميز الأحكام الواقعية الوجودية أو ملاحظة الوقائع، عن الأحكام القيمية والمعيارية، أو تقرير ما ينبغي أن يكون أو لا يكون. وعندما تنجح الجامعات في بناء مثل هذه المعرفة العلمية المرتبطة بفهم الواقع كما هو وليس بعلاقته بالقيم المجتمعية، تكون قد أسدت معروفا عظيما للديمقراطية وعلمت الناس كيف يميزون بين خياراتهم الواقعية وتلك الوهمية.
وهذا يعني أن الثقافة لا تبنى في الجامعات ولكن للجامعات مهمة رئيسية هي توفير البنية المعرفية العلمية السليمة للثقافة. فثقافة من دون قاعدة علمية متينة، تبقى ثقافة هشة ومعرضة للهزات والتقلبات وربما في عصرنا الراهن للانحسار، وفي أحسن الحالات تظل غارقة إذا نجحت في البقاء في الأحلام والأوهام. لكن ثقافة من دون عقائد وجدالات إيديولوجية، وآداب وفنون وهياكل أسطورية وخيالات وأوهام ليست أيضا ثقافة، ولا يمكن أن تستمر.
ولعل أكثر ما أساء لجامعاتنا، وبالتالي لثقافتنا الحديثة لما بعد الحرب العالمية الثانية، هو سيطرة السياسة عليها، وإخضاع المعرفة فيها للخيارات العقائدية. فلم يفرغ مؤسساتنا من مضمونها ويقضي على الوعي وليس على الوعي النقدي والديمقراطي فحسب، سوى فكرة العقائدية وتعميمها في الجامعة والجيش والدولة والعائلة، سواء أكانت العقيدة المقصودة قومية أو وطنية أو اشتراكية أو إسلامية. ومنذ اللحظة التي تضع فيها الوزارة صورة الملك أو الأمير أو الرئيس على الصفحة الأولى من الكتب المدرسية، ينبغي أن نعرف أنها قضت على أي مستقبل للعملية التعليمية، وحطمت الأساس الذي يقوم عليه العلم والذي يبرر إقامة المدارس والجامعات.
هذا لا يعني أنه لا ينبغي على الطلبة والمدرسين وغيرهم أن يعملوا في السياسة، وأن لا يكون لديهم إيديولوجية. هذا غير ممكن وعكس المطلوب. كما لا يعني أن تكون هناك معرفة مفصولة عن التربية وعن الخيارات الإيديولوجية الحاسمة. لكن الإيديولوجية والخيارات الأخلاقية والسياسية ينبغي أن تبقى مسألة متميزة عن المعرفة العلمية، ومرتبطة بخيارات الأفراد الشخصية، لأنها تتعلق بحرياتهم الأساسية ولا وجود لها أو قيمة خارج الاختيار الحر للأفراد. ربما كانت التربية، جزءا من عملية التكوين على مستوى العائلة والحضانة والمدارس الابتدائية والثانوية، لكن الجامعات هي بالأساس مؤسسات علمية، أي متخصصة في التكوين العلمي والمهني والبحث وإنتاج المعرفة وتنميتها. والمطلوب منها أن تسهر على تخريج علماء يتقنون مجموعة معينة من المهارات والقدارات والمعارف التي تمكنهم من القيام بالواجبات التي تقتضيها وظيفتهم العلمية أو الإدارية أو التقنية، من دون أن يتأثر هذا التكوين باختياراتهم السياسية والأخلاقية، أو يؤثر فيها، ليبرالية كانت أو اشتراكية أو قومية أو إسلامية أو غير ذلك. ولا يمكن للجامعة أن تجمع بين تكوين قدرات الناس العلمية ومهاراتهم، بصرف النظر عن خياراتهم السياسية والأخلاقية، إذا تبنت بعض هذه الاختيارات. فهي لا يمكن أن تخلط بين الوظيفتين العلمية والإيديولوجية من دون أن تهدد بالتشويش على وظيفتها الرئيسية وربما بخيانتها.
لكن في مجتمع تحرم فيه السلطة، لأسباب سياسية وإستراتيجية أمنية، كل النشاطات الفكرية والسياسية الحرة، فلا تسمح بوجود منتديات فكرية ولا صحافة حرة ولا جمعيات مدنية مستقلة ولا أحزاب سياسية حية، من الطبيعي أن ينتقل النشاط الإيديولوجي، الذي لا غنى عنه لأي مجتمع، إلى الجامعة، بوصفها تشكل مركز تجمع العاملين بالبحث والفكر والثقافة عموما. وأحيانا يشكل هذا الخيار جزءا من سياسات بعض الحكومات التي تعتقد أنها تستطيع بذلك أن تحصر النقاش المتعلق بقضايا سياسية ووطنية حساسة في إطار مغلق ودائرة محدودة، وتمنع الرأي العام من الاتصال بالمثقفين والباحثين أو التواصل مع أفكارهم والتأثر بهم. ونحن نعرف اليوم نتائج هذه السياسة وتأثيرها المدمر على منظومة إنتاج المعرفة وتطوير العلم والبحث والتقنية في البلاد العربية.
ــــــــــــ   
120822
 
 
120821
 ٭عبد الواحد بلقصري باحث في العلوم السياسية، يقطن مدينة بلقصيري، وقد أمدنا بهذا الحوار المهم الذي أجراه مع المفكر والكاتب برهان غليون، وقد سبق أن نشر في الحوار المتمدن، نعيد نشره لفائدته.
 
 

الأحد، 13 أبريل 2008

منع الوقفة الاحتجاجية التي دعت لها تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.


