الأحد، 10 فبراير 2008

حامة مولاي يعقوب السياحة الداخلية المهملة


حامة مولاي يعقوب 
  السياحة الداخلية المهملة
   أيمنا تفجر ينبوع ساخن من باطن الأرض كان يطلق عليه المغاربة حامة  مولاي يعقوب، إلى أن ظهر الإعلام فانتشرت الأخبار، وكثر تنقل المواطنين بفعل تنوع وسائل النقل الحديثة، فلم يعد مستساغا تسمية كل العيون الساخنة بذلك النعت، ما نقصده في هذا الاستطلاع الذي أعددناه هو حامة أخرى صغيرة الحجم من حيث تدفق الماء بالمقارنة مع نظيرتها المشهورة والمتواجدة بضواحي فاس، بدورها قديمة وهي  تعرف إقبالا من طرف عدد من المواطنين، وفي نفس الوقت تعيش إهمالا غير مبرر كما سنعرض لذلك بالصور.
 
حامة مولاي يعقوب في طريق مكناس مرورا ب"عين الجمعة" في فج بين هضبتين
توجد العين المعنية بجماعة "عين الجمعة" إقليم مكناس الإسماعيلية، وهي على بعد سيدي سليمان بما يقارب 20 كيلومترا في اتجاه مكناس طبعا، في قاع فج بين هضبتين، الجماعة القروية المذكورة تقوم كل سنة بكرائها لمن رغب في ذلك، وطبع ايكون هدفه هو الربح ولوكان بسيطا، بها مسبحين صغيرين، واحد للرجال والآخر للنساء، يتدفق الماء الساخن بحوالي 10 ليترات في الثانية، وهو يخرج ساخنا من باطن الأرض، مع ملوحة واضحة، وهو يحتاج إلى تحاليل مختبرية لتحديد نوعية المعادن ومستواها الذائب في الماء.  
إذا كان التوجه إليها يتيح فسحة للتجوال، فإنها كذلك لها فوائد صحية معروفة كالمداواة على الأمراض الصحية وتحسين الدورة الدموية… 
 
الصبيب المائي الساخن بمسبح الرجال
المسبح في 4 أمتار على 3
 
مخرج الماء، ويلاحظ كيس للإغلاق، كما أن كل الأوساخ تعود مباشرة إلى الحوض المائي
لكن أي زائر لهذه العين يشعر بمستوى الإهمال الذي تعانيه، سواء من عدم وجود الماء والكهرباء، انعدام المرافق وكل مستلزمات الاستقبال الضرورية، حتى موقف السيارات ضيق جدا بجانب طريق خطرة منحدرة لها قارعة واحدة بسبب مجاورتها لحافة من جهة، وحائط منحدر من جهة أخرى، يتحمل الإهمال طبعا الجماعة القروية التي توجد الحامة على ترابها، ونعني بها الجماعة القروية "عين الجمعة"، ثم بقية السلطات من عمالة، وجهة، ووزارة السياحة… 
وإذا كانت كل هذه الجهات عاجزة عن تحسين الخدمات هناك، يمكن تفويت ذلك للقطاع الخاص على أساس استغلال عائدات الحامة لفترة زمنية معينة. 
  
البيوت القليلة المقابلة للحامة
 
السلم المؤدي إلى المسبحين في أسفل الوادي
 
الباب الأول تدخل منه النساء والثاني مدخل الرجال
فضاء مغري للزيارة لكنه مجرد خلاء
 
الإقامة الفاخرة بجانب الحامة وهي خارج كل تصنيف!

    إن الحامة المذكورة لو أصلحت بشكل مضبوط، سواء بتوفير كافة المرافق، وبناء مسابح في المستوى المطلوب، فإنها بذلك ستنمي مداخيل الجماعة، وتوجد مناصب شغل، وتكون متنفسا لعد من الأشخاص والعائلات، حيث سيتشجع الجميع أكثر لزيارتها، وربما قضاء ليلة هناك، وهي في مفترق طرق حيث يتعدد مصدر زوارها، سواء من سيدي سليمان، ومن قرى جنوب مكناس، وحتى من سيدي قاسم.
 
المرحاض بدون باب وبلا تنظيف
 
مقابل المرحاض شبه مغارة نثنة يقصد منها مستودعا للملابس
    لا يجب أن نهتم على المستوى الرسمي بالعشرة ملايين سائح أجنبي الذين ننتظرهم كي يدخلوا المغرب سنة 2010، وقد وصلنا لحدود هذه السنة إلى استقبال 7 ملايين حسب الإحصائيات الرسمية، كل ذلك يجب ألا ينسينا حاجة المغاربة بدورهم في الاستفادة من الخدمات السياحية المتنوعة، بحيث ليس من قدرة الجميع الإقامة في أفخم الفنادق والإقامات التي تهيئ أساسا للسائح الأجنبي، وفي انتظار أن يتوفر أغلب المغاربة على مدخول يخولهم تنظيم سياحتهم وبرمجتها حسب قدرتهم ورؤيتهم، يمكن أن نشجع سياحة متوسطة، تعتمد توفير بعض الإقامات التي تناسب القدرة الشرائية للمغاربة في عدد من الجهات، سواء بالشواطئ أو بالجبال أو بالمدن العتيقة وبعض المناطق السياحية المطلوبة، ونسعى لتبديل عادات البعض، حيث تعتبر المواسم التقليدية وزيارة الأضرحة نوعا من السياحة التي ما تزال قائمة، رغم عدد من سلبياتها الثقافية والاجتماعية، ونحن لا ندعو هنا إلى إلغاء هذا المظهر الاحتفالي، ولكن لا بد من تنظيمه بدوره، وإدخاله ضمن المنتوج السياحي، فهل فعلا لدى المسؤولين عامة رؤية لاستفادة كافة المغاربة من حقهم في الترفيه والتجوال وتبديل أجواء عملهم ومسكنهم ولو لفترة وجيزة؟  
                مصطفى لمودن

الخميس، 7 فبراير 2008

منتدى الكرامة والإنصاف لأسرة التعليم ـ المكتب التنفيذي: الحكامة في تدبير الموارد البشرية بقطاع التربية والتكوين تستدعي إنجاز ترقية استثنائية فورية لأفواج 2003 ـ 04 ـ 05 ـ 06 ـ 07


منتدى الكرامة والإنصاف لأسرة التعليم ـ المكتب التنفيذي:
الحكامة في تدبير الموارد البشرية بقطاع التربية والتكوين تستدعي إنجاز ترقية استثنائية فورية لأفواج 2003 ـ 04 ـ 05 ـ 06 ـ 07 

