الجمعة، 7 نوفمبر 2014

المقال الرئيسي في الجرائد المغربية

المقال الرئيسي في الجرائد المغربية

أحاول دائما تجنب قراءة الموضوع الرئيسي الذي تنشره الجرائد المغربية، وهو الذي يتصدر الصفحة بمانشيط واضح، وأحيانا لا أقرؤه بالمرة، أو أرجئ قراءته إلى الأخير إذا توفر الوقت، وأتوجه لقراءة الافتتاحية إذا وجدت وأتممها إذا كانت مفيدة وذات كتابة متميزة (نسبيا)...ابحث عن مواضيع أخرى وخاصة مساهمة القراء.. حتى لا أطيل أعرض عليكم مثلا من جريدة "المساء" ليوم الثلاثاء 4 شتنبر.. أقصد الموضوع الرئيسي، والذي اطلعت عليه في الأخير.. 
ـ يتحدث الموضوع عن تحقيق الفرقة الوطنية للشرطة في عمليات تبيض أموال مخدرات بشمال المغرب، ذلك ما يتحدث عنه العنوان، لكن بعد القراءة لن تجد أي معلومة مفيدة..
ـ يتحدث الموضوع بعموميات وبكلام لا معنى له ولا يستحق ينشر أصلا في الصحافة..، كالقول بأن التحقيقات جارية، وهناك عدة أشخاص رهن التحقيق، وأن هناك سياسيين متورطون.. هكذا، بدون أي تفاصيل، وكأن القارئ المفترض يستمع لاي متحدث بإحدى المقاهي.. 
ـ لم يثر كاتب المقال أي اسم ممن يتم التحقيق معهم.. قد يقول معترض بانه ليس من حقه ذلك، مادام الملف في يد القضاء.. إذًا ما كان عليه أن ينشر هذا المقال الذي يفتقد لكل جدية وكل جديد.. 
ـ عرض صورة مع الموضوع لرجال شرطة وأمامهم كميات من المخدرات، دون أن يكون لتلك الصورة أية علاقة بالموضوع، بحيث لا يوجد عنوان للصورة، ولا أي حديث عنها داخل النص..
** مؤسف فعلا أن تتحول الجرائد المغربية لهذا المستوى الهزيل في عرض ونشر المواضيع.. وأصبحت تركز على الأحداث العادية مما يقع بين الناس من صراعات ومشاكل، وهي أخبار لها مكانتها كذلك، لكن ليست ذات الأسبقية..
** أعود لمسألة الموضوع الرئيسي في الجرائد والذي أفضل اهماله، لانه في الغالب لا يكون معدا وفق أصول الصحافة، أو تكون وراءه دوافع غير معلنة ولا تفصح عنها الجريدة.. مما يثير شكل العلاقة التي يجب ان تجمع القراء بأي جريدة تحترم نفسها، أتساءل في الختام، هل الجريدة في اختيار الموضوع الأساسي تراعي القارئ أم يكون مركز اهتمامها جهات أخرى؟ وعليه، هل تتحول الجرائد من واجب الإخبار وامتهان الصحافة، إلى حمّالة أغراض سياسية أو إعلامية بعيدا عن مهمة الاعلام الأصلية.. وهنا أتساءل عن أغلب الجرائد المغربية. وليست واحدة أدرجت منها مثلا.
فأغلب الصحافيين الآن لا يبذلون مجهودا كبيرا، ولا يعدون مقالا/ بحثا/ تحقيقا.. مجلجلا يهيء على مدة من الزمن، بل يكتفون بجمع بعض لغو الوزراء وزعماء سياسيين ووضعها بالجرائد..


أدعو لاخال علال القادوس إلى السجن

أدعو لاخال علال القادوس إلى السجن

علال القاوس في مسكنه
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
إن السلوك الذي ابديته وانت تخاطر بحياتك لفتح بالوعات الماء فيه نقاش..
سلوكك هذا سيدفع الناس مستقبلا للتضحية وللمبادرة.. نحن لا نريد ذلك.. ألم تر كيف وقف جمهور من المتفرجين يشجعونك ولم يفعلوا اي شيء حتى عندما غطست في بالوعة الماء واختفى رأسك؟ لم يفكر أحد في إنقاذك.. هذا النوع من الناس من نريد.. هناك جهات خاصة بالتفكير والمبادرة عوض الناس الذين يجب ان يهتموا بشؤونهم فقط.. أنت تريد زرع عادات جديدة بيننا، لهذا تستحق السجن..
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
بسلوكك المشار إليه جعلت الناس يتحدثون عن غياب المسؤولين المطلق عن المكان.. هل تريد ان تحرجنا؟ لقد كان المسؤولون يغطون في نوم أو قيلولة، أو على الأقل يتملوْن أوراقهم في مكاتبهم.. وانت وحدك من تريد ان تظهر بصفة الغيور على المصلحة العامة، فمن رخص لك بذلك؟
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
تعرف ان هناك شركة مكلفة بتنقية مجاري المياه، وهي التي تتوصل بتعويض محترم مستخلص من الضرائب التي يدفعها المواطنون، العمل الذي قمت به انت في دقائق، كانت ستقوم به الشركة في أيام، تأتي بآلياتها وعمالها حتى يرى ذلك الجميع، فيطمئن السكان على أن هناك من يهتم بهم ووهناك من يرعى مصالحهم.. وأنت بافعالك تريد تعكير كل الأجواء وافساد خططنا..
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
لنفترض آسي علال ان المدينة غرقت، وماذا بعد؟ كانت على الأقل ستنهار علينا المساعدات من الدول، ولا عيب في ذلك، فنحن كذلك نساعد الدول المنكوبة.. وانت بافعالك سعيت لحرماننا من ذلك، أنت إذن تستحق السجن.. 
يبدو ان السجن سيكون أرحم بك من غرفتك التي تسكنها وانت حر طليق..
-------------------
خطاب خاص: لو كنت آسي علال في دول أخرى لتم تكريمك بسبب تطوعك، ولجعلوا من مبادرتك نموذجا يحتدى.. 
واسمه الحقيقي مصطفى السملالي

