الاثنين، 3 يونيو 2013

عندما يفشل السياسي ويتهرب المثقف الفيلسوف/ محمد سبيلا: " أأنا المناضل الوحيد الذي تلقى كل تبعات النضال علي؟"

عندما يفشل السياسي ويتهرب المثقف الفيلسوف
محمد سبيلا: " أأنا المناضل الوحيد الذي تلقى كل تبعات النضال علي؟"
ذ. محمد سبيلا على اليمين في ندوة بالرباط

اقتباس وتعليق مصطفى لمودن
لنتمعن جيدا في هذا التحليل الصائب وفي هذا الموقف الذي يثير أكثر من سؤال، توضيح من مثقف وفيلسوف لوجهة النظر القائلة بهروب المثقف أو موته، والشرح الذي يعطيه الأستاذ محمد سبيلا لذلك في ظل خيبة الأمل من "السياسي"، لكن المثير هو عندما يبرر أستاذ الفلسفة موقف المثقف الذي قد يتهرب أو ينزوي وهو يرد على تساؤلات الملحق الثقافي لجريدة "الاتحاد الاشتراكي" عدد 10406 الصادر يوم الجمعة 24 ماي 2013، وهو يرد بقوله:
"أنا أقرأ دائما في الفكرة الرائجة حول موت المثقف، وجهين، الوجه الأول هو الحاجة التاريخية إلى نبوات جديدة، حيث ينتصب المثقف كمخلص تاريخي، كحامل لبشائر الأمل والخلاص في مجتمعات خاب أملها في نخبها، وخاصة في النخب السياسية والحزبية التي لم يسعفها شرطها التاريخي في أن تتحول فعلا وكما كان مأمولا، إلى نخب رائدة، موجهة، وحاملة لرؤى تاريخية بديلة. وذلك بسبب انغماسها في الحدثية السياسية، وانشراطها بها وانغماسها فيها، مع ما يعنيه ذلك من انشداد إلى أقصى من السلطة، والوجاهة والغنيمة، بمعنى أن القول بموت المثقف هو نوع من العزاء، هو نوع من النواح الذي يعبر به المجتمع عن خيبته في نخبه، وحاجته إلى نخب مستنيرة ومنيرة وطاهرة إلى حد ما، بديلا عن أشكال التعفن التي يفرزها تاريخ هذه المجتمعات.
 أما الوجه الثاني للقول بموت المثقف فهو يتعلق بالشروط الذاتية للمثقف نفسه. وهنا أذكر أنني كثيرا ما لمت سابقا صديقي المرحوم الشاعر أحمد المعداوي على صامته. فانتفض ذات مرة ورد علي بملاحظتين، أولاهما أن هذه التحولات العميقة والعنيفة مع ما صاحبها من امتساخات وتشوهات هي من العنف والعمق بحيث يتطلب فهمها واستيعابها وتفسيرها عقودا من التفكير معمق. فقد أصبح اليمين يسارا، واليسار يمينا. والقومي إسلاميا، والإسلامي قوميا، والحداثي تراثيا، ناهيك عن التحولات العنيفة التي حدثت على مستوى الأنظمة السياسية وتشوهاتها. ويكفي أن نذكر كمثال على ذلك، أن الثورة المصرية في سنة 1952 التي قامت على أساس قومي، من أجل تحري فلسطين قد انتهت في عهد مبارك إلى دولة مطبعة. المقصود هنا النظام السياسي طبعا الذي كان فيه مبارك كنزا إسرائيليا ثمينا.
 والرد الثاني، هو خيبات الأمل في التحولات التي حدثت، وفي الانتقلات السريعة التي طرأت، لا فقط في الموضوع الخارجي، الذي هو الأنظمة والمجتمعات بل أيضا في الذوات نفسها. فقد تبين أن الكثير من ادعاءات النضال والطهرانية هي مجرد انصوبات ذاتية تتغيى الارتقاء الاجتماعي. انظر مثلا إلى فلان، الذي كان أكبر المزايدين على الثورة والراديكالية والتطرف، كيف تحول إلى مجرد موظف حكومي يتسابق حول حيازة الممتلكات والألقاب. فكيف تريد مني أن أظل وحدي  أحمل على كثفي جثة " عمر دهكون"، بينما فلان يشرب الأنخاب على ذكراه. أأنا المناضل الوحيد الذي تلقى كل تبعات النضال علي؟"
  واضح إذا أن أستاذ الفلسفة محمد سبيلا جد متذمر من حصيلة الفعل والفاعل السياسي في المغرب..
  ويعتبر أن المناضلين مجرد مدعين للنضال، وغرضهم المصالح الشخصية..
  يؤكد على حدوث التباس في المواقف والمبادئ، حيث اختلط الحابل بالنابل..
وأكثر من ذلك، فهو لا يريد أن يحمل تبعات أي نضال أمام هكذا وضع..
 فما المقصور بنضالية المثقف؟ هل يجب أن يعوض فشل السياسي؟ وهل كل السياسيين وصلوا إلى النهاية والفشل؟ وكيف يعرض محمد سبيلا للساسية عموما في شكل انتهازي صرف؟ وإذا كان السياسي قد يوصف بالحربائية للضرورة، فهل يحق للمثقف أن ينسحب أو يتراجع وهو يقارن نفسه بوضعية السياسي؟
-----------------