  توصلت مدونة سيدي سليمان بنص البيان التالي  نعرضه كما توصلنا به من جمعية منتدى الكرامة والانصاف لأسرة التعليم، التي تأسست سنة 2004، بسيدي سليمان، وهي تعنى بالدفاع عن الحقوق المادية والاجتماعية لأسرة التعليم، وقد سبق للجمعية أن عقدت عدة لقاءات مع مسؤولين في مواقع مختلفة، خاصة مع الإدارة المركزية لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية الخاصة بموظفي التربية والتكوين، وقد ساهمت بعدة مقترحات لخدمة الأسرة التعليمية، غير أن البيان الذي توصلنا به هو بمتابة مساهمة في النقاش  الدائر حول مشاكل الترقيات الخاصة برجال التعليم، خاصة ما أصبح يروج بقوة حول عدم عدالة الطريقة المتبعة في حصول هذا الاستحقاق بنزاهة لا غبار عليها، وما يشوب ذلك من عيوب، تقتضي ضرورة مراجعة الأسلوب المعتمد، وقبل ذلك إيجاد صيغة لترقية ما تراكم من أعداد هائلة تنتظر منذ مدة طويلة.)
                          نص البيان                       

       خلفت نتائج الترقية بالاختيار، التي أنجزتها وزارة التربية الوطنية برسم سنة 2006 كثيرا من الاحتجاجات التي تعبر عن توثر و غضب نساء و رجال التعليم من هذه النتائج التي شابتها الكثير من الإختلالات. و في إطار هذه الوضعية اجتمع مكتب منتدى الكرامة والإنصاف لأسرة التعليم لدراسة هذه النتائج، و بعد تحليلها ومناقشتها، و الوقوف على الشكايات المكتوبة أو الشفهية لبعض المتضررين، و كذا الاحتجاجات التي طبعت بعض المؤسسات أو النيابات تعبيرا عما تعرض له العاملون بالقطاع من حيف و غبن و ما نتج عن ذلك من مناوشات بين بعض المدرسين و الإداريين كما أشارت إلى ذلك بعض الصحف الوطنية.
   وإثر اجتماعه يوم الأربعاء 30 يناير 2008 أصدر منتدى الكرامة والأنصاف البيان التالي:
    أثارت الترقية المهنية بالاختيار توثرا كبيرا لدى رجال و نساء التعليم لم نعهده من قبل، بالرغم من التذمر الذي تتركه كل سنة، إلا أن هذه السنة تميزت بحدتها وشموليتها، أي أن مختلف الفئات بالقطاع عبرت عن هذا التذمر والتوتر الذي بدأت تداعياته تظهر على الساحة، من خلال تحركات العديد من الفاعلين بالقطاع من أجل إيجاد صيغ مناسبة تنصف العاملين به، وتعيد الاعتبار إليهم. فلا يعقل التلاعب بنقط استحقاق المعنيين من طرف المسؤولين الإداريين، بإضعاف البعض و دعم البعض الآخر، لاعتبارات مشبوهة لا تخرج عن المزاجية حتى لا نقول الزبونية والمحسوبية، كل هذا حسب تصريحات بعض المرشحين، ناهيك عن الطعونات الكثيرة التي تقدم بها المرشحون من أجل المطالبة بإنصافهم و إعادة النظر في النقط الممنوحة إليهم، يجري هذا في ظل ما خلفته الامتحانات المهنية من تدمر بعدما تمت مقاطعتها من طرف العديد من العاملين بالقطاع، الذين فقدوا كل أمل يمنحهم فرصة الترقي بالرغم من الدعوات المتكررة من أجل إنجاز ترقية استثنائية تنصف هؤلاء، إذ لا يعقل أن نجد معلما مدة عمله بالقطاع تتجاوز 25 سنة كلها جد واجتهاد وتفان في أداء الواجب، بل نجد من تلامذته المهندس والأستاذ والطبيب والإعلامي والمهندس والوزير وغيرهم من الأطر، التي لولاه لما وجدت، ومازال هو يمارس مهمته في وضعية مادية ومعنوية سيئة، لهذا نستغل هذه الفرصة ونظم صوتنا إلى باقي الأصوات الداعية إلى ترقية استثنائية بقطاع التربية والتكوين تكريما واحتراما وتقديرا لعطاء اتهم، و فرصة لتحسين وضعيتهم المادية والاجتماعية، وكذا تعبيرا عن
إدراكنا لفلسفة الترقية في حياة الموظف المهنية، باعتبارها شحنة تمنح طاقة إضافية للموظف قصد المزيد من العطاء، وتكريما لأدواره باعتبار أن الترقية حق وليست امتيازا.
إن نسبة 11٪ المعمول بها منذ سنة 2006 وما بعد للترقية بالاختبار زادت من حدة الإحباط و اليأس في صفوف المرشحين، بل كل العاملين بالقطاع.