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

الانتخابات التشريعية التونسية: تونس تنتصر على نفسها

الانتخابات التشريعية التونسية: تونس تنتصر على نفسها

بظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأحد 26 أكتوبر تضع تونس نفسها على سكة البناء الديمقراطي الطويلة.. ولعل أهم خلاصة ليست في النتائج، بل في توجه مختلف الفرقاء إلى المواطنين وإلى صناديق الاقتراع، حيث يكون الحسم للناخب في اختيار التوجه الذي يرغب فيه، ثم كيفية اجراء الحملة الانتخابية التي اتسمت على العموم بالهدوء والمواجهة البرامجية رغم بعض الهفوات التي حدثت هنا او هناك وهو أمر عادي في دولة تعرف لاول مرة حملة انتخابية حقيقية، لكن أهم ما ميز ذلك هو احباط محاولات إرهابية كانت تروم تعكير الجو الديمقراطي الفتي.. وأخيرا كيفية إجراء الانتخابات في حد ذاتها، فرغم بعض التجاوزات كمحاولات للتقليل من تأثير النساء وحضورهن في المشهد (نساء بدون بطائق، تحكم رجال في تصويتهن، تمييز جنسي في مكاتب التصويت البعيدة عن العاصمة..)، لكن على العموم عبّر التونسيون عن نضج ملحوظ وقد حضر ما يقارب 60% إلى مكاتب التصويت.. 
حصلت مجموعة "نداء تونس" على المرتبة الأولى اي بنسبة 38% من الأصوات المعبر عنها (80 مقعد).. ودخل "حزب النهضة" في الرتبة الثانية بنسبة 31% (67 مقعد).. وجاء "حزب تيار المحبة" ثالثا ب26 مقعد، وهذا الحزب ينتسب لشخص الهاشمي الحامدي صاحب قناتين فضائتين تبثان من بريطانيا. وحل "حزب الجبهة الشعبية" اليساري القومي رابعا..
ولعل أهم النتائج التي يمكن استخلاصها من التجربة التونسية:
ـ رغم ما حملته الثورة من نسائم، فإن المتنفذين السابقين في نظام بنعلي بقي لهم شيء من القوة، حيث يمكن اعتبار "نداء تونس" حضنا لهم، وقد اطلقت على هذا الحزب اسم "مجموعة" لانه خليط من الليبراليين ومن المتشبعين بالهوية التونسية المحلية المكتسبة منذ الاستقلال، وهذا الحزب هو تيارات ماتزال لم تعلن عن ذاتها بشكل واضح، يتزعم هذا الحزب وجه قديم وهو الباجي قايد السبسي..
ـ حصول "حزب النهضة" ذي التوجه الاسلامي على الرتبة الثانية يعكس تخوف التونسيين من اي انتكاسة ديمقراطية قد تحدث تتأتى من هذا الحزب، رغم كل رسائل الطمأنة التي وجهها قياديوه مؤخرا، ورغم تخليهم على ترشيح مباشر من حزبهم للرئاسيات التي ستجرى في 23 من نونبر (الشهر القادم) (*). ولعل النتائج التي حصل عليها هذا الحزب تؤكد أمرين:
ـ1 استمرار حضوره، وعدم تجاهل ذلك../ 2ـ يأخذ الحزب مع الوقت حجمه العادي ضمن التشكيلة الحزبية داخل تونس..
ـ بالنتائج المتحصلة، يظهر ان التونسيين يسعون للاستقرار أمام كل المشاكل التي حلت بهم (الارهاب والاغتيالات، التدهور الاقتصادي)، ولم تعد تهمهم الإيديولوجيات كيفما كانت..
ـ حضور الأحزاب المنتسبة لليسار والداعية للعلمانية على نتائج مناسبة بالمقارنة مع وضعها السابق تخول لها دخول مجلس الشعب، وهي أمام امتحان، ، فعليها الآن تشكيل جبهة معارضة قوية داخل المجلس التشريعي وطرح بدائلها الممكنة في ارتباط مع الشارع. (الجبهة الشعبية جمعت في صفوفها كلا من حزب العمال الشيوعي، حركة الوطنيين الديمقراطيين، حركة الشعب، حركة البعث، حزب النضال التقدمي، الحزب الشعبي للحرية والتقدم..) وليس لها من خيار سوى التوحد والاندماج الفعلي..
ـ رغم هذه الانتخابات لم يتوضح بعد بما يكفي الشمهد السياسي، وذلك من سيمات المراحل الانتقالية بعد سنوات من الديكتاثورية المطلقة، بحيث يمكن للتحالفات القادمة ان تهيء تشكيلا قويا يتسلم زمام الحكومة..
ـ إذا ظهرت في تونس تحالفات هجينة، كدخول الحزبين الأولين "نداء تونس" و"النهضة" في تكتل مشترك.. فسيكون ذلك ضربا للفرز الموضوعي بين تيارين وتوجهين مختلفين، مما سينعكس سلبا على المستقبل الديمقراطي في تنوس..
ـ ختاما ما تزال تنتظر تونس محطتين انتخابيتين، الأولى لاختيار رئيس، وهو بسلطات أقل من الحكومة، ثم بعد ذلك الانتخابات المحلية لتشكيل المجالس المحلية.. وحينها يمكن تحديد خريطة نهائية للمجال السياسي في زمن تونس الحالي..
وكما كتبت سابقا، فهناك عيون تنظر بالريبة والحذر للتجربة التونسية، وتتمنى لها الخيبة إذا لم تتدخل فعليا لافساد كل شيء.. وخاصة من أعداء الديمقراطية في محيط تونس القريب والبعيد والذين لا يرغبون في نجاح أي مسار ديمقراطي يعطي انطباعا حسنا لدى شعوب مقهورة من طرف حكامها المستبدين، وهنا يجب ان تحضر نباهة التونسيين للحفاظ على تجربتهم المتميزة..
-----------
(*)
من المفارقات،الموجود على قائمة صفاقس في حزب النهضة مرشح للرئاسيات باسم حزب آخر!


