الخميس، 7 يونيو 2007

سيدي سليمان تكحل عيونها تعبيد الشوارع في انتظار تنمية حقيقية


   سيدي سليمان تكحل عيونها                       
     تعبيد الشوارع في انتظار تنمية حقيقية
   قررنا أن نحرص في هذه المدونة على المصداقية، وعكس اهتمامات وانتظارات المواطنين، حسب مقدرتنا طبعا، مع إتاحة الفرصة لكل الآراء، في ظل الاختلاف المشروع، وحرية التعبير "المسؤولة"، التي يجب أن نصنعها و نرعاها نحن المواطنون… مناسبة هذا الكلام ما تعرفه المدينة من "ورش إصلاحي" قائم لا يمكن إغفاله، فإذا كان البعض يعتبر في المجال الصحفي أن مثلا عض كلب لرجل خبر عاد، بينما إذا حدث العكس يكون ذلك هو الخبر الجدير بالنشر، وكذلك المثل الآخر عن تأخر القطار عن موعده كخبر "مهم"، أما الحديث عن القطارات التي تحترم المواعيد، فذلك لايهم سوى قلة من المسافرين، مثل هذا الأسلوب الصحفي ليس دائما على صواب، وإن كان الخبر العجائبي غالبا هو ما يثير الاهتمام. نعود لصلب الموضوع فنقول أن المقصود "بالورش الإصلاحي" هو تعبيد عدد من شوارع المدينة، فبعدما أهملت هذه الشوارع لعقود طويلة، وأصبحت ممتلئة بالحفر والخنادق، ولم تعد تصلح لسير العربات والراجلين، انطلقت عملية التعبيد من الحي الجديد ثم حي السلام ولم تصل بعد لحي الغماريين…وأضيف شارعان بحي الوزين (المعمل)، نتمنى أن تشمل كل طريق غير صالح للإستعمال، كلفت العملية 3.7 مليار سنتيم، حصلت عليها البلدية في إطار غلاف مالي أكبر ضمن قرض من صندوق التجهيز الجماعي وفق مطلعين، أي أن ذلك من المال العام، وليس من جيب أحد، رغم أن التوقيت قد يثير بعض الشبهات، لقربه من موعد الانتخابات البرلمانية، ما يعني دعما غير مباشر لجهة معينة

  
نموذج شارعين بعد تعبيدهما
    حسب ملاحظاتنا تعبد الشوارع بكيفية جيدة، حيث تزال الطوارات القديمة وتعوض بأخرى، تسوى الأرض، ثم توضع غالبا فرشتان من المزرار(حجارة صغيرة الحجم) والزفت المخلوطان والمنصهران، بينما يتم الاكتفاء في أزقة أخرى برشها بواسطة الزفت تم يوضع مزرار في شكله الأولي، وبعد ذلك يوضع الخليط الساخن (ما يسمى بالنيلو)، ينتج عن كل ذلك شوارع في المستوى المطلوب، تعطي قيمة مضافة لهذه المدينة، زوروا مثلا فيلات حي السلام، حيث كانت سابقا هذه الدور الفاخرة تسبح في فضاء شبه قروي…
    لكن إذا كنا نسجل بإيجابية كل مشروع يرى النور في هذه المدينة التي أهملت، وأحس ساكنوها بالغبن، ومنهم من فضل الإقامة في القنيطرة رغم أن شغله مرتبط بسيدي سليمان، مثل ذلك عدد من المحامين والأطباء، غير أننا نسجل من جهة أخرى ملاحظات أولية نبديها كمواطنين لنا الحق في ذلك، منها اللجوء إلى القروض لإنجاز أي شيء بهذه المدينة، كما وقع للمسبح البلدي (يحرصون على تسميته رسميا بالمسبح الأولمبي)، الذي لم يشتغل ولم ينتج شيئا، رغم تشييده منذ زمن بعيد يفوق عشر سنوات، وما تطلبه ذلك من أموال باهضة، ثم إدخال الماء الصالح للشرب من جهة القصيبية، اعتمادا على قروض لتعويض الماء غير المستساغ السابق، لكن الماء الصالح للشرب حقا لم يصل لساكنة المدينة بالوفرة المطلوبة، إذ تم توزيعه في الطريق على قرى عديدة، والتي من حقها التوفر على الماء، ولكن ليس على حساب آخرين، ورأت مشاريع أخرى النور كإعادة تهيئ حديقة شارع الملعب المهملة الآن، وبناء مقاطعة بفضل ميزانية الجهة، وتعبيد شارع الحسن الثاني من الميزانية الإقليمية، أو إعداد مرافق غير صالحة للاستعمال كسوق السمك، وسوق الخضر قرب حي اخريبكة… وهكذا لم تفكر المجالس المتعاقبة والسلطات المختصة محليا وجهويا ووطنيا في توفير المناخ المناسب لإحداث مشاريع ووحدات إنتاجية، وكل ما يمكن أن يدر على المدينة مدا خيل مالية تغنيها عن اللجوء المستمر إلى القروض، التي ترهق الميزانية، وتكبل أي مجهود "تنموي" قد يتم التخطيط له، رغم أن هناك من يرى أنه لايمكن إحداث أي قفزة تنموية بدون اللجوء للقروض، لكن المشكل هو في كيفية إنفاق هذه القروض، كمهتمين لا يفاجئنا أي تقصير في المجال الاقتصادي من جانب المنتخبين، فهذا رئيس المجلس البلدي الحالي السيد قدور المشروحي قال لصحيفة محلية: "بالنسبة لنا كجماعة لا دخل لنا في الاقتصاد، لأن الاقتصاد له أصحابه" (الزمن المغربي عدد17). وإخفاء العجز وراء أسباب واهية لا معنى له، مادامت للمجالس المنتخبة وللرئيس خاصة صلاحيات واسعة في ظل ميثاق الجماعات المحلية الحالي، يمكن للجماعة أن تكون مستثمرا في المجال الاقتصادي، وموفرة للظروف المناسبة لذلك، ومن يريد أن يتخلى عن دوره فذلك "شغله"، فرئيس المجلس البلدي لسيدي سليمان، قال في نفس الجريدة المشار إليها في سياق الحديث عن "الإصلاحات" حسب السؤال الموجه إليه: "إذا كان كل من يريد أن يطلع على الملفات، فيمكن أن يجدها عند المسؤولين الذين يسعون جاهدين لإعداد مدينة نموذجية، مدينة تحاول الانتقال إلى عهد جديد…إلى مجال الأعمال الإيجابية".  فهل المسؤولون هنا هم ممثلو سلطة الوصاية؟ الذين لهم اختصاصاتهم حسب القوانين الجاري العمل بها،  وما دور المنتخبين الممثلين للسكان؟ والذين يعدون أثناء الحملات الانتخابية بالممكن والمستحيل. وارتباطا بموضوع الفاعلين المحليين نسجل عدم انفتاح كاف على الإعلام والمواطنين المهتمين، حيث لا تشهر مثلا اتفاقية/ صفقة 2007/06 الخاصة بتعبيد الشوارع، ولا تقام ندوة لذلك، وليس هناك موقع إلكتروني يمكن الإطلاع من خلاله على التفاصيل، وبالنسبة للبعض يتفادى أي "تجهم" يستقبل به في إطار البحث عن المعلومة، وعليه نوجه دعوة لهؤلاء الفاعلين قصد مدنا بالمعلومات وتسهيل وصولنا إليها في ظل احترام كرامة كل متسائل أو باحث، لإفادة المواطنين، وفي انتظار ذلك سنتابع عن قرب، ونكتب عما لم يعبد من الشوارع، وما لا يتم بشكل لائق، على الأقل في هذا الموضوع.
     فيما يخص الأشغال الجارية، فعلا يبدو أن التعبيد يتم بشكل ملائم، حسب معاينتنا البسيطة، بينما المختصون والمراقبون والسلطات المعنية، هم الكفيلون بتحديد مستوى الجودة، وليتحمل كل مسؤوليته، حتى لا تتكرر تجربة شارع الحسن الثاني، التي زفتت قبل شهور من طرف نفس المقاول، بتمويل من الميزانية الإقليمية، وظهرت به شقوق وحفر، يتم ترقيع بعضها الآن، ولمن أراد التأكد فليذهب إلى الشارع المذكور على الأقل انطلاقا من حي السلام في اتجاه الشرق. وأخيرا تم تعبيد طريق أولاد الغازي المؤدية إلى دار بالعامري، والذي كان في حالة لا تطاق، وعرف عمليتين سابقتين فاشلتين لتعبيده، وكان ذلك نموذجا لهدر المال. عرفت بعض مواقف السيارات (بجانب البريد) وبعض الممرات (بالفيلات) التهيء بالإسمنت المسلح، بينما أهمل موقف سيارات بحي الزاوية قرب "الصيدلية الشعبية"، رغم تعبيد الطريق المحادية له، كما أحدثت مواقف جديدة بعدد من الأماكن. إذا كان استبدال أحجار الطوار بأخرى جديدة عمل جيد، لكن مستوى الجودة يبقى بدوره مطروحا، فقد وجدت إحداها مهشمة من الوسط، وهي تتفتت بمجرد لمسها بالأصابع، وذلك أمام المنزل رقم 136 بحي رضا، وقمت بنفس الشيء بالنسبة لأخرى فكانت صلبة. أما الطوارات القديمة والتي كان بعضها من الحجر المصقول، فعلا أن مجر نقلها عملية مكلفة، لكنها مادة خام تصلح لعدة استعمالات، كأن تهشم وتسوى بها مسالك في محيط المدينة أو بالعالم القروي، وليس أن تبقى متراكمة في إحدى الساحات، ووضع أكوام الأتربة وسط حي السلام فعل غير مناسب،  ويخشى أن تسوى بعين المكان في علو غير متناسق مع المنازل المجاورة، لماذا لا يوضع منها بحفرة كبيرة في ساحة متواجدة ببلوك المدرسة في حي السلام عينه؟ 
 جانب من أكوام الأثربة التي وضعت وسط المدينة
وإعادة تعبيد الشوارع دون التفكير في إصلاح قنوات الواد الحار المختنقة أو غير الصالحة، يثير علامات استفهام، كما هو عليه الحال في حي السلام، ونفس الشيء بالنسبة للصيانة المغيبة من قائمة أنشطة المصالح البلدية، فكثير من الشوارع تحتاج إلى ترميم الحفر، التي تظهر وتهمل إلى أن تتسع وتتعمق، رغم أن بعض هذه الشوارع تكون حديثة التجديد، كما هو عليه الحال في محيط مسجد الهدى، بحي السلام، والشارع المتفرع عنه جهة الشرق، لماذا تهمل ولا تصان ككل طرق العالم داخل عمرها الافتراضي، ليجري المنتخبون بعد ذلك وراء الصفقات الكبرى والقروض، لابد من الإشارة كذلك لضعف جودة الطرق ببعض التجزيئات السكنية، التي يستخلص أصحابها الملايير ويرحلون، في انتظار أن يتكفل المجلس البلدي في يوم ما بهذه الطرق، وإن أي جولة بسيطة كفيلة بتأكيد ذلك. 
    كان في السابق السائقون يسيرون ببطء حفاظا على عرباتهم من خطر الحفر، أما الآن فبعضهم يعتبر الشوارع طرقا سيارة، هناك سيارات وحتى شاحنات تسير بسرعة لا تناسب المدينة، قد تهدد حياة الراجلين، وفي غيبة ميادين الرياضة وفضاءات اللعب، يرى البعض أن عددا من الشوارع تصلح لممارسة مباريات الكرة المصغرة، وهو ما شرع فيه فعلا.
    ختاما نقول هل ستعود سيدي سليمان لشبابها السابق؟  عندما شيدها المستعمر، وكانت بوتقة جذب، حيث وفرت الشغل والفضاءات المناسبة لساكنة ذلك الزمن، أم أنها أصبحت امرأة هرمة؟ تكحل عيونها بالزفت، وتضع مساحيق رخيصة تخفي التجاعيد والوهن، من جانبنا نتمنى لهذه المدينة تنمية حقيقية، وتصالحا مع ساكنتها الطواقة لمدينة عصرية، توفر مرافق الحاضرة الحقيقية، وتتصالح في إطار تكاملي مع محيطها الفلاحي. في احترام تام لخصوصية كل مجال، وبدون بدونة (من البادية) المدينة. 
          مصطفى لمودن
     أدل بملاحظاتك وبرأيك وبمعلومات ترى أنها مناسبة للنشر، وكل من له رأي مخالف مستعدون لإدراجه

