الاثنين، 28 مايو 2012

رشيد نيني في أول مقال له بعد خروجه من السجن: فترة من الراحة والتأمل أصبحت تفرض نفسها علي بإلحاح


 رشيد نيني في أول مقال له بعد خروجه من السجن:
 فترة من الراحة والتأمل أصبحت تفرض نفسها علي بإلحاح
 

رشيد نيني، محمد العوني، العربي المساري أثناء استقبال نيني المنظم من طرف "منظمة حريات الاعلام
والتعبير" بالرباط.
لعل السؤال الذي يطرحه كثيرون هو متى سأعود إلى كتابة عمود "شوف تشوف" في الصفحة الأخيرة من "المساء". سأجيب على هذا السؤال بسرعة حتى لا يطول التشويق بالنسبة للبعض، و"التشويك" بالنسبة للبعض الآخر.
قبل حوالي خمس سنوات، وضعت وصل إيداع تأسيس جريدة المساء لدى وكيل الملك. وبعد صدور الحكم النهائي في حقي بالحبس سنة نافذة قدمت استقالتي من إدارة تحرير "المساء"، تفاديا لاحتمال إغلاقها بحكم وجود مدير نشرها قيد الاعتقال. واليوم وبعد قضائي عقوبتي الحبسية كاملة، وهذه أول مرة يحدث فيها أن يقضي صحافي في المغرب عقوبته الحبسية كاملة، أعتقد أن فترة من الراحة والتأمل أصبحت تفرض نفسها علي بإلحاح. خصوصا أنه لم تعد لي علاقة مهنية بمؤسسة "المساء"، والتي أتمنى لها الاستمرارية والتألق والنجاح.
داخل زنزانتي الانفرادية، وبين عملية اغتيال صرصار وآخر، فكرت طويلا في قرار العودة إلى الصفحة الأخيرة من "المساء" لكتابة العمود الشهير، الذي بسببه أوجد في زنزانة رطبة أترصد جحافل الصراصير والعناكب وبقية الحشرات التي تقتحم علي عزلتي المحروسة والمراقبة على مدار اليوم والليلة.
وبعد تفكير طويل، وبعدما تعلمت التعايش مع الحشرات، الضارة منها والنافعة، (هذا لأن هناك حشرات نافعة للإنسان أكثر أحيانا مما يستطيع البشر أن يكون)، فهمت أخيرا عمق تلك الجملة التي تركها الكاتب الروسي الكبير "تولستوي" عندما قال ذات يوم "لا يجب أن تكتب إلا في اللحظة التي تشعر فيها أنك عندما تغطس ريشتك في المحبرة تترك طرفا من لحمك داخلها".
طبعا لا يجب أن ننسى ونحن نستحضر العظيم "تولستوي" ما قاله العبقري "بريخت" في إحدى قصائده عندما كتب "إنهم لن يقولوا كانت الأزمنة رديئة، وإنما سيقولون لماذا صمت الشعراء".
وطيلة كل هذا الوقت الذي قضيته في تأمل هذا البيت الشعري العميق الذي يتهم الشعراء باقتراف الصمت خلال الأزمنة الرديئة، ويشهد الله أن زمننا لا يقل رداءة عن الزمن الذي تحدث عنه "بريخت"، لم أعثر على تعليق أبلغ من ذلك الذي كتبه الروائي والمثقف الكبير الراحل عبد الرحمن منيف عندما قال "نعم سيسألون لماذا صمت الشعراء، ولماذا غاب المثقفون، ولماذا امتلأ الوطن بهذا المقدار الهائل من الصمت والسواد… إلا إذا تكلم المثقفون، وقالوا بصدق ما يجب أن يقال، عندئذ سيتغير السؤال".
أن تكتب لكي تقول ما يجب أن يقال، لا ما يحب البعض أن يسمع، هو ما قصده تحديدا "تولستوي" عندما تحدث عن ترك لحمك في المحبرة في كل مرة تغطس فيها ريشتك لكي تكتب.
هذا النوع من الكتابة في المغرب يقود صاحبها إلى ثلاث محطات، إما الصمت أو النفي الذاتي أو السجن. وهذا الأخير جربته في أسوأ صوره وأكثرها تعبيرا عن الحقد والضغينة. وفي غياب قانون يحمي حق الصحافي في الحصول على الخبر وحقه في حماية مصادره، وفي ظل قضاء فاسد وغير مستقل، يبقى "اقتراف" هذا النوع من الكتابة تحريضا لكل أعداء الكلمة الحرة على الأقلام التي ترفض الركوع والخنوع.