الجمعة، 17 أكتوبر 2014

بيان جمعية العقد العالمي للماء (أكمي) سيدي يحيى الغرب حول ارتفاع أسعار الماء والكهرباء

جمعية العقد العالمي للماء (أكمي)
سيدي يحيى الغرب
Association pour le contrat mondial de l'eau ACME-Maroc
        بــــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان
§       لا للغلاء في أسعار الماء والكهرباء ... إدانة السياسة اللاشعبية للحكومة في حربها ضد الفقراء؛
§       التضامن المطلق مع الساكنة، ومناشدة المجتمع المدني للانتظام في جبهة محلية للدفاع عن مقومات العيش الكريم للمواطن-ة اليحياوي-ة.
******************************
                  فوجئت ساكنة مدينة سيدي يحيى الغرب، مؤخرا، بالغلاء غير المسبوق في ثمن فاتورة استهلاك الماء، برسم شهري غشت وشتنبر 2014، الصادرة عن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب- قطاع الماء.
وقد أثارت الأسعار الخيالية والصاروخية لـ"واجبات" الاستهلاك موجة من السخط والتذمر الشعبي ترجمته الاحتجاجات العفوية للسكان ومبادرات الهيآت المدنية لاستنكار الارتفاع الكبير لفاتورة الماء في منطقة تصنف ضمن أفقر مناطق المغرب على مستوى ضعف الدخل الفردي وتردي الخدمات الاجتماعية وتفاقم مظاهر الفساد السياسي والانتخابي.
إن الفرع المحلي لجمعية العقد العالمي للماء (أكمي المغرب)، إذ يُتابع باندهاش الهجوم على القدرة الشرائية للمواطن اليحياوي، الذي تكالب عليه الفساد والفقر والتهميش، كما يتابع  عن كثب المبادرات والاحتجاجات العفوية للساكنة، فإنه - الفرع المحلي لأكمي- يُعبر عن رفضه المطلق لهذه الزيادات غير القانونية لأنها تُصادر، عمليا، الحق  في الاستفادة من الماء، كثروة عمومية، باعتماد الجهات المعنية لأثمنة  لا تراعي ضعف الإمكانيات الاقتصادية والمادية  للمواطنات والمواطنين.
وإذ تؤكد جمعية العقد العالمي للماء بسيدي يحيى الغرب التزامها بالدفاع عن حق كل شخص في الماء والتطهير، وحيث أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تُقر بضرورة إعمال الحق في الماء، فإن الفرع المحلي لأكمي المغرب قرر تبليغ الرأي العام ما يلي:
§       رفضه المطلق للزيادات الكبيرة في فاتورة الماء والكهرباء بشكل لا يتناسب مع الضعف الحاد للمستوى الاجتماعي والاقتصادي للمواطن اليحياوي، كما أنه يرفض تحميل تكلفة الفساد المالي والانتخابي للمواطن؛ الذي يعاني، أصلا، من ضعف القدرة الشرائية والاستهلاكية بسبب تجميد الاجور وغياب فرص للشغل؛
§       تضامنه المبدئي مع ساكنة المدينة، ودعمه لكل الأشكال النضالية  المشروعة  للاحتجاج على الزيادات المرفوضة في فاتورة الماء والكهرباء،  ولمناهضة السياسات اللاشعبية للحكومة في حربها ضد الفقراء، مقابل تسامحها مع ناهبي المال العام؛
§       يُنبه السلطات، الوصية والمتخبة، إلى مسؤولياتها في استمرار تفاقم مظاهر تلوت الفرشة المائية بسبب ما يخلفه المطرح العشوائي للأزبال، كما ينبهها، مرة أخرى، إلى ضعف ورداءة خدمات التطهير والصرف الصحي بعدم احترام المعايير والشروط البيئية؛
§       يجدد انخراطه في كل المبادرات والأشكال النضالية للتصدي للهجوم على حقوق الإنسان، ومنها الحق في الماء كثروة عمومية، ويناشد الهيآت المحلية، الحقوقية والجمعوية والحزبية والنقابية، لبلورة الصيغ النضالية المناسبة، بشكل مشترك، دفاعا عن الحقوق المشروعة لساكنة المدينة.
سيدي يحيى الغرب، في 16/10/2014


الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

محترف باناصا للفنون بمشرع بلقصيري ينظم الدورة الثانية لملتقى الكتاب دورة الكاتب بوسلهام الكط


 Affichage de ملصق.jpg en cours...