الثلاثاء، 5 يونيو 2007

سكان حي الوركة بسيدي سليمان ينتظرون منذ خمسة عشر سنة افتتاح مدرسة "أم هاني"!


   سكان حي الوركة بسيدي سليمان ينتظرون منذ خمسة عشر سنة افتتاح مدرسة "أم هاني"!

      طالت حكاية هذه المدرسة الفريدة من نوعها، فبعدما تركها المقاول الأول دون إتمام البناء، الذي شرع فيه منذ خمسة عشر سنةثم جاء مقاول ثاني وأضاف سورا، ولما ظهرت شقوق وعيوب في البناء، يمكن أن تكون سببا في حصول كارثة لو ولجها التلاميذ، ورغم ذلك منحت في إحدى السنوات الخوالي تجهيزات دراسية، من طاولات وسبورات…الخ، لكن الافتتاح لم يتم والجرس لم يدق، أما تلاميذ هذا الحي المهمش والمنسي، والذي يقدر عدد سكانه بألفي نسمة الآن، فليس لهم من خيار غير التوجه لمدرسة"أنوال" أو مدرسة "عبد الله الشفشاوني" البعيدتين في أحياء أخرى، وقطع السكة المزدوجة والتعرض لشتى الأخطار، كما وقع في 24 أبريل المنصرم للتلميذة ك. غ. التي دهسها القطار، وذهبت ضحية الإهمال وسوء التدبير…(انظر أخبار سيدي سليمان)
     اطلعنا في إطار مهمتنا الإعلامية على وضعية هذه المؤسسة، يوم الأربعاء 23 ماي، فوجدنا، المدرسة مقطونة من طرف عائلتين، الأولى في مسكن وظيفي، والثانية بقسم، استقبلتنا امرآتان فقط رفقة أطفال، في غياب الزوجين، تقولان أنهما رفقة عائلتيهما، يحرسون المدرسة مجانا طيلة الخمسة عشر سنة!منذ رحيل المقاول الذي كان يشغل زوجيهما، تذكران على لسان واحد بحسرة وأسف أنه "لولاهما – العائلتان- لخربت المدرسة"، وقد علمنا كذلك أنه سبقتنا إلى عين المكان في نفس اليوم إحدى اللجان ضمن الزيارات التفقدية التي لا تنتهي!.
   تتضمن المدرسة 12 حجرة من سفلي وطابق واحد، ومنزلا للحارس، وسواري قائمة تشبه أطلال معلمة تاريخيةقيل أنها لبناء سكن المدير ومطعم أو أي شيء آخر لم ير النور، بها كذلك بئر وخزان مائي، ومضخة اقتنتها العائلتان المقيمتان بالمدرسة، وهي غير مرتبطة بالكهرباء والماء الصالح للشرب، محيطها مترب وموحل شتاء، أغلب زجاج نوافذها مكسر، والجدران مشققة…
   يحدث هذا في مدينة وإقليم وجهة…بها مسؤولون "يزاولون" مهامهم، ومنتخبون يقودون حملات انتخابية منهم من تحالفه "الحظوظ" للعودة ثم العودة…للكرسي، فكم سيكلف ترميم هذه المدرسة؟ أو بناء أخرى في محلها، هل استعصى الأمر إلى هذه الدرجة، ليترك عدد كبير من الأطفال يخاطرون بأنفسهم، ويقطعون المسافات الطويلة للذهاب إلى المدارس؟
                          نشرت بجريدة اليسار الموحد

