مقر عمالة إقليم سيدي سليمان وبلدية المدينة في عمارة!
ملحاحية توفير البنايات الكافية للمرافق الحيوية
أصبح من المؤكد أن تحتضن عمارة من حي رضا مقرات إدارية تابعة لمصالح العمالة المستحدثة مؤخرا، وذكر مطلعون أن العمارة المعنية المكونة من أربع طوابق قد اكتريت بسومة حددت في ثلاثة ملايين سنتيم للشهر، حسب عقدة تمتد على ثلاثين شهرا، وأضاف محدثتنا أن العامل قد يستقر في الطابق الرابع (الأعلى طبعا)، وعليه أن يكون رياضيا أو أن يمارس الرياضة باستمرار حتى تتقوى عضلاته ويصل بأقل جهد لمكتبه، مادامت العمارة لا تتوفر على مصعد إلى الآن! ومن موقعه في الطابق الرابع سيطل لا محالة على متلاشيات معمل السكر المقابل لمقر العمالة المؤقت، ولعل ذلك سيذكر المسؤول الجديد بقضية تناقص فرص الشغل بالمدينة وإغلاق عدد من الوحدات الإنتاجية المتخصصة في تحويل المواد الفلاحية، وتأزم وضعية عدد كبير من الساكنة، ومن يدري قد يكون قدوم العامل الجديد وتحويل المدينة إلى مقر عمالة بادرة مراجعة عدد من السياسات الخاصة بسيدي سليمان، ورفع الحيف والتهميش الذي تعرضت له في العقود القريبة، ولن ينقص من قيمة "الحدث" غير الاحتجاجات المتتالية لفعاليات مجتمعية من سيدي يحيى ترفض الالتحاق بإقليم سيدي سليمان، وتفضل البقاء مع القنيطرة.
العمارة التي ستحتضن مقر عمالة إقليم سيدي سليمان بشكل مؤقت.
من المرتقب أن تنتشر على جنباتها صناديق مكيفات الهواء!
ولعل لجوء السلطات لكراء عمارة يبين إلى أي حد تنقص المرافق الضرورية الخاصة بكل تجمع بشري حتى يلتحق بركب من يحمل صفة "المدينة"، فليست المدينة هي فقط أحياء ودور متراصة تفصل بينها أزقة وشوارع، بل أن تتوفر على كل المرافق الاقتصادية والإدارية والثقافية والرياضية…الخ.
وهذا ما جعل أغلب المرافق المهمة المتوفرة بالمدينة تستنجد بكراء محلات خاصة للسكن! وتحولها لمقر إداري، وهو ما يحدث مع مؤسسة تعتمد الاستقلالية المالية والإدارية، وتعتبر من أغنى الإدارات، وهي "المحافظة العقارية"، لكنها ومنذ حلولها بالمدينة فضلت عمارة سكنية بشارع الحسن الثاني، وهو ما تعرفه كذلك مصلحة الضرائب التي تقطن عمارة بحي السلام، ونفس الشيء بالنسبة للمحكمة الابتدائية، غير أن هذه الأخيرة ستنتقل قريبا لمقر خاص بها يشيد وفق معمار حديث شرق المدينة، أما الإدارات التقليدية كالبريد والبلدية ومفوضية الشرطة، فهي تستعمل بناياتها القديمة الموروثة، لكنها تدخل عليها تعديلات بين الفينة والأخرى، كما وقع للبلدية التي أضافت بناية محادية وتوسعت قليلا، وشيدث ثلاث مقاطعات خففت الضغط على البناية المركزية، أما مصلحة الشرطة فتعرف زحاما شديدا وهي جد ضيقة، وهناك الآن توسيع لها عبر إضافة بناء إلى جانبها، لن يحل المشكل حسب رأي البعض. أما فيما يخص التجارة فقد لجأ المسؤولون إلى حلول ترقيعية، وهي توزيع التجار المتنقلين بمختلف أشكالهم على "بنايات" متباعدة ساهم التجار أنفسهم بقسط في إتمام المحلات الخاصة بهم وجعلها تتوفر على حد ادنى من المواصفات الضرورية للتجارة، كما هو عليه الشأن بالنسبة لباعي الملابس وبائعي الفواكه، أما بائعو الخضر فقد ساهموا بأكبر نصيب من أجل أن يوفروا للمدينة "سوقا" للخضر.أما سوق السمك فما زال ينتظر الفرج! وما زال الراغبون في السمك يقتنونه من الخلاء، حيث يعرض في الهواء الطلق!