محترف باناصا للفنون بمشرع بلقصيري ينظم الدورة الثانية لملتقى الكتاب
دورة الكاتب بوسلهام الكط

 تنتظر مدينة مشرع بلقصيري تنظيم الدورة الثانية لملتقى الكتاب خلال الفترة الممتدة من 20 أكتوبر 2014 إلى غاية 10 نونبر 2014، وذلك من طرف محترف باناصا للفنون، تحت شعار "القراءة والكتاب رافعة أساسية للتنمية"، بشراكة مع ثانوية الأمير مولاي رشيد التأهيلية والقناة التلفزية الرابعة (الثقافية) ومؤسسة دار سبو للكتاب وبدعم من وزارة الثقافة ومجموعة من الشركاء الآخرين.. واعتبرت الجهة المنظمة في بلاغ لها أن الملتقى "عبارة عن " موسم " للاحتفاء بالقراءة والكتاب والمبدعين، يركز على أنشطة متعددة والتي تتواصل لعدة أيام وتعرف مشاركة العديد من الفاعلين في الحقل الثقافي والفني سواء من أبناء المدينة والمنتمين إلى جهة الغرب الشراردة بني أحسن أو من خارجها.." كما تشمل أنشطة الدورة الثانية عدة فنون تعبيرية كالشعر والمسرح والقصة والسينما والرواية والموسيقى.. وعرض كتب ومنشورات، وتوقيع كتب بحضور أصحابها.. و تنظيم مقاهي أدبية، وموائد مستديرة حول موضوع " القراءة"، "الكتاب والإبداع"، وأمسيات أدبية تتخللها قراءات لنصوص أدبية".. وأوضح طارق كناش مدير الملتقى ورئيس محترف باناصا للفنون، "أن الملتقى يهدف إلى رد الاعتبار للكتاب وتبريزه وسط ما يعرفه المحيط السوسيو ثقافي من تنوع الوسائط الإعلامية، وتشجيع المواهب التلاميذية الشابة على الإبداع الفكري والفني وإلى اكتشاف وصناعة جيل جديد من المبدعين الذين يشكل لهم الإبداع الثقافي والفني متنفسا يؤطر ملكاتهم ويخرجها إبداعات معبرة..".
وجدير  بالذكر أن المحتفى به بوسلهام الكط أستاذ الفلسفة، باحث في مجال التراث المحلي والفكر والتربية.. وله مؤلفات عديدة تؤكد على كفاءته الفكرية المبدعة.. ومعلوم أن الدورة الأولى حملت اسم القاص محـمد الشايب وهو كذلك ابن مدينة بلقصيري..


إلى الرفاق في المجلس الأعلى للحسابات./ ذ حميد هيمة

إلى الرفاق في المجلس الأعلى للحسابات.
Affichage de hamid.jpg en cours...
حميد هيمة 
تكشف التقارير الموضوعاتية للمجلس الأعلى للحسابات عن حجم الاختلالات في الإدارة العمومية والمصالح الرسمية، من حيث اختلاس المال العام وسوء التدبير و"تسرب" المال العمومي من الصفقات لفائدة المقربين بروابط عائلية وحزبية وبناءً على علاقات الزبونية والخدمة المتبادلة.
وبكلمة واحدة، فإن هذه المؤسسة الرقابية كشفت، وتكشف، في  حدود معينة، بنية الفساد القائم على عدم احترام قواعد الالتزام بالنفقات وتزييف البيانات وحصول "المسؤول-ة"  لنفسه او غيره على منفعة غير مبررة نقدية او عينية وإخفاء  المستندات او الادلاء الى المجلس الاعلى للحسابات بأوراق مزورة او غير صحيحة وفق ما حددته أحكام القانون المحدد لصلاحية هذه الهيئة الرقابية.
إن انغراس هذه الظواهر في بنية الدولة هو مفهموم بالنظر لزواج المتعة بين الفساد والاستبداد، لكن، ما أثار انتباهي أثناء قراءة الإطار القانوني للمجلس الأعلى هو:
أولا: إحداث السلطة لهذه المؤسسة قصد  المراقبة العليا لتنفيذ القوانين المالية، وهي تَعلم، أي السلطة، حجم الفساد المتغلغل في مصالحها الإدارية!
وهو، على كل حال، إجراء (إحداث المجلس) يجب تعزيزه، غير أنه يجب أن لا يحجب عنا بعض خلفيات وأبعاد السلطة، الراعية للفساد، في إنشاء المجلس؛ ومنها، على الأقل، توجيه الرسائل إلى الخارج بأن الدولة مُلتزمة بمحاربة الفساد وبأنها جدّية في توفير بيئة سليمة للاستثمار الأجنبي...الخ؛

ثانيا: إن الظهير، الصادر بتاريخ 14 شتنبر 1979، موقع بالعطف من طرف الوزير الأول، الراحل المعطي بوعبيد، وهو الوزير ذاته الذي سيتصدر، لاحقا، قيادة المخلوق الجديد/ الاتحاد الدستوري، كأحد الأحزاب الإدارية، في ظروف- أقصد قيادة بوعبيد للاتحاد- أثارت  تفاصيلها الكاملة ملفات المنابر الإعلامية.
وعلى كل حال، فإن مطالب النسيج الحقوقي والهيئات الديموقراطية والتقدمية هو ضرورة الربط الفعلي بين تحمل المسؤولية والمحاسبة الحقيقية، وتقديم المتهمين إلى المحاكمة وفق شروط المحاكمة العادلة وعدم الافلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والمالية.