قصة: تاء التأنيث المتحركة


قصة:     
تاء التأنيث المتحركة
مصطفى لمودن
            1 ـ دردشة
 * من قرية ظالمة إلى شرنقة حالمة  
كنت دائما أحاول أن أكلمها، كبرنا في نفس المدينة الصغيرة، أعرفها منذ كانت تذهب إلى المدرسة الابتدائية حاملة محفظتها الثقيلة على ظهرها، تروح وتؤوب دون التفات، كأنها نملة جادة تحمل هم مجتمع النمل لوحدها…
   أخيرا أتيحت لي الفرصة… وجدتها بجانبي، لا تفصلني عنها سوى بضع سنتيمترات، أبصر الشاشة وأضغط على" الفأرة " بإبهام يميني… بين الفينة والأخرى أختلس إليها نظرة، فأجدها منهمكة في النقر بأصابعها العشرة بسرعة هائلة… ثم تتوقف لتقرأ، فتبدو على محياها ابتسامة دافئة.
   افتعلت إسقاط قلمي قرب قدميها ، حاولت أن أنحني لآخذه، التفتتْ جهتي وابتسمت أكثر… رددت التحية بأحسن منها، تشجعت وقلت في نفسي هذه هي المناسبة، خاطبتها هامسا:
    ـ الأخت الكريمة أريد أن أتحدث إليك، مدة وأنا متلهف لمثل هذه اللحظة…
   ـ ولماذا يا أخي ؟
   ـ لماذا !..
 ضغطت على شفتيّ وسحبت هواء كثيفا وأضفتُ:
  ـ قد نتعارف، وقد تتمتّن علاقاتنا، وقد… 
     أوقفت بضربة من سبابتها الحاسوب، دارت جهتي بكامل جسدها، قطّبت حاجبيها الدقيقين، وعالجتني بسؤال مختصر كأنه رسالة إلكترونية مستعجلة تحمل خبرا حزينا:
   ـ هل تشتغل ؟
  قلت لها: ـ لا، أخي الأكبر هو من يشتغل من ضمن أسرتنا.
  ـ هو أولى من يتحدث إلي إذن. وأضافت صارخة بلهجة صارمة حتى انتبه كل رواد المحل:
  ـ ألا ترى أنني في دردشة؟
 وعادت تحملق في شاشتها، التقطتُ قلمي، واستأنفت تصفحي باحثا عمن أدردش معها من قارة أخرى.
2ـ رحــــــلة
  * من ضيق الدار إلى أفق الانتظار
 دلفت المقصورة، ألقيت بجسدي المنهك على المقعد، وقد بدأت انتعش بفضل الهواء المكيف للقطار من فرط حرارة فصلية مقنطة… بجانبي شاب وسيم وأنيق،يبدو أنه لم يتخط ربيعه الثاني، خدوده تلمع، ملامحه تفصح عن هويته،يظهر أنه من شرق أسيا وقد نال نصيبه من الطفرة الاقتصادية التي بلغت هناك شأنا رفيعا، تجلس على يمينه فتاة نصف مكتنزة، بيضاء البشرة ، تبرز مساحة شاسعة من صدرها العريض،يظهر حملها واضحا من بطنها المنتفخ، وهو يكاد يمزق سترة رهيفة، تتمدد أكثر وتمد ساقيها، يتطلع الشاب إلى دليل سياحي باللغة الإنجليزية حول المغرب ، يسأل عن البلدات والمدن التي يتوقف بها القطار ، تحاول الشابة أن تعلمه بضع كلمات دارجة، يلوكها متلعثما ويضحك كوليد  اكتشف الحبو، ترد هي بضحك خفيف ، فيميل برأسه على صدرها منشرحا كمن تلقف بلسما لا يفنى لروح متشظية.
   انتبهت سيدة تقعد قبالة الفتاة لطريقة جلستها، فقدمت لها بعض النصائح من وجهة نظرها حول الحمل والجنين والولادة… هي تتحدث والفتاة ترد بإيماءة من رأسها، ما أن حدست السيدة مرور التيار بينهما، حتى بادرتها بسؤال عن رفيقها الذي لا يعرف العربية، ردت الفتاة بسرعة وعلامات فرح طفولي بادية عليها:" إنه زوجي جاء من اليابان، وهو مستقر معنا منذ سنة، بعد ولادتي سنرحل إلى بلاده".
3ـ محاكمة
* من جنس السياحة إلى لبس السياسة
 كن ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو س… العدد لايهم… بعدما وضعن محفظات التحصيل، جئن حاملات حقائب الأمل إلى طنجة أو أكادير أو البيضاء أو س…  الفضاءات تتشابه.
بالنسبة لهن انتهى ردح من الظهر وهن جاريات بين ثنايا الشظف، من أجل المعرفة والرغيف، حققن نصف المبتغى ومازال في الخاطر شغف لبناء ذات مولعة بالحياة ، وردِّ دَيْنٍٍٍ فيما قد فات… تحت الإبط شهادة، وفي اليمين براءة، ومن اليسار إشارة نصر مؤجل، ولسان الحال يصدح بالمصير والمآل.
    "البحر من أمامكن، ولجة العنوسة من خلفكن، وعناكب العفن قسرا حول أعناقكن، إما أن تمددن أياديكن مستسلمات، أو تعدن لأوكار مظلمة خانعات، ما لكن من خيار…"
      هذا ما كان يردده أمامهن الغول باستمرار، وهو فاغر فاه، يصطاد ويعدد ضحاياه، ينقش على صخر الفضيحة فتوحاته الدنيئة، مشعلا نار الفضيحة على أعلى جبل.

           تقول عائشة: "تموت الحرة ولا تأكل من فرجها "… ولما رأت الأخريات منكسات رؤوسهن أضافت:" لن أتحسر على كثير ليس لي، لا أصله.ولا ألوم نفسي على جهد، لم أبذله… أعرف وتعرفون أن الطريق طويل ، والعابر عليل ، والخطب جليل ولكن لا نعدم حيلة…"
     قامت رقية، مسحت دمعة سالت على الخد، تأملت الجالسات حولها، نظرت إلى الأفق الذي لا يرى، وكمن استفاق من غيبوبة طويلة صاحت:
  -" لماذا؟ لماذا كل هذا الإذلال ؟". رفعت صوتها أكثر باستغاثة مجلجلة انتبه لها حتى من في خارج قاعة المحكمة: "وا مغرباه "، قمن جميعا صائحات: "وا مغرباه "، أعدن إلى المعتقل، بأمر من القاضي، وعلقت جلسة المحاكمة إلى أجل لاحق.  
**********
    إشارة : نشرت هذه القصة بجريدة "الصحيفة المغربية" مجزأة على ثلاث مراحل بكل من العدد 123 والعدد128 والعدد 141، وقد تفضل الشاعر والناقد  محمد الشيخي، فكتب  بالعدد الأخير عن الجزء الثاني "رحلة" قائلا: "أعجبت بهذا النص القصصي الجميل، الذي استطاع بالرغم من اختزاله وتركيزه الشديدين، أن يبلغ بنجاح رسالته إلى المتلقي، وأن يحدث أثره الكلي ومتعته الجمالية. الحدث هنا يبدو بسيطا ومألوفا، لكن أسلوب السرد، بإيقاعه السريع والمتماسك، والذي يتجلى في أشكال التقطيع اللغوي بواسطة الجمل القصيرة المتقابلة، وإلغاء أدوات الربط، واعتماد أدوات الترقيم بتنوعها…كل هذا أوحى بدلالات المفارقة وثقل الواقع، والتناقض الحاد بين الحلم والواقع، بين الممكن والمستحيل. كما أثار انتباهي هذا النسيج المتماسك من لغة صافية ووصف وحوار وسرد في هذا الحيز القصير، مما أعطى لهذا النص بناء متماسكا له بداية ووسط ونهاية مفتوحة، توحي ببساطتها المتناهية بأعمق الدلالات والصبوات المستحيلة…أهنئك على هذا النص الجميل  

النقابة المستقلة للتعليم الإبتدائي- فرع سيدي سليمان


 النقابة المستقلة للتعليم الإبتدائي- فرع سيدي سليمان
 في إطار التأسيس المتوالي للفروع، تكون فرع النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي بسيدي سليمان يوم الأحد 22 أبريل2007، وتشكل المكتب من الأساتذة والأستاذتين:
             حسن الحجي:            كاتب   
            عبد الحق الحضري:    نائبه
           بهيجة منعم:               الأمينة
           محمد زيوق:              نائبها
          محمد الترابي، إدريس ذهاب،  خالد بوستة، خالد خونة، نجاة نجيم
         محمد السر غيني، عبد الكريم بوكرين: مستشارون                                               
 وبعد الحصول على وصل الإيداع، تم إخبار الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الغرب الشراردة بني أحسن بالتأسيس في 23 ماي 2007، بمراسلة وضعت لدى مصالح الأكاديمية تحت عدد 4585، ثم سلمت نسخة عن ملف التأسيس لرئيس قسم الاتصال بنيابة القنيطرة، مع طلب عقد لقاء مع النائب الإقليمي، كما صرح لنا بذلك كاتب فرع النقابة المشار إليها.
    
     نتوجه بالدعوة إلى النقابات والجمعيات الراغبة في الإعلان عن أنشتطها أن تتصل بنا أو تبعث بمراسلاتها        

الجمعة، 1 يونيو 2007

وقفة أمام وزارة التربية الوطنية، يا معلمي المغرب اتحدوا


وقفة أمام وزارة التربية الوطنية، يا معلمي المغرب اتحدوا

دعت النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي إلى وقفة  احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية ـ باب الرواح ـ يوم الأربعاء 6 يونيو ابتداء من الساعة 10 صباحا، إلى 1 بعد الزوال، وذلك في إطار برنامجها الاحتجاجي، حيث تنظم وقفات مماثلة أمام النيابات والأكاديميات كل شهر، مصحوبا بإضراب عن العمل لمدة ثلاث أيام في الشهر، هذا وقد أصدر المكتب الوطني للنقابة بيانا إثر اجتماعه الأخير بالناضور في 24 ماي 2007، مما جاء فيه الاحتجاج على الحصار الإعلامي من قبل الإعلام العمومي وبعض الجرائد

الاثنين، 28 مايو 2007

وفاة تلميذة بجماعة أولاد أحسين دائرة سيدي سليمان في غياب الإسعافات الأولية.