بل هناك نقص كذلك في المدارس الابتدائية أو على الأصح سوء توزيع، فكل الأحياء الجديدة بالجهة الشرقية لا تتوفر ولو على مدرسة واحدة! وتجدر الإشارة كذلك إلى ضيق مساحة المستشفى المحلي رغم إضافة بناء مجاور لكن في نفس المساحة، مما أحدث اكتظاظا، وتم إيجاد ملحقة تابعة له في نفس الشارع بالجهة المقابلة، حيث تقدم خدمات استشفائية تكميلية، كما يمكن اعتبار المستوصفات الثلاث المتوفرة بالأحياء مكملات كذلك، ورغم ذلك فأغلب الحالات المرضية ترسل إلى القنيطرة أو مستشفيات أخرى (سيدي قاسم، مكناس)، أما على المستوى الثقافي فتتوفر المدينة التي يفوق عدد سكانها مائة وعشرين ألفا حسب أضعف تقدير، على دار شباب واحدة، وخزانة بلدية عبارة عن بناية متوسطة الحجم، تستغل أحيانا لأنشطة جمعوية وهي لا توفر على مواصفات قاعات العروض، بل وجدت أصلا لتكون مكتبة للمطالعة، لكنها شبه مهجورة الآن، بسبب ضعف عدد ونوعية الكتب التي تتوفر عليها. وقد خاض مهتمون بالشأن الثقافي عدة مساعي من أجل تحويل الكنيسة إلى مركب ثقافي لكن ذلك لم يكلل بالنجاح، ونفس الشيء يقال عن المحلات الرياضية لكن بحدة أكثر، بحيث لا يجد الأطفال والشباب إلا ما تبقى من بقع فارغة للعب كرة القدم، وهناك من يلعب في وسط الشوارع، مع توفر ملعب بلدي شبه مهمل، رغم بعض الترميمات التي تتطاله من حين لآخر كما هو عليه الأمر الآن، أما المسبح البلدي الذي استهلك أموالا طائلة فلم يفتح، وتتنوع المبررات، آخرها ما يقال عن عدم صلاحيته لشقوق ظهرت على مرافقه.
الإشكال المطروح هو حول توفير كافة البنايات التي يتطلبها "اللاتمركز الإداري"، وهو ما قد يؤخر فتح مندوبيات للوزارات والمصالح المركزية والجهوية، خاصة أمام ضعف الوعاء العقاري بمركز المدينة، وتفويت أغلب المناطق ذات النفع العمومي والقريبة من الأحياء مثل ما وقع في عهد رئيس المجلس البلدي المنتهية ولايته، والذي فوت عددا من البقع في حي بام (المسيرة) لمحظوظين، حولوها إلى مساكن خاصة، وذلك في ولاية سابقة له، وهو ما وقع كذلك بالنسبة لعدد من الدور تعود لأملاك المخزنية، وبقع كانت مخصصة للنفع العام أو مناطق خضراء. بل حتى ما شيد من بنايات عمومية حديثا لم يتم فتحها واستغلالها بعد، كدار الطالبة ودار العجزة!
يمكن للتجزئة الجديدة التي تشرف عليها وزارة السكنى والتعمير والتهيئة المجالية بشرق المدينة (تقدر مساحتها بإثنين وأربعين هكتارا)أن تحل بعض المشاكل، هناك ستبنى البناية الخاصة بالعمالة حسب ما يقال، لكن على حساب أجود الأراضي الفلاحية التي كانت ضيعات غنية بمنتوجاتها، تتحول الآن إلى بنايات من الأجور والإسمنت، كما هو عليه الحال في كل الأحياء الجديدة التي تلتهم بسرعة خارقة أراض فلاحية خصبة كل يوم.
إذا كان العامل سيحتل أعلى البناية كما ذكر مطلعون، فهو "المشرف"! أو ما له مغزى أكثر دلالة، وهو صعوبة الوصول بالنسبة إليه أمام كم من الحواجز، وفي الأسفل ستكون مكاتب تابعة للبلدية! في انتظار إعادة تهيئ البناية القديمة. لكن أمام تواتر الأخبار هناك من يقول أن مقر العمالة سيكون هو البلدية الحالية، في انتظار تشييد مقر خاص…
الأمر كله لا يجب أن يتوقف عند مجرد مسألة البنايات، بل التساؤل عن الجدوى والفعالية التي تعمل عليها هذه الإدارات لما فيه الصالح العام، وفق أساليب التسيير العصرية المعتمدة على احترام القانون والمساطر الإدارية الواضحة، والتواصل مع العموم عبر مختلف الوسائط بما فيها الإعلام البديل الذي يتقوى باستمرار ويؤكد فاعليته ونجاعته وقوة انتشاره.
مصطفى لمودن