    نريد أن نشير إلى أن عدم التعامل الجدي مع ملف التعليم من طرف الوزارة الوصية و كل المعنيين به سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، بل سيتم القضاء على ما تبقى في هذا القطاع من أمل النهوض به، و عليه يجب احتواء الأمر من خلال تصحيح المسار بإنجاز ترقية استثنائية تخفف من الاكتظاظ و التكدس والتضخم الذي أصبح يعرفه وعاء الترقي المختنق بالمرشحين، الذين استوفوا شرط الترشح منذ سنة 2003 دون أن يستفيدوا لحد الآن من الترقي.
    ومما يعطي الشرعية والمشروعية لمطلب الترقية الاستثنائية للأفواج 2003 و2004 و2005 و2006 و2007 هو ما شاب الترقية منذ بداية العمل بالنظام الأساسي للتربية والتكوين من عيوب سواء على مستوى منهجية الترقي أو المقاييس المعمول بها.
 و نوجز بعضها فيما يلي:
1  - لقد تم ما أسمته الوزارة إنصاف بعض الفئات المتضررة من نظام 2005 وكذا نظام 2003 على حساب الفئات المرشحة للترقي والمؤهلة للاستفادة من ذلك بحكم توفرها على جميع الشروط المطلوبة بما في ذلك نقط الاستحقاق، فتأخرت استفادتها لأن الفئة المتضررة منحت لها سنوات جزافية أهلتها إما للترقي بالإستثناء سنة 2002 و لا ضرر في ذلك على المرشحين، أو أنها أصبحت تحتل المراتب الأولى في لائحة الترقي، مما أضر بباقي المرشحين، حيث أصبحوا مرتبين في مراتب متأخرة بعدما كانوا مؤهلين للاستفادة من الترقية خلال سنوات 2004 و 2005.
  ولم تتحمل الوزارة الوصية مسؤولية الحيف الذي ألحقته بهذه الفئة، بل تحمل ذلك الأساتذة أنفسهم بإرضاء فئة وحرمان آخرى، أو تعطيل استفادتها لأجل غير محدد، أي أنهم أدمجوا في إطار الإستفادة من النسبة المخصصة للترقي، ولم تكلف الوزارة نفسها عبء الحيف الذي ألحقته بالفئات المتضررة من خلال خلق ميزانية استثنائية لمعالجة و تسوية  هذه الملفات. هذا على مستوى العيب الذي شاب منهجية التعامل مع ملف الترقية مما طبعها بالبطء و تراكم المرشحين، دون أن يحضى المرشحون الجدد الذين لم يسبق لهم أن استفادوا من الترقية في حياتهم المهنية، بالرغم من أنهم قضوا أكثر من عشر سنوات كأقدمية في إطارهم، وأدرجت أسماؤهم في لائحة الترقي منذ سنة 2003، بفرصة الترقي إلى الإطار الموالي.
أما فيما يخص العيوب التقنية التي شابت المقاييس المعتمدة للترقي، والتي حدت من فاعليتها وقدرتها على الإجابة على حاجة المدرسين في مجال الاستفادة من الترقي كأهم مدخل لتحسين وضعيتهم، إن لم نقل الوحيد والأوحد لحد الآن ، في غياب تحريك سلم الأجور، بالرغم من الزيادات المهولة التي تعرفها المواد المعيشية الأساسية.
على أي يمكن طرح عيوب مقاييس الترقي على الشكل التالي:
     1 - بعد التقيد في جدول الترقي، تمنح للمرشح نقطة عددية تتكون من: 
     - نقطة عن كل سنة من الأقدمية الإدارية
     - نقطتان عن كل سنة من الأقدمية في الدرجة
     نقطة السيد المدير على %20
   2 - نقطة السيد المفتش على  %20
     - نقطة السيد النائب الإقليمي %20
    - نقطة الأقدمية الإدارية و نقطة الأقدمية في الدرجة؛ نقطتان واضحتان لا لبس فيهما و لا تدخل للعنصر البشري فيهما وهما نقطتان عادلتان
 - نقطة التفتيش كذلك واضحة و لا لبس فيها، لأنها تخضع لمطابقة نقطة آخر تقرير لزيارة المفتش. و أي تغيير أو عدم المطابقة يطرح أكثر من سؤال، وكثيرا من الشبهات ومسا بمصداقية هذه النقطة وضربا لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص عرض الحائط، ويعتبر وجود مثل هذا الخلل بلوائح المرشحين مسا بمصداقيتها، وبالتالي تحضر ضرورة إلغاء  ـ بقوة ـ نتائج الترقية المتمخضة عن هذه اللوائح للعيب الذي شابها.
2- نقطة السيد المدير؛ تطرح أكثر من سؤال، خاصة أن البطاقة التقديرية التي يعتمد عليها في تقييم عمل المدرس غير واضحة، وأن السادة المديرين لم يتم تكوينهم في مجال تقييم الموظف، بل وجدنا الكثير منهم يتساءلون عن كيفية ملء هذه البطاقة وكيفية التعامل مع مضامين مكوناتها. هذا السبب كافي للطعن في  نقطة السيد المدير، كيف يملأ بطاقة لا يفهم محتواها فبالأحرى الفلسفة التي تؤطرها، والخلفية التي تحكمها، هذا ليس تنقيصا من السادة المديرين، إنما هو واقع يجب تداركه بالتكوين في هذا المجال، لأن الأمر يتعلق بأرزاق العباد ولا يجب أن يخضع للخطأ أو المزاجية أو للمحسوبية، وإنما يجب أن نتوخى فيه الدقة والعلمية، بعيدا عن الذاتية، خاصة إذا لم تكن هذه النقطة تطابق النقطة الممنوحة للمدرس في آخر السنة( النقطة الإدارية) بالإضافة إلى هذا نجد الكثير من الإداريين التحقوا لأول مرة بالإدارة بعدما شاركوا في الحركة الإدارية (بمعنى من القسم إلى مكتب الإدارة ) أي في سنته الأولى يجد نفسه رئيسا للمؤسسة بحكم غياب الأطر الإدارية، حيث تسند له مهمة التكليف بالتسيير الإداري، و هذا حال الكثير من المؤسسات، كيف سيقيم هذا الوافد الجديد المدرس وهو موزَّع بين التكوين وبين تسيير المؤسسة؟ بل كيف سيقيم مدرسا لم يحفظ بعد اسمه؟ بل  منهم من ابتدع مقاييس جديدة لتقييم أطر المؤسسة التي يشرف عليها، حيث أصبح هو المقياس، ومدام لم يحصل أثناء ممارسته للتدريس النقطة العددية 20 على ،20 فلم يمنح بدوره هذه النقطة لأي مدرس مهما قدم و مهما اجتهد و مهما التزم بأداء واجبه وحقق نتائج إيجابية، لأنه لم يصل في نظره لما سماه " بالدينامو"، أما هذا المفهوم الجديد الذي استعاره من حقل الميكانيكا فقد ملأه بمضمون خاص به، (مثاله هو) أما مقاييس وزارة التربية على علتها فلا تعنيه لا من بعيد و لا من قريب. ( مثال رئيس مؤسسة الثانوية التأهيلية 20 غشت دار الكداري نيابة سيدي قاسم الذي أعلن هذا المقياس الجديد صراحة أمام جميع الأساتذة المشتغلين بالمؤسسة)
و هذا أمر خطير يستدعي وضع حد لمثل هذه السلوكات التي تسير في الاتجاه المعاكس، وتزيد من وضع العراقيل أمام أي تحسن في الموارد البشرية المسؤولة الأولى والأخيرة على نجاح أي إصلاح لمنظومتنا التربوية. لهذا يجب على المسؤول المباشر على الموظف أن يكون نزيها في تقييمه، لأن نقطة السيد النائب تقوم أساسا على نقطة المدير كتزكية منه لهذه النقطة.
و لا نفهم كيف أن السيد المدير يتناقض مع النقطة الممنوحة للمدرس في نهاية السنة، بمعنى أن أي تناقض في النقطة الممنوحة للمدرس من طرف رئيسه المباشر يطرح أكثر من سؤال ويشكك في نزاهة ومصداقية وشفافية السيد المدير في تقييمه للمدرس، وعليه يجب إلغاء جميع اللوائح التي يشوبها الخلل والترقية الناتجة عنها، حتى يتم تصحيح الأمر، ومحاسبة المسؤولين على هذا الخلل، الذي أحبط العديد من رجال ونساء التعليم، الذين شعروا بالغبن والحيف والإقصاء والتهميش ولم يعرفوا ما هو مطلوب منهم لإرضاء نزوات وأهواء وذوات المسؤولين المباشرين، الذي أصبحوا يستغلون وضعهم الجديد المتحكم في رقاب العباد للانتقام و إظهار الكراهية، مثال أساتذة مجموعة مدارس " قروا" نيابة إقليم سيدي قاسم. كيف نفسر النقط الممنوحة دون العشرين للمدرسين المجدين الذين لم يسبق لهم أن توصلوا باستفسارات أو تنبيهات أو إنذارات أو تقدموا للمجالس التأديبية أو لعقوباتها أو حتى المثول أمامها، وليست لهم تغيبات  غير قانونية. وفي نفس الوضعية، نجد من يحصل على 20 على 20 من المدير و النائب وآخرين دون ذلك،  مما يعني أن هذه التفاوتات  لا أساس لها من الدقة أو الوضوح، إنها عيوب كبيرة لا تحكمها الموضوعية بل تخضع لتقديرات ذاتية لأشخاص غيبوا الضمير المهني ولم يقدروا حجم الانعكاسات السلبية على الموارد البشرية بقطاع حيوي يسعى الجميع إلى المساهمة الإيجابية للنهوض به.
و في الأخير نوجه نداءنا إلى كل:
- المهتمين بقطاع التربية و التكوين إلى إنجاز ترقية استثنائية.
- العاملين بالقطاع إلى العمل على تحقيق هذا الهدف، وجعل سنة 2008 سنة معالجة كل القضايا المرتبطة بتدبير الموارد البشرية و إنصاف كل العاملين بالقطاع لطي هذا الملف، و الاهتمام بقضايا أخرى تحظى بنفس الاهتمام من أجل النهوض بالمدرسة العمومية.
- النقابات التعليمية و الجمعيات ذات الصلة إلى تبني ملف الترقية الاستثنائية والدفاع عنه بكل الوسائل النضالية المشروعة، من أجل تجاوز الانسداد الذي بدأ يطبع النظام الأساسي للتربية و التكوين في مجال الترقية و تحسين أوضاع العاملين بالقطاع.
عن المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة والإنصاف لأسرة التعليم 
                    الرئيس : ذ.إدريس زيني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  في حالة الرغبة في الاتصال، يرجى تركيب الرقم الهاتفي التالي الخاص برئيس الجمعية:
                067758142
عن المدونة: في زمن الاتصال والتواصل، يحق للجميع الإدلاء بوجهة نظره بكل حرية