الخميس، 30 مايو 2013

انتصار الضحية على الجلاد/ ذ. الطاهر محفوظي

انتصار الضحية على الجلاد

الطاهر محفوظي


(المدونة: الأستاذ الطاهر محفوظي من المعتقلين السياسيين في المغرب، وقد  نشر تجربته الإنسانية البليغة في كتاب "أفول الليل".. هذه الورقة ألقاها الكاتب/المناضل في المقر الجهوي لوزارة الثقافة بالدار البيضاء احتفاء بكتابات الاعتقال السياسي)
*************
شكري وامتناني لمختبر السرديات ونادي القلم المغربي والجمعية البيضاوية للكتبيين على تنظيم هذا الحفل الجميل .
لم يكن السجن ومخافر الشرطة مليئة فقط بالعذاب والمعاناة، فقد كان هناك حيز من السخرية والضحك، لقد انفجرت ضحكا في وجه قاضي التحقيق حينما واجهني بتهمة قلب النظام والتآمر واخبرني منتشيا انه سيكون لدي الوقت الكافي في السجن لأضحك. وفعلا ضحكنا كثيرا في السجن ولا زال القاضي النكرة عبوسا، أم هل يا ترى مات منسيا .
في مخفر الشرطة تواجد معنا قاتل اعترف بجريمته الأولى وينكر الثانية وحينما سمع أننا طلبة وتلاميذ وأستاذة معتقلون بتهمة سياسية صرخ: " أيها الشرطي أخرجني من هنا هؤلاء خطر " .
وضحكنا كثيرا حينما أخذ تلميذ يشرح لقاضي التحقيق الثاني أن هناك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد المغربي للمهندسين والاتحاد الوطني لطلبة المغرب فصاح فيه القاضي المفروض فيه المعرفة " كفاني من الاتحادات، أنا لا أعرف إلا الاتحاد الوطني !"
لماذا نكتب ؟
 - لحفظ الذاكرة، حتى لا يجيء لصوص وجلادون وسجانون ومؤرخون رسميون ومنافقون وانتفاعيون ويشكلوا عصابة لكتابة التاريخ والكذب علينا وعلى الناس وعلى التاريخ .
- الشهادة على حقبة معينة من تاريخ المغرب الحديث بالتوثيق، بالأسماء والأماكن والأشخاص مع ذكر المحاكمات والقضاة والمحققين .
- تكريم عدد من المناضلين الذين ناضلوا في صمت ونكران للذات وتواروا بعيدا عن الأضواء فاسحين المجال أمام الآخرين للتسابق نحو الأبواب الكبيرة بشاشية حمراء، والوقوف أمام الكاميرات إن لم يكونوا في رحلات خارج الوطن للدفاع عن حقوق الإنسان...
 - تأكيد المفارق البسيطة: يبقى الرجال ويذهب السجان والجلاد، يجمع المناضل ذاكرته يداوي جراحه، يلملم أطرافه ويواصل سيره بطرق شتى مرفوع الرأس يشارك في كتابة التاريخ وتقدم الوطن والبشرية والدفاع عن المبادئ الإنسانية. أما الجلاد فقلما ينهض، تعذبه ذكرياته ولا مجد له ولا تاريخ و لا قضية، كالمرتزق، هل سمعتم بمرتزق شهيد؟ أو مرتزق شاعر أو مبدع؟
في البدء كانت الكلمة، ربما على شكل صيحة مدوية في الغابات والقفار والمستنقعات، صيحة الإنسان الأول أمام جبروت الطبيعة وشراسة الحيوانات المفترسة، بعدما اكتشف الإنسان النار والحروف، سكن المغارات والكهوف، ثم جاء زمن الاستغلال وصار عدوا لأخيه الإنسان وهل هو أخوه؟ لنقل تلطفا شبيهه الأكثر ضراوة وقساوة...
منذ القدم حار البشر ووقفوا مشدوهين وجلين ومرهوبين أمام ظواهر الرعود والبروق والزلازل والخسوف والبراكين، ونفس الشيء إزاء الموت والجنون والسجن لما يمثله هذا الثالوث المرعب من جبروت لا غالب له... تعامل الإنسان مع كل هذه الأقانيم غير المقدسة بخوف شديد لا زال ساريا حتى الآن وسيستمر قرونا وإلى الأبد، بالمناسبة ما معنى الأبد؟ !
خلال فترة الاعتقال التعسفي والاختطاف والاحتجاز الغير قانوني، وطوال ساعات التعذيب الجسدي والمعنوي كنا وجها لوجه مع الموت والجنون، مع سادية الجلاد وفظائع السجن وخبث وقسوة السجان.
كان الغرض تحطيمنا وكان لزاما علينا الصمود رغم انعدام تكافؤ الفرص. كنا نخبئ الأحلام والأسماء والعناوين والأسرار بين الضلوع، نتمسك بالأمل في مواجهة الألم، نعض بالنواجد على جرحنا كما يعض السوط والقيود على لحمنا، لم نشتك، وممن في هذه الحال نشتكي؟
كانت الضربات ضريبة، فرض كفاية وقربان لآلهة القتل والتدمير الوحشي، كان الوقت إعصارا وكنا في عينيه، كنا أناسا لنا حلم وجنون وكان جلادنا جزءا من آلة جهنمية تعمل دون حلم ولا حلم ولكن بكل جنون الجنون، وهنا كنا متساوين....