وبالمقابل، فإن المجلس الأعلى للحسابات، أو أي مؤسسة رقابية ذات صلة، يجب أن تفحص مالية المؤسسات المدنية والحزبية المعبرة عن تيارات المجتمع. ولهذا، فإن الحركة الديموقراطية مطالبة بفك تناقضها بين المطالبة بإعمال القانون في الخروقات التي يسجلها المجلس الأعلى للحسابات في المؤسسات العمومية، وبين استمرارها في التملص من كشف حساباتها المالية لهذه المؤسسة من أجل القيام بالافتحاص اللازم  بمبررات أحيانا غير موضوعية وغير مبدئية.
 وإذا ما كُتب لقضاة المجلس الأعلى للحسابات الاضطلاع على ميزانية النقابات والأحزاب والجمعيات والشبيبات، مهما تكن قيمة هذه الأموال، فإنه يجب علينا أن لا نفاجأ بحجم "الاختلالات" القائمة والتي لن تقل حجما عن الفساد المستشري في المصالح العمومية.
طبعا، فليست كل الهيآت الحزبية أو الحقوقية أو الجمعوية فاسدة، وأي تعميم في الموضوع هو تجني مرفوض مهما كان مصدره،  لكن يجب الإقرار، بالمقابل،  أن المخالفات الواردة في المادة 56، التي تعد من اختصاص المجلس الاعلى للحسابات، سائدة، وهي: اخفاء المستندات أو الادلاء بأوراق مزورة أو غير صحيحة، وحصول الشخص لنفسه أو غيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية، وعدم احترام قواعد الالتزام بالنفقات...الخ.
ويكفي، لمن يُعاند حقيقة هذه المعطيات، متابعة المواد والأخبار المنشورة في المواقع الإلكترونية والجرائد للوقوف، على الأقل، على عينات من "شبهات" الفساد المالي والسرقة الموصوفة للمال العام، وتزوير الوثائق،  وتقديم معلومات مغلوطة، وخرق القانون..الخ.
والأنكى أن تكون هذه "الاختلالات" من إنتاج مؤسسات تُبشّر بالبديل الاجتماعي والسياسي المتعارض مع بنية الفساد، لكن تبقى مثل هذه الممارسات، على كل حال، للأشخاص وليست للمؤسسات المطلوب منها، قبل فوات الآوان، استئصال أورام الفساد قبل تفشيها في كافة انحاء الجسد التنظيمي....الخ.
والمؤسف أن رموز الفساد راكموا خبرات في التنصل من أي مسؤولية قانونية وأخلاقية مرتبطة بملفات الفساد، بل أن هؤلاء يفلتون من المحاسبة، كما تخرج الشعرة من العجين، باستثمار علاقاتهم العميقة مع رموز الفساد وعرابيه، وقد يتعرض من تجرأ على طرح شبهات الفساد للمعاقبة بتهم الإساءة إلى التنظيم والتقليل من شأن الزعيم!

إن على القوى الديموقراطية، المتشبتة فعليا بخيار النضال، مباشرة الاجراءات القانونية والتنظيمية لتسهيل عمليات الافتحاص المالي الداخلي، كعمل روتيني وطبيعي، وتشجيع مناضليها على فضح الفساد ليس فقط في مؤسسات الدولة، ولكن أيضا محاربة الفساد في المجتمع ومؤسساته باتخاذ الاجراءات الملموسة والعميقة وليس الاستعاضة عنها فقط برفع الشعارات!

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

رسالة إلى السيد وزير التربية الوطنية. إنك تضيف اسمك إلى صاحب مذكرة 504 (حول المنع من متابعة الدراسة الجامعية للمدرسين)

رسالة إلى السيد وزير التربية الوطنية.
إنك تضيف اسمك إلى صاحب مذكرة 504


لما ولجت ميدان التعليم سنة 1984 من خلال سنة تكوين بأحد المراكز المتخصصة في ذلك، تصادف أن أصدر وزير التربية آنذاك عز الدين العراقي مذكرة 504 التي تمنع نساء ورجال التعليم من التدريس..
السيد الوزير، لقد كان تعييني بالعالم القروي، في بادية مهملة، وفرت الحكومة للمدرسة حجرات من البناء المفكك، دون أن تفكر في البشر.. فلم نجد لا مسكنا ولا ماء ولا طريقا ولا كهرباء.. وعملنا بجدية.. 
ورغم سريان المنع ضدنا، هناك من وجدوا الأبواب مفتوحة، وحصلوا على الشواهد، وذلك من حقهم، لكن، ما يحز في النفس أن المنع كان ضد الضعفاء، ضد من ليست لهم علاقات تفتح لهم الأبواب، ضد الذين ظلوا يثابرون في عملهم رغم كل الصعاب التي لا يمكن أن تخطر على بالك السيد الوزير، وليس الآن المجال للحديث عنها، وخاصة في التعليم الابتدائي بالعالم القروي..
السيد الوزير رغم المنع من التعليم العالي، هناك من المدرسين، من ثابر على المطالعة، لم يركن للخمول وللتجهيل.. لأتحدث عن نفسي مثلا، لم أتقاعس يوما عن مراكمة المعرفة، لم اتخل يوما عن الجريدة والكتاب.. ساهمت في تكوين نفسي بنفسي، ولم تكن للوزارة التي تشرف على القطاع أي فضل لها علي.. فلماذا لا يحق لي تتويج ذلك بشهادة جامعية مستحقة؟..
السيد الوزير، لقد دخلت من باب التطوع عالم الصحافة، وأصبحت على دراية بأجناس الكتابة في ذلك، وحصلت على تجربة في مجال الصورة، ولما حل الحاسوب والانترنيت، لم أستسلم وولجت المجال، وكنت سباقا لإصدار "موقع" أحدث مكانة له، إلى أن فضلت لظروف طارئة على أن أقلل من ذلك.. 
السيد الوزير، المعلم هذا الذي يخاطبكم، بسبب إيمانه بالعلم والمعرفة، أصبح ناجحا في مهنته، ويحفر بتواضع مكانة له في مجال الكتابة الأدبية، ومن ذلك نشر قصص للأطفال حيث الفراغ المجحف ضد هذه الفئة، ومساهما في بعض مجالات النقاش العمومي، وحضوره مرتين في برنامج تلفزي مباشر ترك صدى طيبا..
السيد الوزير، أقول لكم، إنني أجد نفسي الآن محاصرا في هذا القطاع الحيوي والمصيري الذي تسيرونه.. أجد نفسي مساهما ضد إرادتي في تعليم التفاهات، لأن مقرر التعليم الذي يُعمل به وُجد منذ زمن بعيد، وهو فقط نسخ مستنسخة من مقررات سابقة.. إن ما توفرتُ عليه من "مهارات" وخبرات بدافع شخصي واجتهاد ذاتي، لا أجد لها مجالا في المدرسة المغربية التي تتحملون مسؤولية تدبير شؤونها.. 
السيد الوزير، لتعلم أن عددا من المدرسين، يعملون بجد، وهم الغالبية الغالبة، واتهاماتكم المجانية لهم بالتهاون أمر لا أساس له. وإن منعكم عددا منهم من متابعة الدراسة الجامعية تجنّ عليهم لا مبرر له.. وستضيفون اسمكم إلى اسم الوزير الذي ارتبط بالمذكرة رقم 504..
وها أنت تقرن طلب العلم بالجريمة!!
 التوقيع: مصطفى لمودن