  منع الوقفة الاحتجاجية التي دعت لها تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.
    تفريق جموع الحاضرين باستعمال القوة العمومية
      نص كلمة المنسق الوطني في الختام المفترض للوقفة الممنوعة  
   الإعلان عن 17 أبريل كيوم وطني للاحتجاج في مختلف المناطق 
dsc011 
كلما تجمع حشد من المحتجين تفرقهم القوة العمومية

   ذكر منظمون للوقفة الاحتجاجية التي دعت لها تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية أنهم تلقوا قرار المنع بشكل شفوي، ورغم ذلك حضر عدد من المناضلين والمواطنين إلى أمام البرلمان  عشية السبت 12 أبريل 2008 حيث أعتاد المكان على أصناف من المحتجين.. بشكل يكاد أن يكون يوميا. 
 لوحظ قبل ذلك حضور قوى أمنية من الشرطة والقوات المساعدة طوقت المكان من جميع جوانبه، ولم تسمح بالمرور إلا في الجهة المقابلة لمقر البرلمان في طريق مزدوج يعرف حركة مرور كثيفة، وقد اعتاد عدد من المواطنين التجول والمكوث بنفس الشارع، باعتباره متنفسا وسط المدينة، كلما تكوّن تجمعٌ صغير من المواطنين يتم تفرقه بحث المواطنين على التحرك.
    في بداية الفترة التي كان من المقرر إجراء الوقفة أثناءها وحين حضور المحتجين إلى المكان كانت القوى الأمنية تفرق المتجمعين، مما خلق أجواء من التوتر والاحتجاج.
   كما طوقت مجموعة أمنية نواة نشيطة من المحتجين كانت قيد التشكل وساقتها بالقوة إلى أحد الشوارع الفرعية وهي ترفع شعارات منددة، بينما في نفس الوقت تنضاف جماعات أخرى من المحتجين للمكان، وتتلقى نفس المعاملة، أي التفريق بواسطة الدفع والتعنيف.
    أصيب أحد الحاضرين للوقفة ذُكر أنه صحفي بجروح لم نستطع تحديد مستواها ودرجة خطورتها، وهو يمثل إحدى القنوات الفضائية كما ذُكر وقد حملته سيارة الإسعاف إلى المستشفى.
    أصر عدد من المحتجين على البقاء في مكان الاحتجاج إلى نهاية الفترة المخصصة لذلك بما فيهم قيادات من أحزاب وطنية، كما تلى المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية بيانا أمام مقهى "باليما"( جمع عمالها الكراسي) ذكّر فيه بدواعي اللجوء إلى الاحتجاج حيث قال أن ذلك جاء بعدما وصلت " سياسة الغلاء إلى أوج شراستها" وأن "هناك من المسؤولين من لم يقموا بواجبهم… يتحملون مسؤولية جوعنا ومرضنا"، كما أرجع ارتفاع الأسعار لأسباب داخلية منها تخلي الدولة عن الاستثمار وتحرير الأثمان وتشجيع الاحتكار والخوصصة وتطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي حسب المنسق الوطني وليس إلى ارتفاع الأسعار في السوق الدولي أساسا، كما ذكّر بقرار مجلس التنسيق الوطني الإعلان عن يوم 17 أبريل كيوم وطني للاحتجاج في مختلف المناطق… قبل أن تداهم الحلقة التي أحاطت به من مناضلين ومواطنين وصحافيين القوةُ الأمنية لتفريق الجميع.  
    ذكر محمد غفري أثناء سؤاله من طرف صحفيين عن أسباب المنع فقال نحن لا نعرف دوافع وأسباب المنع، وأضاف أن التنسيقيات مشكلة من أحزاب ونقابات وجمعيات مسؤولة، وأن خسارة المنع بالنسبة للدولة أكبر من السماح بإجراء الوقفة في وقت قصير بانتهائه ينتهي الأمر…إننا ـ يقول ـ لا نملك غير حناجرنا وإرادتنا للاحتجاج ضد الغلاء وارتفاع الأسعار، وأنه ليست هناك سياسة رسمية لتحسين وتقوية الإنتاج، فأغلب المنتوجات الفلاحية والصيد البحري موجة للتصدير، أما السوق المحلي فلا أحد يهتم به حسب رأيه.
   وقد رفع المحتجون بين الفينة والأخرى بعض الشعارات المنددة بتفاقم الأسعار، مثل : " احنا أعلاش جينا …المعيشة أغلات أعلينا".
وتجدر الإشارة أن منسقيات مناهضة الأسعار لم تنج من آفة الإنشقاقات، حيث انقسمت إلى شطرين ابتداء من اللقاء الوطني للتنسيقيات المنعقد في 2 مارس بالدار البيضاء، وكل تنسقية تدعو إلى لقاءات ووقفات خاصة بها، علما أن مواجهة مثل هذه القضايا تقتضي التنسيق مع مختلف الحاملين لهموم الجماهير الشعبية.
      نص كلمة المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، التي تنفرد المدونة بنشرها كاملة بعدما خصنا بها المنسق الوطني محمد غفري في مسودتها الأصلية، وكي نزود بها  بعض الصحافيين الحاضرين ممن فاتتهم فرصة الاستماع إليها حيث أبدى بعضهم رغبته في ذلك: 
dsc011
 محمد غفري يلقي البيان وسط حلقة من المحتجين
dsc011
حلقة من المحتجين تستمع لبيان المنسقيات…
   «أيتها المناضلات أيها المناضلون، أيتها المواطنات أيها الموطنون، أيتها الفعاليات والإطارات الحقوقية والسياسية والنقابية والنسائية والشبيبية والجمعوية…جاء الإعلان عن هذه الوقفة الاحتجاجية في وقت تصل فيه سياسة الغلاء أوج شراستها، ومنذ آخر وقفة وطنية يوم 18 شتنبر 2007، وبعد كل الوعود والتصريحات المسكنة التي أدلى بها المسؤولون عن تدبير شؤون الوطن، عرفت جميع المواد الأساسية الأربعة المدعمة والمواد الأساسية غير المدعمة ارتفاعات متتالية وتصاعدية في أسعارها، والتي طالت الدقيق والماء والكهرباء والأدوية وحليب الأطفال…
   إذا رفعنا شعار اعلاش جينا واحتجينا… المعيشة غاليا اعلينا، فليس لأننا محترفي الاحتجاجات، بل لأن لنا دوافع اجتماعية حقيقة للاحتجاج.
     لماذا أعلنا الاحتجاج؟ لأن هناك من المسؤولين من لم يقموا بواجبهم، لأن هناك من تولوا تسيير شؤون هذه البلاد مسؤولين عن جوعنا ومرضنا، ونفس المسؤولين راضين ويتحدثون عن الانجازات، بينما حالنا يعرف اتساع دائرة الفقر واتساع الهوة بين الغني والفقير، ثم يضيف المسؤولون للتغطية عن كبواتهم تبريرات أبرزها غلاء السلع في السوق العالمي، علما أن هناك أسباب داخلية أوصلتنا لما وصلنا إليه؛ انسحاب الدولة من الاستثمار أدى إلى قلة فرص الشغل. وارتفاع الأسعار جاء نتيجة تحرير الأثمان ولإطلاق العنان للاحتكار والخوصصة وانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي… هذه هي الاملاءات الخمس لصندوق النقد الدولي، والنتيجة بطالة وفقر وتفاوت طبقي صارخ، لهذه الأسباب قامت فعاليات حقوقية ونقابية وسياسية وشبابية وجمعوية، وهي شخصيات معنوية وقانونية ومعترف بها بتشكيل تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية منذ أكتوبر 2006، وإلى اليوم مازالت تناضل من أجل مطالب أقل ما يمكن وصفها به أنها الحد الأدنى للعيش الكريم.
    إن وقفة 12 أبريل ما هي إلا مقدمة لسلسلة من النضالات الوطنية والمحلية ستعلن عنها التنسيقيات المحلية لاحقا.
    إننا كلجنة المتابعة الوطنية إذ نترجم قرار مجلس التنسيق الوطني بالإعلان عن يوم 17 أبريل كيوم وطني للاحتجاج، تحت إشراف التنسيقيات المحلية في جميع المدن والقرى، نعلن كذلك أن نضالنا سيستمر إلى غاية تحقيق مطالبنا، وبدل نهج سياسة منع الوقفات والاحتجاجات يجب البحث عن حلول جذرية.» 
     dsc011
 dsc011
 dsc011 