وإذا كان "جان جونيه"، دفين العرائش، قد علمنا أنه "ليس على الكاتب أن يطلب إذنا من أحد كي يكتب"، فإن أسد الريف المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي قد علمنا أنه "ليس في قضية الحرية حل وسط"، فإما أن نكتب بحرية، أي أن نقول ما يجب أن يقال، وإما أن نختار فضيلة الصمت.
سيقول قائل إنني عندما أنحاز لفضيلة الصمت، في الظروف الحالية، فإنما أعلن هزيمتي. ليس هناك من جواب أنسب لاتهام مماثل أعمق مما قاله الأمير الخطابي "ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة، بل هناك شيء اسمه الواجب، وأنا قمت به قدر استطاعتي". 
إن أحد أكبر أسباب تخلفنا وتراجعنا عالميا في سلم الحريات هو تراجع إحساسنا جميعا بالمسؤولية. ومرة أخرى نستحضر ما قاله الأمير الخطابي بهذا الصدد عندما كتب أن "عدم الإحساس بالمسؤولية هو السبب في الفشل، فكل واحد ينتظر أن يبدأ غيره".
ولعل أحسن من فهم عمق هذه المقولة النيرة هو الكاتب الكبير عبد الرحمان منيف الذي قال، وكأنما كان يقرأ في ذهن الأمير الريفي الثائر، "الرداءة هي حالة وليست طبيعة، وهي تحديات وصعوبات وليست قدرا، وبرغم الكثير من المرارة والسواد والتشاؤم أحيانا، فإن هناك نورا في نهاية الدهليز. قد لا أستطيع الوصول إليه أنا، ولكن المطلوب هو الوصول إليه، والجميع معنيون".
في مقابل صمت الجبناء والمنافقين والمداهنين، وصمت العملاء، وصمت المأجورين، وصمت حملة المسدسات الكاتمة للصوت الذين يطلقون رصاص غدرهم في الظهر، هناك صمت المحارب الجريح الذي يستريح فوق الربوة حيث يلعق جراحه ويلملم شظاياه بانتظار أن يعود إليه فرسه الذي فرقت بينه وبين صهوته النصال وسهام الغدر وسط غبار المعركة.
البعض يعتقد أن روح هذا المحارب المثخن بالجراح ماتت، لكن، وكما قالت الشاعرة الروسية "أنا أخماتوفا" لبوليس ستالين، "أنا مفعمة بالحياة داخل هذا التابوت"، يقول بدوره المحارب الجريح لبوليس الكلمة الحرة أن صوته سيظل مجلجلا رغم الصمت. فأحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلام، خصوصا إذا عثر على أذان تصيخ السمع لوعود الربيع الذي وإن داسوا زهوره بأحذيتهم الثقيلة فإنه لا محالة آت.
لن تفوتني الفرصة في هذه العجالة أن أتقدم بشكري وامتناني لكل من رفع صوته في شارع أو ساحة أو محفل وطني أو دولي، أو رفع قلمه في صحيفة أو يافطة، أو رفع كفيه بدعاء في صلاة وآزرني في محنتي مستنكرا هذا الظلم المنكر الذي لحقني. شكرا من القلب.
وقد بحثت طويلا عن شيء أختم به الإعلان عن هذه الاستراحة، التي أعتبرها مستحقة بعد خمس سنوات متواصلة من الكتابة اليومية وسنة من الحبس الانفرادي والعزلة المحروسة، فلم أعثر على شيء أحسن من هذا الدعاء الذي كتبه القاضي أبي علي التنوخي، الذي عاش في عراق القرن الثالث الهجري، بسبب محنة لحقته، فقال مبتهلا "لا أحوجك الله إلى اقتضاء ثمن معروف أسديته، ولا ألجأك إلى قبض عوض عن جميل أوليته، ولا جعل يدك السفلى لمن كانت عليه هي العليا، وأعاذك من عز مفقود وعيش مجهود، وأحياك ما كانت الحياة أجمل بك، وتوفاك إذا كانت الوفاة أصلح لك، وختم بالحسنى عملك، وبلغك في الأولى أملك، وأحسن في الأخرى منقلبك، إنه سميع مجيب، جواد قريب".
دعونا نفترق على دعاء رفع المحنة هذا بانتظار أن تنفرج الأجواء لنلتقي مجددا فتصبح المحنة مجرد ذكرى لاستخلاص الدروس والعبر.
شكرا لمحبتكم، ودمتم أوفياء للكلمة الحرة رغم الكمامات، أوفياء لشارة النصر رغم الأصفاد.
افتتاحية صحيفة "المساء" عدد الاثنين 28 ماي 2012