فوق قمة الألم صادفنا الجنون وأقمنا معه حلفا شروطه مجحفة، في اليوم السادس والثلاثين من الإضراب عن الطعام رأينا شبح الموت يزحف نحونا بخبث وثبات كضبع جائع ينتظر الفرصة للانقضاض على فريسته... لكننا كنا فريسة مرة تأبى الاستسلام، أحصنة جامحة ترفض الخضوع تشد على الجرح النازف وتقف لتقاوم وتنتصر... ما كان لنا من خيار، فإما الانتصار أو الانتصار... ووحدها الضباع نزلت مهاوي الاندحار، يحفها النسيان، لعنة التاريخ وأكاليل العار.
لقد واجهنا كل هذا الفيض الموغل في العدوانية والسادية بقوة الإيمان في عدالة القضية، ومن أجل الانعتاق من التسلط والاستبداد، ومن أجل غد أفضل لعموم الشعب وخصوصا الطبقات المحرومة ...
في مخافر الشرطة السرية والعلنية وكذا بالسجون، تغدو كلمة طيبة من سجان بطولة، ومنحنا كسرة خبز مجازفة، وابتسامة متواطئة هدية وتضامنا وتشجيعا، يتحول صوت رفيق آت من وراء جدار سميك حصنا منيعا ونشيدا يدعوك للتشبث بالمبادئ والانتصار للقيم الجميلة والنبيلة والصمود حتى الموت.(في العشرين من العمر يكون المناضل أقوى من الموت والجلاد والسجان، لا يخشى شيئا، لا يهاب أية سلطة أو أين كان...).
كان بإمكان خبر سعيد أو رسالة رقيقة مشفرة أن يفتحا كوة باتجاه الشمس ومعانقة النجوم وتحطيم الأسوار... في أحلك اللحظات وأقساها كنا نقاوم بما تبقى لنا من أسلحة: الأنفة والصمود والإضراب عن الطعام والسخرية:" إن السخرية، يقول امبيرطو ايكو، هي أداة للبقاء على قيد الحياة". فما بالكم إذا كان هذا البقاء في شروط رهيبة مضادة للحياة.
كتب التاريخ ملأى بأسماء الأدباء والشهداء، فمن يذكر شاعرا عظيما أو كاتبا خالدا مقرونا بالحاكم المعاصر له؟
نتذكر اسم سقراط، لكن النسيان أكل قضاته الذين حكموا عليه بشرب السم.
نتذكر بحب وإجلال الفقيه البصري ومحمد بنونة، العمرين دهكون الباسق وبنجلون العملاق، والحنصالي وكان فيلقا لوحده، وأسد الريف الأمير المناضل، وفاطمة أوحرفو وأختها وأبوها وقبيلتها حين قرر الطغاة معاقبة الأطلس المتوسط بكامله للترهيب، وكانت نكبة الزيانية تشيب لها الولدان. نذكر المهدي الباسل وسعيدة رفيقة الرجال، نذكر الحسين المانوزي، بل كتيبة المانوزيين، نذكر زروال ورحال، نذكر إبادة الريف وشموخ الأبطال في مواجهة قنابل الغاز والاحتلال وجبروت دعاة الاستقلال... فمن يا ترى يتذكر شخوصا كانت تعتقد أنها شخصيات وهي في مجرى التاريخ نكرات، من قضاة باعوا ضميرهم وطبقوا تعليمات عوض النصوص رغم أنها كانت قاسية... لقد تكفل النسيان بهم وطواهم كخرقة قذرة: محمد اللعبي، افزاز، بوعشرين، الدليمي، الطيب الشرفي، محمد بن جلون، المكي- نو- الشريف، العراقي...
والآن وهنا ودون حقد أو ضغينة، لكن دون نسيان، فلا الشهداء تنازلوا عن دمهم ولا الضحايا قايضوا بذاكرتهم الموشومة بالسوط والحرمان المشوبين بالإرهاب والألم، نصر على أن كتاب "أفول الليل" كباقي كتابات الاعتقال السياسي التعسفي والاختفاء القسري هو انتصار الضحية على الجلاد، هزيمة الجبروت أمام الحق العنيد، تحية مدوية لمن عذبوا وقتلوا ولم يتركوا شهادة ولا شاهدة على قبورهم، ولا قبر لهم في وطن وهبوه كل شيء حتى أرواحهم وحرموا من تكريم وهم أحياء ومن لحود وهم شهداء، قوافل الشهداء في حبس قارة، سجن الجزيرة بالصويرة، دار بريشة، بولمهارز، قصور مراكش، ثكنات خنيفرة، ومكناس والرباط والناظور، قصر السوق، تازمامارت، اغبالونكردوس، العذير أكدز، قلعة مكونة (عاصمة الورود) الكورييس، لعلو، اغبيلة، السجن المركزي، عين علي مومن، درب مولاي الشريف، المعاريف، الساتيام، ضيعة مازيلا، دار المقري، تكونيت، ثكنات الوقاية المدنية المخزنية ضد الانتفاضات الشعبية، النقط الثابتة : PF4,PF3,PF2,PF1 الخ... لنا الأسماء المستعارة النضالية ولقوى التسلط والاستبداد مثلها، ياه كم هي عديدة أماكن الرعب على امتداد أجمل بلد في العالم !