الأحد، 14 سبتمبر 2014

أسوأ قرار يدعو له بلمختار، منع المدرسين من متابعة الدراسة الجامعية

أسوأ قرار يدعو له بلمختار، منع المدرسين من متابعة الدراسة الجامعية


إذا ما صح قرار منع نساء ورجال التعليم من متابعة دراسات جامعية وأكاديمية، وتم تطبيق ذلك، وهو احتمال جد وارد.. فذلك يعني:
ـ المنع الصريح من الترقي الفكري، لان الدراسة الجامعية في الغالب لا تساهم في الترقي الوظيفي بقرار جائر سابق..
ـ يريد المسؤولون من نساء ورجال تعليم ان يظلوا مجرد آلة بكماء، تنفذ البرامج بدون تمحيص او نقد.. 
ـ لم يحدث ان تبث أن متابعة الدراسة تكون على حساب الاخلاص في العمل. وليست هناك أية دراسة او بحث يؤكد ذلك.. 
ـ إن من يُمنع قسرا وظلما وبدون مبرر معقول من متابعة الدراسة، يشعر بانه مستهدف، وان جديته لا تؤخذ بعين الاعتبار.. 
ـ غالبا ما يتخذ الوزراء "التكنوقراط" كوزير التعليم الحالي قرارات خاطئة، وبعد تبيان ذلك وتأكده، يخرج الوزير كالشعرة من العجين دون ان يحاسبه أحد، وقد يعود ليتحمل مسؤوليات سياسية في أي لحظة.. 
ـ لرئيس الحكومة الحالي المسؤولية الكبرى في أي قرار حكومي، ولا يحق له التنصل منه تحت أي مبرر كان.. 
ـ أغلب أطر "العدالة والتنمية" كانوا يزاولون مهاما وظيفية داخل الإدارة، وفي نفس الوقت تابعوا دراسات جامعية، كجامع معتصم وغيره.. والآن، يقع تحت مسؤولية هذا الحزب، منع من يرغب في تحسين وضعه المعرفي من ذلك..
تبا لحكومة تحتفي بالمنع من التعلّم والبحث العلمي..

عربون وفاء، أربعينية الفقيد عبد الرحيم مؤدن

عربون وفاء
أربعينية الفقيد عبد الرحيم مؤدن
إعداد مصطفى لمودن

غاصت قاعة بلدية القنيطرة بالحضور في حفل تأبين الفقيد عبد الرحيم مؤدن مساء السبت 13 شتنبر 2014، حضر أعضاء العائلة، عائلة الدم والقرابة، وعائلة القلم والمداد، ورفاق الطفولة والشباب، وزملاء العمل والبحث العلمي.. تناوب الكثيرون على الصدح بما يكنونه للفقيد من محبة، وهم يستعرضون ذكرياتهم مع الفقيد، أو يقترحون المبادرات ليبقى اسم عبد الرحيم مؤدن يرن دائما في مسامعنا، فأغلب المتدخلين اقترحوا اطلاق اسم الفقيد على معالم في مدينة القنيطرة أو غيرها، وقد حضرت هذه المدينة في بعض التدخلات، لأن القنيطرة كانت المكان الأثير عند الفقيد، ففيها ازداد وفيها بلغ أشده، لهذا ظل دائما ينادي بالاعتناء بها، ولعل من آخر ما كتب في الصحف، دعوته لتفادي "ترييف" القنيطرة كما قال صديقه القاص والروائي إدريس الصغير وكذلك رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب فرع القنيطرة المصطفى كليتي.. لكن، أهم ما لفت الانتباه الوعود التي ذكرت، فهذا حسن الوزاني رئيس مديرية الكتاب بوزراة الثقافة، قال إن الوزراة ستصدر المجموعة الكاملة لكل ما تركه الفقيد مكتوبا.. وقال المصطفى كليتي إن فرع اتحاد كتاب المغرب سينظم يوما دراسيا حول فكر وكتابات الفقيد.. وقد نوه عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب بمبادرة وزارة الثقافة، وأخبر بقرب تخصيص أيام ثقافية للفقيد بالفقيه بنصالح.. وضمن من تحدثوا كذلك أمين مؤدن ابن الفقيد نيابة عن كل أفراد الأسرة، واعتبر في كلمته أن مواساة الفقيد أثناء مرضه كان يخفف عليه كثيرا، ونوه بأشكال الدعم المعنوي التي تلقتها أسرته..
 قدم للحفل التأبيني الشاعر والإعلامي ياسين عدنان بلباقة ولطافة معهودة فيه.. وقد أصر عدد من الحضور على تقديم تذكارات رمزية للأسرة، كعربون محبة وتقدير للفقيد ولما أسداه من خدمة للتربية التعليم والثقافة.. ولعل من أبرز تلك الهدايا صورة جماعية للفقيد رفقة أقرانه لاعبي كرة القدم ضمن فريق محلي، وقد حضر شخصيا أغلب من في تلك الصورة التاريخية (انظر الصورة)، كما قدمت "جمعية النجم الأحمر" من بلقصيري لوحة يغلب عليها لون الذهب، مطرزة بمقالات للفقيد، وقدمت جمعية ثقافية من اخنيفرة باقة مجماميع قصصية لتلاميذ كان الفقيد يساهم في تأطيرهم خلال مشاركته في أنشطة ثقافية بنفس المدينة..
كل ذلك الحضور الذي واكب الحفل التأبيني، يعبر عن مدى أواصر الارتباط بالفقيد، سواء كشخص، أو كإبداع سيظل صداه يتردد كثيرا.. بحيث وصف مسير الحفل زخم الحضور بقوله إن الكاتب المغربي مازال يجد الاحتضان من المجتمع، وهي كلمة جد معبرة..
وتجدر الإشارة إلى أن الفقيد عبد الرحيم مؤدن توفي يوم الأحد 27 يوليوز 2014 بالديار الهولندية بعد مرض لم ينفع معه علاج، عن عمر يناهز 66 سنة، وهو من مواليد القنيطرة، تابع دراسته العليا بفاس، وعمل في مجال التعليم بكل من مكناس وسلا والقنيطرة، إلى أن عين بجامعة ابن طفيل لتدريس الأدب العربي.. له بحوث جامعية حول أدب الرحلة، وكتَبَ النقد في مجال القصة، وله معجم يتطرق للقصة في المغرب، وترك مجاميع قصصية للكبار وللصغار وكتابات مسرحية.. وقد نشر له آخر كتاب بعد وفاته..