dsc011
حضور المحتجين لشارع محمد الخامس وحصار أمني ملفت

       dsc011     
    dsc011
دفع أول كوكبة تكونت من المحتجين لشارع جانبي ليتم تفريقهم بالقوة
dsc011
وصول ذ.محمد الساسي إلى مكان الاحتجاج
dsc011
لبس أفراد القوات المساعدة للخودات وبداية الاستعداد لقوة أكثر

      dsc011    
أحد المواطنين يحتج بطريقة أكثر تعبيرا بحمله لعلب مواد غذائية فارغة 
   dsc011
      120804 
 تلقي أحد الحاضرين بمكان الوقفة للضرب أصيب على إثره وقد حمل إلى المستشفى وذُكر أنه مراسل قناة فضائية
 (علمنا فيما بعد أنه مصطفى البقالي مراسل قناة بي بي سي)
     dsc011
        
                          dsc011
حضور ممثلي عدد من الهيئات ، يظهر في الصورة ذ.عبد الرحمان  عمرو وذ.محمد الساسي وآخرون

                      dsc011 
أصر عدد من الواطنين والمحتجين على البقاء في المكان إلى نهاية فترة الاحتجاج رغم كل التنكيل الذي لاقوه
dsc011
 محمد غفري يدلي بتصريح للصحافة

dsc011
 حمى عدد من المواطنين المنسق الوطني محمد غفري من جميع الجوانب ليلقي كلمته ورغم ذلك هوجموا عند الإنتهاء من إلقاء البيان

                      مصطفى لمودن             
للاطلاع على المدونة استعمل الرابط التالي: 
       إضافات:
 ـ علمنا فيما بعد أن الصحفي المنقل إلى المستشفى هو مصطفى البقالي مراسل قناة بي بي سي
 ـ وتوصلنا من الصحفي منير الكتاوي بصورة تبين إصابته بجروح في ساقه أثناء الوقفة، وهو يعمل بأسبوعية "الوطن الآن"