 وفاة تلميذة بجماعة أولاد أحسين دائرة سيدي سليمان في غياب الإسعافات الأولية.   

    من المرجح أن تكون وفاة التلميذة زينب الزريكي يوم الاثنين 14 ماي2007 بسبب شربها من كأس، كان قد استعمل للمبيدات الفلاحية، حسب إفادات من عين المكان، وقد كانت المرحومة تسكن قيد حياتها رفقة أسرتها بدوار قرية الحسناوي، جماعة أولاد أحسين، دائرة سيدي سليمان، كانت تتابع دراستها بالقسم السادس، في مدرسة القرية، إحدى فرعيات مجموعة مدارس تيهلي، وإلى حدود زوال يوم الثلاثاء ما يزال جثمان الفقيدة بمستشفى سيدي سليمان، قصد القيام بالتشريحات الطبية اللازمة.- دفنت زوال نفس اليوم- 
     تجدر الإشارة أن الجماعة القروية أولاد أحسين، إذا كانت تتوفر على مستوصف صحي، فقد غادرته مؤخرا الطبيبة الوحيدة العاملة به دون أن تعوض، مما يجعل السكان يتوجهون إلى مستوصف البكارة بجماعة المساعدة، أو إلى سيدي سليمان على بعد 23 كيلومتر- رغم أن المنطقة تعرف كثافة سكانية مهمة- ولم تسع الجماعة القروية لتوفير سيارة إسعاف ترابض في عين المكان، للتدخل قي الحالات الطارئة، كما وقع في السنة الفارطة على سبيل المثال لأحد الأساتذة الذي أغمي عليه أثناء عمله بإحدى فرعيات مجموعة مدارس تيهلي…بينما تم اقتناء سيارة سياحية يستعملها خاصة رئيس الجماعة لاتفيد الساكنة بشيء. وغالبا ما تسبب المبيدات الفلاحية مشاكل صحية لمستعمليها في غياب تأطير مناسب، ومتابعة للتوضيح وشرح كيفية الاستعمال من قبل منتجي المبيدات وبائعيها. 
نشرت بجريدة "اليسار الموحد" 

النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي انطلاقة من الهوامش وتوسع في الانخراط


      النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي

      انطلاقة من الهوامش وتوسع في الانخراط

   تحدى حسن المكتفي عضو المكتب الوطني للنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي ما سماها "النقابات التقليدية" أن تعلن عن عدد منخر طيها، كان ذلك أثناء حضوره نشاطا تواصليا عقده الفرع المحلي بسيدي قاسم، يوم الأحد 20 ماي 2007 بقاعة الخزانة البلدية، بينما النقابة التي يتحمل بها مسؤولية وطنية وصل عدد منخرطيها حسب قوله إلى 35 ألف، وهي تعرف باستمرار تأسيس فروع جديدة، تنطلق وتتركز بالهوامش، بينما لم تصل بعد إلى المراكز الحضرية الكبرى كالدار البيضاء والرباط!… وعن دواعي تأسيس هذه النقابة الفئوية، التي ظهرت إلى الوجود في 9 يوليوز2006 بمراكش، منبثقة عن" لجنة التنسيق الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي"، التي سعت من داخل النقابات إلى وضع ملف مطلبي موحد يجيب عن قضايا التعليم الابتدائي، الذي يمثل العاملون به ثلثي رجال ونساء التعليم كافة، لكن التعامل السلبي لهذه النقابات مع تلك المطالب حسب قوله دفع إلى تأسيس نقابة جديدة، مضيفا وهو يخاطب ستين أستاذا وأستاذة حضروا اللقاء أن المؤتمر التأسيسي الذي تعرض لعدة عراقيل، منها المنع من استعمال قاعة عمومية رغم التوفر على ترخيص قبلي مكتوب، قد كلف مليون ونصف المليون سنتيم فقط، بينما يعقد آخرون مؤتمراتهم بالملايين وفق ما ذكر، وذلك لم يمنع من غنى النقاشات وأهمية ما أنجز، ولم يتوصلوا بوصل الإيداع إلا بعد اللجوء للمحكمة الإدارية. وقد حذر من "مغالطات الحوار الاجتماعي" القائم الآن بين بعض النقابات وموظفين من وزارة التربية الوطنية ليست لهم صفة اتخاذ القرار حسب قوله، ليطول بعد ذلك المشوار مرورا بعدة وزراء، سيكون آخرهم الوزير الأول، ويقع في النهاية " الاصطدام بعائق الميزانية"، "نحن من فرض الحوار- يقول-"، لكن لم تتم دعوة هذه النقابة لأي اجتماع كما جاء في رده عن سؤالنا، بينما في نصف يوم عقد الوزير الأول لقاء مع ممثلي التعليم الخصوصي، الذي منح عدة امتيازات، وهو ما اعتبره إعلانا من طرف المسؤولين عن إفلاس المنظومة التربوية العمومية، ولم يفته الإخبار بالدعوة لعقد المجلس الوطني في يونيو المقبل، قصد الإعداد لعقد المؤتمر الأول، أما اجتماع المكتب الوطني فسيتم بالناظور. هذا وقد سطرت النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي برنامجا نضاليا مكثفا، يتميز بالتوقف عن العمل لمدة ثلاثة أيام كل شهر، مع وقفات احتجاجية أمام النيابات والأكاديميات، قصد تحقيق عدد من المطالبـ، تهم الترقيات والأجور وتحسين ظروف العمل، وتجدر الإشارة إلى أن الحقل النقابي في قطاع التعليم وباقي المجالات الاقتصادية والخدماتية الأخرى يعرف فورة في عدد النقابات، في غياب آلية ناجعة للتأكد باستمرار من القوة الثمتيلية لأي نقابة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النقابة الفتية،  والتي تتوسع باستمرار تعاني من حصار إعلامي واضح.    
      أعضاء مكتب فرع سيدي قاسم:
                       الكاتب:     عبد اللطيف بوخال
                        نائبه:       أحمد رميضة
                        الأمين:     حكيم العلالي
                        نائبه:      عبد الكريم القاسمي
                       المقرر:    بوسلهام بكريم
                       نائبته:      فتيحة حماني
             المستشارون:     علي بن الشاوية، مليكة غرابي، عبد العزيز أيت بن إدريس
          