الأحد، 27 مايو 2012

إطلالة على المشهد الحقوقي بوزان


               إطلالة على المشهد الحقوقي بوزان

 
 محمد حمضي
لا اهتمام هذه الأيام يشغل بال الرأي العام العالمي وضمنه المغربي، غير الصورة التي رسمتها التقارير التي حملتها معها مختلف الوفود الرسمية والمدنية إلى جنيف حيث يقرأ مجلس حقوق الإنسان الأممي أوضاع حقوق الإنسان بكل بلد، ومدى التزام هذا البلد أو ذاك بمختلف المواثيق الدولية المؤطرة لهذه الحقوق والحامية لها.
  في هذا السياق ارتأينا وضع هذا التقرير المتواضع حول حالة حقوق الإنسان بإقليم وزان في الفترة الأخيرة، معتمدين في ذلك على المتابعة والرصد والاستماع إلى مجموعة من الفاعلين الحقيقيين في هذا الحقل، وإلى مواطنين يدعون بأن حقوقهم قد انتهكت. وتجب الإشارة بأن هذا العمل من المفروض أن ينجزه الإطار الحقوقي الموجود بالمدينة منذ أزيد من 20 سنة، قبل أن تعتدي على حضوره النضالي ممارسات لا تمت لحقوق الإنسان بصلة.
  فكيف هو حال مختلف أجيال حقوق الإنسان بالإقليم؟ ذاك ما سنتعرف عليه في هذه الجولة.
  الحقوق المدنية والسياسية
     استفحال ظاهرة شراء أصوات المواطنين والمواطنات بمناسبة الانتخابات التشريعية الأخيرة وممارسة الجهاز الإداري الحياد السلبي.
     - الاستمرار في استغلال الأطفال في حملة الانتخابات التشريعية.
     - انتهاك حرية الرأي والتظاهر، وذلك بالاستنطاق والاستماع لبعض نشطاء حركة 20 فبراير بمناسبة حملة الاستفتاء على الدستور.
 عدم احترام رجال السلطة لقانون الحريات العامة بتعطيلها أو حرمانها لجمعيات المجتمع المدني من الوصلين المؤقت والنهائي مع إثقال عاتقها بوثائق غير منصوص عليها.    
- استفحال ظاهرة الرشوة في جل المؤسسات العمومية.
     - غياب الأمن في أكثر من مناسبة بالوسطين الحضري والقروي، ترتب عنه استفحال السرقة والجريمة بكل أنواعها، واعتراض سبيل المواطنين والمواطنات في الفضاء العام.
   - معاناة السجناء ( الاكتظاظ… ) رغم المجهودات المبذولة في الشهور الأخيرة.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
   - استمرار الاحتكار بسوق الجملة، وسوق السمك، والنتيجة ارتفاع خيالي للأسعار في إقليم مصنف ضمن الأقاليم التي تخترقها الهشاشة الاجتماعية.
   - التلاعب في حصيص الإقليم من الدقيق المدعم.
   - معاناة المواطنين بالأحياء العليا من الانقطاعات المتكررة ولفترات طويلة للماء الشروب، واستفحال هذه المعاناة بجماعة سيدي رضوان مع تسجيل تلوث الماء بهذه الأخيرة.
   - التمادي في السطو على الأراضي الجماعية ( قرية الزواقين…)
    انتهاك حقوق المواطنين في الصحة وذلك بتسجيل خصاص مهول في الأطر الطبية في مختلف التخصصات، والتجهيزات الأساسية، واستفحال الرشوة بدواليب المستشفى الإقليمي وبعض المراكز الصحية، وعدم تشغيل بعض المستوصفات الصحية بالإقليم، واستمرار إغلاقها في وجه المواطنين، بسبب سوء توزيع الموارد البشرية ( مستوصف دوار الجحرة بجماعة زومي…)
  - تدهور فضيع في البنية التحتية لمدينة وزان، خاصة التدهور الذي لحق الطرق والإنارة العمومية ( الحالة المتردية لحي النهضة…)، والصرف الصحي، والساحات العمومية (الاستقلال، 3 مارس، حديقة للأمينة…). نفس التدهور يطال مراكز الجماعات القروية (زومي، سيدي رضوان، مقريصات، عين دريج…)        
 -  الاستمرار في انتهاك الحق في التعليم، وذلك بتقديم عرض تعليمي ضعيف ولا يضمن تكافؤ الفرص بين كل تلاميذ الإقليم ( منح قليلة مقارنة مع عدد مستحقيها، أقسام داخلية محدودة الطاقة الاستيعابية ورديئة الخدمات المقدمة، نقل مدرسي محدود جدا وغير مجدي، مؤسسات تعليمية كثيرة تعوزها شروط المؤسسة التعليمية النموذجية، اختراق المخدرات محيط المؤسسات التعليمية، استفحال ظاهرة الهذر المدرسي في صفوف النوع الاجتماعي، سوء توزيع الموارد البشرية مما يحرم مآت التلاميذ من الدراسة لشهور عدة…)
 - تشغيل غالبية مستخدمي المقاهي، والمطاعم، وحراس ومنظفي ومنظفات  المرافق العمومية والشبه عمومية والخاصة بأجور دون الحد الأدنى المنصوص عليه قانونيا، وحرمانهم من التسجيل بالضمان الاجتماعي، ومن الحصول على ورقة الأجرة، والتعويضات العائلية، والعطلة السنوية…)
  - توسع رقعة العطالة في أوساط الشباب حامل الشهادات الجامعية و المهنية، وانسداد كل الآفاق في وجهه مما يعتبر خرقا سافرا للحق في الشغل الحافظ للكرامة الذي تضمنه المواثيق الدولية والقوانين الوطنية (الدستور).
  - تشغيل الأطفال الذكور في المقاهي وورشات الصناعة التقليدية ، والبنات خادمات بالبيوت…
 - استمرار لوبيات العقار في مصادرة حق المواطنين في السكن بفرضها شروطا غير قانونية عليهم (المطالبة بالنوار).
  - غياب شبه تام لمراقبة المواد والسلع المروجة بأسواق ومتاجر الإقليم، والاكتفاء بحملات موسمية تتخللها ممارسات غير قانونية، مما يضع صحة المواطنين عرضة للتسمم.
 * الحقوق الفئوية 
    تعطيل حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة ( غياب الولوجيات، لغة الإشارة…)
    - تسجيل حالات الاعتداءات الجنسية على القاصرين.
    - انتهاك حقوق النساء السلاليات (جماعة مصمودة) مما يعتبر خرقا سافرا لمبدئي المساواة والمناصفة اللذين جاء بهما دستور فاتح يوليوز 2011.
    - غياب أندية وفضاءات خاصة بالمتقاعدين.
    - عدم توفر الإقليم على دور للرعاية الاجتماعية لحماية الأطفال المتخلى عنهم، والأمهات العازبات، والأيتام، وتسجيل تراجع مهول في الخدمات المتنوعة المقدمة لنزلاء دور الطالب والطالبة، والخيرية الاسلامية بوزان.
   - الاستمرار في إغلاق أبواب المسبح البلدي في وجه الساكنة، وخصوصا الأطفال والشباب، وتعطيل تأهيل حديقة الأطفال، والقاعة المغطاة، ونادي الموسيقى…
* الحق في البيئة السليمة
  -   - تدني خدمات شركة النظافة، وغياب مطرح عمومي للنفايات بالمواصفات والمعايير المطلوبة مما يسبب في تلويث المدينة.
   تمادي أصحاب وحدات إنتاج زيت الزيتون ضدا على القانون، تعريض البيئة للتلويث، وذلك بصرف نفايات هذه الوحدات (المرجان) في المجاري المائية لتقضي على الأشجار والبهيمة…
  - مصادرة حق المواطنين في التمتع بخدمات الحدائق العمومية بعد الردم الذي لحق الموجود منها على قلته بمناسبة تنزيل برنامج التأهيل الحضري للمدينة.
  أملنا أن تنتبه كل الجهات إلى هذه الوضعية، وتتدخل حسب الاختصاصات الموكولة إليها، من أجل حماية حقوق المواطنين والمواطنات، والنهوض بهذه الحقوق وتجويدها بما يعلي شأن المواطن، ويساهم في مزيد من التراكم الإيجابي في هذا المجال، مما يحسن صورة بلادنا بمختلف المحافل.