 (الصور من حفل التأبين، أغلبها بعدسة الصديق حميد الشكراني) 



  
 


الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الواقع الثقافي: أندد، أستنكر وأحتج./ ذ. العباس جدة

الواقع الثقافي: أندد، أستنكر وأحتج.

ذ. العباس جدة

 هل آن الأوان للحديث عن إقلاع ثقافي وفني في البلاد العربية؟ في ظل الظروف السياسية والإجتماعية والثقافية الراهنة، هل من المنطقي أن نأمل في نهضة إجتماعية وثقافية وفنية في البلدان العربية وخاصة في مغربنا الأقصى؟ الحلم والأمل لا ينقطعان بالطبع ولا يمكن بأي حال أن نستسلم لليأس، غير أن السبيل الكفيل لبلوغ الهدف لا زال بعيدا وتعترضه صعوبات وعراقيل ومعوقات متداخلة ومتشابكة، منها ماهو موضوعي ومنها ماهو ذاتي. كيف؟ ولماذا؟
 إن الطريق الصحيح لتحقيق النهضة الثقافية والفكرية هو نوع العقلية التي نمتلك: كيف نفكر؟ كيف نتصور الإنسان والعالم؟ كيف نعامل الآخر؟ كيف نتصرف في حياتنا المهنية والعامة والخاصة؟ ماهي القيم التي تسود وتحكم أفعلنا وسلوكاتنا وردود أفعالنا؟ هل هي التسامح الفكري والحوار والإقناع والعرفان واحترام الغير والمنافسة الشريفة والنزاهة والمصلحة العامة والعمل الجماعي وحب العمل والإحساس بالمسؤولية والإيمان بالعقل والمنطق والتشبع بقيم العدل والديموقراطية والإنصاف والمساواة؟
لا أعتقد أن الإنسان العربي والمغربي يمتلك هذا النوع من التفكير والسلوك اللذين يساعدان على السير في طريق النهضة الإجتماعية والثقافية المأمولة منذ عقود طويلة؛ بل إن هذه القيم الحداثية تكاد تنعدم في مجتمعاتنا العربية ليحل محلها التعصب الفكري والتفكير اللاهوتي واللاعقل والدوغمائية والإقصاء والتهميش والنبذ والحسد والمؤامرة والدسائس والكذب والولاءات واللوبيات والطائفية والتكتلات الرجعية، الى غير ذلك من الأفكار والمعتقدات والمسلكيات التي تفرمل بالتأكيد السيرورة الإجتماعية والثقافية للبلاد العربية.
لكن من المسؤول عن هذا الوضع المتردي للثقافة والفن في بلادنا وعن هذه العقلية المتخلفة التي تكبح كل محاولة للتقدم وتناصب العداء للجديد وللحداثة؟
المسؤولية في تقديري يتقاسمها ثلاثة أطراف: الدولة، المجتمع، والمثقفون.
الدولة: لا يختلف إثنان في كون الدولة المغربية تتحمل النصيب الأوفر في تحمل مسؤولية وضعنا الثقافي والفني البئيس والمأزوم. فالدولة بحكوماتها المتعاقبة لا تهتم بالشأن الثقافي ولا تبالي بالوضع الفكري والعلمي والفني للبلاد، بل لا تعمل حتى على توفير الشروط الكفيلة بممارسة فكرية وفنية سليمة وطبيعية، وبالتالي تكرس الجهل بدل الترويج للفكر والثقافة والفن. ويتجلى هذا في ما يعانيه المثقفون والأدباء والفنانون من اقصاء ونبذ وتهميش. إن الكثير من الكفاءات العلمية والمبدعين والأدباء مغمورون ومنبوذون، وتكبح نشاطاتهم العديد من العراقيل من طبع ونشر وتوزيع لأعمالهم الفنية والأدبية، في حين أن من مهام الدولة المواطِنة الكشف عن هذه الكفاءات ودعم وتشجيع الفعل الثقافي والفني؛ لكن دولتنا المغربية بحكوماتها المتتالية تعمق الأزمة بخلق "لوبيات ثقافية" لمحاربة المثقفين والمبدعين، حيث يمكن أن نعثر على هؤلاء الذين يحاولون اغتيال الفكر ومحاصرة المثقفين الحقيقيين في كل قطاع من القطاعات التي لها علاقة بالعلم والمعرفة والفن، كوزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب ووزارة الإعلام وكذا المجالس البلدية والقروية.