                      البريد الإلكتروني للكاتب:  
               Abdellatif54321@hotmail.fr 

الأحد، 13 مايو 2007

منتديات إصلاح منظومة التربة والتكوين بين الطموح للارتقاء والارتجال في الإعداد


 منتديات إصلاح منظومة التربة والتكوين
بين الطموح للارتقاء والارتجال في الإعداد

 نموذج جهة الغرب الشراردة بني احسن
  - إحداث منصب نائب المدير بالفرعية المدرسية والمدارس الحضرية الكبرى
 التعاقد مع شركات خاصة للحراسة والبستنة والطبخ بالمؤسسات التعليمية 
عزوف عن تحمل مسؤولية الوظائف الإدارية التربوي                           
   تقديم:نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بجهة الغرب الشراردة بني احسن، وبتنسيق مع نيابتي التعليم بالقنيطرة وسيدي قاسم، منتديات الإصلاح 2007 الرابعة، على امتداد 5 أيام، ما بين 3 و 7 أبريل، وذلك على غرار كافة الأكاديميات والنيابات التعليمية بالمغرب، حيث تحط الرحال في كل يوم مقرر قافلة يتقدمها مدير الأكاديمية، ونائب الوزارة، مع طاقم من مساعديهما للدوائر الترابية بالجهة )أو حسب تقسيمات أخرى( لعرض وتدارس قضايا تعليمية وتربوية… بحضور عدد من المعنيين بالموضوع، نعرض لنموذج عن ذلك، من ملتقى سيدي سليمان المنعقد بإعدادية السلام، يوم الجمعة 6 أبريل2007، وما تم التداول خلاله من مستجدات وملاحظات واقتراحات…
        اختير كشعار لمنتديات الإصلاح في هذه السنة" الارتقاء بالإدارة التربوية"، قدمت لذلك "الوثيقة الإطار" المعدة مركزيا على شكل كتيب من القطع المتوسط في 50 صفحة، وهي تقول: "تكمن أهمية اختيار موضوع الارتقاء بالإدارة التربوية لهذا المنتدى في الموقع الحيوي للإدارة التربوية بصفة عامة، حيث أنها تمثل الحلقة الأساسية لتحصين مكتسبات الإصلاح وتوفير الشروط ليستمر الإصلاح بعد 2007" ص 4. وقد حددت هذه الوثيقة الموزعة على المشتركين الإطار العام للمنتديات، وهي صادرة عن مديرية الإستراتيجية والإحصاء والتخطيط، قدمت الدعامات التأطيرية لمنتديات الإصلاح حول الارتقاء بالإدارة التربوية، مذكرة بالمنتديات السابقة، ومتوقفة بشكل أساسي على " مفهوم الإدارة التربوية وإطارها المؤسساتي" وسياق وخطط الارتقاء بها، بالإضافة إلى ملحق يتضمن محاور ثلاث ورشات، ونص استمارة وجهت لرؤساء المؤسسات التعليمية.
       مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين:
"كلما ابتعدنا عن المدرسين كلما فشلنا في عملنا"
       انصب مجمل تدخل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة ذ.محفوظ بوعلام على التطرق إلى محتوى الوثيقة المركزية المصدر، المشار إليها أعلاه، نيابة عن أحد أطر الوزارة الذي لم يحضر لعذر قاهر كما ذكر. كان يقفز أحيانا على فقرات بكاملها تتطرق للعموميات مما يعرض أمام الحاضرين على جدار بآلة عاكسة، بينما كان يتوقف ليدلي برأيه الخاص في عدد من القضايا، وبمعلومات تهم أكاديميته؛ أخبر بالشروع في توزيع حواسيب على المؤسسات التعليمية، ممولة من طرف الوزارة،  ووعد بتنظيم عدد من اللقاءات التكوينية، خاصة حول مشروع المؤسسة والتدبير المالي للإدارة التربوية، ضمن 1200 مشروع مؤطر على المستوى الوطني، بالتشارك مع وكالة التنمية الكندية، بينما سبق أن استفاد المديرون من حلقات تكوينية أخرى حسب قوله، ومن المرتقب أن يشمل التكوين على الصعيد الوطني 23 ألف إطار تربوي وإداري، أي ما يمثل 35% في غضون 2007.
      كما تطرق إلى محتويات جدول غير مدمج داخل الكتيب بالشكل المعروض)!(، يتضمن ترقيات نساء ورجال التعليم، يشير إلى أن 143017 من شملتهم الترقية، منذ 2000 إلى سنة 2005، بتكلفة مالية وصلت إلى 10.5 مليار درهم وطنيا، مضيفا أن هذه الجهود تمت بتنسيق مع الفرقاء الاجتماعيين " ولولا النضال لما تحققت هذه المكتسبات"، وبالتالي على الرأي العام- يضيف- أن يعرف هذه المجهودات، متسائلا عن المردودية التي يجب أن تظهر من خلال تحسن مستوى التلاميذ، قائلا: أن "المدرسة العمومية في وضعية مقلقة"و"يجب أن نتحكم لثقافة تدبيرية محكمة تتحكم للنتائج والمردودية"، مردفا بقوله: "يجب أن نتعامل مع الموارد البشرية بإنصاف ومسؤولية وصرامة" مذكرا بالإجراءات الجديدة في التباري على المناصب، وبالصرامة المطلوبة في توزيع الحصص على كافة الأطر العاملة، "حتى لا نبقى نسمع عن الذين لا يعملون وعن الأشباح" حسب قوله، متوقفا عند العزوف عن تحمل الوظائف الإدارية التربوية بالإعدادي والتأهيلي، حيث وقع نقص خاصة بعد المغادرة الطوعية، وبالتالي ستفتح مستقبلا هذه المناصب لغير المدرسين كذلك، وللتحفيز ستخصص تعويضات تناسب المجهودات، مشملا بقوله مديري المدارس بالبوادي، مع إحداث منصب مدير مساعد بفرعية المجموعة المدرسية والمدارس الحضرية الكبرى، يتكلف به أستاذ عامل، يتقاضى تعويضا يصل إلى 6 ألاف درهم سنويا، حسب ما نصت عليه «الوثيقة الإطار" ص 38.
      فيما يخص النقص الحاصل في الأعوان والحراس والطباخين بالإعداديات والثانويات، فإن الوزارة ستتعاقد مع شركات خاصة لذلك، وعن تساؤل"اليسار الموحد" حول تاريخ إجراء الصفقات، لم يحدد مدير الأكاديمية موعدا، لكن أحد رؤساء المصالح بالنيابة التعليمية، ذكر أثناء عمل إحدى الورشات أن ذلك سيتم قبل متم السنة الدراسية الحالية، وأن الأعوان المتواجدين الآن بالمؤسسات السالف ذكرها سيتحولون إلى المدارس الابتدائية، وقد ختم مدير الأكاديمية تدخله بالدعوة إلى التقرب من الأساتذة لمعرفة مشاكلهم، خصوصا معاناة العاملين بالعالم القروي كما جاء على لسانه، قائلا: "كلما ابتعدنا عن المدرسين كلما فشلنا في عملنا".
       نائب وزارة التربية الوطنية"سأذهب إلى آخر مؤسسة متواجدة في الإقليم"
      بدوره انطلق نائب وزارة التربية الوطنية على إقليم القنيطرة ذ.محمد الرملي من "الوثيقة الإطار"، عارضا لمنتديات الإصلاح السابقة منذ 2004، بعد ذلك تحدث عن "منجزات" عامة، ذات طبيعة تنظيمية وتدبيرية، تهم الإدارة التربوية والمؤسسة التعليمية، تسير في سياق "الإصلاح"، متوقفا عند التغيبات التي وصلت إلى أزيد من 26 ألف يوم عمل حسبه، مبررة بشواهد طبية وصل عددها 4170، وهو ما حتم تكوين لجنة نيابية لدراسة الموضوع، داعيا إلى تتبع سير الدراسة      في جميع المؤسسات خاصة المتواجدة في العالم القروي، قائلا: "سأذهب إلى آخر مؤسسة متواجدة في الإقليم" ليعطي لتدخله بعد ذلك بعدا تقنيا من خلال سرد عدد من المعطيات على المستوى الإقليمي، كبناء ثماني إعداديات وثانويتين ومدرسة وخمس حجرات بالعالم القروي، ودار طالبة بشراكة…لينتقل إلى الحديث عن الدعم الاجتماعي الذي تشرف عليه النيابة التعليمية، 709 مستفيد من الداخليات )منهم210إناث(، 1100مستفيد من المطاعم المدرسية، وأشكال أخرى من دعم التمدرس )17787محفظة من مدعمين(، ومساندة 15 قسم للتعليم الأولي بالعالم القروي.
          ليختم ببعض الإكراهات التي يعرفها الحقل التربوي، وقد لخصها في العجز الحاصل في المناصب الإدارية، منها 3 مديرين للثانوي، 8 نظار، 1 حارس عام، 78 من المحضرين والكتاب… تشتت المجموعات المدرسية، عدم توفر المؤسسات على موارد مالية،  غياب التعليم الأولي بالعالم القروي، وهو ما يقتضي حسبه إيجاد حلول لهذه المشاكل في إطار ما سماه الآفاق.
   للإشارة، فقد عُرض شريط قصير بين المداختلين في إخراج غير موفق، يتضمن صورا متحركة وأخرى ثابتة، مركبة بطريقة غير مهنية، يعرض الشريط بعض البنايات المشيدة، ونماذج من الحياة المدرسية…دون أن يتحدث عما هو سلبي كوضعية المدارس بالعالم القروي…  
       تقييملا يجادل أحد في أهمية هذه المنتديات، لما لها من دور إشعاعي في الإخبار" بالجهود" المبذولة في مجال التربية والتكوين، ومحاولة إشراك فاعلين آخرين من"ممثلي الجماعات المحلية والفعاليات المهنية والثقافية والاجتماعية والجهوية والقطاع الخاص" ص16 من "الوثيقة الإطار"، إضافة إلى رؤساء المصالح والمؤسسات التعليمية والنظار والحراس… بينما لم يرد ذكر المفتشين وممثلي مجالس التدبير رغم ضرورة حضورهم،) ص7 وما بعدها(… قصد الاستماع لمختلف المتدخلين، وإبداء الرأي والمقترحات حول الموضوع.  لكن رغم نبل فكرة هذه المنتديات، فإن التساؤل عن كيفية الإعداد لها واستثمارها يبقى مشروعا. لننطلق من البداية، فالكتيب/ الوثيقة الإطار، أعد على الصعيد المركزي، وفُرض توجهه على الجميع، هذا ما يناقض مرامي اللامركزية واللاتركيز التي على أساسها وجدت الأكاديميات.  يحمل الكتيب تاريخ مارس 2007، مما يعني التأخر في إصداره، وبالتالي عدم حسن استغلال محتوياته،  في المنتديات التي أقيمت في العطلة البينية.
        في الكتيب دعوة إلى"وضع قوائم المشاركين ودعوتهم من طرف النواب الإقليمين بتنسيق مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين"ص8، لقد عاينا ملء اللوائح من خلال تسجيل اسم كل من يحضر قبل جلسة الافتتاح، مما يعني عدم توزيع الدعوات على كافة المعنيين، كما اطلعت "اليسار الموحد" على مذكرة نيابية، موضوعها "إخبار المديرين قصد دعوة جمعيات الآباء التي توجد في وضعية قانونية" مسجلة تحت عدد2282،  تحمل تاريخ الأربعاء 28 مارس2007، أي يومين قبل بداية العطلة البينية الثانية، والخميس آخر يوم عمل يحرص فيه المديرون على لزوم المدرسة، ويصعب الأمر أكثر على المؤسسات البعيدة، خاصة بالنسبة للعاملين بالعالم القروي، حيث يتنقل المديرون إلى مقر النيابة لتسلم البريد، مما يعني عدم التوصل بالمذكرة في إبانها وبالتالي عدم دعوة كافة من يحق لهم الحضور، وقد تحركت حلول آخر لحظة باعتماد الهواتف والدعوات الشفهية أثناء العطلة، مما انعكس على الكم والنوع، وقد تساءل مدير الأكاديمية في بداية تدخله عن ممثلي الجماعات المحلية، فلم يجبه أحد، و نعت المجتمع المدني "بالفاعل" وهو غير مدعو،  وقد سألت "اليسار الموحد" أحد المشرفين على القوائم عن الجمعيات الحاضرة فلم يقدم جوابا، وتم التأكد من ذلك من خلال اللوائح المبثوثة على الطاولات بالمدخل، باستثناء حضور بعض ممثلي جمعيات الآباء الذين منهم من ينتمون لسلك التدريس كذلك، وهو ما سهل إخبارهم… مع من إذا سيتم التشارك؟
      إذا كانت بعض الأرقام تحمل دلالة خاصة، تثير انشراح بعض المسؤولين، بل تحمل تباشير الأمل، كالقول بأن نسبة التمدرس الخاص بالسن مابين 6-11 تصل إلى 93% سنة06/05،  على الصعيد الوطني، فإن نسبة أخرى مقابلة تثير القلق، وهي أنه فقط 46.2% ممن  يتابعون دراستهم في نفس السنة، أعمارهم مابين 15-17 سنة، أي أن أكثر من نصف أبناء المغرب في هذه المرحلة العمرية لا يدرسون، أغلبهم من الإناث،) ص 30 من "الوثيقة الإطار"(، وهو هدر مدرسي خطير، من المسؤول عنه؟ وكيف ستكون معالجته؟
      تخصيص حيز ضيق للمناقشة في الجلسة العامة، وأمام إلحاح النائب الإقليمي حول ضيق الوقت لم يتدخل سوى خمسة، استهلكوا جميعا 30 دقيقة، ركزت مجمل مداخلاتهم على ضرورة تقييم حصيلة المنتديات السابقة، مطالب حول البنية الأساسية والتجهيزات، مشكل الدعم والدروس المؤدى عنها، تغييب ممثلي التلاميذ، التوقيت غير المناسب للمنتديات، وبعض المشاكل الأخرى الخاصة…
      بعد الزوال انقسم الحاضرون إلى ثلاث لجان: الوضعية الراهنة للإدارة التربوية، تطوير وتحديث الإدارة، الدخول المدرسي المقبل.  لكن بعد اطلاعنا على نسخ من التقارير وجدنا أن مضامين توصياتها متقاربة (حتى لا نقول مطالبها)،  تبقى متمنيات الجميع هو التجاوب معها.
     إن حرقة طرح الأسئلة تسترسل إلى أبعد مدى خاصة حول مجال مصيري كالتعليم، فهل فعلا كان الدافع لخلق هذه المنتديات هو الإنصات وإيجاد الحلول لمشاكل معروفة؟ كما جاء على لسان أحد المتدخلين في إحدى الورشات، كم نحتاج من منتدى مماثل لقضايانا التعليمية المختلفة؟ كم تكلف هذه المنتديات؟ هل يصل صداها إلى كافة الأركان والزوايا؟ هل يأبه بها المعنيون الأساسيون، وهم الآباء والمدرسون والمسؤولون ؟ بل المجتمع برمته؟ 