السبت، 26 مايو 2012

عربون كساد


 عربون كساد
 
مصطفى لمودن
قضيت غرضا بكشك والتحقت بمقهى مجاور، أخذت مقعدا، وجلست أتابع بدوري مباراة في كرة القدم بين المنتخبين المغربي والسينغالي التي جرت بمراكش مساء يوم الجمعة 25 ماي..غير العادي ليست نتيجة المباراة، ولا الأجر الخيالي وغير المبرر للمدرب.. إنه ما وقع بالمقهى.. حين انتهى الشوط الأول بهزيمة المنتخب المغربي بواحد لصفر.. وأثناء الاستراحة بين الشوطين، طالب البعض بمشاهدة مباراة كروية أخرى خارج الحدود، ولكنها داخل القلوب.. إنها نهاية كأس الملك في إسبانيا، والتي جرت بين فريق برشلونة وأتلتيك بلباو في مدريد، تابع الجميع المقابلة بحماس.. وظلت الكرة تجول في الملعب بسرعة هائلة، كل عطور فرجة كروية متوفرة، لاعبون في المستوى، ملعب أنيق غاص بالمتفرجين، نقل تلفزي أنيق.. ونسي الجميع المقابلة الأخرى، لا أحد تساءل عنها.. آلمني الوضع، كيف تحولت القلوب والعقول إلى الضفة الأخرى؟
كل صغير وكبير يتابع الدوري الاسباني بلهفة وشغف.. أعداد غفيرة تقصد المقاهي، وتتفاعل بشكل مباشر مع المقابلات كأنها داخل الملعب، تتصايح، تشجع، تنادي اللاعبين بأسمائهم، وتحث هذا وتستفز الآخر من وراء شاشة تبعد عن الميدان الحقيقي بمآت الكيلومترات ومن وراء البحر! كل أسبوع يعقد الشباب سمفونيات بالشوارع وهم يتناغمون بالصياح والتشجيع والتنكيت والشماتة حتى في "خصومهم" الكرويين عقب كل مقابلة..
حينما انتهى الشوط الأول من مباراة كأس ملك إسبانيا، غير صاحب المقهى القناة، وعاد "للرياضية" المغربية، كانت الدقيقة 86، تأسف البعض على النتيجة، ومنهم من قال إنها كانت منتظرة.. هكذا يحس الناس ب"الهزيمة" قبل بداية "المواجهة"، رغم توفر كل المتطلبات، ملعب مراكش في المستوى اللائق على حساب مالية الشعب طبعا، ولا ضير في ذلك، فهو مكسب للجميع، مدرب في رصيده الملايير من عائدات راتبه إذا جمعنا ما يحصل عليه خلال بضعة شهور فقط، لاعبون يحصلون على كل ما ينتظرون وأكثر، ومن له ما ينفي هذا يعلنه، فلماذا هذه "المهازل" التي تكرر نفسها باستمرار؟ لقد انهزم فريقنا الوطني في عقر داره أمام السينغال بهدف لصفر، وهو يستعد للاقصائيات المؤدية لكأس العالم في البرازيل ضد غامبيا والكوت ديفوار.. 
فضل جمهور المقهى مقابلة إسبانبا لأنها تضمن الفرجة، كما أن قلوبهم الكروية قد مالت منذ زمن غير يسير إلى ما يجري في الجارة الإبيرية، ولهذا الأمر ألف معنى ودلالة وعبرة وتبعات ونتائج لا يجهلها إلا أعمى أو ناكر للحائق الواضحة.
إن مقابلة في كرة القدم تشبه أكلة، إما أن تكون معدة بشكل لائق، وهنا تتدخل عدة أطراف في ذلك وليس الطباخين فقط، أو تكون طبقا فاسدا لا يصلح لشيء، بل ضرره أكثر من نفعه، وقد يكون ذلك من مسببات العنف الذي بدأ يستشري في الملاعب المغربية.
والرياضة ليست تسلية أو ملهاة، بل علما وصناعة واستراتيجية وديبوماسية ومرآة للشعوب..
———–
انتهى الشوط الأول في اسبانيا لصالح البارصا ب 3 لصفر.. غادرت المقهى قبل بنهاية المقابلة.

الخميس، 24 مايو 2012

مبادرات ومكاسب ملموسة للجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة


 مبادرات ومكاسب ملموسة للجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة
 
     محمد حمضي
 علمت الجريدة بأن وفدا برئاسة السيدة سلمى الطود رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة قد عقد يوم 14 ماي الجاري لقاء مع السيد والي جهة طنجة .
  اللقاء، وكما جاء على لسان رئيسة اللجنة الجهوية في كلمتها عند افتتاح  الاجتماع الذي احتضن أشغاله المعهد الوطني للعمل الاجتماعي يومي السبت والأحد 19 و 20 ماي، كان مثمرا للغاية .
  فبعد أن قدمت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لمحة عن اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان كما حددها الظهير الشريف 1.11.19، وعن آلياته الجهوية التي تعتبر لجنة جهة طنجة واحدة منها، وبعد عرضها لمختلف الأنشطة التي قامت بها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة منذ تنصيب أعضائها بتاريخ ثاني فبراير الأخير، بسطت بعد ذلك أمام المسؤول عن الإدارة الترابية الجهوية الظروف التي تشتغل فيها اللجنة بكل إكراهاتها وصعوباتها التي لن تحد من عزيمة أعضاء اللجنة من أجل حماية حقوق الإنسان والنهوض بها على مستوى جهة طنجة .
  السيد الوالي عبر عن رغبته ورغبة إدارته في التعاون مع اللجنة الجهوية بما يرتقي بحقوق الإنسان على مستوى هذه الجهة. ولتجسيد هذه الإرادة على أرض الواقع، قرر أن يكون هو بنفسه مخاطب اللجنة التي سيعقد مع أعضائها جلسة الاثنين الثاني من كل شهر لمعالجة مختلف القضايا المطروحة. كما أبدى استعداده الكامل من أجل توفير قطعة أرضية توضع رهن إشارة اللجنة الجهوية لبناء مقر يليق بمقام هذه المؤسسة الدستورية. وطلب من وفد اللجنة الجهوية تنظيم دورات تكوينية مشتركة بين أعضاء اللجنة وموظفي الإدارة الترابية من أجل تطبيع وتجسير العلاقة بين المواطنين والإدارة الترابية، بما يساهم في تشبع الموظفين بثقافة حقوق الإنسان التي يعتبر تمثلها رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية  .
   الوالي وفي إطار التوضيحات المقدمة لأعضاء اللجنة الجهوية في موضوع مهاجري جنوب الصحراء الذين يستقر بشكل غير قانوني عدد كبير منهم بمدن الجهة، عبر عن التزامه باحترام كافة الحقوق التي تضمنها القوانين للمهاجرات اللواتي لهن أطفال .
  بعد ذلك انتقلت السيدة سلمى الطود تقديم العناصر الأولية لموضوع زيارة وفد عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لمستشفى الأمراض العقلية والنفسية الموجود بحي بني مكادة بطنجة، على أن تعود للموضوع في تقرير مفصل في لقاء جديد .
 يذكر بأن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة صادقت يوم الأحد 20 ماي على خارطة طريقها لما تبقى من السنة الجارية، كما استفاد أعضاء اللجنة يوما قبل ذلك من ورشة تدريبية حول الرصد والتقصي وتقنيات زيارة السجون. وتعود الغاية من تنظيم هذه الورشة بالإضافة إلى طابعها التدريبي، حرص أعضاء اللجنة الجهوية على بناء علاقة ناضجة ومسؤولة مع كل جهة توجد في علاقة تماس مع موضوع السجون، على اعتبار أن العلاقة التي تجمع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان انطلاقا من اختصاصاتها، بالإدارة الجهوية والمحلية للمؤسسة السجنية هي علاقة تشارك وتكامل وتعاون بما ينعكس إيجابا على أوضاع المحتجزين والسجون.  