في السجن، ومن أجل إركاعنا وتحطيم معنوياتنا، وهذه هي وظيفة السجن أصلا، منعوا عنا أشياء بسيطة وجميلة لكن حيوية: الموسيقى، الراديو، التلفاز، الشمس، الساعة، الجرائد، الكتب، التطبيب، الدراسة، وسلطت الرقابة على رسائلنا وكتبنا وزيارة أهلنا وأصدقائنا، وكتاباتنا وأشعارنا وصورنا...
ومع ذلك وضدا على هذا المنطق اللامنطقي، صمدنا وخرجنا لنشهد على كل هذه الفظاعات...
لقد أطمر حبس قارة، حطمت جدران تازمامارت، انتهت صلاحية درب مولاي الشريف واغبيلة ودار المقري ولعلو احتلت النوارس والنسور جزيرة موكادور، وامكونة لم تعد تحتفل إلا بشهر ماي الوردي وبالفقر باقي الشهور وتتذكر مرور فتية من أهل الكهف الحديث من بني هاشم ومقاومي الصحراء وجيش التحرير...
وكما الأنبياء وطائر الفينيق، يأت الشهداء للاطمئنان على أرواحهم وعلى شجرة الزيتون والأركانة، وتضميد جراح الأطلسيات والريفيات المرسومة على وجوههن كالوشم لا تزول... كما الإباء والإصرار، شامخات كطبقال، جميلات كالحق، أرزات باسقات يخجل المجد من قاماتهن...
هل كنا على خطأ عندما واجهنا التنين في عز صولته ونيرانه تحرق الأخضر قبل اليابس، ساعتها دخلت الضباع والذئاب جحورها وقال حكماؤها،"يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم" فجند سليمان سيدكون دوركم وهم عنكم غافلون، لكن خلفاء سليمان لم يكونوا غافلين، بل واعين وهم يدوسون على الرقاب بحقد عيونه مفتوحة على مصراع القسوة والإجرام مع سبق الإصرار.
"باق يا شعبي وعمر الطغاة قصير" يردد مع محمد مهدي الجواهري محمد القاسمي الذي فقئت عيناه وانتزعت خصيتاه وتكسر فكه ذات ربيع حين اجتاح الجراد خنيفرة الصامدة...
ومع ذلك لم تذهب نضالاتنا هباء بل حققنا مطالب أساسية كالحق في الدراسة والتطبيب والزيارة المباشرة وكم كنت مسرورا حينما اتصل بي سجين خلال برنامج إذاعي ليؤكد أن كل الامتيازات التي يحصل عليها سجناء الحق العام هي بفضل كفاح المعتقلين السياسيين، واعترف محمد أمين الركالة أنه مدين لليسار بمنحته التي سمحت له بإتمام دراسته الجامعية، إذ أن نضالات اليسار ( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنقابة الوطنية للتلاميذ ) فرضت على المخزن تعميم المنحة على كل الطلبة .
سأظل والوقت وقت حرث وزرع وفيا لمحراث أبي الخشبي، وله وللأرض التي عشقها كفلاح فقير، وفيا لوالدتي ربة البيت الفلاحة المكافحة... وفيا لجذوري التي علمتني الإباء والكبرياء، ولن أنحني وأعبر للضفة الأخرى منبطحا وفوق رأسي شاشية، فلا يمكن للمرء أن يخون ثم يظل واقفا، وليذهب إلى هناك حيث الرطوبة النتنة التي لن تخفيها لا عطور الغرب ولا بخور الشرق، رائحة تنبعث من بعيد تجتذب كواسر الجيفة وبنات آوى وما عاف السبع.
ويقودني المحراث الخشبي والوقت خريف، إلى الحديث عن جرار شغل الدنيا والناس، ليس كل الناس، أثار زوبعة من غبار، وأعجب كل العجب، كيف استطاع أن يحرث ويزرع ويحصد ثم يدرس في أسبوع واحد ويجمع كل الغلال والمحاصيل ولما يصل الشتاء ولا الصيف...
والجرار كما هو معلوم هو للحرث لكنه تحول إلى آلات متعددة الاختصاصات، كما في الرسوم المتحركة اليابانية، إنه زمن الأسطورة والمعجزات...
وكما لنا سوابق تشرفنا ولا نخجل منها، للمخزن سوابق في هذا الميدان ألم يهزم فرس انطلق متأخرا في السباق كل الأحصنة في السبعينيات وحتى الحمامة انتصرت على كل الحيوانات المحترمة قبل أن يتطاير ريشها لما مر الجرار المعلوم قربها...وعلى أي فالجرار الأزرق أقوى من كل الحمام، بل فيه مئات الأحصنة...
لا تأسى على عذر الزمـــــــان لطالما
رقصت على جثت الأســـود كلابــــــا
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادهـا
تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابـــــا
-----------------------
الدار البيضاء في 06/02/2010
---------------------
نشرت بموافقة الكاتب،