120821

السبت، 12 أبريل 2008

ثقافة المشاركة اعداد نجاة الراضي*


  ثقافة المشاركة
                             اعداد نجاة الراضي*
كثر في السنوات الاخيرة، في المشهد السياسي والمدني المغربي الحديث عن المشاركة في شقها السياسي.   البعض يتحدث عن اللامشاركة و اللاتسيس بالنظر إلى نسب المشاركة الضعيفة التي طبعت الانتخابات السابقة (انتخابات2007 ) والبعض يتحدث بنوع من العمومية بكون المشاركة السياسية هي السبيل الوحيد لتحقيق الانتقال الديمقراطي .
والبعض الآخر يذهب بعيدا ويتحدث عن المشاركة بشكل قطاعي. المشاركة وعلاقتهما بقطاع الشباب وبقطاع المرأة…ويتم تبرير هاته العلائقية بالأهمية التي يكتسبها هذان القطاعان، كما يتم الإشارة إلى(نسبها الضعيفة التي ترجع إلى أسباب سوسيو سياسية متعددة كالأمية والفقر…)
وبين هذا وذاك يتيه مصطلح المشاركة بين تيهان كل هاته الآراء. إن الحديث عن المشاركة هو شيء إيجابي ومهم، وبدونه لايمكن التقدم إلى الأمام. لكن قبل الحديث عن مصطلح المشاركة بوجهيه الجزئي
micro والكلي macro يجب الحديث عن ثقافة المشاركة. ماذا يقصد بها؟ كيف يمكن ترسيخها؟ وماهو دورهافي تعزيز الحياة الديمقراطية عبر تمثيلية قوية وارادة  حقيقية.
وبالحديث في هذا الجانب عن التجارب المقارنة، أي الدول التي عرفت انتقالات ديمقراطية. وأصبحت نماذج إرشادية بوصفاتها ومؤشراتها، ذات النسب المتقدمة فيما يخص التمثيل والمسائلة، نجد أن تعزيز المشاركة في هاته البلدان اعتمد على مقاربة ثقافية، ثم التركيز لنشر هاته الثقافة على المدارس والجامعات أولا. وعبرتوسيع المشاركة باتجاه الفئات الأصغر سنا ثانيا.
وعبر ابتكار آليات التواصل مع الجمهور واستغلال الطفرة التكنولوجية والمعلوماتية في ذلك، وذلك عبر التواصل مع مختلف الطبقات السياسية والثقافية والمدنية .  كل هذا دفع بهاته البلدان عبر ديمقراطيتها المعاصرة، بكون إعطاء الثقة للمجتمع لن يتم إلا بالمشاركة الفعالة التي تعتبر الضمان الوحيد لأي تغيير حقيقي، وليس مجرد تغيير شكلي.
ففي الحديث عن هاته التجارب المقارنة عِبَرٌ كبيرة يمكن الاستفادة منها، بالرغم من الإختلاف في الجغرافيا الثقافية والإقتصادية والسياسية بيننا وبينهم.
إن الحديث عن ثقافة المشاركة مسألة يجب أن تعطى لها قيمتها الحقيقية، ولكي لا تصبح مصطلحا عابرا ومائعا ومناسباتيا يجب التأسيس لمناخ ديمقراطي بواسطة أم القضايا، وهي قضية المشاركة. وقضية تفعيلها تستدعي جهود كل الأطراف وبمشاركة جميع المواطنين.
وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية ودور الأحزاب الديمقراطية. وبالرغم من أننا ورثنا تراكمات سلبية من مناخ سياسي كرس الإستبداد وقواعد انتخابية لا تتسم بالنزاهة. أعطتنا هاته التراكمات السلبيةُ اللاثقةَ  اللامشاركة واللاتسيس. وبتكريس المشاركة المجتمعية الفعالية المبنية على وعي مجتمعي حقيقي يمكن أن نبنى  ثقافة للانتقال الديمقراطي الحقيقي الذي نريده والذي تتطلع إليه مختلف فئات هذا المجتمع.  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
باحثة في علم الاجتماع
كلية الاداب والعلوم الانسانية
القنيطرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   
المدونة: توصلنا بهذه المساهمة عبر بريد المدونة، ونرحب بكل المساهمات

الجمعة، 11 أبريل 2008

ضيعات الخواص أشواك على جانب الطرقات وضعف المساهمة في التنمية المحلية


   ضيعات الخواص
أشواك على جانب الطرقات وضعف المساهمة في التنمية المحلية
تمر بعض الطرق بمنطقة الغرب قرب ضيعات تحيط بها أشواك، غير أن هذه الأشواك تطول وتكبر إلى أن تحتل كامل قارعة الممر الطرقي، بل تهجم أحيانا على جزء من الطريق المعبدة، وهو ما يعرقل حركة السير، خاصة لما تتلاقا عربتان أو أثناء التجاوز، وهو ما يحتم تدخل السلطات لدى أصحاب هذه الضيعات قصد قطع ما استطال من الأغصان المشوكة، رغم أن بعض أصحاب هذه الضيعات من ذوي النفوذ الذين لا يأبهون لما قد يضر بقية المواطنين، وكل تنبيه لهم قد يعتبرونه تنقيصا من " قيمتهم" وتدخلا في شؤونهم، ورغم ذلك يجب أن يكون القانون فوق الجميع.
نعرض نماذج من الأشواك التي تساهم في عرقلة السير، وأي جولة بالطرق الثانوية وغير المصنفة وبعض المعابر المؤدية للقرى المحادية لبعض الضيعات ستجعل كل مستطلع يكتشف ما ذكرناه بشكل ملفت.

dsc007

dsc007 

dsc007 
dsc010 
إن بعض ملاكي الضيعات في منطقة الغرب يقيمون في المدن الكبيرة كالرباط، ومنهم من يتوفر على مناصب، وهذه من معضلات ضعف تنمية منطقة الغرب عموما، فعائدات هذه الضيعات تحول إلى مدن ومناطق أخرى، وغالبا ما يستثمر في اقناء العقارات وأشياء اخرى قد لا توفر أي قيمة مضافة على الاقتصاد، علما أن ملاكي جل الضيعات يؤدون أجورا زهيدة للعمال ولا يحترمون حقوقهم، ولا يؤدون أي ضرائب وطنية أو محلية، والدولة تتكفل بإيصال التجهيزات إلى ضيعاتهم أو إلى مقربة منها، كما هو عليه الحال بالنسبة للطرق والكهرباء والتجهيزات الهيدرومائية بما فيها السدود… وذلك من المال العام، بدون أن تكون لهؤلاء الملاكين الكبار أية مساهمة في التنمية سواء المحلية أو الوطنية
بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية تَفْرض فيها بعض الولايات ضرائب على كبار الملاكين من أجل التنمية المحلية خاصة مساهمتهم لتمويل التعليم، عن طريق سن ضرائب لذلك.
 قد يقول بعض الملاكين انهم يساهمون ضرائبيا أثناء اقتناء مشترياتهم، وهو مبرر مردود عليه حيث أن الضريبة تؤدى عن الدخل المحصل عليه، فكيف يؤدي جميع المواطنين ضرائب مرتفعة تفوق أحيانا 40 في المائة من المدخول، بينما آخرون يربحون الملايين دون أن يؤدوا أي ضريبة، فعن أي عدالة ضريبية يمكن الحديث؟
لا نفهم ذلك سوى من استقراء الواقع السياسي للبلد، حيث اعتبر دائما الفلاحون الكبار أهم زبناء المخزن، بل منهم ومن أبنائهم كانت دائما تتشكل النخب المشاركة في الحكم، وبالتالي يحصلون على امتيازات من هذا الاعتبار، وهي الحالة التي لا يجب أن تستمر، لإحقاق العدالة بين كافة المواطنين، وتحصيل موارد للدولة حتى تفي بالتزماتها، ثم لتكون الضريبة حافزا على الانتاج وتحسين المردودية بالنسبة للأراضي الزراعية
                  مصطفى لمودن