              مصطفى لمودن       
 (نشرت بجريد اليسار الموحد)

السبت، 12 مايو 2007

مسلسل"وجع التراب" من العلاقات المتأزمة إلى التمطيط المفتعل.


مسلسل"وجع التراب" من العلاقات المتأزمة إلى التمطيط المفتعل.  
مصطفى لمودن
     وأخيرا انتهت القناة الثانية من بث آخر حلقة من المسلسل التلفزيوني المغربي "وجعالتراب"، الذي ألفه شفيق السحيمي ومثل بطولته وساهم في إخراجه مع رضوان قاسمي! هذا الأخير كان قد حل للمساعدة أثناء التصويرلحل مشاكل علقت بسبب "إدارة" الممثلين. عماذا تحدث المسلسل ؟ وفي أي قالب فني؟ 
  إذا كان السحيمي يحرس كما في مسلسل سابق له(العين والمطفية) على التطرق لقضايا العالم القروي، ومشاكل الأرض، والعيش، والعلاقات الاجتماعية…فإنه في المسلسل الأخير، الذي يحيل في اقتباسه إلى قصة لإيميل زولا الذي عاش في القرن التاسع عشر، ربما بنية التأكيد على تشابه القضايا الإنسانية في ديمومهتا زمانا ومكانا، فإنه ازداد انغماسا أكثر في فضاءات الأرياف، وما ترزح تحته من تخلف مركب، يشمل البشر والتجهيز… خاصة تأزم العلاقات الاجتماعية، إلى حد التنكر لكل العلائق العاطفية والقرابية، والتشبث بغرائز البقاء، ولو أدى ذلك إلى قتل الأب والأخت، ونكران كل مودة يمكن أن تجمع بين الإخوة والأصهار…مما جعل تلك الصراعات تظهر أحيانا مفتعلة، وبدون مبرر معقول، بلا حبكة متدرجة تقود إلى الإقناع، وهو ما أغاض بعض جمهور المسلسل بسبب المبالغة في الجحود ونكران الجميل، حسب عدد من المشاهدين تحدثنا معهم في الموضوع من منطقة الغرب، الجهة التي صورت بها أجزاء من المسلسل، لكن للحقيقة فقد كان التتبع بنهم،  من طرف القرويين الذين رأوا فيه انعكاسا لدواتهم ومشاكلكهم.
  يعالج المسلسل جملة قضايا دفعة واحدة، تتمحور حول الأرض والمرأة، وما تحيل إليه كل واحدة من حمولة دلالية ورمزية، تتركز حول الجذور والحياة والمصير، فما أن تُفقد إحداهما حتى يضيع كل شيء، فرط بابا أحمد(شفيق السحيمي) في الأرض، فاضمحلت روابط علائقه الاجتماعية، وتنكر له الأبناء، وأصبح "سكة" قديمة، هائما غير مرغوب فيه، رغم ما يحمله من صفات الحكمة ودور التحكيم…يُطرد علال(حسن مضياف) منكبا على وجهه لما فقد المرأة/التايكة (جميلة الهوني)، فانقطع نسله، وكان ذلك مدعاة لزهو طارده المهيدي(أمين الناجي)، لكن الإشارة ذات الحمولة القدحية للغريب بالشكل الذي قدمت به، تكرس نزعات "عنصرية" ما تزال متجدرة لدى بعض القبائل بأعماق البوادي.
      هل خاتمة المسلسل، تحمل رؤية تنتصر للمدينة/الحداثة على حساب القرية/التقليد، حيث توفر الشغل لعلال المنبوذ، ولقمة الخبز لأحمد المطرود؟ 
    يبقى الحضور القوي لبعض الممثلين كمحمد بسطاوي في دور شعيْبَة، وفاطمة وشاي(دادية)، سلوى الجوهري(السعدية)، نفيسة الدكالي (الكبيرة)، وآخرين قد أضافوا نكهة متفاوتة حسب القدرات الخاصة لكل واحد، لأحداث متشعبة تجري بالبادية، لن يستشعر دقة تشخيصها إلا من عاش فعلا هناك، أو عايش أهلها.
     أشار المسلسل إلى عدد من المؤسسات والفئات الاجتماعية المختلفة، في تناقضاتها وتكاملها، من الأسرة إلى العائلة الممتدة، مرورا بسكان القرية والقبيلة…بالإضافة إلى ما تؤثر به على الأحداث شخصيات مثل القايد والبرلماني ورئيس الجماعة القروية والحاكم القروي ورجال الدرك والمحاسب والبنكي والشوافة…في خضم لا يسعف في فك رموزه إلا من يحمل ترسانة مفاهيمية من حقول التاريخ والسوسيولوجيا والسياسة والأنتروبولوجيا وعلم النفس…لكن رغم ذلك يحدث أحيانا تداخل يخل بتسلسل الأحداث، وتظهر إضافات بدون داع، نذكر منها على سبيل المثال مشهد اقتراض احد الشبان خمسين درهما من معلم القرية!..
      عرف المسلسل على مستوى بنائه الفني جهدا في كتابة السيناريو، لولا التبعثر الذي نحسه أحيانا، ومجهودا في المونتاج حيث تجمع لقطات من أحجام مختلفة ومن زوايا متعددة، حتى المشهد الواحد،  باستثناء بعض الهفوات التي لم تراع التعاقب الزمني داخل نفس المشهد، حيث يختلط الليل بالنهار! إضافة إلى تنوع في فضاءات التصوير مما يمتع النظر، لكن الانتقالات المفاجئة على مستوى خلفية الصورة(الجبل، الهضاب، الوادي، لون التراب من الدهس إلى الحمري، الغابات المختلفة من حيث نوعية الأشجار…) تشوش على المعنى، خاصة بالنسبة للقرويين ذوي النظر الحاد لمعالم المحيط، وما يستشعرونه من حميمية لجزيئات المكان.
      حصل اجتهاد كذلك في أغنية الجنيريك، ذات الإيقاع الصوفي الحزين، مما ينسجم مع المضمون الدرامي للمسلسل، ونفس الشيء بالنسبة للموسيقى التصويرية التي وضعها عبد الفتاح نكادي، ماعدا بعض "السهو"، إذ تستمر نفس الموسيقى رغم تبدل المشهد والحدث، وأحيانا تغيب الموسيقى رغم الحاجة إليها. 
       كما نسجل عدم الإشارة بالاسم إلى مساهمين في تشخيص المسلسل كأم راضية(راضية من شخوص المسلسل!)، عدد من نساء القرى، تجار، شباب…كان من الممكن على الأقل الإشارة إلى قراهم ومدنهم. أما التمطيط في حلقات مرة في الأسبوع وطيلة سبعة شهور انطلاقا من رمضان المنصرم، فذلك هو الطامة الكبرى، كأنها عقاب لكل من يرغب في متابعة أحداث المسلسل، تتحمل مسؤوليته إدارة القناة. 
____************____
 نشرت بجريدة" اليسار الموحد"