الثلاثاء، 5 فبراير 2008

افتتاح سوق الخضر والفواكه بسيدي سليمان أغلب الفضل في ذلك يرجع للبائعين بالتقسيط


 افتتاح سوق الخضر والفواكه بسيدي سليمان 
   أغلب الفضل في ذلك يرجع للبائعين بالتقسيط    
      نحن في المدن الصغيرة والمهمشة كسيديسليمان نسر غاية السرور، ونفرح مثل أطفال تلقوا هدية جميلة، عندما ينضاف تجهيز جديد أو مرفق لخدمة المواطنين، بسب معاناتنا الطويلة الأمد، والنقص الواضح في عدد من المرافق الضرورية…وأن يفتح سوق لبيع الخضر ندخله كمشترين في كل الفصول، تُحترم فيه إنسانيتنا، فلا نضطر إلى تلقي تدريب حول التزلج لولوجه في حالة توحله بسقوط المطر،ولا نسقط زالقين بسبب ذلك، يحمي سقف السوق من حرارة الشمس صيفا، فضاءٌ للتسوقيناسب مدينة صغيرة، وعلى أي لا يوجد أحسن من ذلك في مثل ظروف المدينة في هذه الحقبة الزمنية، وقد تم فتحه يوم الجمعة 11 يناير 2008. لكن كيف بني السوق؟ ومن وراءه؟ 
 
لوحة البوابة الأمامية للسوق
     اتصلنا بالمعنيين بالموضوع أساسا، وهم بائعو الفواكه والخضر بالتقسيط، هؤلاء أسسوا سابقا جمعية تعنى بقضاياهم، أطلقوا عليها اسم " جمعية بائعي الخضر والفواكه بالسوقالنموذجي"، وقد ذكر السيد محمد أجطيطي رئيس الجمعية، أن عدد البائعين المستفيدين من المشروع بلغ 132 فردا، ساهم كل واحد منهم على دفعات بما مقداره 5000 درهما، أغلبها عبارة عن قروض من إحدى الوكلات البنكية، وذلك لإتمام ما كان قد بدأه المجلس البلدي، الذي عجز عن إتمامه، حيث بنى في البقعة المجاورة لحي اخريبكة سورا غير مكتمل، وذلك في مكان كان مخصصا سابقا لبناء محكمة، من الغرائب أنه قد وضع هناك الحجر الأساس لذلك في زمن خلا!، لكن المحكمة لم تظهر، وأضاف مطلعون أن السور الأمامي على شارع محمد الخامس قد بنته إدارة القوات المساعدة، أما جمعية البائعين فقد أضافت ما بين متر ومترين لتعلية السور، وبنت جزءً منه في الجهة الغربية بالكامل، ووضعت أعمدة حديدية لحمل سقف يغطي كل المساحة التي تربو على 1500 متر مربع ( لسنا متأكدين من المساحة بالضبط) كما شيدت مسجدا مساحته 90 مترا مربعا، وبذلك يرجع أغلب الفضل في توفير السوق للبائعين أنفسهم، ولمن وجدوا لديهم سعة الاستماع قصد إخراج هذا المرفق للوجود، نقول ذلك من أجل الحقيقة، لكن ما تزال أعمال تنتظر المسؤولين على شأن المدينة من ذلك تهيئة محيط السوق ، تكملة أشغال سوقالسمك المجاور، وإصلاح ما به من شقوق، وفتحه في أقرب وقت، ومساعدة بائعي السمك على ذلك، وإعادة النظر في التوزيع العشوائي للأكشاك…
أعضاء مكتب الجمعية الخمسة الذين ساهموا في تنظيم الباعة، وإيجاد السوق 
 

 
السوق من الداخل

     نقولها بكل الصوت القوي، إننا مدينون لبائعي الخضر والفواكه بالمجهود الذي بدلوه من أجل سوق المدينة، وربما لهذا السبب لم يحتج أحد على استثناء أعضاء المكتب من إجراء القرعة عند توزيع المساحة الخاصة بكل بائع، حيث تُرك للأعضاء الخمسة حرية الاختيار المسبق! ولو كان التعويل جار على المجلس البلدي، لانتظرنا ـ ربماـ قرنا لذلك، وتجدر الإشارة أنه وقع في الأيام الأولى خلاف مع الجباة الذين يكثرون حق ذلك من المجلس البلدي قصد الاستخلاص، لكن الباعة رفضوا، وقد ذكر لنا رئيس الجمعية، أنهم تلقوا وعدا غير مكتوب من باشا المدينة ورئيس المجلس البلدي لإعفائهم لمدة خمس سنوات. وفي موضوع الجبايات يشتكي المتسوقون عامة سواء من يلجون سويقة الثلاثاء أو من يدخلون سوق الأربعاء الأكثر رواجا من ارتفاع الثمن، ويطالب هؤلاء بتحديد واجب كل سلعة، وعلى المجلس البلدي أن يكون واضحا في ذلك، حتى  لا يدخل المكثرون على وهم الأرباح، ويدفعون قيمة مالية مرتفعة، ( فاقت في السنة المنصرمة 270 مليون سنتيم) و لا يضيع تجار بسطاء في مدخولهم الهزيل.  
                       مصطفى لمودن 
 
