ندوة "الإعلام والمجتمع والسلطة: أية علاقة " بمشاركة حيران، كوكاس وحفيظ
محمد العنيبي، محمد حفيظ، مصطفى حيران، عبد العزيز كوكاس (عن صفحة البديل الثقافي بالفيس بوك)
القنيطرة: محمد العنيبي
بدون اتفاق مسبق تواطأت عروض المتدخلين في ندوة "الإعلام والمجتمع والسلطة: أية علاقة ؟" بمدينة القنيطرة يوم الأحد 09 - ماي 2010، حول ذات الأفكار والملاحظات بمقاربات متعددة ، يختزلها عنوان " تعددت المقصلات المتربصة بالصحافة المكتوبة والمحنة واحدة"، لقد "عاشت الصحافة محاكمات مغرقة في السخرية " قالها حيران بملء صوته الهادر، "كان يمكن الاكتفاءبكلمة واحدة في الموضوع : إن لنا زميلا (اسمه إدريس شحتان) يقبع الآن في السجن "، يهمس كوكاس بصوت غارق في الأسى والحزن، " الحوار حول الصحافة تغيب في الدولة، بينما مشكلتنا كصحافة هي مع الدولة لا المجتمع " يقول حفيظ بجدية تبدو ساخرة ..قاعة العروض بغرفة التجارة والصناعة التي احتضنت عروض الندوة ونقاشاته ، كانت غاصة بالحضور، حضور تشكل من الشباب والنساء، ولوحظ أن أغلب الوجوه الصحافية والثقافية واليسارية بالمدينة حاضرة، خاصة أعضاء النهجالديمقراطي وأعضاء جمعية البديل الثقافي…
مصطفى حيران
حوالي الساعة السادسة- بعد الزوال - بقاعة العروض بغرفة التجارة والصناعة، انطلقت الندوة على إيقاع التاريخ الذي أطل منه مصططفى حيران على الجمهور الكثيف، لتوضيح المرحلة التاريخية، المؤطرة لما تعيشه الصحافة المكتوبة "الخاصة"- على حد تعبيره- من محن ومشاكل و"مهازل". وإذا كانت الصحافة قد ولدت استجابة لحاجة تطور مجتمعي يعبر عن مصالح اقتصادية(للبورجوازية) بالمجتمعات الغربية، وتحديدا بالمجتمع البريطاني، حيث تحكم في تأسيسها منطق "الضرورة التاريخية "، فإن ظهور الصحافة في المغرب تم بمبادرات فردية في تطوان، قبيل الاستعمار، على عهد الحسن الأول، لتولد فيما بعد، من رحم السياسة وتترعرع في حضنها مع فترة الاستعمار، وسيواكب – حسب حيران - ذات الطابع ظهورها في مرحلة ما بعد الاستقلال كاستجابة سياسية. فأمام استحواذ واحتكار الدولة للصحافة والإعلام، عمدت الأحزاب السياسية بدورها لإنشاء صحافتها: العلم، المحرر، وهي "نشأة غير سليمة" – حسبمداخلة الصحافي حيران" مما جعلنا -اليوم - أمام "محاكمات للصحافة مغرقة في السخرية " بواسطة قضاء متوثب لمعاقبة الصحافة والصحافيين .
" الممارسة الصحافية بمعناها الاحترافي بنت التناوب" – حسب قولة بوبكر الجامعي – يستدل حيران، مؤكدا على أن معالم " الصحافة الخاصة" (المستقلة) ستتجلى مع بروز طاقات تمارس وتدعو إلى صحافة مستقلة عن الدولة وعن الأحزاب، وهنا يقول حيران يجب الاعتراف بمصطفى العلوي كقيدوم الصحافيين المغاربة،بتجربته كرائد في الصحافة المستقلة الرامية إلى قلب معادلة النظر إلى الصحافة كمرتبة ثانية بعد السياسة. بيد أن تجربة الصحافة ستأخذ وجها مغايرا مع المناخ السياسي الحالي، يرمي إلى الحد مما اعتبرته المركزية السياسية "بسالة"، ل"إعادة الصحافة إلى بيت الطاعة."
" أنا متشائم فيما يخص وضعية ومستقبل الصحافة" يعترف حيران، لأنه في غياب شريحة بورجوازية متنورة تستثمر وتدافع عن أفكارها ورؤاها المعبرة عن مصالحها كفئة، وأمام عدم التوفر بالشكل الواضح على رأي عام وطني ضاغط وقوي في دفاعه عن الصحافة، وفي ظل عدم وجود قانون واضح مدقق، لا يستطيعالتشاؤم إلا أن يسيطر على الموقف. ولكن رغم هذا أعتقد – يضيف مصطفى كأنما يستدرك – " من السهل إدخال صحافي إلى السجن، أو إقفال هذه الجريدة أو تلك، ولكن من الصعب إيقاف مد الصحافة وما حققته التجربة المغربية من تراكموإنجازات، مقارنة مع من يشبهنا من الدول على صعيد مستوى التطور، لذلك يجب علينا أن نعض على كل هذه المكتسبات (بالنواجد.)"