الجمعة، 11 مايو 2007

معيقات إعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية للنهوض بحقوق المرأة


معيقات إعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية للنهوض بحقوق المرأة
                       حصيلة يوم دراسي بسيدي سليمان
        عرفت سيدي سليمان يوما دراسيا جهويا حول "النهوض بحقوق المرأة من أجل التقاضي باستعمال المعايير الدولية أمام المحاكم المغربية"، وذلك يوم السبت 5 ماي 2007، من تنظيم مركز الدراسات القانونية والحقوقية بنفس المدينة، وجمعية المحامين الشباب بالخميسات ومنظمة
.Clobale rights   

    قصد تدارس ومناقشة مدى القبول الذي تحظى به المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة لدى الجسم القضائي المغربي، وقوة وتراتبية هذه النصوص في إصدار الأحكام بالمقارنة مع القوانين الداخلية، و لماذا لا يتم الاحتكام لهذه القوانين المصادق عليها؟ هل ذلك عن قصد أم بسبب عدم المعرفة والإطلاع؟… الفئة المستهدفة من خلال هذا اليوم هي عدد من المحامين من جهة الغرب الشراردة بني احسن ونشطاء حقوقيين…قدم عرضان، وتكونت ثلاث لجان.

 في التقديم المؤطر لليوم الدراسي أشار ذ. خالد المروني رئيس مركز الدراسات القانونية لبعض المكتسبات في إعمال المساواة بين الجنسين من خلال مدونة الأسرة وقانون الجنسية…لكن العمل بمضمون الاتفاقيات الدولية تعترضه صعوبات، منها التحفظات التي تسجلها الدولة المغربية،  أو عدم ملاءمة القوانين المحلية معها، وأعطى مثلا باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مما يؤدي إلى عدم المساواة في كافة الحقوق، مضيفا أنه رغم تنصيص الدستور على احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتعهد الدولة باحترام التزاماتها حسب ما تقتضيه المواثيق الدولية، فإن إشكالية سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني تبقى المعضلة الأساسية.
    لتقدم بعد ذلك كل من السيدة ستيفاني وليام بوردا مديرة البرنامج بالمغرب، والسيدة سعيدة كوزي الخبيرة القانونية في المكتب الميداني لدى "كلوبل رايتس" تعريفا بالمنظمة التي يمثلانها، وهي تعنى حسبهما بالدفاع والتعريف بقضايا حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة في العالم، منذ 28 سنة، واحدث مكتبها في المغرب منذ 8 سنوات، عرضتا في حديثيهما للبرنامج الذي يعملون
عليه في المغرب العربي، خاصة في مجال التقاضي وإعمال المعايير الدولية، من خلال المعاهدات والمواثيق، كما تطرقتا لمحتويات "دليل من أجل التقاضي باستعمال المعايير الدولية" في المنطقة المغاربية للنهوض بحقوق المرأة حسب المنطوق الوارد، وهو نتيجة بحث ودراسة ميدانيين، شارك فيه عدد من المهتمين، يقع الدليل في كتاب من 131 صفحة، يقابله قرص مدمج وزع على الجميع، بالإضافة إلى عدد من الكتيبات التي لها علاقة بالموضوع.   
    كما وزعت جمعية المحامين الشباب نص استمارة، تهدف إلى الإجابة عن إشكالية "ضمان حقوق المرأة بين القوانين الخاصة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان" بهدف "مناصرة النساء أمام المحاكم باستعمال المعايير الدولية…"، وقد أضاف ذ. أحمد بن الشيخ بصفته رئيس جمعية المحامين الشباب بالخميسات، أنهم يسعون لجمع 1000 استمارة على المستوى الوطني، لتقدم نتائجها في العاشر من دجنبر القادم(اليوم العالمي لحقوق الإنسان)، وللعلم فالاستمارة تتضمن ثماني أسئلة رئيسية وأخرى فرعية، حول العلم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، ومستوى تطبيقاتها واعتمادها في المحاكم المغربية…
    أشار ذ. أحمد أرحموش في عرضه المتمحور حول: "إشكالية إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان في المنازعات القضائية بين المنظور التقليدي والمنظور الحداثي" إلى ثلاث درجات متفاوتة في التعامل مع هذه المعايير في المحاكم المغربية، ثم إلى مكانة المواثيق والمعاهدات الدولية داخل التشريع الوطني، ودور المحامين في التعامل مع هذه المصادر القانونية، مادامت هذه المنظومة نتيجة جهد ومساهمة كافة الشعوب والأمم، عبر تراكمات لمناهضة التجاوزات التي تستهدف حقوق الإنسان حسب قوله، مذكرا بالمرجعية القانونية التي يمكن الاعتماد عليها في ذلك، خاصة ديباجة الدستور، المحددة للفلسفة والمباديء العامة للدولة، وما يلتزم به المغرب من خلال عضويته بهيئة الأمم المتحدة، ومصادقته على عدد من المعاهدات والمواثيق، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة…الخ، رغم بعض التحفظات. وقد توقف بتدقيق على عدد من الأحكام القضائية بإحالاتها المضبوطة، صدرت عن محاكم مغربية، تعاملت بالسلب أو الإيجاب مع المعايير الدولية في التقاضي، مستشهدا بأمثلة كموضوع الإكراه البدني لاسترداد الدين، حرية التنقل، قضايا الأسرة…ليخلص باستنتاجات منها غياب نص دستوري يعالج المسألة، ضعف الاستيعاب والشجاعة في إعمال المعايير الدولية لدى  بعض القضاة والمحامين، ضعف التكوين، عدم ترسيخ مباديء حقوق الإنسان والاقتناع بها لدى أطراف أخرى…
    في عرضها حول موضوع "حقوق المرأة بين المواثيق الدولية الخاصة بالنسبة للنساء ومدونة الأسرة" اعتبرت ذة. نزهة العلوي مدونة الأسرة ذات بعد مساواتي، في تنصيصها على التكافؤ بين الرجل والمرأة في تحمل مسؤولية الأسرة، وتحديد سن متساو للزواج، إلا في بعض الحالات التي يتدخل فيها القاضي، لكنها توقفت عند عدد من القضايا التي مازال فيها تمييز ضد المرأة، بينما تعطى للرجل امتيازات في بعض الحالات، "كالوصاية الشرعية" غير المضبوطة على الأبناء…  لتخلص إلى أنه ليست هناك جرأة في رفع دعاوى باعتماد المعايير الدولية، كما أن هناك اعتراضات "ذهنية"، ونقص في الخبرة، داعية المحامين الشباب الذين كانت نسبتهم واضحة في هذا اليوم الدراسي إلى استغلال الظروف المناسبة الآن، للعمل على الاحتكام إلى نصوص الاتفاقيات.
    تدخل عدد من المحامين تمحورت أغلب مناقشاتهم حول العوائق التي تعترض التطبيق، خاصة الدستورية والقانونية، التي تحول دون إعمال منطوق المواثيق والمعاهدات الدولية في المحاكم، كما وقف بعضهم على البعد النفسي وعامل التنشئة الاجتماعية والتذرع بالهوية والخصوصية كمبرر ضد الرجوع لهذه القوانين، وقد طرح كذلك موقع المتن الفقهي والشرعي من كل ذلك، واجمع الكل على ضرورة إعادة النظر في منهجية التكوين بالنسبة للمحامين والقضاة معا، والتعريف بنصوص المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب، وهناك من دعا إلى إشراك القضاة في مثل هذا اليوم الدراسي، ومنهم من سرد أمثلة عن حالات تم فيها رفض تعليل أحكام استنادا للمعايير الدولية، بل هناك أحكام تختلف من مدينة لأخرى لقضايا متشابهة، مما يحتم ضرورة التواصل وتبادل الخبرات، كما قال البعض، وهو ما أجابت عنه إحدى الورشات التي انعقدت بعد الزوال في موضوع التواصل نفسه، أما الورشة الثانية فكان موضوعها المعيقات القانونية والثقافية، والورشة الثالثة حول المعيقات المرتبطة باستقلال القضاء؛ مما جاء في تقارير اللجان الدعوة إلى تكوين بنك معطيات، واعتماد التقنيات الحديثة في التواصل، التعريف بالمواثيق الدولية وإعمالها أمام القضاء المغربي، والتنصيص على ذلك دستوريا، واعتبار القضاء سلطة مستقلة مع الإشارة إلى دور التربية والإعلام في إشاعة مباديء حقوق الإنسان…
                                                          مصطفى لمودن
نشرت بجريدة " اليسار الموحد"

