برامج تلفزية تشجع الإجرام وتكوّن المجرمين
مصطفى لمودن
قال ممثل إدارة الأمن الوطني في البرنامج الحواري "قضايا وآراء " الذي يشرف عليه عبد الرحمان العدوي ليلة الثلاثاء 24 أبريل 2012 حول ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم، قال المسؤول الأمني إن القوانين في أوربا تمنع نقل أفعال الشغب التي تحدث في الملاعب، لأنها بمثابة محفز على تقليدها من طرف الجمهور، وقد عرضت التلفزة المغربية صورا لذلك من ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء يوم السبت 16 ابريل ، وبغض النظر عن الأسباب المختلفة للشغب في الملاعب، فإن كلام المسؤول الأمني صحيح نسبيا، من حيث المبرر الذي ذكره، ولكن في نفس الوقت تلك الصور تبين الحقائق حتى يقع علاج للمشكل. لكن، ووفق نفس السياق، يجب توقيف برنامج "أخطر المجرمين" بصيغتيه، سواء التي تعرض بقناة ميدي 1 أو القناة الثانية، لأن ذلك العرض هو بمثابة تحفيز حقيقي على اقتراف الجرائم، إن "البطل" (المجرم) التي تتحدث عنه التلفزة باعتباره "عبقريا" يستطيع أن يؤتي أعمالا لا تعرف من طرف الشرطة بسرعة، ثم عرض الأساليب المختلفة التي يتبعها المجرمون سواء للقيام بالجرم أو التخفي والتهرب من المحققين، ويتفاقم الوضع مع بقية "التنميقات" التي "تبدع" فيها التلفزة من أجل رفع نسبة المشاهدة وبالتالي الحصول على الإشهار دون تحديد العواقب الخطيرة من عرض تلك الحلقات التي تلعب دور "المدرسة" للمجرمين، إن غالبية متتبعي حلقات "أخطر المجرمين" هم القاصرون، الذين يكونون في مرحلة تشكيل النموذج الحياتي الخاص بهم.
يتذرع المدافعون عن البرنامج بقولهم إن كل حلقة تعرض النتيجة الحتمية التي يؤول إليها المجرم، وهي دخوله السجن، لكن ذلك غير كاف، والمجرم لا يهمه السجن في الغالب، وقد لا يفكر فيه أثناء قيامه بجرمه، وتأثير السجن السلبي لا يعرض في البرنامج، بل شيء يعاش بعد التجربة..
إن الخسارة المجتمعية التي يسببها مثل هذا البرنامج من تشجيع على الجريمة أكبر بكثير من كل حديث عن "التربية القانونية"، ومناقشة قضايا المجتمع.. لم يكن يوما الباطل يخدم الحق أبدا.
متى يتحرك على الأقل المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في المغرب لتوقيف هذا العبث غير المسؤول بالإعلام العمومي؟