الخميس، 10 أبريل 2008

تعيين مساعد المدير بالفرعيات المدرسية


 تعيين مساعد المدير بالفرعيات المدرسية
 
 
        من المنتظر أن يتم تعيين مساعد مدير بفرعية المجموعة المدرسية بالعالم القروي قبل نهاية شهر أبريل الحالي على الأرجح، حيث سيتوصل المعين الجديد/ مساعد المدير بقرار تعيينه من طرف النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، ولن يكون هذا المساعد الجديد سوى أستاذ أو أستاذة بنفس الفرعية التي يعمل بها.
     كان من المرتقب أن يتم اللجوء لهذه الصيغة منذ السنة المنصرمة، حيث أثيرت بشكل رسمي في عدد من المحطات، منها منتديات الإصلاح التربوي الرابعة التي تشرف عليها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والتي جرت ما بين 3 و7 أبريل 2007 (انظر تغطية لأحد هذه المنتديات بهذه المدونة)، وذلك لحل بعض المعضلات التي تتخبط فيها المؤسسات التعليمية بالعالم القروي، حيث يمكن اعتبار كل فرعية تعليمية وحدة متكاملة لكنها بعيدة عن المركزية حيث يوجد المدير، وهذا الأخير يصعب عليه تتبع كل ما يقع في بقية الفرعيات.
    حسب بعض الأصداء التي وصلتنا فقد برز تهافت من بعض الأساتذة في الفرعيات على اقتراح أنفسهم لتحمل هذه المهمة، رغم أن تحديد المهام غير واضح، ولم تصدر من أجله أية مذكرة أو مرسوم، والقانون الأساسي لموظفي التربية الوطنية لا يشير لهذا المعطى الجديد.
    ما يتم الحديث عنه بشكل شبه رسمي ما دام لم يظهر على الواقع، هو مقدار التعويض الذي سيحصل عليه مساعد المدير، الذي حدد في 400 درهم شهريا، وربما لهذا السبب أبدى البعض اهتمامه بنيل المنصب الجديد، دون أن يعرف أحد هل هو خاضع للضريبة وباقي الاقتطاعات. كما أن مساعد المدير لا يحق له بعد تعيينه تخفيض ساعات عمله التي تصل إلى 30 ساعة في الأسبوع، أو التفرغ لمهامه الجديدة.
   حسب مذكرة تنظيمية اطلعنا عليها أعطيت الصلاحيات للمدير قصد اختيار العنصر المناسب لينوب عنه في الفرعية التي تتعدى أقسامها الثلاثة، دون تحديد أي مواصفات، فقط أقدمية العمل لمدة سنة بالفرعية، وعدم التعرض لأي عقوبة تأديبية، وملء طلب من أجل ذلك، وإرساله للنيابة التي بدورها تخبر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وقسم الموارد البشرية بالوزارة.
   تعرف بعض الفرعيات تجربة مماثلة منذ مدة، لكن في علاقة بالمطعم المدرسي، حيث يتم تكليف مدرس حسب اختياره لتسيير المطعم المدرسي بالفرعية لمساعدة الطباخ (ة) مقابل الحصول على تعويض، رغم أن مثل هذه العملية غير معممة وغير منتشرة بشكل موسع تشمل جميع الفرعيات.
    لجوء المسؤولين عن قطاع التربية والتعليم لتعيين مساعد مدير بالفرعيات قد يحل بعض المشاكل ذات الطبيعة الإدارية الصرفة، لكنه غير مجد لفك واقع تدني المستوى التعليمي وضعف مردوديته، والتخفيف عن التلميذ من كثرة المواد والدروس التي لا طائل من ورائها على المستوى المعرفي أو السلوكي أو القيمي…، ومحاربة الهدر المدرسي وحث بقية الشركاء المحتملين على الانخراط في مساندة المدرسة كالجماعات المحلية مثلا، وتحسين فضاء المؤسسة التعليمية، والاهتمام بالأنشطة الموازية…  
     إن تحسين جودة التعليم وتعميمه يقتضي إجراءات عديدة مندمجة منها طبعا ما هو إداري، لكن لا يجب إغفال مراجعة المناهج والمقررات، توفير وإدماج التعليم الأولي ضمن التعليم الابتدائي، تحسين فضاء المؤسسة التعليمية وتوفير كافة المرافق الضرورية (بما فيها المراحيض غير المتوفرة للأسف) وتعيين حارس لها، منح المدرسين والمدرسات العاملين بالعالم القروي تعويضات تناسب حجم معاناتهم في عزلتهم أو تنقلاتهم اليومية، توفير الوسائل التعليمية…   
                    مصطفى لمودن   
 
 

       سجل بهذه المدونة رأيك في الموضوع

الثلاثاء، 8 أبريل 2008

ضعف آليات حماية المستهلك في المغرب الاهتمام الدولي بالموضوع


ضعف آليات حماية المستهلك في المغرب
 الاهتمام الدولي بالموضوع 
أجرى السيد عبد الرحيم الوالي بصفته ممثل وكالة الأنباء العالمية انتر بريس سيرفيس " أي بي سي" في الشرق الأوسط وشمال إفرقيا حوارات مع عدد من الفاعلين حول حماية المستهلك في المغرب، من ضمنهم مصطفى لمودن (المشرف على المدونة) وقد نشرت الوكالة خلاصة ذلك على موقعها بالانترنيت ٭ في الثالث من أبريل 2008. 
 