الأربعاء، 23 مايو 2012

مــقــطــع مــن روايـــة


   مــقــطــع مــن روايـــة 

رغم صعوبات الكتابة وقلة الوقت ثم ما يلي ذلك من طبع ونشر وتوزيع وضعف المقروئية في المغرب وقلة الإقبال على الكتاب وغياب كل دعم في ذلك، بحيث يعتبر في "عداد" الحمقى كل مقبل على إصدار كتاب أدبي في المغرب،  وبعد إصدار المجموعة القصصية "نزيل في تراب"، في أفق قريب قد تظهر رواية مطولة تدور أحداثها بين فضاء القرية والمدينة.. النص التالي جزء من وسط الرواية.
مصفطى لمودن 
بعد انتهاء شيخ الزاوية من قراءته وشرحه، شرع مرافقوه في إنشاد أذكار وأمداح تطرب الحاضرين، تجعلهم ينشرحون ويتمايلون برؤوسهم طربا، يستفيق من كان قد غلبهم النوم، أغلب الحاضرين يرددون بعض الأبيات الشعرية البسيطة، تكون كلازمة الهدف منها إشراك الحضور، وإتاحة فرصة للمنشدين كي يستعيدوا أنفاسهم ليستأنفوا بقية الإنشاد، وقد أعجب المستمعون كافة ببراعة الأطفال الأربعة في الإنشاد، كلهم لهم أصوات رخيمة، ومقدرة كبيرة على التذكر، ويحلو الاستماع لهم أكثر عندما يتلو كل واحد منهم على حدة آيات من القرآن. 
وقف شيخ الزاوية، أراد أن يخرج، سارع الفقير لحسن لمده ببلغتيه وهو جد منشرح لذلك، ينتظر دائما أدنى إشارة من الشيخ لينفذها عن حذافيرها، جره الشيخ جانبا، اعتقد الفقير لحسن أن الشيخ يريد قضاء حاجته كبقية البشر، كان ينتظر منه أن يطلب منه ماء ساخنا ونعلا بلاستيكيا يغسل فيه قدميه، وفي باله الغلاية الجديدة، فهو يريد أن يكون أول مستعمل لها الشيخ. لكن حينما أخذه من يده وجره مبعدا إياه عن مكان الإنشاد، فقد تأكد للفقير لحسن أن في الأمر شيءً آخر. توقفا بجانب السور الخارجي للمسجد، مسح الشيخ لحيته بيده اليسرى، بينما اليد الأخرى ما تزال قابضة بيد الفقير لحسن، وهو ما استطابه هذا الخير وتمنى أن يتوقف الزمن على هذه الحالة، رفع الشيخ رأسه ونظر في وجه الفقير لحسن وهو مستضاء بشعاع ضوء متسرب من باب المسجد، ازدادت حيرة وارتياب هذا الأخير، يقول في نفسه ودقات قلبه بدأت تتسارع هل أخطأ في شيء، هل وقع مكروه، هل غضب الشيخ من شيء حصل، ينتظر ما سيقوله الشيخ بفارغ الصبر والوجل. 
أعيى الانتظار الفقير لحسن، رغم أن ذلك لم يكن ضمن زمن طويل، مقدار المشي البطيء من باب المسجد إلى محاذاة جدار مقابل، لا يجرؤ على وضع السؤال على الشيخ، هو ينتظره أن يتكلم، بدأ يفقد التحكم في هدوئه، سرت رعشة في كامل جسده. 
قال الشيخ بصوت هادئ: 
ـ أين عبد الرحمان ابنك؟ لم أره اليوم. 
الشيخ يعرف جميع سكان القرية واحدا واحدا، يسأل عن كل واحد، عندما يسلمون عليه يذكر أسماءهم، وإن نسي اسم أحد، خاصة بالنسبة للأولاد الذين يكبرون وتتغير ملامحهم، يتدخل أحدهم ليذكره بالاسم والنسب واسم الأب والجد، كأنه بذلك يتأكد من ولاء الجميع للزاوية، بينما يعتبر أغلبُ سكان القرية ذلك ودّا وعطفا من الشيخ لا مثيل له 
نزل السؤال كالصاعقة على الفقير لحسن، فعلا بدوره لم يلاحظ غياب عبد الرحمان، لكن كيف لم ينتبه للأمر وهو يتساءل مع نفسه، لم يستطع رفع عينيه لينظر في وجه الشيخ، أحس ببرودة تغزو جسده، وتصبب عرق بارد على أسفل ظهره، كيف لا يمكن لابنه، فلذة كبده ألا يحضر مثل هذه المناسبة، بينما يحضرها كل سكان القرية، وكل من يعرف بركة شرفاء الزاوية ونفعهم للقرية، ودعاءهم بالمن والسلوى، بفضل الله وبفضل هؤلاء وبفضل الصبية والدواب يسقط المطر، وتحيى الأرض بعد موتها، ونجني نحن الثمار، ونعيش في ود وسلام… هذا ما يظل يردده باستمرار الفقير لحسن على أفراد أسرته وكل من يحدثه عن الزاوية.
رد على الشيخ قائلا: 
ـ سأبحث عنه وأحضره حالا. 
واستأذن الشيخ في الذهاب، لكن الشيخ استوقفه قائلا: 
ـ والحسين؟ بدوره لم أره 
كأن الفقير لحسن تلقى صفعة قوية، أو استفاق مذعورا على صوت رعد مجلجل، فعلا لم يأت أخوه الحسين للحفل، رغم أنه أخبر بذلك منذ عودته قبل أسبوع، وهو شديد الحرص على الحضور، ويعتبر مثل هذه المناسبة فرصة لملاقاة كافة الأهل والأحباب ورفاق الطفولة… لإحياء الرحم كما يقول والتبرك من الشرفاء قبل الرجوع إلى المهجر، في الحقيقة يعتبر الحفلة التي يقيمها أخوه الفقير لحسن مناسبة يلاقي فيها الجميع وذلك يغنيه عن زيارتهم كلهم في منازلهم، وتوزيع كم هائل من الهدايا، حيث أن كل دار يدخلها يجب أن يحمل لكل فرد من أفرادها هدية، وهو ما أصبح يجده جد مكلف له. 
ـ لقد أخبرته بالموعد وكان من المقرر أن يحضر، الغائب حجته معه يا مولانا، له سيارته قد يحضر بين الفينة والأخرى. 
سمح له أخيرا الشيخ بالانصراف للبحث عن عبد الرحمان.

