بالوحدة والتضامن لبغيناه يكون يكون.
خالد أوباعمر(*)
إعلان تأسيس التنسيقية المحلية للتغيير بمدينة سيدي سليمان(1)، انسجاما مع المبادرة التي أطلقتها مجموعة من الفعاليات المدنية والحقوقية والنقابية والسياسية وطنيا، في سياق الحراك السياسي العام، الذي أعقب ثورتي تونس ومصر، وإعلان مبادرة شباب 20 فبراير، عبر الموقع الاجتماعي فايسبوك، مطلوبة في اللحظة الراهنة والتاريخية بكل المقاييس، ويجب أن تضمن لنفسها شرط الاستمرارية.
ويبقى من أهم شروط استمراريتها، نكران الذات، ونبد الاختلافات السياسوية المجانية، وتجميد الاديولوجية بين مكوناتها الأساسية، أو بالأحرى وضعها بالثلاجة، والحرص على إضفاء الطابع السلمي والجماهيري عليها، حصنا لها من كل الانزلاقات والمطبات، التي يمكن أن تواجهها، بفعل مناورات جيوب المقاومة التي يقلقها مطلب الإصلاح والتغيير.
هناك أمرين يسببان أرقا شديدا للمخزن: الفعل السياسي المنظم، وتماسك الجبهة النضالية ووحدة صفها ووضوح أهدافها العامة.
الوضع في سيدي سليمان كغيرها من مدن المغرب، يحتاج إلى تغيير بنيوي عميق وشامل،يجب أن يطال كل المجالات، كما يحتاج إلى مناعة قوية، لصد كل المحاولات التيئيسية لبلطجية المدينة بكل أجناسها وصنوفها.
المطلوب في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ السياسي المغربي، الرد بعقلانية وتنظيممحكمين، ووفق سقف مطالب عادلة ومشروعة، على كل محاولات التبييض والتضليل، التي قام بها، ولا زال، محترفو الارتزاق والابتذال، من السماسرة والانتهازيين، الذين باعوا الجمل بما حمل، وصاروا أبواقا للتنمية المزيفة، والمشاريع الوهمية، لقاء مصالح شخصية ضيقة، في وقت تراكم فيه المدينة يوما بعد يوم، كل أشكال الريع والفساد، في مجال الصفقات والعمران وتفويتالأراضي، التي ملئت صفحات الجرائد، وأعمدتها المقطرة بالشمع الأحمر، والمدونات والمواقع الالكترونية.
زمن استغلال النفوذ والسلطوية، وتسخير أجهزة القمع المخزني، لتكميم الأفواه وترهيب المواطنين، يجب أن ينتهي، وجدار الخوف بعد 20 فبراير لم يعد سقفه عاليا كما كان، وباستمرارية نضالات الشعب بكل مكوناته، شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، سيزول كليا هذا الجدار، ولن يعود له مكان في الأفق القريب، لأن إرادة التغييروالإصرار عليه، ستنتصر، وستتجاوز خطابات التطمين وجرعات التسكين.
المطلوب اليوم من كل الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية والنقابية بسيدي سليمان، تكثيف اللقاءات والاجتماعات، لتدارس كل الأوضاع بالمدينة، اجتماعيا، سياسيا، وتنمويا، وتحديد سقف المطالب الآنية، التي ينبغي معالجتها بشكل آني، مثل، وضعية العطالة بالنسبة لحاملي الشواهد من المجازين وغيرهم، وضعية العديد من العمال على صعيد مجموعة من الوحدات الصناعية أو الإنتاجية :
*عمال الشركة الجديدة لأنابيب المياه وكاتبهم النقابي الرفيق أحمد اللويزي، الذي أناشد كل الرفاق بضرورة الاصطفاف إلى جانبه، في هذه المرحلة الحرجة التي تمر منها عائلة مكونة من 6 أفراد، بعد أن تبين بأن قضيته العادلة والمشروعة، المرتبطة بممارسة حرية النشاط النقابي، وفقا للقوانين المؤطرة لممارسة هذا الحق، تحاول جهات متعددة، التعامل معها بمنطق اللف والدوران والتماطل، إرضاء لنزوات وجشع باطرونا، تعتبر كل شيء قابل للبيع والشراء،
* وضعية العمال ضحايا تفويتات أراضي صودياالمملوكة للدولة، ثم هناك قضايا الحريات العامة وحق الجمعيات الجادة والمسؤولة في ممارسة أنشطتها وفق شروط ملائمة، تسمح بالاستفادة من كل الخدمات الممكنة، من بنيات تحتية تتوفر على الحد الأدنى من الشروط، ومن دعم مالي مناسب ومنصف ومن دون تمييز.