" الممارسة الصحافية بمعناها الاحترافي بنت التناوب" – حسب قولة بوبكر الجامعي – يستدل حيران، مؤكدا على أن معالم " الصحافة الخاصة" (المستقلة) ستتجلى مع بروز طاقات تمارس وتدعو إلى صحافة مستقلة عن الدولة وعن الأحزاب، وهنا يقول حيران يجب الاعتراف بمصطفى العلوي كقيدوم الصحافيين المغاربة،بتجربته كرائد في الصحافة المستقلة الرامية إلى قلب معادلة النظر إلى الصحافة كمرتبة ثانية بعد السياسة. بيد أن تجربة الصحافة ستأخذ وجها مغايرا مع المناخ السياسي الحالي، يرمي إلى الحد مما اعتبرته المركزية السياسية "بسالة"، ل"إعادة الصحافة إلى بيت الطاعة."
" أنا متشائم فيما يخص وضعية ومستقبل الصحافة" يعترف حيران، لأنه في غياب شريحة بورجوازية متنورة تستثمر وتدافع عن أفكارها ورؤاها المعبرة عن مصالحها كفئة، وأمام عدم التوفر بالشكل الواضح على رأي عام وطني ضاغط وقوي في دفاعه عن الصحافة، وفي ظل عدم وجود قانون واضح مدقق، لا يستطيعالتشاؤم إلا أن يسيطر على الموقف. ولكن رغم هذا أعتقد – يضيف مصطفى كأنما يستدرك – " من السهل إدخال صحافي إلى السجن، أو إقفال هذه الجريدة أو تلك، ولكن من الصعب إيقاف مد الصحافة وما حققته التجربة المغربية من تراكموإنجازات، مقارنة مع من يشبهنا من الدول على صعيد مستوى التطور، لذلك يجب علينا أن نعض على كل هذه المكتسبات (بالنواجد.)"
"كان يمكن أن أقول: إن هناك زميل لنا في هذا الوقت يقبع وراء القضبان اسمه إدريس شحتان" لنلخص وضعية صحافتنا ونكتفي. لكن المقام لا يسمح بذلك " عبارة تقطر أسى افتتح بها عبد العزيز كوكاس مداخلته، مشيرا إلى أن مشكلة الصحافة في أصلها مع السلطة لا المجتمع. بسبب وحدة الموضوع الذي يشتغلان عليه، فالسلطة والصحافة كلاهما يبحث عن المعلومة والخبر، السلطة تعي جيدا أن من يمتلك المعلومة يمتلك السلطة، وتتعاطي مع المعلومة بمنطق يحكمه الكتمان وثقافة الاحتكار، بينما علاقة الصحافة مع الخبر والمعلومة ينبني على منطق العلنية وثقافة إعادة التوزيع والنشر. ولما أحست السلطة أن مجموعة من الصحف أخذت تخرج عن "بيت الطاعة"، لجأت إلى تصنيف علاقتها مع الصحافة إلى صنفين – يشير الصحافي كوكاس –: صحافة النعمة وصحافة النقمة. الصحافة الأولى: تنعم بالأغلفة والتسهيلات، وترفل في نعيم الإشهار، وتحصل على المعلومات الخفية بطرق سريعة ومريحة، مقابل تحولها إلى "صناديق بريد" لجهات نافذة في مراكز القرار، بينما الصحافة الثانية التي فشلت مراكز القرار في استقطابها، وسمت كصحافة "نقمة" وجب "تأديبها"، لنشهد مسلسلا يستهدف بحدة الصنف الثاني من الصحاف."والمشكلة الكبرى أنه لا يوجد- اليوم - مخاطب واضح مع الصحافة " يقول كوكاس، حيث يبدو أن وزير الاتصال وكأنه لا يملك القرار، إذ في الوقت الذي عاشت فيه الصحافة محنة صعبة، وفي الوقت الذي فاقت فيه مبالغ الغرامات الماليةالمحكوم بها على الجرائد بكثير حجم الضرر (هذا بغض النظر عن الموقف من المحاكمات ) ، وفي الوقت الذي يقبع فيه شحتان في الزنزانة، يخرج علينا وزير الاتصال قائلا: " إن حرية الصحافة تمارس بشكل سليم "، والواقع - حسب تحليل كوكاس -أن توظيف القضاء للقضاء على الصحافة بات ظاهرة واضحة .أما علاقة الصحافة بالمال – حسب كوكاس – فيطبعها الغموض والفوضى، عنوانها البارز هو "المال السائب"، لاعقلانية تؤطر عملية الإشهار، جريدة قد لا تسوق أكثر من 1000 نسخة تحصد فائضا من الإشهار قد يصل 3 ملايين في العددالواحد، وأخرى قد تصل مبيعاتها العشرين الألف لا يصلها إلا الشحيح من الإشهار وللتمويه فقط . إنه الوجه الآخر لمنطق التمييز بين صحافة النقمة وصحافة النعمة ..إن الصحافة يختم كوكاس- تعبير عن حاجة اجتماعية لخوض الصراع السلمي للأفكار والمواقف والأطروحات وهدم مركزة السلطة، لأن الديمقراطية انفتاح أيضا على الأفكار الموجعة وليس المختلفة فقط .