الاثنين، 21 مايو 2012

مدرسة سعد بن أبي وقاص تحتفي بالتلاميذ الأيتام والمتخلى عنهم


 مدرسة سعد بن أبي وقاص تحتفي بالتلاميذ الأيتام والمتخلى عنهم

مصطفى لمودن
كانت المبادرة من الهيئة العاملة بمدرسة سعد بن أبي وقاص بسيدي سليمان، فقد نظموا حفلا ذا طابع تربوي وخيري بمدرستهم يوم السبت 19 ماي 2012، حيث تيمز بتوزيع ملابس جديدة على ثمانية وثلاثين طفلا يتيما أو متخلى عنهم يتابعون دراستهم بنفس المؤسسة، كما حصل ما يربو على عشرين آخرين من ذوي الخصاص والعوز على ملابس مماثلة، وذكر مصدر حضر الحفل أن التلاميذ جميعهم حصلوا على قطعتين أو ثلاث أو أربع من الملابس المخصصة لكل جنس ووفق أعمار الأطفال في المدرسة..
كما نظم كذلك حفل شاي على شرف التلاميذ وذويهم خاصة الأمهات اللواتي رافقن أطفالهن.. وقدم التلاميذ للحضور مجموعة أناشيد ومسرحية،  وأضاف المتحدث أن المبادرة تطوعية، وقد ساهم فيها محسنون، وفضل أحد مموني الحفلات المساهمة من جانبه مجانا لصالح العمل الخيري، كما أحضر آخر أكلا بعد الحفل..
لكن الملفت هو خيبة الأمل التي شعر بها البعض عندما تغيبت نائبة وزارة التربية الوطنية عن الحضور واكتفت بإرسال من ينوب عنها، علما أن هذا الحفل كان قد أجل لأسبوع بسبب التزامات سابقة للنائبة.
وتجدر الإشارة أن مدرسة سعد بن أبي وقاص المجاورة لمحطة القطار، كانت تمثل "النموذج" السيئ في إهمال التعليم العمومي، من حيث بنيتها التحتية وشكلها غير اللائق، وتعرف في هذه الأثناء "إصلاحا وترميما" يرى البعض أنه طال كثيرا، ويشوش على سير التدريس، وكان يمكن أن يقع  أثناء العطلة،  وهناك من يثير مسألة الجودة بحدة ويطالب بالمراقبة والتتبع لعملية الترميم.
تستقبل هذه المدرسة نسبة كبيرة من أطفال العالم القروي من جهة أولاد أحميد، هؤلاء الأطفال يعانون كثيرا جراء التنقل اليومي، ومنهم من يقضي سحابة يومه متسكعا بمحيط المدرسة، دون أن تتوفر هذه المؤسسة التعليمية على مطعم أو ملجأ يحمي هؤلاء الأطفال البعيدين في منتصف النهار مادام هناك رفض للعمل وفق استعمال الزمن التناوبي.. ويرى آخرون أن الحل هو في إنشاء مدرسة قريبة من سكن التلاميذ..

نقابة أعوان الحراسة والنظافة والطبخ بالمؤسسات التعليمية بوزان تضرب


  نقابة أعوان الحراسة والنظافة والطبخ بالمؤسسات التعليمية بوزان تضرب
محمد حمضي
دعا  المكتب النقابي لأعوان الحراسة والنظافة والطبخ، العضو بالفيدرالية الديمقراطية للشغل في بيان صادر عن اجتماعه المنعقد يوم 18 ماي،  عموم الأعوان العاملين بالمؤسسات التعليمية بإقليم وزان، إلى الانخراط في المعارك النضالية المقبلة التي سيتم تدشينها بالدخول في إضراب لمدة 24 ساعة، وذلك يوم الخميس 24 ماي الجاري، مصحوبا بوقفة احتجاجية لمدة ساعتين، أمام مقر النيابة ابتداء من الساعة العاشرة صباحا.
  إطلاق هذه النقابة الفتية التي تأسست في 18 أبريل الأخير، لسلسلة من الأشكال الاحتجاجية جاء يقول مصدر نقابي مسؤول، كرد فعل على تملص الشركات المفوضة بتدبير قطاع الحراسةوالنظافة والطبخ بالمؤسسات التعليمية بإقليم وزان، وعلى عدم احترامها للحقوق التي تنظمها وتكفلها مدونة الشغل للأجراء، ويتجلى ذلك كما ورد في الملف المطلبي في انتهاك الحرياتالنقابية، والتماطل في صرف أجور الأعوان، وعدم تحويلها لحساباتهم البنكية أو البريدية حتى لا ينكشف أمر هذه الشركات التي لا تقدم لهذه الفئة الحد الأدنى للأجور، وما يتبع ذلك من تصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتوفر على بطاقة الشغل، وورقة الأداء وهي كلها حقوق وأخرى محروم منها هؤلاء.