الأربعاء، 29 مايو 2013

نبيلة منيب Nabila Mounibe الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد في برنامج " قضايا وآراء" القناة الأولى

نبيلة  منيب Nabila Mounibe الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد في برنامج " قضايا وآراء" القناة الأولى

تركيب لمداخلات نبيلة  منيب Nabila Mounibe الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد في برنامج " قضايا وآراء" الذي بثته القناة الأولى ليلة الثلاثاء 28 ماي، وقد تحدثت عن جملة من القضايا التي تهم المغرب واليسار عموما، مسألة توحيد أحزاب اليسار، والمطالب التي تتبناها بعض هذه الأحزاب.. 

صراع الشيعة والسنة المتجدد

صراع الشيعة والسنة المتجدد


التاريخ يعيد نفسه بشكل مأساوي ونرجع القهقهرى 1200 سنة، يؤكد ذلك تحالف الاتجاهات السنية وعلى رأسها السعودية وتركيا وبقية دول الخليج، في مقابل التيارات الشيعية تقودها إيران متحالفة مع شيعة العراق الحاكمين والعلويين في سوريا وحزب الله اللبناني. هل هي "موقعة الجمل" جديدة لكن بخلفيات متجددة... مع السنة حلف الناتو وكثير من دول الغرب، ومع الشيعة روسيا والصين.. لا تحرك هؤلاء دوافع عقدية وانتقامية ولكن مصلحية مباشرة ذات قصدية اقتصادية واستراتيجيه.. فهل ستقبل المنقطة على حرب مدمرة ونحن نسمع عن المناورات والاستعدادات العسكرية الجارية في زمن العولمة والاحتكام إلى الديمقراطية والتحييد النسبي للدين في المجتمعات الغربي.. وخاصة إذا غاب العقل والحوار والنزوع إلى السلم، وإذا سقط "المتنازعون" في الفخ، فالغرب المتأزم يبحث عن بؤر توثر يصدر عبرها أزماته الخانقة ويبيع أسلحته ثم يعرض "خدماته" لإعادة الإعمار بعد حدوث الخراب.. ولعل حوار جنيف رقم 2 المرتقب فرصة ناذرة لذلك.. فهل ستتجنب المنطقة جولة جديدة ومتجددة من تاريخها الطويل في سفك الدماء منذ عهد الآشوريين وصراعات الفرس والروم وغزوات التتار والاحتلال الصهيوني لفلسطين.. 