120761 ذ. عبد الرحيم الوالي
 وقد جاء ذلك إثر نشر موضوع " من يؤكد سلامة لعب الأطفال في المغرب" بهذه المدونة وبموقع " الحوار المتمدن"، حيث اثار ذلك اهتمام عد من الأوساط… 
    ننشر بالمدونة كل الحوار، وكذلك الموضوع المركب باللغة الإنجليزية بعد ذلك تعميما للفائدة.  
120761

———————— 
نص الحوار:  
 
1 ـ ما هي في نظركم أهم الآليات المتاحة حاليا لحماية المستهلك المغربي؟
 
في الحقيقة لا توجد أية آلية ناجعة لحماية المستهلك في المغرب، فرغم توفر بعض النصوص القانونية القليلة والغير محينة مع عدد من المستجدات، فإنها تبقى غير مفعّلة من طرف من يفترض فيهم السهر على ذلك، كما أنها مجهولة من طرف الجمهور، ولا يتم تداولها والإشارة إليها ليتطلع عليها المستهلك ويطالب باحترامها،  وتبقى بعض العادات الاستهلاكية في المجتمع المغربي شبه مطمئنة إلى الوضع الحالي، حيث لا يهتم البعض بالموضوع ولا يعتبره أولوية، ومنهم من له ثقة عمياء في جودة كل ما يطرح للاستهلاك، ولا أدل على ذلك من الرواج الملحوظ لمختلف السلع بما فيها المجهولة المصدر، سواء المهرب منها، أو الذي ينتج في ظروف سرية، ويمكنكم زيارة مختلف الأسواق لتلاحظوا ذلك، ومن أمثلة السلع على ما نقول  أنواع عديدة من السنون (صابون غسل الأسنان) لا يتوفر على اسم المنتج أو عنوانه، ونفس الشيء بالنسبة لقطع غيار السيارات المتواجدة بالسووق…إلخ
 وفي نفس سياق السؤال، فهناك آليات رسمية متعددة لمراقبة السلع المستهلكة، غير أن هذا التنوع من يعتبره نقطة ضعف، حيث أن الجهود توزع بين عدد من المصالح، وبعضها يعول على بعض، وبعضها يحمل مسؤولية أي خلل وقع للبعض الآخر، فهناك مصالح تابعة لوزارة الفلاحة تتحمل مسؤولية المراقبة، وأخرى تابعة لوزارة الصناعة والتجارة، وأخرى للتجهيز، وأخرى لوزارة الداخلية تتكلف بها العمالات في محل اختصاص ترابها، كما أن هناك مصالح تابعة للجماعات المحلية فيما يسمى بالمكتب الصحي، وأخرى للجمارك، ولا يفوتنا الحديث في هذا الموضوع دون الإشارة إلى إدارة " الحسبة" وهي شأن تقليدي موغل في القدم كانت له نجاعته فيما سبق من قرون خاصة من حيث تنظيم الحرف، وقد تم الرجوع إليه في بداية ثمانينات القرن الماضي عندما اشتد أوار الأسعار حينذاك وما خلفه من احتجاجات…،غير أن هذا الجهاز اعتبره الآن عالة على الميزانية العامة فقط.
    لكن كل هذه المصالح "المختصة" لا أعتقد أنه لها النجاعة الكافية لحماية المستهلك، ومراقبة كل ما يروج وما ينتج، فهل لها كلها القدرة العلمية والتكنولوجية والبشرية المؤهلة  لمراقبة خلو المواد الغذائية من كل ما هو معدل وراثيا مثلا؟ هل تستطيع مراقبة كل المصانع الظاهر منها والخفي، وكل الموانئ ومناطق العبور؟
2 ـ أثرتم في مقال سابق لكم موضوع حماية المستهلك على مستوى لعب الأطفال. كيف تلخصون هذا المشكل للقراء؟  
   فعلا سبق أن أثرت الموضوع في وقت تشتغل فيه وسائل الإعلام بما هو سياسي وما هو مثير للقارئ وما يصدر عن ملتبسات اليومي والمعيشي، باستثناء بعض المنابر طبعا، دون الالتفات لما هو خطير كذلك على مستوى الصحة العامة، ومختلف التأثيرات السلبية المترتبة عنه من خسائر صحية واقتصادية… وقد سبق أن ذكرت بعض الأخبار العابرة ـ التي لا يتم الانتباه لها بما يكفي ـ  رفض السلطات الصحية بأمريكا وإيطاليا لكمية هائلة من لعب الأطفال المستوردة والتي تحمل سموما بين المواد المصنعة بها، وهذه الدول تتوفر بطبيعة الحال على الإمكانيات التقنية لاكتشاف كل المخاطر، فمابالنا بالدول المتخلفة… وقد أثار الموضوع عدة اهتمامات حيث أعاد نشره عدد من المواقع الإلكترونية وعلى الأقل جريدة وطنية في المغرب حسب علمي، ثم بعد ذلك تحدثت عن هذا الموضوع القناة الثانية المغربية في إحدى نشراتها الإخبارية، وأكد أحد المختصين الكيميائيين حمْل تلك اللعب لسموم، دون أن نطّلع على رأي السلطات المختصة.
 في موضوع الطفولة كذلك أستغل الفرصة لأعيد من جديد طرح مشكل تواجد مادة" لاميانط"(amiante) السامة في عدد من الحجرات التعليمية بالمغرب، خاصة فيما يسمى البناء المفكك، الذي تم اللجوء إليه بشكل واسع منذ بداية ثمانينات القرن الماضي كحل لتوسيع التمدرس، كما أن عددا من الحجرات قد تجاوزت عمرها الافتراضي وما زالت تنفث سمومها في الأطفال والمدرسين إلى الآن.