 المجتمع: إن المجتمع المغربي بصفة عامة لا زال متمسكا بعقلية القرون المظلمة، ويؤمن بالخرافة ويتشبث بالأسلاف وبماضيهم المجيد. فالجهل هو الذي يحكم المجتمعات العربية بصفة عامة. والجهل حسب الفيلسوف اسبينوزا هو علة كل الشرور والمصائب. إنها مجتمعات تقليدية بعقلية عتيقة، تعادي العلم والثقافة وتناصب العداء للفن ولكل ماهو جديد، متطور وعقلاني؛ وتتمسك بالماضي الغابر وتكبلها العادات والتقاليد والتصورات الماضوية التي تتنافي كليا مع معطيات الزمن الحاضر ومع الفكر الحداثي، بما تفترضه الحداثة من تسامح فكري وحوار وتواصل بين الذوات وتعاون من أجل المصلحة العامة وعقلانية وتقدم علمي والديموقراطية والحرية والحق في البوح بأفكار مغايرة لما هو سائد ومتعارف عليه منذ قرون. والجدير بالذكر أن سلطة المجتمع في تشكل وتكوين العقليات وتطويع النفوس والعقول أقوى وأعظم من سلطة الدولة بكثير. وبناءا على هذه الملاحظة فإن الدولة المغربية وحكوماتها تخشى سلطة المجتمع العاتية، تتفادى الإصلاح أو حتى محاولة تعديل بعض المعتقدات والعادات الشعبية ولو كانت سخيفة ومتجاوزة. ومن ثم تجد الحكومات المغربية نفسها مضطرة- وهنا أتكلم عن الحكومات التي تروم "بعضا" من الإصلاح والتجديد- تجد نفسها مضطرة لمجاراة قيم المجتمع وإبرام الهدنة معه لكي لا تستفز المألوف والمتعارف عليه أو  تشكك في العادات الراسخة الفرعونية والقواعد الإسمنتية، وهكذا تتخلي عن إرادة الإصلاح. فلا قوة ولا مقاومة ضد الماضي والتقاليد البالية.
3 ـ المثقفون: أما الطرف الثالث الذي يساهم بوعي أو بدون وعي في تهميش الثقافة وتأزيم واقع الآداب والفنون، فهم المثقفون والنقاد والمبدعون أنفسهم. إنهم يعمقون أزمة الثقافة في البلاد المغربية (والعربية عامة) من حيث لا يدركون. كيف لا وهم نتاج نبتة غرست بشكل غير سليم ولم تحظ بالسقي الكافي؟ فهناك عدد لا بأس به- وبأسف شديد- من المثقفين والأدباء والمبدعين الذين لم يتحرروا بعد من ثقافة المجتمع التقليدية المعادية للجديد والخلق والإبداع وتتمظهر تبعية واستلاب هؤلاء في بعض السلوكات والمواقف التي لا تنم عن رغبة في خدمة الثقافة والفن، كالحسد وتجاهل انتاجات الزملاء وممارسة الإقصاء والتهميش على المنافسين والإنخراط في لوبيات وتكتلات ذات مصالح شخصية ضيقة ودنيئة، متواجدة في كل الأجناس الأدبية من رواية وقصة وشعر وفنون، كالسينما والمسرح والفن التشكيلي. إن المبدعين والفنانين يتقاتلون فيما بينهم، فلا أحد يعترف بإنتاج الآخر، ولا أحد يعامل زميله الروائي أو المسرحي أو الشاعر باحترام وتقدير، ولا أحد منهم – بالطبع مع بعض الإستثناءات- يحاول التواصل مع الآخر، ولا أحد يعترف بقيمة ابداع زميله في الهم والإهتمام، ولا أحد تملأ قلبه مشاعر( وهنا أركز على المسرحيين من مؤلفين ومخرجين وممثلين لأنني أعرفهم جيدا) الصدق والنزاهة والود والمحبة لأصدقائه المسرحيين أوالمثقفين. كيف للمبدع أن يمارس الإبداع وينتج الجمال وأن يتطلع بفنه الى القيم الإنسانية العليا، وقلبه مليء بالضغينة والكره والنقمة والخداع؟ كل واحد منهم لا يتحدث إلا عن نفسه وعن ابداعاته وانتاجاته الفكرية والفنية الهائلة وبكثير من الوثوقية البليدة وقد جرفته هاوية الغرور والغطرسة وأصيب بجنون العظمة.
لهذا أندد بتقصير النقاد الأدبين والفنيين في القيام بواجبهم المتمثل في اكتشاف المواهب وتشجيعها  وفي ممارسة نقد نزيه وموضوعي ينأى عن الزبونية والولاءات والكتابة "تحت الطلب" والتنزه عن اللويبات الثقافية القاتلة. كما أندد بتخاذل غالبية الأدباء والفنانين الذين لم يتحرروا بعد من ثقافة  القبيلة التي تقوم على التعصب والتحجر الفكري والرغبة في إقصاء الغير واللجوء الى العنف الرمزي والجسدي... أجل هناك من الفنانين والمثقفين الذين لا يترددون في استعمال أياديهم...
وأستنكر سلطة المجتمع القاهرة والعاتية، التي ترهبنا وتفرض علينا وعلى الناس أجمعين قيما وأفكارا مغلوطة وسلوكات تعادي العلم والتقدم والفن.
وأحتج أخيرا على الدولة المغربية التي لا تتحمل مسؤوليتها في محاربة قوى الظلام المعادية للعلم وللفن. واحتجاجي يصبح مضاعفا عندما تتعمد هذه الدولة غرس بذور الجهل والإتكالية والنفور من العمل والغش والفساد في نفوس مواطنيها، ولا تدعم وتزكي مجهود الأستاذ والمعلم ولا تأبه بالمثقف والمبدع.