المطرح البلدي بسيدي سليمان:التدبير البيئي
(الجزء الثاني)
كيف تتحول النفايات إلى مصـــدر ثـروة
المجلس البلدي يُعـد لتفويت الجمع والمعالجة
الحسين الإدريسي
حياة الإدريسي (*)
1-تتبع جمع الازبال بالمدينة ( في الجزء الأول من هذا الملف، نشر سابقا)
2-المطرح البلدي لسيدي سليمان ( في الجزء الأول من هذا الملف)
3- تدبير الازبال بشكل عقلاني و منظم ضمانا لسلامة البيئة و الصحة
مع نهاية القرن الماضي أعطيت عناية كبيرة لمسألة الحفاظ على البيئة ببلادنا خاصة بعد مؤتمر كيوطو وتوسع المدن وارتفاع وثيرة التلوث بالمخلفات الصناعية والنفيات المنزلية، لذا ارتفعت الاستثمارات، فقد كانت سنة 1997 أقل من4000مليون درهم، وفي 2005 بلغت أكثر من 6000 مليون درهم، موزعة بتفاوت على القطاعات الإستراتيجية : الماء 38% والنفايات المنزلية 29% والصرف الصحي 13%) وظهرت على الساحة التشريعية ترسانة من القوانين تحاول مواجهة المشكل أو على الأقل الحد منه عبر التدبير الجيد للمكونات المحدثة للاختلالات البيئية، ونذكر ضمن هذه القوانين:
-القانون 11.03المتعلق باستصلاح وحماية البيئة
-القانون 12.03المتعلق بدراسة التأثيرات على البيئة
-القانون 13.03المتعلق بمكافحة تلوث الهواء
-القانون 10.95المتعلق بالماء ومنع التلويث للمياه السطحية والجوفية
-القانون 28.00المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها
في إطار تطبيق مقتضيات هذه القوانين يتحمل المجلس البلدي، وليس وحده، كل مسؤولية للحفاظ على النظافة وحماية البيئة وذلك بالسهر على عملية تنظيم جمع الأزبال وتوفير الآليات الضرورية لذلك، وٳن كان يتمتع بحق التفويت لشركة في ٳطار التدبير المفوض وفق ما تقتضيه الشروط في هذا الصدد، مع رعاية مصالح المواطنين أولا وقبل كل شيء.
المطرح مصدر ثروة محفز على تغيير الرؤى في التدبير:
المطرح فضاء (عشوائي أو منظم ومراقب ) يستقبل مواد مختلفة أوراق، بلاستيك، مادة معدنية، زجاج، قشور الفواكه والخضر.. التي نسميها عادة بالأزبال(النفايات الصلبة) كل هذه المواد يمكن تدويرها وٳعادة تصنيعها واستعمالها (باستثناء المواد الممنوعة) ليتحول بذلك المطرح إلى مصدر ثروة ثمينة.
فالمطرح مصدر للمواد الأولية القابلة للتدوير يمكن من الحصول على:
مصدر للسماد البيولوجي التي تستعمل بدل السماد الكيميائي
مصدر للطاقة ومصدر للتشغيل المهيكل
تدبير الأزبال:
ـ مواد أولية = تنمية مستدامة
ـ فرص الشغل= تنمية بشرية
ـ المحافظة على البيئة = تنمية مستدامة
ـ المحافظة على الصحة = حق إنساني
المطرح مصدر ثروة
وما دام كذلك فإن المهتمين بالاقتصاد وبتدبير الشأن المحلي قد أدرجوه في مجال الاستغلال والاستثمار مستفيدين من التطورات العلمية والتكنولوجيا في مجال التدبير البيئي. و تجدر الٳشارة أن الاهتمام بهذا المجال تبلور في أحضان المجتمعات الصناعية (أوروبا-أمريكا-اليابان) لينتقل ذلك إلى العالم الثالث في سياق تصدير التكنولوجيا المتطورة، عن طريق الشركات المتعددة الجنسية مع نهاية الثمانينات من القرن الماضي. والمغرب كان من البلدان المستوردة لهذه التكنولوجيا بعقد أول اتفاقية له مع LYDEC الفرنسية (مجموعة ليون سويز).