أعضاء المكتب وزميل لهم داخل السوق

الاثنين، 4 فبراير 2008

عمال الصوديا يضربون ويدخلون في اعتصام مفتوح من أجل نيل حقوقهم وضد التفويت


    عمال الصوديا يضربون ويدخلون في اعتصام مفتوح
                         من أجل نيل حقوقهم وضد التفويت
                             
     أعلن عمال الصوديا عن خوض إضراب والدخول في اعتصام مفتوح أما مقر إدارة الشركة بسيدي سليمان، ابتداءً من يوم الاثنين 4 فبراير2008،  وقد لخصوا أهم مطالبهم في المراسلة التي وجهتها نقابة العمال العاملين بالصوديا التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي المنضوية تحث لواء الإتحاد المغربي للشغل إلى المسؤولين في:
   1) إيقاف الضغوطات والتعسفات التي تمارس على الكاتب العام وعلى منخرطي نقابة الاتحاد المغربي للشغل.
    2) تعويض العمال عن الأيام المتبقية والمتجلية في 5 أيام.
    3) توفير فرص الشغل.
    4) الترسيم أو تعويض العمال.
    5) التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتغطية الصحية.
    6) مراجعة تاريخ بداية العمل للعمال ( عسول حميد) ضيعة 6322.
    7) إعادة النظر في اللوائح الترتيبية للعمال بجميع الضيعات.  
اعتصام العمال أما إدارة الصوديا     
جزء من المطالب              
       وفي زيارتنا للعمال المعتصمين أمام مقر الإدارة على جانب الطريق الوطنية بين سيدي سليمان وسيدي قاسم، أكد لنا عدد من العمال معاناتهم المختلفة، مثل عدم ترسيم البعض، وعدم تسجيل آخرين لدى الضمان الاجتماعي، وقد تزداد أوضاعهم سوءً أمام اتباع سياسة التفويت، خاصة عندما لا يتم مراعاة مكتسبات هؤلاء العمال وعدم احتساب الأقدمية التي يتوفرون عليها في الشغل. كما حصل عند تفويت ضيعتين في فترة سابقة، ومن المنتظر أن يتم  تفويت 18 ضيعة في دائرة سيدي سليمان وحدها، مساحتها 4200 هكتار من أجود الأراضي المسقية، حيث يصل عدد العمال إلى 557 فردا . و من المنتظر تفويت 15 ضيعة في دائرة سيدي قاسم حسب عمال نقابيين، وهم يتساءلون عن مصيرهم بعد ذلك، علما أنهم يؤكدون جميعا رفضهم للتفويت، ويحملون مسؤولية الوضعية الكارثية التي وصلت إليها الصوديا إلى الإدارة، وفي بيان لنفس النقابة صادر في 28 دجنبر 2007، يتساؤلون عن عدم قدوم أية لجنة لتقصي الحقائق بعد بيانهم الأول، وذلك حول " ما يجري داخل هذه الشركة من نهب وسوء التسيير والتدبير، وقد أصبح هم المسؤولين المحليين هو الكسب السريع، وذلك باستغلال هذه الأراضي لصالح مآربهم الشخصية كتربية المواشي واستغلال العمال لحراستها ورعيها داخل هذه الضيعات" كما جاء في البيان، وهم يطالبون بإيفاد لجنة للبحث فيما يقولون. 
   وتجدر الإشارة أن الصوديا هي شركة عمومية تستغل الضيعات التابعة للدولة، خاصة أغراس الحوامض، ومنتوجات فلاحية أخرى، ويحق لأي شخص أن يستغرب كيف تتحول الوضعية إلى هذا المستوى من التدني، حتى لا تجد هذه الشركة ما تؤدي به أجورا محترمة لعدد من العمال، بل وصلت إلى الباب المسدود، ولم يعد من حل في نظر المسؤولين سوى بيع هذه الضيعات أو تفويتها بعقدة محددة الأجل وذلك جزء فقط من جبل الجليد الذي يخفي نوع الفساد المستشري في الإدارات العمومية منذ زمن طويل.
     ملحوظة: لم يتسن لنا أخذ رأي الإدارة في الموضوع، ويحق لكل مسؤول أن يدلي بموقفه متى أراد، نحن مستعدون للاستماع إليه
 مصطفى لمودن

السبت، 2 فبراير 2008

مدن صغيرة ومتوسطة أشبه بقرى كبيرة


  مدن صغيرة ومتوسطة أشبه بقرى كبيرة
 إن من يعيش في مدن متوسطة وصغيرة يشعر فعلا أنه يقطن قرى كبيرة، وهي قد توسعت فجأة بفعل الهجرة من البادية، واتساع العمران سواء بمساهمة الجالية المغربية العاملة بالخارج، والتي ارتأى أغلبها منذ سبعينيات القرن الماضي توفير مسكن بأرض الوطن، وفي السنوات الأخيرة توسع العمران كذلك بسبب " طفرة" عائدات المخدرات على البعض، سواء التي تباع في المغرب أو التي تصدر إلى الخارج، ولا ننسى كذلك السعي الحثيث لأغلب المغاربة لامتلاك "سكن" في المدينة، وهذا ما فعله عدد من الفلاحين خاصة الذين تتوفر لهم مداخيل في السنوات المطيرة، أو الذين يمارسون الفلاحة في منطقة سقوية… وساهم كذلك تراكم الأموال في البنوك خلال السنوات الأخيرة وركود عدد من القطاعات الاقتصادية في إيجاد وسيلة لتصريف وتحريك تلك الأموال المودعة من قبل أصحابها من أجل الربح، وذلك عبر تشجيع الدولة لتملك سكن بواسطة قروض بفوائد بنكية أقل( تصل أحيانا إلى ما يقل عن 3% مع توفير الدعم الباقي أي ما يقل عادة عن 6% في الوقت الراهن بالنسبة للسكن الاقتصادي)، خاصة بعد تدخل بعض جمعيات الخدمات الاجتماعية التي تسهر على ذلك لفائدة موظفين ومستخدمين، كما هو عليه الحال بالنسبة لمؤسسة محمد السادس لأعمال الاجتماعية الخاصة موظفي التربية الوطنية والتكوين المهني، حيث فاق عدد المستفيدين 30 ألف منذ انطلاق العملية سنة 2001 (بداية عمل المؤسسة)،  وكذلك تشجيع السكن الاقتصادي لعدد من الفئات الاجتماعية، حتى التي ليس لديها دخل قار، رغم أن هذه العملية مازالت تعرف تعثرا.