* المشاريع المعلنة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تحتاج إلى مواكبة دقيقة، لاسيما، في ظل غياب تمثيلية الجمعيات الفاعلة، التي يمكن المراهنة على مشاركتها الفعالة، في الإسهام بتنزيل مضامين هذه المبادرة على أرض الواقع، من خلال رصد كل المشاريع والميزانيات المبرمجة لها في إطار اللجان المحلية والإقليمية،وتتبع أنشطة الجمعيات المستفيدة من الدعم، الذي يظل، في الأول والأخير، مالا عاما للمواطنين، المسؤولية والنزاهة تقتضي أن يكون تحث مجهر كل المعنيين بمجالات صرفه، وانعكاسات كل ذلك، على وضع التنمية الإنسانيةبالإقليم.
من بين الملفات التي ينبغي على الهيئات المنضوية في إطار التنسيقية المحلية للتغيير بسيدي سليمان، العمل على مواكبتها وخلقلجان للتتبع والمراقبة بشأنها، ملف الصفقات العمومية بإقليم سيدي سليمان، ليس فقط، الصفقات التي يقوم بها رئيس المجلس البلدي، بل كل الصفقات التي لها صلة بتدبير المال العام ، أيا كانت الجهة التي تقوم بإبرامها، مجلسا إقليميا، أو عمالة، أو مصالح خارجية تابعة للوزارات.
الملف الآخر ذو الأهمية القصوى، يرتبط بالجانب الصحي والبيئي: الصحة في سيدي سليمان، تطرح إشكالية الولوج للاستفادة من الخدمات الصحية، كما تطرح أيضا، مسألة تدبير الموارد البشرية، على صعيد كل الوحدات والمرافق الصحية بالمدينة، في ارتباط ذلك بعدد الساكنة وحاجيتها الأساسية وذات الأولوية الاستعجالية.
من غير المعقول، بعد إحداث العمالة أو الإقليم،أن يستمر العمل بمستشفى محلي، في حين، المعايير الموضوعة من قبل الوزارة الوصية بخصوص تصنيف المستشفيات، بناء على المعايير الدولية، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية التي يعد المغرب أحد أعضائها، تسائل هذا القطاع الحيوي، المرتبط بحقوق الإنسان الاجتماعية.
الخدمات الصحية بسيدي سليمان، شحيحة، وتفتقد لعنصر الجودة، وغياب عدد كبير من التخصصات، يعرض ساكنة المدينة للخطر.
تمكين المواطن من العلاج المجاني، وتوفير الأدوية للفئات المعوزة، ودوي الدخل المحدود، وأصحاب الأمراض المزمنة من المسائل التي ينبغي الوقوف عندها ومسائلتها بشفافية ووضوح تامين.
الوضع البيئي من جهته، يجب تناوله بالشكل الذي يتحول معه هذا الوضع، من مجرد إشكال، إلى انشغال دائم.؛ مطرح الأزبال على مدخل المدينة، وتدبير النفايات المنزلية والصناعية، يندربكارثة بيئية خطيرة، وسيؤدي إلى تلويت الفرشة المائية والأنهار، مما يترتب عنه، انعكاسات خطيرة على صحة البيئة والإنسان.