فإذا كانت التكنولوجيا المتطورة تساعد على تحسين الخدمات والرفع من مستوى المردودية، فإنها مع ذلك (ومن سلبياتها) تغلب عنصر الربح على مصلحة المواطنين والتلاعب في دفتر التحملات ورعاية مردودية الراساميل المستثمرة.
الطريقة البيئة السليمة لمعالجة الأزبال
يبدأ تدبير الأزبال من نقطة التفكير في المعالجة؛ التخطيط، التدقيق في الإجراءات والقرارات، وذلك من صلاحيات المجالس المنتخبة أو الشركة الحاصلة على التدبير المفوض، وصولا ٳإلى تجميع الأزبال، حيث يتم تجميع كل مادة على حدة (أوراق، بلاستيك، مادة معدنية، زجاج، قشور الفواكه والخضر… بهدف تدويرها وإعادة تصنيعها و استعمالها مما يساهم تخفيض نسبة الأزبال إلى اكثرمن90% بالنسبة للازال المنزلية وشبه المنزلية.
وتجدر الإشارة أن ٳعادة هذه المواد لعجلة الصناعة سيؤدي ٳإلى الحفاظ على مواردنا الطبيعية، بما يساهم في التنمية المستديمة.
ولا شك أن هذه الطريقة تستلزم ضمن ما تستلزم تنظيم حملات تحسيسية في صفوف المواطنين ليصبحوا بذلك فاعلين عبر الانخراط الواعي في مواجهة أحد مشاكل الشأن المحلي في ٳطار التدبير المواطن والتشاركي.
هناك طرق أخرى للتخلص من الأزبال كالحرق المباشر (طريقة غير سليمة من المنظور البيئي) أو التجميع في مطرح مهيكل يحترم المعايير البيئية (معالجة عصارة الأزبال بشكل بيولوجي أو كيميائي بعد عملية فرز النفايات)
المطرح المهيكل المختلف حسب خاصيات الموقع وتقنية المعالجة
فيما يخص المطرح المهيكل فالمغرب أحدث عدة قوانين تنص على ٳإلزامية الجماعات المحلية لاختيار شكل سليم لتدبير الأزبال وٳنشاء مطارح مهيكلة بموازاة مع العناية بالبيئة وانتشار التكنولوجيا الجديدة في هذا المضمار، ٳلا أنه قليلة هي المدن التي تتوفر على مطارح مهيكلة بٳشراك شركات أجنبية (التدبير المفوض المطبق بالبيضاء ومكناس وطنجة ووجدة كأمثلة فقط وليس الحصر) مما يبين بدون شك قصور الجماعات المحلية في معالجة هذا المشكل بالارتماء في أحضان الرأسمال الأجنبي الذي يدعي الانفراد بالتكنولوجيا المناسبة للحماية البيئة.
و بالرجوع إلى ما تقدمه الشركات ذات الاختصاص فإن المطارح المهيكلة تشكل بديلا لهدر الطاقات والتلوث والوقت، إذ تمكن هذه المطارح من خلق إطار مندمج بيئيا واقتصاديا واجتماعيا ضروريا لتحقيق التنمية المستدامة: إن العرض الذي قدم أمام أعضاء المجلس البلدي بقاعة بغداد (سيدي سليمان بتاريخ 16-10- 2009 ) من طرف ممثل شركة إيطالية لمقنع للغاية، خاصة وأن المدينة في حاجة ٳإلى مطرح ملائم ومناسب للمكانة التي تبوأتها أخيرا.
تهـــــــــيئ المكان
تحويل النفايات الطبيعية ٳلى أسمدة compostوإلى غازات(طاقة) 3 -وحدة
1 - الفرز الأولي للنفايات المنزلية
2- مسلسل تدوير: تحويل النفايات الطبيعية.
3 -وحدة التحويل والتخزين.
تحويل النفايات الصلبة إلى طاقة
1- النفايات الصلبة
2 ـ وحدة التحويل.