       كل ذلك لم يأت صدفة أو بمثابة منحة كما قد يتبادر إلى الدهن، فقد اعتبر مرارا أن السكن غير اللائق، سواء من خلال البناء العشوائي في ضواحي المدن، أو من خلال مدن الصفيح التي ماتزال موجودة، كل ذلك اعتبر مرتعا لعدد من الظواهر المخلة بالاستقرار الاجتماعي والسياسي… وتعبيرا صارخا على سوء توزيع الثروة الوطنية، ودليلا على الفوضى الإدارية، وضعف الرؤية لدى المسؤولين، حيث يدخل مستوى ونوع السكن في تقييم تقدم الشعوب. ولا يفوتنا أن نسجل العجز الحاصل باستمرار في الوحدات السكنية المطلوبة، مع الغلاء المستمر في الارتفاع بالنسبة لتكلفة البناء، ودخول مجال البناء لوبيات قوية أصبحت تتحكم في العقار، أمام مضاربات خطيرة، قد تهدد الاقتصاد برمته، أمام عجز السلطات الحكومية في التدخل.

     لكن السؤال المطروح هو كيف تتوسع المدن؟ وكيف تكبر أخرى وهي تتحول من قرى حقيقة، كانت باعتراف وزارة الداخلية مجرد جماعة قروية، لتتحول إلى " بلدية" كما هو عليه الحال بالنسبة لدار الكداري بإقليم سيدي قاسم… هل تتوفر هذه المدن على الشروط الضرورية حتى تدمج داخل مفهوم العالم الحضري؟ وكل الإحصائيات السكانية تؤكد الاستمرار في ارتفاع نسبة سكان المدن بمقابل سكان القرى، وهو الأمر الطبيعي والعادي. هل تتوفر هذه المدن على بنية الاستقبال الضرورية؟ وهل بها الحد الأدنى من شروط التمدن؟ 
 
مدينة جرف الملحة بإقليم سيدي قاسم عرفت توسعا ملحوظا، ولم يكن لها ذكر قبل عقود قليلة 
 
جرف الملحة تتحول بسرعة إلى تجمع للسكن

    إن المدينة الحقيقية هي التي تتوفر على رؤية واضحة، وعلى كل الخطط التي تراعي متطلبات الساكنة لتعيش فعلا في فضاء اسمه المدينة، من ذلك توفير البنية التحتية الأساسية، من شوارع واسعة وصالحة للاستعمال، قنوات التصريف الصحي، المرافق العمومية، من إدارات ومستشفيات ومدارس وأسواق مناسبة وحدائق وملاعب ومنشآت ثقافية وقاعات للتحاور والنقاش …على الأقل هذا هو الحد الأدنى. 
 
سيدي يحيى بإقليم القنيطرة تعيش توسعا عشوائيا على حساب الغابة، مدينة بدون مداخيل أو أفق حقيقي

   غالبا ما يتم إغفال شروط مساهمة المدينة في الإنتاج، سواء لتحسين مداخيلها أو إيجاد شغل لساكنتها، وهو ما يقتضي توفير الأرض المناسبة لذلك وكل شروط الاستثمار، من توفير الطرق للارتباط بالعالم الخارجي للمدينة (بقية المدن والمناطق، وكذلك الخارج)، وهو ما يدخل في مهام مختلف السلطات والجماعات المحلية، وكذلك شركاء آخرين من القطاع الخاص والمجتمع المدني.

     لكن بالنظر لواقع مدننا الصغيرة والمتوسطة نجد أنها استمرار وامتداد للعالم القروي، ليست سوى تجمعا للسكن، تنقصه عدد من الشروط حتى الضروري منها، كما أن البنية الذهنية لغالبية السكان مازالت لم تستوعب بعد معنى السكن في المدينة، جل هؤلاء السكان  حديثو عهد بالاستقرار في المدينة، وعدد من هذه "المدن" تعرف جيلين أو ثلاثة على أقصى تقدير من قاطنيها منذ نشأتها أو توسعها الملحوظ، إذ ما تزال ذهنية العالم القروي سارية المفعول، وهنا لا نعني بذلك المفهوم القدحي للكلمة، ولكن فقط عدم استيعاب شروط ومتطلبات التمدن، فيكتفي هؤلاء من المدينة، بتوفرهم على " نعمة" الماء والكهرباء بمنازلهم، والمدينة عند هؤلاء هي فقط مكان واسع به شوارع تجوبها السيارات، ولا حاجة لهم في توفير بقية المرافق، فهم يكتفون بالتسوق على طريقة سكان العالم القروي بالتوجه إلى سوق أسبوعي يقام في الهواء الطلق في غالبية المدن الصغيرة أو المتوسطة، يقيمون الأعراس في الشوارع بنصب خيمة تمنع المرور، بعض هؤلاء يحرصون على ما يذكرهم بالقرية عن طريق تملك ماشية أو دواب، يضعون لها زريبة بجانب منازلهم، أو في ركن من البيت، وهكذا لا يجد مثل هؤلاء غضاضة في رؤية مختلف أصناف الحيوانات تتمشى في الشارع، أو بجانب المنازل، تبحث عن غذائها في أسطل القمامة، أو تلتهم ما غرس من نباتات، كما يستعمل عدد من السكان في تنقلاتهم العربات التي تجرها الدواب، حتى في المدن الكبرى مثل القنيطرة والدار البيضاء ومراكش، رغم إضفاء طابع جمالي مقبول على بعضها، عندما تقتضي الضرورة السياحية ذلك. 
 
الخنيشات بإقليم سيدي قاسم قرية كبيرة بشارع وحيد هو الطريق الوطنية
 
حد كورت تعيش وحدتها وعزلتها بالهامش

     أما الجوانب الثقافية والترفيهية فآخر ما يفكر فيه، أو يُغيّب بالمطلق، حتى أن المجالس البلدية لا تنظر إلى ذلك، ولا تجعله ضمن مجال اهتماماتها، ما دام لا يدخل ضمن مطالب السكان الحيوية، إن كانت لهم مطالب أصلا، وكذلك للمكون الذاتي لهذه الجماعات المنتخبة حيث أنها لا تخرج عن الصفات المشتركة بين عموم الساكنة، وهم على أي لم ينزلوا من كوكب آخر، أو قذفت بهم إحدى الجامعات المختصة، بل ضمنهم كثير من الأميين وأشباه الأميين الذين لم يجلسوا يوما لمحاضرة أو اطلعوا على كتاب، أو يهمهم التفاعل مع قضايا إنسانية مختلفة، غالبا ما تجمعهم مصالح شخصية ورؤية ضيقة، وهذا ما يزيد في تأزيم وضعية عدد من المدن. 
 