الاستنزاف الذي تتعرض له الثروة الغابوية على صعيد الإقليم، يستدعي بالنظر إلى وظائفها السوسيواقتصادية والايكولوجية، ضرورة التفكير في خلق جمعيات خاصة، لتتبع ورصد ومراقبة تدبير هذه الثروة الطبيعية، المعرضة للهذر والنهب من قبل مافيات متخصصة ومحترفة، ومواكبة حاجيات الساكنة المجاورة للفضاءالغابوي في إطار حق الانتفاع المؤمن لها بموجب التشريعات الغابوية، ولاسيما ظهير 1917.
سياسيا: المطلوب إعادة زرع الروح في السياسةكخدمة عمومية نبيلة بهذا الإقليم، حتى لا يترك المجال فارغا لمحترفي الارتزاق، وحتى لا يتم المقامرة، بمصالح المواطنين بهذا الإقليم .
الأحزاب في سيدي سليمان، كانت دائما نشيطة، ولا ينبغي لها أن تتعرض للقتل، لأنه، عندما تقتل الأحزاب، تحيا المافيا، وتبدأ في مباشرة الإجرام الاقتصادي والاجتماعي في حق مصالح الناس.
في ظل الحراك، الذي أعقب تظاهرة عشرين فبراير، التي شاركت فيها ساكنة المدينة بكثافة، في ظل حرص المسؤولين عن التنظيم على إبراز جانب المسؤولية والنضج الذي تعاملت بهالفعاليات المؤطرة لها، والتي من المؤكد أنها أسقطت أكاذيب من يروج مقولة أن السياسة بسيدي سليمان انتهت وتعرضت للسطو عليها، شبيبات الأحزاب ومناضليها والمجتمع المدني والفعاليات المستقلة والنقابات، مدعوون إلىالتعبئة الشاملة لرص الصفوف، والتعاطي مع المرحلة بنكران الذات، ومخاطبة السلطة من موقع المسؤولية السياسية، المرتكزة على قانون الحريات والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
مدينة سيدي سليمان ليست عاقر، حتى يتم التعامل مع أبنائها من المعطلين باستهجان ودونية واحتقار، إلى الحد الذي يفضل فيه المواطن الموت حرقا بدل الذل والهوان.
الفساد وسوء التدبير عموما، يعنينا، لأنه ببساطة يعمق من جرحنا، ويمس باستقرار وضعنا الاقتصادي والاجتماعي، ويؤثر على وضع التنمية بالمدينة ، ويضيع معهما مستقبل أبنائنا.
بعد أربعين سنة من سوء التدبير، ومن إنتاجخطاب غوغائي، قائم على التطمين والوعود تلوى الأخرى، وفي سياق النقاشات التي تجري اليوم بالمغرب، داخل الصالونات السياسية وخارجها، في بيوت المواطنين وخارجها، في مقرات الأحزاب وخارجها، سيدي سليمان، وهي بوابة الغرب، الغني بثرواته، والمليء بفقرائه ومنكوبيه ومعطليه، من غير الممكن بعد اليوم، أن تظل خارج التنمية، ورهينة مصالح فئوية وخطابات تنهل من قاموس العام زين الذي أكل عليه الدهر وشرب.
سيدي سليمان التي أحبها الفرنسيون، لم تعد تستحمل وصف باريس الصغيرة، ووضع بنياتها التحتية، من كثرة الترقيع، بات شبيها بقطعة الشطرنج، وطاجينها الداخلي، رائحة الاحتراقبدأت تفوح منه، لكن مع كل ذلك، إمكانية اتقاده من التفحم لازالت قائمة ويمكن للجميع أن يساهم في هذا الإنقاذ المطلوب اليوم قبل الغد.
————–
(*): كاتب صحفي
(1) المدونة: هذه التنسيقية تشكلت فعلا، ومازال مؤسسوها لم يعلنوا عن ذلك بشكل رسمي، فقط وضعوا صفحة خاصة بها في الفايسبوك، ومن هناك جاءت فكرة هذا الموضوع حيث وافق ذ. خالد أوباعمر على إعداده للنشر عبر مدونة سيدي سليمان
ـ ما هو مكتوب بالأزرق يحيل على موضوع في نفس السياق ضمن المدونة