3ـ الطاقة
المجلس البلدي يحضر لتفويت قطاع النظافة بالمدينة
في جلسة عمل مع جمعية العقد العالميللماء(بتاريخ 22 أكتوبر 2009 ) أفصح المجلس البلدي ممثلا في مكتبه الجديد عن مشروعه لتفويت قطاع النظافة ٳإلى شركة أجنبية، على غرار ما قام به الرئيس السابق للمجلس بتفويت التطهير السائل إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب (onep)، وصادف ذلك بدون شك تواجد ٳرادة للتخلص من أحد القطاعات (بجانب التطهير السائل وحتى الإنارة العمومية، أنظر مقررات الاجتماع الأول للمجلس) الذي أصبح تقيلا على كاهل المجلس وهو يباشر مهامه في ظل الميثاق الجماعي الجديد الساعي ٳإلى الرقي بممارسة الشأن المحلي ٳإلى مستوى متطلبات الحكامة الجيدة. فرغم البساطة التي تكتسي عملية جمع الأزبال فٳن المجلس قد ارتأى تركيز اهتمامه على المطرح البلدي في إطار التدبير البيئي للنظافة بالمدينة، مبررا المشروع بتجربة التدبير المفوض المعتمد بعدة مدن عبر اتفاقية مع الشركات الأجنبية (فيوليا، أماندس…)
يظهر أن التوجه إلى تفويت قطاع النظافة بالتدبير المفوض إلى شركات ذات الصلة بالخدمات المتعلقة بالماء والتطهير الصحي والنفايات، قد أصبح قناعة لدى أعضاء المجلس البلدي بعد تجربة كل من البيضاء والرباط وطنجة وتطوان وغيرها بالشمال كما بالجنوب (انظر جدول الشركات المحضوضة بالمغرب في ٳطار اهتمام الشركات المتعددة الجنسيات بالتدبير المفوض) والتجربة السابقة برئاسة الاتحاد الاشتراكي مكنت من تفويت التطهير الصحي إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، مما فتح الباب للتخلص من الخدمات لصالح القطاع الخاص رغم ما يثير ذلك من رفض أو احتجاجات داخل المجالس أو خارجها. وكيف ما كان الحال فٳن موجة نقل الخدمات إلى مؤسسات شبه عمومية أو خاصة (شركات أجنبية منها الفرنسية) من طرف المجالس قد أصبح يشكل خاصية في تجربة الجماعات المحلية مع مطلع القرن 21 بالمغرب: فأكثر من 38 مدينة قد وقعت اتفاقيات مع شركات لحل مشكل النقل وأكثر من 10 مدن فوتت قطاع النظافة إلى شركات أجنبية التي تقدم أساليب وتقنيات متطورة لمواجهة مشكل تدبير النفايات، ابتداء من تجربة الدار البيضاء سنة 1997 وبقيمة إجمالية تتجاوز 140 مليار درهم على مدد تتراوح ما بين 10 و 30 سنة (انظر الجدول)
مع هذا المد لا يجب استثناء مجلس سيدي سليمان الذي راهن على العصرنة وإدخال أسلوب جديد لمعالجة المشاكل العالقة في تدبير الشأن المحلي من قبيل البنيات التحتية ونظافة المدينة وحماية البيئة في علاقتها مع التدهور السائد. لذا عمل المجلس على انجاز دراسة حول الأزبال بالمدينة والمطرح المتعلق بها، كما ربط العلاقة مع شركة ايطالية في ٳطار مشروع التوأمة ما بين سيدي سليمان ومدينة ايطالية.
ويبدو أن الشركة قد أعربت عن استعدادها للانخراط في المشروع المدعم بهبة مالية ايطالية (6مليون € ) الشيء الذي شجع المجلس البلدي للتحضيرالٳداري لتفويت تدبير الأزبال والمطرح إلى الشركة الأجنبية التي ستدخل في حلبة المنافسة مع شركات أخرى وفق الشروط المعمول بها في هذا المجال، من أجل تحسين الخدمة لصالح المستهلك، قبول كل المستخدمين، تحديد عدد الموظفين الأجانب لتعويضهم تدريجيا. ومع ذلك لا زالت قضايا تتطلب الحل التقني والإداري، مثل المكان المناسب للمطرح، قبول مختلف الأطراف المعنية بالمشروع ومصير المستخدمين والآليات في العقدة. وٳذا يسرت كل تلك الخطوات سنرى اسم الشركة الايطالية المرشحة على لائحة الشركات الأوروبية المحضوضة لاستثمار أموالها ببلادنا.
