الجمعة، 20 نوفمبر 2009

واقع حقوق الإنسان بسيدي قاسم


  واقع حقوق الإنسان بسيدي قاسم

محمد الشيكر(*) 
       إن المهمة الأساسية لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لسيدي قاسم من خلال صياغته لهذا التقرير المقتضب حول واقع حقوق الإنسان بسيدي قاسم يتوخى ثلاث أهداف على الأقل هي كالتالي:
   رصد المفارقة ما بين خطاب حقوقي رسمي ينشد الالتزام بحماية حقوق الإنسان من جهة وانتهاك الدولة لهذه الأخيرة عمليا في مختلف المجلات، ومن جهة ثانية إبراز مسؤوليتها  في اقتراف هده الانتهاكات، ثم توثيق هذه الأخيرة، أي الانتهاكات للتاريخ من أجل فضحها ومواجهتها في أفق استئصالها.
من بين الخلاصات المركزية التي تم تسجيلها انطلاقا من انتهاكات حقوق الإنسان التي تم رصدها محليا  هي كالتالي:
 فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية
 نسجل استمرار وتعميق الانتهاكات في هذا المجال، فالانتهاك لازال يمس الحق في الشغل وهو ما يتجسد في البطالة المكشوفة والمقنعة لعدد لا يستهان به من المواطنات والمواطنين القاسميين، بمن فيهم الأعداد الكبيرة لحاملي الشهادات، مع العلم أن التعامل السلبي للسلطات والمجلس البلدي مع الحق في الشغل هو إحدى مصادر اليأس الذي يسيطر على فئات منهم، والذي قد يؤدي بهم أحيانا إلى الانتحار وتبني خيار قوارب الموت، وما يترتب عن هذا من حيف، هو بالتأكيد فضاء خصب لعنف متوقع في أي لحظة.
 كما أن الانتهاك يمس أيضا حقوق العمال: يتجسد في تبعات إغلاق معمل سمير وعدم احترام الحد الأدنى للأجور ومدة العمل، خاصة مع مأجوري مؤسسات التعليم الخصوصي ومستخدمي المقاهي وعمال بعض مقاولات البناء وحتى الضيعات الفلاحية. 


محطة سمير لتكرير النفط قبل إغلاقها
 فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية
     *  فالحق في التعليم في محنة مستمرة نتيجة للمشاكل التي يتخبط  فيها، حيث يشهد الإقليم خصاصا كبيرا في مختلف الأطر التعليمية (أساتذة، أعوان إداريون..) كما أن أغلب المؤسسات التعليمية، خاصة المتواجدة بالعالم القروي وشبه الحضري لا تتوفر على الشروط التي تضمن تحقيق الجودة المنشودة؛ فالبنيات مهترئة ولا تتوفر على مرافق صحية، ناهيك عن سوء حالة الطرق المؤدية إليها، مما يجعل المتعلمين والأساتذة على حد سواء في محنة دائمة، كما أن لجوء النيابة التعليمية إلى بعض الحلول الترقعية؛ من قبيل ضم الأقسام واعتماد سياسة الأقسام المشتركة والعمل بنصف حصة، مما أدى إلى اكتظاظ مهول وصل في بعض الحالات إلى ما يفوق 48 تلميذا وتلميذة، وهذا لن يسهم بأي حال من الأحوال في ضمان تعليم ذي جودة ومردودية كما يروج له مؤيدو ودعاة البرنامج الاستعجالي، وهو بالتأكيد من إحدى الأسباب المؤدية إلى الرفع من نسب الانقطاع والهدر المدرسيين.
وما إغلاق مؤسسات تعليمية (إعدادية ابن سينا سيدي قاسم. مدرسة زين العابدين بلقصيري ) إلا تعميقا لظاهرة الاكتظاظ التي تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
  *  الحق في الصحة محنته هو الآخر مستمرة من خلال ضرب مجانية التطبيب والاستشفاء عبر فرض رسوم الأداء وتفشي ظاهرة الرشوة في بعض الأقسام، ثم قلة الموارد البشرية، خاصة بقسم المستعجلات، فهو بممرض واحد و طبيب واحد، رغم أن المستشفى إقليمي،  بالإضافة إلى عدم تواجد بعض التخصصات وانعدام الأدوية الأساسية لذوي الأمراض المزمنة، كل هذا يساهم في تعميق الانتهاك السافر لهذا الحق المقدس (ضمان الصحة).
    * الحق في الماء الصالح للشرب والكهرباء؛ نسجل الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب والكهرباء، مما يعتبر استخفافا بالمواطنات والمواطنين القاسميين، وكما يعلم الرأي العام فقد صادق المجلس الحكومي مؤخرا على مشروع قانون 09/40 الرامي إلى تجميع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء وخلق مكتب واحد للكهرباء والماء الصالح للشرب، يعهد إليه تدبير خدمات توزيع الماء والكهرباء، بالإضافة إلى تدبير خدمة التطهير في مرحلة أولى، على أن يتم في مرحلة لاحقة التفويت للقطاع الخاص(!!) وهو الأمر الذي سيفضي إلى التراجع الكلي عن تقديم خدمة عمومية، وتسليع خدمة توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء، مما يعني ضرب الحق في الماء و الكهرباء و إهدار المال العام .
     في مجال الحق في البيئة
      أصبحت تعرف معظم أحياء المدينة وضعية بيئية كارثية وخطيرة، نتيجة تراكم النفايات (الأزبال ) وظهور نقط سوداء بجوار الأحياء، بعد تفويت خدمة النظافة وجمع النفايات لصالح شركة خاصة من طرف المجلس البلدي.

   حقوق المرأة و الطفل
    - تابع الفرع المحلي ملف نساء ضحايا مؤسسة زاكورة للقروض الصغرى، ووقف عند معاناتهن حيث أن البعض منهن مهددات بالطلاق، وما يترتب عن هذا الأخير من تفكك أسري وتشريد الأطفال.
- ظاهرة العنف ما تزال تعم المجتمع القاسمي، وما حالة زوجة الفقيه نموذجا، واستمرار تصاعد ظاهرة التحرش الجنسي.
بالنسبة لحقوق الأطفال؛ هناك حالات للأطفال حسب الشكايات المقدمة للفرع تؤكد التحرش الجنسي الذي تفاقم، ثم معاناة المئات منهم لعدم تمدرسهم، ثم الفقر و سوء التغذية والسكن المهين (دوار لافراي ـ المتلاشيات. ) نموذجا.
   انتهاكات أخرى
        -  تسجيل عدة حالات للوفاة إثر حوادث القطار بنقط عبور غير آمنة على خط السكك الحديدية وسط المدينة.
        - استمرار معاناة بعض ضحايا الفيضانات ولجوئهم للخلاء وبناء خيام من البلاستيك مما يحرمهم من أبسط الحقوق على جميع الأصعدة.
        - قرار عامل إقليم سيدي قاسم بإغلاق دار الشباب في كلمة ألقاها في اجتماع بتاريخ 01 /07/2009 بدعوة الضجيج التي تسببه أنشطة الجمعيات.
و أخيرا ليس أخرا نحمل الدولة  مسؤوليتها في محاربة الفقر وضمان الحق في العيش الكريم واحترام الحقوق الاجتماعية الأساسية في الصحة والسكن والتعليم والشغل، وتوفير الحماية الأمنية بمختلف إشكالها، وجعل حد للغلاء المستمر الذي ينخر القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     
            (*) رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم
0661208236