وزان من المدن القديمة لكنها توسعت بشكل عشوائي، وتفتقر لأغلب المرافق الضرورية
  

   غالبا لا يستوعب عدد من السكان القاطنين بالمدن معنى العمل المدني، القائم على التطوع المنظم، من خلال جمعيات مسؤولة، تُعنى بقضايا الحي، كما هو عليه الحال بالنسبة للوداديات، أو تهتم بعدد من القضايا الثقافية والاجتماعية والرياضية والبيئية… نظرا لحداثة مثل هذه المستجدات على ذهنية القادمين من العالم القروي أو المتشبعين بتمظهراته، لكن عندما يتطلب الأمر نوعا من "التضامن" على شاكلة ما كان يقع في العالم القروي، حتى يتحمس الغالبية لذلك، بل يسعون له بتلقائية كالمساهمة في بعض الحفلات العائلية، وما تتطلبه الجنائز ودفن الموتى، وبناء دور العبادة، لكن غالبية هؤلاء لا يحركون ساكنا تجاه أمور أخرى كالاهتمام بالمرافق الجماعية الأخرى كالمدارس ودور الثقافة، أو التطوع في المجال البيئي، كالتشجير والمساهمة التطوعية في حملات التنظيف، قد يقول قائل إن ذلك يدخل في اختصاص السلطات سواء الإدارية أو المنتخبة، لكن كل عمل تطوعي لصالح الحي أو المدينة عموما يظل مفيدا ولو على المستوى البيداغوجي وإعطاء المثل للنشء ليتعود على تحمل المسؤولية والإحساس الجماعي بالصالح العام، وكل ما يدخل في الملكية المشتركة، سواء الواقعية كالفضاءات العامة أو الرمزية ذات البعد الثقافي والحضاري.  
 
مشرع بلقصيري من إقليم سيدي قاسم
   
بلقصيري كباقي مدن سهل الغرب تتوسع على حساب الحقول الخصبة، تعرف تحولا نحو المجهول في غياب أية سياسة تجمع ما بين الأنشطة الفلاحية، وما تتطلبه مدينة حديثة

  
القنيطرة عاصمة الجهة لم تسلم بدورها من مظاهر البدونة باسثثناء مخلفات العهد استعماري
 
طريق المهدية، تعرف القنيطرة توسعا بدون هوادة دون المرافق الضرورية، وهي نموذج عن تكديس السكان فقط.
 
أحد السكان بسيدي سليمان شديد الحرص على زريبته التي يربي فيها الغنم وسط حي حديث 
 وحين يتجمع عدد من السكان في رقعة أرضية من أجل السكن فقط  بمفهومه الضيق، وحين تقل أو تنعدم شروط التمدن الحقيقي، حيث تعيش الغالبية ضيقا بين الجدران والبنايات الإسمنتية، مما ينعكس سلبا على الوضع النفسي للأفراد، وتتوثر العلاقات الاجتماعية، وتتكاثر ظواهر شاذة كالإجرام، سواء لتصريف مختلف الضغوطات، أو البحث بطرق خطرة عن " مورد" مما يجعل الجميع يطالب بتوفير "الأمن" حسب المفهوم الضيق للكلمة، لحراسة وحماية الناس والممتلكات، ولفض النزاعات والتدخل للإغاثة في حالة الخطر، كما أن الحراسة الخاصة ومختلف تدابير الاحتياط سيتوسع اللجوء إليها، مع ما يتطلبه ذلك من كلفة باهضة، بينما الأمن الحقيقي، المرتبط بالآمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي… هو الضروري لصد مختلف الآفات، لكن مثل هذه الأمور قليلا ما يتم الاعتناء بها.


 
الشاون من المدن الأنيقة القليلة في المغرب، بدروها تفتقر لعدد من المرافق الضرورية

     إن القفزة التي يعرفها المغرب على مستوى توسع العمران بالمدن، لا يواكبه بنفس الوثيرة توفير بقية الحاجيات الضرورية للسكان، كما أن غالبية هؤلاء لم يستطيعوا بعد الانتقال على المستوى المعرفي والذهني إلى المجتمع المديني، الذي تنظمه علائق جديدة، تعتمد الإحساس الجماعي بالانتماء لفضاء جديد اسمه المدينة، من ضمن ما يتطلبه ذلك تنوع مؤسسات المدينة في ارتباطها بالجماعة المحلية محور كل حركة وتخطيط وتنفيذ وتنشيط بالمدينة، لكن عدة عوامل سياسية وثقافية أساسا ما تزال تحد من ذلك، فإلى متى ستظل تكبر مدننا في عشوائية "مقننة"؟ هل سنترك ذلك للزمن لتحدث " القفزة النوعية" على مستوى الأذهان والتصورات؟ أم لابد من عامل متدخل لتسريع وتيرة الانتقال دون خسارات كبيرة؟ تكون من آلياته المدرسة والإعلام وتحرك المجتمع المدني ونظرة موضوعية ومسؤولة من قبل كل السلطات… متى ستتحمل كل جهة مسؤولياتها في ذلك؟   
           مصطفى لمودن   
          
    نشرت بموقع: الحوار المتمدن - العدد: 2181 - 2008 / 2 / 4 
نشرت كذلك بجريدة " المنبر الاشتراكي" عدد 104، بتاريخ 10 فبراير 2008،
وقد سبق لإدارة الجريدة أن أحاطتني علما بذلك كما سبق أن وضحت، من جانبي لا أرى مانعا، كما يسرني أن أقرأ عددا من مساهماتي في بعض المواقع، مادام الهدف هو إشاعة المعلومة بين الناس، لكن الجميع يتجنب الإشارة إلى المدونة

الجمعة، 1 فبراير 2008

وجهة نظر: سؤال البحث السوسيولوجي بالمغرب


وجهة نظر:      سؤال البحث السوسيولوجي بالمغرب 
                 رضوان النجاعي(٭)     
      