محمد حفيظ
" الدولة غائبة عن الحوار حول الإعلام والصحافة، ومشكلة الصحافة ليست مع المجتمع بل مع الدولة " بهذه الملاحظة انطلق محمد حفيظ مدير نشر أسبوعية "الحياة الجديدة"، موضحا أن الدولة لم تعط أية إشارة تمهد للحوار بالرغم أن إدريس شحتان أعلن اعتذاره، فلازال وراء القضبان، أما قرار إعدام "لوجونال" – حسب حفيظ – فهو قرار باطل، عندما نتأمله في مستوى التاريخ لا اللحظة،" فكيف يمكن أن نمنع الأوكسجين عن شخص مهما قويت بنيته وننتظر منه أن يبقى على قيد الحياة" على حد تشبيه حفيظ في إحالة إلى منع الإشهار عن لوجورنال. وعلى عكس التوتر الذي يطبع علاقة الصحافة المستقلة مع الدولة، لا يوجد توتر في علاقتها بالإعلام العمومي، وذهب حفيظ إلى أن الإعلام السمعي البصري العمومي لا يقوم بمهامه، حسب ما تبرزه عدة مؤشرات منها هجرة الطاقات الصحافية، وتدني نسبة المشاهدة للقنوات الوطنية مقارنة مع نسبة مشاهدة القنوات الأجنبية. والمحصلة أن المغاربة في غالبيتهم لا يثقون بالقنوات الوطنية. إن المشكلة لا تكمن في العلاقة مع الدولة فقط، بل تتشعب لتطال الذاتي في الجسم الصحافي والاجتماعي، فحجم انتشار الصحافة المكتوبة محدود مقارنة مع جريدة في الجزائر – على سبيل المثال يشير مدير أسبوعية الحياة الجديدة- ، فجريدة واحدة في الجزائر قد تطبع مجموع ما يطبع في المغرب. وهو ما يشكلقيودا تنضاف إلى القيود القانونية والمؤسساتية للدولية على الصحافة الورقية المستقلة .و"المستقلة مفهوم إجرائي للتصنيف والتمييز عن الصحافة الحزبية وعن صحافة الدولة " يلح حفيظ. ويضيف إن بعض المنتسبين للصحافة يساهمون في الهجمة الشرسة التي تطالها، وفي مقدمتهم من يقبلون بالتخلي عن استقلاليتهم واستقلالية الصحافة. فذلك أكبر خطر يتهدد المهنة، وأكبر إساءة إلى الصحافة .إن الحاجة إلى ثقافة المعرفة والمعلومة – على حد ما جاء في المداخلة - يفرض تقوية النزوع نحو الاستقلالية، ويفرض انخراط كل الإطارات الغيورة على الوطن لتحمل مسؤولية حماية الصحافة .تضخم عدد الحضور المتدخلين لمناقشة عروض الندوة أثار الانتباه، حيث بلغ 25 ما بين متدخل ومتدخلة، أخذ محمد حفيظ الكلمة لإبداء تعليقه جوابا على بعض الأسئلة في الساعة الثامنة ولما تنته كل المداخلات، بحكم اضطراره لمغادرة القاعة بسبب عذر قاهر. وفي حين اكتفي عبد العزيز كوكاس - بعد انتهاء مداخلات الجمهور- بتعليق شاعري مختصر عدد فيه أنواع الصحافيينوالصحافة الموجودة، بتنافر مواقفها وممارساتها ورهاناتها. أخرجت أسئلة بعض المتدخلين الحارقة مصطفى حيران من ما بدا هدوءا شبه أكاديمي للاستمرار في توضيح ما بدا غامضا .وانتهت الندوة الغنية مداخلاتها كما مناقشاتها حوالي الساعة التاسعة والربع بكلمة عبد الرحمن البيصوري رئيس جمعية البديل الثقافي المنظمة للندوة، الذي حيى الحضور وشكر بحرارة حيران، وكوكاس وحفيظ على تحملهم مشاق السفر وتخصيصهم حيزا من وقتهم للتواصل مع الجمهور القنيطري في موضوع يحظى بأهمية خاصة وراهنية مستمرة .