الأحد، 20 مايو 2012

الاحتفال السنوي لجمعية العقد العالمي للماء أنشطة تربوية وفنية، وتجديد هياكل الجمعية


   الاحتفال السنوي لجمعية العقد العالمي للماء
أنشطة تربوية وفنية، وتجديد هياكل الجمعية
مصطفى لمودن

عرف الاحتفال السنوي ل"جمعية العقد العالمي للماء" نجاحا باهرا حسب أغلب الحاضرين والمشاركين، فقد احتضنت الثانوية الإعدادية أحمد النجاعي بتمارة الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية.. جرت صباحا أربع مقابلات في كرة القدم (ذوي الحاجات الخاصة، الكتاكيت، البنات، الشباب)، ومقابلات في كرة اليد وسط حماس غمر المؤسسة،  وفي المساء قدمت عروض فنية مختلفة من تمثيليات وأناشيد وسكيتشات وعروض راقصة.. شارك فيها التلاميذ بتأطير من أساتذهم،  وممثلو عشر مؤسسات تعليمية، واحدة من سيدي سليمان.. وعرف الحفل عرض لوحات فنية حول الماء والبيئة.. وزعت أثناء الحفل كؤوس وميداليات وشهادات تقديرية وجوائز رمزية ولوحات فنية..
تابع الحفل مسؤولون إداريون وتربيون كالنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية على إقليم الصخيرات/تمارة محمد شابلي ومديري المؤسسات التعليمية المشاركة وبعض أطرها، وآباء وأولياء التلاميذ وومثلي جمعياتهم، وأعضاء من الجمعية وضيوف مدعوين وعدد غفير من التلاميذ..
وفي اليوم السابق نظمت ندوة" المدرسة وتفعيل الحق في الماء"  بكلية الحقوق، جامعة محمد الخامس أجدال شارك فيها نجيب العوفي عن الجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية، ووجون بيير بوكي وهو خبير من فرنسا في مجال الماء، والمهدي لحلو.
كما وفرت الجمعية شتائل لغرسها بالمؤسسات التعليمية.
وتجدر الإشارة أن الجمعية المهتمة بالماء والبيئة جددت هياكلها، وقد أصبح محمد ياسر أكميرة (صيدلي) هو رئيسها، واكتفى المهدي لحلو  (أستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للإحصاء) بالعضوية داخل المكتب الوطني، كما تقرر مراجعة القانون الأساسي كي تتشكل بموجبه فروع للجمعية، وليس الاكتفاء بمجموعات عمل..
وقد دأبت الجمعية على تنظيم نفس الحفل بنفس التاريخ كل سنة بمدينة مغربية منذ 2008.
——————–
 
المدونة: العودة لاحقا للتفصيل أكثر ونشر الصور 

سَرْد: " اَلْعرس الذي لا ينتهي…"


  سَرْد: " اَلْعرس الذي لا ينتهي…"
          
ـــ حين تَأْسِرُكَ العاصفة اسْتَسْلِمْ 
 لكنْ كُنِ الوَتَرَ الذي يَعْزِفُ الريح.  ( أَدونيس ـــ أَبجدية ثانية)

 ـــ إلى الجسد " الإلْكُوي " بغير استثناء أيّ عُضو…
عن صفحة جواد المومني بالفايسبوك: "رُفْقةَ المناضلين العُظماء: يدّار ( شيخُ الثُّوار الأحرار )عبد اللطيف بنلحسن محمد الشاوي… في بورصة باريس/سان دوني"