الخميس، 10 مايو 2007

قصة قصيرة: الجذور والعاصفة


 قصة قصيرة:      الجذور والعاصفة                  

عندما اصفر أديم الشمس وشحب الأفق، رفع المعطي رأسه، استقامت قامته المنثنية طول النهار. مسح بكمه عرقا باردا تصبب على الجبين، تأمل الشجرة الوحيدة الباسقة في إباء وعنفوان وسط حقله الصغير متحدية جميع العواصف كقمة جبل شامخ… كان جده يوسف جادا في تلقين أحفاده درسا في الكبرياء والثبات، هو من غرس الشجرة منذ عقود خلت، وأوصى برعايتها… تظهر من بعيد، تميز حقله عن الحقول الأخرى، كانت الوحيدة إلى أن فطن الجيران لفائدة غرس الشجر. لكن شجرة الجد يوسف بقيت هي الأعلى، كان المعطييذكر باستمرار أن من جذوره ممتدة لا تحركه ريح ولا تهيجه غواية.
ينتقل بصر المعطي إلى النظر في التربة الداكنة، وهي تدثر بذورا ظل ينثرها طول النهار، يقبض كمشة من التراب، يذريها بنفخة من رئتيه، يتشبث غبار بخياشيمه، ويلتصق تراب بصدرته المبللة بالعرق، يضرب بعتلته الأرض متحسرا على زمن كانت فيه المحاصيل تكفي أسرته على مدار العام، ويبيع منها الباقي…أما الآن فقد طرأت على المنطقة متغيرات.
تكاد كارثة تعصف به وبجيرانه الفلاحين، لم تعد ساقية الماء تحمل للحقول ما يكفي، حفروا الآبار فغار الماء سنة بعد أخرى، زادوا في الحفر إلى أن هدت سواعدهم، أما جارهم الثري، المستثمر الجديد كما يسمعون تسميته على كل لسان،والذي لا يعلمون عنه شيئا، بل لم يرونه قط، من أين حل؟ لا أحد يملك جوابا! قد يكون مترفا من إحدى المدن، يكتفي بالإطلاع على دفاتر الحسابات لمقاولاته الكثيرة، قد يكون مجرد شركة عابرة للقارات تملك أسهما وسندات في بورصات العالم، قد وقد… المهم أن حقول المستثمر الجديد تينع، ويرتفع مردودها، تصطف باستمرار على جنبات حقوله شاحنات متنوعة لنقل المنتجات إلى أسواق بعيدة…العمال المجلوبون يوميا عبر شاحنات مكشوفة، يتقافزون من هنا وهناك، والآليات المختلفة تملأ المكان بالضجيج والدخان…
في البداية اقتنى المستثمر الجديد حقلا مهجورا رحل وارثوه إلى الخارج لتتوسع أرضه باستمرار… كل الأشجارالمغروسة تتساقط بإعدام سريع، تزأر المناشير الآلية وفي لمح البصر تتناثر الجذوع كأنها جثة جنود سقطوا ضحية غارة غادرة… يعري الأرض ليزرعها بنباتات فصلية كما يريد! بعد بضعة شهور يقلع بقاياها الذابلة، يعوضها بأخرى سريعة ألإنبات وفيرة الإنتاج، تشحب بدورها وتزال في بضعة شهور…
تزحف البيوت البلاستيكية إلى محاذاة حقل المعطي، وهي تشبه قبوراعملاقة متحركة، تحجب مزروعات مختلفة، استحوذ المستثمر الجديد على كل المياه، واستحدث آباراإضافية أعمق.
المعطي يشتَمّ يده التي احتضنت التراب، يجعل أسنانه تصطك، يسمعلها رنينا يطن داخل جمجمته، تُحدث له حمى خفيفة، توقظ فيه هوسا بدأ يظهر عليه وينقطع، وقد اعتبره كل عارفيه بداية جنون أوعتهٍ، يَعُدّ على أصابعه ويتمتم، يقلّباحتمالات مصيره، ومستقبل أبنائه؛ قد يرحل، قد يبيع أرضه، قد يصبح أجيرا بثمن زهيد لدى المستثمر الجديد، قد يتشرد، قد…
يتمشى بخطوات عريضة متثاقلة، يقيس مساحة حقله بالخطوات… يتساءل: إذا باع كم سيأخذ؟ ماذا سيفعل بالنقود؟ السماسرة يدقون بابه باستمرار، تتساقط التساؤلات على رأسه، كأنه في لجة من نار يتقاذفه اللهيب.
توسط الحقل، مال على جدع الشجرة الباسقة، تهاوى جسده، لم تعد رجلاه تقويان على حمله، انغرزت أصابعه في التراب… وهو في شبه غيبوبته المفاجئة تناهى إلى سمعه نداء باسمه، بحركة بطيئة رفع رأسه، فرك عينيه، رأى ثلة من جيرانه الفلاحين قادمين نحوه، نفض عنه دوخته كما ينتفض الديك من بلل قطرات المطر، أجهد نفسه ليستقبلهم بجمل الترحاب المعهودة، سألوه عن حاله، رغم أنهم على علم بها، فوضعيته لم تعد تخفى على أحد.
     أحاطوا به، لم يقف المعطي، أحنى رأسه أكثر، شعروا بعجزه الفظيع، تبادلوا النظرات التي تغني عن كل المعاني…بادر أحدهم ممزقا رداء الصمت الرهيب:
    ـ أنظروا لحالتنا كيف أصبحت، كل يوم نفقد جزءا من الأرض، وقريبا سنصبح عاجزين عن الإيفاء بضروريات أسرنا…
    جلسوا مفترشين التراب، جعلوا من المعطي حلقة لسلسلة دائرية من أجسادهم المنهكة، بذلك يستطيعون رؤية بعضهم البعض، الموضوع خطير يحتاج تبادل الرأي والاستماع لكل واحد من الجماعة… ، اتفقوا على دمج حقولهم وتكوين تعاونية فلاحية، وتغيير أسلوب العمل، وتحديث أدوات الإنتاج، والمطالبة بنصيبهم العادل من الماء،"سنهد أي عائق يقف أمامنا"،  بجملة واحدة تأكدوا من إصرارهم الجماعي على التحدي… وافقهم المعطيالرأي لكن بشرط واحد.
     رفع سبابته إلى السماء، فأرهف الجميع السمع منتبهين لفرد منهم ظل طول الوقت صامتا، أطلق العنان لصوته المجلجل المعهود:
       ـ لن تقطع شجرة، سأمنعكم من قطع الشجر، حتى ما ينبت في حقولكم! 
      تبادلوا النظرات التي توحي بالاطمئنان ولو على حالة المعطي. خاطبه مالك اقرب حقل له  من جهة الشمال:
    ـ كن مطمئنا لن نزيل شجرة جذورها تمتد لقلوبنا…
    أرادوا إيقافه فنهض مسرعا كجمل جافل أعياه الجثوم.
     قرروا إضافة بند أخر إلى نص اتفاقيتهم المنتظرة، تضمن الإبقاء على الأشجار وغرس أخرى كلما أمكن ذلك، وتواعدوا على اللقاء في الصبح القادم.
             
               مصطفى لمودن
(سيدي سليمان)