 شكل ميلاد السوسيولوجيا انعطافاجديدا في تاريخ الإنسانية عامة، فمنذ ميلادها وإلى اليوم استطاعت أن تحقق تطورات ملفتة للنظر انطلاقا من مقاربتها لقضايا المجتمعات والشعوب خاصة، على اعتبار أنها ظلت في ارتباط مستمر بظواهر المجتمعات وإشكالاتها، وهذا ما جسده رجل السوسيولوجيا عبر خطابه من خلال اعتماده تقنيات وطرق البحث السوسيولوجي التي دافع بواستطها عن مشروعية التشريح والتقصي لأبرز التناقضات والعوائق الاجتماعية التي تعرفها المجتمعات على وجه الخصوص.
     ولاشك أن ميلاد السوسيولوجيا كان خلال فترة تاريخية حرجة, عًُرفت في الأدبيات السوسيولوجية بالمرحلة الوضعية أو الحقبة النقدية التي عرفتها المجتمعات الغربية خاصة.
      وعليه فلا غرابة أن تكون السوسيولوجيا علما لأزمة حقيقية على اعتبار أن المجتمعات المعاصرة تعرف عوائق وأزمات متتالية، وظواهر ناشئة نظرا لما تحتويه بنياتها المجتمعية من أنماط للتفكير ـ عوائد وأعراف ـ مؤسسات وقوانين، ثم قضايا التراتب الاجتماعي ، وإشكالات البناء الطبقي للأفكار والقيم السائدة داخل المجموعات البشرية.
   إن الإشكالات العديدة التي طًرحت على السوسيولوجيا جعلت منها أحد العلامات الإكلينيكية لمعالجة التفسخ الاجتماعي، مع إعادة تشريحه استنادا إلى آليات وطرق بحث موضوعية. وفي سياق الحديث عن دور السوسيولوجيا في إعادة ترتيب قضايا المجتمع المغربي في علاقتها بالدفاع عن المشروعية العلمية والموضوعية لكل من التشريح والتقصي المجتمعي لهذا المجتمع المركب، حسب ما طرحه بول باسكون، لابد من الإشارة إلى أن الأدبيات السوسيولوجية سواء منها الكولونيالية أو الأنجلوساكسونية، أنتجت مادة خصبة من التصورات والتحاليل السوسيولوجية، التي كانت عمليا تطمح إلى تأسيس رؤية نظرية ومنهجية ملائمة لدراسة واقع هذا المجتمع، مع التعرف على أبرز وأهم الأنساق التي أسهمت في تركيبها وتطورها.
    ولكن السؤال المنهجي الذي يطرح نفسه بإلحاح معرفي، هو دور السوسيولوجيا في تشريح واقع المغرب المعاصر؟ 
      عمليا لم تسلم السوسيولوجيا بالمغرب بدورها من الوقوع في استنتاج تحاليل اختزالية لواقع هذا المجتمع، نظرا لما عرفه هذا الأخير من منعطفات خلخلت بنياته، وهذا في سياق الحديث عن التغير الاجتماعي أو الهجرة ثم إشكالات التنمية والتخلف والفقر والأمية ثم قضايا النخب السياسية بالمغرب…
    تعتبر هاته المتغيرات والمؤشرات أحد أبرز العوامل المتحكمة في تطور هذا المجتمع، مما يجعل الباحث السوسيولوجي جزءً لا يتجزأ من ذلك الكم الهائل من الظواهر والإشكالات الاجتماعية. الشيء الذي يقتضي منه التزام التصور الشمولي لهذا الواقع الاجتماعي المبحوث فيه. وفي هذا السياق فقد ذهب الباحث السوسيولوجي روبيرت ميترون إلى اعتبار أن عمل الباحث السوسيولوجي يزداد صعوبة إذا ما كانت دراسته على مستوى مجتمعه المحلي، حيث تكثر الاتجاهات والمواقف، لذلك على الباحث أن يكون حريصا أثناء تواصله مع مبحوثيه، وأن  لا يتحيز لمواقفهم وآرائهم وأنماط معتقداتهم وتصوراتهم، وهذا يتطلب منه دراسة سوسيولوجية لمختلف الاتجاهات في مجتمع البحث، كما يجب أن يحدد مدى مشاركته أثناء إجراء عمليات الملاحظة والمقابلات التي تتراوح بين استماعه وملاحظته للظواهر المختلفة، إلى حد مشاركته في مجموع الإشكالات الاحتفالية بأعرافها وطقوسها، وما يترتب عنها من تمثلات ومواقف.
     إذا فمختلف الوسائل والتقنيات المعتمدة في البحوث السوسيولوجية تعرف تابتا في المجتمع الغربي الذي أسهم في ولادتها، نظرا إلى تقدم مستوى المعرفة والوعي الاجتماعي بالمجتمعات المتقدمة، أما في المجتمع المغربي فالأمر يختلف تماما، فمثلا إذا أردنا دراسة ظاهرة الدعارة بالمجتمع الحضري المغربي، عمليا تواجه الباحث السوسيولوجي عوائق عدة من أبرزها سلطة المعايير الأخلاقية والثقافية كالعادات والتقاليد (سلطة الرجل ـ بنية المعتقد والمقدس ـ دونية المرأة في المجتمع البطريقي الأبوي). وعلى هذا الأساس فطرق وتقنيات البحث السوسيولوجي في المجتمع المغربي تتميز بالسلبية، وهذا ما يجعلها تفقد نجاعتها في مقاربة وتفكيك مختلف المشاكل والظواهر الاجتماعية الأكثر حدة.
    من هذا المنطلق فالبحوث السوسيولوجية بالمغرب يبقى قاسمها المشترك هو اعتمادها الوصف دون تحليل مختلف البنيات والآليات المتعلقة بمواضيع الدراسة والبحث السوسيولوجي، لأنها فعليا تصطدم بنوع من التخلف المجتمعي بقيمه الرافضة علنا لهاته التقنيات الغربية، على اعتبار أن الآراء الفردية لا يتم التعبير عناه بشكل حر، حيث يظل رأي الجماعة أو استبداد الشيخ أو رأي المجموعات القرابية الموحدة جنيالوجيا أحد أبرز العوامل الأساسية في عدم التوصل إلى استنتاجات موضوعية لطبيعة الظواهر الاجتماعية بالمغرب.
    إن راهن السوسيولوجيا بالمغرب يحيلنا طبعا إلى دورها كنسق معرفي متميز في قراءة واقع المجتمع المغربي بأدوات وتقنيات غير ملائمة لتفكيك بنية الظواهر الاجتماعية بالمجتمع المغربي خاصة، وعليه فالباحث السيوسيولوجي بالمغرب مطالب بإعادة النظر في المسافة الحضارية والثقافية بين بيئة إنتاج المناهج والتقنيات السوسيولوجية وبيئة تطبيقها، كأدوات للبحث الميداني في علم الاجتماع، بحيث أنه لا يمكن قراءة الواقع المغربي بظواهره وإشكالاته إلا بإعادة النظر في تأسيس رؤية منهجية لسوسيولوجيا بديلة، تكون أكثر ملاءمة لواقع الظواهر الاجتماعية بالمجتمع المغربي على وجه الخصوص.
   تأسيسا على ما سبق فمهمة رجل السوسيولوجيا الذي يراهن على ضرورة الحفر والتبئير عن سوسيولوجيا مغربية تصبح أكثر وضوحا، وذلك من خلال العمل على تحقيق السياق المجتمعي الذي يجعل من صناعة سوسيولوجيا مغربية معطى ممكنا في إطار ممارسة سوسيولوجية بمعطيات معرفية وموضوعية.  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    هامش:

            ـ  (٭)  باحث في السوسيولوجيا ومجاز في علم الاجتماع من جامعة محمد الخامس بالرباط .
            ـ في إطار انفتاح المدونة على كل الفعاليات الراغبة في المساهمة الفكرية والثقافية والإخبارية… يسعدنا أن ينضاف إلى المساهمين أخونا رضوان النجاعي