سرد: جواد المومني
تَسَمَّرَ في مكانه وهو يَفْتح باب الدار..كانت تُمْسك سَمّاعةَ الهاتف، وبغزارةٍ تُذْرف الدموع؛ صوتُ أختها كان يَحكيها عن تطورٍ مُفاجئٍ وغير سار في مسار صراعِ والِدَتِهما مع المرض اللعين… جَذَبها إليه و تَرَكها تَنْتحبُ على صدره، عَلَّها تُخفف عن نفسها. أَكَّدَ لها أنَّ الأعمار بِيدِ خالقها، و أنّ النهاية الحَتْمِيَّةَ أمرٌ مُطْلقٌ لِلْجميع. حاولَ جاهِداً أنْ يُقاسِمها المُكابَدَةَ و أن يَرْسُمَ البسمة على وَجْنتيْها، سأَلَها عن الأحوال، عن أدهم عن أكرم عن الدراسة… كانت تُجيب باقْتِضابٍ، ثم تَسْترسلُ في عودةٍ مُستمرّة إلى وَضْعِ أُمها الحَرِجِ أَكَّدتْ أنّ لِبُعْدِ مَوْطنِ الأحِبّة تأثيرٌ قوي على تَمْتين الْآصِرَةِ. فَكَّرَ لِوَهْلةٍ ثمَّ رَدَّ: " حُبُّ الأوطان من الإيمان" يا لَيْلَى… ما في ذلك من شك، إلّا أنّ " ظُلمَ الأوطان " أَمرٌ مُؤْسف حقّاً، وغَيرُ حَقيقٍ بالوطن أن يُهينَ أبناءَهُ أو أنْ يُذيقَهُمُ المَذَلّاتِ
عَرَّجَ بهما الحديث عن السياق، وسأَلَتْهُ عن إمكانية تَحْضيرها لوجبة غذائية ما، لكنه امتنع مُكْتفيا بما تَناوَله في قطار " التِّي.جي.في." أثناء رحلة العودة إلى پـــــــيرپـــــــينيان مِن باريس. جلسَتْ أمامه على الأريكة ثم طالبَتْهُ أن يحكيها ما عاشه خلال اليومين الفائتين في باريس،
قام و أَحْضر كأس ماءٍ، عَبَّهُ كاملاً، أَطْرَقَ رأسَهُ ثم تحَدّث في نَشْوةٍ..
يا ليلى؛ إن ما عشتُه هناك شيء لا يُوصف. لقد تمكّنا أخيرا من هدم جدار سميك لم يكن مسموحاً أبداً بِتجاوزه أو حَفر ولو ثُقْبِ مسمار فيه. لقد قَدِرْنا على فك طلاسم شعوذةٍ إلْتصقتْ رِدْحاً من الزمن بهذا الجسد. لقد اسْتطعنا هَزَّ شِباك خصم حاصَرنا بخُطةٍ ظن أنها الأقوى، وأن لا أحدَ يقدر على استقرائها أو تَحطيمها بالتالي… آهٍ، أُعْذُريني قد أَخذَتْنِي حماسةُ الحَكْي ونسيتُ أنْ أُحدثكِ " عنَّا " ؟ نحن ممثِّلي اللغة العربية والثقافة المغربية في أوربا، وعن الآخر، ذلك المسؤول عن المحنة التي تُدركين عُمقَها بكل تأكيد..
ما أحسَسته وقتَها تَجاوز ما سطَّرهُ خيالي في البدء، ويَعِزُّ نَظيرُ تلك الروح الأخوية: هُتاف، صياح، تَنديد، شَجْب، صَفير، شعار… وفي المقابل؛ صَمتٌ رهيبٌ!! لا أدري أَهِيَ الزَّلزلةُ ما صنع ذلك أمِ الخَرَسُ العَنيدُ ٱسْتوطَنَ جُدران تلك البناية الشامخة المُطِلَّة على " المرأة الحديدية "؟
يا ليلى، لقد قيل في الحِكمة قديماً: " مَقْتَلُ الرَّجل بين فَكَّيْهِ"، ومع ذلك سأُقاسمكِ اللحظة شعوراً ينتابُني، وأتساءلُ بالتالي عن أيِّ رجلٍ سأتكلمُ: أَرَجلٌ هذا منْ يَفوهُ بكلامٍ ولا يصنعه؟ أوِ ٱمْرُؤٌ هذا من يعترف لك بحقكَ في العيش الكريم ولا يُطَبِّقه؟ أيُّ مخلوق هذا يؤكد أنَّ من واجبه توفير الحماية الكاملة لذاتكَ وللمُحيطين بكَ وفي المقابل يتركُ حياتَكَ عُرْضةً للكلاب تنهشها في تَأنٍّ؟ أي إنسانٍ هذا يَعْلَمُ جيداً مصيرَكَ ويَفْقَهُ كلَّ خَباياهُ، لكنه يَتَغاضى عن هذه المعرفة ويغدو جاهلاً؟
إنَّ ما عشتُه، كان وِلادة ليستْ بالسهلة. فَهَلَّا علِمْتِ أنّ مخاض التحضير أمرٌ آخرُ ما حضَرْتُهُ لم يكن سوى قَطْعٍ للحبل السُّرِّي؛ فأين أنا من الاجتماعات؟ و اللقاءات؟ والأوراق؟ والبيانات؟ والحوارات؟ والسهر؟ والتنسيق؟  والتدوين؟ والليالي الباردة المَطيرة؟ والسفر في الْمِتْرو؟ وجمع المساهمات؟ والتكليفات؟ والأعباء والمشاغل المرافقة؟
وحشد الدعم؟… أين أنا من كل ذلك؟ صَدِّقيني، لقد كان صادقا من قال: " العَروسةُ لِلْعريس، والجَرْيُ لِلْمتاعيس! " لكني، رَمَقتُ في عيون الجميع فَرحاً طُفوليّاً جميلاً، وذاك غيرُ غريب… الكُلُّ يُرحب بالكل، والكل يُعانق الكلَّ، الكل يدعو للكل بالتوفيق في قابل الخُطى، الكل يَهتفُ بِحياة غيره، والكل يَضْرب للآخر مواعيدَ لِلِقاءٍ قريب وَشيكٍ قد تَنفرج فيه الشمس ساطعةً، هازمةً فُلولَ الغيم المُتبقي..
حَضرتُ قبل " صَرْخةِ " الميلاد إياها بعضَ لحظات المخاض القبلي، ولَكَمْ سَرَّني أن أعيش سُوَيْعاتٍ حتى آخرِ دَقات الليل رُفْقَةَ كائناتٍ أَدْركتْ عُمقَ المرحلة وتاريخِيَّتَها؛ كائناتٍ صَدَحَتْ بِأعلى صوتها أَنِ الدَّعمُ كلُّ الدعم والتضامن الَّلا مشروط معَ وَلِمُمَثِّلي 
حَرْفِ الضاد " في بلاد المهجر..
عايشتُ عن قُرب مُؤازرةً حَديدِيَّةً قَلَّ أنْ سادتْ: ذاكَ يكتب بخط اليد على الوَرق المُقوّى أو على اليافِطاتِ، وتلك تصنع العجائن، وأخرى تُتَبِّلُ " الحَريرة " وآخرُ يُرتب الكؤوس والأواني وباقي المستلزمات لِلْإِطْعام الجماعي على شرف ضيوف باريسَ. كُلٌّ يعمل بتفانٍ يعلو سٌحْنته فخـرٌ واعتزازٌ..
إليكِ أعودُ يا ليلى وأقول على سبليل الخـتم  إن الفردَ منّا لا يعيش بالخبز فقطّ، ولكنما هي المبادئ والقيَم النّبيلة التي تؤطِره هي من يُحْيي فيه أصالة الإنسان. 
انتهى في: بيربينيان، يوم الخميس 17ماي/أدار 2012 لري