الثلاثاء، 28 مايو 2013

"رجل يضحك في وجه الموت"/شعر محمد رحو إثر وفاة عبد المومن الشباري

رجل يضحك في وجه الموت(*)


إلى عبد المومن الشباري


الفقيد عبد المومن الشباري الذي غادنا في 24 ماي 2013
محمد رحو

هذا الرجل يؤمن بالحياة
اسما ومعنى
لكن الكافرين بالحياة

شيدوا له سجنا!

***
كان داء القلب يطوق قلبه
بسياج من ضغينة الأشواك
وكانت المقاولات/الفنادق/الأبناك
متربعة فوق أضلاعه
مترفعة عن أوجاعه
المجبولة من رحى تطحن شعبه!
***
كان يتآمر ضد مستنقعات البشاعة
وكان يفكر في الهجرة الى وطنه الجميل
وكان يخطط لإحراق حقول الخلاعة
وكان يبحر في لهيب السؤال الجليل!
***
وصار يخطو باتجاه أميرته الأسيره
وكان يراهم..
تجرجرهم خطاه في دروب المدينة الكبيرة!
وكان يراهم..
يتبادلون الأدوار بمقهى"برج النيل"
وكان يراهم..
يمتطون الشعار الطلابي
ويضمرون فحيح الخيانة
يلوحون بالسوط والزنزانة!
وكان يراهم..
يحاولون تذويب نجمة الرؤيا
في ضباب المتاه
وصار يدون في مفكرته الصغيرة
" الأسر من أجل اشراقها الملحمي
ما أحلاه!
والموت في أعماقها البحرية
ما أشهاه !"
وما كانت لتثنيه عن الرحيل
دبابيس في القلب النحيل!
***
(حين لسعتها نحلة التغريب/الاقصاء
ولجت خديجة غرفتها
اغلقت شرفتها
أوقدت القنديل
حدقت – شاردة- في رسمه المبهم المضاء!
سكبت دمعة أو لؤلؤة
صوبت – صوب الجدار- بسمة بسعة السماء
دندنت مقطعا متوهجا من "مارسيل"
و أشهرت حبها الباذخ
فوق جرح مسافته عشر سنوات ونيف !)
***
حين سرقوا من ليل القراءة بصيص الضوء!
حين سحبوا من حقه في الشمس آخر جزء!
حين جردوه من كل شئ!
وجردوا ضد قلبه النابض بنجمة واعدة
سيوفهم المسمومة الحاقدة
لم يتردد لحظة واحدة
في هجاء ما تبقى من"خيرات" الزمن البخيل
لم يتردد لحظة واحدة
في الضحك في وجه الموت الجميل!
***************
(*)كتبت هذه القصيدة ذات تفاعل مع إضراب عن الطعام
خاضته المجموعة 26/مجموعة المناضل الراحلعبد المومن الشباري
والقصيدة سبق أن نشرت في ديوان"الحربائي".
--------------------

المدونة: تحية خالصة للشاعر محمد رحو الذي يختار مدونة سيدي سليمان لنشر بعض أشعاره.