3 ـ حتى الآن، و على مدى عشر سنوات، ظل إصدار قانون لحماية المستهلك المغربي يتعثر. ما هي في نظركم أسباب ذلك؟  
 
 ليس المشكل في المغرب هو إصدار قانون من عدمه، ولكن المشكل هو ما مدى إحاطة هذا القانون بمختلف أبعاد المشكل، ثم القدرة على توفير كل آليات تطبيقه، كما سبق أن أشرنا إليه أعلاه، ثم إن أي قانون تكون دائما هناك حاجة موضوعية لإصداره، فقد جرى العرف في المغرب أن القوانين لا تكون استباقية، تحمل في طياتها جانب الوقاية ومعالجة المشاكل قبل تفاقمها، بل تأتي للنظر في مشاكل قائمة من حيث تنظيمها أو زجرها…أو تأتي تلبية لرغبة من طرف جهات لها قوة أو مارست ضغوطا.
    وجوابا عن سؤالكم بشكل مباشر نعتقد أن لذلك ثلاث أوجه، الأول عدم توضُّح الرؤية بعدُ لطرح مثل هذا القانون، ورغبة السلطات في عدم تعقيد مسألة تزويد السوق بما يوجد من سلع مطروحة سواء في الداخل أو الخارج خاصة مع تفاقم الأسعار والندرة المتزايدة لبعض المواد التي سيرتفع عليها الطلب كالحبوب وزيت المائدة مثلا، وأخيرا قوة اللوبي الذي يتكفل بالمنتوجات المصنعة من حيث الإنتاج والتسويق.،وهؤلاء المكونون لهذا اللوبي وحدهم يوجدون في المجال دون أن تكون هناك قوة تحدث التوازن خاصة من جهة المستهلكين والمنتخبين والسياسيين عموما.
4 ـ ما هي آثار و تداعيات غياب قانون لحماية المستهلك على المستوى الاجتماعي و الصحي و الاقتصادي؟  
 
 أؤكد بأن القانون وحده لا يكفي في مثل هذه القضايا كما قلت، لأننا ببساطة لم نصل بعد إلى مستوى المجتمعات التي تتحرك وتتفاعل حسب القوانين الجاري بها العمل في كل شيء كالمجتمعات السكندنافية مثلا.
   ما نحتاجه هو الإرادة المجتمعية عامة، في مقابل الإرادة السياسية التي يتم إرجاع كل شيء لها، وفي غياب ذلك، ومع قرب حصول تطبيقات اتفاقيات التبادل الحر على الصعيد الدولي بالتدريج انطلاقا من 2010، علينا أن ننتظر بروز مشاكل صحية من نوع جديد تمس الأجنة في بطون أمهاتهم، فيقع تعدد في الإجهاض الذاتي المبكر، ظهور مشاكل جينية تؤثر على النمو السليم للجسم، فتمس الأدمغة، وتتزايد نسبة المختلين عقليا أو من يعرفون قصورا في استيعاب مقررات التعليم، ناهيك عن التشوهات الجسدية، وبقية الأمراض كالسرطان بمختلف أنواعه، وبقية الأمراض المعدية الأخرى التي بدأنا نسمع بعودتها مهددة سلامة البشرية، وكل هذا مكلف جدا على الصعيد الاجتماعي والنفسي والصحي والاقتصادي…
    وستعرف الشركات الوطنية صعوبة في تصريف منتجاتها ومنافسة الشركات الأجنبية التي تعتمد أساليب الغش " المتقدم" المعتمد على تكنولوجية غير سليمة ومضرة، وهو ما سيضر كذلك بمجال توفير الشغل والقدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي الدخول في دائرة البحث عن السلع الرخيصة غير المراقبة وغير المتوفرة على الجودة اللازمة…
5 ـ ما هي اقتراحاتكم في مجال حماية المستهلك المغربي؟  
    على الجميع أن يعي بأن صحة المواطنين ليس لها ثمن، فهي في المقام الثاني بعد تعليمهم وتثقيفهم وتكوينهم، والصحة تدخل في أي معادلة تروم التنمية والاستقرار، ويضاف لها الآن بالضرورية كل أشكال المنافسة القائمة بين جهات الأرض حول الوجود المهدِد لكل من تهاون واستهان بالحروب الباردة التي ستدور حول الإنتاجية والمنافسة، ولا نقصد بالإنتاجية السلع والخدمات فقط، بل كذلك أسلوب الحياة والتقنية…لأنه بذلك فقط يمكن أن تباع السلع والمنتجات… وهو ما يمكن تسميته بالصراع الحضاري من غير حروب تقليدية، ومن شروط القيام بذلك أو على الأقل المقاومة التوفر على الشعب المتعلم والسليم صحيا.
 ليس بالضرورة أن تسعى السلطات لتوفير ما يحتاجه المواطنون من غذاء وغيره كيفما كانت هذه السلع، وتقتني الأرخص منها من الأسواق الدولية، نعرف أن ذلك يتم عبر القطاع الخاص بواسطة الاستيراد والتصدير الحر، غير أن المسؤولية لا تسقط على الحكومة أبدا.
 ولا نغفل كما سبق أن طرح الدور التشريعي في إحاطة الموضوع بالقوانين المناسبة، وذلك بعد الاستماع لمختلف الأطراف، وليس للوبيات الاقتصاد فقط.
 فتح نقاش مستمر حول الموضوع عبر وسائل الإعلام بما فيها الرسمي الممول من طرف الشعب، إدخال ثقافة الحذر مما يستهلك والدفاع عن سلامته وجودته إلى مقررات التربية والتعليم، مساندة جمعيات المجتمع المدني التي تدافع عن المستهلكين، وذلك بتخصيص جزء من عائدات أرباح السلع والخدمات لصاح الجمعيات الجادة بشروط منها الحفاظ على تنوعها وديمقراطيتها وانفتاحها، وذلك حتى يتسنى لها القيام بكل مهامها، من ذلك رفع دعاوي ضد كل مخالفين لشروط الصحة والسلامة، إنجاز دراسات واختبارات…
6 ـ كيف ترون عمل جمعيات حماية المستهلك في المغرب؟
أكاد لا أسمع عن هذه الجمعيات، سوى من خلال بعض الندوات التلفزية وبعض وسائل الإعلام الأخرى حيث يبدي البعض وجهة نظره باسم جمعية معينة، أما ما يتعدى ذلك إلى أشياء أخرى، كالحق في الاطلاع على نتائج المختبرات التي يقال أنها تفحص بعض السلع، أو إجراء تقييم علني ودوري للسلع والخدمات ونشر ذلك على العموم، أو إجراء دراسات وتحاليل على ما تتزاحم به الأسواق من منتجات… مثل هذا لا وجود له.
   في هذا الصدد كذلك يجب الاحتياط من تحويل بعض هذه الجمعيات إلى مساند لبعض المنتجين وضد البعض الآخر حسب الأهواء وما يتم تحصيله من منح علنية أو سرية.
    إن فضاء الديمقراطية الحق، هو الكفيل وحده بانتعاش كل هيئات المجتمع المدني الناشطة في مختلف المجالات، بما فيها الدفاع عن المستهلك، مع ضرورة توفير الشروط المادية طبعا. 
 
