الخميس، 2 يوليو 2009

إصدار الحكم في حق المتابعين في قضية بنصميم


 إصدار الحكم في حق المتابعين في قضية بنصميم

  صدر الحكم الابتدائي على الثمانية المتهمين في قضية تفويت ماء عين بنصميم بإسقاط المتابعة في حق شخصين، والحكم بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ في حق الباقين، وغرامة تؤدى بالتضامن فيما بينهم حددت في 70000 (سبعين ألف درهم)، صدر الحكم عن المحكمة الابتدائية بمكناس يوم الاثنين 29 يونيو 2009.  
    وتجدر الإشارة أن شركة فرنسية حصلت على "حق استغلال" جزء من ماء العين المجاورة للقرية المتواجدة بإقليم إفران على بعد بضعة كيلومترات من أزرو، مما أثار احتجاجات السكان على ذلك، لتبدأ المتابعات في حق بعضهم.
 وقد تبنت جمعيات الملف، خاصة جمعية "التعاقد العالمي للماء" ( أكمي ـ المغرب) والجمعيات الأخرى المنخرطة فيها بالصفة، وعدد آخر من جمعيات متعددة، كما أثار الموضوع اهتمامات وسائل الإعلام، وقد عالجته بمقاربات مختلفة، منها المتحيز أو الموضوعي… كما تدخلت على الخط شخصيات فرنسية مقربة من مواقع القرار، وقد راسلت في ذلك سفارة المغرب في باريس، كما توصلت نفس السفارة بتوقيعات مواطنين مساندين لسكان القرية.
   ويبدو أن الماء كمورد حيوي يثير شهية عدد من الشركات والقطاع الخاص عموما، وتسعى للحصول على امتياز "تصنيعه" وبيعه للمستهلكين، سواء عبر أنابيب التوزيع كما هو عليه الحال في الدار البيضاء مع إحدى الشركات الفرنسية، أو بواسطة قنينات تملأ في عين المكان، كما هو الوضع في بنصميم أو مناطق أخرى، منها ما هو قديم نسبيا ومنها الحديث ( سيدي احرازم، سيدي علي، عين سلطان).
   واللجوء لمثل هذا الإجراء يثير حفيظة عدد من الجمعيات النشيطة في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان والمستهلك ومواجهة العولمة والخوصصة، باعتبار أن الماء مورد طبيعي من الحقوق الأساسية لعيش الإنسان، وبالتالي لا يجب بيعه وتحويله إلى مصدر ربح بالنسبة للبعض، وغالبا ما يكون التفويت في ظروف "غير واضحة" وتتخللها بيضات غير مفهومة (!!!) ، لكن الأمر أكثر تعقيدا  من مجرد احتجاجات هنا وهناك تفتقد لقوة الضغط اللازمة، بل إن ذلك يدخل لدى المسؤولين ضمن "خيارات" معدة سلفا، يقال إنها "تشجع القطاع الخاص وتجلب المستثمرين"، وهو ما تنفيه الجمعيات المعارضة وتقلل من صدقيته، بحيث أن الإسثتمارات يمكنها التوجه لميادين أخرى، وليس استغلال الماء الجاري على سطح الأرض أو في عمق قريب، مما يؤثر سلبا على استقرار السكان في بلداتهم ويضرب القدرة الشرائية للمستهلكين، ولا يحقق أي إضافة تكنولوجية أو تدبيرية يستفيد منها البلد، بل أكثر من ذلك، فإن الشركات المستفيدة تحول أموالا طائلة إلى الخارج كما هو عليه الحال بالنسبة ل " لا ليونيز دي زو" التي حصلت على "حق التدبير المفوض" للماء والكهرباء بالدار البيضاء، ولم تلتزم بكل تعهداتها الاستثمارية، بل سبق أن خرقت دفتر التحملات حينما سعت إلى توزيع أرباح على المساهمين قبل الوقت المحدد في العقد.
   المطلوب وقفة صارمة وحازمة من قبل عدة أطراف خاصة المجتمع المدني، والذي يجب أن يدعم من طرف فئات اجتماعية عريضة، وذلك من أجل طرح بدائل لتدبير مشترك للماء، كما يحصل في بعض مناطق جنوب إفريقيا، حيث خاض السكان صراعات مريرة من أجل ذلك، بل حتى في بعض المدن والجماعات الفرنسية التي تصل إلى تسييرها أحزاب اليسار بمختلف تشكيلاته، من هذه المناطق والمدن من لا تجدد عقداتها مع الشركات من أجل تدبير الماء، بل تنجح البلديات في تدبير شؤونها كاملة بنفسها في ذلك، بمنتهى الشفافية وحسن التدبير، وهو ما حسن من مداخيل هذه الجماعات مع تخفيض سومة البيع حسب مطلع فرنسي سبق أن أخبرنا بذلك في إحدى لقاءات أكمي ـ المغرب.
   المطلب الثاني هو استمرار الجمعيات المعنية بملف بنصميم في دعم السكان، سواء من أجل حذف كل المتابعات والأحكام الصادرة ضد بعضهم، والحفاظ على الماء لصالح السكان الذين يستفيدون منه منذ قرون، لري حقولهم، وإرواء ماشيتهم، وإطفاء عطش أزيد من 3000 نسمة، هم الآن جميعا مهددون بالهجرة وترك منطقتهم والتحول إلى المدن المجاورة.
                   مصطفى لمودن