الجمعة، 24 مايو 2013

فضيحة بكل المقاييس /مسعى لتغيير التاريخ

فضيحة بكل المقاييس
مسعى لتغيير التاريخ

ذلك ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية من إرسال لجنة لاستجواب أستاذ الاجتماعيات بمدينة إنزكان إثر إثارته موضوعا في مقرر التاريخ السنة أولى باك وما ورد فيه عن القائد العيادي وهو موثق وكما أورده العلامة المختار السوسي من تعامل القائد مع الاستعمار ومساهمته في فشل المقاومة المسلحة.. وذلك ب"طلب" من البرلمانية عن الرحامنة حفيدة القائد العيادي زمن الاستعمار الفرنسي، والتي رأت أن في ذلك اهانة لجدها وإساءة لأحد أحفاده كذلك وهو تلميذ (ابن أخيها) لدى نفس الأستاذ .. أوردت الحادثة بتفاصيلها جريدة "الأخبار" في عددها ليوم الخميس 23 ماي.. وأضافت الجريدة أن الأستاذ تعرض للإغماء في نهاية الاستنطاق.. كما تضامنت معه نقابات وزملاء له.. فهل كل من له "سلطة" ما، سيسعى ليكون التاريخ حسب إرادته ورغبته.. إن الحقيقة يجب أن تكون فوق الجميع، وعلى أسرة العيادي أن تضحظ  التاريخ بحقائق دامغة عوض التأليب، فقد ورد أن السيدة البرلمانية قالت "أطلب من هذا الأستاذ أن يتوجه إلى الرحامنة ويقول لهم القايد العيادي خائن، ويشوف شنو غادي يوقع لو" (هكذا!).. وقالت كذلك إنها سبق أن تقدمت بطلب لحذف النص الذي يشير إلى جدها من المقرر "وأشارت إلى أن هذا الأستاذ أهان عائلتها التي تملك الهكتارات من الأراضي بمختلف مناطق المغرب"..
بعد هذه الواقعة علينا أن ننتظر مستقبلا حفدة كل العائلات التي وردت أسماء أجدادها في كتب التاريخ لتحتج وتسعى لتغيير الحقائق كعائلات القراصنة بسلا (كانوا يبررون ذلك باسترجاع أموالهم المغتصبة بعد طردهم من الأندلس) وغيرهم كثير..

الثلاثاء، 14 مايو 2013

أساتذة التعليم الملحقين بأوربا يطالبون رئيس الحكومة بحقوقهم


أساتذة التعليم الملحقين بأوربا يطالبون رئيس الحكومة بحقوقهم

تنسيقية أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بـأوروبا  تراسل رئيس الحكومة

تثير المخاوف على المستقبل الدراسي للأبناء إثر قرار تجديد طاقم الأساتذة

وقفة سابقة للأساتذة العاملين بأوربا وقد تمت بباريس 


مصطفى لمودن
     راسلت "اللجنة التنسيقية لأساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بـأوروبا" رئيس الحكومة في شأن جملة مطالب منها إثارة الانتباه إلى "الحيف" الذي تعانيه هذه " الفئة المستثناة من الحقوق المخولة لزملائهم المغاربة الملحقين بالخارج"، وعدم استفادتها من "السعر التفضيلي والتعويض اليومي عن الإقامة أسوة بأعوان الخارجية"، وتضيف الرسالة التي توصلت "مدونة سيدي سليمان" بنسخة منها أن " تجديد الطاقم التربوي المغربي بأوروبا دون مراعاة المستقبل الدراسي لأبناء الأساتذة الذين اندمجوا بمنظومات التعليم بدول الاستقبال (..) سيعصف بمستقبلهم الدراسي في حالة ما لم توفر لهم شروط التمدرس في المغرب كما هو معمول به بالنسبة لمن أنهيت مهامه من موظفي الخارجية وغيرهم من موظفي الدولة الذين سبق لهم ممارسة مهامهم بالخارج"، وتطالب التنسيقية بإنصاف رجال التعليم العاملين بأوربا، وتلتمس من رئيس الحكومة " العمل على أجرأة التزامات اللجنة المختلطة وتوفير شروط الاستقبال لأسر الأساتذة في حالة إنهاء مهامهم استحضارا لما سينتج عن هذا الإجراء الأحادي من مآسي اجتماعية سيكون أبناؤنا الضحية الأولى فيها" حسب لغة الرسالة.. ومعلوم أن دولا أوربية تستقبل مجموعة من رجال التعليم لتدريس أبناء الجالية المغربية المقيمة في أوربا اللغة العربية والحضارة المغربية، وتتعاقد معهم "مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج" لمدة أربع سنوات يمكن تجديدها مرة واحدة، وفي هذه السنة تم الإعلان عن مباريات لتجديد الطاقم التدريسي أو تدعيمه، مما أثار مخاوف الذين انتقلوا رفقة أبنائهم إلى أوربا حيث اندمجوا في الوسط التعليمي هناك.. وجدير بالإشارة أن " اللجنة التنسيقية لأساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بـأوروبا" قد خاضت عدة أشكال نضالية للدفاع عن ملفها المطلبي من ذلك القيام بوقفات احتجاجية بباريس عاصمة فرنسا في وقت سابق..