 
  120761
———————-
       المادة المنشورة بالانجليزية:
 
 120761
 
 By Abderrahim El Ouali
 
_____________________
 

الرابط الالكتروني الذي ضمنه نشرت المادة الصحفية: 

 


 

موقع انتر بريس سرفيس: ٭



 



 

———————————–

 

MOROCCO:Consumers Unprotected, Activists Disarmed

 
  120761
 
CASABLANCA, Apr 3 (IPS) - NGOs are stepping in to support consumers in the absence of a law to protect them.
Twenty-five associations now work in the field of consumers’ protection, according to the Tanmia (Development) independent group. Six months ago the Consumer Protection Association in Oujda (CPAO), a city 635 km east of Casablanca, with a population of nearly a million, opened a centre Le Guichet du Consommateur to deal with complaints from consumers.
The office has so far handled 180 cases, according to Moroccan daily al-Ahdath al-Maghribia. The centre also provides consumers with necessary information and advice.
"But associations could do more if there were a modern law to protect consumers," Mohamed Abou Lifida, president of the Consumer Protection Association in Berrechid (CPAB), 32 km east of Casablanca told IPS.
A consumer protection bill has been pending since 1998 "and even revised several times in a way that would not allow enough protection for consumers," he said.
"In the absence of law, other means to protect consumers remain inefficient," Mohamed Yasser Gmira, member of the Moroccan Human Rights Association (AMDH) told IPS.
This is believed to limit the action that consumer protection associations can take, "and explains why most of them focus on communication with consumers rather than effective measures to protect them," Gmira says.
As the law stands, associations cannot complain against practices. That is for consumers to do – and they are not given the rights to. "There is a political push to stop the bill because it is against the interests of economic lobbies," Gmira said.
In the absence of law, some leaders are calling on people to do more. Protecting consumers is "everyone’s responsibility", Mostafa Lamodene, a writer and AMDH member campaigning against fraud over quality, told IPS. Lamodene, who campaigns through the web and local newspapers, says "law alone cannot be enough" and that "more engagement from the entire society is needed."
Morocco also lacks the technological tools to protect consumers. An example, Lamodene said, are some imported toys that contain toxic materials. "Some of these toys are not authorised for sale in the U.S. and Italy," Lamodene said, "because they have the necessary technological tools to discover what they really contain."
In Morocco, he said, "the matter has been raised on many websites, and by a daily local newspaper, and later by the state-controlled TV channel ‘2 M’. Specialists confirmed on TV that the toys contain toxic materials, but we did not hear about any measures on the part of authorities."
In the 1980s, the Moroccan government built makeshift schools using asbestos. "That kind of building has a limited useful life after which it becomes dangerous for health," Lamodene said. "We now expect related health problems with pregnant women and new-born children especially."
The lack of a consumer protection law hits citizens’ health, and also their pockets.
Samir Jaafari, president of the Moroccan Confederation of Consumers Associations (MCCA), says the absence of law has a direct impact on the quality and price of bank services. "These are similar in form and content and do not allow the consumer to put pressure on banks on a competitive basis," Jaafari told journalists.
A bill to protect bank services consumers was introduced to the general secretary of the government Nov. 29 last year. The bill is intended to protect consumers from illegal practices by bankers.
It will especially "allow consumers to benefit from a general protection and to get information from banks in full transparency," Jaafari said. There have been many complaints over lack of transparency in banks over accounts management fees and deductions on money transfers, Jaafari said.
But nobody knows how long this bill will go into limbo. Bills introduced by the government and the parliament must first be approved by the general secretary of the government. (END/2008
)