الشركات المحضوضة في مجال التدبير المفوض
المدة
|
الإستتمار
|
الشركة المستفيدة
|
السنة
|
المدينة
|
30
|
30
|
LYDEC
|
غشت 1997
|
البيضاء
|
13,74
|
REDAL
|
يناير 1999
|
الرباط
| |
10
|
14.40
|
EDGEBERO INT
|
2001
|
فاس
|
3.7
|
AMENDIS
|
يناير 2002
|
طنجة
| |
3.9
|
AMENDIS
|
يناير 2002
|
تطوان
| |
15
|
7.65
|
CSD/CRB. SARL
|
2004
|
وجدة
|
15
|
4.39
|
SEGEDEMA
|
2006
|
الجديدة(م.ع. الله)
|
10
|
3.68
|
SOS NDD
|
2006
|
القنيطرة
|
10
|
2.28
|
GMF
|
2006
|
الصويرة
|
20
|
33.88
|
PIZZORNO.SEGEDE
|
2007
|
الرباط . سلا
|
20
|
1.9
|
VEOLIA PROPRETE
|
2007
|
بركان
|
10
|
19
|
TECMED
|
2007
|
أكادير+6 جماعات
|
15
|
3.58
|
SEGEDEMA
|
2008
|
الحسيمة(نقور)
|
142.10 مليار درهم
|
المجموع
|
14 مدينة
|
خلاصة :من هذه الدراسة يمكن استنتاج ما يلي
1-إن مدينة سيدي سليمان قد بدأت تنخرط في مجموعة من المشاريع للخروج من العزلة والتهميش السائدين.إذ لم تفتح الفرصة أمام التأهيل إلا أخيرا عبر منجزات اختلف المتتبعون على تقييم انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية. لقد تحققت أوراش (المسبح، تزفيت الطرق وقنوات الصرف للمياه العادمة ودار الطالبة ومرافق أخرى) بغلافات مالية مهمة لكن المستفيد الأساسي يبقى الفاعل الخارجي؛ الشركات المنفذة للمشاريع، اليد العاملة في غالبيتها استقدمت من المدن الأخرى.
2- إن الاهتمام بمجال الأزبال يأتي في إطار المشاكل التنظيمية والبيئية المطروحة بحدة جراء توسع المدينة وتعمق معالم التردي في الخدمات، الشيء الذي يفرض التسريع بالحلول الملائمة، باتخاذ الإجراءات المناسبة في إطار الصلاحيات المخولة للمجالس المنتخبة والسلطات ذات الصلة بالمسألة البيئة، بما فيها صحة المواطنين. ففي هذا الإطار اختار المجلس البلدي اللجوء إلى التدبير المفوض لتفويت قطاع النظافة إلى شركة مختصة للأسباب التي عبر عنها:
- إعمال التوجيهات الرسمية للمحافظة على نظافة المدينة وحماية البيئة
- الانخراط في تحديث قطاع النظافة.
- الاقتناع بفعالية التكنولوجية الأجنبية وقوة عروض الشركات المتعددة الجنسيات.
وبناء عليه يقدم المجلس البلدي نفسه كمدافع على التدبير المفوض في النظافة وبدون شروط ويبقى البث في المشروع مسألة وقت فقط.
3- رغم هذه الظروف يبقى مشكل النظافة بالمدينة قائما في انتظار التوصل إلى اتفاقات حول المكان المناسب للمطرح المهيكل وحول معضلة تلوث واد بهت.
سيدي سليمان 16-12-2009
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة: أنجز البحث في إطار مجموعة العمل التابعة لجمعية التعاقد العالمي للماءـ أكمي المغرب ـ
(1) عنwww.vmpress.it:
ـ الرسومات عن نفس الموقع
ـ استدراك: سندرج لا حقا صورا توضيحية