 أسفله نص المراسلة الموجهة إلى رئيس الحكومة.
          نراسلكم مرة أخرى كتنسيقية أوروبية لأساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بأوروبا  لنثير انتباهكم لنقطتين أساسيتين:
     الأولى: تذكير سيادتكم بالحيف الذي يطال الأستاذ المغربي بأوروبا دون غيره من موظفي الدولة الملحقين للقيام بمهام خارج البلد، باعتبار أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية العاملين بأوروبا الفئة المستثناة من الحقوق المخولة لزملائهم المغاربة الملحقين بالخارج ( موظفو الخارجية، المالية، الشؤون الإسلامية، القوات المسلحة الملكية، الجماعات المحلية، الداخلية ) وفي ذلك التمييز ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة الذي ينص عليه دستور المملكة وخرق للمرسوم الوزاري رقم 758-98-2  والقرار الوزاري رقم 2231-2008 اللذين كانا أرضية قانونية للجنة المختلطة التي شكلها الوزير الأول السابق بتاريخ 24 فبراير 2009 لتسوية أوضاع رجال ونساء التعليم المغاربة بأوروبا، والتي توجت أشغالها برسالة وزير المالية بتاريخ 19 مارس 2010 تحت رقم 1357 ورسالة الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج المؤرخة بتاريخ 07 مايو 2010 التي يشير فيها إلى حق الأساتذة الملحقين بالمؤسسة المذكورة في الاستفادة من السعر التفضيلي والتعويض اليومي عن الإقامة أسوة بأعوان الخارجية . وقد جاءت خلاصات اللجنة المختلطة مجتمعة في محضر اجتماعي الأطراف المتدخلة في الملف بتاريخ 08 و 15 دجنبر 2010 بمديرية الميزانية متضمنة للالتزامات التي تكفل حقوق هذه الفئة من مدرسي اللغة العربية والثقافة المغربية بأوروبا لم ينفذ منها إلا ما تعلق بتسوية المتأخرات المتراكمة على مؤسسة الحسن الثاني كمستحقات لفائدة الأساتذة بفعل ما عرفته وضعيتهم الإدارية والمادية من تجميد لعشرات السنين .
               الثانية: لفت انتباهكم إلى ما سيترتب من انعكاسات اجتماعية خطيرة على أسر أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بأوروبا في حالة تطبيق ما جاءت به المذكرة الصادرة عن وزارة التربية الوطنية رقم  2126-3 بتاريخ 24 أبريل 2013 التي تشير إلى تجديد الطاقم التربوي المغربي بأوروبا دون مراعاة المستقبل الدراسي لأبناء الأساتذة الذين اندمجوا بمنظومات التعليم بدول الاستقبال، الشيء الذي سيعصف بمستقبلهم الدراسي في حالة ما لم توفر لهم شروط التمدرس في المغرب كما هو معمول به بالنسبة لمن أنهيت مهامه من موظفي الخارجية وغيرهم من موظفي الدولة الذين سبق لهم ممارسة مهامهم بالخارج .
         السيد رئيس الحكومة المحترم: إن المهمة الحضارية المرتبطة بتثبيت الهوية  التي يقدمها رجال ونساء التعليم بأوروبا لا تقل أهمية عما يقدمه الجسم القنصلي من خدمات إدراية لفائدة الجالية المغربية المقيمة بأوروبا ، بل إن رجال ونساء التعليم يعتبرون سفراء المغرب الحقيقيين الذين يتواصلون باستمرار مع الأسر المغربية ويعرفون همومهم عن قرب سواء من خلال اشتغالهم بالمؤسسات التعليمية لدول الاستقبال أو من خلال عملهم التطوعي داخل الجمعيات المغربية التي تعنى بهذا المجال.
     ومن أجل إنصاف رجال التعليم الممارسين بأوروبا نلتمس منكم السيد رئيس الحكومة المحترم العمل على أجرأة التزامات اللجنة المختلطة وتوفير شروط الاستقبال لأسر الأساتذة في حالة إنهاء مهامهم استحضارا لما سينتج عن هذا الإجراء الأحادي من مآسي اجتماعية سيكون أبناؤنا الضحية الأولى فيها، بعدما قدمنا بتفان لأبناء الجالية المغربية بأوروبا كل ما نملك من مؤهلات رغم ما يعرفه الملف من اختلالات على جميع المستويات، إدارية، مادية، اجتماعية وتربوية جراء تعدد المتدخلين وعدم كفاءة الجهة المشرفة مباشرة على تدبيره.
   وفي انتظار تدخلكم السريع لإنصاف أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بأوروبا، تقبلوا السيد الرئيس فائق الاحترام والتقدير.